RSS

Monthly Archives: أوت 2012

الهجوم على نقطة رفح المصرية..الأبعاد والدلالات

أبعاد ودلالات الهجوم على كمين القوات المسلحة المصرية بالشيخ زويد قرب معبر كرم ابوسالم على الحدود مع اسرائيل :
1. ان هذا الهجوم لم يكن مفاجئا ، فالإرهابيون يتجمعون منذ اكثر من عامين ويهربون كل أنواع الأسلحة استعداداً لمواجهة كبرى .
2. ان هناك تقصير متعمد فى التعامل مع الأنشطة الارهابية التى تتطور وتنمو بسيناء..لأن هذا النشاط يتم إستخدامه فى بعض الحالات على مستوى التعامل الخارجى كفزاعة فى مواجهة الولايات المتحدة وعلى مستوى السياسة الداخلية لتشتيت إنتباه الرأى العام المصرى عند تعرض السلطة السياسية لضغوط لاتتمكن من مواجهتها .
3. ان حجم القوات المسلحة المصرية المتواجدة بسيناء نتيجة للملاحق المرفقة باتفاقية كامب ديفيد أقل مما يسمح بالسيطرة على منطقة جبلية مترامية الأطراف كسيناء ، ولم يبذل النظام المصرى أية جهود للضغط السياسى من اجل تعديل هذه الإتفاقية لإنشغاله بالأوضاع الداخلية الأمر الذى سهل إجتراء الجماعات المسلحة على نقاط السيطرة المصرية عدة مرات على مدى العامين الماضيين ، فضلاً عن السهولة فى تنفيذ عمليات تفجير خط الغاز لأكثر من 15 مرة بنفس السيناريو دون أى رد فعل من السلطات المعنية .

4. ان بعض القرارات السياسية المريبة التى تم اتخذتها الرئاسة مؤخراً قد قدمت دعماً مادياً ومعنوياً للأرهابيين من الجماعات الجهادية فى سيناء..ونشير هنا الى قرارات الافراج عن قيادات الحركات الجهادية واتاحة حرية الحركة والتنقل لها مما شجعها على التخطيط والعمل .

5. ان مايحدث بسيناء من أنشطة ارهابية هو نتاج للتنسيق الكامل بين بدو سيناء ومنظمة حماس..فالإرتباط بينهما مصيرى سواء فى تهريب الاسلحة والمعدات ، او انشطة التهريب المختلفة بدءاً من المخدرات وانتهاء بالمواد التموينية ، أو المهاجرين من الدول الأفريقية سواء للعمل بإسرائيل او فى مجال تجارة الأعضاء البشرية ، الى الحد الذى اصبح الطرفان يقودان اقتصاد ضخم يتجاوز اقتصاديات العديد من الدول المجاورة بالمنطقة وتربطهم مصالح استراتيجية ، ويكفى هنا الإشارة الى انه اثناء محاولة الإرهابيين الهجوم على القوات الإسرائيلية بمعبر كرم ابوسالم باستخدام المدرعة التى استولوا عليها كانت عناصر فلسطينية من داخل قطاع غزة تغطيها بقصف كثيف من مدفعية الهاون مما يؤكد احكام التخطيط والتنسيق بين الفلسطينيين والبدو الذين هاجموا الكمين المصرى والفلسطينيون الذين كانوا يغطون العملية من داخل قطاع غزة .
6. وفيما يتعلق بالبحث عن أهداف تلك الأعمال الإرهابية فإن اول ماينبغى الإشارة  اليه هو رغبة حماس فى ايجاد منطقة حرة بسيناء تكون لها فيها حرية الإنتقال والإقامة والإستثمار والعمل فى مختلف الأنشطة دون قيود ، بحيث تكون مستقبلاً نواة لمستعمرة فلسطينية تستوعب جزء من الضغط السكانى المتزايد فى غزة . والطبيعى ان تتفق اسرائيل مع الفلسطنيين فى اهمية تحقيق هذا الهدف لأنه يعفيها من ان تكون هى الهدف من الضغط السكانى الفلسطينى ، كما سيتيح لها شكل من أشكال النفوذ بالمنطقة امتداداً لنفوذها على القطاع ، وبالطبع لايمكن ان نغفل أهداف التنظيمات الإرهابية الدولية كتنظيم القاعدة الذى يسعى لإيجاد مرتكزاً له فى سيناء على غرار مافعل فى افغانستان وباكستان والعراق واليمن والصومال .

7. اننا ينبغى ان نعترف بضعف تواجدنا الأمنى – لا العسكرى فحسب – بمنطقة بسيناء.. ويكفى ان نشير الى ان إسرائيل قد قامت برفع درجة استعداد قواتها على حدودها مع مصر منذ ثلاثة ايام بعد تلقيها معلومات اولية تتعلق بالعملية ، واصدرت عبر اجهزة الإعلام دعوة لكل الرعايا الإسرائيليين الذين يقضون اجازاتهم فى سيناء بسرعة مغادرتها والعودة لإسرائيل حفاظاً على حياتهم ..تلك التحذيرات تتناقلها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعى على الملأ لكن الأمن المصرى كان يغط فى ثبات عميق ، وفى تقديرنا ان عدم قيام اسرائيل بإحاطة الجانب المصرى بما توافر لديها من معلومات مبكرة فى هذا الشأن عبر القنوات الدبلوماسية والأمنية يرجع الى ان مصلحتها ان يتنبه النظام الجديد فى مصر الى المخاطر المترتبة على فتح الحدود مع قطاع غزة واتاحة المزيد من حرية التنقل للفلسطينيين ، وقد يتساءل البعض هنا عن اسباب عدم طرح امكانية مشاركة اسرائيل فى تلك العملية والرد على ذلك ان اسرائيل قد اعلنت ماتوافر لديها من معلومات فى هذا الشان عبر المصادر العلنية ، ولو انها شريك فى التخطيط لها لما قامت بذلك حرصاً على توفير فرص النجاح لها .

8. ان مصرغافلة او تتغافل منذ سنوات عن عمليات التهريب التى تجرى عبرالإنفاق مع قطاع غزة ..ان ضخامة واتساع نطاق هذه العمليات وتنوعها كفيل بهدم الإقتصاد المصرى فضلاً عن تهديد أمننا القومى..أزمات الوقود والمواد الاستهلاكية ومواد البناء التى يعانى منها السوق المصرى هى فى جزء كبير منها ناتجة عن هذا التهريب الذى اصبح بمثابة استنزاف يومى لإقتصاديات الوطن .وكلما حاولت مصر تنظيمه او وقفه خاصة بعد فتح المعابر فإن المافيا المستفيدة منه فلسطينياً وعربياً وفى الداخل تعتبره ضربة موجهة للشعب الفلسطينى وتبدأ المزايدات ضد مصر .
9. اننا ينبغى ان نعترف بان هناك نوع من التقصير فى رفع كفاءة أفراد الجيش والشرطة بما يتناسب مع المخاطر التى يتعرضون لها ، حتى اصبح من المعتاد ان نقرأ يومياً انباء عن تصفية عناصر عسكرية بأيدى الارهاب او عناصر شرطة على يد البطجية ، ناهيك عن عمليات الهجوم على الأكمنة والمقرات والمخازن لتهريب محتجزين او سرقة أسلحة . هذا التقصير وان كان ناتج عن تورط الجيش فى مهمة الحفاظ على الأمن الداخلى منذ قيام الثورة وماحدث من انهيار لجهاز الشرطة الا انه ينبغى ان يتم معالجته فوراً وفق خطة موضوعية وزمنية محددة لأن التعامل بسلبية فى مواجهة هذه الظاهرة يمكن ان يكون بداية حقيقية لإنهيار الدولة.
10. ان هذه فرصة لمراجعة السياسات الرئاسية التى أعلن عنها مؤخراً فى اطار العلاقات المؤسسية بين الإخوان المسلمين فى مصر ومنظمة حماس الفلسطينية  وهى : تخفيف القيود الأمنية على دخول الفلسطينيين للبلاد ، وبحث انشاء منطقة استثمار وتنمية حرة داخل الأراضى المصرية على الحدود مع قطاع غزة ، وفتح المعابر بشكل دائم .. هذه السياسات التى انطلقت من وحدة العقيدة وتغافلت تماماً البعد الأمنى وصالح الوطن ينبغى وقفها فوراً، بل واتخاذ الاجراءات الكفيلة بوقف التهريب عبر الانفاق تمهيداً لهدمها واعادة ترتيب أوضاع السكان فى مناطق الحدود على النحو الذى يكفل تأمين البلاد ضد عمليات التهريب والتسلل .
11. كما ان ماحدث فرصة للقيام بمراجعة عاجلة لملاحق اتفاقية كامب ديفيد بحيث يتم زيادة التواجد العسكرى بسيناء بما يسمح للجيش المصرى بتطهيرها وإحكام السيطرة الكاملة عليها
12. وأخيراً .. لعل المهمة العاجلة التى ينبغى تنفيذها فوراً هى سرعة الاتفاق مع الولايات المتحدة واسرائيل على فترة زمنية يسمح خلالها يتجاوز الجيش المصرى كافة القيود الواردة باتفاق كامب ديفيد الى ان يتم التفاوض بشأن تعديله حتى يتمكن الجيش من تمشيط سيناء للقضاء على بؤر الإرهاب .

واتفق فى خاتمة ذلك التناول تماما مع د. المعتز بالله عبدالفتاح من انه لا بد من سرعة تشكيل خلية أزمة بحيث تتحول هذه الأزمة الى فرصة لإعادة السيطرة الكاملة على الحدود المصرية ونسف الأنفاق وتحميل اسرائيل مسئوليتها كدولة احتلال.

جمال طه

 
2 تعليقان

Posted by في 2012/08/06 بوصة غير مصنف