RSS

Monthly Archives: فيفري 2018

الاستهداف التركى.. والحسابات الروسية

images-83

مسلحو هيئة تحرير الشام «النصرة» الممثلة للقاعدة، أسقطوا الطائرة الحربية الروسية SU-25 بصاروخ متطور، فوق منطقة سراقب بریف إدلب الجنوبى، شمال غرب سوريا، وقتلوا الطيار بعد هبوطه سالماً، روسيا لجأت لتركيا للتوسط واستعادة الجثمان، قبل قضائها على 30 مسلحاً فى غارة انتقامية.. موسكو تتغافل حقيقة استهدافها، وأنها تتعرض لعمليات انتقام؛ خسرت 4 طائرات هليكوبتر منذ تدخلها فى سوريا سبتمبر 2015.. لكن الأخيرة هى ثالثة مقاتلاتها، بعد الـSU-24 التى أسقطتها تركيا، ونظيرتها التى سقطت أثناء الإقلاع من قاعدة حميميم باللاذقية أكتوبر 2017.. تركيا تستهدف الطائرات الروسية فى سوريا، مباشرة أو بالوكالة؛ عن طريق التنظيمات المسلحة، المصالح تحكم السياسة التركية، وتحالفاتها متناقضة وانتقائية، فهى حليف أمريكا المتمرد، وحليف روسيا الخائن.. احذروا أردوغان، خليفة البغدادى.

روسيا نشرت نظام صواريخ «إس – 300» حول قاعدتها البحرية بطرطوس أكتوبر 2016، ما أثار استياء أمريكا، الغضب زاد عقب توقيعها لاتفاقية توسيع القاعدة البحرية الروسية الوحيدة فى البحر المتوسط بـ«طرطوس»، لـ49 عاماً قابلة للتمديد 25 عاماً أخرى، والسماح للسفن الحربية الروسية باستخدام المياه الإقليمية والموانئ السورية، تنفيذ عمليات التوسيع بدأ عقب تصديق البرلمان وبوتين ديسمبر 2017، وتم تشكيل مجموعة قتالية كاملة بقاعدتى طرطوس وحميميم.. روسيا تفرض هيمنتها على المنطقة خصماً من النفوذ الأمريكى، فكيف لا تتوقع تعرضها للانتقام؟!.

ضمن ترتيبات أستانة أنشأت روسيا منطقة خفض توتر بمحافظة إدلب، جمعت فيها عناصر «النصرة» والفصائل المؤيدة لها، ما ييسر القيام بعملية عسكرية للقضاء عليهم.. أسندت مسئوليتها لتركيا، بهدف توظيف علاقاتها مع التنظيمات المسلحة فى محاولة توسيع نطاق التسوية السياسية، أو تبرئة ساحتها من شبهة دعمها بتحجيم أنشطتها، إلا أن مصلحتها فى الضغط على سوريا، واقتضام أجزاء من أراضيها، حولتها لطرف معادٍ.. روسيا حمَّلت تركيا مسئولية نجاح التنظيمات المسلحة فى الهجوم على قاعدة حميميم بقذائف الهاون والمدفعية الثقيلة، وقتل طيارين، وتدمير سبع طائرات عسكرية 31 ديسمبر، ما دفعها للتدخل المباشر، وتقديم الدعم الجوى واللوجيستى للقوات السورية للهجوم على إدلب.

قوات النظام بدأت هجومها على ريف إدلب الجنوبى 25 ديسمبر 2017، سيطرت على عشرات القرى والبلدات، ومطار أبوالظهور العسكرى، وطردت «النصرة» والفصائل المتحالفة، بعد عامين من سيطرتها، الغارات الروسية والسورية ازدادت كثافة منذ مطلع فبراير، وأصبح الجيش على بعد 11 كم من سراقب، على الأوتوستراد الدولى دمشق/حلب.. الفصائل المسلحة شكلت بريف إدلب غرفة عمليات للتنسيق فيما بينها، وذلك بعد فشل غرفتين سابقتين فى وقف تقدم القوات السورية، ما أجبر «النصرة» على الانسحاب وسقوط عشرات القرى فى أرياف إدلب وحلب وحماة، رغم الدعم التركى المباشر لها.

الخارجية التركية استدعت السفيرين الروسى والإيرانى لدى أنقرة، إلى مقرها 9 يناير 2018، للاحتجاج على انتهاكات النظام السورى لمناطق خفض التوتر، خاصة فى إدلب، وأبلغت نفس الرسالة عن طريق قنوات الاتصال العسكرية والأمنية مع الدولتين، أردوغان طلب تدخل بوتين شخصياً لسرعة وقف هجمات النظام على إدلب 11 يناير، ملوحاً بأهمية توفير فرص النجاح لقمة سوتشى وعملية أستانة، وزارة الدفاع الروسية ردت على الفور بمطالبة تركيا بمنع هجمات الطائرات بلا طيار المستخدمة فى استهداف مطار حميميم، التى تنطلق من إدلب، ما يعنى تضامنها مع الهجوم السورى، وكثفت الطائرات الروسية مشاركتها فى الغارات.. المقدم ريك فرانكونا الملحق العسكرى الأمريكى السابق بسوريا، حذر من أن إدلب كمنطقة محاصرة «كثيفة الأهداف»، تستهدفها قوة نيرانية كثيفة، أرضية وجوية، يؤكد أن سقوطها مسألة وقت، ما يفسر تكثيف تركيا لدعمها للتنظيمات المسلحة وتشجيعها على إيلام الروس أملاً فى كبح جماح الهجوم على إدلب، الخطورة فى كل ذلك، أنه مع الهجوم التركى على عفرين، ونظيره السورى المدعوم روسياً ضد إدلب يقع المدنيون ما بين المطرقة والسندان، خاصة أن وقوع المنطقة ضمن مناطق التهدئة جلب إليها أعداداً كبيرة من المهاجرين، ما يفرض مضاعفة جهود الإغاثة الدولية، لتخفيف معاناتهم.

روسيا تحاول ترجمة ثقلها العسكرى فى الحرب السورية، إلى دور سياسى يؤسس لنفوذ دائم بالمنطقة، ويحقق الأهداف الاستراتيجية من مشاركتها المباشرة، وهو قطع الطريق أمام الغاز القطرى، فى إمكانية الوصول لأوروبا، ومنافسة نظيره الروسى؛ نظمت مباحثات التسوية بأستانة، ومؤتمر «الحوار الوطنى السورى» فى سوتشى، تستهدف من خلالهما القفز على «مسار جنيف»، ومؤتمرات المعارضة السورية بالرياض، ما يفسر معارضة الدول الغربية، وضعف الاهتمام الأمريكى، ورفض معظم الفصائل المعارضة، وعدم تحمس إيران لتكريس حليفها الروسى لنفوذه خصماً من دورها، دى ميستورا عقد الجولة التاسعة لجنيف أواخر يناير فى فيينا، وشارك فى مؤتمر سوتشى 30 يناير 2018، تعثر مباحثات جنيف، نتيجة تعنت النظام والمعارضة يمنح الفرصة الذهبية لروسيا لفرض تسويتها، التى تستند لوجود قوى ومؤثر على الأرض.

روسيا ترتكب خطأين جسيمين.. الأول أنها لم تهتم بالبيئة السورية الحاضنة لوجودها، والضامنة لاستمرارها، حتى إنها لم تدع الحكومة السورية لإرسال ممثل رسمى عنها فى مباحثات أستانة أو فى مؤتمر سوتشى، واكتفت بممثلين عن حزب البعث الحاكم، وهى تتصور بالخطأ إمكانية صياغة الأوضاع السياسية فى سوريا، دون حكومتها، أو أن الشعب السورى يمكن أن يتقبل -بعد عبور الأزمة- سيناريوهات التغيير للدستور والحكومة من خلال الاحتلال الروسى؟!.. الثانى أنها تراهن على تركيا وإيران، وذلك ضد مصالح الأمة العربية، نظراً لأطماعهما الإقليمية، التمدد الإيرانى فى العراق وسوريا ولبنان واليمن تم بدعم روسى كامل، ومحاولات التمدد التركى شمال سوريا والعراق تتم متخفية وراءه، إهمال روسيا للأكراد أفقدها قوة محلية فاعلة، كان يمكن أن تلعب دوراً بالغ الأهمية، تركت لقمة سائغة للبراجماتية الأمريكية التى أخذت منهم الكثير، دون مقابل مجز، والغريب أن الأكراد بدورهم يخطئون الحسابات دائماً، فقد كان يمكن أن يكونوا حلفاء المواجهة العربية مع الأطماع التركية، لكنهم حددوا يناير 2018 موعداً لانتخابات المجالس المحلية بمحافظات الحسكة والرقة وحلب، فى إطار تطبيق «النظام الاتحادى الفيدرالى»، الذى أعلنت عنه «الإدارة الذاتية» مارس 2016، القرار أغضب السلطات السورية والرأى العام العربى وحكوماته، ما يفسر تجاهل الجميع لما يتعرضون له من عدوان فى عفرين.. قلناها ونكررها، السياسة الروسية فى المنطقة تحتاج لمراجعة شاملة، وهذا هو الفيصل فى إمكانية تحولها لقوة عظمى تفوق أمريكا بالمنطقة من عدمه، فهل لدى موسكو متسع لذلك، أم أن صوت الانتخابات يعلو على المصالح الاستراتيجية للدولة؟!.

 
تعليق واحد

Posted by في 2018/02/13 بوصة غير مصنف

 

المرشحون المحتملون.. وسقوط أوراق الخريف

انتخابات الرئاسة

فى مواجهة مرشح جاد، هناك عشرات المرشحين، بعضهم يسعى للشهرة، والآخر للمال، والثالث يكون مدفوعاً لاعتبارات سياسية، جميعهم يراهنون على أصوات الأمة، والأمة حائرة.. ترى «المحتملين» يتساقطون تباعاً، كأوراق الخريف، فى شتائنا البارد.. مصر فى أزمة، لكنها لن تطول، لأنها أزمة إدارة، لا أزمة أصول.

«عنان» استبعد لصفته العسكرية، فهو نائب رئيس المجلس العسكرى الحاكم بعد «مبارك».. استدعوا جميعاً للخدمة بعد تقاعدهم، للاستفادة من خبرتهم، وتحصينهم ضد محاولات الاستهداف، وسُمح لهم بتقاضى مرتب الضباط العاملين، لكنه قابل ذلك بالنكران ومخالفة القوانين العسكرية، والأنكى اتهامه للنظام بالمسئولية عن الإرهاب، والتشكيك فى رشادة سياساته المتعلقة بمواجهته، رغم أنه كان المسئول الميدانى الأول فى الجيش، عندما وجه طعناته الأولى لـ21 من عناصر الجيش أغسطس 2012، وكان ذلك السبب فى الإطاحة به.. اختار معاونيه من بين أعداء الدولة المصرية، فصاغوا خطاب الترشح تحريضياً ضد الجيش، التحقيقات التى بدأت، ينبغى أن تتضمن كيفية إدراجه بالكشوف الانتخابية، ما مكّنه من المشاركة فى انتخابات 2014، وكيف مر تأسيسه لحزب «مصر العروبة الديمقراطى» دون حساب، رغم حظر القانون انتماء الضباط للأحزاب السياسية.. حكم حبس «خالد على» لمدة ثلاثة أشهر بتهمة ارتكاب «فعل فاضح فى الطريق العام» صدر سبتمبر 2017، وبعد قرابة شهر أعلن ترشحه للرئاسة، ما فرض التساؤل حول العلاقة بينهما، صدور إدانة نهائية فى القضية يؤدى لاستبعاده بقوة القانون، ما يفتح الباب لتأويلات سياسية، قد تفرض البحث عن مخرج لصالحه!!، لم يتمكن من استكمال التوكيلات، وانسحب بعد استبعاد «عنان» مباشرة، مستهدفاً إخلاء الساحة من المنافسين، لإحراج النظام، وهى الخطوة التى بنى عليها «صباحى» قرار المقاطعة.

أحمد شفيق أكد أنه «طلّق الانتخابات بالتلاتة»، ثم تراجع منتقداً ما وصفه بـ«الانهيار والتردى» بمصر.. أخطأ فى حق وطنه، ومضيفته «الإمارات»، فأجبرته على المغادرة، ليكتشف أن مصر لم تعد كما تركها منذ سنوات، وأن ليس بمقدوره إعادة التاريخ للوراء.. شفيق «76 سنة» أدرك متأخراً أن الزمان، قد فاته بزمان.. حزب الوفد اتفق على عدم تقديم مرشح للرئاسة، وقرر فتح مقاره بالمحافظات لحملات السيسى الانتخابية!!، فجأة تقدم السيد البدوى للكشف الطبى، فأحدث شقاقاً، ذكّاه ٢٦ نائباً، و١٨ تمسكوا بتزكية السيسى، هددته الهيئة العليا بالفصل، فانسحب.. «البدوى» عضو «التحالف الديمقراطى من أجل مصر»، الذى ضم رجال البرادعى والحرية والعدالة التابع للإخوان، ما زال يتعاطى مع الأوضاع بمصر بنفس آلية خطب ود السلطة، والسعى لإرضائها، دون مراجعة لطبيعة دوره، ومدى إساءته لمؤسساتها ولنفسه.. محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية تراجع استجابة لرأى أعضاء حملته، وهو ثانى الذين أجبرتهم حملاتهم على التراجع بعد خالد على، ما يؤكد نقاء ووطنية أغلبية عناصر هذه الحملات، وعدم تأثرهم بالمصالح السياسية، والتطلعات الشخصية لراغبى الترشح.

مرتضى منصور «منتوى» دائم الترشح للرئاسيات «2011، 2014، و2018».. ادعى امتلاكه برنامجاً يسهم فى وضع مصر بمكانتها اللائقة، وأفصح عن نيته «إلغاء فيس بوك»!!، خرج نجله «أحمد»، مؤكداً تأييده التجديد للسيسى!!، واعتذر كالعادة.. العقيد أحمد قنصوة، الذى لا يعرفه أحد، عرّض نفسه للمحاكمة لمخالفته القوانين العسكرية، وعوقب بـ6 سنوات.. طبيب الأسنان باسم السواح ضمَّن برنامجه إضافة ما يقرب من 2000 كم2، بمنطقة بارتازوجا «بير طويل» الحدودية إلى مصر، لكن علاقته بخيرت الشاطر كشفت مزايدته، آثر السلامة، وتراجع.. الدكتور محمد زهران، مؤسس تيار استقلال المعلمين، اقتبس مقولة السيسى «هاخد بإيد الشعب الذى لم يجد من يحنو عليه»، لكنه اختتم بالإساءة، «مشاركتى ستلفت أنظار العالم للخراب اللى احنا فيه»!!.. طارق العوضى، المحامى كشف نية الترشح تحت شعار «والله نقدر نعملها»، لكنه لم يستطع.. قيادات حزب المحافظين ناقشت أمر ترشح أكمل قرطام، وسعيد حساسين حاول فى اللحظات الأخيرة دفع أحمد الفضالى، رئيس حزب السلام الديمقراطى، وتيار الاستقلال.. وآخرون خلطوا بين الجد والهزل، منى البرنس وعدت بـ«تدليع المصريين»، رجل الأعمال محمود رمضان طبع برنامجه فى كتاب «لو كنت رئيساً لمصر»، أحمد زكى «البقال» تعهد بـ«تحرير القدس، ومنح كل مواطن مليون جنيه وسيارة».. لا أدرى كيف اتسعت مرونة القوانين، ورحابة الإعلام، وسعة صدر المواطن، لكل هذا القدر من الهزل والسخف؟

فى آخر أيام الترشح، ودون مقدمات، قدم موسى مصطفى موسى أوراق ترشحه عن حزب الغد، بعد أن أسس حملة «مؤيدون» لمساندة السيسى أغسطس الماضى!!.. قدم تزكيات عشرين نائباً، لا يعرف أسماءهم ولا انتماءاتهم!!، و47.000 توكيل، رغم فشله فى الفوز بمقعد برلمانى واحد!!، وعدم علمنا بأنه كان مدرجاً بقوائم التوكيلات!!، وأجرى الكشف الطبى رغم انتهاء موعده فى اليوم السابق!!، ترتيب المشهد بالغ السوء.. الدستور يتضمن قواعد منظمة لانتخابات المرشح الوحيد، عندما يفتقد الآخرون للجدية.. لماذا يتخيل البعض أن «السيسى» بحاجة إلى وصيف، حتى تستدعوا نفس الحزب الذى أنتج وصيف مبارك؟!.. يا من تديرون الانتخابات، أما كفاكم من إساءة؟!.

هدأت موجة الحماس المصاحبة لفوضى يناير 2011، وتلك التى ارتبطت بمواجهة حكم الإخوان، وما أعقبهما من حرص على سد الذرائع فى وجه عودتهم، وعادت أزمة الديمقراطية تدهمنا من جديد.. «مصر ليست جاهزة للديمقراطية»، قالها عمر سليمان، وما زالت صالحة حتى الآن، لم يستعد أحد للترشح كما ينبغى، باستثناء «السيسى»، وتلك ظاهرة ينبغى دراستها جيداً، استعداداً لانتخابات 2022، وإلا فالنتيجة كارثية.. التمويل عائق ولا شك، لأن حملة نائب البرلمان تتكلف الملايين، فما بالك بحملة رئيس، دعم حملات المرشحين الجادين وفقاً لمعايير موضوعية التزام على الدولة، «مبارك» حاول، ولكن دون معايير، فأفرغها من مضمونها.. إدارة العملية الانتخابية تنطوى على أخطاء فادحة أضرت بمصر، وبصورة مؤسساتها، على نحوٍ ما كان أعداء الوطن يأملون فى تحقيقه، مهما خططوا ومولوا، أخطاء تؤكد شيخوخة بعض المسئولين، وفقدانهم لذاكرة ما حدث عبر السنوات الماضية من ردود فعل لـ«تقييد المعارضة»، حتى لو لم تكن على مستوى المسئولية.. التخلص من بقايا معاونى «مبارك» أضحى لازماً، ولنضع القوانين التى تحفظ للمنصب هيبته، وتحمى للمرشح الجاد سمعته، حتى لا يتعرض لحملات التشويه، ولنراعِ أن إجراءً واحداً يتخذ فى حق مرشح يضر بالدولة كلها، والتحقيق معه يكون أشد ضرراً، أما القبض عليه فى توقيت يتزامن وظروف الانتخابات، فهو كارثة وطنية، حتى لو كان تنفيذاً لأحكام قضائية، أو مخالفات لا علاقة لها بالسياسة.. المواءمات السياسية واجبة، حتى لا يتصيد المتربصون فى العالم أخطاءنا، فنهرول، بحثاً عن مخارج، كل منها له ثمن، تتحمله أمة لم يعد ملائماً تحميلها المزيد.

 
تعليق واحد

Posted by في 2018/02/13 بوصة غير مصنف

 

ومازالت الإجابة تونس!!

26992745_328123524354851_5391960179205462368_n

تونس بعد سبع سنوات من ثورة الياسمين لم تعد بخير؛ تجاوزت نسبة البطالة 15%، تباطأت الاستثمارات الأجنبية بفعل الإختلال الأمنى، السياحة التى تمثل 8% من الناتج المحلي الإجمالي تراجعت بعد إرهاب 2015، وإنخفضت قيمة الدينار بأكثر من النصف مقارنة بعام 2010، نسبة التضخم قاربت 7.5% سنويا، بسبب زيادة أسعار المواد الغذائية، وهى أعلى معدلات منذ أربع سنوات، العجز التجاري بلغ 6.25 مليار دولار بنسبة 14%، وهو مستوى قياسى جديد، نسبة الفقراء بلغت 30%، ومعدلات البطالة وصلت 15.3%، لكنها ترتفع فى بعض المدن الى 30%، الأجور والنفقات الاجتماعية تضخمت الى حد إبتلاع نحو 75% من ميزانية الدولة، ونسبة الدين ارتفعت لأول مرة إلى نحو 70%.
نقص فرص العمل هدم حلم الثورة، مما يفسر الزيادة الكبيرة فى معدلات الهجرة غير الشرعية، آخر دراسات «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية» تؤكد ان الرغبة في الهجرة إلى أوروبا لدى الشباب بين 18 و35 سنة كانت قبل الثورة في حدود نسبة 37%، إنخفضت خلال الأشهر الأولى من الثورة 2011 لتصل إلى نسبة 30%، لكنها عاودت الإرتفاع المضطرد لتسجل عام 2016 نسبة 55%.. الإخوان حولوا حلم الثورة الى كابوس مفزع، هذا اليأس تم ترجمته الى إنتشار لثقافة التطرف والإرهاب، تونس أكبر دولة صدَّرت مقاتلين للحرب فى صفوف داعش بسوريا والعراق «6000 مقاتل»، بخلاف مئات المتطوعات فيما سمى بـ«جهاد النكاح»، القاضية التونسية روضة العبيدي رئيس الهيئة التونسية لمكافحة الاتجار بالبشر كشفت خلال ورشة عمل نظمتها وزارة الشؤون الدينية التونسية بعنوان «محورية دور المرأة في التصدّي للإرهاب» ان بعض التونسيات شغلن مناصب قيادية في داعش، أسوة بالرجال، هذا ماجنته الثورة على مجتمع كان يمثل بسلميته وحميميته أهم مراكز الجذب السياحى فى المنطقة العربية.
تونس حاولت مواجهة الواقع المتدهور بدفع الإستثمارات الأجنبية لتوفير فرص عمل وتحقيق تنمية إقتصادية، عرضت مشاريع تتراوح تكلفتها من 30 الى 50 مليار يورو فى مؤتمر دولى لإستقطاب المستثمرين، لكنهم وافقوا على الثلث فقط، والمانيا أكبر إقتصاديات أوروبا –المتحمسة للنموذج التونسى- إكتفت بـ300 مليون، وكافة العروض لم يتم ترجمتها الى واقع، ما ألجأ الدولة الى صندوق النقد الدولى، للحصول على قرض 2.4 مليار يورو على أربع سنوات، لكن روشتة الإصلاح كما اعتدناها، مصمتة وقاسية.. فرضت منذ يوليو 2016 طريقة التعديل الآلي لأسعار المحروقات، وبالطبع يترتب على اى زيادة زيادات مماثلة فى أسعار النقل والكهرباء ومختلف الخدمات التي تتأثر بدعم الطاقة، الحكومة مع بداية 2018 رفعت الأسعار ضمن حزمة إصلاحات لتخفيض عجز الموازنة، شملت المواد الغذائية والاستهلاكية، وفواتير الكهرباء والماء، والمصاريف الدراسية، وميزانية 2018 التى بدأ العمل بها فى يناير تضمنت زيادات في الضريبة على القيمة المضافة والاتصالات الهاتفية والانترنت والعقارات، والسيارات وبعض المنتجات المستوردة، وضريبة تضامن تقتطع من الارباح والمرتبات، البرنامج يستهدف خفض العجز فى الميزانية وتقليل العجز التجارى، لكن آثاره الإجتماعية موجعة.. الضغوط تفاقمت على الطبقات الوسطى والفقيرة، أحدثت موجات عارمة من الغضب، وخلقت مناخ هو المناسب لتداول دعوات الخروج إلى الشارع للاحتجاج.. الإخوان حاضرون.
الثورة التونسية كانت البادرة لكل موجات الربيع العربى، انطلقت شرارتها فأحرقت جسد محمد البوعزيزى 17 ديسمبر 2010، وانتشرت، فانتصرت بهروب بن على 14 يناير 2011، الإحتفال بذكرى الثورة يتم عبر حشود ومسيرات واحتجاجات تنظم سنوياً، لكن أردوغان زار تونس منتصف شهر الإحتفالات ليرفع شعار رابعة بالقصر الرئاسي بقرطاج، فى رسالة دعم لاتخطئها العين للإخوان، والتقى راشد الغنوشى، للمرة الثانية بعد لقائهما المغلق السابق فى أنقرة يوليو الماضى.. ارتفاع الأسعار وزيادة الضرائب، كانت مبرراً كافياً لإسباغ طابع خاص على إحتفالات العام الجارى، التى تميزت بخصائص متفردة فى سجل الإحتجاجات؛ فهى مظاهرات ليلية وليست نهارية، تضم عدة مئات وليس آلاف كما تعودنا من الحركة الطبيعية للشارع التونسى، ثم انها اقتصرت على بعض المدن دون غيرها، معظمها قرب الحدود مع ليبيا والجزائر، باستثناء مدينة سيدى بوزيد منبع الثورة على بن على، بعض المحتجين عبروا الحدود الجزائرية ودخلوا منطقة بتيتة بولاية تبسة، مايؤكد تأثير التيارات الخارجية، ثم أنها إتسمت بالعنف، وشملت عمليات سرقة ونهب للبنوك ومحلات السوبر ماركت والمنازل، وإشعال حرائق، وتدمير الممتلكات العامة والخاصة، عمليات التخريب إستهدفت مقر الأمن الوطني بمدينة تالة، وحاولت إلصاقها بالمتظاهرين، الا ان الجماهير سارعت بالقبض على العناصر التخريبية، وسلمتها للجيش، مما يعكس عمق إدراك الرأى العام لأبعاد المؤامرة، عدد المعتقلين تجاوز الـ800، بينهم 16 من التكفيرين!!، وعشرات من محترفى الإجرام وأصحاب السوابق، مايؤكد توظيف الإضطرابات الإجتماعية لتحقيق أهداف سياسية، ويفسر سرعة نشر الجيش فى بعض المدن، وكالعادة هاجم مجهولون مدرسة دينية يهودية في جربة بالقنابل الحارقة مستغلين انشغال قوات الشرطة بالتصدي للاحتجاجات التي توسعت رقعتها في أرجاء البلاد، وتسبب الهجوم في أضرار مادية بسيطة، البحث عن مبرر لإشعال الطائفية هدف ثابت لأعمال التحريض، رغم ان اليهود الذين يعيشون في تونس لا يتجاوز عددهم 1800 شخص.
الحكومة كالعادة، لاتجرى قياسات للرأى العام، ولاتجتهد لإستشراف التوقعات فى ضوئها، مما يجعل إجراءاتها مجرد ردود فعل للإحتجاجات، بكل مايترتب عليها من خسائر، مما يفسر حزمة الإجراءات والبرامج الاجتماعية التى أعلنت عنها، والتى كان ينبغى ان تسبق إجراءاتها المالية.. زيادة الدعم المالي لحوالى 250.000 أسرة من الفقراء ومحدودي الدخل.. وتوفير قروض السكن، وتقديم منح للمعاقين، ورفع الحد الأدنى لمعاشات التقاعد، وتوفير الرعاية الطبية للعاطلين.. كلها إجراءات جيدة وفعالة، لو استبقت الغضب.
تبادل الإتهامات بالمسئولية عما حدث بين الحكومة والمعارضة، وبين الإخوان واليسار، لاتعنينى، ولاتستحق التحقيق، لكن الإشكالية الكبرى التى تسبب غضب الرأى العام، والحنق على السلطة، هو الإهمال فى مواجهة الفساد، وهو فى أبسط صوره يلعب دورا أساسيا في رفع الأسعار؛ فكلفة الرشاوى التي يدفعها القطاع الخاص يتم تحميلها على تكلفة الخدمة أو المنتج، وبالتالي تقع على عاتق المواطن، ناهيك عن تنفيذ مشاريع او تقديم خدمات او طرح سلع تفتقر للجودة.. الحكومة تضم 44 وزيراً، فى دولة تستنزفها مرتبات الوزراء والمسئولين والنواب الضخمة، بينما يضعون برامج لخروج العمال وصغار الموظفين للتقاعد المبكر توفيرا لرواتبهم، الحكومة تحت الضغط حاولت القيام بدور يُحسب لها فى الحرب على الفساد، قبضت على 8 من بينهم شفيق جراية، أحد أكثر رجال الأعمال نفوذا في عهد زين العابدين بن على والحليف المقرب للرئيس السبسي، فتحرك البرلمان، كجزء من شبكة المصالح، وأصدر عفواً شملهم ضمن شخصيات أخرى تنتمي للنظام السابق ومتورطين فى قضايا فساد، مما أثار الإستياء.
المبرر الذى يطرحه النظام لشجب الإضطرابات هو «أن ثورة 2011 استهدفت نظاماً استبدادياً بينما التحركات الجديدة تستهدف نظاماً ديمقراطياً منتخباً بمؤسساته التنفيذية والبرلمانية والقضائية والمجتمعية»، لكن هناك حقيقتين ينبغى له ادراكهما؛ الأولى أن ماجرى فى البلاد تضمن احتجاجات شعبية مشروعة على غلاء الأسعار وصعوبة ظروف العيش وسوء ترتيب الإجراءات، فلو سبقت حزمة الإجراءات الإجتماعية نظيرتها الإصلاحية، أو حتى تزامنت معها لاختلف سيناريو الأحداث، واختل ترتيب الوقائع، الثانى انه طالما شارك الإخوان أعداء الدولة، فى مؤسساتها السياسية والتشريعية، سعياً لإرضاء الغرب، والتعلل بديمقراطية زائفة، فسوف يسعون لتهيئة المناخ لإثارة السخط، بدليل أنهم كانوا أول المؤيدين للإجراءات التى أثارت الإحتجاج، ثم كانوا هم على رأس المشاركين فيه، الإخوان بالمنطقة لم تعودوا يراهنون على شعبيتهم، فهذا رهان خسروه منذ خروج 30 مليون مصرى يطالبون بإسقاطهم، لكنهم يراهنون على إسقاط نظام الحكم، للتحول لدولة فاشلة، قبل القفز عليها من جديد، الفارق بين المشهد فى يناير كما حدث فى تونس، ونظيره فى مصر، يعكس حقيقة من استوعب الدرس، مصر بكل ماتحمَّله شعبها من أعباء، يتم رفعها لدرجة أرقى فى التصنيف الإئتمانى، وسجلات المشاريع تبهر الجميع، والحرب ضد الفساد بدأت دون حصانة لأحد، ولكن علينا ان نستوعب الدرس، فمازال أعداء أوطاننا لم ييأسوا، يدركون ان «تونس مازالت الإجابة!!»، لذلك يلعبون على ساحتها، ندرك ان الظروف بالغة الصعوبة، وان الأصدقاء تخلوا، وتركونا للصناديق والبنوك أمريكية التوجيه، واردوغان يتربص، ويجيد اختيار التوقيت لجولاته، وتميم لحق به فى انقرة للإستكمال، فلتقترن برامج الإصلاح دائماً بإجراءات الحماية الإجتماعية، ولاينقطع حبل التواصل مع الرأى العام، فهو الظهير الحقيقى لأى نظام، ولتسترد الدولة إعلامها، دون أن يعنى ذلك إعلام الرأى الواحد، أو منهجية المديح، حتى يظل المواطن متعلقاً بإعلامه.. ألا قد بلغت.. اللهم فشهد.

 
تعليق واحد

Posted by في 2018/02/03 بوصة غير مصنف

 

الرؤية الاستراتيجية لحلقات الحصار التركى (2/2)

25-1

مقالنا السابق تناول حلقات الحصار التركى «قطر، الصومال، السودان، وإثيوبيا»، لنستكمل باقى حلقاته، قبل تحليل أبعاد دائرة الحصار، ومواجهتها.

اتفاقية أنقرة بين بريطانيا والدولة العثمانية، مايو 1926، أعطت الأخيرة حق التدخل شمال العراق، لحماية الأقلية التركمانية.. اتفاق التعاون وأمن الحدود بين العراق وتركيا، 1983، سمح للأخيرة بالتوغل 10كم داخل الحدود العراقية.. تركيا دفعت بقواتها لمعسكر بعشيقة بمحافظة نينوى، ديسمبر 2015، حولته لقاعدة تدريب للبشمرجة الأكراد، بالاتفاق مع حكومة «برزانى»، وتمددت بعدة مناطق شمال دهوك.. مع بداية معركة تحرير الموصل تفجرت الأزمة نتيجة إصرارها على المشاركة، بحجة تأمين التركمان ضد تجاوزات الحشد الشعبى، تفاقمت الأزمة، وتم سحب السفراء، ثم توصلتا لاتفاق لسحب القوات التركية يناير 2017.. لكن شمال العراق سيظل رهينة لأطماع تركيا، حتى تستعيد الدولة وحدتها الوطنية، وقوتها العسكرية، وثقلها الإقليمى.

تركيا حاولت استغلال الأزمة السورية لاحتلال الشريط الحدودى، متعللة بإنشاء منطقة عازلة، لكنها فشلت نتيجة للتوازنات الإقليمية والدولية، فخاطرت لتعديلها؛ أسقطت الطائرة su-24 فكادت تشتعل الحرب مع روسيا، شنت «درع الفرات» ففرضت وجودها العسكرى على الأرض، وخاضت مواجهات مع أمريكا وأوروبا، انتهت باعتبارها طرفاً رئيسياً فى مباحثات أستانا، وضامناً لاتفاقات الهدنة بمناطق خفض التوتر، وكلفت بالمسئولية عن محافظة إدلب، الملاصقة لحدودها.. حاولت استغلال الموقف، لتأمين وجود عسكرى دائم، بإقامة مجموعة قواعد عسكرية، بحجة المراقبة، استكملت الأولى بقمة جبل الشيخ بركات بريف حلب الغربى، وتحاول استكمال الباقى بالتعاون مع «هيئة تحرير الشام»، وهو ما وصفته الحكومة السورية بـ«الاحتلال»، ما يفسر عمليات خرق الهدنة التى يقوم بها الجيش السورى، لمنعها من إنشاء مرتكزات لوجودها الدائم.

مع تراجع المد الإرهابى فى سوريا والعراق، وبدء تهريب فلوله لسيناء، سعت تركيا لاستعادة العلاقات مع إسرائيل، التى قُطعت خلال أزمة السفينة «مرمرة» 2010، وأثناء المفاوضات طالبت بنفوذ داخل القطاع، يصل إلى حد تفويضها فى إدارته، العلاقات استؤنفت مع بدء معركة تحرير الموصل منتصف 2016، تركيا دعمت أنشطة «حماس» المعادية لمصر من خلال قيادات الحركة الذين تستضيفهم على أراضيها، وسعت لاستثمار مشاركتها فى مشاريع البنية التحتية والإعمار، بما تتطلبه من مواد بناء، للمطالبة بما سمته رفع الحصار، لتسهيل عمليات التهريب والتسلل لسيناء.. مصر كانت الغائب الحاضر، ولولاها لتحولت غزة إلى قاعدة عثمانية.. تركيا شكلت مع السعودية مجلساً للتعاون الاستراتيجى، وعرضت إنشاء قواعد عسكرية على أراضى المملكة منتصف 2017، «سلمان» اعتذر مؤكداً أن دور القوة الجوية السعودية بقاعدة إنجيرليك يشهد بقدراتها.. نفس العرض قدمته أنقرة للكويت، ولكن الدبلوماسية الكويتية تمتص بهدوء مثل تلك السخافات.

تكامل الحلقات المكونة لطوق الحصار التركى من سوريا، العراق، قطر، إثيوبيا، الصومال، السودان، شمال قبرص، قد يصيب بالإحباط، لكن الوجه الآخر للحقيقة يغير الصورة، مصر وجهت ضربة قاصمة لتركيا، بإسقاط الإخوان، وإضاعة فرصة تسوية كادت أن تتم لترسيم الحدود البحرية، خلافاً لقواعد القانون الدولى، مما كان يمكِّن تركيا من السطو على غاز المتوسط.. إنشاء محور استراتيجى بين مصر وقبرص واليونان، وترسيم الحدود بينها، وجه ضربة قاصمة للمصالح التركية، وفرض حصاراً محكماً عليها.

الخط السياسى لمصر يتطابق بشكل شبه كامل مع نظيره الإماراتى.. سياسة الأخيرة وتطلعاتها تعكس رؤية ونضج قوة إقليمية مؤثرة، وقدراتها المالية تمكنها من امتلاك أدوات التأثير، لكن قصور عناصر القوة الاستراتيجية للدولة يمثل قيوداً تفرض توسيع نطاق تحالفها الاستراتيجى مع مصر، على النحو الذى يكفل مصالحهما المشتركة، فعلى صعيد الأضرار ستُستخدم جزيرة «سواكن» كمنفذ لترحيل الإرهابيين قبل توجههم لليبيا ومصر وشمال أفريقيا ودول الساحل والصحراء، ما يضر بمصر.. وبناء منطقة لوجيستية لتموين وتخريد وإصلاح السفن بعائداتها التى تقدر بـ100 مليار دولار سنوياً، بقدر ما تضر بمشروعات تنمية القناة، فإن أضرارها أكبر على أنشطة موانئ الإمارات.. أما على صعيد الفائدة فإن حصول شركة موانئ دبى على حق إدارة موانئ بربرة «أرض الصومال»، ومصوع وعصب «إريتريا»، و«جيبوتى»، وإطلاقها مشروع تطوير ميناء بربرة بتكلفة 440 مليون دولار، وإنشاء دولة الإمارات قاعدة بربرة العسكرية 2015، ومركز تدريب مقديشيو، يفسر انحياز ثلاثة أقاليم صومالية «جلمدج، بلاد بنط، وهرشبيلى» لرباعية مكافحة الإرهاب، بمجرد اندلاع أزمة قطر، رافضة انحياز مقديشيو لتركيا.. تلك إحدى ثمار التعاون المصرى الإماراتى، فما بالك لو تطور إلى تحالف استراتيجى؟!.

اتفاق التبادل فى استخدام القواعد الجوية والمطارات بين مصر وروسيا يشكل إجراءً بالغ التأثير على التوازن الاستراتيجى بالمنطقة، معظم التهديدات الموجهة للمنطقة تأتى من تركيا وإيران، دولتى الأطراف، المتحالفتين مع موسكو، الدور الروسى، على المستويين الإقليمى والدولى، يحتاج لحوار ومراجعة، فلا يمكن أن تظل موسكو هكذا؛ تقيم محوراً مع تركيا وإيران، وتخطب ود السعودية، وتؤسس مصالح مع مصر، وتطمع فى ليبيا.. لا يمكن أن تظل ثانى أكبر قوة دولية هكذا، تجمع المتناقضات، وتلعب على كل الأحبال، وتمارس الرقاعة السياسية، موسكو ينبغى أن تحدد نطاقاً لتحالفاتها، وآخر لدبلوماسيتها، وإلا فسوف تفقد نفوذها، وتؤسس عداوات، يستغلها العملاق الأصفر، الذى يعبّد طريق الحرير لانتشار يكتسح الكبار.. اتفاق التبادل فرصة منحتها مصر لروسيا، لإعادة التموضع بالمنطقة.. وعلى نفس مستوى العلاقات الخارجية فإن مصر ينبغى أن تدرك أنه فى السياسة لا حدود للتحالفات سوى ما تفرضه المصالح، الوجود العسكرى التركى فى الصومال والسودان يمس أمن البحر الأحمر، ويثير قلق إسرائيل، لتهديده ممر تواصلها البحرى والجوى مع أفريقيا وآسيا، ما يفرض على القاهرة العمل على دفعها كطرف فاعل لمواجهة الأنشطة التركية.

التمدد التركى يتطلب إنفاقاً لا يتناسب ومحدودية مواردها، ما يفسر رفض حزب الشعب الجمهورى، أكبر أحزاب المعارضة، لاتفاق سواكن، وحرصهم على تجنب المواجهة مع مصر، التى عززت قواتها البحرية حتى أصبحت السادسة عالمياً، وتقدمت قواتها الجوية للمرتبة الثامنة، وتنشئ خمس قواعد عسكرية جديدة، بينها أكبر قاعدة متكاملة فى أفريقيا، بحلايب وشلاتين، لتكون مركز متابعة وإدارة العمليات المسئولة عن البحر الأحمر وشرق ووسط أفريقيا، حلقات الطوق التركى بالنسبة لها مجرد أهداف منعزلة يسهل اصطيادها وتصفيتها.. «أردوغان» لا يجيد قراءة التاريخ، الإمبراطورية العثمانية تحولت إلى «الرجل المريض» عندما تمددت بصورة لا تتناسب وعوامل القوة التى تمتلكها، القوة العسكرية المصرية كانت المسئولة عن فرض نفوذها على الولايات التابعة، وتأديب الخوارج، عندما انقلبت عليها دخلت بجيوشها لتأسر رستم باشا، رئيس الوزراء التركى، ١٨٣٢، ما دفع الدول الأوروبية للتدخل قبل خضوع تركيا لسيادة محمد على، حاكم المحروسة.. متى تستوعبون التاريخ؟!.

 
تعليق واحد

Posted by في 2018/02/03 بوصة غير مصنف