RSS

Monthly Archives: جوان 2015

إغتيال بركات وعشرة ملاحظات مهنية

hishm_Barakat

الأولى : العملية تمت باستخدام سيارة مفخخة، لم يُذكر انه تم العثور على أى أشلاء بشرية بها، ولكن تم العثور على بطارية موبايل، مايشير الى ان التفجير تم عن بعد باستخدام المحمول.. من  جديد، الى متى تقف الدولة متفرجة وعاجزة عن ايقاف شرائح المحمول مجهولة البيانات ؟ّ! ولماذا لم تستخدم سيارات التأمين أجهزة تشويش اثناء مرورها؟!

الثانية : تم العثور على جهازى لاسلكى بموقع الحادث.. ما يعنى انها أستخدمت فى التواصل بين عناصر المراقبة الميدانية، وقياداتها لتحديد لحظة وقوع سيارة الهدف فى نطاق تفجير السيارة المفخخة، وذلك لتجنب المراقبة التليفونية بالمنطقة.

الثالثة : ان استخدام سيارة مفخخة ثابتة يعنى انها وضعت فى هذا المكان منذ مساء اليوم السابق على العملية، حيث تتسم المنطقة بالإزدحام الشديد ويصعب على السكان ايجاد مكان لمبيت سياراتهم بالشارع.. فأين دوريات التفتيش لنطاق تأمين مقر إقامة النائب العام؟!

الرابعة : يترتب على ذلك نتيجتين.. الأولى ان الشهيد خضع لرقابة طويلة لم يستشعرها طاقم حراسته، حددت مسارات تحركه ومواعيده ونظام تأمينه…الخ، الثانية ان هناك روتيناً ثابتاً فى مسار حركة الشهيد ومواعيده، وتلك ثغرة أمنية ماكان ينبغى الوقوع فيها.

الخامسة : أن وقوع سيارة الشهيد وسياراتى الحراسة فى نطاق السيارة المفخخة يشير الى إعتماد خطة تأمينه على التأمين اللصيق، الذى قد يترتب عليه حماية الهدف ضد عمليات الإغتيال باستخدام الرصاص، أما فى حالة استخدام العبوات المتفجرة فإنه يؤدى للقضاء على الهدف وطاقم حراسته معاً، ولايعطى فرصة لعناصر إستطلاع فى المقدمة، كما لايترك مجال لعناصر المؤخرة لرصد أفراد المراقبة الميدانية والتعامل معها.. ومن المؤكد ان إعتماد الإرهابيين فى مصر على العبوات ما كان ينبغى معه إتباع أسلوب التأمين اللصيق.

السادسة : حجم العملية وأسلوب تنفيذها وكمية المتفجرات المستخدمة (نصف طن) ونوعها (C4) لايسمح بتنفيذها الا بمعرفة جماعة انصار بيت المقدس، ولعل هذا يفسر سحب حركة “المقاومة الشعبية بالجيزة” للبيان الذى أصدرته بمسئوليتها عن العملية من صفحتها على الفيس بوك بعد ساعات قليلة من نشره.

السابعة : على المسئولين الرسميين المعبرين عن موقف الدولة المصرية الحفاظ على المصداقية.. فلا يمكن قبول وصف وزارة الصحة للإصابة بأنها مجرد خلع فى الكتف، وجرح قطعى فى الأنف، ثم يتبين انها نزيف داخلى فى الصدر بسبب الموجات الانفجارية وكسور فى عظام الجمجمة والزراع الأيسر وشظايا بالبطن والصدر.. على ممثلى الدولة ان يقولوا صدقاً أو ليصمتوا، حتى لايفقدوا ماتبقى من ثقة الرأى العام.

الثامنة : لايمكن إغفال حقيقة الإنذارات الصريحة باستهداف رجال النيابة والقضاء، وتعرض بعض القضاة بالفعل لمحاولات إغتيال، والنجاح فى إغتيال ثلاثة من رجال نيابة شمال سيناء.. فهل نحن بحاجة للمزيد من المؤشرات حتى نحكم إجراءات تأمين “محامى الشعب” الأمين على الدعوة العمومية؟!

التاسعة : مسئولية الدولة تأمين وحماية القائمين على عملية إنفاذ القانون، إستناداً لحقيقة ان من يفتقدون لشعور الأمان لايمكن ان يكفلوا العدالة، وبالطبع فإن ذلك يفترض توافر أعداد كافية من الضباط وجنود الشرطة المدربين، فإن لم يتوافر ذلك فليتم تعبئة المتقاعدين للقيام بمهام الأعمال المركزية لإتاحة الفرصة لزيادة عدد الميدانيين، وإن ظل ذلك غير كافٍ فلتلجأ الدولة للتسكين الإدارى المؤقت للقيادات المستهدفة من سلك القضاء والأجهزة السيادية، وان يتم ذلك بدور القوات المسلحة والشرطة، على ان يتم تقاسم التكلفة، بينهم وبين جهات عملهم وبين الدولة.

العاشرة : المؤشرات تؤكد انه كلما زاد الضغط الأمنى على الإرهاب بسيناء تسربت عناصره الى الوادى، حيث الكثافة السكانية، والإزدحام الذى يسمح بالإختفاء، مايجعل المواطن البسيط مستقبلاً هو الهدف.. بالأمس عثر على قنابل مموهة داخل حصالات أطفال، لتكون مغرية لأبائنا، ونحن حتى الآن لم نلجأ لتوسيع دائرة المواجهة المهنية للإرهاب بشكل علمى.. فلماذا تأخرنا حتى الآن فى تنظيم مؤتمر للخبراء ومتخصصى الإرهاب، لوضع روشتات لمواجهة إجراءاته المتصاعدة، وماذا ننتظر؟!

إغتيال القاضى الخازندار مارس 1948 فتح شهية الإخوان لإغتيال النقراشى رئيس الوزراء ديسمبر 1948.. فلنتعلم درس التاريخ، ولنجعل إغتيال المستشار هشام بركات نقلة نوعية فى التناول الجاد لقضية الإرهاب، وإنضاج آليات مواجهته.

gtaha2007@gmail.com

 
أضف تعليق

Posted by في 2015/06/30 بوصة غير مصنف

 

الى متى.. مسئولينا منزوعى السياسة؟!

5

منذ أيام خرج علينا المهندس هانى ضاحى وزير النقل بتصريحات يؤكد فيها انه خلال إحتكاكه بالمواطنين فى الشارع تلقى طلبات صريحة برغبتهم فى زيادة أسعار تذاكر المترو من جنيه الى ثلاثة جنيهات!!.. تصريح يضاف الى تصريحات اخرى عديدة لوزراء وكبار مسئولين بالحكومة تعكس إنفصالهم عن الواقع، وعن المواطنين الذين يعانون من تدنى مستوى الخدمات، لكن الخطورة فى هذا التصريح أنه يمهد لرفع سعر خدمة يعتمد عليها أربعة مليون و250 الف مواطن كل يوم، فإذا أضفنا الى ذلك أن رفع سعر تذكرة المترو تعطى إشارة صريحة لرفع مماثل لأسعار السرفيس وتكلفة النقل، لأدركنا حجم الكارثة.. زيادة “2” جنيه فى الرحلة، “4” جنيه فى اليوم، 100 جنيه شهرياً للفرد، تتضاعف بعدد أفراد الأسرة.. عبء ثقيل لاتتحمله ميزانيات هزيلة، تحملت على مدى الشهور الماضية أعباء رفع أسعار البنزين، السولار، الكهرباء، المياه، الغاز، ووسائل النقل، وبالتالى أسعار كل السلع تقريباً.. ولم نسأل أنفسنا ماذا أعطينا للمواطن، حتى نحمله كل ذلك؟!.

لم تمر ثلاثة ايام على التصريح حتى إستقبل اللواء أحمد جمال الدين مستشار الرئيس لشئون الأمن ومكافحة الإرهاب وزير النقل ليناقش معه القضية، من منطلق تقديره لخطورتها.. ساعتها شعرت بالإطمئنان الى ان هناك دولة تحاول ان تلملم خلف وزرائها الذين يفتقدون للحس السياسى، والقدرة على التواصل، ويعيشون فى أبراج عاجية منفصلين عن الجماهير، الذين جاءوا لخدمتهم.

فالمصيبة لم تقتصر على وزير النقل حتى ينهى انشغال الرئاسة به المشكلة، بل يتعداه الى وزير التموين الذى بشر المواطنين “الفرخة بـ75 قرش واللحمة بجنيه!!”.. ووزير التعليم العالي الذى أكد ان “مصر تمتلك مستشفيات أفضل من الموجودة في بريطانيا!!”، ووصف “من أشاع وجود خلافات بين رؤساء الجامعات، بأنه كذاب ونتن وقليل الأدب”!!.. ولا بوزيرة التطوير الحضرى والعشوائيات التى أصبحت مشكلتها “مش عارفة هنرجَّع الصعايدة لمحافظاتهم تانى إزاي؟!!”.. ووزير البيئة الذى أكد ان “الفوسفات مفيد للصحة، وفى دول بترميه فى المياة!!”.. ووزير الشباب الذى أقسم “مفيش أزمة بطالة في مصر إطلاقًا!!”.. ووزير التخطيط الذى رأى ان “الشعب المصرى من اسعد شعوب العالم!!، حتى لو اقتصر ذلك على فترة مؤتمر شرم الشيخ”.. أما كبار المسئولين فلن يستطيع أحد ملاحقة شططهم.. رئيس هيئة النقل العام: “نفسى أشوف راكب واحد واقف فى الأتوبيس!!”.. رئيس هيئة الطرق والكبارى: “إصلاح الطرق سيرفع معدل حوادث السير!! لأن الطرق ستكون أكثر نعومة وتغرى السائقين بزيادة السرعة!!.. رئيس بنك الإسكان والتعمير: “ينبغى توفير شقق مساحتها 35 مترًا للشباب، من أجل حل أزمة الإسكان!!”.

هى إذن ليست ظاهرة فردية، لذلك فالذى ينبغى ان تنشغل به الرئاسة هو آليات إختيار الوزراء وكبار المسئولين.. الوزير منصب سياسى، وكل وزارة بها وكيل أول أو نائب وزير تكنوقراطى، دائم فى منصبه، لايتأثر بتغير الوزير.. نظام تقليدى معمول به فى العديد من دول العالم.. إختيار الوزراء والمحافظين، ورؤساء الهيئات العامة لايمكن أن يترك لرئيس الوزراء أو أحد الوزراء مهما بلغت درجة الثقة فيه، لأن إختياراته تتم فى حدود أصدقاؤه ومعارفه، والنتيجة مأساة وفساد فى العديد من النماذج التى نراها.. الإختيار ينبغى ان يكون إختيار دولة، بتقديم كل جهاز سيادى -على نحو منفصل- لخمسة ترشيحات لكل منصب، يراعى فيها قدرات المرشح السياسية قبل مؤهلاته التكنوقراطية، على ان يختار رئيس الوزراء أكثر المرشحين المتفق عليهم من جهات الترشيح، وكذا فى ضوء مهاراتهم السياسية وتاريخهم الوظيفى ونقاء ملفاتهم الشخصية.. إنتفاضة يناير 1977 كانت رد فعل لقرار أرعن برفع الدعم المفاجىء عن عدد من السلع الضرورية، وإنتهت بتراجع مخز للدولة.. أحداث الأمن المركزي 1986 نتجت عن رد فعل لشائعة كاذبة عجز المسئولون والإعلام عن تقدير خطورتها ونفيها.. ومبارك استمر فى السلطة لثلاثة عقود، رغم عوامل الفساد والتسيب، بحنكة مجموعة من الكوادر السياسية التى أهلتها منظمة الشباب والتنظيم الطليعى وبعض الأحزاب والجهات السيادية.. تحية للواء أحمد جمال الدين لتدخله فى الوقت المناسب.. لكن الأمر يتطلب إجراءات شاملة، قبل ان تضيِّع غلطة مسئول، جهود وطن يتمسك بالتحرر من تنظيم يتربص به لإستغلال أى خطأ لركوب الموجة ومحاولة الإنقضاض من جديد.

gtaha2007@gmail.com

 
أضف تعليق

Posted by في 2015/06/27 بوصة غير مصنف

 

«كل رجالك خانوك، ياعُقَيَلة»

belhaj-lyon

برناردينو ليون، مبعوث الأمم المتحدة لليبيا، أدار جولات متعددة من الحوار.. غدامس “1” 29 سبتمبر 2014.. استهدفت إقناع النواب المقاطعين للبرلمان بالعودة للمشاركة، وتجاهلت “المؤتمر الوطنى” المنتهية ولايته.. جنيف 14 و15 يناير 2015.. ضمت ممثلى البلديات الموالين لـ”المؤتمر”، إضافة لممثلى البرلمان، وانتهت بوضع جدول أعمال للتوصل لإتفاق سياسى [حكومة وفاق وطنى، ترتيبات أمنية لإنهاء القتال وخروج المسلحين من المدن، سيطرة الدولة على المرافق الحيوية، تدابير لبناء الثقة، وتخفيف معاناة المدنيين “فتح الأجواء والموانئ، وممرات آمنة لدخول المؤن والمساعدات للمدن المحاصرة، معالجة أوضاع المحتجزين والمخطوفين والمفقودين والمهجرين والنازحين…”]، تكامل هذه الترتيبات أثار قلق “المؤتمر” من تعرضه للتهميش، مادفعه لقبول المشاركة.. جولة غدامس “2” 14 فبراير.. لم تضف جديداً سوى ماكشفه “ليون” عن عقد جولات مقبلة بمشاركة المجموعات المسلحة، والقبائل، والأحزاب السياسية!!

جولة الصخيرات الأولى 5- 7 مارس، شهدت أول مشاركة لممثلى “المؤتمر”، وعقد أول لقاء مباشر وجها لوجه منذ انطلاق المباحثات.. تناولت ترتيبات وقف إطلاق النار، استعادة الأمن، تشكيل الحكومة، شارك فيها وزير خارجية المغرب ومدير مخابراتها، وسفراء فرنسا وإيطاليا وألمانيا وبريطانيا وممثل الاتحاد الأوروبي، وكان لهم تدخل واضح في مجريات المفاوضات!!.. الجزائر الأولى 10- 11 مارس.. تُوجت بالتوقيع على “إعلان الجزائر”، الذى تضمن ماتم التوافق بشأنه فى الصخيرات، غير أن استمرار المواجهات المسلحة حال دون ترجمتها لواقع على الأرض.. الصخيرات الثانية 20- 24 مارس.. تزامنت مع هجوم قوات الجيش على طرابلس، وقصف قاعدة معيتيقة التى يستخدمها وفد “المؤتمر”، ماادى لإتهام ليون للثنى بعرقلة الحوار، وتهديده بسحب الشرعية الدولية من حكومته!! وفد “المؤتمر” تمسك بحل شامل يتضمن الالتزام بالإعلان الدستوري، وحكم المحكمة العليا بحل “البرلمان”، والبرلمان إكتفى بمناقشة تشكيل حكومة الوفاق، والترتيبات الأمنية، وتوفير مناخ التسوية، “المؤتمر” إقترح التفاوض المباشر، وهو مارفضه وفد البرلمان، وأنصاره بطرابلس نظموا مظاهرات رافضة للتفاوض، إستغلها الوفد فى التمسك بمواقفه.. إدارة ناجحة لأدوات التفاوض!!

الجزائر الثانية 13 أبريل.. تناولت تشكيلة الحكومة، وآليات وقف أعمال العنف، واستُكمِلَت بالصخيرات الثالثة 15 أبريل.. التى ناقشت “الوثيقة الختامية” الخاصة بمدة ولاية الحكومة، وآليات نجاحها، وترتيبات نزع سلاح ميليشيا الجماعات.. الجزائر الثالثة 3 يونية.. شهدت خلافاً حول تحديد مهام وصلاحيات الهيئة التشريعية، حيث أنشأ “ليون” مجلساً أعلى للدولة، يضم 90 عضواً من “المؤتمر” و30 من الشخصيات العامة، إلا ان طبيعته الإستشارية لقيت معارضة من ممثلى “المؤتمر”.

فى الصخيرات الخامسة 8 يونية.. كشف ليون عن المسودة الرابعة للإتفاق، التى أعطت لمجلس الدولة حق الفيتو على مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية التى تعتزم الحكومة إحالتها لمجلس النواب!! البرلمان رفض المسودة، وقرر سحب وفده المفاوض للتشاور، وبلديات المنطقة الشرقية أعلنت التزامها بالإنسحاب، لكن الوفد الرسمى للبرلمان رفض العودة وتوجه ضمن باقى أطراف “الحوار السياسى الليبى” الى المانيا لحضور مؤتمر دولى بمشاركة أمريكا وروسيا وبريطانيا والمانيا وايطاليا وفرنسا واسبانيا والصين والاتحاد الاوروبى، وممثلين لدول الجوار الليبى، لإقرار الإتفاق.

«كل رجالك خانوك، ياعُقَيَلة».. الرجال الذين إختارهم المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبى ليمثلوه فى الحوار، فضلوا الإنحياز للمبعوث الدولى الذى شكل من الـ23 عضواً المشاركون -ماأطلق عليه بوثيقة الإتفاق- مجموعة “الحوار السياسى الليبى”، ربطهم بعلاقات مباشرة معه، حصنهم بخلو الوثيقة من آليات إقالتهم او استبدالهم، حتى بمعرفة الجهات التى يمثلونها، وحدد لهم صلاحيات سيادية، وفوق الجميع [تجديد ولاية حكومة الوفاق الوطنى لمدة عام ثانى فى حالة تعذر تشكيل حكومة جديدة بموجب الدستور بعد نهاية العام الأول من عملها.. إختيار رئيس الوزراء او أحد نوابه أو كلاهما حال الإستقالة او الوفاة، تعيين او إقالة “القيادات العليا” وهى محافظ مصرف ليبيا المركزى، رؤساء ديوان المحاسبة، جهاز الرقابة الإدارية، هيئة مكافحة الفساد، المفوضية العليا للإنتخابات، والنائب العام.. تقرير ماينبغى اتخاذه من إجراءات حال عدم توصل هيئة صياغة مشروع الدستور من عملها خلال المهلة المحددة لها حتى 24 ديسمبر 2015، وذلك بمشاركة خمس ممثلين عن كل من البرلمان ومجلس الدولة، وكذا مشاركة مجلس النواب فى إقتراح مشاريع القوانين الضرورية لإستكمال المرحلة الإنتقالية، خاصة الإستفتاء والإنتخابات العامة.. التشاور مع رئيس الحكومة ونائبيه لإختيار الوزراء.. إختيار أعضاء المجلس الأعلى للدولة وعددهم 120، وتعيين بدائل عند خلو المقاعد.. تحديد الآليات المناسبة لوضع الترتيبات الأمنية موضع التنفيذ].

إذن نحن أمام واقع جديد.. جسدته المادة “10” من «المبادىء الحاكمة» بالوثيقة، التى تنص على الإلتزام الكامل بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، مايعنى ان المجتمع الدولى تسلم زمام المبادرة، لإدارة الأزمة الليبية داخلياً، حتى لاتقفز “داعش” للساحل الأوروبى، وهو مايؤكده إستبدال أوروبا برنامج  البحرية الإيطالية “Mare Nostrum” لنشر دوريات بحرية بالمياه الدولية للبحث عن قوارب التهريب -وهو البرنامج الذى أنقذ آلاف المهاجرين- ببرنامج “Operation Triton” الذى يقتصر على 21 ميلاً فقط من الشاطىء الإيطالى، وانخفاض عدد سفنه لـ6 فقط بعد ان كانوا 32، مايفسر غرق قرابة 1800 مهاجر خلال الثلث الأول من 2015، بزيادة 20 ضعف عن نظيرتها من العام الماضى.. المجلس الأوروبى صادق فى 23 ابريل على استخدام القوة ضد المهربين، وهناك محاولات لتقنين ذلك من خلال مجلس الأمن.

***

 الترتيبات التى تتضمنها المسودة لم تمس صلاحيات البرلمان التشريعية، لكنها انهت صلاحياته فى تعيين وإقالة الحكومة، ومراقبة أعمالها، كما انهت علاقته بالجيش واجهزة الأمن، فى الوقت الذى منح فيه صلاحيات لمجلس الدولة تجعله مهيمناً على اداء الحكومة، ناهيك عن الصلاحيات السيادية التى اسندها “لمجموعة الحوار” التى يديرها “ليون” وتضم عبد الحكيم بلحاج رئيس حزب الوطن، القيادى السابق بالجماعة الليبية المقاتلة، وأحد سجناء جوانتانامو، ومحمد صوان رئيس حزب العدالة والبناء (إخوان ليبيا)، وجمعة القماطي رئيس حزب التغيير الذى يدعم مجلس شورى ثوار بنغازى، وعبد الوهاب القايد الذى تتبعه مليشيات مسلحة، مايثير القلق على مستقبل الجيش الوطنى فى ظل قيادة مثل هؤلاء للدولة الليبية.

مسودة الإتفاق السياسى واقع مفروض لامفر من التعامل معه، لكن المطلوب جهد سياسى، وضغوط متنوعة، لتقليص صلاحيات المؤسسات السيادية الجديدة لحساب البرلمان، الإنسحاب من الحوار أو مقاطعتة مرحليا يمكن ان تمثل أدوات للضغط، ووسائل لتعديل الفقرات المتعلقة بتشكيل مجلس الدولة [بحيث لاتزيد حصة “المؤتمر” عن 50% أى 60 مقعد من إجمالى 120].. والا تكون طرابلس مقراً للحكومة، على الأقل خلال المرحلة الراهنة تجنباً لخضوعها لضغوط ميليشيات “فجر ليبيا”.. وإشتراط أغلبية الثلثين لرفض مجلس الدولة قرارات ومشاريع الحكومة المرفوعة لمجلس النواب.. وكذا ضرورة موافقة البرلمان بكامل هيئته على “القيادات العليا” قبل تعيينها، بما فيهم قادة الجيش ومجلس الدفاع والأمن القومى والأجهزة الأمنية.. وإعطاء البرلمان حق مخاطبة مجلس الأمن لإضافة أية تنظيمات مسلحة جديدة لقوائم الإرهاب، ومنع ضمها للجيش، وطلب تدخله لتسوية أى خلاف يهدد تماسك سلطة الدولة، كما نصت عليها وثيقة الإتفاق.

الترتيبات المقبلة تستهدف فى أحد جوانبها غل أيدى دول الجوار، والمجموعة العربية، عن المساعدة فى مواجهة تدهور الأوضاع فى ليبيا.. فهل سندعم البرلمان فى إدارته للأزمة؟!

gtaha2007@gmail.com

 
تعليق واحد

Posted by في 2015/06/19 بوصة غير مصنف

 

تهديدات داعش.. وقمة جبل الجليد

2ivMOFXV

منذ أن بدأت “العملية نسر”، ثم “سيناء الكبرى”، مروراً بـ”صيد الأفاعى”، وقواتنا تضبط ضمن الجماعات التكفيرية والجهادية عشرات السوريين، الفلسطينيين، اليمنيين، الباكستانيين، الأفغان، والأفارقة.. الخبراء والمسئولين يبشرون بالقضاء على الإرهاب، مؤسس فرقة القوات الخاصة “777” قدر ان الجيش قضى على 90% من البؤر، رئيس الوزراء ومساعد وزير الداخلية للعمليات الخاصة رفعا النسبة لـ95%، ووزير الداخلية السابق قفز بها لـ99%، لكن الإرهاب مستمر، بل يتطور، ويتمدد للدلتا والصعيد.. الرؤيا فى مكافحة الإرهاب تفوق الخطط والإجراءات أهمية، فهل يدرك الرئيس أن هناك غياب للرؤيا، واننا لانرى سوى قمة جبل الجليد؟!.

نتعرض لحرب فعلية، دون أن ندرك عمق التنسيق بين الأعداء، لذلك لانقدر حجم الخطر، ولا احتمالاته المستقبلية.. “داعش” تنفذ إستراتيجية “إدارة التوحش”، التى تضمنها كتاب –بنفس العنوان- الفه عضو “القاعدة” محمد خليل حكايمة، القيادى بالجماعة الإسلامية، قبل قتله بطائرة دون طيار بأفغانستان.. وأمريكا تنفذ إستراتيجية “الفوضى الخلاقة”.. ليس صدفة تزامن صدور الكتاب، مع إعلان كوندليزا رايس عن استراتيجيتها أوائل 2005.. “أبوبكر البغدادى” أنهى عام 2009 تدريباته، ضمن 2000 مقاتل خرَّجتهم المعسكرات الأمريكية التى افتتحت بالأردن 2006، لإعداد الكوادر التى ستنفذ تلك الإستراتيجية.. فى ابريل 2010 شارك فى إجتماع قادة «الدولة الإسلامية بالعراق» بجماعة “جيش أبوبكر الصديق” السلفى، للإتفاق على ضمها للتنظيم، غادر مقر الإجتماع بمدينة الثرثار محافظة الأنبار بعد إنتهاؤه، لتقصفه الطائرات الأمريكية، فتقتل أبوعُمر البغدادى قائد التنظيم آنذاك ونائبه أبوحمزة المهاجر، لتفسح له طريق القيادة!! الإستراتيجيتان.. “إدارة التوحش” و”الفوضى الخلاقة”.. تكاد أهدافهما تتطابق.. إضعاف الدول الوطنية بالمنطقة، تفكيك الجيوش، ضرب الإقتصاد، إختراق المؤسسات، نشر البلبلة والصراع المجتمعى، بإشاعة السيولة الإعلامية بالفضائيات ووسائل الإتصال الإجتماعى.. الفارق الوحيد بينهما ان “داعش” تسعى فى مرحلة “النكاية والإنهاك” لنشر الفوضى والتوحش، ثم تسعى لإدارتها تمكيناً للمشروع “الإسلامى”، بينما تراهن أمريكا على إنتهاء الفوضى بإنتصار قيم الديمقراطية والحرية.. ذلك هو الإطار العام للرؤيا الإستراتيجية للمأساة التى نعاصرها.

مصر لها وضع خاص.. دولة مركزية قوية، والجيش هو العمود الفقرى لوحدتها، لذلك إعتمدت أمريكا على الإخوان لتفكيكه من داخل السلطة، وعندما استشعرت إحتدام المواجهة بينهما، أوفدت “يناير 2013” مايكل فيجرز وكيل وزارة الدفاع للمخابرات، مؤسس «القاعدة»، والمشرف على معسكرات التدريب بالأردن، للقاهرة لتقييم الموقف، بحجة بحث الدعم المطلوب لمواجهة إرهاب سيناء!!.. أدرك ان الإخوان ليسوا مطلقى اليد فى السلطة، لأن الجيش تولى زمام الأمور بسيناء، ويرفض مشاركة أمريكا أو إسرائيل فى تأمينها، مايعنى ضرورة إعتماد المخطط على القوة البديلة.. “داعش”.

تهديد “داعش” الرئيسى لمصر، والمنطقة، يأتى من ليبيا، لتوافر البيئة الحاضنة، والمنابع الخصبة لتجنيد المرتزقة المحترفين.. أولها “الحرس الثوري”.. يبلغ 3000 عنصر، تولى مسئولية الحراسة الشخصية للقذافى، والميليشيات التابعة لأبناؤه، ولعل ذلك يفسر سقوط “سرت” مسقط رأس العقيد، كأول مدينة تخضع بصورة كاملة لسلطة “داعش”.. ثانيها “الفيلق الأفريقى”.. يضم 3000 مقاتل إختارتهم الفروع الـ22 لشركة “تايم أويل” النفطية بأفريقيا برئاسة إبراهيم القذافى، وعبدالله السنوسى مسئول المخابرات، وفق مواصفات شخصية خاصة، مايفسر الأجسام العملاقة لعناصر “داعش” التى قامت بذبح المصريين فى سرت، تم تجنيسهم بالليبية لتجنب وصفهم بالمرتزقة، ماأثار حفيظة مصطفي عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي السابق، عندما كان وزيراً للعدل، كما تسبب فى إنقلاب بعض القبائل على القذافى، وانتشار السخط الداخلى، نتيجة لتجاوزاتهم.. ثالثها “ميليشيات الرئيس بن على” وبعض الخارجين على القانون، الذين هربوا من تونس بعد الثورة، واستعان بهم القذافى لمواجهة المعارضة.. رابعها عناصر “شركات الأمن الخاصة” التى تعرض خدماتها الأمنية والعسكرية بالمقابل المادي، وقد تزايدت أنشطتها بأفريقيا نتيجة لضغوط الجهات المانحة، لتقليص الميزانيات العسكرية وتقليل حجم الجيوش.. خامسها “العناصر الإخوانية والتكفيرية الهاربة” من مصر منذ سقوط الإخوان.

مصادر إمداد داعش بالرجال خارج ليبيا عديدة.. أهمها العناصر التى جندتها شركة “بلاك ووتر” الأمنية الخاصة إبان عملها بالعراق منذ 2003، والذين تجاوزوا 150 الف، الحكومة العراقية أنهت عملها، بعدما إرتكبته من جرائم قتل وتعذيب أدانتها المحاكم الأمريكية، وآخرها قتل 14 مدنى بساحة النسور ببغداد سبتمبر 2007، وثائق “ويكيليكس” كشفت أن موظفيها واصلوا العمل لحساب شركات أخرى، الشركة غيرت إسمها لـ”ذى”، ثم “أكاديمى” قبل الإندماج مع «تريبل كانوبي» وتشكيل «كونستيليس هولدينغز»، تسعى حالياً للعودة، ودفع عناصرها للعمل كمستشارين للحكومتين الأمريكية والعراقية في حرب تحرير الأنبار ونينوى، رغم أن أعداداً كبيرة منهم تقاتل بالفعل ضمن صفوف “داعش”!!.

شركات المرتزقة بالعالم تقدر بالمئات، يقودها جنرالات سابقون، تعتمد على العسكريين المتقاعدين، من القوات الخاصة والمخابرات، أمريكا بها 35 شركة، حجم تعاقدات البنتاجون معها 300 مليار دولار سنوياً، تستخدم نحو 700 ألف مرتزق، حجم أعمالها بالعراق بلغ 100 مليار دولار، عدد أفرادها بأفغانستان وصل 185 الف، شاركت فى ثورات “الربيع العربي” بتدريب النشطاء على قيادة التظاهرات والشغب والعصيان المدنى، إيريك برنس رئيس بلاك ووتر السابق إعترف بممارسة أنشطة خاصة بمصر، شبكة “NBC” الأمريكية أكدت ان عناصر الشركة أنقذت ماري ثورنسري الممرضة الأمريكية المتقاعدة التى حبست نفسها بشقتها المطلة على التحرير خوفاً من إشتعال الميدان إبان الثورة، وزير الداخلية الأسبق محمود وجدي أكد ان التسجيلات كشفت ان قناصة الجامعة الأمريكية كانوا من الأجانب، وعناصر الشركة تسلموا 22 سيارة من جراج السفارة الأمريكية ليلة 28 يناير 2011، وفق شهادة العقيد عمرو الرجيلى قائد قوات التأمين، دهسوا الثوار بالقصر العينى للإثارة، وتابعوا أحداث الثورة بالمحافظات.. التنظيم الدولي للإخوان أجرى اتصالات مع شركة “بلاك ايرس” الشريك السابق لـ”بلاك ووتر”، لتنفيذ إغتيالات بمصر.. وجارى إنشاء شركة أميركية تركية، تضم ممثلين عن “بلاك ووتر” ورجال أعمال “إخوان” مقربين لأردوغان، لإعداد مقاتلين لدفعهم لسوريا، وعينهم على مصر.

المصريون من أهم الجنسيات ثقلاً بـ”داعش”.. وزير حرب ونائب أول سابق لرئيس التنظيم “أبوحمزة”، ثلاثة بمجلس الشورى، قاض بالمحكمة الشرعية، أبوكمال الكنانى مسئول المعابر والدعم التقنى المختص بتسفير المصريين لإلحاقهم بالتنظيم، كشف انهم 15 الف مقاتل، و55 الف مقيم بمناطقهم بالعراق وليبيا وسوريا، البداية كانت من أعضاء جماعة “حازمون”، ثم زادت تدفقات العناصر الإخوانية الهاربة، تقديره للمقاتلين مبالغ فيه، ولكن المقيمون هم الأخطر، فقد تعايشوا مع التطرف، وأصبح مصدراً لرزقهم، وعندما تسقط سوريا سيشاركوهم فى نقل المعركة الرئيسية للساحة المصرية.

***

العمليات الإرهابية التى نتعرض لها حالياً تستهدف إستنزاف الجيش المصرى، على النحو الذى يضعفه، ويمس قدرته على مواجهتهم، عندما تبدأ المعركة الفاصلة، لذلك ينبغى إعفاؤه من التورط الراهن فى المعارك، وتفرغه لتأمين الحدود، ومنع التسلل او الهجمات المحتملة، والإستعداد لما هو قادم.. كمرحلة أولى تتولى قوات الشرطة مسئولية المواجهات اليومية، بعد تعزيزها بخبراء التدريب وإدارة العمليات الخاصة، وكذا بالتشكيلات العسكرية اللازمة لإستكمال قدرتها على المواجهة.. على ان تُدرج خطة إنشاء “قوات للدرك الوطنى” ضمن خطة الأمن القومى للدولة، أسوة بمعظم دول العالم، بحيث تقتصر مهام الشرطة على المناطق الحضرية، بينما يتولى الدرك المسئولية خارجها.. الجيش المصرى هو المستهدف، وحمايته تكفل أمن الوطن، ووحدة أراضيه، فى مواجهة التهديدات المحتملة.

gtaha2007@gmail.com

 
تعليق واحد

Posted by في 2015/06/12 بوصة غير مصنف

 

القوة العربية المشتركة.. قضايا وإشكاليات

9421

المهمومون بالأمن القومى يسعون للاستشراف المبكر للخطر، وتوقع مصادره وحجمه، وتحديد آليات مواجهته.. السيسى كشف عن تشكيل قوات التدخل السريع مارس 2014 لمواجهة العمليات الإرهابية، والقضاء على منابعها بالداخل، ومصادرها بالخارج، إذا ما تطلب الأمر.. منذ أن شنت مصر غاراتها على معسكرات «داعش» بليبيا انتقاماً لمذبحتها ضد المصريين، لم تتوقف عن الترويج لفكرة إنشاء «قوة عربية مشتركة» للتصدى للإرهاب المتمدد بالمنطقة، لحساب قوى إقليمية ودولية فاعلة، تستهدف الأمن القومى العربى، وكيانات دوله الوطنية.. رغم عدم تحمس البعض للفكرة، نجاح الاجتياح الحوثى فى الإطاحة بالشرعية فى اليمن، بدعم إيرانى مباشر، ضمن خطة تطويق السعودية، والسيطرة على باب المندب، أعطى زخماً للفكرة، وخرج البيان الختامى لقمة شرم الشيخ العربية 29 مارس 2015 ليعلن الموافقة على إنشاء القوة، ويحيل الأمر لمجلس رؤساء الأركان للدراسة.

الاجتماع الأول لرؤساء الأركان عقد 22 إبريل، اتُّفِقَ خلاله على مهام القوة باعتبارها درعاً لحماية كيان وأمن الوطن العربى من المحيط إلى الخليج، ومحاربة الإرهاب، وشكل فريق عمل لوضع مشروع بروتوكول يتضمن مختلف الجوانب التنظيمية والقانونية والمالية المتعلقة بتشكيل القوة وأهدافها والإطار القانونى لعملها، وآليات اتخاذ قرارات التدخل، وتحديد طبيعته، ودور الأجهزة العليا، ومجلسى وزراء الدفاع، ورؤساء الأركان…الخ، وهو ما تم الانتهاء منه ومناقشته فى الاجتماع الثانى 24 و25 مايو، وتقرر عرضه على «ترويكا» القمة العربية «مصر- الكويت- المغرب»، قبل رفعه لمجلس الدفاع والقمة المقبلة.

مشروع البروتوكول لم يُعلَن نصه الرسمى، لكن علاقته بالأمن القومى المصرى والعربى، فرض محاذير وملاحظات، فجَّر قضايا وتساؤلات، وأثار إشكاليات وتخوفات:

المشاركة فى القوة.. اختيارية، وليست إلزامية، الدستور الجزائرى يحظر مشاركة قواتها بمهام خارج أراضيها.. تقاليد السياسة الخارجية لسلطنة عمان المحايدة المتحفظة قد يحول دون مشاركتها.. والعراق ربما فضل تجنب الانزلاق لمواقف معادية لإيران نتيجة استشعاره أن التصدى لتمددها هو الهدف الأول للقوة.. ميدان عمل القوة سيقتصر على الدول المشاركة، ولكن.. ماذا لو نشب صراع بين دولة عضوة وأخرى غير عضوة؟ هل سيتم الانحياز للعضو لمجرد عضويته؟ أم أن موقف القوة من النزاع ستحدده معايير موضوعية؟ ما هى؟ ولماذا لا تكون مُعلنة لإشاعة الطمأنينة؟

طبيعة التدخل.. ينبغى أن يحدد بروتوكول إنشاء القوة طبيعة تدخلها، والهدف منه، وما إذا كانت مهمتها الفصل بين الأطراف المتنازعة أم العمل على فض النزاع والانحياز لطرف على حساب الآخر؟ وتحديد المعايير التى ستحدد الطرف الذى سيتم الانحياز له؟ وما إذا كان التدخل من خلال ضربات جوية وحصار جوى وبحرى، أم أن هناك احتمالاً للتدخل البرى.

موقفها من الثورات الداخلية.. أنظمة الحكم التى تتمتع بالشرعية الدستورية هى المخولة بطلب تدخل القوة، الخروج الشعبى على الحاكم، مثلما حدث بمصر 2011 و2013، وتونس 2010، يفرض وضع معايير محددة للتمييز بين التحركات الشعبية، والتحريض الممول من الخارج للحيلولة دون استعانة الحكام بتلك القوة كأداة للقمع.

موقفها من الانقسامات.. ليبيا تعانى انقساماً بين البرلمان المنتخب وقوات الجيش الوطنى من جهة، والمؤتمر المنتهية ولايته وميليشيات فجر ليبيا من جهة أخرى، مصر والإمارات تؤيدان الأول، قطر والجزائر تدعمان الثانى، إذا ما طلب البرلمان تدخل القوة، هل تستجيب؟ وإذا استجابت فما هى طبيعة تدخلها؟ وما انعكاسه على وحدة دول المجموعة؟

موقفها من النزاعات بين الأعضاء.. فى حالة نشوب صراع بين عضوين فى القوة، هل تلتزم الحياد؟ أم تتدخل للفصل بينهما؟ أم تنحاز للمعتدى عليه وفقاً لمعايير محددة ومعلنة؟

موقفها من التهديدات الموجهة لغير الأعضاء.. عندما تتعرض دولة غير مشاركة لتهديدات تنذر بالامتداد للدول الأعضاء، هل تتدخل القوة؟ وهل تعتبر موافقة الدولة غير العضو شرطاً للتدخل؟ أم أن الأولوية لدرء الخطر عن الأعضاء؟ سوريا نموذجاً لذلك.. عضويتها مجمدة بالجامعة العربية، وبالتالى لن تنضم للقوة، هناك خلاف على مشروعية نظامها، فهل تتدخل القوة لمواجهة الجماعات الإرهابية لصالح النظام؟! أم تتركها تتمدد لتهدد الدول الأعضاء؟ وهل هناك ضوابط تحول دون محاولة بعض الأعضاء توظيف القوة لإسقاط النظام؟

اختلاف المفاهيم بين الأعضاء.. الإخوان تنظيم إرهابى بمصر والإمارات، وثانى قوة سياسية فى البرلمان التونسى.. حماس تحصل على معونات قطرية تدعم بها إرهاب سيناء.. تناقضات عميقة قد تؤدى للصدام عند ممارسة القوة لمهامها على أرض الواقع، ما يفرض البدء بتوحيد المفاهيم بين الدول الأعضاء.

حجم القوات.. هناك طرحان حول عدد القوات وطبيعة عملها، الأول يتحدث عن قوة ثابتة ومحددة يتم البناء عليها، ضماناً لتوحيد مناهج التدريب والتسليح والعمل المشترك وتحقيق سرعة الاستجابة، والثانى يفضل تحديد القوة وفقاً لطبيعة كل مهمة على حدة، وبالتالى يتم استدعاء تشكيلاتها وأسلحتها من الدول الأعضاء عند الحاجة!!

مقر القيادة.. موقع مصر الاستراتيجى يبرر لدى البعض تمركز القيادة بالقاهرة، السعودية أيدت، قطر والجزائر عارضتا، والعراق تحفظ، وهناك حل وسط يقوم على إسناد القيادة للجامعة العربية بجنرالات معينين، رغم أن القيادة منظومة متكاملة، تضم هيئات وأجهزة معاونة ودعماً لوجستياً ومعلوماتياً وآليات وأدوات، تتضاءل أمامها القدرات الفردية مهما بلغ مستوى كفاءتها.

مصادر التمويل.. يفرض تشكيل القوة على الجامعة العربية أعباء مالية إضافية، فهل سيتم تحميل هذه الأعباء على الأعضاء بنسبة حصصهم؟ أم سيقتصر ذلك على أعضاء القوة، وكيف سيتم توزيع ميزانيتها على الأعضاء فى ظل الفوارق الكبيرة بينها من حيث القدرات المالية؟ وهل ستنعكس نسبة المساهمة على نفوذها وقدرتها فى التأثير على قرارات تدخل القوة؟

موقف القوة من إسرائيل: كثيراً ما تلجأ حماس لاستفزاز إسرائيل كسباً للتعاطف، ما يؤدى لهجمات إسرائيلية مضادة على غزة، حيث تختلط الأهداف العسكرية بالتجمعات السكنية، مثل هذه التطورات يوفر عادة مناخاً للمزايدات، ستصبح القوة العربية المشتركة هدفاً له، ما يفرض التأكيد على أن هذه القوة غير معنية بإسرائيل.. وفقاً لقواعد القانون الدولى فإن توقيع مصر وإسرائيل على اتفاقية كامب ديفيد 1978، وتوقيع الأردن وإسرائيل على اتفاقية وادى عربة 1994، يمنع إحداها من استخدام القوة ضد الأخرى على نحو مباشر أو غير مباشر، ويلزمها بحل كل المنازعات التى تنشأ بينها بالوسائل السلمية، كما أن تبنى القمة العربية الـ14 ببيروت مارس 2002 مبادرة السلام السعودية، وعدم التراجع عنها أو سحبها حتى الآن، يعنى استعداد الدول العربية لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، بمجرد استيفائها ترتيبات حسن النوايا، الأمر الذى يحصر دور القوة العربية فى تأمين كيانات الدول العربية فى مواجهة ما تتعرض له من تهديدات مباشرة من جانب التنظيمات الإرهابية المرتبطة بقوى خارجية مضادة، ما يُخرج إسرائيل من مجال المزايدات.

***

حالة التفتت والتشرذم التى بلغتها المنطقة العربية تنتظر ظهور قائد مُوَحِّد على رأس جيش فاتح.. الظروف الإقليمية والدولية ربما لا تسمح بذلك، لكن القوة العربية المشتركة قد تكون بديلاً، لو تم تضمين بروتوكولها معايير محددة وموضوعية ومعلنة، تكتسب الثقة داخل الإقليم، وتبعث الطمأنينة خارجه.. أمريكا أيدت إنشاء القوة، وأبدت استعداداً للتعاون معها، فرنسا وروسيا أعلنتا دعمهما، وزعيم الأغلبية فى البرلمان الألمانى أشاد بها، لكن الموقف الفعلى لشعوب المنطقة ودول العالم يتوقف على أداء هذه القوة، وما إذا كانت مصدراً لتحقيق أمن واستقرار المنطقة، أم مبرراً لزيادة التوتر والخلاف بين دولها.

gtaha2007@gmail.com

 
تعليق واحد

Posted by في 2015/06/03 بوصة غير مصنف