RSS

Monthly Archives: أوت 2019

الإخوان بين الصعبانيات والعمليات الإرهابية

ع1-600x405

جماعة الإخوان أعلنت فى الذكرى السادسة لإسقاط حكمها «٣٠ يونيو» تبنى توجه جديد يرتكز على محورى الفكر والحركة، وذلك على خلفية ما وصفته بـ«الواقع الجديد»، بعد وفاة مرسى، وبعض المراجعات الداخلية.. أهم عناصر هذا التوجه السماح للأعضاء، خاصة من الصف الثالث غير المعروفين، بالانخراط فى العمل السياسى من خلال الأحزاب والكيانات الأخرى، بما قد يساعد فى العودة الخفية إلى ساحة العمل السياسى.. وذلك عبء إضافى على صقور الأمن.

عناصر الإخوان المسجونون تنفيذًا لأحكام نهائية، أو على ذمة قضايا، أطلقوا مبادرة مطلع أبريل ٢٠١٩، سموها «الشباب المستقل»!، أعلنوا فيها «مراجعة» معتقداتهم، وطبيعة علاقتهم بالدولة، وطالبوا بتدخلها لانتشالهم من الأفكار المتطرفة، مؤكدين «فك الارتباط بجماعة الإخوان نتيجة فشلها فى توظيفهم بما يخدم الدين والوطن!، وتسببها فى سجنهم».. واستنكروا عدم امتلاك تصور للخروج من الأزمة، رغم مرور خمسة أعوام على «السقوط».. المبادرة إحياء لمقترحات قدموها منذ عام ونصف العام، لكنها اقترنت بخطة متكاملة ينفذها التنظيم حاليًا، تجمع بين تنشيط الحركة السياسية وتصعيد العمليات الإرهابية، متناسين أن مصر تدرك أن حالات الارتداد للعنف التى وقعت بين الذين استتابوا بالمراجعات تفوق كثيرًا من التزموا بها، وأن تجربة التعامل مع الإرهاب العقائدى تؤكد ضعف فرص التراجع عن الأفكار المتطرفة.

شباب الإخوان الهاربون لتركيا عرضوا مبادرة وقّع عليها ١٣٥٠ عضوًا بالداخل والخارج، تساءلوا فيها عن دور قادة التنظيم فى إنهاء أزمة الجماعة، ومصير سجنائها، وتدعوهم إلى المراجعة والبحث عن حل مع السلطة.. إبراهيم منير رد باستخفاف؛ اعتبرها «صناعة أمنية»!، وتعلل بأن التنظيم «لم يجبرهم على عضويته، كما لم يدخلهم السجون!»، داعيًا «أى شاب يريد الخروج والتبرؤ من الإخوان فليفعل».. منير، أكبر قيادة للتنظيم حاليًا، استخفافه وجّه للأعضاء إشعارات ندم، وبعث إلى من يفكر فى الانضمام برسالة تحذير بأنهم سيصبحون وقودًا لمعركة سياسية، وضحية سوء الاختيار.. والحقيقة أن التخلى عن الأعضاء جزء من أدبيات الجماعة؛ فعصام العريان عندما كان الشباب يعترضون على أى أمر كان يجاهر: «اللى مش عاجبه الوضع يروح فى ستين داهية»!.. ومرصد الفتاوى التكفيرية بدار الإفتاء أعاد التذكير بأن «تاريخ الجماعة شاهد على أنها تلقى بأفرادها للمهالك، ثم تتنصل منهم»، مُذَكّرًا بوصف حسن البنا الذين قاموا باغتيال المستشار أحمد الخازندار بأنهم «ليسوا إخوانًا، وليسوا مسلمين».

انطلاق المبادرة من قواعد التنظيم، وردود فعل القيادة، يعكسان حالة الانفصال وانعدام الثقة بينهما، والأهم والأخطر أنها تضمنت طلب العفو من الدولة مقابل سداد ٥٠٠٠ دولار لكل فرد، كبادرة حسن نية «ودعمًا لتعافى الاقتصاد المصرى»!، مكتفين بإبداء الرغبة فى مراجعة أفكارهم، والإعراب عن الاستعداد للتخلى عنها، وعن العنف، وعن الولاء للجماعة وقياداتها.. المبادرة مشبوهة، تستهدف الهروب من تحمل جزاء ما تم ارتكابه من جرائم عنف وإرهاب ضد الدولة ومرافقها والعناصر المسئولين عن إنفاذ القانون، من جيش وشرطة وقضاء، خاصة أنها لم تتضمن انتقادًا لفكر وأدبيات وإرهاب الجماعة، كما أنها تثير التساؤلات: كيف نتقبل أن الذين مارسوا الإرهاب ضد السياحة ومرافق الدولة، من كهرباء ومياه وطرق وكبارى.. إلخ، يتحولون فجأة إلى متبرعين لدعم تعافى اقتصادها؟!.. من أين يأتى هؤلاء الشباب بقيمة الدية بالعملة الصعبة ما لم يسددها التنظيم؟!، أم أن قطر ستسدد عنهم؟.. ثم كيف نطمئن مستقبلًا لهؤلاء وهم لم يظهروا أى بادرة ندم على جرائمهم السابقة؟!.. الإخوان يمارسون «التقية» فى أسوأ معانيها!.

المبادرات السابقة فى الواقع تمثل أحد وجهى الخطة التى تنفذها الإخوان منذ بداية الربع الثانى من العام الحالى، والوجه الآخر تمثله التحركات الميدانية المتزامنة التى يتصورون أنه من خلالها يمكن تحريك المياه الراكدة!.. بدأت بتنفيذ قيادات الإخوان بالخارج «خطة الأمل»، بالتنسيق مع القيادات المتعاطفين معهم، ممن يدعون تمثيلهم القوى السياسية المدنية، وتستهدف توحيد صفوفهم، وتوفير الدعم المالى من عوائد وأرباح الكيانات الاقتصادية التى لا تزال تابعة لهم، لاستهداف الدولة ومؤسساتها، بهدف إسقاطها.. التحقيقات كشفت المسارات غير الشرعية للتدفقات النقدية الواردة من الخارج، بالتعاون بين التنظيم وعناصره بالخارج، لتمويل التحركات المناهضة داخل مصر، وتنفيذ أعمال عنف وشغب ضد مؤسسات الدولة، واستغلال وسائل التواصل الاجتماعى فى التحريض ضد الدولة.. القبض على الشبكة المتورطة، ثم تسلم عناصر خلية الكويت، وجّه ضربة قاصمة لمسارات التمويل.

الخلية العنقودية التى كشفتها قوات الأمن، بعد تنفيذ أحد عناصرها العملية الإرهابية بقصر العينى أمام معهد الأورام ٤ أغسطس، وأوقعت ٢٠ شهيدًا، و٤٧ جريحًا، تنتمى إلى حركة «حسم» الإرهابية التابعة للإخوان.. وكانت بداية لمخطط كبير يتضمن تنفيذ عدة عمليات إرهابية متزامنة قبيل عيد الأضحى المبارك، لكن نجاح الأمن فى تصفية ١٧ من عناصر الخلية فى الشروق والفيوم وحلوان أجهض المخطط.

العمليات الإرهابية تزايدت بسيناء مع بداية شهر يونيو الماضى، وتنوعت بين استهداف ارتكازات أمنية واختطاف مدنيين.. العلاقة بين الإخوان والتنظيمات الإرهابية بسيناء خاصة «داعش» و«القاعدة» أضحت من المسلمات، والأمر فى النهاية يحكمه التمويل، ولنتذكر أن جماعة «أنصار بيت المقدس» أعلنت مبايعتها «داعش»، ٢٠١٤، مقابل ١٠.٠٠٠ دولار تسلمها عادل حبارة.. «الإخوان» لا تزال قادرة على التمويل بعائدات استثماراتها فى العالم، والدعم القطرى والتركى، وهو ما تؤكده انتقادات شباب التنظيم لقياداته فى تركيا، بسبب إنفاقهم ببذخ على إحياء الذكرى السادسة لسقوط «رابعة والنهضة».. ومما يؤكد علاقة الإخوان بتلك الموجة الإرهابية أن نجاح العملية «سيناء ٢٠١٨» أدى إلى تراجع كبير للعمليات الموجهة ضد الجيش والشرطة، ما حقق حالة من الهدوء، وأعاد الحياة إلى طبيعتها.. لذلك استهدفت العمليات الإرهابية الأخيرة المدنيين من العمال والمحامين، مما أكد أن الإرهاب فيها مطلوب لذاته، بغض النظر عن الأهداف الموجهة لها.

الجماعة تعانى من انشطار عميق بين القيادة والقواعد، الأولى تدرك أن التنظيم يتداعى، ولا يشغلها سوى الاستيلاء على جزء من أرصدته الضخمة، وهى لم تعد لديها ما تقدمه سياسيًا سوى التذكير بصعبانيات فقدت تأثيرها.. أما القواعد فتواجه ظروفًا معيشية بالخارج بالغة الصعوبة، وهى تبحث عن أى مخرج يعيدها لمصر، دون حساب عن جرائمها.. المواجهة بين الطرفين مرشحة للتصاعد، واحتمالات الإطاحة برجال الحرس القديم مرجحة، مما يفرض المتابعة الدقيقة لما إذا كان ذلك سيؤدى إلى الفوضى، أو إلى الانهيار والتسليم، أم لتصاعد النزعة للعنف، على نحو ما تم عقب سقوط رابعة والنهضة، على أيدى المقبور محمد كمال.

 
تعليق واحد

Posted by في 2019/08/30 بوصة غير مصنف

 

تغيُرات الإقليم، والتقارب الإماراتى الإيرانى

images

تم استهدافُ بئر نفط إماراتية في الخليج أواخر ابريل، وتكتمت الإمارات عليه.. وتم زرع ألغام بحرية على أربع ناقلات نفط قُبالة ميناء الفجيرة بداية مايو، ولم توجه الإمارات الإتهام بالمسئولية لإيران، متعللة بالحاجة لمزيد من القرائن.. وتزامن ذلك مع تكثيف الحوثيون، ذراع أيران فى الجزيرة العربية، للضغوط على السعودية، بهجمات متتالية غير مسبوقة بالطائرات المسيرة، على أهداف إستراتيجية كالمطارات والمنشآت النفطية والعسكرية، عجزت أمامها بطاريات باتريوت الأمريكية ووسائل الدفاع الجوى الأخرى المتطورة.. ايران تواجه الحصار الأمريكى بضغوط مضادة، وتسعى للخروج من الأزمة الراهنة، بمكاسب جديدة.

زيارة الوفد الرسمى لجماعة الحوثيين الى إيران، إستهدفت تقنين علاقاتهما الرسمية، وتحويل الحركة الى دولة، إيران وافقت على إعتماد سفيراً لها بطهران، مايعنى إعترافها السياسى بها.. محمد عبد السلام الناطق الرسمى للحركة أعلن مبايعة مرشد إيران مذهبياً، مايعنى التخلى عن المذهب الزيدى وتبنى الاثنى عشرية، المذهب الرسمى لإيران، وبذلك تكتمل أطر العلاقة بين الحوثيين وطهران، لا بإعتبارهم ذراعها السياسى فى اليمن، وإنما بوصفهم كيان سياسى، يسعى لتقنين سيطرته على مركز السلطة فى صنعاء.

المصالح الإماراتية الإيرانية

إيران وجهت تهديدات صريحة للإمارات، بعد إقلاع طائرة التجسس الأمريكية المسيَّرة «جلوبال هوك» التي قامت بإسقاطها من أراضيها، وكذا عقب إعتراف شبكة تجسس تعمل لحساب المخابرات الأمريكية «CIA» فى إيران بأنها تلقت التكليفات المتعلقة بتنفيذ مهمتها داخل دبى.. التهديدات تحولت الى مخاطر جدية، بفعل غارات الطائرات المسيرة على السعودية، ما فرض على أبوظبى التحسب للأضرار الإقتصادية التى يمكن ان تلحق بها نتيجة لتصعيد التوتر، خاصة فيما يتعلق بهروب روؤس الأموال منها، ورحيل المستثمرين الإيرانيين، الى تركيا وسلطنة عمان وارمينيا.

الإمارات تحتل مركزاً متقدماً فى العلاقات التجارية مع إيران، فهى الثانية عالمياً بعد الصين، والأولى عربياً.. قيمة صادراتها لطهران نحو 6.7 مليارات، ووارداتها قرابة 4.5 مليار عام 2017.. أما عام 2018 فإن 18% من إجمالى واردات إيران من الخارج مصدره الإمارات، و16.2% من قيمة الصادرات الإيرانية لكل دول العالم إتجه للسوق الإماراتى.. مما يوضح أهمية العلاقات لكلا الدولتين.

التوتر فى العلاقة بين ايران والامارات أدى لتراجع عدد السياح الإيرانيين لدبى الى الثلث خلال 2018، كما انخفض عدد التجار الإيرانيين، مما أثر كثيرا في اقتصاديات الإمارة، التى يقطن بها وحدها وحدها 600.000 إيرانى، وأكثر من 6000 شركة إيرانية، ونحو 8000 رجل أعمال إيرانى.. مما يؤكد ان الجالية الإيرانية بالغة الأهمية، على صعيد النشاط الإقتصادى، وعلى الأمن القومى للدولة.

من ناحيتها تسعى ايران للتقارب مع الإمارات لأسباب عديدة، أهمها تحييد دورها كساحة يمكن ان تنطلق منها التهديدات لأمنها القومى.. ثم ان العلاقات التجارية معها تشكل متنفساً فى مواجهة المقاطعة الأمريكية.. والأهم إمكانية ممارسة دوراً فى تهدئة حدة التوتر بالخليج، والتوصل لتسوية مرضية للمشكلة اليمنية.

مبادرات التهدئة الإماراتية

الإمارات بدأت مراجعة سياساتها منذ منتصف مايو 2019، بالإعلان عن عزمها أعادة توزيع قواتها فى اليمن، لتتمكن من الإنسحاب بصورة جزئية، والتخفف مما تفرضه عليها الحرب من تبعات مادية وسياسية، أوفدت بعدها مندوبين الى طهران لتأكيد الرغبة فى السلام، فى سابقة هى الأولى منذ حرب اليمن، أعقبها توقيع قائد قوات خفر السواحل الإماراتى، مذكرة تفاهم مع قائد حرس الحدود الإيرانى، لتعزيز العلاقات وترسيخ أمن الحدود «أول أغسطس»، وتم وضع آليات للمتابعة الدورية، ولقاءات كل ست شهور، بعد ان كانت متوقفة منذ 2013.. الوفد الإماراتى حصل على تطمينات بشأن أمن وسلامة بلاده، وأمن وسلامة الملاحة بالخليج، وتهيئة المناخ لمحادثات موسعة لوضع أسس التعايش بالمنطقة، قد تضم السعودية، إذا ماتوافرت الجدية لدى طهران، وتعهدت الإمارات بتقديم تسهيلات فيزا وإقامة وخدمات مصرفية للمستثمرين الإيرانيين.

الفترة ما بين انسحاب الإمارات من اليمن وزيارة وفدها العسكرى لطهران، شهدت إشادة إيرانية بالتطورات الإيجابية فى العلاقة مع الإمارات، أعقبتها قرارات من سلطات دبى بمنح التسهيلات اللازمة للتجار الإيرانيين، فيما يتعلق بتجارة السلع التي لا تشملها العقوبات الأمريكية، وتيسير منح التأشيرات التجارية، وتمديد تأشيرات سفر التجار السابق إلغاؤها، وفتح الحسابات فى البنوك الإماراتية، وإعادة تنشيط الحسابات المصرفية السابق إغلاقها، أمين عام هيئة الصرافين بإيران كشف عن موافقة مصرفين بالإمارات على ذلك، وإعادة فتح مراكز الصرافة الإيرانية، بعد موافقة البنك المركزى الإماراتى.. الامارات تسعى لتعميق المصالح المالية والإستثمارات الإيرانية على أراضيها، على النحو الذى لاتفكر فيه مستقبلاً فى إستهدافها، حفاظاً على مصالح مواطنيها.

إجراءات التهدئة السعودية

إعلام قطر حاول تضخيم خطوات الامارات الانفتاحية تجاه إيران، بهدف زعزعة التضامن بين الرباعى العربى الذى يقود مقاطعتها، لكن أنور قرقاش قطع عليه الطريق »كل الخطوات تمت بالتنسيق مع السعودية، لتفادى المواجهة مع ايران، وتغليب العمل ‏السياسى».. ثم جاء رفع السعودية حصة حجاج إيران من 86.000 حاج الى أكثر من 88 ألف، والترحاب الشديد الذى تم إستقبالهم به، ليؤكد التوجه نحو تحسين العلاقة مع طهران.

المملكة تجاوبت مع طلب طهران افتتاح مكتب لرعاية المصالح الإيرانية بالسفارة السويسرية بالرياض، ووزیر الحج السعودى تعهد بمتابعة ملف تدشین المكتب بنفسه، حتى يتسنى استئناف ايران لرحلات العمرة التى توقفت منذ 2015.. بعض المصادر تشير لوجود اتصالات سرية بين الدولتين، تتناول أمن الملاحة بالخليج، وصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية نقلت عن مسؤول سعودى قوله إن بلاده تدرس مقترحات لإجراء محادثات مباشرة مع الحوثيين.

الخليج والمشهد الدولى

المشهد الدولى محرك رئيسى لتغيرات الإقليم.. ترامب كلف السيناتور ليندسى جراهام، أحد صقور الكونجرس ورئيس لجنة القضاء بمجلس الشيوخ، بإعداد مشروع لإبرام اتفاق جديد مع إيران ليحل محل الاتفاق النووى، وكلف السيناتور الجمهوري راند بول، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، بتوجيه دعوة لوزير خارجية إيران لزيارة البيت الأبيض خلال وجوده بالأمم المتحدة سبتمبر المقبل، مما يؤكد ان أمريكا والغرب ليسوا فى حالة عداء مع ايران، وإنما هم يستخدمونها كفزاعة لدول الخليج.. وكلما اختلفوا على التفاصيل والشروط يتم تصعيد الموقف، حتى يتم ترويضها.

هذه الحقيقة بدأت تدركها دول الخليج، مما يفسر عدم وجود حالة تماهى مع السياسة الأمريكية المتعلقة بمواجهة إيران.. خاصة بعد ان تأكد انها لن تفضى الا الى حرب، لاتريدها جميع الأطراف.. واشنطن دعت لتشكيل تحالف دولى لضمان الأمن بالخليج، تشارك فيه إسرائيل، فى محاولة لفرضها على المنطقة، لكن إيران أكدت أن ذلك تهديد صريح لأمنها القومى، وأنها ستتعامل بقوة مع أى وجود إسرائيلى ضمن سياساتها الرادعة والدفاعية.

كل ذلك ولَّد قناعة متبادلة بين السعودية والإمارات بأن أهداف الإدارة الأمريكية فيما يتعلق بإيران، لا تتطابق مع أهداف الأمن القومى للرياض وأبوظبى، خاصة وانه فى الوقت الذى تدعو فيه واشنطن لتشكيل تحالف محدود القدرة على الردع، وينذر بالحرب، فإنها لاتستهدف سوى التفاوض مع إيران، الأمر الذى يشكل تناقضاً يثير القلق، وقد يؤدى لتورطهم دون داع.

نزوع الإمارات والسعودية خلال هذه المرحلة نحو التهدئة مع طهران، يعتبر نوعاً من الكياسة السياسية، فموقف الرئيس الأمريكى منها يتسم بالغموض، إذ يستحيل الجزم بما اذا كان يستهدف إبتزاز دول الخليج بها كفزاعة، أم انه يستهدف فعلا نزع فتيل التهديد النووى والصاروخى الإيرانى عن المنطقة.. واذا كان الهدف الأخير صحيحاً، فهل سيضبف تهديدات الطائرات المسيرة، أم سيكرر إلغاء الإتفاق بعد تحولها الى سلاح إستراتيجى بديل.. ثم ماذا عن أذرعها الرسمية المنتشرة بدول المنطقة، وماهو مصير ترامب نفسه فى الانتخابات المقبلة، هل من سيأتى بعده سيتبنى نفس سياسات التصعيد، كل تلك الإعتبارات وغيرها تفرض تهدئة التوتر مع طهران، حتى لاتؤدى المتغيرات الى خسائر استراتيجية فادحة.

***

المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعى أكد «19 أغسطس» وجود إشارات جيدة من دول الجوار «دولة الإمارات، والسعودية»، تصب في صالح المنطقة وشعوبها ، وأبدى إستعداد ايران للتوقيع على اتفاقيات أمنية واقتصادية وجمركية مع دول الخليج، بما يعود بالمنفعة على شعوبها ويقلص التكاليف.. ومندوب السعودية بالأمم المتحدة أبدى استعداد بلاده لإقامة علاقات تعاون مع طهران، شريطة التزامها بحسن الجوار.. كل الأطراف تعانى تبعات المواجهة التى أشعلها ترامب.. لكن مؤشرات التهدئة تبشر بإمكانية وأد الفتنة، شريطة عدم تعنت أطراف الأزمة، غير أن السؤال المهم.. هل يسمح الرئيس الأمريكى بتمرير الإجراءات التى تحيِّد دور فزاعة الخليج، وتفوت عليه فرصة ابتذاذ دوله؟!.

 
تعليق واحد

Posted by في 2019/08/26 بوصة غير مصنف

 

المنطقة السورية الآمنة وإعادة بعث «داعش»

دقة عالية

فى ختام المباحثات العسكرية الأمريكية التركية بأنقرة ٧ أغسطس الجارى، تم الاتفاق على تأسيس «مركز العمليات المشتركة» بتركيا، للتنسيق وإنشاء «المنطقة الآمنة» وإدارتها بالمشاركة، وجعلها ممرًا للسلام لتمكين السوريين اللاجئين من العودة.. وفى ١٢ أغسطس وصل وفد أمريكى من ستة عسكريين إلى تركيا، لبدء إنشاء «المركز».

أمريكا اكتسبت شرعية وجودها بسوريا من الأكراد، تحالفوا معها، تحملوا عبء الحرب ضد «داعش»، لكن قلقهم من التهديدات التركية دفعهم لتحقيق توازن سياسى، بمباحثات مع النظام بإشراف روسيا، لكن أمريكا تخوفت من أن ينتهى ذلك بسيطرة الأسد على كامل التراب السورى، والخروج من الحرب منتصرًا، فلجأت إلى الخيار التركى، مما يفسر اتفاق «المنطقة الآمنة»، لتقاسم النفط والثروات الطبيعية، وقطع طرق الاتصال بين إيران والعراق وسوريا، ومحاولة تحويل سوريا إلى دولة مقسمة فاشلة.

رغم عدم صدور بيان مشترك، إلا أن ما أعلنته أطراف الاتفاق يؤكد عدة حقائق.. أولًا: تراجعت تركيا عن شن عملية عسكرية جديدة شرق الفرات، بعد أن منحتها أمريكا، وهى قوة احتلال، مشروعية دخولها!.. ثانيًا: هناك تنازلات أمريكية تتعلق بطول «المنطقة»، تركيا كانت تطالب بامتدادها لكامل الحدود السورية حتى العراق، وكذا بعمقها، الذى تمسكت تركيا بأن يكون ٣٠٤٠ كم، مقابل عرض أمريكا ١٥٢٠ كم.. وقد ترك تحديد تفاصيل ذلك «للمركز».. ثالثًا: اصطلاح «ممر سلام» يتسم بالغموض، لكنه يؤكد عدم توظيف «المنطقة» فى الحرب على الأكراد، ولذلك فإن إحدى مهام «المركز» إدارة التوترات بين المقاتلين الأكراد والقوات التركية.. رابعًا: إنشاء غرفة عمليات لمراقبة الحدود، يعنى عدم الاستجابة لمطلب أنقرة بالانفراد بإدارتها، ورفض إطلاق يدها للتصرف فيها وفق ما ترى.. خامسًا: وجود «المركز» خارج الأراضى السورية أمر إيجابى، لأنه يبقى على توصيف القوتين التركية والأمريكية، كقوتى احتلال أجنبى.

سادسًا: التهديدات التركية باجتياح الشمال السورى أكدت فاعليتها فى تحريك الجمود الدبلوماسى، وفى فرض الوجود العسكرى التركى بالشمال السورى!.. سابعًا: تركيا تستضيف أكبر عدد من اللاجئين السوريين «٣٫٦ مليون»، الأزمة الاقتصادية أنهكت الأتراك، وبات معظمهم يرفضونهم كمنافسين مهرة بسوق العمل، الاتفاق قد يوفر المناخ المناسب لإعادة توطينهم بـ«المنطقة الآمنة»، وتوفير مبررات للمطالبة بالمعونات والاستثمارات الدولية، بحجة تشييد مساكن وتوفير مرافق وخدمات، وذلك يعنى أنها لن تخرج منه.. ثامنًا: البنتاجون أكدت عدم إجراء أى تغيير ديموجرافى «للمنطقة»، استنادًا إلى أن إنشاءها صفقة، لضمان وضع «وحدات حماية الشعب» شرق الفرات، لكن أنقرة فى تقديرى لن تلتزم بالضوابط، وستسعى لقطع خطوط الدعم اللوجستى بين مناطق جنوب شرق تركيا، وما تعتبره بؤرًا للإرهاب الكردى من جبال قنديل بالعراق، حتى شرق الفرات بسوريا.. تاسعًا: يعتبر الاتفاق صدمة لروسيا، لأنها ترى أن «المنطقة الآمنة» تمثل خرقًا واضحًا لسيادة الدولة السورية ووحدة أراضيها، وهذا يخالف مبادئ أستانة.. عاشرًا: رغم ذلك التزمت روسيا الصمت، حتى لا تمس علاقاتها مع الحليف التركى، وهى تراهن على مفاوضاتها مع الأكراد ومفاوضاتهم مع النظام، وكذا على احتمالات الخلاف بين تركيا وأمريكا عند تطبيق الاتفاق على أرض الواقع.

ردود الفعل كانت متوقعة؛ سوريا أعلنت رفضها القاطع والمطلق الاتفاق، واعتبرته اعتداء فاضحًا على سيادة ووحدة أراضيها، وانتهاكًا سافرًا لمبادئ القانون الدولى وميثاق الأمم المتحدة.. مجلس سوريا الديمقراطية «قسد» سارع بإيفاد ثلاثة وفود للخارج.. الأول لدمشق برئاسة إلهام أحمد، رئيسة الهيئة التنفيذية، لإجراء مباحثات حول مستقبل «المنطقة»، وعلاقتها بالدولة السورية.. الثانى لموسكو بقيادة عبدالكريم عمر مسئول الشئون الخارجية فى «الإدارة الذاتية».. والثالث للأردن برئاسة سيهانوك ديبو، عضو المجلس الرئاسى لـ«قسد»، ومنها إلى القاهرة لمناشدتها التوسط لدى الرياض، لإقناع بعض عشائر شرق الفرات بمعارضة الاتفاق.

علاقة السعودية بعشائر الشمال السورى تعتبر أهم مرتكزات النفوذ العربى، ثامر السبهان، وزير الدولة لشئون الخليج بالخارجية السعودية، زار الحسكة والرقة منتصف يونيو الماضى، رفقة جويل رابيون، نائب وزير الخارجية الأمريكى، وويليام روباك، مستشار التحالف الدولى، اجتمع مع شيوخ ووجهاء العشائر، وقدم لهم دعمًا ماليًا لتلبية بعض الاحتياجات العاجلة، تزامن الزيارة مع المظاهرات المناهضة لـ«قسد» فى ريف دير الزور، يعكس تقدير المملكة لخطورة الممارسات التركية والقطرية، التى تسعى لإشعال الخلافات بين العرب والأكراد، بما يضعف دوريهما، ويوفر مبررات للتدخل التركى.. مهمة السبهان نجحت فى تهدئة الأوضاع، وحققت التضامن بين العشائر العربية و«قسد»، فى حرب «داعش»، هذا التضامن مستهدف حاليًا، ما يستلزم إعادة تنشيط الدور السعودى.

أخطر ما فى الأزمة الراهنة، تزامنها مع الجهود الرامية لإعادة إحياء دور «داعش» بالمنطقة.. الفريق أول سيرجى رودسكوى، رئيس إدارة عمليات هيئة الأركان الروسية، كشف، نهاية يوليو الماضى، عن أن المدربين الأمريكيين يعيدون تشكيل تنظيم «مغاوير الثورة» المسلح بمنطقة الكيلو ٥٥ فى التنف السورية، وكذا عدد من المجموعات المسلحة الصغيرة التابعة لـ«جيش الكتائب العربية»، وهما من بقايا «داعش»، وأكد أن المروحيات الأمريكية تتولى نقلهم من شرق الفرات بعد انتهاء التدريب لزعزعة الاستقرار بالمناطق التابعة للحكومة.. موقع بريت بارت الأمريكى كشف عن وجود معسكرات فى تركيا لإعادة تأهيل آلاف الدواعش ودفعهم للمنطقة.. معهد دراسات الحرب «ISW»، وهو مؤسسة غير حكومية مقرها واشنطن، أصدر تقريرًا بعنوان «عودة داعش الثانية: تقييم تمرد داعش المقبل»، حذر فيه من أن التنظيم يستعد للعودة مجددًا إلى العراق وسوريا، على نحو أشد خطورة.. تقرير البنتاجون فى ٦ أغسطس حذر من عودة «داعش» لشمال شرق سوريا، فى الوقت الذى تفتقر فيه الجماعات الكردية المدعومة أمريكيًا إلى العتاد والتدريب الكافى لمواجهتها.. والتنظيم نفسه بدأ حملة إعلامية عن تجمع عناصره فى البادية السورية، لاستهداف قوات النظام والميليشيات الإيرانية.

الجميع يتبرأ من مسئولية إعادة تنظيم «داعش» للوجود، إلا أن هدف إحيائه يتضح للعيان؛ من رصد عمليات إعادة تأهيل أمريكا وتركيا لآلاف الدواعش، والأماكن التى ينتشرون فيها، والتنظيمات التى ينخرطون فيها بتسمياتهم الجديدة «مغاوير الثورة»، «أسود الشرقية»، «جيش سوريا الجديد» وغيرها.. عملية إعادة إنتاج التنظيم تستهدف بوضوح المصالح الاستراتيجية الإيرانية بالمنطقة، وعلى رأسها قطع الطريق الممتد من التنف إلى البوكمال بحيث لا يكون هناك اتصال بين سوريا والعراق، مما يعرقل اتصال طهران مع بغداد ودمشق وبيروت.. وبالتالى يتم توظيف «داعش» كأداة فى المواجهة المشتعلة حاليًا ضد إيران.. وهكذا، يعيد بعث «داعش» من أنشأها أول مرة.

 
تعليق واحد

Posted by في 2019/08/22 بوصة غير مصنف

 

معركة طرابلس.. حسابات ماقبل الحسم

صباح الخير 20 أغسطس 2019

الطيران التابع لميليشيات فايز السراج شن غارة على قاعدة الجفرة الجوية التابعة للجيش الوطنى بوسط الصحراء الليبية 26 يوليو الماضى، إستهدفت طائرتى شحن تابعتين لشركة أوكرانية خاصة.. طيران الجيش رد بغارات شبه يومية، متعاقبة على مصراتة، وذلك للمرة الأولى منذ بداية المعارك.

عمليات قصف قاعدة مصراتة الجوية إستهدفت منصة صواريخ وهوائيات توجيه الطائرات التركية المسيرة، ودمرت طائرة شحن عسكرية تركية طراز «اليوشن 76»، بمجرد نزولها أرض المهبط، بكامل حمولتها من الأسلحة والعتاد والذخائر والصواريخ الموجهة الخاصة بالطائرات المُسيرة، كما أصاب محطتى رادار «B 12» و «B14» تدعمان شبكة الدفاع الجوى، ودمر طائرتين «L-39» كانتا عائدتين تواً من مهمة عسكرية جنوب طرابلس.. لم يكتف بمصراتة، بل إمتد القصف الى مواقع تابعة للمعارضة التشادية فى بلدة مرزق جنوب ليبيا، بإعتبارها مصدراً لتزويد الميليشيات بالمرتزقة، ما أسفر عن مقتل 43 منهم، والقبض على 27.. الضربات كلها بالغة التأثير.

إشكالية مصراتة

إستهداف مصراتة متغير جديد فى الحرب، فهى تمثل العمود الفقرى للقوة العسكرية لميليشيات السراج، تقدم نفسها دائما بإعتبارها أقوى تجمع عسكرى فى ليبيا، بحكم دورها فى حسم المعركة ضد كتائب القذافى، وفى إغتياله، ونجاحها، بعد إسقاط النظام الليبى، فى السيطرة على قطاع كبير من مخازن ومعسكرات وأسلحة الجيش،.. تولت تحرير سرت من سيطرة «داعش».. تحملت الزخم الرئيسى فى معركة طرابلس.. عرضت مؤخراً الإنسحاب من الحرب، والتخلى عن دعم السراج، وخاضت مفاوضات مع الجيش الوطنى، لكنها أُجهضت، بسبب طرحها لشروط متشددة تعذر قبولها، خاصة فيما يتعلق بالإصرار على ترك تشكيلات بالعاصمة، لتأمينها، مما أفرغ المفاوضات من مضمونها.. عقلاء المدينة الذين يسعون للتخفف من عبء الخسائر البشرية فى صفوف أبنائها خففوا من تشددهم، عارضين الإنسحاب من محاور القتال حول العاصمة، مقابل عدم استهداف مصراتة نفسها، لكن الجيش بدأ يوجه ضربات موجعة لأهداف إستراتيجية داخل المدينة، محاولاً كسر هيبتها كقوة عسكرية، والضغط عليها للإنسحاب دون شروط.

مصراتة هى احد مراكز التشدد الدينى فى ليبيا، ومركز الثقل الرئيسى لنفوذ الإخوان المسلمين.. تتحمل خسائر كبيرة على امل أن تظل ذات وضعية مستقلة عن الدولة، أو ان تعكس تسويات مابعد الحرب ثقلها العسكرى، بتغييرات تؤثر على التوازنات القبلية والسياسية فى البلاد.. هى حالياً تضع يدها على مركز القرار فى العاصمة من خلال نفوذها على المجلس الرئاسى، ووزارات السيادة في حكومة السراج، وإدارة المصرف المركزى، والمؤسسة الوطنية للنفط، ومؤسسة الاستثمار، وأغلب السفارات فى الخارج.. أغلب المسئولين عن القطاعات الحيوية ينتمون لمصراتة، ولا يتم تعيين أو تكليف مسئول إلا بقرار أو مباركة منها.. وكل قوى الإسلام السياسى تديرها المدينة، نتيجة لإنفتاحها القوى على تركيا.

مصراتة كمركز مهم للصناعة والتجارة، تخشى من أن الإنسحاب من طرابلس، وسيطرة الجيش الوطنى عليها، سيحرمها من غنائم المعارك، وأموال المصرف المركزى، ويؤدى الى بوار تجارتها وصناعتها، التى كان يتم تصريفها بالعاصمة، وفى مختلف انحاء البلاد، مما يفسر ظاهرة تهريب رجال الأعمال المصراتيون لأموالهم الى تركيا، بحكم إنتمائهم العقائدى لتنظيم الإخوان.

التدخل الخارجى

غسان سلامة المبعوث الدولى عبر عن تعدد مظاهر التدخل الخارجى فى الحرب بتأكيده «أن الحرب الليبية اصبحت حرب بالوكالة».. تركيا فتحت محطة للمخابرات بطرابلس، مكلفة بدعم حكومة السراج والميليشيات التابعة لها، وذلك تفعيلاً لإتفاقية الدفاع المشترك التى وقعها السراج مع أنقرة، المحطة يتبعها مستشارين وخبراء عسكريين يشاركون فى إدارة الحرب.. راهنت على الطائرات المسيرة كسلاح إستراتيجى حاسم، لذلك لم تكتف بتصدير أعداد كبيرة منها، بل دفعت عسكريين أتراك تحت إشراف أحد الجنرالات لتولى مهمة تشغيلها.. وسجلات الأمم المتحدة ذاخرة ببيانات السفن التركية التي ضبطت قرب سواحل طرابلس، محملة بأطنان من الأسلحة والذخائر، لدعم الميليشيات، وعشرات من العناصر الإرهابية، ذات الخبرة القتالية العالية، المستمدة من سنوات طويلة فى الحرب السورية.. غير أن الطائرات المسيرة التركية فشلت في تحقيق أهدافها، بسبب إنتشار أهداف الجيش على مساحات شاسعة، وإكتساب الدفاع الجوى خبرة رصدها وإسقاطها، والأهم نجاحه فى تشغيل مايمتلكه منها بصورة فعالة، أصبحت تضطلع معه بدور رئيسى فى الحرب، وسيكون لها دور فعال فى حسم نتائجها.

الجيش الوطنى تمكن من اسقاط طائرتين مسيرتين «أوربيتر 3» صناعة شركة «Aeronautics» الإسرائيلية بمنطقة العزيزية جنوب العاصمة طرابلس مطلع أغسطس الجارى!!، القناة الثانية الإسرائيلية فسرت ذلك بأن أذربيجان اشترت هذه الطائرات في وقت سابق، وتوقعت نقلها إلى تركيا التي سلمتها إلى ميليشيات السراج، لكن صحيفة «الجيروزاليم بوست» فضحت علاقة إسرائيل بحكومة السراج مؤكدة أن فى نطاق تشغيل يتجاوز 150 كم.. الجميع يبحث عن نصيبه فى الكعكة الليبية.

فعالية الغارات التى شنها طيران الجيش على مصراتة، فرض على ايطاليا مراجعة دعمها لميليشيات السراج؛ الطائرة «لوكهيد مارتن C-130» التابعة لسلاح الجو الإيطالى، انطلقت برحلة مقيدة في مطار بيزا الدولي جنوب البلاد 6 أغسطس، متجهة الى مصراتة، لكنها ظلت تحلق لبضع دقائق بالقرب من جزيرة «لامبيدوسا»، ثم عادت بناء على تعليمات سيادية دون تنفيذ مهمتها.. بعدها مباشرة كشفت الحكومة الإيطالية نيتها إرسال طائرة مساعدات طبية وغذائية إلى مطار بنينا ببنغازى، هدية من البرلمان الإيطالى الى جمعية الهلال الأحمر ببنغازى، لتوزيعها على المستشفيات والمراكز الطبية، فى مؤشر واضح لبداية تغيير سياسى يتم التراجع بمقتضاه عن دعم ميليشيات السراج، والإقتراب من الجيش الوطنى، وهو التغيير الذى تم نتيجة لما كشفته المخابرات الإيطالية من أدلة دامغة على مشاركة إرهابيين ضمن ميليشيات حكومة السراج، هذا التغيير يعتبر جزءاً من مقدمات إستقرار الوضع بعد تحرير طرابلس، حيث يتقلص تدريجيا مستوى الدعم الدولى لحكومة السراج، مقابل إقتراب أكثر من دعم جهود الجيش الوطنى.

مستقبل المعارك

رغم الدعم العسكرى التركى والإيطالى والإسرائيلى المباشر لميليشيات السراج بالأسلحة والخبراء والفنيين، الا ان السراج ظل يتباهى بوصف حكومته بـ«المعترف بها دولياً»، الى ان قدم غسان سلامة إفادته الى مجلس الأمن 29 يوليو، مؤكداً «ازدياد وتيرة تجنيد واستخدام المرتزقة الأجانب من قبل أطراف الحرب»، ملمحاً الى تحالف حكومة السراج مع التنظيمات المصنفة إرهابية، واهمها «سرايا الدفاع عن بنغازى» التى تضم عناصر داعش وأنصار الشريعة والقاعدة، ناهيك عن العناصر القادمة من أدلب، التى إكتسبت خبرة قتالية عالية.. الحقيقة ان الإفادة نزعت ورقة التوت عن السراج، مما دعاه لإستدعاء سلامة، وتسليمه مذكرة إحتجاج 31 يوليو، طالباً موافاته بقوائم الإرهابيين الذين قال إنهم يقاتلون في صفوف الميليشيات!!.. أمريكا وفرنسا تراجعا ضمنياً عن إعترافهما، وايطاليا تتراجع، وسلامة تخلى عن تبنيها.. الدعم الدولى للسراج تآكل.

كل ذلك يجرى فى وقت يزداد فيه قلق السراج من ان أعداداً من ميليشيات زليتن والخمس قررت الإنسحاب من محاور القتال، وبدأت تظهر مؤشرات متعددة على قرب إنهيار جبهة الميليشيات.. فقد سقط المئات من القادة الميدانيين والمقاتلين العقائديين في جبهات القتال، وإختفى أمراء الحرب، الذين كونوا ثروات طائلة، إستعداداً للهرب الى تركيا، بعد ان قاموا بتهريب أموالهم، مستفيدين من قرار فج أصدره السراج، بتخفيض قيمة الرسوم على بيع النقد الأجنبى، حتى يتمكن أقطاب حكومته وقيادات الإسلام السياسى وقادة الميليشيات والمتورطون في عمليات السلب والنهب، من شراء العملات الأجنبية وتحويلها إلى الخارج، استعدادا لموجة الهجرة الجماعية، بعد أن أزفت ساعة الحساب.

الهدنة أعلنت لثلاثة أيام بمناسبة عيد الأضحى المبارك، بناء على إقتراحات المبعوث الدولى، ولكن لم يحترمها أحد، وتعرضت لخروقات كبيرة.. كل الأطراف حاولوا استخدامها كإستراحة لالتقاط الأنفاس وإعادة الحشد العسكرى واللوجيستى.. أما باقى مقترحات سلامة المتعلقة بإجتماع البلدان المعنية بليبيا، لوقف تدفق المزيد من الأسلحة، واجتماع القيادات الليبية المؤثرة لبحث عناصر التسوية.. فهى للأسف تخريجات نظرية، لاتراعى المناخ العام الذى بلغته الأزمة، والذى لايتيح فرصة العودة لمائدة المفاوضات، ولا يترك مكانا الا لمقارعة قريبة بالسلاح.

 
تعليق واحد

Posted by في 2019/08/19 بوصة غير مصنف

 

«منتدى الغاز» ومشروع الشراكة الأمريكى

2927262246-crop

«منتدى غاز شرق المتوسط» اختتم اجتماعه الوزارى الثانى بالقاهرة ٢٥ يوليو.. بعد اجتماعه الأول منتصف يناير، عندما أُعلن تأسيسه، واختيرت القاهرة مقرًا له.. شارك فيه ممثلو الدول المؤسسة، وزراء الطاقة فى «قبرص، اليونان، إيطاليا، فلسطين، وإسرائيل، ممثل وزيرة الطاقة الأردنية، ووزير البترول المصرى».
أمريكا شاركت كمراقب بوفد رفيع «بيرى وزير الطاقة، وفانون، مساعد وزير الخارجية للطاقة»، إضافة لمدير عام الطاقة بالاتحاد الأوروبى، وممثلى فرنسا والبنك الدولى.. الاجتماع أقر القواعد والإجراءات الحاكمة لفريق العمل المكلف بتنفيذ فعاليات «المنتدى».. أكد الالتزام بتحويله إلى منظمة دولية، تضمن حقوق الأعضاء فى مواردهم الطبيعية، بمقتضى القانون الدولى.. وافق على إنشاء اللجنة الاستشارية لصناعة الغاز، لدعم مشاركة القطاع الخاص فى الأنشطة، وتعزيز التعاون لاستغلال موارده، وتطوير البنية التحتية، وإنشاء سوق إقليمية.. وتحدد الاجتماع الوزارى المقبل بالقاهرة يناير ٢٠٢٠.
مصر استعرضت إمكانياتها المتاحة، من معامل إسالة وخطوط أنابيب، ما يدعم تحولها لمركز إقليمى لتداول الغاز بحوض المتوسط.. ممثل الاتحاد الأوروبى أكد تمويل مشروع بناء القدرات، وتقوية الخبرة الإدارية المصرية بقطاع الغاز بـ٢٠ مليون يورو، يضاف إلى المشروعات والبرامج الجارية الممنوحة لمصر، والتى تتجاوز ٣٠٠ مليون يورو، وقرابة مليار يورو قروضًا ميسرة، وشدد على أن سبب الاهتمام الأوروبى بغاز شرق المتوسط، هو الرغبة فى الاعتماد عليه كمصدر بديل للغاز الروسى، ضمن سياسة تنويع مصادر الطاقة.
ممثل فرنسا أكد نية الانضمام للمنتدى، استنادًا لدور شركاتها بالمنطقة، وعلاقات الشراكة مع دولها، وأشار إلى مفاوضات تجريها «توتال وإنجى» لاستيراد الغاز من دول «المنتدى».. وزير الطاقة الإسرائيلى أكد انتهاء اختبارات خط نقل الغاز لمصر، وتوقع بدء عمليات الضخ نوفمبر المقبل.. ووزير الطاقة القبرصى، توقع بدء ضخ الغاز من حقل «أفروديت» عبر خط الأنابيب لمصر ٢٠٢٤، بعد تسوية الخلافات المتعلقة بامتداد الحقل داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة لإسرائيل.. حتى الآن الأمور تبدو وردية.. ولكن!
المضمون السياسى لمشاركة أمريكا هو دعم «المنتدى»، والتماهى مع اهتمام الشركات الأمريكية بقطاع البترول المصرى، بعد تطويره، خاصة «إكسون موبيل»، التى حصلت على مناطق امتياز، وتعتزم التوسع، مما يفسر توقيع الوزير «بيرى» على مذكرة تفاهم للتعاون فى قطاع الطاقة.. لكنّ للحقيقة وجهًا آخر يتمثل فى محاولة الاستفادة من «المنتدى»؛ لدعم مشروع «قانون شراكة الطاقة والأمن بشرق المتوسط» المتداول حاليًا بالكونجرس، ويتبناه اللوبيان؛ اليونانى والإسرائيلى، ويستهدف إنشاء مركز إقليمى للطاقة بشرق المتوسط، يضم المؤسسات المعنية والقطاع الخاص، ورفع كفاءة البنية التحتية لقبرص واليونان فى مجال التعدين وطاقة البحار، ودعم شبكات الغاز بالمنطقة، لضخ الغاز إلى وسط وغرب أوروبا، وتبنى جامعة متخصصة فى هندسة البترول، لتدشين تعاون علمى فى تكنولوجيا الطاقة والغاز والتعدين والمياه والبرمجيات، وذلك فى إطار تعاون استراتيجى يجمع أمريكا باليونان وقبرص وإسرائيل، فى مواجهة تركيا، ويقلص النفوذ الاقتصادى الروسى بحوض المتوسط، حتى إنه أضيفت مؤخرًا أهداف جديدة للمشروع، تتمثل فى «السعى لإزالة الوجود العسكرى التركى من شمال قبرص، وتمويل برامج التعليم والتدريب العسكرى لليونان وقبرص حتى ٢٠٢٢، ومنح اليونان ٣ مليارات دولار كمساعدة لتحسين وسائل الدفاع، ومحاربة النفوذ الاقتصادى الروسى».
وزراء الطاقة: القبرصى واليونانى والإسرائيلى، ومساعد وزير الخارجية الأمريكى للطاقة، غادروا القاهرة إلى أثينا، ليعقدوا قمة وزارية أخرى كانت فى ٧ أغسطس الجارى، وضعت آلية جديدة «٣+١»، تستهدف تفعيل المشروع الأمريكى، لإنشاء ممر للطاقة شرق المتوسط، يؤمن احتياجات الاتحاد الأوروبى، وينوع مصادره من الطاقة، ويطور التعاون فى مجالى أمن الإنترنت والبنية التحتية، ويعجل بمشروع خط «إيست ميد»، لنقل غاز شرق المتوسط لأوروبا، وهو الذى وقّعت إسرائيل وقبرص واليونان والاتحاد الأوروبى، الاتفاق الخاص به فى مارس الماضى.. هذه التحركات تؤكد تبلور محور قبرص اليونان إسرائيل والولايات المتحدة، داخل «المنتدى».. وهناك حديث عن انضمام فرنسا، واحتمال نشوء محور مصر قبرص اليونان فرنسا، هذه التقسيمات تضعف «المنتدى» على المستويين الدولى والإقليمى، وتؤثر سلبًا على المصالح الاقتصادية لدوله.
السياسات والمصالح الوطنية تفرض نفسها على طبيعة المحاور التى تتشكل حاليًا بالمنطقة، تركيا وروسيا تسعيان لتوسيع شبكة نقل الغاز «توركستريم»، لتغذى تركيا وجنوب شرق أوروبا، أمريكا تسعى لإجهاض المشروع، بتعزيز شبكة أنابيب شرق المتوسط؛ لتصل إلى أوروبا عبر قبرص واليونان «إيست ميد».. مصر ربما لديها بعض التحفظات المبدئية، تتعلق الأولى بالاندماج ضمن تكتلات قد تضعها فى تناقض مع روسيا، رغم مشروعية تناقض المصالح الاقتصادية، القائمة بالفعل فى مجال الغاز، والثانية بالدخول ضمن مشاريع قد تفسر بالتعاون الرسمى مع إسرائيل، قبل تسوية الإشكاليات الرئيسية للمشكلة الفلسطينية، رغم أن الغاز يفرض حتمية التعاون.. هذه التحفظات ربما تستغرقنا لسنوات، يضخ بعدها «إيست ميد» الغاز بحالته الطبيعية لأوروبا، دون مشاركتنا، فيقلل فرص الغاز المسال، الأعلى سعرًا، لإضافة تكلفة تسييله لنقله، ثم إعادته للحالة الغازية للاستهلاك، وذلك يحقق لليونان هدفها فى أن تصبح مركزًا دوليًا للغاز، حيث يصب عندها الخط، لتضخه لإيطاليا وأوروبا، أو تقوم بإسالته بالمعملين اللذين تملكهما.. بهذا التطور تتراجع أهمية «المنتدى»، وتضيع علينا فرصة الاستفادة من محور يواجه الإرهاب التركى بالمنطقة، الذى يبث سمومه فى سيناء والوادى، فى ليبيا والسودان، فى سوريا والعراق، ناهيك عن التحرشات المباشرة باتفاقيات ترسيم الحدود البحرية وبحقول الغاز.. ثروات الغاز المكتشفة تعيد تشكيل استراتيجيات دول المنطقة، ومحاورها السياسية، وربما كنا أولى ببعض المراجعات. المشروع الأمريكى بالغ الأهمية.. لا نستطيع أن نعارضه، لأنه يتفق فى العديد من محاورة مع مصالحنا، ولا يمكن قبوله لأنه يؤسس كيانًا بديلًا «للمنتدى»، يعمل من داخله، ويتسبب فى إضعافه، وقد يضيِّع أهدافه.. لكننا ينبغى أن ندرك حجم التشابك فى المصالح بين دول المنطقة، وأن نراعى الدور الأمريكى، القادر على التأثير فى سياسات دول «المنتدى»، وأن نحدد آليات المواءمة التى تكفل مصالحنا الاقتصادية، وتحول دون توظيف «المنتدى» لخدمة مشاريع واستراتيجيات منافسه، ونمنع انقسامه إلى محاور داخلية تضعفه، وتنقل مراكز اتخاذ القرار إلى خارجه. قولًا واحدًا، المصلحة هى أن ننقل كل مشاريع التعاون إلى داخل «المنتدى»، وأن نكون جزءًا فاعلًا فيها، بغض النظر عن أى حساسيات سياسية، ما يسمح لنا بمواءمة أهدافها مع مصالحنا.. فنحن بصدد الحديث عن اقتصاد.. والاقتصاد لا تحكمه سوى المصالح.

 
تعليق واحد

Posted by في 2019/08/16 بوصة غير مصنف

 

تركيا تستعد لإجتياح الشمال السورى بـ«المنطقة الآمنة»

صباح الخير 13 أغسطس 2019

تركيا طرحت فكرة المنطقة العازلة أو الآمنة منذ 2012، بحجة منع تسلل عناصر منظمة «PKK» الكردية، التى تعتبرها إرهابية.. امريكا أثارت الفكرة منتصف 2013، بهدف تطبيقها قرب الحدود الأردنية، مادفع تركيا لإعادة طرحها 2014، وتحديد إمتدادها بخط مواز لحدودها الجنوبية من البحر المتوسط حتى العراق، وتضم مناطق من إدلب، عفرين، جرابلس، عين العرب «كوبانى»، تل أبيض، وشمال الحسكة.

الموقف الروسى
عندما أشار ترامب يناير 2018، الى أن «القوات الأمريكية ستنسحب من المنطقة، وسيتم إنشاء منطقة آمنة»، اتخذت روسيا موقفاً حازما «الجيش السورى هو الأحق بالسيطرة على شمال البلاد».. وطرحت مقترح الإدارة الذاتية للأكراد، لإستعادة السيطرة الرمزية للحكومة السورية.. موقف روسيا المبدئى إذن ضد المنطقة العازلة.. ولكن، نتيجة للإلحاح التركى، وافقت موسكو فبراير 2019 شريطة أن تتم بالاتفاق بين تركيا وحكومة دمشق.. لقاء أردوغان بوتين الأخير إنتهى بتأكيد حق تركيا فى الحفاظ على أمنها فوق الأراضى السورية، فى إطار إتفاقية أضنة الموقعة بين حكومة دمشق وتركيا 1998، والتى تعطى لتركيا حق الملاحقة لعمق 5 كم داخل الأراضى السورية، الا ان روسيا ترى أن إعادة إحيائها يمثل إعتراف تركى بمشروعية النظام السورى.

المرونة الروسية تجاه تركيا تستهدف تفويت الفرصة على أمريكا فى رأب صدع العلاقات مع أنقرة، على حساب علاقات الأخيرة مع موسكو، وإعتبار المنطقة الآمنة ورقة مساومة لتنازلات تركية فى إدلب لصالح دمشق، مقابل الوجود التركى بالشمال، الذى يحد من طموحات التمدد الإيرانى، وذلك لحين إيجاد صيغة للتخلص منهما، وإنفراد روسيا بسوريا.. تركيا تلعب على أحبال التنافس بين موسكو وواشنطن، وروسيا تعطى أولوية للمصالح والمواءمات.

الموقف الأمريكى
أمريكا رفضت التجاوب مع طلبات أردوغان بإنشاء المنطقة الآمنة، الى ان قرر ترامب الإنسحاب من سوريا، وتكثيف وجوده فى العراق، للتصدى للنفوذ الإيرانى، ما فرض إعادة ترتيب أوضاع المنطقة، لقطع الطريق أمام توسع النفوذ الروسى، وهنا فرضت المنطقة الآمنة نفسها.. قرار الإنسحاب الأمريكى إرتبط بمراجعة بعض الحسابات.. أكراد شمال شرق سوريا رغم الجهود الأمريكية والغربية لتدريبهم وتسليحهم، يرفضون المهادنة مع تركيا، مهما كانت شروطها، وهم مستعدون للتحالف مع النظام السورى أو إيران، مكايدة لتركيا، مايعنى أيلولة الشمال السورى لدمشق وطهران، وهما أسوأ الإختيارات من وجهة النظر الأمريكية.

أمريكا توصلت الى اتفاق مع تركيا ديسمبر 2018، لإقامة المنطقة العازلة لتخفيض التوتر شمال سوريا، ومنع تركيا من شن عملية عسكرية ضد «وحدات حماية الشعب الكردية» التي تعتبرها أنقرة إرهابية، رغم دورها الحاسم فى الحرب ضد «داعش».. البنتاغون إقترح تشكيل قوة دولية لمراقبة المنطقة الآمنة، لكن تركيا تمسكت بأن تكون هى القوة الوحيدة الموجودة بها.

جيمس جيفرى المبعوث الأمريكي المسئول عن الملف السورى يقود المفاوضات مع تركيا، لوضع الترتيبات المتعلقة بالمنطقة الآمنة، حدد الموقف الأمريكى الذى يتمثل فى عدم إمتداد المنطقة الآمنة إلى كامل الحدود السورية التركية، وأن يتراوح عمقها بين 5 و15 كم، وأن يحتفظ الأكراد ومنهم قوات سوريا الديمقراطية ببعض أسلحتهم لضمان أمن مناطقهم، على ان تتولى إدارة المنطقة قوات أمريكية وتركية مشتركة.

جيفرى أكد للمونيتور، أن واشنطن وأنقرة توصلتا إلى اتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية بشأن إقامة المنطقة الآمنة، وان الدول الأوروبية ليس لها اى دور فيها، بعدها أكدت المصادر الكردية أن أميركا وتركيا توصلتا إلى تفاهمات أعطت بموجبها واشنطن الضوء الأخضر لأنقرة، لاجتياح شرق الفرات تدريجياً، وقد تبدأ بمنبج ثم عين العرب ورأس العين والمناطق المحيطة، وأضافت ان الأمريكيين بعثوا برسائل للأكراد لإخلاء المنطقة وسحب قواتهم من المناطق الحدودية إلى العمق.. «هآرتس» نشرت مقال للكاتب الإسرائيلى تسفي برئيل أكد التوافق بين روسيا وأمريكا على إقامة المنطقة، شريطة عدم إستئثار تركيا بالسيطرة عليها.. يبدو ان أزمة صواريخ الـS-400 وطائرات الـF-35 فرضتا تنازلات أمريكية تستهدف عدم خروج تركيا من الناتو تجنباً لتفككه.. من المؤكد أنها جاءت على حساب الأكراد.

الأطراف الإقليمية
* دول الإتحاد الأوروبى: تتحفظ بشأن المنطقة الآمنة، بسبب تخوفاتها من قيام تركيا بمذابح ضد الأكراد، لذلك تشترط فى حالة تطبيقها ان تخضع لإشراف أمريكى مباشر.
* ايران: نظرياً ضد المنطقة الآمنة، لأنها ضد مصالحها فى سوريا، التى دفعت طهران الكثير من الأموال والدماء لترسيخ نفوذها فيها.. لكنها حالياً ليست فى وضع يسمح لها بمعاداة تركيا، لأنها تتعرض لحصار أمريكى، وإستهداف إسرائيلى، وتربص سعودى.. لذلك بدأت التحرك نحو دمشق لتنشيط قنوات الاتصال مع والأكراد، والالتفاف على الفخ الأمريكى، ومحاولة إنقاذ مشروعها الخاص بطريق «طهران، بغداد، دمشق، بيروت».
* إسرائيل: غير معنية بالمنطقة الآمنة، وهى ليست على وفاق مع تركيا، الا ان أى نفوذ أجنبى يؤدى الى تفتيت سوريا، ويضعف النفوذ الإيرانى، لابد ان يحظى بقبولها.
* قوات سوريا الديمقراطية «قسد»: عمادها «وحدات حماية الشعب الكردية».. ترى عدم زيادة عمق المنطقة الآمنة عن 5 كم، والا تخضع لقيادة تركية، يتولى الأمن فيها أهالي المنطقة المحليين، وعدم التدخل في الحياة اليومية لأبناء المنطقة ولا في الإدارات السياسية بالمدن، وهم يرفضون تواجد القوات التركية، إلا فى دوريات مشتركة مع القوات الأمريكية، شريطة ألا تكون مقيمة على الأراضي السورية، بل تدخل لأداء مهمتها وتبادر بالخروج.

* الحكومة السورية: تراجعت إرادتها السياسية نتيجة تعدد القوى الأجنبية التى تتشارك النفوذ على أراضيها، بادرت بالتواصل مع القوات الكردية، بالتنسيق مع إيران، وتحت إشراف روسيا، لدعمها ضد إحتمالات التدخل التركى، ومحاولة رأب الصدع فى العلاقة معها، لمواجهة مخططات التقسيم.. الحكومة تدرك أن تركيا إذا دخلت الشمال لن تنسحب أبدا.

تركيا فى إطار ترويجها للمنطقة الآمنة، تدعى أنها أنفقت من مواردها الخاصة 37 مليار دولار لإستيعاب أكثر من 3 ملايين لاجئ سورى!!، وأنها تخطط لإقامة مساكن تكفى اللاجئين العائدين للمنطقة، وستزودها بكافة الخدمات من صحة وتعليم، وستعيد تأهيلها لإستيعاب كافة اللاجئين للخارج.. لكنها ستجرى تغيرات ديموجرافية خطيرة، بتهجير مكونات المنطقة، وتوطين آخرين من الجماعات المسلحة الموالية لها، للسيطرة عليها.. تركيا تضع ترتيبات دائمة لهضم المنطقة، وإلحاقها بلواء الإسكندرونة السليب، مساحتها تمتد بطول الحدود التركية السورية 460 كم، بعمق 32 كم، تضم مدنا وبلدات من 3 محافظات «حلب، الرقة، والحسكة»، وتقترب مساحتها من دولة الكويت.

التصعيد التركى
بعد فشل جولة المباحثات الأمريكية التركية، إتصل خلوصي أكار وزير الدفاع التركى بنظيره الأميركى مارك إسبر 29 يوليو، وحذره من إن بلاده ستضطر لإنشاء المنطقة الآمنة بمفردها، حال عدم التوصل لتفاهم مشترك، وشدد على ضرورة مصادرة كل ما بحوزة قوات حماية الشعب الكردية من أسلحة، قبل طردها من المنطقة!!، وأصدر تعليماته بحشد القوات على الحدود مع سوريا، ليعكس جدية التهديد.

تركيا لايمكن فى ظل التدهور الراهن فى علاقاتها بواشنطن نتيجة لأزمة صواريخ S-400 وطائرات F-35 ان تتحدى أمريكا على هذا النحو، وهى التى لم تجروء من قبل على خوض عمليتى «غصن الزيتون» و«درع الفرات» الا بعد حصولها على موافقات أمريكية وروسية صريحة.. كما انها سبق ان ابتلعت لسانها عندما توعدها ترامب بتدمير إقتصادها، حال دخولها للمناطق الكردية.. وهى لاتستطيع توفير غطاء ودعم جوى لقواتها بالمنطقة الا بترتيبات مع موسكو.. كل ذلك يعنى اننا بصدد عملية توزيع أدوار، تستهدف التمهيد لتنازلات أمريكية كبيرة، وشبهة مجاملات روسية إرضاءً لتركيا!!.

إبراهيم كالين المتحدث بإسم الرئاسة التركية أكد «المنطقة الآمنة تشكلت فعليا على حدود سوريا الشمالية المتاخمة لتركيا، من إدلب إلى منبج مرورا بعفرين وجرابلس».. عبارة تستهدف فرض الوجود التركى كأمر واقع.. أردوغان يمهد لدخول تل أبيض وتل رفعت، حيث أورى انه ابلغ روسيا وأمريكا والمانيا بذلك.. مجلس الأمن القومى التركى أعلن 31 يوليو عن إقامة منطقة آمنة بإسم «ممر سلام» شمال سوريا.. ووزير الدفاع إجتمع بالقادة العسكريين، لبحث تفاصيل عملية عسكرية محتملة بالمنطقة.. ولاية هكارى جنوب شرق تركيا، أُعلنت كمنطقة أمنية خاصة، منع دخولها إلا بإذن خاص.. إجراءات عديدة تجسد جنون التصعيد التركى.

***

عزم تركيا على اجتياح شمال سوريا يعكس أطماعها بالمنطقة، لكنها إختارت التوقيت الراهن للتصعيد، بسبب حاجة أردوغان، وحزب «العدالة والتنمية» الى تحقيق إنجاز خارجى يدعم موقفه الداخلى بعد خسائره فى الإنتخابات البلدية، والتصدعات والإنشقاقات الداخلية بالحزب، ناهيك عن الأزمات التى تواجهها الدولة فى علاقاتها بحلفائها الرئيسيين؛ الناتو، والولايات المتحدة.

هل تتم العملية بكل تداعياتها الخطيرة، والعرب صامتون؟!، وكيف تفلت تركيا بجريمة تجروئها على الأرض، والسيادة العربية؟!.

 
تعليق واحد

Posted by في 2019/08/12 بوصة غير مصنف

 

قصف معسكرات «الحشد الشعبى » بالعراق

العراق-الحشد-الشعبي

خلية الإعلام الأمنى بالعراق، المسئولة عن تقديم البيانات الرسمية بشأن الفعاليات العسكرية والأمنية وأنشطة مكافحة الإرهاب، أكدت قصف طائرة مجهولة معسكر «الشهداء»، التابع لميليشيات «حزب الله العراقى» ١٩ يوليو ٢٠١٩.. المعسكر يقع بقضاء «طوزخرماتو» بمحافظة صلاح الدين، يتبع لواء الحشد الـ١٦، الذى يضم عناصر تركمانية، تعتبر امتدادًا للحرس الثورى الإيرانى، ما يفسر وجود خبراء من إيران وحزب الله اللبنانى.. الشيخ ثائر البياتى، أمين عام مجلس العشائر العربية بالعراق، أكد أن المعسكر يضم صواريخ باليستية إيرانية الصنع نقلت للمعسكر داخل شاحنات نقل المواد الغذائية المبردة، وأن عملية القصف أسفرت عن مقتل وإصابة عدد من عناصر الحرس الثورى، وأخرى تابعة لحزب الله اللبنانى.

اتفقت المصادر على أن استهداف المعسكر تم بناء على معلومات دقيقة، تعتمد على صور الأقمار الصناعية، وطائرات الاستطلاع المسيرة، وكذا مصادر من داخل المنطقة السنية التى تحيط بالمعسكر، والتى أكدت تدمير مصنع إنتاج صواريخ الكاتيوشا، وإعادة تأهيل وتجميع صواريخ سكود، الذى تم تشييده مؤخرًا.. وأشارت إلى أن «إقبال بور» مساعد قاسم سليمانى يتخذ المعسكر مقرًا لعمله، كمسئول عن تقديم الاستشارات لتشكيلات الحشد بالمنطقة، وقد اعتاد دخول العراق عبر السليمانية بإقليم كردستان، حيث يقيم، لكنه كان قد غادر عائدًا لإيران، لحضور مجلس عزاء والدته، التى توفيت بصورة مفاجئة، ما نجاه من القصف.

الحادث أحدث ارتباكًا وقلقًا، ما دفع عادل عبدالمهدى، رئيس الحكومة، لتشكيل لجنة عسكرية وأمنية موسعة لتقصى الحقائق بشأن ما حدث بالمعسكر.. تقرير اللجنة حاول تهدئة الرأى العام، فنفى ما تردد حول مسئولية جهات خارجية عن الهجوم، مؤكدًا أن الانفجار لم يكن قصفًا جويًا ولا صاروخيًا، إنما كان «حريقًا لوقود صلب نتيجة خلل داخلى»، وأنكر وقوع قتلى فى صفوف «الحشد».. وبناء عليه نفى رئيس الحكومة صحة التقارير التى حمّلت إسرائيل مسئولية الهجوم، ووصف الحادث بالـ«بسيط، ولم يوقع ضحايا».. فى اليوم التالى نشرت المواقع الإيرانية تقريرًا مدعومًا بالصور، لتشييع جنازة «أبوالفضل سرابيان» أحد قادة الحرس الثورى، وأشارت إلى أنه قتل فى الغارة الجوية على معسكر الشهداء. البنتاجون أكدت الهجوم: «نحن على علم بالتقارير الخاصة بأعمال عدائية محتملة ضد وحدة الحشد بصلاح الدين»، لكنها نفت مسئوليتها عنه.. «هآرتس» أكدت أن إيران تنقل صواريخ دقيقة ومتطورة- تشكل تهديدًا للأمن الإسرائيلى- إلى العراق.. إذاعة الجيش الإسرائيلى ألمحت إلى أن إسرائيل قد تكون المسئولة عن الهجوم الجوى على مخازن السلاح وموقع الميليشيات العراقية التابعة لإيران يوم ١٩ يوليو، وقاربت بين الهجوم والهجمات المماثلة ضد أهداف إيران وحزب الله بسوريا.. البروفيسور عماتسيا برعام، مدير وحدة أبحاث العراق بجامعة حيفا اتفق مع ذلك، موضحًا أن المعسكر تابع لـ«الحرس الثورى الإيرانى».. و«الإندبندنت» نقلت عن مسئول عسكرى إسرائيلى قوله: «إن إسرائيل تحركت فى العراق كما تتحرك فى سوريا»، مشيرة إلى أن المعسكر نقلت إليه مؤخرًا أسلحة نوعية من إيران، منها صواريخ باليستية، وأن عملية القصف تمت بصواريخ موجهة متطورة تبلغ زنة الواحد قرابة الطن، ما أدى لدمار شامل بالمعسكر. والحقيقة أن هذه ليست أول مرة تتعرض فيها ميليشيات الحشد للقصف، ففى يناير الماضى كشف مشعان الجبورى، النائب السابق بالبرلمان، عن تفاصيل قصف جوى استمر على مدار أربعة أيام، واستهدف تشكيلات «الحشد» بمنطقتى النخيب قرب حدود السعودية، والثرثار بمحافظة صلاح الدين، استخدمت فيه الطائرات المسيرة، التى أوقعت خسائر فى صفوف الحشد الشعبى، مختلف المصادر اتفقت على أن الطائرات أمريكية، لأن الطيران الحربى والمسير الأمريكى يجوب العراق، للاستطلاع والمراقبة على مدار الساعة، وقد اعتاد استهداف أى تحرك يعتقد أنه تابع لتنظيم داعش.. الجهات العراقية الرسمية تكتمت الموضوع.

دانى دانون المندوب الإسرائيلى بمجلس الأمن وجه اتهامات لإيران و«حزب الله» ٢٤ يوليو، تتعلق بتهريب الأسلحة برًا عبر العراق ومعبر المصنع إلى سوريا ولبنان.. يوم ٣٠ يوليو نقلت «يديعوت أحرونوت» عن «رون بن يشاى»، الخبير العسكرى، أن إسرائيل قصفت يوم «٢٧ يوليو» بطائرات «F-35» قاعدة تابعة للحشد الشعبى، تستخدمها إيران فى إدخال الأسلحة لسوريا ولبنان، وبالفعل كان انفجار ضخم قد وقع فى ذلك التاريخ بمعسكر «أشرف» بديالى ٥٠ كم شمال شرق بغداد، الذى تتمركز به ميليشيات بدر الموالية لإيران، هذا المعسكر يعتبر أكبر المجمعات العسكرية التابعة للحشد، يتسع لقرابة ٤٠٠٠ جندى، ويضم أنظمة تسليحية، ومجمعًا ضخمًا من المنشآت تحت الأرض، لتخزين الدبابات والمدفعية الثقيلة والصواريخ الباليستية.. المعسكر كان تابعًا لمجاهدى خلق الإيرانية المعارضة سابقًا، وأضحى مقرًا لنفوذ الحرس الثورى.. المصادر العراقية أشارت إلى أن ما حدث ناتج عن انفجار بعض الأسلحة المخزنة نتيجة عوامل سوء التخزين، لكن المصادر الدبلوماسية الغربية رجحت أنها غارة جوية تمت بمقاتلة «F-35» بعد أن وسعت إسرائيل دائرة استهداف إيران لتغطى العراق.

القواعد العسكرية الأمريكية ومقرات خبرائها بالعراق كانت هدفًا لقصف فصائل الحشد على مدى الشهور الأخيرة، ما دفع أمريكا لتهديدها بمهاجمة مقراتها حال تعرض السفارة الأمريكية للقصف.. بومبيو أبلغ عبدالمهدى بأن واشنطن لن تتدخل إذا قصفت إسرائيل مواقع الحشد بالعراق.. وعادل عبدالمهدى، رئيس الحكومة، أكد أن أمريكا أحاطته علمًا بأن الطائرات المسيرة التى استهدفت محطتى الضخ البتروليتين التابعتين لشركة أرامكو بمحيط منطقة الرياض «١٤ مايو» قد انطلقت من الأراضى العراقية، وحددت المكان الذى انطلقت منه الطائرات.. اختيار العراق مركزًا للإطلاق يرجع إلى أن المسافة بين محافظة المثنى جنوب العراق حتى الأهداف السعودية أقل من نصف نظيرتها من مواقع الحوثيين، وأدنى تعرضًا لشبكات الدفاع الجوى.. كل تلك العوامل تؤكد اتفاق المصالح بين أمريكا وإسرائيل على استهداف «الحشد».

عمليات القصف التى تعرضت لها معسكرات الحشد، جاءت فى أعقاب تهديدات أمريكية وإسرائيلية صريحة، تستهدف منع إيران من توظيف الحشد فى تنفيذ عملياتها العدائية بالمنطقة، معظم فصائل الحشد بدأت بالفعل تغيير مواقع معسكراتها، ونقل الصواريخ والأسلحة الثقيلة، تجنبًا للاستهداف الجوى.. هذه التطورات لها وجه إيجابى يمكن أن يدعم الحكومة العراقية فى تنفيذ قرارها الخاص بإغلاق مقرات الميليشيات المسلحة، والاختيار بين الاندماج داخل الجيش، أو التحول لتنظيمات سياسية، يحظر عليها حمل السلاح.. هذا التنفيذ يمكن أن يجنب العراق الدخول فى نطاق الضربات الجوية الإسرائيلية التى تستهدف قطع الأذرع الإيرانية المتمددة بالمنطقة.

 
تعليق واحد

Posted by في 2019/08/08 بوصة غير مصنف

 

عاصفة الخليج.. ولعبة عض الأصابع

صباح الخير 7 أغسطس 2019

سلطات جبل طارق البريطانية إحتجزت ناقلة النفط الإيرانية «جريس 1» يوم 4 يوليو، خلال عبورها المضيق، وذلك إستجابة لقرار أمريكى بفرض الحصار على إيران!!.. بريطانيا إنساقت للمواجهة دون ان تضع فى حساباتها ان هناك أكثر من 15 سفينة تحمل علمها، وتمر بمضيق هرمز يومياً.. طهران ردت بإحتجاز ناقلة النفط البريطانية »إستينا إيمبيرو« أثناء مرورها بمضيق هرمز 14 يوليو.. بريطانيا أوفدت وسيطاً إلى طهران؛ لبحث الإفراج عن الناقلة المحتجزة، فى الوقت الذى دفعت فيه غواصة نووية من فئة «آستيوت» وعدة قطع حربية لتعزيز تواجدها البحرى فى الخليج، وحماية سفنها.. لكن ايران بعد واقعة الاحتجاز، لم تعترض اى سفينة بريطانية خلال عبورها مضيق هرمز، حتى قبل وصول وحدات الحماية، وذلك حتى تؤكد انها لاتستهدف وقف الملاحة، بقدر ما تسعى للضغط، بهدف الإفراج عن سفينتها المحتجزة بجبل طارق.. بريطانيا تحملت تبعات القرار الأمريكى، لكن مايك بومبيو وزير خارجية امريكا أكد بصلف: «علي بريطانيا حماية ناقلاتها بالخليج.. أمريكا لاتريد خوض حرب ضد إيران»!!.

الحقيقة انه منذ إنسحاب أمريكا من الإتفاق النووى مايو 2018، والتوتر مع إيران يتصاعد.. فى مايو نفذت إيران عمليات تخريبية إستهدفت ناقلتى نفط سعوديتين، وناقلة نرويجية، وسفينة شحن إماراتية، بميناء الفجيرة الإماراتى، خارج مضيق هرمز، لتؤكد ان الحظر الذى يستهدفها سيطال الجميع لو تم تطبيقة فعلاً.. وفى يونيو استهدف هجوم جديد ناقلتى نفط قادمتين من السعودية والإمارات فى مياه بحر عُمان، ما أدى إلى حدوث انفجارين كبيرين بهما.. الحرس الثورى أسقط طائرة مسيرة أمريكية منتصف يونيو، لكن واشنطن إستبعدت العمل الإنتقامى، لأن ردود فعله المتوقعة، قياساً على طريقة إدارة إيران للأزمة، تهدد بحرب، عواقبها وخيمة؛ إمتلاك إيران لمنظومة صواريخ (S-300) الروسية تسمح بإصطياد الطائرات والصواريخ المهاجمة، إضافة لقدرة الصواريخ أرض/أرض الإيرانية على إستهداف كل المنشآت والقواعد العسكرية الأمريكية بالخليج.. وترامب يدرك ان الإنزلاق للحرب يحد من فرصه فى الفوز بالإنتخابات، لذلك إعتمد على وساطة شينزو آبى رئيس وزراء اليابان.. إختيار غير موفق، لأن طوكيو ليست مؤهلة للوساطة، حيث لم توفد أى مسئول رفيع لطهران منذ ثورة الخمينى 1979!!، والمهين، ان تتزامن زيارة المبعوث اليابانى مع عملية تفجير الناقلة اليابانية!!، خامنئى كشف للإعلام ان آبى يحمل رسالة من ترامب، وبدا أمام الكاميرات وكأنه يوبخه.. ترامب كعادته تراجع، وأنكر علمه بالوساطة!!.

مبررات إثارة الأزمة

أزمة الخليج لن تتجه للهدوء، أمريكا فجرت الموقف، وتسعى لتصاعده، حتى تتوقف إمدادات البترول من الخليج الى دول العالم، التى تمثل 20% من حجم تجارة النفط الدولية، مما يفتح أسواقاً جديدة أمام البترول والغاز الصخرى الأمريكى، كما أنها تأمل فى أن توسع حرب الناقلات دائرة التأييد للموقف الأمريكى، ما يجبر إيران على المرونة والتفاوض.. اللجوء للعمل العسكرى أمر مستبعد، على الأقل فى الظروف الراهنة، ولكن إثارة الأزمة يستهدف من وجهة النظر الأمريكية تحقيق ثلاث اهداف:

الأول: التوصل إلى اتفاق جديد مع إيران، يضع قيوداً على الصواريخ الباليستية، إضافة لتقييد الأنشطة النووية.

الثانى: فتح الباب أمام الشركات الأمريكية لعقد صفقات مع إيران بعد رفع إسمها من لائحة الدول الراعية للإرهاب.

الثالث: تحصيل مقابل الحماية من «الفزاعة الإيرانية»، وعقد صفقات تسليح جديدة مع دول الخليج.

روسيا من جانبها تحاول تفعيل دورها فى الأزمة، دعماً لحليفها الإيرانى؛ وقعت إتفاق عسكرى مع طهران، لأول مرة فى تاريخ العلاقات بين الدولتين، كما تنظم مناورات بحرية مشتركة مع إيران فى الخليج ومضيق هرمز.. عمان تقوم بدور الوساطة بين طهران وكلا من لندن وواشنطن، وهى تركز على تبادل الإفراج عن الناقلات المحتجزة، وتهدئة التوتر فى المنطقة، كبداية لتهيئة المناخ لتناول المشاكل الرئيسية.

ردود الفعل الإيرانية

إتسام ردود الفعل الإيرانية بالحدة، يرجع الى شدة تأثير العقوبات الأمريكية عليها؛ صادرات الخام الإيرانى بلغت أقل من 300 ألف برميل/يوم أواخر يونيو، مقارنة بأكثر من 2.5 مليون برميل في أبريل 2018، أى بنسبة 12% فقط من معدلاتها قبل شهر واحد من انسحاب ترامب من الاتفاق النووى.. والأنكى، أن الأسواق قد استغنت عن النفط الإيرانى، ولم تعد تتأثر بنقصه، لأنها وجدت البدائل.. الا ان عدوانية السياسة الإيرانية أتت ببعض الثمار، الإمارات انسحبت من حرب اليمن، تجنباً لهجمات الطائرات المسيرة على المطارات والمواقع الإستراتيجية، وأوروبا تحاول ان تنأى بنفسها عن النزاع.. وأمريكا التزمت بإحترام الطلب الإيرانى بأن يكون عبور المضيق بإخطار مسبق، وسلمت بتقاسمها للسيادة مع عُمان.

إيران لاتزال تتمسك بتشددها، حتى أنها رفضت إستقبال بومبيو فى طهران، ومحسن رضائى أمين مجلس تشخيص مصلحة النظام تعهد بألا تسمح بلاده لأى من الولايات المتحدة أو بريطانيا بالسيطرة على مضيق هرمز.. ذلك أنها أكثر الأطراف المستفيدة من التصعيد، لأنه سمح لها بجس نبض أمريكا وبريطانيا، وتحديد الإطار الذى تستطيع ان تتحرك فيه دون ان تتعرض للعقاب، وأقصى مدى للتصعيد دون إثارة للحرب، وقد تأكدت ان كلا من أمريكا وبريطانيا، يعمل فى اتجاه منفصل عن الآخر، لإختلاف أهدافهما، وأن كلاهما ليس على إستعداد للمخاطرة بالحرب.. أمريكا تعتزم تشكيل تحالف دولي متعدد الجنسيات لحماية المرور بمضيقى هرمز وباب المندب!!، ومدخل المحيط الهندي عند خليج عمان.. بريطانيا من جانبها مستمرة فى تعزيز قواتها البحرية بالخليج، وفى قاعدتها بالبحرين، لتأمين حركة السفن التجارية بالمنطقة، وتسعى لإنشاء قوة حماية بحرية بقيادة اوروبية لضمان حرية الملاحة فى الخليج.

الخلاف السابق كانت له إنعكاسات سياسية؛ ايران سعت لإستكمال إجتماعات فيينا وفق معادلة «4+1» بعد إستبعاد الولايات المتحدة، وبريطانيا وافقت بهدف إنقاذ الإتفاق النووى.. الدول الأطراف في الإتفاق مع طهران «روسيا، الصين، بريطانيا، فرنسا، وألمانيا»، اتفقت فى فينا 28 يوليو، على عقد اجتماع على مستوى الوزراء، لبحث كيفية إنقاذ الاتفاق النووى، وتوافقت على أن رفع العقوبات عن إيران جزء أساسى فى الاتفاق، وهو مكسب كبير يعزز الموقف الإيرانى.

إنعكاسات التوتر

لجنة الحرب لسوق لندن للتأمين إعتبرت منطقة الخليج من المناطق عالية المخاطر، نتيجة لتكرار الحوادث والتهديدات مما يفسر إرتفاع أسعار الشحن ورسوم التأمين بمعدلات كبيرة،  إستمرار تصاعد التوتر فى الخليج يهدد بعودة شبح حرب الناقلات التى نشبت بين ايران والعراق 80/1988، واستهدفت فيها 546 سفينة تجارية، منها 259 ناقلة نفط عملاقة، وقتل قرابة 430 بحارًا مدنيًا، خلال هذه الفترة.. وإبان هجمات القراصنة الصوماليين، تم إتباع نظام المرافقة الأمنية للسفن التجارية والناقلات، لكن هذا النظام لم يعد مناسباً حالياً، فكثافة مرور الناقلات بالخليج تضاعف عدة مرات، وصار الأمر فى حاجة لإعادة تنظيم وتنسيق بين الدول المستفيدة، لتبادل المعلومات والإخطار المسبق عن السفن، وتنظيم قوافل العبور، أما التهديد بعودة حرب الناقلات فإن الأوضاع الدولية والإقليمية لم تعد تحتمل حرباً مماثلة فى المدة، والتطور فى الأسلحة بات لايضمن عدم وصول التصعيد الى مرحلة الحرب الشاملة.. مما يعنى ان الجميع يضغط، لكنهم حريصون على تجنب الحرب.

***

إحتواء الموقف بالدبلوماسية الهادئة، هو السبيل الوحيد للحد من الخسائر الفادحة للتصعيد.. والى ان يتم ذلك، فإن على دول الخليج الإعتماد على مسارات بديلة لنقل النفط، وهى متاحة بالفعل.. خط أنابيب بقيق/ينبع السعودى «بترولاين» يمكنه نقل نحو 5 ملايين برميل/يوم.. خط أنابيب حبشان/الفجيرة بالإمارات سعتة 1.8 مليون برميل/يوم.. خط أنابيب العراق/تركيا ويربط شمال العراق بميناء جيهان التركى على البحر المتوسط.. خط سوميد ويمتد من العين السخنة على خليج السويس إلى سيدي كرير على ساحل المتوسط غرب الإسكندرية.. هذه المسارات تؤمن عمليات نقل النفط حتى تتم تسوية أزمة، إعتاد أطرافها «إيران من ناحية، وأمريكا وبريطانيا من ناحية أخرى» تقسيم الأدوار والمصالح لعقود طويلة، وهى حقيقة تقلل من توقعات الحرب فيما بينهم.. هى لعبة عض الأصابع، لتحسين شروط التفاوض، وإعادة تقسيم الأدوار والمكاسب، وفقاً لتوازنات جديدة للقوى، وبالطبع على حساب دول المنطقة.

 
تعليق واحد

Posted by في 2019/08/05 بوصة غير مصنف