اولاً: تاريخ القناة
“لم يؤثر إنجاز بشرى علي علاقات الأمم بصورة أعمق من شق قناة السويس، فقد اختزلت قارة بأكملها، هي القارة الأفريقية، وأعادت وضع مصر في قلب الدنيا وبؤرة خريطة العالم”.
المؤرخ البريطاني هالفورد هوسكنز
عندما عُرِضَ على محمد على مشروع حفر قناة السويس، لم يتحمس، رغم تقديره لأهميتها الإستراتيجية لمصر والعالم، واشترط لتنفيذها أن تتولى مصر مسئولية التمويل والحفر حتى تكون ملكاً خالصاً لها، وأن تضمن الدول الكبرى حياد مصر، لتنتفع كل دول العالم بالقناة.. بعد اقل من 37 عاماً على وفاته وافق نجله سعيد -متأثراً بصداقة مريبة مع الفرنسى ديليسبس- على منح شركة قناة السويس العالمية امتياز الحفر وحق الإنتفاع99 عاماً وبشروط مجحفة لمصر.. بدأ الحفر25 ابريل1859، استمر10 أعوام، استشهد خلالها قرابة ثلث مليون مصرى.. وتفاقمت ديون مصر بتكلفة حفل إفتتاح أسطورى نظمه الخديوى اسماعيل19 نوفمبر1869.
بحفر القناة انتقل الصراع بين الدول البحرية فى العالم -خاصة فرنسا وبريطانيا- من المحيط الهندي الى البحرين الأحمر والمتوسط، واغتنمت بريطانيا فرصة إفلاس مصر واشترت أسهمها حتى اصبحت أكبر المساهمين في الشركة، واحتلت مصر1882، وسيطرت على القناة، ضمانا لمصالحها الاستراتيجية، وطريق المواصلات البحرى الذى يربطها بمستعمراتها فى افريقيا والخليج والهند.
خلال الحرب العالمية الأولى حاولت تركيا السيطرة على القناة، ولكنها فشلت أمام تقدم القوات البريطانية شمالاً بالتنسيق مع فرنسا فى اتجاه سوريا والعراق، وتم توقيع اتفاق «سايكس بيكو» لإقتسام المنطقة.
في الحرب العالمية الثانية، حاولت قوات المحور الوصول للقناة واحتلالها، من ثلاثة محاور الأول من الجنوب عبر الحبشة، والثانى من الغرب عبر ليبيا، والثالث عبر القوقاز وستالينغراد ومنها الى سوريا ولبنان وفلسطين وصولاً لمصر، لكن بريطانيا ضربت القوات الإيطالية المتقدمة من الجنوب، واوقفت جيش رومل فى «العلمين»، كما أفشل الروس الزحف الألماني على أبواب ستالينغراد، وبذلك استمرت القناة تحت سيطرة بريطانيا.
بعد نجاح الثورة المصرية1952، حاولت مصر تعديل معاهدة القناة، وطالبت بجلاء بريطانيا عنها، وأمام رفضها، وامتناع الغرب عن تمويل السد العالي، وتوريد أسلحة حديثة للجيش المصرى، أممت مصر القناة26 يولية1956، وتعرضت لعدوان بريطانى فرنسى إسرائيلى لإعادة احتلالها نوفمبر1956، ولكن المقاومة المصرية الباسلة، شجعت القوى الدولية على التدخل، ووقف العدوان وأجبار المعتدين على الانسحاب.
دارت بعد ذلك المعارك على ضفتى القناة فى حرب يونية 1967، ماجعلها غير صالحة للملاحة، ثم عبرتها القوات المصريـة للجبهة الشرقية خلال حرب اكتوبر1973، وطردت القوات الإسرائيلية المتحصنة فى خط بارليف، وأعادت افتتاحها للملاحة الدولية فى5 يونية 1975 بعد ان خسرت حركة النقل البحرى فى العالم 13.6 مليار دولار نتيجة لإغلاقها.
*********************************************************
ثانياً: المشروعات المنافسة والبديلة للقناة
عرض تيودور هرتزل في كتابه «أرض الميعاد» 1902 فكرة شق “قناة البحرين” التى تصل بين خليج العقبة والبحر الميت، وقد بدأ التفكير في تنفيذها بعد تأميم القناة، الا ان إخفاق العدوان الثلاثى ادى لإرجائها، ثم حاول «مناحم بيجن» رئيس حكومة الليكود إحيائها اوائل الثمانينات دون جدوى.. يبدأ مدخل هذه القناة عند ايلات، ثم تتجه شمالاً عبر وادى عربة وصحراء النقب، لتنتهى اما عند وادى غزة بطول 280كيلومتر، اوميناء اشدود بطول 300كيلو، اوميناء حيفا بطول 390كيلو، وأضاف «شيمون بيريز» في كتابه «الشرق الأوسط الجديد» سيناريو رابع يؤدى البحر الميت فيه دوراً شبيهاً بالبحيرات المرة المتصلة بقناة السويس، حيث يربط بين قناتين أحدهما تربطه بخليج العقبة، والأخرى بالبحر المتوسط.. وقد أعادت اسرائيل طرح المشروع بقوة عام 2013 وسط تاكيدات بأن البنك الدولي رصد 1,25مليار دولار لإجراء الدراسات البيئية، كما اعتمد تمويلاً قدره 20 مليار دولار.
تزامن طرح اسرائيل لهذا المشروع مع مشروع آخر لإنشاء جسر برى لنقل البضائع والكونتيرات بخط سكك حديدية مزدوج وطريق دولى يمتد من إيلات جنوبًا إلى كريات شمونة واشدود على البحر المتوسط شمالًا بطول 180 كيلومترًا، يتخلله 63 كوبرى، وخمسة أنفاق، ويتم تنفيذه بالتعاون مع الصين بتكلفة10 مليار دولار.
ويتيح هذين المشروعين لإسرائيل اقامة مجتمعات عمرانية جديدة بصحراء النقب تستوعب مليون مهاجر، كما يمكناها من مضاعفة قدرتها النووية باستغلال مياه البحر الأحمر في تبريد مفاعلين جديدين.
فى حديثه لموقع «والا» الإخبارى الإسرائيلى منتصف ديسمبر2013 حذر إفرايم هاليفى رئيس الموساد السابق، من تداعيات هذه المشاريع على معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، مؤكداً ان المصريين لن ينظروا لها باعتبارها تهدد إقتصادهم فقط، وانما باعتبارها تمس كرامتهم الوطنية، التى اصبحت قناة السويس رمزاً لها منذ تأميمها.
ومن المثير للدهشة ان يتزامن طرح اسرائيل لهذين المشروعين مع مشروعين مماثلين طرحهما مفكرون ينتمون للإخوان المسلمين بداية 2013 تضمن الأول حفر قناة موازية لقناة السويس يكون مدخلها الجنوبي ميناء طابا، والشمالي غرب رفح المصرية، بطول 212كيلومتراً، وهو مايعنى افتقارها لأى عمق استراتيجى يسمح للقوات المسلحة بتأمينها، حيث لايفصل بين مسارها والحدود الدولية سوى 3 كيلومتر، مما يجعلها رهينة لإسرائيل وللجماعات المتطرفة فى غزة وسيناء، اما الثانى فقد تضمن مشروعاً لإنشاء طريق برى لنقل حمولات السفن العملاقة التى لايمكنها دخول القناة، يبدأ من ميناء رأس مسلة على خليج السويس بعد تعميقه وتجهيزه، ويمتد حتى ميناء شرق التفريعة بشرق بورسعيد بطول 120ــ150 كيلومترا، وعلى بعد30 كيلو من الطريق المرصوف شرق القناة.
كما طرح بعد ذلك مشروع انشاء قناة بالكامل موازية للقناة الحالية وتبعد عنها بمسافات تتراوح بين 7 و10 كيلومتر، إلا ان هذا المشروع تم رفضه ايضاً لأنه يعرض أمن سيناء والقناتين للخطر، نتيجة لمايفرضه من صعوبات على تحرك القوات لمواجهة اية مخاطر محتملة فى سيناء.
*********************************************************
ثالثاً: مشروع قناة السويس الجديدة
قناة السويس الحالية يبلغ طولها 192 كيلومتر، تسير فيها السفن بصفة عامة في اتجاه واحد، باستثناء 78 كيلو -عند بور سعيد، وفي معبر البلاح، والبحيرات المرة- يتسع عرضها للمرور فى الإتجاهين، ويتضمن المشروع الجديد الذى اعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسى فى 5 أغسطس 2014، حفر قناة موازية من الكيلو 60 الى الكيلو90 بطول 35 كيلو، بالإضافة الى توسيع وتعميق تفريعات البحيرات المرة والبلاح بطول 37 كيلو، ليصبح الطول الإجمالي للمشروع 72 كيلو من الكيلو50 الى الكيلو122، وبالتالى يصبح المرور فى الإتجاهين بطول المجرى الملاحى، مما يقلل ساعات الانتظار للسفن العابرة من 11ساعة الى 3ساعات، كما سيقلل زمن رحلة العبور للسفينة من20ساعة الى11ساعة، ويحقق زيادة فى الإيرادات بنسبة 259%، نتيجة لزيادة عدد السفن العابرة، وإستيعاب السفن العملاقة بغاطس 65 قدم، بالإضافة الى انشاء 7أنفاق أسفل القناة [3 ببورسعيد منهم نفقين للسيارات ونفق سكة حديد -4 بالإسماعيلية منهم نفقين للسيارات ونفق سكة حديد ونفق مرافق] لتسهيل وسرعة الحركة الإستراتيجية من والى سيناء.
مشاريع التنمية والبنية الأساسية
يتضمن الحيز الجغرافى للقناة الجديدة ضخ استثمارت تقدر بـ100 مليار دولار حتى عام 2022 لإقامة 42 مشروع للتنمية والبنية الأساسية تعطى الأولوية منها للمشروعات التالية:
* تطوير طرق [القاهرة/السويس –الإسماعيلية/بورسعيد] إلى طرق حرة، لسهولة النقل والتحرك بين أجزاء الإقليم والربط بالعاصمة.
* إنشاء نفق بالإسماعيلية، وآخر جنوب بورسعيد.
* تطوير ميناء نويبع كمنطقة حرة، وكذا مطار شرم الشيخ.
* إنشاء مأخذ جديد للمياة على ترعة الإسماعيلية حتى موقع محطة التنقية شرق القناة.
ويقدر العائد الاقتصادى للمرحلة الاولى من المشروع بـ216 مليار جنيه بعد تغطية التكلفة.
كما تتضمن باقى المشاريع مايلى:
* تنمية وتطوير ستة موانىء [بور سعيد -شرق بورسعيد -غرب بورسعيد-العريش –السخنة -الأدبية].
* وادي التكنولوجيا بشرق الاسماعيلية والجامعة التكنولوجية الملحقة به، ومدينة الإسماعيلية الجديدة، وضاحية الأمل.
* مناطق للتجارة والنقل شرق بورسعيد، وشرق الإسماعيلية، وشمال شرق السويس، والعاشر من رمضان.
* مناطق حرة برفح، وجنوب السويس.
* مناطق للتنمية السياحية والعمرانية [الطور/رأس محمد -مشروع سياحى متكامل لطريق العائلة المقدسة -مدارس فندقية بمنطقة العريش/الشيخ زويد- قرى ومنتجعات سياحية جديدة بشرم الشيخ -وجنوب نبق -دهب/نويبع -نويبع/طابا].
* عدد من المجمعات الصناعية المتكاملة [للبتروكيماويات بالمساعيد وشمال غرب خليج السويس – للصناعات الغذائية بالشيخ زويد ووسط سيناء – لمنتجات الأسماك بالسويس وشرق بورسعيد – للصناعات الميكانيكية والكهربائية بشمال غرب خليج السويس وشرق بورسعيد -للصناعات التعدينية ومواد البناء بشمال سيناء وأبو رديس وشمال غرب خليج السويس -لبناء وإصلاح السفن شرق بور سعيد -للغزل والنسيج بشرق بورسعيد والشرقية -لصناعات الأسمدة بالشرقية -لمنتجات السخانات الشمسية بوسط سيناء].
* مدينة للطب والعلوم بالتعاون مع جامعات دولية شرق بورسعيد.
* محطة لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية بقدرة 2500 ميجاوات.
* استصلاح 2,159 مليون فدان [400 ألف بشمال سيناء عبر ترعة السلام -1,659 مليون بسهل وادى العريش -50 ألف على مياه السيول بوديان البروك].
التكلفة والتمويل
تبلغ تكلفة انشاء القناة الجديدة 4مليار دولار، كما تبلغ تكلفة الأنفاق 4.2 مليار، وبذلك تبلغ التكلفة الإجمالية للمشروع 8.2 مليار، وتجنباً لتكرار أخطاء القرن الثامن عشر عندما استدانت مصر من الغرب لحفر القناة، فوقعت أسيرة لهذا الدين، فقد قرر السيسى عدم إدراج تلك التكلفة بميزانية الدولة للعام الحالى حتى لايزيد من نسبة العجز، وان يكون التمويل مصرياً مئة بالمئة، من خلال اكتتاب شعبى، وطرح500 الف سهم قيمة الواحد100 جنيه للمصريين بالداخل، و100دولار للمصريين بالخارج، وسهم ثالث لطلبة الجامعات بعشرة جنيهات، كما يمكن للبنوك والشركات الوطنية شراء تلك الأسهم، التى لن يسمح للأجانب بشرائها، كما قرر الرئيس أن يكون المشروع وطنيا خالصا في التنفيذ لإعتبارات تتعلق بالأمن القومى، ولتقليل النفقات.
**********************************************************
رابعاً: قناة السويس بين مرسى والسيسى
فى اعقاب إعلان السيسى عن مشروع القناة الجديدة، بدأ الإخوان حشد إعلامى للتأكيد على انه كان واحداً من مشاريع “النهضة” التى تبناها الرئيس المعزول مرسى، والتى حالت الإطاحة به دون تنفيذها، وبدأوا نشر المقارنات بين ماأعلنه السيسى وماتبناه مرسى، ونظراً لما تضمنته المقارنة من إدعاءات وتشويه، فإن المقارنة الموضوعية هنا تفرض الإستناد فى مرجعيتنا الى وثيقتين رسميتين.. الأولى: مشروع قانون تنمية القناة الذى اصدره مرسى أبريل2013، والثانية: المذكرة التوضيحية التي أعدتها حكومة محلب لمشروع القناة الجديدة:
1- ان ماتم الإدعاء بأنه مشروع مرسى لتنمية محور القناة هو مشروع الدولة المصرية، طرحه حسب الله الكفراوي وزير الإسكان الأسبق على السادات، وأعاد طرحه على مبارك بداية التسعينيات، كما حاول محمد منصور وزير النقل2008 تنفيذ ماتضمنه من مشاريع تتعلق بشرق بورسعيد، لكن ظروفاً مختلفة فى كل مرة حالت دون التنفيذ، اما الإضافة الوحيدة التى تمت للمشروع فهى فكرة السيسى بازدواج المجرى الملاحى التى تستبق تنفيذ المشاريع البديلة [“قناة البحرين” –سكك حديد “إيلات أشدود”] قبل ان تدخل حيز التنفيذ الفعلى، مما يجهض كافة مشاريع تنمية وتطوير القناة، ويحول استثماراتها وانشطتها الى أطلال مهجورة.
2- لم يرسم مشروع مرسى حدوداً لقطاعات إقليم القناة، مكتفياً بالإشارة الى انه يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية، وقد ترتب على ذلك إعطاء الحق لرئيس الجمهورية في اقتطاع ما يشاء من أراض لصالح إقليم القناة، كما استبعد القانون إقليم القناة تماماً من كل النظم والقوانين السارية فى عموم الدولة المصرية.. مشروع السيسى فى المقابل حدد قطاعات المشروع بـ[ميناء شرق بورسعيد والظهير الجغرافي للميناء -ميناء غرب بورسعيد -ميناء العريش -وادي التكنولوجيا بشرق الإسماعيلية -المنطقة الصناعية بشمال غرب خليج السويس -ميناء السخنة -ميناء الأدبية]، وأخضعه لقوانين الدولة المصرية.
3- أسند مرسى إدارة المشروع لهيئة عامة انشأت لهذا الغرض، تخضع مباشرة لرئيس الجمهورية، وهو الذى يضع نظامها الأساسى، ويعين مجلس إدارتها دون أية ضوابط، وأعفى هذا المجلس من التقيد بالنظم الحكومية، بل يديرها بآليات المشروعات الإقتصادية والخاصة!! واعتبر أموال الهيئة أموالاً خاصة يديرها مجلس الإدارة!! ومنح رئيس الهيئة كافة اختصاصات الوزراء ورؤساء الهيئات العامة فى نطاق الإقليم –عدا الدفاع والداخلية والعدل وهيئة القناة- بما يعنى ان محافظى الإقليم يخضعون للهيئة، وينفذون قوانينها لاقوانين الدولة!!.. اما السيسى فقد تمسك بأن تتم إدارة المشروع من خلال هيئة القناة والوزارات والهيئات المعنية فى الدولة تحت اشراف القوات المسلحة.
4- أعفى مرسى هيئة إدارة المشروع من اية مسئولية امام السلطة التشريعية على نحو مايوجبه الدستور، وانما يقتصر إلتزامها على موافاة البرلمان بنسخة من التقرير السنوى “للإحاطة”!! فى حين يُخضع السيسى إدارة المشروع لكافة الجهات الرقابية المعنية بالدولة، كل فى مجال اختصاصه.
5- لم يشتمل مشروع مرسى على جدول زمنى للتنفيذ، كما لم يحدد اسماء او جنسيات الشركات المنفذه له، فى حين حدد المشروع الحالى خطه زمنيه لتنفيذه تستغرق 3 سنوات، وأمر السيسى بزيادة عدد الشركات الوطنية المنفذه لتقتصر مدة التنفيذ على عام واحد.
7- لايحقق مشروع مرسى اية زيادة لعائدات القناة من رسوم المرور، اما القناة الجديدة فسوف تسمح بمضاعفة الطاقة الاستيعابية للقناة لتصل إلى 95سفينة يوميًا، ويضاعف الإيرادات لتقارب 12مليار دولار سنويًا.
8- وهناك فارق جوهرى بين المشروعين فيمايتعلق بمصادر التمويل، فقد تواكب صدور قانون إقليم قناة السويس في عهد مرسى مع إصدار قانون الصكوك، الذى أكد عبدالحميد الجمال وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى المنحل، انه أحد الأدوات التمويلية للمشروع، وهذا القانون سمح بمنح حق الرهن على الأراضي المخصصة لمشروعات البنية الأساسية لمدة تصل إلى 99سنة، بما يخرجها عن السيادة المصرية، ويخضعها للشركات متعددة الجنسيات صاحبة حق الامتياز على هذه الأراضي.. في المقابل تمسك السيسي بأن يتم المشروع بتمويل مصرى خالص.
9- أعطى مرسى للهيئة حق فتح فروع لها بالداخل والخارج دون خضوعها لرقابة الدولة، وكان مقدراً إسناد مسئولية تلك المكاتب للتنظيم الدولى للإخوان، لإستخدامها كواجهات أمامية [سياسية -اقتصادية –أمنية] لتوثيق علاقات التنظيم مع الدول والمصالح الرأسمالية الغربية، وتوسيع نطاق أنشطتة فى افريقيا ودول العالم الثالث، وهو امر لم يسمح به المشروع الجديد لأن الجهات المسموح لها بتواجد تمثيلى بالخارج منصوص عليها فى القانون، وليس من بينها الهيئات التى تدير المشروعات.
***
الأمن القومى المصرى.. “الوطنية فى مواجهة الإخوان”
يدرك الإخوان المسلمين ان الأمن القومى لمصر يعتمد على خمسة مرتكزات رئيسية: استمرار تدفق نهر النيل بمايكفى إحتياجات الرى والشرب/ قناة السويس كشريان للتجارة الدولية ومصدراً للدخل/ تحويلات المصريين بالخارج/ السياحة/ الوحدة الوطنية.. خلال عام واحد حكموا فيه مصر، تعاملوا برعونة وخبث مع قضية “سد النهضة” ليتجسد كواقع مرير يهدد الأمن المائى للوطن والمواطن المصرى.. شاركت عناصرهم ضمن فروع التنظيم بالخارج اومن خلال الجماعات الإرهابية فى الحروب الداخلية الراهنة بسوريا وليبيا والعراق، فتعرض المصريين العاملين بهذه الدول لمخاطر جسيمة، وبدأوا فى النزوح، عائدين للوطن.. استهدفت انشطتهم الإرهابية المراكز والمدن السياحية للحد من تدفق السائحين.. حرصوا على تعميق الإنشقاق داخل المجتمع، بين المسلمين والمسيحيين، وحتى بين المسلمين انفسهم “سنة وشيعة –إخوان وسلفيين…”، ليزعزعوا الوحدة الوطنية.
اما مشروع قناة السويس فقد حرصوا على تطويعه لخدمة أجندتهم؛ بتحويل القناة لإقليم مستقل يعزل سيناء عن الوادى، ويفتت التراب الوطنى ضمن مخطط تقسيم المنطقة، ويسمح بتنفيذ تعهداتهم للغرب، بالتنازل عن المنطقة الواقعة بين قطاع غزة والعريش لتنفيذ مشروع غزة الكبرى، اما باقى شبه الجزيرة فتتحول الى موطن لتجميع منظمات الإرهاب الدولى بمافيها القاعدة، الإستثمارات القطرية والتركية فى اقليم القناة تتم بنظام الصكوك والرهن العقارى والتى قدرت بـ200 مليار دولار بهدف نزع سيادة مصر على القناة، والسماح بالتسلل الإسرائيلى.. ناهيك عن المشروعات التى اجتهد مفكرى الإخوان لوضعها والتى استهدفت إما انشاء موانع مائية طبيعية تعوق تحرك الجيش لمواجهة اية مخاطر محتملة قد تتعرض لها سيناء، او وضعها على الحدود كى تكون رهينة للجيران.
مشروع قناة السويس الجديدة الذى أعلنه الرئيس السيسى سحب البساط من تحت اقدام المتآمرين على مصر، فى الخارج والداخل، وضرب المشاريع المنافسة فى الصميم، وضمن أمن القناة، وأمن سيناء، وعمق ترابطهما مع الوادى واجتذب السفن العملاقة التى تعجز عن دخول القناة الحالية، ما يعنى المزيد من الخير والتنمية والبناء على أرض المحروسة.