1- ان محاولة القاء نظرة تحليلية على الموقف الملتبس الراهن تحتم ان تكون نقطة البداية هى حتمية الثقة فى عدالة أحكام القضاء المصرى..الإخوان هيمنوا على السلطتين التنفيذية والتشريعية..وفقدان الثقة فى أحكام القضاء هى المقدمة الرئيسية لإسقاطه ليستكمل الإخوان السيطرة على مقدرات الحكم فى مصر،وليكون القضاء العرفى هو البديل لفرض الإستبداد تحت إسم الدين.
2- ان نظرة عابرة لنص الحكم الصادر ضد شهداء بورسعيد واستعراض الأسماء يشير الى أربعة نقاط هامة :
* الأولى ان المتهمين المحكوم بإعدامهم معظمهم من المسجلين خطر وأصحاب السوابق والأسماء المشهورين بها يعرفها كل من له مساحة تماس مع الحياة فى بورسعيد “قوطه الشيطان – التفة – مناديلو – الدنف – الموكة – السيد حسيبة – محمد حمص – الفلسطينى – الماندو – فوكه – عسران – عظيمة – سيكا – القص….)
* الثانية ان اهالى هؤلاء المتهمين على قناعة تامة بتورط ابناؤهم فى ارتكاب تلك الجريمة ، لكنهم راهنوا على ان شيوع الإتهام – بين ابناؤهم وبين آخرين ربما أكثر منهم عددا لم يتم القبض عليهم او محاكمتهم – يمكن ان يبرئهم من القصاص ، متناسين ان عدم القبض كل كافة المشاركين فى الجريمة وشيوعها لايعفى من العقاب طالما توافرعنصرى سبق الإصرار والترصد.
* الثالثة ان عدد المتهمين فى قضية بورسعيد 73 متهما منهم 9 ضباط..أحيل 21 منهم للمفتى..يتبقى 52 متهما ينتظرون يوم 9 مارس الإدانة أو البراءة..ودلالة ذلك ان اوراق القضية قد تضمنت من المعلومات والأدلة الثبوتية مايستبعد معه تماما مبدأ شيوع الإتهام وإلا لكان الأولى ان يتم معاملة كافة المتهمين المدنيين بالقضية نفس المعاملة وبالتالى نفس الأحكام .
* الرابعة ان محاولة تدخل النائب العام لتاجيل جلسة الحكم فى القضية بدعوى ظهور أدلة ومتهمين جدد كان تدخل سياسى من نائب عام فرضته السلطة التنفيذية على نحو مخالف لكل قواعد الفصل بين السلطات واستقلال القضاء..ولولا تمسك هيئة المحكمة بما حددته من موعد للنطق بالحكم لإتسع نطاق رد الفعل العاصف كمظهر إضافى من مظاهر سوء إدارة الدولة من جانب الفصيل الحاكم .
* الخامسة هى انه ليس لدى ادنى شك فى ان المهددين بالإعدام قد يغيرون مسارالقضية باعترافهم على من حرضهم وأقنعهم بالبراءة..ولذلك فإن هدوء أهل بورسعيد يفسد محاولة التخلص من هؤلاء المتهمين وسط الفوضى
3- ان رد الفعل العنيف من جانب اهل بورسعيد لايرجع الى اعتراضهم على الحكم او تعاطفهم مع القتلة ، بقدر ماهو تعبير آنى عن حالة غضب ويأس من حالة الإهمال لمصالح تلك المدينة الى الحد الذى اصبح فيه كل أهلها تقريباً من الفقراء ، وسوف تستمر حالة الغضب والثورة طالما استمر ذلك الإهمال..تفعيل قرار كون بورسعيد “مدينة حرة” ووضع الآليات الكفيلة بتحولها الى منافس للمدن الحرة على مسار خط الملاحة الدولى بين اوروبا والشرق الأقصى هو المخرج لتلك الحالة من ناحية ، ولدعم الإقتصاد المصرى من ناحية أخرى .
4- ان حالة التدهور الداخلى التى تعانى منها مصر حاليا هو نتاج لسياسات خاطئة منذ استأثرت جماعة الإخوان بالسلطة محاولة استكمال هيمنتها على كافة مفاصل الدولة ، وبالتالى فعلى الجميع الحذر من استغلال مايحدث فى بورسعيد لصرف النظر عن محاولات الإطاحة بهم والتى باتت كل الظروف الداخلية مهيأة لتحقيقه ، على العكس من ذلك ينبغى ان تستغل القوى المدنية هذا التدهور فى تاكيد مدى ماوصلت اليه الأوضاع فى ظل نظام حكم غير وطنى ، ومدى ترشح الأوضاع للمزيد من التدهور واتساع نطاقه ..
حمى الله مصرنا .. وازاح تلك الغمة عنها