RSS

Monthly Archives: سبتمبر 2017

يا مولانا الطيب.. أما كفاكم من سياسة؟!

640x392_62911_264577

عندما تعرضت علاقتنا بالعراق لأزمة نتيجة استنكار بيان الأزهر لما وصفه بجرائم ميليشيات «الحشد الشعبى» الشيعية بمناطق السنة، كتبت فى الشقيقة «المصرى اليوم» 23 مارس 2015 محذراً «التباس الموقف السياسى وسرعة متغيراته تفرض متابعة دقيقة وموسعة، وتنسيقاً مع الخارجية والجهات السيادية.. نربأ بشيخنا الجليل أن يعبر عن موقف قائم على قلق ومخاوف تغذيهما حملات إعلامية»، واختتمت «دور الأزهر يتمثل فى نشر ثقافة التسامح والسلام، والتقريب بين المذاهب، وتهدئة المواجهات الطائفية المستعرة، وكشف دعاوى الإرهابيين، كى لا يستدرج لخلاف طائفى يضعف قيمته الدولية، ويستغل فى محاولة المساس بقامة شيخه الجليل، ويحوله من أداة للحل، إلى جزء من المشكلة».. وعندما تعرض الأزهر لهجوم برلمانى، ومشروع لتعديل قانونه، كتبت فى «الوطن» 5 مايو 2017 «الأزهر وإن كان فى حاجة للتجديد، لكن النيل من هيبته لن يسمح بالإصلاح، وانهياره يخدم مؤسسات سلفية وشيعية متشددة.. ثقله الدولى جزء من قوتنا الناعمة، وغيابه يسىء لصورتنا الوطنية، والأخطر أن اتساع قاعدة مريديه تكاد تشمل مجمل المسلمين، فلمصلحة مَن نستعدى هؤلاء» وبالفعل سقط المشروع.. ذلك هو موقفى، آثرت التذكير به بداية، ليمتنع المزايدون.

أخطاء بيان الأزهر مساء الجمعة الماضى المتعلق بمسلمى ميانمار «بورما»، تجاوزت السوابق:

1- اعترف باستناده فى تقييم الموقف إلى ما تناقلته وسائل الإعلام ومواقعُ التواصُل من صور، رغم أنها فبركات تداولها الإخوان؛ الجثث المتفحمة منقولة من موقع «أفريكا دوت كوم»، لضحايا انفجار شاحنة نقل وقود بالكونغو 9 يوليو 2010.. جثث الأطفال والنساء بالخيام، وعلى الشواطئ، منقولة عن غلاف «التايمز» 19 مايو 2008، لضحايا إعصار بورما.. صور لرهبان بوذيين يحرقون جثث ضحايا زلزال يوشو بالصين 24 أبريل 2010، وفقاً لمعتقداتهم.. أنهار الدماء التى تسيل على الأسفلت نشرتها «وورلد هوم» الصينية 27 سبتمبر 2007، لضحايا إطلاق الشرطة البورمية النار على تظاهرات الرهبان البوذيين.. إحراق شباب أحياء بالشوارع منقولة عن «التليجراف» 31 مايو 2012 لهنود يحرقون أنفسهم فى مظاهرة احتجاجية.

2- ندد بعدم فاعلية موقف المنظمات الدولية والإنسانية، مشيراً إلى أنها كانت ستتخذ موقفاً آخر مختلفاً، لو أن هذه الفئة من المواطنين كانت من أتباع أى دين أو مِلَّة غير الإسلام، رغم أن الصراع عرقى تاريخى لا علاقة له بالديانات، الروهينجا قومية تنتمى لأصول بنغالية، بخلاف الأغلبية التى تنتمى لأصول صينية، عددها يقدر بـ800 ألف وفق إحصاء 2012، بورما تعتبرهم مهاجرين غير شرعيين، وبنجلاديش ترفض الاعتراف بهم كمواطنين، وتعزل المتسللين منهم فى معسكرات، وهناك مواطنون مسلمون آخرون يتجاوزون 2 مليون، لا يعانون التمييز والتهميش بل يعيشون حياتهم بشكل طبيعى بعيداً عن أى توتر، أغلبيتهم سنّة والبعض شيعة، ينتشرون بطول البلاد وعرضها، خاصة العاصمة، التى بها تسعة مساجد كبرى.

3- اتهم ممثلى الأديان والعرقيات فى ميانمار بأن ضمائرهم سمحت لهم بالتحالف مع عناصرَ متطرفةٍ مِن جيش الدولة المسلَّح!! وكأن تسلح الجيش جريمة، والولاء له خيانة.

4- أشار إلى أن هذه الجرائم من أقوى الأسباب التى تشجع على ارتكاب جرائم الإرهاب، وكأنه يقدم مبرراً للإرهابيين.

5- تهكم على رئيسة الوزراء أونج سان سو كى، واصفاً لها بأنها تحمل جائزة نُوبل للسلام بإحدى يديها، وتبارك باليد الأخرى الجرائم التى تضع «السلام» فى مهب الريح.

6- والأخطر هو تدخل الأزهر كوسيط فى الأزمة بمثل هذه المفاهيم، فقد استقبل بداية العام ممثلى أطرافها، وأكد أنه سيقود تحركات إنسانية عربية إسلامية دولية تتعلق بها.. دون إدراك للأبعاد الحقيقية للمشكلة.

جذور المشكلة عميقة؛ تمتد للحرب العالمية الثانية عندما احتلت اليابان بورما 1942، أغلبية الشعب أيدها لمعاناته من الاحتلال البريطانى، باستثناء الروهينجا الذين سلحهم المحتل، فذبحوا 50 ألف بوذى، وتبنوا منذ 1947 دعوة استقلال «أراكان»، أو انضمامه لبنجلاديش، أمريكا لا تزال تسيطر على ممر ملقا بين بحر الصين والمحيط الهندى، الذى تمر عبره نصف تجارة النفط الدولية، و80% من احتياجات الصين، روبرت كابلان أحد أهم خبراء الجيواستراتيجى المعاصرين أكد أن الصين لن تصبح قوة عسكرية عالمية دون الوجود فى المحيط الهندى، الصين استثمرت فى ميانمار منذ 2007 عدة مليارات لمد خطوط أنابيب توفر ثلث احتياجاتها من النفط والغاز، ولاية «أراكان» تتبعها حقول النفط والغاز، وتخترقها أنابيب نقله، وتعتمد الصين على موانيها كممرات لتجارتها الدولية عبر المحيط الهندى وطريق الحرير، ما يفسر استهدافها بتمرد الروهينجا، لمنع الصين من التحول لقوة دولية اقتصادية وعسكرية، واستكماله بنشاط «جيش استقلال» ولاية كاشين أقصى الشمال، بحدودها المشتركة مع الصين، الأخير أحدث أصداءً دولية، يتجاهلها إعلامنا العربى، لأن سكان الولاية مسيحيون، مما يفسد التوظيف الدينى لمشكلة الروهينجا، ويسقط مبررات التعبئة والحشد فى الدول الإسلامية.. إشعال الموقف شمال ميانمار يستهدف تصدير الاضطرابات لإقليم شینجیانج المجاور، غرب الصين، الذى يحارب 5000 من متطرفيه «الويجور» ضمن الجماعات الإرهابیة بسوريا.. الضغط الإعلامى بلغ حد التناقض؛ التشهير بالصين مرة لممارستها القهر ضد رهبان البوذية فى التبت، وأخرى لدعمها مذابح البوذيين ضد المسلمين فى ميانمار!!.. ما يتم حالياً مع الصين هو عملية استنساخ لمحاولات حصار الأساطيل الروسية بالبحر الأسود وإغلاق طريقها للمياه الدافئة، التى أجهضها الروس باحتلال شبه جزيرة القرم.. فماذا يتوقعون من الصين؟!

الصين وروسيا يبطلان جهود الإدانة الأمريكية لميانمار بالأمم المتحدة منذ 2012، ما يدفعها للاعتماد على إدانات «هيومن رايتس ووتش» التى تعمل بتنسيق مباشر مع أجهزة المخابرات الغربية، الروهينجا أسسوا «حركة الإيمان فى أراكان» 2016، سارعت مجموعة الأزمات الدولية بقيادة جورج سورس، الممولة للربيع العربى بتأييدها، ومنظمة «أرنو» الممثلة لهم بالخارج، افتتحت مقراً فى لندن، لتولى الاتصالات وعمليات التعبئة السياسية والإعلامية وحشد المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والإغاثة.. داعش أهم الجيوش السيارة التى توظفها أجهزة المخابرات الأمريكية لتحقيق أهدافها السياسية، أكثر من 30 منظمة متطرفة بجنوب شرق آسيا بايعتها، وعمليات تجنيد مقاتلين محليين داخل معسكرات اللاجئين ببنجلاديش تسير على قدم وساق، وإخلاء المروحيات الأمريكية لقيادات داعش وعائلاتهم من دير الزور أواخر أغسطس يأتى استعداداً لدفعهم فى مهمة جديدة، أغلب الظن فى اتجاه جنوب شرق آسيا.. الأزمات الدولية تصنعها أجهزة المخابرات الدولية، ما يفرض صعوبات بالغة على المؤسسات الدبلوماسية لفك طلاسمها دون استعانة بمخابرات دولها، فما بالك بالمؤسسات الدينية؟!.. يا مولانا الإمام الطيب.. أما كفاكم من سياسة؟!.

 
تعليق واحد

Posted by في 2017/09/21 بوصة غير مصنف

 

إشكاليات تعديل قانون مجلس حقوق الإنسان

20170521043007307

التشكيل الحالى للمجلس القومى لحقوق الإنسان تم بقرار بقانون «75 لسنة 2013»، أصدره الرئيس المؤقت عدلى منصور، يقضى بأن يستمر لحين انتخاب البرلمان، تمت الانتخابات، وعقد البرلمان أولى جلساته «14 يناير 2016»، البرلمان صوت عليه دون مناقشة، ضمن 340 قراراً بقانون، صدرت فى غيبته، خلال 15 يوماً، دون أن ينتبه لضرورة إعادة تشكيله، أو المد لنهاية الثلاث سنوات «سبتمبر 2016»، فأصبح تشكيله منعدم الأثر، وقراراته فى حكم البطلان، بغض النظر عن التفسيرات السفسطائية المستندة لنظرية «تسيير الأعمال»، أو «الموظف الفعلى».. البرلمان حاول مؤخراً معالجة الموقف بتعديل بعض أحكام القانون 94 لسنة 2003 المنشئ للمجلس، ونص فى القانون المعدل 197 لسنة 2017 على تسيير المجلس الحالى للأعمال لحين تعيين المجلس الجديد، خلال شهر من بدء الدورة البرلمانية المقبلة أكتوبر المقبل.

القانون الجديد مدد فترة عمل المجلس لـ4 سنوات بدلاً من 3، استجابة لمطالب المفوضية السامية لحقوق الإنسان، لضمان قدرته على تنفيذ الخطة التى يضعها، أكد استقلاليته بعدما كان يتبع مجلس الشورى، لكنه فى الواقع العملى أخضعه للبرلمان، الذى يشكله بالأغلبية، فى ضوء ترشيحات المجالس القومية والمجالس العليا للجامعات وللثقافة والنقابات المهنية، وغيرها من الجهات الممثلة لقطاعات المجتمع، ولم يذكر صراحة مؤسسات المجتمع المدنى، لكنه نص على اختيار الأعضاء «رئيس ونائب و25 عضواً، بينهم أحد أساتذة القانون الدستورى بالجامعات» من الشخصيات العامة وفق خلفياتهم الحقوقية وليست السياسية، على ألا ينتموا لأى من السلطات التنفيذية أو التشريعية أو القضائية، وحظر تعيين العضو لأكثر من دورتين متتاليتين.

القانون كفل حق المجلس فى زيارة السجون وسائر أماكن الاحتجاز والمؤسسات الإصلاحية والعلاجية؛ للتثبت من حسن معاملة السجناء والنزلاء، وتمتعهم بحقوقهم، لكنه تجاهل المطالبات المتعلقة بأن يتم ذلك بمجرد الإخطار، استناداً للنصوص الواردة بـ«العهد الدولى لحقوق الإنسان»، و«مبادئ باريس»، وأعطى للمجلس حق إبلاغ النيابة العامة عن أى انتهاكات للحريات الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين، وغيرها من الحقوق والحريات العامة التى يكفلها الدستور والقانون والاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التى تصدق عليها مصر، وأن يتدخل فى الدعوى المدنية منضماً إلى المضرور، بناء على طلبه، ووفق أحكام القوانين المنظمة لذلك، لكنه لم ينص على التزام أجهزة الدولة بإمداد المجلس بالمعلومات التى يطلبها فيما يتعلق بأوضاع حقوق الإنسان.. تعديلات تعكس تطوراً إيجابياً، وتفعيلاً للمادة 214 من الدستور الخاصة بممارسة المجالس القومية المستقلة لاختصاصاتها، وضمانات استقلال وحياد أعضائها، لكن شبح الظروف الاستثنائية والإرهاب الأسود عكسا ظلالهما بقوة، بلغت أقصاها بالنص على حق البرلمان فى التصويت على فصل الأعضاء بالأغلبية، دون توضيح لأسباب هذا الفصل، ما يسمح بمعاقبة عضو المجلس على رأيه، وتلك انتكاسة كبرى تمس حصانة الأعضاء، وتؤثر على استقلاليتهم.

موازنة المجلس وحسابه الختامى كانا يخضعان منذ تأسيسه لرقابة مكتب محاسبة خاص، ما سمح بالتشكيك، وزارة المالية وصفت ميزانية المجلس «2016/2017» بـ«المخالفة للدستور»، لجنة حقوق الإنسان اكتشفت مخالفات مالية أثناء مناقشتها للتقرير السنوى للمجلس، ما دفع البرلمان إلى تعديل مشروع القرار المقدم من الحكومة، وإخضاع أموال المجلس لرقابة «المركزى للمحاسبات»، استناداً لفتوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بأن ميزانية المجلس من الأموال العامة؛ لأن السواد الأعظم منها مصدره الموازنة العامة للدولة.. الهبات والمنح والإعانات الأجنبية التى كان يتلقاها المجلس بموافقة ثلث أعضائه، أصبحت بموافقة ثلثى أعضاء البرلمان، ما يشكل شرطاً مانعاً، لا يضيف عبئاً على الدولة فحسب، بل يحرمها من فرص تمويلية، بالنظر لما تخصصه دول العالم من منح ضخمة دعماً لحركة المجتمع المدنى.

المجلس مر على إنشائه قرابة 14 عاماً، لم يؤسس حتى الآن وحدة لتنظيم شئون العاملين، فى مخالفة صريحة لقانون تنظيم العمل، الأمين العام ظل يتعلل بالمشرف العام، حتى غادر، فتذرع بالاستقلالية.. تحت ضغط العاملين، وانتقادات الإعلام والسياسيين، لجأ للمماطلة، اتفق مع مكتب «حازم حسن» على إعداد مشروع هيكل إدارى للموظفين والباحثين والعاملين بالمجلس، ينظم مهامهم، ومعايير المكافآت والعقوبات، ويحدد المرتبات والأجور، وآليات ومعايير مأموريات التمثيل فى وفود المجلس الرسمية داخل مصر أو خارجها، تسريبات المجلس تشير إلى أنه نظراً لعدم تطبيقه فقد تم تحميل التكلفة «360.000 جنيه» على بنود أخرى بالميزانية.. لجنة إعادة الهيكلة برئاسة محسن عوض، عضو المجلس، أعدت لائحة عمل أخرى، استعانت فيها بخبراء الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، ولكن لم يصدر قرار للعمل بها رغم الانتهاء منها منذ منتصف 2016، وهناك مشروع ثالث ممول من الوكالة الألمانية لعمل هيكل إدارى، ولكن لا أحد يعلم مصيره سوى الأمين العام بالطبع.. فى غياب اللائحة ساد التسيب وانتشرت المحسوبية والشللية، القرارات أصبحت مقصورة على شخص الأمين العام، بدلات السفر أصبحت ضعف بدلات الدولة بما فيها بدلات الوزراء والترقيات والحوافز والبدلات والتوزيع على المشروعات والسفريات، بل والاستمرار بالمجلس من عدمه، يتم بحسب الأهواء، وبدرجة القرب من الأمين العام واسترضائه، أو البعد عنه، معظم العاملين فى الأمانة العامة عينوا بالواسطة، وتربطهم علاقات قرابة من الدرجة الأولى، ما أدى إلى ضعف الأداء.. مشروع إنشاء مبنى مقر المجلس بالقاهرة الجديدة متعثر منذ قرابة العشر سنوات، حتى ارتفعت تكلفته التقديرية لـ50 مليون جنيه، وتكلفة استغلال المقر المؤقت كحق انتفاع عن الخمس سنوات الأخيرة، بواقع 6.475 مليون جنيه سنوياً، تتجاوز 32 مليون جنيه، ما يعكس سوء الإدارة، وانعدام التقدير.

عمليات التحريض والاستعداء على القانون المعدل بدأت بالفعل من جانب المستفيدين من حالة التسيب السابقة، أو غير المدركين لواقع المجلس المرير، يستندون إلى تأجيل لجنة تقييم المجالس الوطنية بالأمم المتحدة مناقشة وتقييم سجل المجلس لنهاية العام حتى إنهاء قانونه، وأن بعض الملاحظات على القانون، خاصة المتعلقة بالاستقلال المالى والإدارى، يمكن أن تتسبب فى تراجع تقييم المجلس من المستوى الأول الذى يتمتع به حالياً، ما يعنى الحرمان من حق التصويت.. والحقيقة أن ذلك يمكن أن يحدث بالفعل، إذا ما استمرت قيادة المجلس الحالية، وأمينه العام، وتبنوا الدفاع عن فساد إجراءاتهم وأوضاعهم الراهنة.. وجود قيادة وأمانة عامة جديدة للمجلس ضرورة حتمية لإيضاح مبررات ما تم من تعديلات، وتأكيد طابعها المؤقت، حتى يتم الانتهاء من إعادة البناء المؤسسى للمجلس، والقضاء على الإرهاب.. فهل يمكن بعد ذلك التسامح مع القيادة الحالية؟!.

 
تعليق واحد

Posted by في 2017/09/11 بوصة غير مصنف

 

وزير الرياضة و«نوادى» الطبقة الوسطى

21192780_269531280214076_8184248984261074135_n

نتباهى بأننا نشأنا وترعرعنا داخل الطبقة الوسطى، فهى محرك التقدم وباعث التنمية فى أى مجتمع، وتشكل مصدراً للاعتدال والأمن.. أوائل السبعينات بدأت حياتى العملية، وضمنت دخلاً ثابتاً، فالتحقت كعضو عامل بناديى الجزيرة والشمس، النوادى الاجتماعية القديمة كانت ولا تزال مراكز تجمع و«تنفس» للطبقة الوسطى، وتعبيراً عن هيبتها ومكانتها الاجتماعية، الدولة آنذاك دعمتها، ومنحت العديد من فئاتها تخفيضاً بنسبة 50% من قيمة اشتراكات النوادى «القوات المسلحة، الشرطة، القضاة، الصحفيين، وزارة الشباب، اللجنة الأولمبية..»، لكنها بداية القرن الحادى والعشرين بدأت تتخلى عن كثير من وظائفها، وبات على أبناء تلك الطبقة تحمل أعباء جديدة؛ أهمها تكلفة تعليم الأبناء فى المدارس والجامعات الخاصة، وتحمل تكاليف الدروس الخصوصية، كما اتجهت لتحمل تكلفة العلاج الخاص بعد تراجع مستوى التأمين الصحى، ناهيك عن الطفرة فى تكلفة المساكن، وجاء التعويم العشوائى ليتراجع بالقيمة الشرائية للجنيه، ويرفع معدلات التضخم بصورة غير مسبوقة قاربت الـ40%، ليضاعف أسعار السلع عدة مرات، وانفجرت فواتير المياه والكهرباء إلى حد باتت تهدد بالعجز عن سدادها.. كل تلك العوامل أفقدت الطبقة الوسطى أمل الصعود والالتحاق بالطبقة العليا، وأثرت على مستوى معيشتها، فتساقطت آلاف الأسر منها إلى الطبقات الفقيرة كل عام، لكنها رغم كل ذلك ظلت متمسكة بعضويتها فى النوادى الاجتماعية الكبرى تعلقاً بأهداب الطبقة الوسطى.. فكيف يستهدف وزير الشباب نوادينا؟!

أزمة النوادى واللائحة الاسترشادية تمتد جذورها إلى عام 2014، طاهر أبوزيد، وزير الرياضة آنذاك، أصدر لائحة جديدة للنظام الأساسى، اعترضت عليها «اللجنة الأولمبية المصرية» لما تعكسه من تدخل حكومى، وتقدمت بشكوى لـ«اللجنة الأولمبية الدولية»، النوادى انحازت لـ«الأولمبية المصرية»، والأهلى تظلم لـ«الفيفا»، «الدولية» أوصت بإيقاف العمل باللائحة وإصدار قانون جديد للرياضة، و«الفيفا» هدد بتجميد النشاط الكروى، تضامن «الأولمبية المصرية» مع الأندية أطاح بالوزير خلال أيام قليلة، و«الدولية» منحت مصر مهلة ثلاث سنوات لتعديل قانون الرياضة ليتمشى والمعايير الدولية، بحيث يمنع التدخلات الحكومية فى شئون المنظمات الرياضية الوطنية، ويحترم مبدأ استقلالية الحركة الرياضية، القانون «71 لسنة 2017» اعتمده البرلمان، ودخل حيز التنفيذ بداية يونيو «2017»، الأولمبية الدولية أشادت به، لأنه أعطى الحق لكل مؤسسة رياضية بامتلاك لائحتها الخاصة بها، لكن وزارة الرياضة تحايلت عليه؛ الوزير استوعب درس أبوزيد، وطرح «لائحته الاسترشادية» منتصف يونيو، بالتضامن مع «الأولمبية المصرية» هذه المرة.. الأندية رحبت بالقانون، ورفضت اللائحة، لأنها تتسم بالجمود، تفتقد مرونة التمييز حتى فيما يتعلق بعدد أعضاء مجلس الإدارة، بين أندية عملاقة تصل جمعيتها العمومية فى الشمس على سبيل المثال إلى ربع مليون عضو، وأندية أخرى صغيرة، فضلاً عما تحويه من عوار قانونى وتدخل فى شئون الأندية، والانتقاص من حقوق الجمعيات العمومية، بما تفرضه من قيود على اعتمادها للائحتها الخاصة، إذ فرضت إعدادها، وإقرار جمعياتهم العمومية لها، قبل الأول من سبتمبر المقبل، بنصاب قانونى لا يقل عن 8% من الأعضاء، وإلا خضعت لـ«الاسترشادية»، وأن تجرى انتخاباتها قبل بداية ديسمبر 2017، وفقاً للقانون الجديد، وفتحت الباب لأصحاب المؤهلات المتوسطة بالترشح لمجالس إدارات الأندية، رغم أن دورها الاجتماعى والتربوى والثقافى الحساس يفرض أن يكون اختيار أعضاء المجلس من بين الأعلى مؤهلاً والأرقى تعليماً وثقافة.. فى مواجهة غضبة الأندية شكلت «الأولمبية المصرية» مركزاً للتسوية والتحكيم الرياضى، ليلجأ إليه المتضرر من تطبيق القانون الجديد أو «الاسترشادية»، لكنها اختارت أعضاءه بالتعيين المباشر، من نواب البرلمان والمستشارين!! فتحولت إلى خصم يختار الحكم، ما يطرح شبهة المجاملة، رغم أن المفروض أن تلتزم بإحالة الإشكاليات إلى القضاء، لتسويتها بالدستور والقانون، أو اللجوء إلى «المحكمة الدولية».

قوانين انتخاب رئيس الجمهورية ونواب البرلمان لا تحدد نصاباً قانونياً لعدد المصوتين، فهل تصويت الأندية أهم حتى نحدد لها نصاباً يصل فى الأهلى والشمس إلى 12500 عضو؟! وإذا كان ذلك كذلك فلماذا لم يتم الطعن على إقرار الجمعية العمومية للأهلى لميزانية تقدر بنحو مليار جنيه رغم عدم تجاوز عدد المشاركين فيها 800 عضو؟!.. التصويت فى الرئاسية والبرلمانية يتم على يومين، فما مبررات عدم قانونيته فى «الاسترشادية»؟!.. اختيار توقيت التصويت يؤثر بشدة على نسبة المشاركة، وعندما يفرض الوزير عقد الجمعيات العمومية للأندية خلال أغسطس، موسم الأجازات، ولجوء معظم المنتمين للطبقة الوسطى إلى المصايف، فلا موضع للشك فى أنه يرغب فى تعجيز عموميات الأندية عن توفير النصاب اللازم لإقرار لوائحها الخاصة، وإخضاعها لـ«الاسترشادية».. الأخيرة تمنع أعضاء الفروع من التصويت أو حضور الجمعية العمومية للنوادى، على الرغم من أن أعضاء النادى الأصليين هم من يتحملون أعباء تأسيس الفروع كاملة، بتصميمات عصرية أكثر تطوراً وحداثة من المقرات الأصلية، ثم ينضم أعضاء جدد متحملين أعباء مماثلة توجه لتطوير الخدمات، لذلك فإن المقرات والفروع تصبح متساوية تماماً فى الحقوق والواجبات، فما هو المبرر القانونى الذى استندت إليه «الاسترشادية» لإسقاط حق أعضاء الفروع فى عضوية الجمعيات العمومية وفى التصويت؟! وهل يتسع المبنى الأصلى لاستيعاب جمعية عمومية من أعضاء النادى الأصلى وأعضاء الفروع؟! وهل يمكن توفير أماكن كافية للتصويت؟! وكيف يمكن توفير طاقم إدارى وإشرافى وأمنى وقضائى لإنجاز عملية التصويت والفرز وإعلان النتائج بيسر وأمان؟!.. هى بالفعل لائحة معيبة.

أعضاء نادينا «الجزيرة» وشقيقه هليوبوليس أدركوا التحدى وفرضوا استقلالهم، الشمس «أكبر الأندية» والصيد والزهور والمعادى وقعوا فى فخ «الاسترشادية»، الأهلى حقق النصاب، وأقر لائحته، لكن الوزير و«الأولمبية المصرية» أوقعاه فى مزالق اللائحة متعللين بقيودها اللامنطقية، مستنكرين عداء مجلس إدارته لهم، متناسين أنه مجلس معين فلا مبرر للعداء!!، نسبة النوادى والهيئات الرياضية التى نجحت فى إقرار لوائحها الخاصة قرابة الربع، بينما من اغتصبتهم «الاسترشادية» نحو 75%، وهو ما يستهدفه الوزير حتى تظل خاضعة له ولـ«الأولمبية»، وتلك سذاجة سياسية، لا تعى متغيرات العصر.. تصعيد الأزمة يهدد برد فعل من «الدولية» مضاد للدولة، على نحو ما حدث «يناير 2014» عندما اضطر حازم الببلاوى، رئيس الحكومة آنذاك، إلى وقف قرار أبوزيد وزير الرياضة بإقالة مجلس إدارة الأهلى، ودفعه للاستقالة، تجنباً لوقف «الدولية» للنشاط الرياضى بمصر، ولعل ذلك يفسر حرص شريف إسماعيل رئيس الحكومة على التصويت، وإبراز رفضه للائحة باعتباره عضواً لعمومية نادى هليوبوليس، لينفض يده من خطيئة الوزير، ويعفى نفسه من تبعاتها.. فهل هناك فرصة لمعالجة الأزمة، قبل أن تخرج من أيدينا إلى «لوزان» مقر «الأولمبية الدولية»؟!

 
تعليق واحد

Posted by في 2017/09/05 بوصة غير مصنف