RSS

Monthly Archives: فيفري 2017

التعديل الحكومى ومعايير الاختيار

%d8%ac%d8%b1%d9%8a%d8%af%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%b7%d9%86-24-%d9%81%d8%a8%d8%b1%d8%a7%d9%8a%d8%b1

كان لا بد من التمهل، حتى ينخرط الوزراء الجدد ضمن مجلسهم، ويستقر المحافظون بالدواوين، قبل تناول التعديل الحكومى الأخير.. «التسرع» منذ انتكاسة «يناير 2011» آفة المحروسة، و«الانتقاد» توجه عام، و«التغييرات» خفّضت متوسط عمر الحكومات لأقل من عشرة أشهر.. لا توجد معايير للاختيار، رغم أن وجودها يمثل حجر الزاوية فى نجاح المسئولين، وضمان الاستقرار الحكومى، وغيابها يثير إشكاليات عديدة، نتيجة لتزايد الاهتمام بالشأن العام، وتباين وجهات النظر، والدور الذى تلعبه الميديا بارتباطاتها وتوجهاتها السياسية المتعارضة، مما يفرض صعوبات فى الاختيار، لذلك نجد نماذج تتسبب فى كوارث، وأخرى تؤثر الاعتذار، تجنباً للتعرض لتبعات الانقسام، وحملات التشويه المتعمد.

التشكيل فى ضوء التعديل الأخير يثير بعض الملاحظات:

■ التجديد لبعض الوزراء أثار الرفض؛ كوارث وزيرى الصحة والسياحة لا يتسع المجال لحصرها.. ونبيلة مكرم، وزيرة الهجرة والمصريين بالخارج، قوبلت بالتشكيك فى جدوى وزارتها، وإمكانية توفير ميزانيتها (28.931 مليون جنيه، منها 12.6 مليون لتأسيس مبنى، و12 مليوناً للتوعية بمخاطر الهجرة غير الشرعية!!) تفعيل دور الخارجية بسفاراتها وقنصلياتها يؤدى مهمتها بصورة أكثر كفاءة وتنظيماً.. النائب شريف فخرى انتقد هجوم الوزيرة على الأزهر، ومشاكلها مع نوادى الجاليات، وعدم إحاطتها للبرلمان بتوصيات مؤتمر المصريين بالخارج، ووعودها -غير الدستورية- بالإعفاء الجمركى لسيارات المهاجرين، وعدم وجود خطط للاستفادة من علماء مصر بالخارج.

■ وزارة التموين شهدت فى عهد اللواء مصيلحى أزمات عديدة، عجز عن مواجهتها، رغم أنه كان رئيساً ناجحاً لهيئة الإمداد والتموين، وجهاز الخدمات العامة، لكن نجاحه كان نتاجاً لمؤسسة قوية، ومنظومة متكاملة، وبيئة منضبطة.. رحل الرجل، وتسبب سوء الاختيار فى نهاية حزينة لخدمته الوطنية الطويلة المشرفة.. دكتور على مصيلحى يمتلك الرؤية والقدرة على التطوير اعتماداً على المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات، الطفرة التى أحدثها بهيئة البريد 2002/2005 تؤكد ذلك.. وتوليه منصب وزير التضامن الاجتماعى 2005/2011 عندما كانت تضم قطاع التموين أكسبه خبرة تساعد فى وضع خطة قومية لتطوير شبكات الأمان، وترشيد الدعم، وتوفير السلع الضرورية، وتصحيح البطاقات التموينية.

■ تخصص د. هشام الشريف مطلوب لدولة تعانى العشوائية، والافتقاد للآليات.. دكتوراه نظم دعم القرار من كمبريدج.. خلال رئاسته لمركز معلومات مجلس الوزراء أنشأ مراكز معلومات وتدريب بالمحافظات، وأصدر كتاب «وصف مصر بالمعلومات»، ثم عمل مستشاراً لمحلب، رئيس الحكومة 2014.. ضخامة عدد الضحايا يفرض الاستفادة من خبرته فى إنشاء وحدات لإدارة الأزمات والكوارث الطبيعية بالمحافظات.

■ وزارة الاستثمار مسئولة عن جلب الاستثمارات، لكن الاستثمارات نتاج لبيئة تشريعية تجتذب وتحمى.. وزارة التعاون الدولى مسئولة عن إبرام اتفاقيات القروض والمنح لتمويل المشروعات.. إجمالى الدين الخارجى قرابة 60 مليار دولار، أعباؤه السنوية تتجاوز 5.2 مليار، إضافة لـ2.285 تريليون جنيه دين محلى.. دمج الوزارتين قرار صائب، وتعيين د. سحر نصر اختيار موفق، شريطة التوقف عن تحميلنا المزيد من الديون والأعباء، وتوظيف خبرتها للإصلاح الاقتصادى والترويج للمنح غير المشروطة، والتنسيق مع البرلمان والعدل لتحسين المناخ الاستثمارى، وزيادة قدرته على الجذب.

■ د. جلال السعيد وفق كوزير للنقل بحكومة الجنزورى ديسمبر 2011/أغسطس 2012، فأعاده شريف إسماعيل، لكن عدم وجود رؤية قومية للدولة تلزم بها الوزراء كل فى مجال اختصاصه، أعطى له حرية فوضوية سمحت بإلغاء محكمة وأكاديمية النقل.. قرار غريب أهدر المال العام، وأجهض نقلة نوعية على مستوى الإدارة والمهنية بالوزارة، ناهيك عن عدم انتهائه من المشروع القومى للطرق. د. هشام عرفات مطالب باستكماله، وإعادة هيكلة وتطوير السكة الحديد، لكنه لن يصيب من النجاح ما يفوق سلفه، ما لم يلتزم بأهداف خطة عامة تنبثق من رؤية استراتيجية للدولة، يتم تقييم نجاحه من عدمه بمدى التزامه بالمعدلات الزمنية لتنفيذها، وتقليل الهدر فى الموارد.

■ أعضاء البرلمان انتقدوا اختيار د. عبدالمنعم البنا وزيراً للزراعة.. الوزير السابق صلاح هلال مسجون مع بعض معاونيه بتهمة الفساد، تعرّض لنفس المصير 13 من مسئولى هيئة التعمير والتنمية الزراعية، ورئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للتنمية الزراعية والريفية التابعة لبنك التنمية والائتمان.. ملفات الفساد تُفتح تباعاً، وتطهير الوزارة يتطلب وزيراً نظيف اليد، لا يحمل ديوناً لأحد، لم يزامل فاسداً، ولا يخشى نظرة شك تضعف مواجهته، الوزير الجديد يلاحقه 18 بلاغاً، تتعلق بالاستيلاء على المال العام والتستر على الفساد، ما كان يفرض استبعاده، حتى لو تم حفظها.

■ التعليم عانى من الهلالى الشربينى، لكن مناورة «البوكليت»، كادت تبقى عليه.. مؤهلات د. طارق شوقى، أمين عام المجالس التخصصية برئاسة الجمهورية، ورئيس المجلس التخصصى للتعليم والبحث العلمى، فرضته كمرشح، إلا أن نجاحه يظل رهناً بقدرته على إصلاح كافة عناصر العملية التعليمية فى آن واحد «المناهج، المعلم، المدارس»، ومواجهة حرب متوقعة من بيروقراطية الوزارة، ومافيا الدروس الخصوصية، وأصحاب المراكز التعليمية والمطابع، والمدارس الخاصة، التى بدأت باتهامه بمعاداة مجانية التعليم، فى مجتمع تنفق فيه الأسر المصرية قرابة الـ30 مليار جنيه على الدروس الخصوصية!!.

■ د. خالد عبدالغفار، وزير التعليم العالى، اقتصرت خبرته الإدارية على منصب نائب رئيس جامعة عين شمس، وأمانة بعض اللجان بالمجلس الأعلى للجامعات، لكن إنجازه المباشر إنشاء عيادات بالكلية تستقبل 200 مريض يومياً، وتقدم خدماتها بالمجان.

■ رد فعل مغادرة د. أشرف العربى لوزارة التخطيط نموذج لتأرجح المواقف، تصريحاته المنفلتة تسببت من قبل فى إحدى نوبات جنون الدولار، وتبنيه لقانون الخدمة المدنية أثار عليه السخط، ودوره فى وضع خطة مصر للتنمية 2030 أدخله دائرة الترشيح لمنصب نائب رئيس الوزراء تارة، ورئيس الوزراء أخرى.. خروجه أثار الغضب بمجلس النواب، وتساؤلات العامة، عما إذا كان تخلصاً منه كمنافس لشريف إسماعيل!!.

■ وبالنسبة للمحافظين فإن د. محمد سلطان نُقل من البحيرة إلى الإسكندرية.. محمود عشماوى عمل نائباً لمحافظ الجيزة 2011، ثم محافظاً للوادى الجديد 2014، ونُقل مؤخراً كمحافظ للدقهلية!!، أكبر الأخطاء أن يُنقل المسئول بعد أن تعرّف على احتياجات محافظته لمحافظة جديدة يبدأ فيها من الصفر، من نجح بمحافظته لا بد أن يُمنح فرصة للاستكمال.. نادية عبده هى الأوفر حظاً، عُينت محافظاً للبحيرة التى خدمت كنائب محافظ بها.. كل الظروف مهيأة لنجاحها.

أخيراً.. كلمة للبرلمان، الحكومة لم تبلغكم باتفاقات ترسيم الحدود، ولا بمبررات عجز الموازنة، أو اتفاق قرض الصندوق، أو طرح السندات الدولارية ببورصة «أيرلندا».. وافقتم على الوزراء الجدد مجتمعين، رغم وجود توجه قوى لديكم ضد بعضهم، فمتى تمارسون الدور الرقابى الذى نأمله؟!.

 
تعليق واحد

Posted by في 2017/02/27 بوصة غير مصنف

 

المجلس الأعلى للسياحة وسقطات الوزير

20161220040647647

مصر عرفت وزارة السياحة منتصف الستينات، تولاها العديد من الوزراء، اثنان فقط تركا بصمتيهما.. فؤاد سلطان «1985/1993» وضع استراتيجية التنمية السياحية، والبلتاجى «1993/2004» أدار الأزمات، وروج للمقصد المصرى، الباقون افتقدوا إما الخبرة المهنية أو التقاليد البيروقراطية، ومنهم من لم يهتم بغير الكرسى، مثل الوزير الحالى.. استغل رؤية الرئيس بأن «السياحة لما بتقوم، البلد والاقتصاد كله بيقوم»، ووظَّف استجابته لأى دعوة قد تصب فى هذا الاتجاه.. ترؤس رئيس الجمهورية للمجلس الأعلى للسياحة كان حلم القطاع، لكن الوزير أجهضه، القرار الجمهورى بالتشكيل يفرض وجود أمانة فنية دائمة يختارها الوزير، أولى مهامها الإعداد لاجتماعات المجلس، ومتابعة تنفيذ ما يتخذه من قرارات، الوزير لم يشكلها، وأصر على عقد الاجتماع، ما يفسر القصور المخزى فى الإعداد لاجتماع 7 فبراير الحالى، بما لا يمكن تفسيره بمعزل عن التعديل الوزارى، وسعى الوزير لتوظيفه فى تجديد الثقة، وهو ما نجح فيه، ليخسر قطاع السياحة. ما عرضه الوزير وفقاً للأجندة التى أشار إليها المتحدث الرسمى تعكس دلالات صادمة:

استعرض الوزير المؤشرات السياحية لـ2016، ولا ندرى هل التزم بتلك التى وردت بتصريحه لـ«اليوم السابع» فى أول يناير 2017 «عدد السائحين خلال 2016 بلغ 5، 3 مليون، بنسبة انخفاض قدرها 40%»، أم بما صرح به لـ«الأهرام» 8 فبراير الحالى «استقبلنا ٩ ملايين سائح فى ٢٠١٦»!! وهل أشار للتراجع الكارثى فى الإيرادات من 11 مليار دولار/2011، إلى 3.4/2016.. وأن السياحة المصرية تواجه أطول وأعقد أزمة مرت بها، وأن سوء الإدارة ينذر بتحولها لأزمة مزمنة، تهدد بتآكل استثماراتنا نتيجة تراجع الإشغالات، وضعف الصيانة والإحلال والتجديد، وهروب العمالة، وسعى مقاصد أخرى لاجتذاب المستثمرين.. هل أشار الوزير إلى أن تقرير تنافسية السفر والسياحة الذى يستند لمؤشرات تعكس مدى تحقيق المنافع الاقتصادية والاجتماعية المستدامة من قطاع السفر والسياحة وضع مصر فى المرتبة التاسعة عربياً، بعد الإمارات، قطر، البحرين، المغرب، السعودية، عُمان، الأردن، تونس.. كارثة وطنية كانت جديرة بالمواجهة، لكن الوزير يفتقد الرؤية.

التأشيرة الإلكترونية لا ترقى لرفعها للمجلس، ولا تستحق إهدار وقت الرئيس؛ فهى ليست أزمة تتطلب تدخله، ولا إنجازاً يمكن التباهى به، بل مجرد تطبيق لآليات عصرية تأخرنا فيها، رغم أن دويلات صغيرة تستخدمها منذ سنوات.. تسهيل دخول حاملى الجنسيات العربية لدعم التدفق خلال شهور الصيف تحميل أيضاً ودون مبرر على وقت الرئيس، مثل هذه الإجراءات يتم اتخاذها عادة ضمن لجنة تنشيط الحركة السياحية من الأسواق العربية، وما يتعذر عليها يتم رفعه للجنة العليا للتنشيط، وهما اللجنتان اللتان تضمان ممثلين لكل أجهزة الدولة والقطاع الخاص المعنية بالسياحة، لكن الوزير شارك فى تجميد أنشطتهما.. مشكلة تأخر تأشيرات وافدى المغرب العربى لا يمكن أن تحظى بالأولوية، لأن المغرب وتونس من الدول الجالبة وليست مصدرة للسياحة، ووافدو الجزائر يندس بينهم المهربون وتجار الشنطة، ودول المنطقة تعج بحركة العناصر الإرهابية، بعضهم يسعى للعودة من سوريا والعراق، والآخر يبحث عن مهرب خارجى من المتابعات الأمنية، ولا يجوز فى تلك الظروف أن تشدد دول المنطقة إجراءاتها الأمنية، ونحن نستجيب لطلبات مسئول تعكس فقدانه للحس الأمنى.. وضع حد أدنى لأسعار الفنادق مشكلة تدخل فى صميم اختصاص الوزير، لكنه تقاعس عن جمع ممثلى الاتحاد وجمعيات المستثمرين ورجال الأعمال لتحديد سعر، يتم إبلاغه للضرائب للمحاسبة عليه، ضماناً للالتزام.

عرض مشروع مسار العائلة المقدسة باعتباره إنجازاً للوزير أمر مثير للغثيان، فالبلتاجى صاحب المشروع، افتتحه بحفل مهيب على صفحة النيل المقابلة لكنيسة المعادى، بحضور رئيس الحكومة والبابا شنودة، وبوجود الإعلام والفضائيات الدولية، الوزير فى استعراضه الوقح صرح ببدء عملية التسويق للمشروع خلال هذا الشهر، لكنه لم يذكر أمام المجلس أن المسار الذى سيتم التسويق له وجلب السائحين للتعرف عليه ينطلق من بيت لحم إلى غزة، ومنها لمحمية الزرانيق 37 كم غرب العريش، مخترقاً شمال سيناء حتى «الفرما» بين العريش وبورسعيد.. ترى ماذا كان رد فعل الرئيس لو علم تلك الحقيقة، وهو يحشد الجيش والشرطة ليؤمن شمال سيناء من إرهاب تنشق عنه الأرض كل لحظة، لتزرع الموت والدمار.

موضوع «السماوات المفتوحة» الذى يتحمس الوزير لإطلاقه دون قيود، تطبقه مصر بالفعل بجميع المطارات باستثناء بعض الضوابط المفروضة بمطار القاهرة الدولى، التى تنفذها دول مثل إنجلترا على هيثرو، وفرنسا على شارل ديجول، لمنع الشركات الأجنبية من سرقة الحركة، والإضرار بمصالح الشركة الوطنية.. حملة tour and cure لعلاج فيروس سى ضمن برنامج سياحى، بالدواء المدعوم لصالح المواطن المصرى، تطرح التساؤل: هل انتهينا من علاج آخر مريض مصرى يستحق الدعم حتى نبدأ فى دعم السياح الأجانب.. أى سخف هذا؟!

■■■

وتتعدد سقطات الوزير فى كل المجالات.. تجاهل تمثيل رؤساء جمعيات المستثمرين ورجال الأعمال السياحيين، وهم الأقدر على تشخيص مشكلاتهم، الاستثمارات السياحية جلها مبادرات من القطاع الخاص، فكيف يتم تجاهل رؤيتهم وإشراكهم فى طرح الحلول.. لو رجع لملفات وزارته، لاطلع على كيفية مواجهة البلتاجى لأزمة مذبحة الأقصر 1997، وتجاوزها خلال ستة شهور، رغم فداحتها، لم يكتف بالاستعانة بآليات إدارة الأزمة، والتحكم فى الجرعات الترويجية، ومعايير اختيار توقيتاتها وأسواقها، لكنه اعتمد على تعاونهم وتوزيع الأدوار فيما بينهم، وهم أبعد ما يكونون حالياً عن الوزير، لأنه همشهم، حتى فيما يتعلق بتمثيلهم بالمجلس، اقتصر على عنصرين، رغم وعده بأن يكونوا أربعة.

الوزير أهمل هيئة التنشيط، لم يفكر فى الإصلاح الهيكلى، رغم أنها تضم قرابة 750 موظفاً، يفتقد معظمهم المهنية المطلوبة، لم يدخل الهيئة، لم يلتق بقياداتها إلا بعد أربعة شهور من توليه، وأطاح برئيسها بعد شهرين ليعين صديقه ومساعده لشئون التسويق والترويج رئيساً للهيئة!! لم يفكر فى إنشاء سلك سياحى على غرار الخارجية والتمثيل التجارى بضوابط من شأنها ضمان احترافية الحركة والمردود والابتعاد عن أهواء الإدارة وتحكماتها.

المستشارة السياحية مديرة مكتب لندن، رفضت التوقيع على فواتير شركة «JWT» للدعاية المتعاقدة معها الوزارة، لتشككها فى صحة الأوراق المتعلقة بالإعلانات بشوارع لندن، وطلبت مطابقة الإعلانات على المواقع بالفواتير.. الوزير أقصاها وأعادها للقاهرة دون تحقيق، رغم الأضرار الكارثية للشركة.

مآثر الوزير ابتلعت مساحة المقال دون طرح حلول.. عزاؤنا، أن سقطات وزير السياحة، وعثرات وزير الصحة، وشبهات وزير الزراعة.. إلخ، ربما كانت مدعاة لتغيير معايير وآليات الاختيار، وطرح بدائل وحلول أكثر رشادة.

 
تعليق واحد

Posted by في 2017/02/19 بوصة غير مصنف

 

عملية تحرير الموصل وجراح العراق

8eaa4853-0a96-4e51-9299-b4051893564f_16x9_600x338

العراق يخوض حرب التحرير بمجتمع يخرج يومياً فى إضرابات واعتصامات احتجاجاً على الفساد والطائفية.. الأرقام الرسمية للنازحين تتجاوز 3.6 مليون، يواجهون كوارث إنسانية جراء نقص الرعاية.. خلافات داخل البرلمان حول سداد مخصصات «الحشد الشعبى»، رغم سعيه لتصدير شعارات طائفية لمعركة وطن ومستقبل أمة.. أزمات مع إقليم كردستان حول المخصصات المالية لـ«البيشمرجة»، التى رفضت بغداد دفعها بسبب امتناع أربيل عن بيع نفطها عبر المؤسسات العراقية.. مخاوف الطائفة السنية من أن تصبح معركة تحرير الموصل بداية عقاب طائفى للعشائر والقبائل التى هادنت «داعش» نكاية فى حكومة المالكى.. ناهيك عن الأزمات السياسية المزمنة.

رغم جراحه الدامية حشد العراق لمعركة تحرير الموصل قرابة 100.000 مقاتل، تضمها ستة تشكيلات مسلحة؛ قوات مكافحة الإرهاب التابعة للجيش، الشرطة الاتحادية، الشرطة المحلية، الرد السريع، «حرس نينوى»، و«البيشمرجة» الكردية.. المعركة بالنسبة للعراق تعنى الكثير، فهى تمثل تجاوزاً لأكبر قضايا خيانة الأوطان فى التاريخ المعاصر، وبداية لمرحلة مواجهة مصيرية مع كل ما ترتب عليها من نتائج.. معركة طويلة، بدأت 24 مارس 2016، واعتمدت على سياسة «القضم التدريجى للأرض».. استعادة السيطرة على حزام القرى المحيط بالمدينة استغرقت سبعة شهور، لم تكتف «داعش» بتأمينه اعتماداً على عناصر التعطيل التى زرعتها، إنما اعتمدت على توجه لدى السكان المدنيين كشف عنه المسح الذى أجرى بالقرب من حمرين بعد تحريرها أكتوبر 2016، والذى عكس قناعة عامة بأن بعض جوانب الحياة كانت أفضل تحت حكم «داعش» مما كانت عليه قبل ذلك، خاصة فيما يتعلق بالأمن ونظام المحاكم!! افتقاد الحكم للرشادة هو الحاضنة الطبيعية لنمو الإرهاب.

اقتحام مدينة الموصل نفسها لم يبدأ سوى 31 أكتوبر، واقتصر على الساحل الأيسر، تسمية الموصل جاءت من وصلها بين ضفتى نهر دجلة، الذى يشقها لنصفين، الساحل الأيسر والساحل الأيمن، تربطهما خمسة جسور رئيسية، داعش نشرت ما يزيد على 650 سيارة ملغومة منذ بدء العملية، التحالف الدولى عدَّل حملته الجوية لاستهداف معامل التفخيخ، وإحداث صدوع بالطرقات لتبطىء حركة الانتحاريين بما يسمح للقوات البرية بتدميرهم، ما اضطر التنظيم للتسرع فى عمليات التجهيز، على حساب الفاعلية.. غارات الطيران تمكنت من اقتناص 15 من قيادات «داعش» بينهم المدعو أبوعباس أكبر الزعامات بالموصل، وأبوطه مسئول السجون، وأبوحمزة الأنصارى من الجزائر، ومحمود شكرى النعيمى «الشيخ فارس»، «داعش» حاولت تخفيف الضغط على مقاتليها بالهجوم على تكريت والرطبة، لفتح جبهتين بالمحورين الأوسط والغربى، إلا أن العراق تمكن من احتوائهما، واستكمل تحرير الساحل الأيسر نهاية يناير 2017.

العقبة الرئيسية التى واجهت تحرير الموصل هى توقع مفوضية شئون اللاجئين نزوح مليون من سكان المدينة، نتيجة نقص الخدمات الأساسية وانقطاع المياه، وعجز مواد الإغاثة، وعمليات القصف من القوات المهاجمة، والقنص من عناصر «داعش»، فى الوقت الذى تكتظ فيه معسكرات الإيواء، ولا تحتمل المزيد.. العراق واجه الأزمة بدعوة سكان المدينة للبقاء بمنازلهم.. حل مثالى أدى لاقتصار الأعداد على 200.000 نازح، وعجل بفرض الأمن فى الساحل الأيسر، ليعيد 50.000 لمناطقهم المحررة، كمقدمة لإعادة الباقين، وحصيلة ذلك أن الأضرار التى لحقت بالبنية التحتية فى الموصل جراء المعركة أقل بكثير من تلك الناتجة عن معارك التحرير السابقة، مثل معركة الرمادى العراقية أو كوبا كوبانى السورية، ما يعكس حقيقة أن معظم المقاتلين وعائلاتهم يقطنون المنطقة، وعدم إجلائهم فرض الحرص على الجميع، لعدم توسيع دائرة الخراب والدمار والأعمال الانتقامية، حرصاً على أنفسهم.

الهجوم العراقى عمق الشقاق داخل «داعش».. الجناح الممثل للمقاتلين العراقيين فضل الانسحاب، خاصة بعد هروب أفواج المقاتلين الأجانب والعرب لسوريا، ووجود فرص للاختفاء وسط المدنيين، والاحتماء بالعشائر.. خطباء المساجد دعوا للانسحاب صراحة منتصف أكتوبر «من أراد الدولة الإسلامية والخلافة عليه أن ينسحب معنا»، انهيار أقوى دفاعات التنظيم بالساحل الأيسر أمام تقدم القوات العراقية عزز رؤيتهم، ودعاهم للهروب للساحل الأيمن، وأدى إلى أن تدب حالة من الفوضى وانسحابات بالجملة، وهروب العشرات من المقاتلين بعد إخلاء منازلهم والانتقال بسيارات إلى أطراف الموصل باتجاه الطرق المؤدية لسوريا، ما دعا «البغدادى» زعيم «داعش» إلى استنكار الانسحاب وعمليات الهروب الجماعى فى نوفمبر «احذروا أن يستذلكم الشيطان بانحياز عن أرض، أو انسحاب من ثغر.. إن ثمن بقائكم فى أرضكم أهون ألف مرة من ثمن انسحابكم عنها بذلكم».

المشكلة أن خوض الحرب وسط مدن تكتظ بالمدنيين فرض على العراق الاعتماد على قوات مكافحة الإرهاب، التى دربتها أمريكا 2013 لتنفيذ العمليات الخاصة، بحكم قدرتها على مواجهة مقاتلى «داعش» دون اعتماد على التمهيد النيرانى، بالمدفعية أو الطيران، لكن المفخخات والقنص عرضها لخسائر فادحة، بعثة الأمم المتحدة للمساعدة رصدت 1959 شهيداً خلال نوفمبر، المستشار السابق للقوات جنرال متقاعد ديفيد ويتى من القوات الخاصة الأمريكية روى «سمعت عن نسبة تتراوح بين 20% إلى 35% من الخسائر فى صفوف قوات مكافحة الإرهاب.. هذا رقم عالٍ بالنسبة لوحدة نخبوية من ذلك الحجم.. لا أعرف إلى متى تستطيع الاستمرار فى ذلك؟!.. لم يتم تصميم هذه القوات أبداً للخروج وتطهير الضواحى».. رغم نفى الجيش لمعدلات الخسائر المنشورة، إلا أن استمرارها قد يؤئر على معدلات تقدم القوات، نظراً لصعوبة تعويض عناصر النخبة، وعدم قدرة عناصر التشكيلات الأخرى على القتال بنفس القدر من الكفاءة فى تلك الظروف.

معركة الساحل الأيمن ستكون أكثر صعوبة، «داعش» استبقتها بحملة اعتقالات واسعة احتجزت فيها العشرات بتهمة التعاون مع القوات العراقية، وآخرين لرفضهم التعاون مع التنظيم.. المنطقة أكثر اكتظاظاً بالسكان، ما يعوق الاعتماد على القصف المدفعى أو الجوى، وهى مركز لتجمع معظم الأبنية الحكومية، شوارعها القديمة مجرد أزقة لا تسمح بحركة الآليات العسكرية، والحديثة أغلقتها «داعش» بالعوارض الأسمنتية والأنقاض، وزرعت فيها العبوات الناسفة، وعززت شبكة الأنفاق لشن الهجمات المباغتة، ومعدات التفخيخ وتصنيع الأسلحة سحبتها من الساحل الأيسر قبل تعطيل الجسور.. عندما رصدت أقمار التجسس قوافل «داعش» وهى تتجه بسياراتها هاربة من الموصل لسوريا، تنفس البعض الصعداء، لأن ضريبة التحرير لن تكون مرتفعة، ولكن مع بداية المعركة أدرك الجميع أن لـ«داعش» قرابة 10.000 مقاتل من أهل نينوى، معظمهم تتراوح أعمارهم بين 15 و18 عاماً.. لن نكسب المعركة ضد الإرهاب والتطرف الدينى دون حرب شاملة تجتاح العقول، قبل التحصينات، فهل نحن قادرون على خوضها؟!

 
تعليق واحد

Posted by في 2017/02/15 بوصة غير مصنف

 

مصر وقضية التنازل عن «خيوس» اليونانية

29_08_16_09_46_1

بعد شهرين من حكم القضاء الإدارى ببطلان توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية يونيو 2016، وما ترتب على ذلك من تأكيد مصرية جزيرتى تيران وصنافير، طالبت دعوى قضائية أخرى بوقف تنفيذ قرار توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان، بما ترتب عليها من آثار تتضمن التنازل عن جزيرة «خيوس» Xios، واستمرار الجزيرة ضمن الأوقاف المملوكة لمصر!!، ونفاد عقد إيجارها، وتحصيل ريعه السنوى، وعرض الاتفاقية على مجلس النواب.. قصور تعامل الحكومة مع أزمة «تيران وصنافير» أغرى المتصيدين بالتربص، والترويج بوجود تنازلات جديدة، لصالح اليونان هذه المرة، استناداً لمغالطات تاريخية وموضوعية، تفرض التناول، لإيضاح الحقائق.

عندما اندلعت ثورة اليونان ضد الدولة العثمانية 1822، استعان السلطان بمحمد على، والى مصر، الذى أوفد حملة عسكرية بقيادة إبراهيم باشا استطاعت قمع الثورة 1824، فمنحه السلطان حكم جزيرتى «كريت وخيوس».. بعد ضم محمد على للجزيرة العربية والشام وتهديده لتركيا، تضامنت الدول الاستعمارية، وأجبرته على الانسحاب بموجب اتفاقية «لندن 1840»، وأعادت الجزر لسيادة اليونان رسمياً باعتراف دولى، مع الإبقاء على بعض الأوقاف المصرية، التى كانت ملكاً للأسرة المالكة، وأبرزها قصر محمد على والتكية المصرية «الأمريت» وأراضٍ زراعية شاسعة.. اليونان اعترفت بها رسمياً 1900 طبقاً للقانون 1490، مصر أممت أملاك الملك بالداخل والخارج بعد ثورة 1952، بما فيها ما يقع بجزيرة «خيوس»، وضمتها للأوقاف، واليونان قامت بتأجيرها مقابل مليون دولار سنوياً 1997.

■■■

قضية «خيوس» أثيرت بصدد ترسيم الحدود، واستغلال ثروات المنطقة الاقتصادية الخالصة.. ملف احتياطات غاز شرق المتوسط حظرته المخابرات الأمريكية منذ السبعينات، لتجنب انعكاساته على التوازنات الاستراتيجية بالإقليم، ومنع روسيا من الاستفادة منه.. نفذت خطة تدمير دول المنطقة منذ 2006، ودعمت إسرائيل لتستبق الجميع، ما أثمر حقول تمار 2009، «ليفياثان» 2010، «شمشون» 2012، والقبرصى «أفروديت» 2011، أما مصر فقد اكتشفت بئرين تجريبيتين بقطاع نيميد 2004، لكن «رويال دتش شل» تلقت تعليمات بالانسحاب 2011!!.. فاستكملت المهمة اعتماداً على «إينى» الإيطالية، لتكتشف حقل «ظُهر» العملاق أغسطس 2015.. إسرائيل وقبرص واليونان استبقن التنسيق، بطرح مشاريع استراتيجية مشتركة، أبرزها خط أنابيب الغاز «إيست مد»، وكابلان بحريان أحدهما لتصدير الكهرباء «الوصلة الأوراسية»، والآخر للاتصالات.. روسيا حصلت على امتياز التنقيب بالمنطقة السورية، استثمارات اليهود الروس بقبرص تجاوزت 31 مليار دولار، ونسقت أمنياً لحماية منشآت الطاقة، «غاز بروم» وقعت اتفاقاً لمدة 20 عاماً لشراء غاز الحقول الإسرائيلية المُسال، «روس نفط» استحوذت على 30% من حقل «ظهر»، وقطر اشترت 19.5% من «روس نفط»، لتشارك فى غاز المتوسط، تركيا هددت شركات التنقيب، عززت وجودها العسكرى شمال قبرص لـ43.000، واشترت ناقلة بحرية حمولة ألف جندى و150 مركبة، بمليار دولار، وعدلت قواعد الاشتباك، لتفرض شراكتها، صراع ضارٍ دفع مصر لتوقيع إعلانى القاهرة 2014، ونيقوسيا 2015، مع قبرص واليونان لتأمين عمليات التنقيب، وإعادة ترسيم الحدود البحرية بين الدول الثلاث، إضافة لتطوير وتحديث قواتها البحرية والجوية، بما يسمح بالدفاع عن مصالحها على بعد آلاف الأميال من أرض الوطن.

ترسيم الحدود البحرية بين دول المتوسط طرح العديد من الإشكاليات أبرزها طريقة اقتسام ثروات المنطقة الاقتصادية الخالصة بين دولتين متقابلتين، عندما لا يسمح العرض باستغلال كل منهما للحد الأقصى المسموح به وهو 200 ميل من خط الأساس.. مصر تقابل تركيا غرب قبرص، أقصر خط بينهما 274 ميلاً، يقطعه خط يصل قبرص بالشاطئ اليونانى «297 ميلاً»، تركيا تتمسك بأنها الأجدر بالحدود المشتركة مع مصر، باعتبارها المسافة الأقصر، وحاولت إقناع الحكومة المصرية مارس 2012 بترسيم الحدود طبقاً لتصوراتها التى تتعدى على 70 كم من مناطق الامتياز الخاصة بنا، لكن مصر وقعت على اتفاقية قانون البحار الثالثة 1982 -التى دخلت حيز التنفيذ- ضمن 157 دولة، وتلتزم بما تضمنته من حق أى جزيرة فى منطقة اقتصادية خالصة مثل أى بر آخر، ما يعنى أن خط الأساس اليونانى سوف يمتد ليتضمن جزيرة «كاستلوريزو» التى تبعد 160 ميلاً عن قبرص، وهى أقصر مما بين تركيا ومصر، فيصبح التلامس الحدودى من حق اليونان وقبرص، لا مصر وتركيا.

بمجرد بدء التفاوض على اتفاقيات ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان وقبرص بدأ الإخوان وتركيا فى الترويج بأن مصر تبدى تنازلات تتعلق تارة بحقوق السيادة، وأخرى بالممتلكات، وثالثة بحقوق الاستغلال.. وتفاقم ذلك عندما حاولت اليونان استغلال اتفاق ترسيم الحدود مع مصر كمبرر للتخلص من عبء القيمة الإيجارية السنوية للأوقاف المصرية، تحت ضغط ظروفها الاقتصادية، فامتنعت عن سداد إيجار الأوقاف يوليو 2016، ولم تستقبل اللجنة التى أرسلتها الوزارة لحصر أملاكها على الجزيرة، كما لم تمكنها من أداء مهمتها، ما استغله رافعو الدعوى القضائية، وهنا ينبغى إبراز عدد من النقاط الجديرة بالملاحظة:

1- أن المجموعة التى رفعت قضية ترسيم الحدود مع اليونان، هى نفسها التى رفعت الدعوى التى رفضها القضاء الإدارى ديسمبر 2012، والتى طالبت باسترداد قرية أم الرشراش «ميناء إيلات الحالى» من إسرائيل!!، وهى جزء من المجموعة المشاركة فى دعاوى إلغاء ترسيم الحدود مع قبرص والسعودية.. استغلالاً لحق التقاضى، فى الإساءة لعلاقات مصر الإقليمية، على نحو يعوق التعاون، ويعطل استثمار الثروات الطبيعية.

2- اعتمدت دعوى «خيوس» على قيادات بهيئة الأوقاف، ادعت بأن القيمة الإيجارية كانت عن كامل الجزيرة لا عن الأوقاف بها، وخلطت بين مفاهيم السيادة على الأرض، والملكية العقارية، وتجاهلت أن هذه الأوقاف الخاصة لا علاقة لها بالسيادة، ولا تمس قضية ترسيم الحدود.

3- أن القيادات المشار إليها بالأوقاف لا تعنيها مصلحة الدولة، بل إنها رفضت التعاون مع مؤسساتها المعنية، ما دفع محامى هيئة قضايا الدولة فى أول جلسة لمفوضى الدولة المكلفين بدراسة القضية، لمطالبة المحكمة بإدخال هيئة الأوقاف خصماً لامتناعها عن إمداد الهيئة بالمستندات!!، وهو ما دفع المحكمة لإلزام الأوقاف بتقديم المستندات المطلوبة منها، وإعطاء أجل شهر لاختصامها لتقديم عقد الإيجار وبيان كامل بحصر جميع الأملاك المصرية باليونان وإيرادها وريعها.

■■■

الأوقاف المصرية تنتشر بجزيرتى كافللا وثاسوس اليونانيتين، وفى الحرمين الشريفين.. محمد على وضع يده على اليمن، واجتاح بر الشام.. ضم السودان ومنابع النيل، ومنحه السلطان العثمانى الباشوية على جدة، بعد أن قضى على التمرد الوهابى.. فهل رتب ذلك لمصر أى حقوق سيادة حتى ندعى تملك «خيوس»؟!

 
تعليق واحد

Posted by في 2017/02/07 بوصة غير مصنف