فجاة أعلنت جماعة “الإخوان المسلمين” أن وضعها الحالي قانوني برقم إشهار 644 لعام 2013 وفقا لقانونالجمعيات الأهلية ٨٤ لسنه ٢٠٠٢ ، وهو موقف يتناقض تماماً مع تمسكها برفض الخضوع لهذا القانون على مدى الاعوام الماضية باعتباره يستهدف سيطرة مباحث أمن الدولة على أنشطة الجمعيات الأهلية ، والحد من دور هذه الجمعيات التنموى فى المجتمع .
والحقيقة ان هناك العديد من الأبعاد والنتائج السياسية المرتبطة بذلك الإعلان فيمايلى أبرزها:
1- ان هذا الإعلان يشكل إجراء استباقى لحدثين أحدهما قانونى والآخر سياسى..
* القانونى يتمثل فى صدور تقرير من هيئة مفوضى الدولة يوصى بحل جماعة الإخوان المسلمين نظرا لعدم استنادها لأي سند قانوني منذ حلها في عام 1954 ، وبالتالى توقع إصدار محكمة القضاء الإدارى حكما بانعدام كيان الجماعة فى جلستها المقرر عقدها يوم 26 مارس الجالى.
* اما السياسى فهو محاولة الرد على دعاوى مظاهرة الإحتجاج الجارى تنظيمها يوم الجمعة 22 مارس أمام مقر الإخوان باعتباره مقراً لجماعة غير شرعية .
2- والغريب ان تتم إجراءات شهر جمعية الإخوان فى عجلة وسرية كاملة ودون اى تلميح او إعلان من جانب وزارة الشئون الإجتماعية التى أكدت وزيرتها من اقل من شهر فقط ان الإخوان ينتظرون تعديل قانون الجمعيات حتى يتسنى لهم توفيق أوضاعهم فى إطاره دون اية إشارة لنية الجماعة فى إجراء ذلك التوفيق فى ظل القانون الحالى ، ودون ذكر لرؤية الوزارة لمدى انطباق الشروط المحددة بالقانون للجمعيات المشهرة على اساسه على جماعة الإخوان المسلمين من عدمه ، الأمر الذى يعكس مدى خضوع الوزارة لإرادة لجماعة .
3- ويثير الإعلان عن ان محمد مهدي عاكف مرشد الجماعة السابق سيكون رئيسًا لجمعية الإخوان – التى اتخذت من المقطم “غرب القاهرة” مقرًا لها – الكثير من التساؤلات حول طبيعة العلاقة وآليات توزيع الأدوار بين الجمعية المشهرة ، وحزب “الحرية والعدالة” ، ومكتب إرشاد الجماعة برئاسة محمد بديع .. وفى تقديرنا ان الجمعية ستشكل الواجهة الدعوية والإجتماعية للإخوان ، أما الحزب فسيشكل الإطار الشرعى لدفع قيادات الجماعة الى مؤسسات السلطة والحكم فى مصر ، أما مكتب الإرشاد فسيظل مركزا للقيادة والتوجيه لمندوب الجماعة بقصر الإتحادية ، الذى يعتبر مركزاً لتحويل تلك التوجيهات الى قرارات تنفيذية على الأرض.
4- وفى تقديرنا ان إعلان الإخوان الإستباقى بتقنين وضعهم القانونى قد أضر بموقف الجماعة أكثر مما أفادها لعدة اسباب أبرزها :
* مايعكسه هذا الإجراء الإستباقى من تخوفات لدى الجماعة من النتائج السلبية المتوقعة لصدور حكم قضائى من الإدارية العليا بحل الجماعة بماسيترتب عليه من آثار قانونية وسياسية وشعبية ، فضلاً عن عدم قدرتها على منع استمرار المظاهرات المعارضة حول مقر الإخوان من إضعاف لسيطرتها على مقدرات الأمور بالبلاد .
* ان موقف وزارة الشئون الإجتماعية المنفذ دون شفافية لرغبات الإخوان يؤكد صحة تخوفات المعارضة من نتائج خضوع الحكومة الراهنة للجماعة وبالتالى تمسكها برحيلها بما يترتب على ذلك من استمرار تعقد الأزمة السياسية بكل مالها من انعكاسات على تدهور الأوضاع فى مصر .
* ان المعركة القانونية ضد ممارسات الإخوان ستزداد قوة وشراسة نظراً لما يفرضه القانون على طبيعة عمل الجمعيات الأهلية من ناحية الإفصاح عن مصادر التمويل والميزانية ومجالات انفاقها ، والقيود على ممارسة العمل السياسى او دعم او تمويل المرشحين لمناصب سياسية ، فضلاً عن عدم السماح بممارسة انشطة تتجاوز الحدود الوطنية بما يتناقض مع طبيعة نشاط الإخوان كتنظيم سياسى عقائدى ذو طبيعة دولية .
5- الخلاصة .. ان أخطاء الإخوان ، الناتجة عن ضعف خبرتهم السياسية ، واستمرار التدهور السريع للأوضاع الإقتصادية فى البلاد ، وتعدد مجالات التناقض والإحتكاك بين الإخوان ومؤسسات الدولة العميقة (القضاء – الجيش – الإعلام …) سيعجل بوقوع المواجهة الحاسمة التى نميل الى انها اصبحت قاب قوسين او ادنى !!