RSS

Monthly Archives: سبتمبر 2019

هذا بيان للأصدقاء

1
تمحصت كل التفاصيل المتعلقة بدعاوى الخروج فى تظاهرات باكر لمواجهة المظاهرات المزمعة للإخوان، وأود هنا الإشارة فى عجالة لعدد من النقاط وجدت ان طرحها حالياً بالغ الأهمية:

1. ان دعوات الخروج لدعم الدولة والرئيس تصدر من عناصر وطنية لاموضع للتشكيك فى ولائها، ولكن لكل منهم زاوية رؤية قد يتفق معها البعض، ويختلف معها الآخر.

2. ان هناك عناصر أخرى مضادة تلبست مسوح الوطنية، وتبنت الدعوة، لأنها لاتنشد سوى الفوضى، فقد أدركت ان خلو الشوارع على أنصارهم سيكشفهم، ويوضح ضآلة تأثيرهم.. ومما يؤكد ذلك حرصهم يوم الجمعة الماضية على ركوب موجة إحتفالات الشوارع بفوز النادى الأهلى، رغم تأخر توقيته ليلا، ولولا ذلك ماكان يقدر لهم الخروج.

3. ومما يضاعف من خوف العناصر المضادة يقظة الشرطة المصرية، وتغيير تكتيكاتها، والإعتماد على آليات عمل لاترهقها، بقدر ما تؤدى اليه من نجاح وسرعة فى السيطرة على الوضع والإمساك بالمحرضين.. فراغ الشوارع إذن عدوهم الأول.

4. ان فكرة الحشد والحشد المضاد داخل الدولة لاتعنى سوى عدم الثقة فى قوة الدولة المصرية، وإمتلاك السلطة للقدرة على الحسم السريع.. عندما كان التحدى كبيراً والدولة هشة، طلب السيسى نزولكم.. فى غياب هذا الطلب إتركوا الدولة التى عادت بقوة تتعامل مع الموقف بعيداً عن الفوضى، غداً ينبغى ان يكون كل متظاهر هو ضد الدولة، تتفرغ له الشرطة، وتعامله بما يستحق، لا ان نصيبها بالإرتباك والتشتت بين من يعتلى المنصة، ومن يتمسح بالتحرير.

5. ان نقل الفضائيات ووكالات الأنباء لصور وأخبار الحشود، وسط إدعاء الإخوان دائما بأنها موالية لهم وضد النظام، فضلاً عن تلاعبها فى الصور لتضخيمها.. كل ذلك لايعنى سوى إبراز مظهر الفوضى وعدم الإستقرار بهدف إجهاض حركة السياحة التى بدأت فى العودة على إستحياء.

6. موضوع المنصة التى تم تشييدها على عجل بطريق الأوتوستراد والمواد التموينية التى تم توزيعها فى بورسعيد، قامت بها أحزاب سياسية، لا تفتقر للشعبية فحسب وانما تفتقر الى الحكمة، فهى تلجأ لنفس اساليب الإخوان الرخيصة فى الحشد، والتى تسىء الى دولة قوية ورئيس ناجح.

7. كنا نتخوف على الدولة من ركوب الصعب الذى خشاه رؤساء مصر السابقين، وهو الإصلاح الإقتصادى، لأن مردوده الأساسى يتحمله المواطن الشريف، فى مرحلة المعاناة، وكذا فى مرحلة الرخاء، ولكن سرعة الإندفاع وراء النجاح، وحدود الخبرة السياسية لبعض أعضاء الحكومة، تركا مجالا لتذمر بعض الفئات، هذا موضوع يفرض تناول صريح وموضوعى يستهدف إحتواء السلبيات، لكن ذلك ليس وقت تناوله.

فلنبتعد عن مظهر الفوضى والفوضى المضادة.. ولنحافظ على استقرار الدولة، وصورتها أمام العالم، وقدرتها على الجذب السياحى.

جمال طه

26 سبتمبر 2019

 
أضف تعليق

Posted by في 2019/09/26 بوصة غير مصنف

 

استهداف «أرامكو» والتوافق الإيرانى الأمريكى

591

خفايا قصف البنية الأساسية للنفط السعودى

ترامب كان يدرك جيدًا أن إيران لن تستهدف القوات الأمريكية فى الخليج، ردًا على تصعيد العقوبات ضدها، ومنعها من تصدير النفط، لكنه توقع تنفيذها التهديد الخاص بوقف ضخ النفط السعودى للخارج.. إيران استبعدت إغلاق مضيق هرمز فى ظل الوجود العسكرى الغربى المكثف، وجهود تشكيل تحالف دولى يضمن حرية الملاحة، فاستهدفت البنية الأساسية للنفط فى المملكة، وحاولت إضعاف قدراتها الإنتاجية.. ضرب أصول شركة «أرامكو» السعودية العملاقة هدف توافقت عليه مصالح إيران وأمريكا.. أن يتوافق العدو والحليف على استهداف المملكة، هو «أم المصائب»!.. ما يفرض توضيح مبرراته ونتائجه.

المملكة حولت «أرامكو» لـ«شركة مساهمة»، تمهيدًا لطرح ٥٪ من أسهمها للاكتتاب العام ٢٠٢٠-٢٠٢١، أصول الشركة قدرت قيمتها بـ٢ تريليون دولار، وقيمة الطرح الأولى ١٠٠ مليار دولار، تدعم طموحات خطة التنمية السعودية ٢٠٣٠، وتحقق رقمًا قياسيًا يفوق الـ«٢٥ مليار دولار» التى حققتها «على بابا جروب» الصينية ٢٠١٤.. الحدث ضخم زلزل الأسواق المالية العالمية، وفرض تدخل الإدارة الأمريكية، خاصة أن مجلس إدارة «أرامكو» رفض طرح الأسهم فى «بورصة نيويورك»، تجنبًا للمخاطر القانونية، المتعلقة بقانون «جاستا»، وإمكانية توظيفه للاستحواذ على العائدات، إضافة لأطماع ترامب الصريحة فى أموال الخليج، مما يفسر قرار البدء بالطرح فى «بورصة الرياض»، لترويج نسبة ١-٣٪ بالسوق المحلية قبل الطرح بالسوق الدولية، لرفع قيمة الأسهم، وتوليد طلب عليها.

شركات الطاقة العالمية، وجزء ضخم منها أمريكى، تتخوف من طرح أسهم «أرامكو».. بيتر كولمان رئيس «لوودسايد الأسترالية» حذر من امتصاص الحصة المطروحة للسيولة من شركات الطاقة المنافسة، حيث سيعيد المستثمرون توزيع الأموال بمحافظهم لصالحها، وأرى أن الطرح سيجتذب حصة الاستثمارات التى كانت تتجه تقليديًا لسندات الخزانة الأمريكية، وشركات النفط والغاز الصغيرة والمتوسطة بأمريكا.
***
تحمست للتدخل السعودى باليمن منذ بدء «عاصفة الحزم»، أملًا فى كسر الحصار الذى تفرضه إيران على المملكة، لكننى ندمت عندما فشل حصار الميليشيات الحوثية، فتحولوا بالدعم الإيرانى إلى جيش ودولة، على جزء غالٍ من اليمن، أصبح قاعدة إيرانية تهدد باب المندب، وخنجرًا فى خاصرة المملكة.. أداة هذا التحول الاستراتيجى لم تكن الصواريخ البالستية، وإنما الطائرات المسيرة «الدرونز»، وصواريخ الكروز البسيطة، وهما سلاحان هجوميان يتجهان نحو التماثل، باستثناء اختلاف القدرة التدميرية لكل منهما.. هذان السلاحان الهجوميان أحدثا ثورة فى استراتيجيات الهجوم بالعالم، وأضرا بشبكات الدفاع الجوى، وذلك جدير بالتناول.

إيران بدأت التصعيد معتمدة على عملائها الحوثيين باليمن، ولكن بسلاحها وخبرائها، وبنك الأهداف الخاص بها.. سبع طائرات «درونز» استهدفت محطتى الضخ لخط أنابيب «أبقيق – ينبع» بمحافظتى الدوادمى وعفيف بمنطقة الرياض، التابع لـ«أرامكو» ١٤ مايو الماضى، وأحدثت كسرًا بعرض ٤ أمتار فى الأنبوب الرئيسى الذى تبلغ مساحة عرضه ١١ متر٢، فى تطور نوعى غير مسبوق لدقة إصابة الهدف، ما أدى إلى توقف الضخ لميناء التصدير فى ينبع.

الهجوم على «حقل الشيبة» النفطى ١٤ أغسطس تم بعشر طائرات «درونز»، استهدفت الحقل ومصفاة الإسالة والخزانات التابعة لـ«أرامكو»، وأشعلت فيها النيران.. اختيار الحقل استهدف تهديد الإمارات، التى يقع على حدودها مباشرة، لسرعة الانسحاب من اليمن.. المسافة بين صعدة والشيبة قرابة ١٢٠٠ كيلومتر مما يعكس حجم تطور «الدرونز» الإيرانية، من حيث بُعد المسافة ودقة التصويب.

الهجوم على «مصفاة أبقيق» أكبر مجمعات النفط فى العالم التابعة لـ«أرامكو»، وثانى أكبر حقل نفطى فى المملكة «هجرة خريص»، وقع فى ١٤ سبتمبر، استهدف ١٩ نقطة، باستخدام ١٥ طائرة مسيرة، سبقتها ثلاث طائرات لاستكشاف الطريق وتعديل المسارات، و٧ صواريخ كروز.. أصابت الحقل و١٤ خزانًا للنفط، تقع فى الاتجاه الغربى والشمالى الغربى، مما يؤكد قدومها لأول مرة من الأراضى الإيرانية، مرورًا بالعراق والكويت، حيث رصدتها الأخيرة قادمة من البحر.. حلقت فوق العاصمة، ووصلت إحداها إلى مقر الأمير بدار سلوى، على ارتفاع ٢٥٠ مترًا، ثم أضاءت كشافاتها لمدة دقيقة وغادرت، بعد عملية تصوير جوى صريحة، لتعزيز بيانات بنك الأهداف، التى قد تستهدفها مستقبلًا.. وهو مؤشر ينذر بأطماع طهران فى كامل منطقة الخليج.

«أرامكو» فى أعقاب الهجوم، ورغم تراجع الإنتاج إلى نصف معدلاته، لم تعلن «الظروف القهرية»، بل سحبت كميات ضخمة من المخزون خصصتها لتلبية التعاقدات، وسلمت النفط المتوسط والثقيل كبديل لنسبة من النفط الخفيف، إثباتًا لقدرتها على الوفاء بالتزاماتها التصديرية، والحفاظ على سمعتها الدولية، وضمان عدم تأثر القيمة المالية المقدرة لأصول الشركة خلال مرحلة الإعداد لطرح الأسهم.. وكلفت «مجموعة يو. بى. إس» و«بنك دويتشه» بإدارة دفاتر الطرح، لتعكس الجدية والثقة.. وترجمت كل ذلك على الأرض بتوظيف قدراتها المهنية والتقنية فى استعادة قرابة نصف الإنتاج المفقود بعد أسبوع واحد من الهجوم.. كل ذلك لا ينفى بالطبع أن الهجمات طرحت مخاطر تتعلق بأمن منشآت الشركة، وتأثيرها السلبى على الإنتاج، مما يرفع التكلفة التأمينية لأصولها وأنشطتها، ويمس قيمتها السوقية العامة.

الصراع الأمريكى الإيرانى مجرد خلاف بين حلفاء قدامى اعتادوا تقاسم الأدوار والمصالح بالمنطقة.. المواجهة الراهنة تتعلق بخلافات على الشروط.. أمريكا أوقفت صادرات النفط الإيرانى فى عملية لى ذراع لتعديل الاتفاق النووى، فاستهدفت الذراع الأخرى أصول «أرامكو»، ما حقق لأمريكا مصلحة مالية كانت لا تدرى كيفية إنجازها.. إلا أن استخدام «الدرونز» كأداة ناجحة للهجوم، أصاب نظام الدفاع الجوى الأمريكى «باتريوت» فى القلب، فالرادارات عجزت عن رصدها، ومحركات الصواريخ بدأت فى العمل على الأرض قبل الانطلاق لبضع ثوانٍ كانت كافية لتضييع الأهداف، بخلاف المنظومات الروسية التى تنطلق من الأرض أولًا ثم يبدأ المحرك فى العمل.. وهناك خلل جسيم بين تكلفة «الدرونز» بين ٣٠٠ و٣٠٠٠ دولار، وصاروخ يتجاوز ٣ ملايين دولار.. الوجود العسكرى الأمريكى بالخليج رهان على الردع، لا يواجه ما حققته «الدرونز» من ثورة فى مجال أسلحة الجو الهجومية، ولم يشرع فى ثورة مقابلة بصناعة الرادارات، والأسلحة المضادة.

ثورة «الدرونز» تتعلق بسلاح استراتيجى.. غير قواعد الاشتباك، وقلب توازنات القوى، ونقل الحرب إلى المدن والأهداف الحيوية بدقة أشبه بمشرط جراح.. والأهم أنها فى بداية مراحل تطويرها.. أفقها متسع، وتكلفتها محدودة.. كل القوى الإقليمية المحيطة خاصة إسرائيل وتركيا وإيران، تنتج وتطور «الدرونز» كسلاح رئيسى، وبدور رائد على مستوى العالم، وإسرائيل تطور «مدفع الليزر» أهم الأسلحة الجديدة المضادة لها.. تلك فرصة ذهبية لأن نبدأ الآن، وليس غدًا، فى التطوير الذاتى لواحد من أخطر أسلحة المستقبل، يتصدر جيلًا جديدًا من أسلحة الردع الفعالة والرخيصة.

 
تعليق واحد

Posted by في 2019/09/26 بوصة غير مصنف

 

سد النهضة و«المماطلات» الأثيوبية

سد النهضة

«أبى أحمد» ردد خلف الرئيس السيسى، بالقاهرة ١٠ يونيو ٢٠١٨، قسمًا بالحفاظ على حصة مصر من المياه، وعدم الإضرار بشعبها.. ربما كان صادقًا!، لكنه كان قد تبوأ رئاسة الحكومة الإثيوبية أواخر مارس، مدعومًا بأغلبية الأورومو والأمهرية، مُطيحًا بأقلية التيجراى، التى احتكرت السلطة منذ حكم زيناوى ١٩٩١، رغم أنها ٦٪ من عدد السكان، وتحوز ٩٥٪ من المناصب الرئيسية بالدولة.

بمجرد عودته لبلاده تعرض لمحاولة انقلابية فاشلة ٢٢ يونيو، أعقبها اغتيال سيمجنو بيكيلى مدير مشروع «سد النهضة» ٢٦ يوليو، ومحاولة أخرى لاغتياله ١٠ أكتوبر.. التيجرانية تحمل كرهًا تاريخيًا لمصر، وتعتبرها العدو المركزى، حتى فى كتب التاريخ.. المدافع التى غنموها فى معركة «جوندت»، إبان حملة الخديو إسماعيل، وضعوها تذكارًا بميدان أكسيوم، وأطلقوا اسم «جوندت» على أرفع وسام عسكرى، و«مبارك» تعرّض للاغتيال بأديس أبابا يونيو ١٩٩٥.. مواقع المسئولية وصنع القرار تكتظ بقاعدة واسعة من كارهى مصر.. تعرقل أى توافق ثنائى، وتسعى لإعاقة تنفيذ السد.

إثيوبيا جمدت عمل «مجموعة الدراسات العلمية» التى تشكلت لتقديم توصيات موضوعية لملء الخزان، وتنمية الموارد المائية.. اندلاع الثورة فى السودان وعزل البشير أوجدا مبررات لتجميد المفاوضات.. إضافة لتغيير إجراءات وعقود الشركات الأجنبية العاملة فى السد، وتنحية المتورطين فى الفساد، والمسئولين عن التأخير.. القلق دفع مصر لتقديم مقترح فنى لحل الأزمة يوليو الماضى، يقوم على التعاون فى ملء وتشغيل السد على مدار سبع سنوات، وزير الرى زار الخرطوم وأديس أبابا لعرضه، وطلب التوصل لاتفاق عاجل خلال اجتماع سبتمبر، لأن المكتب الفرنسى فى حاجة إلى عام بعد الاتفاق، لاستكمال دراساته، بينما يبدأ تشغيل السد وتوليد الكهرباء قبل نهاية ٢٠٢٠، ما يعنى أن «المماطلة» الممتدة منذ سبع سنوات، أضحت تشكل خطرًا داهمًا على مصالحنا القومية.

الخارجية المصرية أطلعت سفراء الدول الأوروبية على مستجدات الأزمة، وشكت من طول أمد المفاوضات، ومحاولة فرض رؤية أحادية.. وسامح شكرى أحاط وزراء الخارجية العرب بها، وطالب بموقف موحد من «مراوغات» إثيوبيا.. ووزير الرى حذر من تهديد أمننا الغذائى، لأن خفض ٢٪ من حصتنا يؤدى لبوار ٢٠٠.٠٠٠ فدان، تعول مليون فرد.. مصر تحشد الدعم الخارجى، لفرض حل وسط قبل تحول الموضوع إلى قضية أمن قومى «ملحة».. إثيوبيا أدركت ذلك، فتراجعت خارجيتها مؤكدة أن ملء الخزان قد يستغرق ٥ أو ٦ سنوات.. لكن ذلك لا يكفى.

اجتماع القاهرة ١٥ و١٦ سبتمبر الجارى لم يتطرق للجوانب الفنية، واكتفى بمناقشة جدول الأعمال والجوانب الإجرائية!، نتيجة لرفض إثيوبيا مناقشة المشروع المصرى، وتقرر عقد اجتماع للمجموعة العلمية بالخرطوم ٣٠ سبتمبر- ٣ أكتوبر لبحثه، يعقبه لقاء وزراء المياه ٤ و٥ أكتوبر لإقرار مواضع الاتفاق على قواعد الملء والتشغيل.

استكمال أسباب التشدد الإثيوبى يشير بالضرورة لزيارة «أحمد» لإسرائيل مطلع سبتمبر الجارى، وتأكيده عدم الالتزام بقواعد ملء وتشغيل السد، الواردة بإعلان المبادئ مارس ٢٠١٥.. المحللون فسروه «استقواء» بإسرائيل، بعد نشر موقع «ديبكا» المرتبط بالمخابرات، أن طواقم من شركة «رفائيل» للصناعات العسكرية نصبت أنظمة دفاعية Python and Derby حول السد، اعتمدت على شاحنات من وحدة صواريخ الصناعات الجوية، وأنظمة رادار من شركة «التا».. لكن الصناعات العسكرية الإسرائيلية نفت ذلك، والحكومة أكدت أن الاتفاقيات اقتصرت على التعاون الاقتصادى، ونفت اتخاذ أى خطوات تمس علاقاتها بمصر.. موقف جيد، لكنه يفرض مزيدًا من التدقيق والمتابعة.

والحقيقة أن الزيارة تمت تلبية لمسعى إسرائيلى، ضمن حملة الدعاية الانتخابية التى نفذها نتنياهو، لاحتواء التداعيات السلبية للاحتجاجات العنيفة ليهود الفلاشا «٢٪ من سكان إسرائيل»، بعد مقتل شاب بمعرفة شرطى فى تل أبيب.. ارتداء «أحمد» غطاء الرأس اليهودى أغضب العرب والمسلمين، لكنه وجه رسالة للفلاشا بإغلاق الملف، تجنبًا لتعكير صفو العلاقة مع الحليف الإسرائيلى، الذى قدم الدعم اللوجستى والمالى والفنى للسد، وما زال يعول عليه لاستكماله.

دور السودان فى الأزمة كان أحد مبررات التشدد، إثيوبيا تعتمد اقتصاديًا على موانئه، وتستورد منه بين ٥٠٪ و٨٠٪ من الوقود.. البشير دعمها خلال المفاوضات، تحقيقًا لمكاسب إضافية، ولإضعاف الموقف المصرى، والإبقاء على خلافاته مع إثيوبيا.. بعد سقوط البشير لعبت إثيوبيا الدور الرئيسى فى الوساطة بين المجلس العسكرى وتحالف قوى الحرية والتغيير، للاحتفاظ بالسودان كصديق، إن لم يظل حليفًا.. ضمانًا لاستمرار اتفاقيات التعاون، خاصة اتفاق الدفاع المشترك، وشراء السودان الكهرباء المولدة من السد، والتى بات يهددها انفتاحه على مصر، وتوقيعه الاتفاق الربط الكهربائى معها.. ولعل ما حظى به «أحمد» من ترحيب الجمهور السودانى، والقادة الأفارقة، أثناء مراسم توقيع الاتفاق النهائى للإعلان الدستورى، يؤكد نجاحه فى تحقيق ذلك.

التشدد الذى تمارسه إثيوبيا تجاه مصر، يتناقض مع سياسة «صفر مشاكل» التى يتبناها «أحمد» فى علاقاته الخارجية، والتى يطبقها فقط مع حلفاء مصر بالمنطقة!، وقع مع إريتريا الجارة اللدود اتفاقية جدة للسلام سبتمبر ٢٠١٨، لينتهى أطول نزاع عرفته القارة الإفريقية.. وقام مع أوغندا، دولة المنبع الآخر للنيل، بدور وساطة بين الرئيس سلفا كير وقائد المتمردين رياك مشار، لإنهاء النزاع جنوب السودان، حاضنة النيل الأزرق، الذى تعول مصر على تنمية حصتها منه، واستضاف توقيع اتفاقية السلام بأديس أبابا.. ديناميكية الدبلوماسية الإثيوبية تلفت النظر، واستهداف مراكز اهتمام المصالح المصرية، لتحييدها، يثير الدهشة، والإيقاع الرخيم لحركة الخارجية المصرية يفرض المراجعة.

سياسة استهلاك الوقت الإثيوبية ربحت شهورًا نتيجة تجميد مصر المفاوضات نوفمبر ٢٠١٧، ردًا على رفض إثيوبيا والسودان تقرير المكتب الاستشارى الفرنسى بشأن أعمال ملء السد وتشغيله، استفزاز مصر حاليًا يراهن على غضبها، لاستهلاك المزيد، مما يعتبر مضيعة لمصالحنا.. مصر ينبغى أن تبادر بالدعوة لقمة ثلاثية، لتفعيل الاتفاق الثلاثى فبراير ٢٠١٩ بإثيوبيا، والذى يقضى بملء خزان السد بـ٤٥ مليار متر مكعب خلال ثلاث سنوات، تتحملها مصر والسودان مناصفة، بواقع ٧.٥ مليار م٣ سنويًا لكل منهما، فهو ينتزع اعترافًا بحصتنا السنوية «٥٥.٥ مليار م٣»، ويختزل أضرار عملية الملء فى توقف زراعة الأرز، واستيراده بتمويل من البنك الدولى، خصمًا من عائدات كهرباء السد.

الحقيقة الأهم التى نغفلها، هى أن سد النهضة جزء من مشروع أكبر، يشمل سدودًا أخرى مكملة «كارادوبى، بيكو أبو، مندايا» سعتها الإجمالية ٢٠٠ مليار متر٣، يستهدف السيطرة على كل واردات المياه، وإعادة تصديرها بالمقابل المادى.. مشروع جنوب شرق الأناضول، وسد أتاتورك الكبير بملحقاته جفَّف نهرى الفرات ودجلة جزئيًا، وحرم سوريا والعراق من معظم مواردهما المائية، متابعة الإنشاءات على نهر النيل ضرورة حتمية، تجنبًا لمفاجآت، لن تدع مجالًا لتفاوض، أو وساطة، أو مجاملات على حساب أمننا القومى.

 
تعليق واحد

Posted by في 2019/09/21 بوصة غير مصنف

 

«مملكة الجبل الاصفر».. خفايا المؤامرة

صباح الخير 17 سبتمبر 2019

في عيد ميلاد ابنته السابع، سافر المواطن الأمريكى «جيرمى هيتون» آلاف الأميال ليرفع على منطقة «بئر طويل»، علم أزرق يحمل أربع نجوم وتاجاً وتلالاً صخرية، ويتوج نفسه ملكاً على «مملكة شمال السودان»، لتصبح إبنته إيميلى «أميرة»، كما تمنت عليه يوماً!!، حدث ذلك فى 16 يونيو الماضى، قبل خروج «نادرة ناصيف» المحامية الأمريكية من أصل لبنانى، على هامش مؤتمر عقد فى أوكرانيا 5 سبتمبر الجارى، لتعلن نفسها رئيسة لحكومة «مملكة الجبل الأصفر»، التى تأسست فى «بئر طويل»، مع تغيير العلم ليصبح أخضر اللون، يحمل رمز النخلة مع عبارة «بسم الله الرحمن الرحيم»، دلالة على إسلاميتها!!.. سيناريو مخابراتى ساخر، يعيد مسرحية إنشاء الدولة العبرية، ولكن بثقة أكبر، نتيجة لنجاح التجربة السابقة.

الروايات الساترة للمؤامرات تتشابه عادة، فكما قدمت بريطانيا والبارون اليهودي الألمانى موريس دي هيرش مقترحات بتأسيس وطن قومي لليهود فى الأرجنتين أو أوغندا أو فلسطين، الى تيودور هرتزل مؤسس الصهيونية 1886، ليقع إختياره على الأخيرة، التى كانت فى الحقيقة إختيارهم الوحيد، فإن «هيتون» بحث عن أرض لا تتبع أى دولة في العالم!!، وانتهى الى بديلين؛ الأول في القطب المتجمد الجنوبى.. والثاني فى «بئر طويل»، بإمتداد الصحراء النوبية شمال السودان، فاختار الثانية، وكانت فى الواقع إختياره الوحيد أيضاً.. ليدخلها رافعاً علم «مملكتة»، ويصدر عملة معدنية خاصة، كتب عليها باللغتين العربية والإنجليزية.

إجتماع أوكرانيا
حاولت سبر أغوار مؤتمر أوكرانيا، الذى نفى وجوده جُل المحللين السياسيين، فوجدته حدث بالفعل.. لكنه إجتماع متواضع عقد فى فندق لوندنسكيا الشهير بمدينة «أوديسا» الساحلية جنوب أوكرانيا، تحت عنوان «تفاقم اوضاع اللاجئين والمهاجرين وعديمى الجنسية فى العالم، وسبل حل المشكلة»، شارك فيه ممثلون عن الحكومة الاوكرانية ومكتب الامم المتحدة، وسفارتى الاتحاد الاوروبى والفاتيكان ومنظمة الامن والتعاون، وعدد من ممثلى السفارات المعتمدة بالعاصمة كييف.. نظمه كيان مجهول يحمل إسم «منظمة الدرع العالمية لحماية حقوق وحرية المواطن».. يرأسها صالح محمد ظاهر.. بحثت عنه وتاكدت من عضويته بالاتحاد العام للصحفيين والكتاب الفلسطينيين فرع سوريا، مايؤكد أصله الفلسطينى.. يحمل مؤهل قانونى.. يشغل عدة مناصب إستشارية بالداخلية والنيابة العامة الأوكرانية، مايؤكد حصوله على الجنسية، إضافة للإقامة الدائمة.. وهو مؤسس للعديد من الكيانات الدولية الوهمية مثل: اتحاد الصحفيين والكتاب الدولى ««jujw، جمعية وجريدة السلام، وكالة أنباء صوت العالم.. كما أنه ممثل للجالية العربية فى أوكرانيا، وحاصل على عدد من الأوسمة وجوائز التقدير من الحكومة.

الغريب ان صالح زار مصر فى نوفمبر 2018، وكان فى إستقباله احمد الفضالى رئيس الاتحاد العام لجمعيات الشبان المسلمين، بصفته حاملاً للقب «سفير الامم المتحدة لمواجهة الجوع»، وقد صحبه فى زيارة مجاملة لفضيلة الدكتور شوقي علام مفتى الديار المصرية.

فى كلمته خلال إجتماع أوديسا دعى صالح مجلس الامن لتطبيق قرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 194 لسنة 1948 الخاص بعودة اللاجئين الفلسطينين الى «ديارهم»، وأبدى إهتماما باللاجئين من سوريا والعراق، ولم يذكر شيئاً عن «المملكة المزعومة»، ولا عن توطين اللاجئين بأماكن بديلة لديارهم.. والحقيقة اننى شعرت للوهلة الأولى اننا بصدد نشاط غامض، لشخصيات كرتونية، تتستر خلفها أنشطة مخابراتية تعرف كيف توزع الأدوار، وتدير المؤامرات، وان مايحدث أمامنا فى الظاهر مجرد بالون إختبار، لعمل أعد له جيداً، وفى إنتظار الحصول على إشارة البدء لتتحرك المنظومة فى الموعد الذى حددته رئيسة الحكومة بداية 2020.

من وراء تأسيس «المملكة»؟!
بعض التحليلات جنحت الى وجود علاقة بين نشأة «المملكة» والسعودية، مستندين الى عاملين، الأول ان الدكتور عبد الإله اليحيا مستشار الشئون الجيوسياسية لحكومة «المملكة المزعومة» سعودى الجنسية، شارك فى وضع خطة تجنيس اللاجئين والمهاجرين العرب والمسلمين، والتى تستهدف الوصول بعدد السكان الى 21 مليون نسمة بنهاية 2040، وهو الذى أكد ان «المملكة» تحظى بدعم دولى وعربى وآسيوى كبير، لما تحمله من اهداف تنهى أزمة اللاجئين التى تعاني منها أوروبا وأمريكا وكندا والشرق الأوسط.. والثانى ان «جامعة الشعوب العربية» التى يرأسها رجل الأعمال السعودى يوسف الراجحى، تعتبر أحد مصادر دعم «المملكة»، وان اللواء عصام الشافعى أمين عام الجامعة -لاتربطها أية علاقة بالجامعة العربية- شارك فى الإعلان عن تأسيس «المملكة».

والحقيقة ان تلك ليست قرائن يمكن الإعتداد بها، لأنها مواقف وإرتباطات شخصية، لاعلاقة لها بجنسية صاحبها الأصلية، خاصة وان علاقات الرياض بالقاهرة والخرطوم على المستوى الإستراتيجى، لايمكن ان تسمح بمجرد التفكير فى وجود مثل هذا الدور، ولايمكن فى نفس الوقت ان نتجاهل ان «ناصيف» رئيسة حكومة «المملكة»، كانت تلقى بيان التأسيس ومن خلفها أعلام الولايات المتحدة وكندا وأوكرانيا، مما يؤكد إضطلاعهم بالدور الرئيسى فى الدعم، وهو مايؤكده ان سلاح المهندسين الأمريكى بدأ فى وضع خريطة طبوغرافية لمنطقة «بئر طويل» منذ 1960، مايعكس أهميتها الإستراتيجية.

مقترحات غير مقبولة
بعض الأصدقاء من الكتاب والمفكرين قللوا من اهمية الحدث، إستناداً الى انه ينبغى ان تتوافر إشتراطات رئيسية لإنشاء الدولة، اولها وجود شعب دائم يسكن المنطقة، والحصول على إعتراف الدول المجاورة، وترسّيم حدودها معها، وتشكيل حكومة تمتلك صلاحية توقيع الإتفاقات والمعاهدات، وإدارة علاقاتها الدولية.. والحقيقة ان ذلك غير صحيح، فعصابات «الهاجاناة» أسست دولة إسرائيل، ولديها حكومة تمتلك كل الصلاحيات للتعامل الدولى، على ارض يسكنها شعب فلسطين، رغم انها لم تحصل على إعتراف جيرانها ولم ترسّم حدودها، وفرضت كيانها كحقيقة قائمة، لايملك الجميع سوى التواءوم مع وجوده.. فكيف لنا ان نستهين بـ«المملكة» المزعومة، والغرب الذى دعم «الهاجاناة»، يقف الآن خلفها؟!.

البعض الآخر يرى ان خطورة إعلان «المملكة» يفرض سد الثغرات التى نشأت نتيجة لإستمرار مشكلة حلايب، لذلك إقترحوا المبادرة بقبول الدعوة الى التحكيم!!.. والحقيقة ان هذا الإقتراح جانبه الصواب، قأرضنا ليست موضوعاً للتحكيم الدولى، والقياس على اللجوء للتحكيم فى مشكلة «طابا» يتصف بالفساد، لأن طابا كانت أرضاً محتلة ضمن شبه جزيرة سيناء.. حررنا الضفة الشرقية للقناه بالحرب، وباقى سيناء بالمفاوضات الدبلوماسية، ولم تبق سوى طابا، التى تمسكت إسرائيل بتسويتها من خلال التحكيم.. راهنوا على رفضنا له، ففوتنا عليهم الفرصة، وقبلنا التحدى، واعتبرناها معركة وطنية تستكمل ماتم إنجازه بالحرب والمفاوضات السياسية، واستردينا أرضنا.. هذه حالة فريدة، فى ظروفها وملابساتها، وغير قابلة للتكرار.

المؤامرة
لست ممن يطرحون الزعم بالمؤامرة على عواهنه، لكن توقيت إثارة موضوع «المملكة» لايدع مجالاً لنفى الفكرة، فهى تأتى أولاً فى اعقاب التوصل لإتفاق بين المجلس العسكري الانتقالى وقوى إعلان الحرية والتغيير فى السودان، ما يمكن ان نفسره بمحاولة إعادة تفجير الموقف بالسودان من ناحية، واثارة ازمة فى علاقته بمصر، الداعمة للنظام الجديد من ناحية أخرى.. وتتم ثانياً بعد نجاح العملية الشاملة «سيناء 2018» فى إفشال خطة تحويل سيناء الى وطن لتجميع قرابة 30 الف من إرهابى العالم، وبالتالى فهى تأتى كبديل.. وثالثاً ظهور بشائر انتصار الجيش الوطنى الليبى فى معركته ضد ميليشيات السراج المدعومة من تركيا وقطر فى طرابلس، والتى ستمنع إتخاذ ليبيا موقعاً لتموضع الإرهابيين بعد انتهاء الحرب السورية، مايفرض سرعة تدبير البديل.. ورابعاً إمكانية توظيف «المملكة» لإستقبال من يتم ترحيلهم من المهاجرين غير الشرعيين فى أوروبا حال رفض عودتهم لبلادهم.. ولايمكن ان نغفل خامساً ان أحد مرتكزات خطة كوشنر «صفقة القرن» هو إيجاد موضع لإستيعاب اللاجئين الفلسطينيين، حتى يتسنى تصفية القضية، كان التعويل على شمال شرق سيناء، لكنها إستُبعدت لتمسك مصر بكل ذرة من ترابها، فلماذا نستبعد «المملكة» المزعومة كموطن بديل للفلسطينين، وقاعدة لتمركز فلول التنظيمات الإرهابية، إستعداداً لمناكفات جديدة ضد مصر، ودول الشمال الأفريقى؟!.

المواجهة
الثغرة التى يمكن النفاذ منها لإنجاح مؤامرة «المملكة» المزعومة هو الخلافات المصرية السودانية.. الحدود السياسية لمصر مرسّمة بمقتضى اتفاق 1899، ومطابقة لخط عرض 22° شمالا، مما يضع مثلث حلايب داخلها، وبئر طويل خارجها، اتفاقية الحدود الإدارية 1902 سمحت للسودان بالتواصل مع قبائل حلايب، نظراً لعلاقات القربى التى تربط بعضهم بالقبائل السودانية.. مسألة بسيطة، شديدة الوضوح، تحولت الى خلافات بإيعاذ من التنظيم الدولى للإخوان.. مصر ينبغى ان تنسق مع السودان لتأمين «بئر طويل» وإحباط المؤامرة التى تهدد أمنهما القومى.. مراعاة الظروف السياسية الراهنة للسودان، قد يفرض تحمل مصر عبء التدخل، إستناداً إلى ماترتبه إتفاقية 1902 من وضع منطقة «بئر الطويل» تحت إدارتها، بإعتبارها منطقة رعى لقبيلة العبابدة المصرية، وهو يقابل التسهيلات المصرية الممنوحة للسودان، فى إطار علاقات الجيرة والود، وعلى رأسها السماح بوجود تشكيل رمزى بحلايب.

الأهم من كشف أبعاد المؤامرة، المبادرة بإجهاضها، وألا نتأخر، حتى لا تفرض واقعاً جديداً.. تُرى، هل وصلت الرسالة؟!.

 
تعليق واحد

Posted by في 2019/09/16 بوصة غير مصنف

 

إسرائيل ومحاولات الاندماج القسرى بالمنطقة

DngZvXGUcAAHc6s

أزمة المرور الآمن بمضيق هرمز، فجرتها أمريكا بالعقوبات التى فرضتها على إيران، وتطبيق بريطانيا الأرعن لها، بإحتجاز ناقلة النفط الإيرانية، وتصعيد طهران لردود الفعل على نحو أجبر لندن وواشنطن على التراجع المشين.. ترامب حذر «لن نقاتل في مضيق لا نستفيد منه»، لكنه سعى لتشكيل تحالف عسكرى دولى لضمان أمن الملاحة البحرية فى الخليج.. يسرائيل كاتس وزير الخارجية الإسرائيلى أكد مشاركة بلاده فى المباحثات الخاصة بتشكيله.. أمريكا ألقت الكرة فى ملعب دول المنطقة بإثارة الأزمة، ثم التنصل من تبعاتها، والدعوة الى تحالف تشارك فيه إسرائيل، تحقيقاً لرغبتها الملحة فى الإندماج بدول المنطقة.

إسرائيل لم تشارك فى التحالف الدولى ضد داعش، التى كانت قريبة جداً من حدودها، لكنها تهرول نحو التحالف الدولى لتأمين المرور بالمضايق، رغم بعدهما، وعجزها عن إرسال أي قطع بحرية، نتيجة للتهديدات الإيرانية بإستهدافها، فى ظل إستمرار حالة الحرب بينهما، ما يعنى إقتصار دعمها على الرصد والتعاون المعلوماتى والمخابراتى، وهو محدود نتيجة للبعد الجغرافى، والقيود السياسية المتعلقة بعلاقاتها بدول المنطقة.. المنامة إستضافت اجتماعا عسكريا دوليا حول أمن الملاحة البحرية بالخليج 24 يوليو، لم يتم الكشف عن الدول المشاركة، وتستضيف الإجتماع التالى فى أكتوبر، لبحث آليات تأمين مسارات الملاحة بالمضايق والتصدى لإستهداف السفن وناقلات النفط.. كل التقديرات تؤكد مشاركة إسرائيل.

إستهداف الإليوشن الروسية

مع بدء التدخل الروسى فى سوريا 2015، توصلت إسرائيل مع موسكو الى «آلية عدم إشتباك»، للإحتفاظ بحرية العمل فى المجال الجوى السورى.. لكنها تلاعبت بها، وقصرت فترة الإنذار الى أقل من دقيقة!!.. 4 طائرات «إف-16» إسرائيلية، قصفت أهدافاً قرب اللاذقية 17 سبتمبر 2018،.. إسرائيل راهنت على عدم تفعيل موسكو لنظام تمييز الدفاع الجوى السورى للطائرات الروسية بإعتبارها أهدافاً صديقة، ولذلك تسترت طائراتها خلف طائرة إستطلاع وتشويش إلكترونى روسية «اليوشن 20»، على بعد 35 كم من الساحل السورى، بإرتفاع 5 كم، كانت فى طريق عودتها لقاعدة حميميم، بعد إنتهاء مهمتها فى تحديد مواقع تمركز الطائرات المسيرة بمنطقة خفض التصعيد فى إدلب.. عندما إستهدفتها صواريخ الدفاع الجوى سارعت بالفرار، لتسقط الإليوشن بـ«نيران صديقة».. كل الشواهد تؤكد سبق الإصرار والترصد، فطائرة الإستطلاع الروسية تتواجد بالمنطقة يومياً وفى نفس التوقيت، وبنفس مسارات الحركة فى الإقلاع والهبوط من البحر، لتتجنب نيران المسلحين.

عندما نصبت إسرائيل الفخ للطائرة الروسية سعت لتوجيه عدة رسائل: أن طياريها يمتلكون المهارات الكفيلة بمواجهة تهديد صواريخ «اس 200» و«اس 300»، وتوريط الدفاعات الجوية السورية مع الحليف الروسى، وتلك دعاية سيئة للأسلحة الروسية قد تضيع ماكسبته فى معركة الـ«اس 400» ضد الباتريوت فى تركيا.. وهى تتمسك بحرية العمل فى المجال الجوى السورى.. ثم انها برهنت لروسيا على ان مصلحتها تفرض التنسيق الدائم مع إسرائيل، بإعتبارها شريكاً فاعلاً بسوريا، فى ظروف الحرب، وعند صياغة شروط التسوية السياسية.

إسقاط السوخوى السورية

اسرائيل أسقطت مقاتلة «سوخوى» سورية داخل الأجواء السورية على أطراف وادى اليرموك يوليو 2018، وحرصت فى بيانها على التأكيد بإنها قامت ببمتابعة الطائرة والتنسيق مع روسيا منذ تحليق الطائرة وحتى إسقاطها، لتؤكد ان التواجد الروسى، وآليات التنسيق لا تغل يدها عن العمل، وان التزام موسكو الصمت حيال الغارات الإسرائيلية، نتيجة لعدم قدرتها على منعها.. العملية إستهدفت فرض أمر واقع، يعزز سعيها لإقامة منطقة عازلة على مرتفعات الجولان، لا يدخلها الجيش السورى، ولكن يسمح بالتواجد فيها لعملاء منظمة «لواء فرسان الجولان» التى تتلقى دعما إسرائيليا بالمال والغذاء والرعاية الصحية والسلاح.. الكرملين لايرى غضاضة فى التسامح مع التدخلات الإسرائيلية، طالما لاتمس مصالحه، وطالما ظلت سوريا غير راغبة فى فتح جبهة جديدة مع إسرائيل.. روسيا تعهدت بضمان أمن إسرائيل لتفوز بالموافقة الأمريكية على تدخلها العسكرى فى سوريا 2015، ولقاءات بوتين مع نتنياهو أكثر من لقاءاته مع حليفه بشار الأسد، فهل نتوقع غير ذلك؟!.

عمليات الحشد الشعبى العراقى

قصف الطائرات المسيرة الإسرائيلية لمعسكرات الحشد الشعبى الشيعية بالعراق بدأت يناير 2019، على مدار أربعة أيام، بمنطقتى النخيب قرب حدود السعودية، والثرثار بمحافظة صلاح الدين.. بعدها وقعت إنفجارات متعاقبة بمعسكرات قرب بغداد، جنوب كركوك، قضاء «طوزخرماتو» بمحافظة صلاح الدين، معسكر «أشرف» بديالى ٥٠ كم شمال العاصمة، منطقة جرف الصخر قرب كربلاء، والزعفرانية، ثم قرب منفذ القائم على الحدود السورية العراقية.. أمريكا تبرأت، ونتنياهو أورى بمسئولية إسرائيل.

قصف مقر حزب الله ببيروت

طائرة تجسس إسرائيلية مسيرة سقطت بالضاحية الجنوبية من بيروت 25 أغسطس، أعقبها إنفجار طائرة أخرى مفخخة، سببت أضراراً جسيمة بمبنى المركز الإعلامي لحزب الله، وذلك لأول مرة منذ 2006؛ تزامن ذلك مع عمليات قصف لمواقع لقوات الإيرانية والميليشيات الشيعية قرب العاصمة السورية دمشق، لتأكيد إندراجها ضمن هذا الإطار، الهجوم الإسرائيلى المحدود عكس حرصاً على تجنب إشعال حرب، والإكتفاء بتأكيد إستعدادها لتوسيع نطاق عملياتها ضد تواجد إيران العسكرى بالمنطقة، بعد ان بدأت تستخدم مواقع ميليشياتها فى العراق ولبنان كنقاط تخزين لأسلحتها وتدريب لعناصرها بديلاً لسوريا، عقب ماتلقته من ضربات موجعة فيها.. رد فعل الحزب أيضاً جاء محدوداً، فلا أحد يرغب فى توسيع دائرة الإشتباك.. إسرائيل حققت الهدف بتأكيد إمتلاكها حرية العمل فى لبنان، وحزب الله أكد قدرته على الرد، دون إستفزاز يضاعف من خسائره الفادحة فى الحرب السورية.. أما ماوقع من إختراقات جوية وبحرية فتدخل جميعها ضمن حملة نتنياهو الإنتخابية.

***

أمريكا ألغت الإتفاق النووى، وأشعلت الأزمة فى الخليج، ثم حرضت العرب ضد إيران، فى الوقت الذى بدأت فيه إتصالاتها السرية معها!!، تاركة زمام المبادرة لإسرائيل فى كبح جماح النفوذ الإيرانى بدول المنطقة، بشن عمليات عسكرية ضده، وبذريعته تستهدف الإنتقال من مرحلة الإتصالات السرية مع الدول العربية، الى تسويق فكرة التحالف الإقليمى المضاد لطهران، مما يحقق هدفها فى الإندماج بالمنطقة، وتبووء دور قيادى.. إيران حاولت إجهاض ذلك، ومنع وصول الوجود العسكرى الإسرائيلى الى حدودها البحرية، بعرض توقيع اتفاقات عدم اعتداء مع دول الخليج، الإمارات تجاوبت بالتواصل المباشر، والسعودية قد لاتتأخر كثيراً، وتعقيدات الموقف تفرض على الجميع قدر من المرونة يسمح بتهدئة التوتر داخل المنطقة، مما يفسر ان التحالف الغربى المزعوم يقتصر حتى الآن على أمريكا وبريطانيا وإسرائيل، رغم تأكيدات ترامب بتوجيه الدعوة للمشاركة لـ60 دولة.

 
تعليق واحد

Posted by في 2019/09/12 بوصة غير مصنف

 

المراجعات الغربية لعلاقة الإخوان بالإرهاب

الاخوان

إدارة ريجان وسعت النشاط الدولى لـ«جماعة الإخوان»، خلال الحرب الباردة، لتوظفها فى تجنيد جيش من المجاهدين، قادر على هزيمة الاتحاد السوفيتى فى أفغانستان، توطئة لإسقاطه ١٩٨٩، ما أقنع المخابرات الأمريكية بجدوى استغلالها كإحدى أدوات تعزيز المصالح الأمريكية فى العالم.

بعد هجمات ١١ سبتمبر ٢٠٠١، بدأت مراجعة المخاطر التى تشكلها «الجماعة» على الأمن القومى الأمريكى، لكنها لم تكتمل؛ لأن الإدارة الأمريكية كانت تعتبرها «المشروع البديل» لأنظمة الحكم بالمنطقة.. إدارة أوباما مكَّنَت «الإخوان» بالداخل الأمريكى، فاخترقت الخارجية الأمريكية من خلال «هوما عابدين» مستشارة هيلارى كلينتون.. وصولها للسلطة فى مصر ٢٠١٢، شجع أوباما على تنفيذ مخطط برنارد لويس لتفتيت دول المنطقة.

أمريكا احتفظت بعلاقاتها الخاصة مع «الجماعة» رغم سقوطها ٢٠١٣، ما أدى لإشكاليات فى علاقتها بمصر، تفاقمت بعد تصنيفها كجماعة إرهابية، لكن الظهور الصريح لجناحها العسكرى بقيادة محمد كمال، وتفريخه عددًا من التنظيمات الإرهابية «حسم، لواء الثورة، كتائب حلوان..»، دفع الخبراء خلال جلسات استماع الكونجرس حول تصنيف «الإخوان» كمنظمة إرهابية ٢٠١٨ لتأييد ذلك، ودعمه بالأدلة.. البيت الأبيض كشف فى مايو ٢٠١٩ عن سعى ترامب لإدراج «الجماعة» كتنظيم إرهابى، بعد أن تأكد خروج كل الحركات والتنظيمات الإرهابية من عباءتها.. واللجنة الفرعية للأمن القومى التابعة للكونجرس نظمت جلسات استماع حول «التهديد العالمى للإخوان» يوليو ٢٠١٩، تناولت المخاطر التى تمثلها على المصالح الأمريكية فى العالم.

لكن نفوذ «الإخوان» فى أمريكا قادر على عرقلة القرارات، من خلال العمل الأهلى، والعناصر التابعة للتنظيم الدولى داخل مفاصل الإدارة الأمريكية، خاصة وزارة الخارجية والحزب الديمقراطى، بخلاف من يخضعون لقوة المال التى تمتلكها «الجماعة»، إضافة للقوة التصويتية لأعضائها، حتى إن الجمعية الأمريكية المسلمة، التى أسسها التنظيم فى فولز تشيرش بولاية فرجينيا، حثت أعضاءها على دعم نائبتى الكونجرس إلهان عمر ورشيدة طليب، فى مواجهة الانتقادات المتعلقة بمعاداتهما للسامية، وعلاقتهما بجماعات وأفراد على صلة بتنظيمات إرهابية.. الخارجية الأمريكية تتذرع فى معارضتها تصنيف «الإخوان» كجماعة إرهابية بتوليها الحكم فى تركيا «حزب العدالة والتنمية»، وتونس «حزب النهضة»، وتمثيلها فى برلمانى الأردن والبحرين، وتمتعها بحرية الممارسة السياسية فى المغرب والسودان، والرعاية التى تحظى بها فى قطر، مقر أكبر القواعد العسكرية الأمريكية بالخليج.. هذه الدول حليفة لواشنطن، والتعامل معها بعد تصنيف الإخوان «إرهابية» يثير إشكاليات سياسية ودبلوماسية معقدة.

التحقيقات فى بريطانيا بخصوص علاقة «الإخوان» بالإرهاب بدأت منذ سنوات، تم خلالها حصر وقائع وشبهات كانت كفيلة بوصم الجماعة، لكن ذلك لم يحدث، لأنها صنيعة المخابرات البريطانية، وتشكل إحدى الأدوات التى تعتمد عليها الدولة فى سياستها بالمنطقة، وعناصر «الإخوان» يعتبرون ركيزة لشبكات التجسس وأنشطة العمليات التى توظفها المخابرات البريطانية.. رغم ذلك هناك تساؤلات عن وضع «الجماعة» بعد تولى بوريس جونسون منصب رئيس الوزراء، وزعامة حزب المحافظين يوليو الماضى، وذلك على ضوء ما ذكره فى كتابه عن الإمبراطورية الرومانية الصادر ٢٠٠٦، من أن «الإسلام قد تسبب فى تخلف الدول الإسلامية عن الغرب»، وإن كان تأثير ذلك فى تقديرى محدودًا للغاية، لأن حزب المحافظين البريطانى لديه علاقات قوية مع «الإخوان»، التى ساعدت الحزب فى العديد من الجولات الانتخابية، من خلال حشد الناخبين المسلمين لدعم مرشحيه.. وشتان بين فكر جونسون ككاتب، وسلوكه كمسئول تنفيذى، تدفعه المصلحة، وتحركه الأجهزة.

 البرلمان الفرنسى اتخذ إجراءات تصعيدية ضد مؤسسات قطرية متورطة فى نشر أفكار «الإخوان» المتطرفة، والحكومة أغلقت المدارس والجمعيات التى لا تمتثل للقانون، وتم تعزيز مراقبة الأموال الآتية من الخارج.. كتاب «أوراق قطر» للصحفيين الفرنسيين كريستيان شيسنو وجورج مالبرونو رصد المكافآت السخية، والتمويلات التى تقدمها الدوحة لمشاريع «الإخوان»، عبر «مؤسسة قطر الخيرية».. إيرينا تسوكرمان الباحثة فى الشئون الأمنية، أكدت أن قطر قامت ببناء عدد من المساجد فى فرنسا، وجندت أئمة للإشراف عليها، وأسهمت فى توجيه المسلمين وفقًا لتعاليم «الإخوان».. الدوحة وأنقرة شكلتا لجانًا إلكترونية على شبكات التواصل، لاستدراج الشباب الساخط على السياسة الفرنسية.. وصحيفة ليبراسيون كشفت عن أن طارق رمضان، حفيد حسن البنا مؤسس «الإخوان»، الذى حوكم بتهمتى اغتصاب فى فرنسا وسويسرا، والذى كان يدير مركزًا للدراسات الإسلامية فى الدوحة ٢٠١٢، يتلقى راتبًا شهريًا ضخمًا من قطر حتى الآن.

الدول الغربية بدأت مراجعة وضع «الجماعة»، ومشروعية نشاطها، لكنها لن تنتهى بإدراجها على قائمة المنظمات الإرهابية، بسبب قوة التيار الرافض، وإذا ما فرضت الضغوط السياسية اتخاذ القرار فقد لا تصحبه عقوبات، مما يجعله عديم الأثر.. توقيع عقوبات اقتصادية على المخالف، وتقييد حرية انتقال الشركات والأفراد الذين تثبت صلتهم بـ«الإخوان»، ومنع المؤسسات الدولية من التعاون معها، وإلزام الدول الحليفة بطرد عناصرها خارج أراضيها.. كلها عقوبات يصعب تطبيقها، لحاجتها إلى أجهزة تفتيش ومتابعة ورقابة دقيقة.. الأجهزة الأمنية أيضًا تقف حجر عثرة ضد ذلك التصنيف، لأنه يحرمها من توظيف عناصر الجماعة بأعدادهم الكبيرة وانتشارهم الواسع كمصادر للمعلومات وكمندوبى عمليات.

أبسط وسائل عرقلة اتخاذ القرار تستند إلى أن القوانين الأمريكية تتعامل مع الإرهاب على أساس أنه «أفعال»، وليس «توجهًا أيديولوجيًا»، وتلك قضية محورية، فضلًا عن الاستناد إلى ما تثيره عملية توزيع الأدوار تنظيميًا داخل «الجماعة» من بلبلة؛ فداخلها منظمات أهلية تمارس العمل الخيرى، وخلايا تمارس الإرهاب، وتنظيمات حزبية وطنية تخضع لتوجيه التنظيم الدولى، الذى يمارس نشاطه فى الأطر السياسية المتاحة، وكذا استثمارات مالية فى أنشطة يصعب اتخاذ قرار بتصفيتها لتأثيرها السلبى على الاقتصاد، وكيانات إعلامية، تخضع لها لجان إلكترونية للعمل على مواقع التواصل، تعدد الأوجه يستخدم مبررًا لعدم إدراجها.

المهم بالنسبة لنا عدم التوقف عن ممارسة الضغوط لتحقيق ذلك، وعدم الاعتماد على الإعلام فى كشف علاقة الإخوان بالإرهاب، ولا على الجهود المتواضعة لبعض منظمات المجتمع المدنى، إنما نعتمد على التعاون القائم بين أجهزة الأمن والمعلومات، ما يسمح بتقديم حقائق ومعلومات مقترنة بأدلة لا تترك مجالًا للمناورة.. المراجعات الغربية أضرت بشدة بالإخوان؛ قيدت أنشطتها، وفضحت طبيعة علاقتها بالتنظيمات الإرهابية المتطرفة، ما أخضعها للضغوط، ودعم التوجه نحو تشكيل جماعات سرية داخلها، لمواصلة العمل حال الحظر، وخلايا تعمل لحساب أجهزة المخابرات، استرضاء لها.. الـ«نيويورك تايمز» أشارت إلى طرح فكرة داخل الإدارة الأمريكية حول تصنيف الفرع المصرى من الجماعة فقط تجنبًا للإشكاليات المحتملة مع حلفاء واشنطن.. حتى تلك تعتبر خطوة للأمام، قد تعقبها خطوات أخرى.

 
تعليق واحد

Posted by في 2019/09/12 بوصة غير مصنف