RSS

Monthly Archives: جانفي 2014

انتخابات الرئاسة.. بين معطيات الداخل ومؤثرات الخارج

Image

بعد الإطاحة بمرسى، أكد الفريق أول عبد الفتاح السيسي أنه “لايتطلع إلى السلطة”.. الضغوط الشعبية اضطرته لترك الباب مفتوحا لأن الأمر “عظيم وجلل، والله غالب على أمره”.. اتساع الحشد لترشحه، فرض على المجلس الأعلى للقوات المسلحة مناقشة الموضوع.. رؤيا طرحت المخاوف من تفسير ترشحه باعتباره هدف تدخل الجيش.. وأخرى رأت انه لاموضع للمخاوف حال ترشحه استجابة للمطالب الشعبية.. وخرج السيسى 11/1/2014 ليؤكد انه “لايستطيع إعطاء ظهره لمصر، لكن المصريون عندما أرادوا.. نزلوا إلى الشوارع والميادين”.

       الفريق سامى عنان.. طمأن واشنطن خلال زيارته 23يناير2011 الى عدم تدخل الجيش لقمع الثورة، قاد الإنقلاب الناعم على مبارك، شارك فى مؤامرة تمكين الإخوان من الحكم، واستسلم بخزى ومهانة لصفعة مرسى عندما اطاح به وبالمشير، وفى إطار مشروع بديل لسقوط الإخوان بدأ حملته الرئاسية من مطروح20 سبتمبر2012.

       الفريق أحمد شفيق.. الفائز الحقيقى فى رئاسية 2012، يمهد لعودته بحملة إعلامية شارك فيها المنجمون، لكنه سيصدم بحقيقة ان ثورة 30 يونية قد قضت على نظام مبارك بأضلاعه الأربعة.. الرئيس، والوريث، والتلميذ، والإخوان فزاعة النظام، وخلفاء حكمه.

      اللواء مراد موافى.. لم يعلن دخوله السباق، لكنه مرشح محتمل منذ إقالته من المخابرات أغسطس2012 بعد كشفه مسئولية مرسى عن مذبحة رفح، ورفضه لخطة القضاء على الجماعات الإرهابية والتكفيرية بسيناء.

     مؤتمرات التنظيم الدولى للإخوان فى لاهور واستانبول اوصت بترشيح عبدالمنعم ابوالفتوح للرئاسة، اما سليم العوا فهو مرشح إحتياطى مالم يتم اعلان حكومة منفى برئاسته.. خالد على تموله الجماعة – بحجة الدفاع عن متهميها – ليتمكن من شن حملة قادرة على تفتيت اصوات مرشحى التيار المدنى.

      حمدين صباحى.. اعتبر ان سؤاله عن تأثير ترشح السيسى على موقفه “سؤال مقحم”، وفى مغازلة صريحة للتيارات الدينية “استخار الله وأعلن ترشحه للرئاسة”، داعياً الى حل سياسى مع الإخوان، وبقاء السيسى وزيراً للدفاع!!   

       ثمانية وجوه مطروحة على الساحة، ربما تراجع بعضهم، وقد يتقدم المزيد، وفى كل الأحوال فإن معركة الإنتخابات الرئاسية بدون السيسى ضارية، ونتائجها كارثية، لكنها بوجوده معركة أحادية محسومة قبل ان تبدأ.

***

إشكالية المرشحين المدنيين

      مرسى اول رئيس مدنى للجمهورية، وللمرة الأولى فى تاريخ الدولة المصرية يحدث ذلك الصراع بين الرئاسة ومؤسسات الدولة.. الجيش، الشرطة، القضاء، الإعلام، حتى مؤسسة الأزهر.. مرسى أستاذ جامعى، لم يرأس إدارة، لم يدير مؤسسة، فكيف يدير دولة؟! لمقعد الرئاسة استحقاقات ينبغى استيفائها، إدارة الدولة تستلزم حد ادنى من علم وخبرة الإدارة، السياسة، الإقتصاد، الإجتماع، الإستراتيجية والتكتيك، وقدرة على التنسيق وحسن المواءمة، وهو مايكتسب بالدراسة والممارسة والتدرج فى المناصب التنفيذية والإدارية، والدورات التدريبية، المؤسسة العسكرية تؤهل قادتها لذلك، اما المرشحين المدنيين المحتملين فالأول تقتصر خبراته على إدارة لجنة خيرية فى نقابة مهنية، والثانى والثالث تنحصر خبرتهما فى ادارة مكاتب محاماة، اما الأخير فهو رئيس تحرير لجريدة لم يتجاوز توزيعها بضع مئات.. افتقار واضح لإستحقاقات المنصب ومتطلباته، ينبىء بفشل إدارى وسياسى، وتكرار لتجربة الصدام بين الرئاسة ومؤسسات الدولة.. وصول مرشح مؤهل للحكم بعد تلك الأزمة يجنبنا تكرارها، على ان يتولى البرلمان القادم تحديد مواصفات المرشحين، والحد الأدنى لمؤهلاتهم وخبراتهم، ودور الأكاديميات ومراكز الدراسات والبحوث فى تدريب وتأهيل المدنيين على مهارات الإدارة، إضافة لتفعيل دور الأحزاب فى التأهيل السياسى لكوادرها.

الموقف العربى من مرشح الرئاسة

      لم يحدث من قبل ان كان التأثير المتبادل بين الموقف العربى والإنتخابات الرئاسية فى مصر بمثل هذا القدر من القوة، خطة التقسيم الطائفى والعرقى التى كشفتها النيويورك تايمز سبتمبر2012 قسمت العراق، وتقسم سوريا، وتسعى لتفكيك الجيش حتى تقسم مصر، وهى نفس الخطة التى تستهدف السعودية، حروب الجيل الرابع التى اسقطت السودان، وتستهدف ليبيا واليمن، كادت ان تسقط البحرين، معطيات الموقف الإستراتيجى الراهن بالمنطقة جعلت من مصر حجر الزاوية فى الأمن الإقليمى العربى.. لوسقطت ينهار دون عناء.. إدراك دول الخليج لهذه الحقيقة، وامتلاكها قدرات اقتصادية وتمويلية ضخمة حولها لرمانة ميزان لمستقبل المنطقة، إما ان تنشىء نظام إقليمى وأمنى يجمعها بمصر ويحول دون انهيارهما معاً، تمهيداً لإعادة ترتيب الأوضاع بالمنطقة، او لاموضع لحديث عن مستقبل عربى.. بهذا الطرح يكون للخليج صوت مؤثر فى الإنتخابات المصرية.  

      دول الخليج تدرك أهمية دعمها لمصر خلال المرحلة المقبلة، لتجنيبها مخاطر الإنتقام من سقوط الإخوان وآثار الأزمة الإقتصادية، كما تعى مصر أهمية دورها فى ضمان أمن الخليج، تلاقى المصالح يحدد رؤية هذه الدول تجاه مرشحى الرئاسة، لأن فوز أحدهم ينعكس على حجم التوافق المصرى الخليجى فى مرحلة فارقة.

      دول الخليج لاترحب بأى مرشح ينتمى للتيار الإسلامى، او مدعوماً منه، وذلك بعد تجربتها المريرة مع نظام الإخوان الذى أنعش الخلايا النائمة على اراضيها، واستخدم ايران للضغط عليها، كما لاتبدى ارتياحاً لصباحى.. محاولته ارتداء قميص عبدالناصر يعيد لذاكرتها مرحلة المواجهة بين مصر الجمهورية وأنظمتها الملكية، وإثارته لبعض الإشكاليات الإجتماعية قد ينطوى على تأليب بعض الفئات ضد الحكام، ناهيك عن تاريخ علاقته مع صدام حسين والقذافى، وتفاهماته مع مرسى.. موسى بالنسبة لهذه الدول وجه مقبول، بكل ماعرفوه عن دبلوماسيتة من قدرة على الموائمة.. اما نظرتها للمرشحين العسكريين فهى ترى ان إستقرار مصر على مدى السنوات الماضية ارتبط بحاكم ينتمى للمؤسسة العسكرية، واذا كان الإختيار ينحصر بين السيسى ومتنافسين ينتمون ايضاً لنفس المؤسسة فهى تفضل الأول لأن المرحلة المقبلة تتطلب قائد ينطلق من حركة، لا من يجتر ذاكرته، ولعل ذلك يفسر رفضها للطلب الأمريكى بالتدخل لعدم ترشح السيسى.

الموقف الدولى من مرشح الرئاسة

      الولايات المتحدة تتبنى موقفاً معلناً ورافضاً للسيسى، فهى لاتريد لمصر قيادة كاريزمية، تحفظ تماسك الجيش، تعيد فعالية المؤسسات، تحرك الجماهير، تتخطى الحدود الى المنطقة العربية، تحشدها لإحباط مخططات التفتيت، وسداد الثغرات التى تنفذ منها حروب الجيل الرابع، وإزالة آثار “الفوضى الخلاقة”، واشنطن تعتمد على التنظيم الدولى للإخوان وركائزها بالمنطقة “قطر –السودان –تركيا”.. التنظيم يرفض إجراء الإنتخابات الرئاسية فى إطار دستور جديد يؤسس لشرعية جديدة، لاوجود للإخوان داخلها إلا كتنظيم ارهابى، لأول مرة فى تاريخ الجماعة.. العمليات الإرهابية وإثارة الفوضى هى الوسيلة الوحيدة للحيلولة دون استقرار الأوضاع فى البلاد، والتحرش العسكرى على الحدود مع السودان بشأن حلايب وشلاتين وعمليات التهريب عبر الحدود متوقع خلال المرحلة المقبلة، لإستدراج تشكيلات إضافية من الجيش فى اتجاه الجنوب وتخفيف الضغط على الجماعات المسلحة فى سيناء، بمايسمح بدفع تعزيزات للإرهابيين عبر الحدود الشرقية والغربية.. حكمة التعامل مطلوبة، فالأولوية للإنتهاء من الإستحقاقات الدستورية، واستكمال مؤسسات الدولة.. التنسيق المبكر مع حلفاء مصر فى الخليج، والعالم “روسيا والصين…” للتهدئة ونزع الفتيل أمر حتمى لتجنب إختيارات مرحلة الأزمة، لأن أحلى مافيها مرُ. 

***

      عملية حساب أوزان القوى المؤيدة لكل مرشح سابقة لأوانها، الطريقة التقليدية للحساب تعتمد على رصد مواقف القوى والأحزاب.. يصطف خلف السيسى المصريين الأحرار، الناصرى، التجمع، المصرى الديمقراطى، الجبهة الديمقراطية، جبهة مصر بلدى، وحملات كمل جميلك، نريد، قرار الشعب، بأمر الشعب، ومعظم الكتلة الصوفية “جبهة الإصلاح – الطريقة العزمية – شباب الصوفية”، اما أنصار الشيخ حاتم عنان فمن الطبيعى ان ينحازوا لشقيقه المرشح للرئاسة، حزب الكرامه الذى اسسه صباحى وحزب المؤتمر سينحازان للسيسى حال ترشحه،  وإلا فالأول أقرب لمؤسسه، والثانى أقرب لموسى، حركة تمرد رغم انقسامها فأغلبيتها للسيسى، الوفد يتراجع عن تأييده لشفيق، وقد ينحاز للسيسى، والا فقد يدعم صباحى، عبد المنعم أبو الفتوح سيستأثر وحده بأصوات الإخوان والجماعة الإسلامية وحزب الوسط وحزبه “مصر القوية” والسلفيين باستثناء اعضاء حزب النور.. شباب 30 يونية، حزب الدستور، الحركات الإشتراكية واليسارية والأناركية والإشتراكيين الثوريين قد يميلوا لصباحى، الجمعية الوطنية للتغيير وحركة 6 ابريل يرفضان رئيس ينتمى للمؤسسة العسكرية لكنهما لم يتفقا على مرشح، شفيق لم تعلن تأييده سوى حركة شباب الإخوان المنشقون وحزب الحركة الوطنية وبعض قبائل البدو فى البحر الأحمر.

***

     الحقيقة ان طريقة الحساب التقليدية تلك لاعلاقة لها بالواقع السياسى على الأرض، فالإنتخابات الرئاسية المقبلة يحسمها “حزب الكنبة” لا السياسيين ولا القوى والأحزاب، وترشح السيسى يحسمها لصالحه، من الجولة الأولى، ويجنبنا عودة “حزب الكنبة” الى البيوت، والدخول فى “حسبة برمه” تعيد للمشهد تأثير فئة “عاصرى الليمون” وأدبيات الصراع بين “الفلول والإخوان والعسكر”، ونتائج درامية صادمة نتيجة تفتيت أصوات المرشحين المدنيين والعسكريين، وتصدر ابوالفتوح للمشهد.. نتيجة انفاق بالغ الضخامة، واتساع غير مسبوق لحملة حشد الأنصار والمؤيدين بمختلف الوسائل والأساليب.

***

     السيسى خاطر بحياته حين بادر بقيادة عملية دعم الإرادة الشعبية 30 يونية 2013.. هل أقدم على تلك المخاطرة ليشاهد الإخوان بعد عدة شهور يستعيدوا خطف الدولة المصرية؟! واذا كان الوضع الراهن لعلاقته بمؤسسه الرئاسة غير قابل للتثبيت إزاء رفض المستشار عدلى منصور الترشح، فهل السيسى من ذلك النمط من الرجال الذين يعطون أولوية لمصالحهم الذاتية فى البحث عن الأمان والهدوء الشخصى؟!

الخروج الرابع للشعب بعد30/6 و3/7 و26/7/2012 يدفع السيسى رسمياً لموقعه فى قلب الوطن. 

 
أضف تعليق

Posted by في 2014/01/24 بوصة غير مصنف

 

نعم”.. بعيداً عن الدستور”

Image

      تصويتك بـ”نعم” ليس على الدستور او مواد التى قد نتفق معها او نختلف على بعضها، ثم انها قابلة للتعديل والتغيير مستقبلاً، لكن التصويت بـ”نعم” إقرار لمشروعية الدولة المصرية فى مواجهة مشروعية تنظيم.. مشروعية وطن فى مواجهة مشروعية جماعة الإخوان.

      ان الموافقة على الدستور تعنى سقوط شرعية مرسى والإخوان، وبالتالى تأسيس مشروعية جديدة لثورة 30 يونية.. لذلك فإن الإخوان الذين يدعون الشعب للمقاطعة يدعون أعضاءهم وأنصارهم للمشاركة والتصويت بـ”لا”، فى نفس الوقت الذى يطلقون فيه التهديدات بأعمال إرهابية بهدف التخويف ومنع نزول الشعب للتصويت، فضلاً عن قيام أعضاء الجماعة بعمل ازدحام مفتعل وتعطيل للطوابير لإجبار المصوتين على مغادرة اللجان وعدم التصويت، ولذلك فإن الإلتزام الوطنى والأخلاقى يفرض على كل من نزل فى 30 يونية و3و26 يولية ان يصر على الوصول للصندوق والتصويت بـ”نعم”.

       ان إقرار الدستور الجديد يعنى استكمال عملية تغيير استراتيجى شامل للأوضاع السياسية فى الشرق الأوسط والتوازن الدولى فى العالم، تلك حقيقة فرضتها ثورة الشعب فى 30 يونية التى اسقطت الإخوان وأجهضت تنفيذ المخطط الأمريكى لإسقاط الدولة المصرية وتفتيتها فى إطار الشرق الأوسط الجديد، وهو المخطط الذى بدأ منذ 2006 إعتماداً على نظرية الفوضى الخلاقة، وباستخدام الجيل الرابع من الحروب، المخطط اصبح أمر واقع فى السودان والعراق، وجارى تنفيذه فى سوريا، وخرائط تقسيم السعودية واليمن وليبيا وباقى دول المنطقة كشفت عنها النيويورك تايمز فى سبتمبر2012 لتدرك دول الخليج انها الفريسة التالية.. بعد ثورة مصر فى 30 يونية.. السعودية قالت “لا” للولايات المتحدة عندما رفضت عضوية مجلس الأمن، وأكدت ذلك بتضامنها مع دول الخليج فى رفض الطلب الأمريكى بالضغط على مصر لمنع ترشح السيسى، وقررت التضامن السياسى والإقتصادى معها حتى تعود لدورها الرائد فى المنطقة وكفالة امنها، وفى نفس الوقت التعهد بتمويل صفقات تسليح روسية لمصر كبديل لوقف الدعم العسكرى الأمريكى.. التصويت بـ”نعم” وإقرار الدستور ينهى الهيمنة الأمريكية على الشرق الأوسط ويوقف مخطط الفوضى الخلاقة ويعيد التوازن الدولى بالمنطقة.

      رسالتى الى حزب الكنبة والـ”33″ مليون مواطن الذين خرجوا ايام 30يونية و3 و26 يولية 2012 هى انه ينبغى الا يحول بينكم وبين الصندوق أى حائل مهماً كان.. ابناء الشرطة الذين يخرجون للتصدى والإرهاب اليوم يدركون ان 420 شهيد منهم قد قضوا فى تلك المواجهة لكنهم يصرون على استكمال المسيرة حتى تطهير مصر ، ورجال القوات المسلحة الذين يتصدون للحرب ضد الإرهاب الدولى المسلح فى سيناء والوادى اعينهم على زملاء لهم استشهدوا او جرحوا ابان تلك الحرب لكنهم لن يتراجعوا حتى يحفظوا لمصر وحدتها ولأرضها قدسيتها وطهارتها.. الوصول للصندوق هو تحدى مصر القادم الذى لابديل للنصر فيه، وتمرير الدستور يمثل نقطة إنطلاق نحو المستقبل.

 

 
2 تعليقان

Posted by في 2014/01/12 بوصة غير مصنف

 

مصر.. ومجلس التعاون الخليجى

Image

       التطورات الداخلية تستغرقنا عن تغيرات جذرية تجرى فى دوائر الأمن القومى الخارجية، رغم ان الفارق بين “المحظورة” و”الإرهابية” على نطاق الداخل اقل اهمية بكثير من الفارق بين استقرار الخليج واضطرابه، وان القرارات الوزارية لاتحدث أثرها الا بقوة الحكومات وفعاليتها.. الولايات المتحدة دفعت الإخوان للحكم، لينفذوا مخطط تفتيت المنطقة، وعندما سقطوا وتأكدت من عجزهم، فاجأت حلفائها بالإتفاق مع ايران، بعد تعهدها بضمان أمن اسرائيل وسلمية البرنامج النووى، مقابل عدم المساس بمصالحها فى العراق وسوريا ولبنان، خطة الإنسحاب الأمريكى من افغانستان تنفذ بنفس سيناريو ماتم بالعراق، دون ضمانات لإستقرار الحكم أو أمن المواطنين، ودون ان تقدم لحلفائها بالمنطقة مايؤكد استعدادها لدعمهم، او الدخول فى مواجهة دفاعاً عن مصالح مشتركة، تصريح اوباما بأن “بلاده ستحقق اكتفاءً ذاتياً من النفط خلال سنوات لاتتجاوز اصابع اليد الواحدة” يعكس تراجع أهمية الخليج، وعدم ممانعتة فى ان يتحول الى بؤرة إضطراب بمايحد من تدفق البترول للقوى الدولية المنافسة لأمريكا.. البحث عن حليف استراتيجى بديل اصبح الشغل الشاغل لمتخذى القرار فى دول مجلس التعاون الخليجى، وإعادة ترتيب الأوضاع بالمنطقة، يطرح العديد من البدائل والسيناريوهات.

***

اولاً: سيناريو الإتحاد

       الملك عبدالله حاكم السعودية أطلق فى قمة الرياض ديسمبر2011 دعوته “من التعاون الى الإتحاد”، تحمست البحرين للفكرة، الكويت والإمارات وقطر لاتزال تدرسها، لكن سلطنة عُمان عارضتها لأنها من وجهة نظرها تستهدف مواجهة ايران التى تراها صديقة وليست مصدراً للتهديد، حتى انها استضافت المفاوضات السرية المتعلقة بالإتفاق النووى بين ايران والمبعوثين الأمريكيين ويليام بيرنز وجيك سوليفان منذ مارس2013، تباين المواقف يعنى ان التمسك بـ”الإتحاد” قد يؤدى لإنفراط عقد “التعاون”.

        القمة الخليجية 34 بالعاصمة الكويتية 11ديسمبر2013 حاولت لحلحة الموقف العمانى بإقرارها إنشاء قيادة عسكرية موحدة، وجهاز للشرطة الخليجية، إحياءً لإقتراح قابوس فى قمة الكويت ديسمبر1991 ببناء قوة دفاع مشترك قوامها 100 الف جندى من مواطنى دول المجلس الست، لكن المتغيرات السياسية التى طرأت منذ ذلك الحين، ودفعت عُمان لرفض صيغة “الإتحاد” و”مقترح العملة الخليجية الموحدة” قد لاتُخرج المشروع الجديد الى حيز التنفيذ.

ثانياً: سيناريو اتفاقات التعاون الثنائى

     اتفاقات التعاون الثنائى أحد البدائل المطروحة، أهمية المنطقة وثروات دولها تدفع الجميع للتجاوب.. ربع الإنتاج العالمى من النفط والغاز، ثلث الإحتياطى العالمى، وبقدوم2030 ستكون دول مجلس التعاون الست مجتمعة سادس أكبر اقتصاد في العالم، وفقاً لـ”إدموند دي سيلفيان” رئيس مجموعة “ميد” البريطانية في كتابه «الخليج الجديد The New Gulf».. اتفاقات التعاون الثنائى تعكس منافع متبادلة لكنها بالتاكيد لاتكفل الأمن عند مواجهة مخاطر جدية.. وهناك ثلاثة دول تحظى بالأولوية:

 1- فرنسا

       تعتبر هى الإختيار الإستراتيجى الأول.. ترتبط بمعاهدات دفاع مشترك مع كافة دول المجلس باستثناء عُمان، فى مفاوضات جنيف حول البرنامج النووى الإيرانى اعتبرت الرياض باريس بمثابة الناطق باسمها، لأن مواقف الدولتين متطابقة بشأن الموقف من ايران وتسليح المعارضة السورية، السعودية والإمارات دعمتا فرنسا فى تدخلها ضد مجموعات القاعدة فى مالى حفاظاً على دورها كقوة دولية، لفرنسا قاعدة عسكرية فى ابوظبى، والسعودية وقعت صفقتى تسليح الأولى ست فرقاطات “فريم” الأكثر تطورا في العالم، و ست غواصات بتكلفة 10 مليار يورو، والثانية تطوير وتحديث شبكة الدفاع الجوى السعودي بـ4مليار، وجارى التفاوض حول صفقة مروحيات وقاذفات وصواريخ لتصل الصفقة الى 20مليار يورو.

2- بريطانيا

       رغم الإنسحاب البريطانى من الخليج1971، الا ان التعاون الإستراتيجى مع دوله قد استمر فى النمو، الجالية البريطانية فى الخليج تزيد عن 60 الف، الإستثمارات القطرية فى بريطانيا 20 مليار استرلينى، مقرر زيادتها بنحو 10 -15 مليار أخرى، قطر هى المُصَدر الأول للغاز الطبيعى لبريطانيا.

        مقر قيادة البحرية البريطانية فى الخليج يقع بالبحرين، وطائرات سلاح الجو الملكي البريطاني “تورنادو” تتمركز بقاعدة المنهاد البريطانية جنوبى دبي، وطياروها بالرياض يدربون السعوديين على استخدام طائرات التايفون في إطار صفقة تشمل 72 مقاتلة، مفاوضات لصفقات مماثلة مع عُمان والبحرين، وتدرس قطر والكويت صفقات مماثلة، الأكاديميات البحرية في قطر والكويت تم تأسيسها على غرار الأكاديمية العسكرية الملكية في ساندهيرست واسندت ادارتهما لبريطانيا التى تشارك بقوة فى تطوير الصناعات العسكرية الإمارتية.

        الجنرال سير ديفيد ريتشاردز رئيس الأركان البريطاني اكد انه “بعد أفغانستان، سيصبح الخليج الجهد العسكري الرئيسي لنا.”. استراتيجية تعتمد على النشر المسبق للقوات والمعدات لطمأنة حكومات المنطقة فى مواجهة الطموحات الإيرانية، تقرير المعهد الملكى للخدمات المتحدة أكد ان “الإنتشار العسكرى البريطانى فى منطقة الخليج” يقتصر على اتفاقيات دفاع مشترك، وتصدير سلاح، وعمليات تدريب لجيوش المنطقة، ولكن دون تورط مباشر فى اية حروب، او تدخل فى إضطرابات طائفية.

3- المانيا

        الحكومات الألمانية المتعاقبة حاولت تقييد صادرات الأسلحة للحكومات غير الديمقراطية، لكنها تحت ضغط هيئات الصناعة وافقت على استخدام مبيعات الاسلحة كأداة لتأمين احتياجاتها الإستراتيجية من المواد الاولية والوقود ومصادر الطاقة، لأنها تضمن قدرة الطرف المتلقى على الدفاع عن ثرواته وتأمين استقراره ، الصادرات الألمانية من الأسلحة لدول الخليج تتضاعف بمعدلات متزايدة، 570 مليون يورو2011، ارتفعت الى 1.42 مليار يورو2012، مرشحة لزيادة اكبر2013، السعودية تخطط لشراء خمس غواصات 209 بـ2.5 مليار يورو، ضمن صفقة 25 غواصة بـ12.5 مليار، وابدت اهتماما بشراء زوارق دورية بـ1.5مليار و800 دبابة “ليوبارد-2” بـ8 مليار، إضافة الى مدرعات “دنجو” و”بوكسر”.. وقطر تسعى لشراء 200 دبابة “ليوبارد-2” بـ2 مليار.

 ثالثاً: حلف الناتو ومبادرة استانبول

         وجه الحلف تلك المبادرة 2004 لدعم دول مجلس التعاون الخليجى، لكن ماعرضه من ضمانات كان هزيلاً، لايزيد عمايتحقق من خلال إتفاقيات التعاون الثنائى، اما مبدأ “الدفاع المشترك” فهو يقتصر وفقاً للمادة (5) من الميثاق على الدول الأعضاء، وبالتالى فهو غير متاح لدول الخليج، السعودية وعُمان رفضتا المبادرة، اما الكويت والإمارات وقطر والبحرين فلم تستفد سوى بتعاون محدود فى مجال تبادل المعلومات، مسئولو الناتو اجتمعوا بأبوظبى2009 وسفراء الحلف اجتمعوا بالدوحه2011 لإحياء المبادرة، لكن دون جدوى.

رابعاً: سقوط الشريك التركى

         كانت تركيا أحد الدول التى تتنامى علاقاتها بدول الخليج فى شتى المجالات حتى اصبحت من بين الدول الأكثر تأثيراً فى المنطقة، غير ان هذه العلاقات قد تراجعت على نحو ملحوظ، التأييد التركى للإخوان، ومعارضتها للثورة الشعبية فى مصر، فتح أراضيها امام أنشطة التنظيم الدولى، السماح باستقبال المطلوبين فى قضايا إرهاب بمصر، تحمسها للإتفاق النووى الإيرانى، تنامى العلاقات السياسية مع طهران الى حد توقع زيارة اردوغان لإيران يناير 2014، التعاون فى مجال المخابرات، كل ذلك ابعد تركيا عن دائرة الإهتمام الخليجى، ودفع دوله الى الحد من استثماراتهم فيها.

خامساً: مصر.. وأمن الخليج

        الدفاع عن امن الخليج جزء رئيسى من الإستراتيجية الوطنية لمصر الحديثة، الجيش المصرى لم ينتقل خارج حدود الوطن فى مهام قتالية الا مرتين، الأولى فى اليمن1962، الإستعمار البريطانى يحتل الخليج وجنوب اليمن، الدعوة للتحرر الوطنى تدغدغ المشاعر، حالة من المراهقة الثورية دفعت بالشقيقين المصرى والسعودى لتناقض، تجاوزاه بعد نكسة1967، الثانية خلال حرب تحرير الكويت1991.

        المتغيرات الدولية، والتهديدات الموجهة لدول المنطقة، تفرض على مصر ودول الخليج إعادة النظر فى صياغة الأمن القومى المشترك من منظور استراتيجى:

1- ثلثى انتاج دول الخليج من النفط يمر من مضيق هرمز الى باب المندب ثم قناة السويس، لذلك فإن مصر ودول التعاون الخليجى تجمعهما منطقة جغرافية مشتركة لايجوز التعامل مع أمنها إلا كوحدة واحدة.

2-  أهمية تحقيق التكامل بين الصناعات الإستراتيجية فى مصر ومثيلتها فى دول الخليج.. السعودية تنتج الدبابة “ليوبارد” والمدرعة “فهد”، هياكل وقطع غيار “بوينج”، الأنظمة الإلكترونية العسكرية AEC، أنظمة الإتصالات، صيانة وعمرات القاذفات والمقاتلات F15 و C130.. الإمارات تنتج الطائرات (بدون طيار UAV’s- تدريب -مقاتلات خفيفة دون بصمة رادارية) بناء واصلاح السفن الحربية (الإبرار -الزوارق –الغواصات –الفرقاطات) انتاج الصواريخ.. هذا بخلاف توطن الصناعات البتروكيماوية بدول المنطقة.. التنسيق يحقق قدراً من الإكتفاء الذاتى ويشكل أحد ضمانات الأمن القومى لمصر ودول المجلس.

3-  ان الإحتياطات النقدية لدول مجلس التعاون الخليجى اقتربت بداية 2013من 800مليار دولار، معظمها سعودية، وعلى هيئة ودائع بالبنوك الغربية، ماتكشف من مخططات ضد دول المنطقة، وتجارب العرب مع تجميد الأرصدة وقت الأزمات يفرض اعادة توزيعها وتوظيف بعضها بشكل يعظم عائداتها، ويؤمنها ضد الإستغلال السياسى.

4- أهمية السوق المصرى الكبير لإقتصاديات دول الخليج التى بدأ انتاجها يتجاوز قدرات اسواقها الإستهلاكية.

5- القوات المسلحة المصرية وأجهزتها الأمنية هى الوحيدة بالمنطقة القادرة على التصدى للمخاطر والتهديدات التى تتعرض لها دول الخليج، دون تطلع او أطماع.. دورها فى حرب تحرير الكويت يؤكد ذلك.. وتمسك قيادتها بعقيدتها القتالية –فى مواجهة الضغوط الأمريكية لتحويلها الى قوات لمكافحه الارهاب- حافظ على دورها كقوات محاربة قادرة على مواجهه التحديات الإستراتيجية بالمنطقة.

6- ان عدم تدخل ايران فى دول المنطقة، وتسوية مشاكلها المعلقة مع دول الخليج، يمثل شرطاً لأى تعاون عربى ايرانى مثمر، وذلك واحداً من المحاور الرئيسية التقليدية لسياسة مصر الخارجية، لم يتعرض لأى استثناء الا خلال حكم الإخوان الذى اطاح به الشعب لخروجه عن المسلمات الوطنية والقومية.

***

      الشراكة المصرية الخليجية ليست مجرد أمنيات.. لكنها حقائق تمشى على الأرض، ونحن مشغولين عنها بهموم الداخل، فبعد نجاح الثورة المصرية يناير2011، طرحت بقوة مسألة ضم مصر لعضوية مجلس التعاون الخليجى.. القائد العام لقوة دفاع البحرين دعا 1/8/2011 إلي التفكير بجدية في إمكانية إنضمام مصر إلي المجلس كعضو فاعل، مؤكداً انها الوحيدة القادرة علي حفظ أمن الخليج، وهي العمق الاستراتيجي لدول المجلس.. وزير الخارجية البحرينى بعد مقابلة الشيخ حمد بن عيسى للمشير طنطاوى 31/10/2011 اكد “أن بلاده أول من دعا لضم مصر لعضوية مجلس التعاون عقب إثارة موضوع ضم الاردن والمغرب” وقال “ان مصر هى الأولى، وأى تكامل بالمنطقة لابد أن تكون مصر جزءاً أساسياً فيه”.

      وزير الخارجية الكويتي أكد نهاية يناير2012 أن مسألة انضمام مصر يتم مناقشتها بالفعل داخل مجلس التعاون، لأنها يمكن أن تلعب دوراً هاماً في قضايا الخليج، وإحداث توازن بالمنطقة، وفى منتصف يولية2012 أكدت هيرالد تريبيون الأمريكية وجود اقتراح سعودى بضم مصر إلى دول المجلس، وفى اول زيارة لحاكم خليجى لمصر بعد ثورة 30يونية أكد حمد بن عيسى – من خلال ترأس بلاده لمجلس التعاون الخليجى – على أهمية الشراكة بين مصر ودول المجلس.

   رسائل صريحة، وأطراف خيوط .. انشغل المسئولين عنها بهموم الداخل، أرجو الا يلتقطونها بعد فوات الأوان!!

 
تعليق واحد

Posted by في 2014/01/05 بوصة غير مصنف

 

تخابر الإخوان..واجتزاء الجرائم

Image

          مؤسس الإخوان.. حسن احمد عبدالرحمن محمد “البنا الساعاتى”.. مابين الأقواس ليس استكمالاً لأسماء أجداده لكنها القاب.. “البنا” هى ترجمة كلمة ماسونى Mason، وتجنباً لتفسيرها على انها تشير لمهنة “بناء”، أضيف لقب “الساعاتى”.. مهنتة ومهنة والده وجده.. ولد بالمحمودية، محافظة البحيره، حيث استقر جده منذ قدومه مهاجراً من المغرب، على بعد خطوات من مقام “ابوحصيرة”.. مقصد اليهود، الزائرين والمقيمين.. حتى شعار حزب الإخوان “الحرية والعدالة” مقتبس من شعار الماسونية “حرية عدالة مساواة”، وكذلك شعار رابعة فهو أحد الرموز الماسونية القديمة.. الكاتب والمفكر عباس العقاد تناول بعض ذلك فى كتابه “الصهيونية ومشاكل فلسطين” ومقاله “الفتنة الإسرائيلية” وعززه الشيخ محمد الغزالى فى كتابه “قذائف الحق”.. أمور تستحق التأمل، فقد تفسر ظاهرة فقدان الولاء للوطن وثقافة التخابر لدى الإخوان.

         فى مجال عمل أجهزة المخابرات، كل ماهو منطقى ومقبول لايوثق بنتائجه، أما مايوصف بالمستحيل فنجاحه مضمون.. عملية زرع حسن البنا وجماعته فى النسيج الوطنى المصرى قد تدخل فى هذا الإطار.. واستعراض مسلسل  عمليات تخابر الجماعة يؤكد ذلك.

***

التخابر مع بريطانيا وتأسيس تنظيم الإخوان

      في كتابه الشهير “لعبة الشيطان” أكد “روبرت داريفوس” الكاتب والخبير الأمريكي في شئون الشرق الأوسط ان بريطانيا في إطار محاولتها الحفاظ على إمبراطوريتها بعد الحرب العالمية الأولي، قدمت دعماً مباشراً لحسن البنا عام 1928 -من خلال شركة قناة السويس المملوكة لها- ليؤسس جماعة “الاخوان المسلمين” ليستخدمها الإنجليز والملك كلما استدعت الظروف، وذلك في إشارة لجرائم العنف التى تورط فيها الاخوان خلال أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين.

       اما الباحث والكاتب البريطانى الشهير مارك كيرتس فى كتابه الوثائقى “Secret Affairs: Britain’s Collusion with Radical Islam” الصادر فى2010 فقد أكد ان بريطانيا اشتركت مع القصر فى تمويل الاخوان 1942، وفي منتصف الخمسينات، اجتمع مسئولون إنجليز مع قادة الجماعة للعمل ضد عبد الناصر خلال مفاوضات الجلاء، بإثارة اضطرابات تمهد لتغيير النظام، ولا يمكن فصل ذلك عن المحاولة الاخوانية الفاشلة لاغتياله بالمنشية 26أكتوبر1954، وقد استمرت تلك الإتصالات السرية خلال العدوان الثلاثي1956 كجزء من محاولة التخلص من ناصر، ولبحث إمكانية تشكيل الاخوان لحكومة مصرية بديلة.

       المخابرات البريطانية تأوى عناصر الإخوان لإستخدامهم كعملاء لتغطية أنشطة “المجاهدين”.. “أبوحمزة” المصرى رغم مطالبة مصر 1995 واليمن 1999 بتسليمه لتورطه فى انشطة ارهابية، و”أبو قتادة” الأب الروحي لتنظيم القاعدة في أوروبا رغم تحذيرات العديد من الدول لبريطانيا بشأنه قبل أحداث 11سبتمبر2001.

التعاون مع المخابرات المركزية الأمريكية

       بعد خروج الولايات المتحدة منتصرة من الحرب العالمية الثانية وتصاعد دورها السياسى، عرض حسن البنا استعداده للتعاون على “سبنسر” المراسل الحربي الأمريكى بالقاهرة، وتكشف وثائق مكتبة الكونجرس عن اتصاله بالسكرتير الأول للسفارة الامريكية “فيليب إيرلاند” في29/8/1947، لعرض التعاون بحجة مواجهة الشيوعية مقابل دعم امريكا للجماعة.. محمود عساف أمين المعلومات بالجماعة الذى شارك فى هذه اللقاءات كشف تفاصيلها فى كتابه “مع الإمام الشهيد حسن البنا” 1993 والتى تتفق وماورد بالوثائق الأمريكية.

        سعيد رمضان زوج ابنة حسن البنا وسكرتيره الشخصي والعقل المدبر للتنظيم الدولي استقبله الرئيس أيزنهاور1953 في المكتب البيضاوي، ليبدأ بعدها كما ذكر ايان جونسون في كتابه “مسجد في ميونخ” تعاونه كعميل يتولى تشغيله بوب دريهر ضابط المخابرات الأمريكية في ميونيخ.

       الاتصالات الهاتفية بين مرسي وأحمد عبد العاطي من 20-26 يناير2011 -والتى نشرتها “الوطن” 28أكتوبر2013 تقدم ملخص لتعاون الإخوان مع المخابرات المركزية الأمريكية CIA قبل الثورة.. مقابلات مرسى السرية مع ضابط CIA بالقاهرة، ومقابلات عبدالعاطى المنتظمة مع رئيس مكتب  CIAفى تركيا، ومحاولات إقناعهم بضرورة الموافقة على مشاركة الإخوان فى الثورة حتى لاتتجاوزهم الأحداث، دليل مؤكد على حجم النفوذ الأمريكى على الجماعة، موافقة الإخوان على التعاون مع اسرائيل بوساطة امريكية او تركية، التى تعاونوا مع مخابراتها املاً فى تقديمهم للدول الأوروبية.

        المخابرات الأمريكية، وبعد اتصالات، شاركت فيها قطر كوسيط مع الإخوان، ونزيه الرقيعى “ابو أنس” الليبى زعيم القاعدة بليبيا، كوسيط مع القاعدة، بوعد امريكى بإسقاط تهمة تفجير سفارتيها في تنزانيا وكينيا1998 عنه، توصلت مع الإخوان منتصف فبراير2013 بطرابلس لإتفاق تاريخى يضمن حصولهم على دعم امريكي لامحدود لفرض سيطرتهم على الوضع بمصر، مقابل نقل تنظيم القاعدة بكامل عناصره وزعيمه ايمن الظواهرى الى سيناء، بما يسمح بالخروج الأمريكى السلس من أفغانستان، الإجراء المستقبلى غير المعلن فى الإتفاق هو تدخل عسكرى امريكى اسرائيلى مباشر فى سيناء بحجة “الحرب على الإرهاب”.. فشل ذلك المخطط بعد نجاح الثورة الشعبية فى30 يونية دفع المخابرات الأمريكية لاختطاف أبو أنس الليبى وترحيله لواشنطن 5أكتوبر2013 لمحاولة دفن أسرار الصفقة ومحاكمته عن جريمة1998.

      توصل الإخوان لإتفاق غزة الكبرى مع CIA والموساد الإسرائيلى والذى نشرت “الوطن” تفاصيله فى 10سبتمبر2013، ومقالنا التحليلى “موافقة الإخوان على مشروع تبادل الأراضى.. الأبعاد والدلالات والنتائج” فى28سبتمبر، يوضح تفاصيل جريمة تخابر وتآمر أخرى.

      دعم أمريكا للإخوان لاينطلق فقط من مصالح إستراتيجية مع الجماعة باعتبارها أحد أدوات تنفيذ الشرق الاوسط الجديد، ولكنه يستند الى موقف مهنى تلتزم به أجهزة المخابرات فى العالم ويتعلق بالحفاظ على العملاء وسرعة تخليصهم من قبضة الأمن أياً كان الثمن.

مرسى وخيانة مشروع “كوندور”

         تبنت مصر خلال الثمانينيات مشروعاً لانتاج الصواريخ الباليستية “كوندور” بالتعاون مع الارجنتين والعراق.. تعاون فيه سراً العالم المصرى د.عبد القادر حلمى الذى نجح من خلال عمله بشركه “تيليدين” بولاية كاليفورنيا فى تعديل نظام الدفع الصاروخي لمكوك الفضاء ديسكفري باستخدام الوقود الصلب بدلاً من السائل تجنباً لإنفجاره مثل المكوك تشالنجر1982، ونظراً لإكتشاف ان منظومة باتريوت المضادة للصواريخ تستطيع رؤية “كوندور” واصطياده في الجو، فقد تعاون حلمى مع المخابرات المصرية فى محاولة تهريب كمية من سبائك الكربون الاسود الخام والصاج المعالج لإجراء التجارب الخاصة بمعالجة السطح الخارجى للصاروخ لإخفاء بصمته الرادارية وتقليل احتكاكه بمايطيل مداه.

      الدكتور محمد مرسى كان يقيم آنذاك فى كاليفورنيا -حيث مقر عمل حلمى- ويعمل ببرنامج محركات مركبات الفضاء بوكالة “ناسا” يحمل بطاقة الرقم القومى الأمريكى، وتربطه علاقات صداقة مع حلمى، وعلاقات تعاون مع CIA، التى لولاها لما حصل على تصريح عمل “ناسا”.. مرسى غلب عمالته للمخابرات الأمريكية على صداقته وولاؤه للوطن، وابلغ CIA التى إلقت القبض على حلمى متلبسًا بتهريب 470كجم من قوالب الكربون وحكم عليه بالسجن 46شهرا والمراقبة 3سنوات، كوندليزا رايس وصفت برنامج “كوندور” بعد ضبط وثائقة بالعراق بالكارثة، ولو اكتمل لتحولت بقية انظمة الصواريخ بجوارة الى العاب اطفال !!

التخابر مع حماس وحزب الله وايران

        تحريات الأجهزة الأمنية اوردت تفاصيل تعاون الإخوان مع حماس وحزب الله منذ2008 لإحداث فوضى وتخريب واستهداف المسيحيين بما يساعدهم على إسقاط مبارك، التقى الإخوان فى نوفمبر2010 بدمشق مع على أكبر ولايتى وخالد مشعل، للإتفاق على تولى الخبراء الإيرانيين تدريب ميليشيات الإخوان بمعسكرات “القسام” فى غزة، كما شمل التعاون ابان ثورة يناير2011 اقتحام الحدود بـ800 مسلح من حماس وحزب الله، والسيطرة على القطاع الممتد من رفح حتى العريش، والمشاركة فى اقتحام السجون ومراكز الشرطة وقتل 50 ضابط ومئات المتظاهرين، وتهريب عناصرهم وقيادات الإخوان و20 الف سجين لإشاعة الفوضى فى البلاد، وذلك اعتماداً على مخططات وكروكيات وعمليات رصد وتصوير للأهداف والمنشآت الأمنية والحيوية قدمها الإخوان.. بعض تفاصيل هذا الموضوع كانت محور قضية أحيلت مؤخراً لمحكمة الجنايات.

التخابر مع “القاعدة”      

        كان التعاون مع القاعدة جزءاً رئيسياً من خطة الإخوان لتأمين نظام حكمهم، الخطوات العملية لتفعيل هذا التعاون بدأت منذ اليوم الأول لدخول مرسى الإتحادية، اتصالات مكثفة مع محمد الظواهرى شقيق زعيم القاعدة، للتنسيق ووضع اطار للتعاون، تولاها رفاعة الطهطاوى رئيس الديوان ونائبه أسعد الشيخة ابن أخت مرسى مسئول الإتصال مع التنظيم الدولي و”القاعدة“، تم تتويج ذلك بأول اتصال مباشر بين مرسى وايمن الظواهرى بعد شهر من توليه الحكم، اعقبه عدد من الإتصالات نشرت “الوطن”تفاصيلها فى 22-11و 09-12-2013.. تفاصيل تعكس عمق علاقات التخابر والتنسيق والتعاون بين الإخوان والقاعدة ضد الأمن القومى للوطن..

      اول طلبات مرسى من ايمن الظواهرى دعم “القاعدة” للمجاهدين فى سيناء، ومساندتها للإخوان وتثبيت حكمه لمصر، اما الظواهرى فقد طلب الإفراج عن الجهاديين والإسلاميين المعتقلين، وتمويل انشطتهم، وفتح معسكرات لتدريبهم بسيناء ، مذكراً مرسى بأن عناصر القاعدة كان لهم الفضل فى تحرير الإخوان وإخراجهم من السجون!!

       مرسى أصدر قرارات عفو رئاسية عن المدرجين بالقوائم التى قدمتها القاعدة، وتعهد بعدم السماح للجيش بالعمل فى سيناء، ومنع تعرض الأمن للجهاديين، كما وعد بفتح معسكرات لتدريبهم بسيناء والمنطقة الغربية بمعرفة “القاعدة”، كذلك وافق مرسى على طلب الظواهرى الإفراج عن الشيخ عمر عبدالرحمن وكلف عصام الحداد بالتنفيذ مقابل تنازلات سيادية لأمريكا (زيادة قوات حفظ السلام بسيناء- توطين أعداد من الفلسطينيين- السماح لإسرائيل بزرع أجهزة استشعار على الحدود) التنظيم الدولى للإخوان قدم للقاعدة 50 مليون دولار تفعيلاً للإتفاقات.

        وعلى صعيد التعاون فى العمل خارج مصر اتفق مرسى والظواهرى على شن عمليات داخل السعودية، وإشعال الفتنة بين الشيعة والسنة، والأزمات داخل الإمارات، للحد من دعمهما لليبراليين فى مصر، كما وعد مرسى بالتعاون مع إيران للضغط عليهما والحد من نفوذهما بالمنطقة.

       الظواهرى من جانبه رتب استقبال وتدريب مجموعات من إخوان مصر بافغانستان، ثم تسفيرهم لباكستان قبل عودتهم لمصر، دورات استهدفت التطعيم الميدانى” لمليشيات الجماعة استعداداً لمواجهات توقعوها.. ماسبق كله علاقات تربط بين تنظيمات ارهابية، ولايمكن تبويبه فى اطار تعاملات مؤسسة رئاسية.

       فى صبيحة 30يونية 2013 أعطى مرسى إشارة بدء العمليات الإرهابية للظواهرى، وطالبه بإثارة الفوضى، والقضاء على المعارضة، ودعم شرعيتة كرئيس، الظواهرى أكد انه سيقود الحرب ضد الجيش والشرطة بنفسه وسيشعل سيناء، ويشن عمليات إرهابية داخل مصر “ولن يسمح بسقوط الإخوان”. الشاطر من جانبه استقبل محمد الظواهرى ووفد الجهاديين للإتفاق على تفاصيل خطة مساندة القاعدة لشرعية الإخوان.. اذن مانخوضه حالياً هى حرب الإخوان و”القاعدة” ضد شعب مصر.

        من تربوا على “السمع والطاعة” منكرين الآية القرآنية “وجادلهم بالتي هي أحسن” قد لايرجى منهم خيراً.. فهل نأمل ان يفيق الأنصار والمتعاطفين؟!

***

       المشكلة الكبرى التى نعانيها مع محاكمات الفساد فى عهد مبارك، هى إما توجيه اتهامات تخلو من جرائم، على غرار محاكمات ضباط الشرطة لدفاعهم عن الأقسام ضد مقتحميها، او إجتزاء نذر يسير من جرائم كبرى، كأن يحاكم مبارك وابناؤه عن فيلات شرم الشيخ، مع إغفال جرائم اهدار المليارات.. النتيجة، ان تمر سنوات قبل صدور أحكام براءة او غرامات محدودة، فتشيع حالة من الإحباط والسخط لدى المواطنين.. جريمة التخابر والتآمر ضد الوطن يحمل وزرها الإخوان بأوجه مختلفة منذ نشأة التنظيم وحتى الآن.. فلماذا، ولمصلحة من، لانزال نجتزىء؟! ومتى يفتح القضاء الملف كاملاً؟!

 
تعليق واحد

Posted by في 2014/01/01 بوصة غير مصنف