RSS

Monthly Archives: ماي 2016

الشيخ الغنوشى، والرقص مع الذئاب

الوطن

المؤتمر العام لإخوان تونس «حركة النهضة»، قرر «الفصل بين الدعوة والسياسة».. وتحويلها لحزب سياسى، ينطلق من الدولة، ويسعى لحكمها، وترك الأنشطة الدعوية للجمعيات ومنظمات المجتمع المدنى.. التسويق السياسى والإعلامى للمؤتمر وقرارته إتخذ ابعاداً محلية وإقليمية ودولية واسعة، تتجاوز أهميته.. القرارات مجرد محاولة من الغنوشى للتعلق بقارب «الوطنية التونسية»، والنجاة بجماعته من سفينة «الدعوة الأممية» المشرفة على الغرق، عبر عنها تفصيلاً فى رسالته لمؤتمر التنظيم الدولى للإخوان بإسطنبول أبريل الماضى، التى إختتمها «لحظة الفراق بيننا وبين التنظيم قد اقتربت»، لكنها تُقَدَم باعتبارها بعث جديد للإخوان، يقوم على وطنية الجماعة، يعطى أولوية لخصوصية المجتمع، يعالج سلبيات الماضى.. طرح مخادِع، ينبغى كشف حقيقته.

خطورة «النهضة» تكمن فى قدرة قياداتها من الحمائم «الغنوشى، مورو…» على القراءة الصحيحة للمشهد، ومواجهته بمرونة وبراجماتية، ما جنبهم الوقوع فى أخطاء إخوان مصر.. إعتبروا الثورة وسيلة للتحرر من السجون، وممارسة لعمل سياسى كان محظوراً، فلم يقعوا فى فخ «التمكين» أو إحتكار السلطات، تحالفوا مع القوى العلمانية، ورفضوا التحالف مع السلفيين، ليدفعوا عن أنفسهم فكرة التشدد، ويتجنبوا سلبيات لإثارة القضايا المستفزة كزواج الأطفال والمرأة والختان وولاية الذميين..الخ، تجنبوا خوض السباق الرئاسى، لإعفاء أنفسهم من تبعات التصيد لإدارة دولة متعثرة، تمسكوا بمدنية الدولة، وأعطوا أولوية للوطنية التونسية على الإرتباط بالتنظيم الدولى وفكرة الأممية، رغم ذلك يمثل جناح الصقور الشريحة الأوسع بالجبهة.. يستنكر الفصل بين الدين والسياسة، يرفض تحولها لحزب، يستهدف دولة الخلافة، ينتقد براجماتية القيادة، حتى أنه رفض الإستجابة لدعوة التصويت للمرزوقي في انتخابات 2014.. الحمائم يؤكدون أهمية الفصل فى إستقطاب القواعد الجماهيرية، بينما يحذر الصقور من أنه سيفقدها الكثير من قواعدها السياسية، ويراهنون على رحيل قادة الحمائم المتجاوزين للسبعينيات.

فضيحة «أوراق بنما» كشفت تورط قيادات «النهضة» فى إنشاء شركات «إنتاج إعلامى، ومراكز أبحاث ودراسات» لإدارة أنشطة الغنوشى فترة لجوئه لبريطانيا، وتهربهم ضريبياً من خلال ملاجىء غير قانونية، بالتعاون مع يوسف ندا، الفضيحة شملت لطفى الزيتون مدير مكتب الغنوشى ومستشاره، رفيق عبد السلام وزير خارجية حكومة النهضة، راشد الغنوشى وإبنته، جمال الدلالى مؤسس قناة “تى ان ان”، محسن مرزوق مؤسس حزب مشروع تونس، وسمير العبدلي المرشح للرئاسية الماضية.. القضية فجرت ملف الفساد تحت حكم «النهضة»، تونس تراجعت فى مؤشر الشفافية الدولية 58/2010، 73/2011، 75/2012، 77/2013، 79/2014، 76/2015، وخسائرها السنوية جراء التهرب الضريبى قرابة 2.5 مليار يورو، المالية فتحت التحقيق، بالتنسيق مع الجمارك والضرائب والمركزى والعدل والنيابة، والبرلمان شكل لجنة خاصة، موقع «ويكيليكس» إتهم المخابرات الأمريكية بتسريب الوثائق، خاصة انها خلت من المسئولين الأمريكيين، والصندوق الأمريكي لدعم الديمقراطية، كشف أن جمعيات تابعة للإخوان «تونسيات، مرصد المواطن للإعلام، الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين، منتدى الجاحظ» تتلقى تمويله السنوى، ما يؤكد إستهداف المخابرات الأمريكية لـ«النهضة»، حتى لاتتمادى فى إجراءاتها لحد إلحاق الضرر بالتنظيم الدولى.

تحولات «النهضة» جاءت لمواجهة الظروف السياسية؛ فازت بالإنتخابات التشريعية نوفمبر 2011 قادت البلاد بحكومة الترويكا «النهضة، التكتل، المؤتمر من اجل الجمهورية» حتى 2014، بعد اغتيال شكري بلعيد فبراير 2013، وافقت على إقالة حكومة حمادى الجبالى، بعد اغتيال محمد البراهمى يوليو 2013، وافقت على إقالة حكومة على العريض، واضطرت لترك السلطة لحكومة تكنوقراطية، بعد تنامى الإرهاب، وتعدد الأنشطة الجهادية ضد الأمن والجيش، فى ظل الحكومات التى قادتها.. فى الانتخابات التشريعية 2014 خسرت النهضة لصالح «نداء تونس» بقيادة السبسى، وتراجعت شعبيتها نتيجة ضمور الثقة في الإسلام السياسى، وسخط قواعدها بعد تبنيها للدستور المدنى.. حكومة الصيد تحاول تحرير المساجد من المتشددين؛ أغلقت 187 مسجد عشوائى بنيت دون تصريح، استرجعت 149 تابع للتكفيريين، وعزلت أئمة الجهاد، ومعظمهم تابع لـ«النهضة»، التى لازالت تتمسك بالائتلاف الحاكم بقيادة «نداء تونس»، رغم أنها أصبحت القوة الأولى فى البرلمان بـ69 نائبا، بعد تراجع مقاعد الأولى لـ59؛ إثر انشقاق عدد من النواب.

الغنوشى يُرجع أزمة التنظيم للجمع بين العمل الدعوى والسياسى، متناسياً أن إخوان مصر أسسوا حزب «الحرية والعدالة»، لمعالجة ذلك، ولكن طبيعة البناء التنظيمى العقائدى التربوى للجماعة يمنع الفصل، ويبقى العلاقة هلامية بين مؤسسات الجماعة والدولة والتنظيم الدولى، مما أسقط حكم الإخوان، وكاد أن يؤدى لإنهيار الدولة.. الهاجس الرئيسى المُحرك للغنوشى هو الحفاظ على الإخوان، بعد ان اصبحت مقراتهم تُستهدف بالحرق، آخرها بالزعفرانة فى الجنوب.. إعتاد التلون، لكن تقدم السن يُفقده التوازن، الى حد تبرير رفضه تجريم المثلية الجنسية، بأن القانون لا يتتبع الحياة الخاصة للأفراد!!، وعد بتجديد دماء التنظيم، وإعادة هيكلته، لكنه تمسك برئاستة، وسعى لمجرد توفيق أوضاعه مع دستور 2014 الذى يحظر الجمع بين العمل الحزبى وأنشطة الجمعيات، فأعاد توزيع الأدوار داخل «الجبهة»؛ القيادات والجناح السياسى يتفرغ لتشكيل حزب وطنى، مهمته إعادة تمركز «الجبهة» فى النظام السياسى بصورة أكثر رسوخاً، والقيادات العقائدية تتولى النشاط الدعوى من خلال تكوين جمعيات أهلية ومنظمات مجتمع مدنى، تتمسك بالرسالة الأممية، وفكرة الخلافة، لتضمن تأييد القواعد السلفية، ومهمتها تفريخ المؤيدين، وتوفير الإسناد العقائدى للحزب.. هذا الفصل لن يجرد «النهضة» من هويتها، بل سيفرز واجهة سياسية حزبية بخلفية عقائدية، مما يفسر إستنكار الغنوشى «إصرار البعض على إقصاء الدين من الحياة الوطنية»، وتأكيده على «مشاركة الحركة مع التيارات الاسلامية الوسطية» التى يقصد بها الإخوان بالطبع!!.

انفصال «النهضة» عن التنظيم الدولى، يمثل إحدى المحطات الرئيسية على طريق إنهياره، بعد سقوط وانشقاق إخوان مصر، وانفصال إخوان الكويت والإمارات والمغرب والأردن، وإعلانهم تنظيمات إرهابية بالسعودية وبعض دول الخليج، والمراجعات السياسية لحماس.. إعلان الفصل بين السياسى والدعوى، محاولة للحفاظ على الجماعة، حتى ولو فى إطار تنظيم حزبى وطنى.. تحمُس إخوان مصر لفكرة الفصل، رغم أنهم أول من ابتكروها، وفشلوا فى تطبيقها، يؤكد ان الغنوشى القى بطوق نجاة للإخوان، فى محاولة لوقف إنهيارهم السريع، ما يعنى إطالة مرحلة السقوط، وإتساع الخسائر، وتضاعف الضحايا.. الأوضاع الأمنية فى تونس هشة، لاتحتمل المخاطرة، خاصة فى ظل أوضاع ليبية معرضة للإنفجار، وإحتمال لجوء المزيد من الإرهابيين واللاجئين اليها.. مشاركة «الجبهة» فى الحكم شرط لإستمرار الدعم القطرى، فمتى تنتاب الشيخ ساعة هداية؟، وتتغلب حكمة الزمان، وزهد الشيخوخة؟.. فيتخلى عن المكر السىء، ويوقف رقصة الذئاب على جثة الوطن؟!.

 
تعليق واحد

Posted by في 2016/05/30 بوصة غير مصنف

 

حرائق مصر المَحْزونة، و«مبادرة العودة للوطن»

حريق-العتبة-بالرويعى

بعد ساعات من إحالة أوراق ستة متهمين للمفتى، فى قضية «التخابر مع قطر»، تم إغتيال 8 عناصر شرطة بحلوان، يرتدون ملابس مدنية، داخل ميكروباس يحمل لوحات مدنية، فى تكرار مريب لسيناريو عملية العريش، التى أغتيل فيها ثلاثة من رؤساء النيابة، بعد ساعات من إحالة أوراق مرسى و16 من قيادات الإخوان، فى قضيتي «التخابر مع حماس» و«الهروب من سجن وادي النطرون».. الحكم وردود فعله كان متوقعاً، مايفسر تأجيله من 23 ابريل الى 7 مايو، حتى لايتزامن مع مظاهرات 25 أبريل، حركة «المقاومة الشعبية» التابعة للإخوان أعلنت فى بيان رسمى مسئوليتها عن العملية، وربطتها بمرور 1000 يوم على فض إعتصامى رابعة والنهضة، وتوعدت باستهداف الكنائس إنتقاماً من دورها فى حرق مقرات الإخوان، وبعد نحو 7 ساعات أعلنت «داعش» مسؤوليتها، فى إزدواج لايعكس تنافساً، أو إدعاءً، أو محاولة لتضليل الأمن، بقدر مايؤكد أن التنفيذ تم بالتعاون بين التنظيمين، وهو أسلوب تكرر من قبل، خاصة فى سيناء.

عملية حلوان تشكل نقلة نوعية بالغة الخطورة فى مسار جماعة الإخوان، فهى أول إعتراف صريح بالمسئولية عن تنفيذ اللجان النوعية عملية إرهابية على هذا المستوى، هذه اللجان تابعة لجبهة الشباب بالجماعة، التى تقودها جماعة الداخل بزعامة محمد كمال عضو مكتب الإرشاد مسئول المكتب الإدارى، مايفسر مسارعة جبهة الحرس القديم بزعامة محمود عزت بإصدار بيان، نعت فيه «شهداء الشرطة»، ووصفتهم بـ«أبناء الوطن»، ووصفت الحادث بـ«الإجرامى»، مستنكرة ربطه بذكرى فض الإعتصامات.. البيان أثار غضب شباب الجماعة، مادفع لإستبداله بآخر، أخف فى إدانة العملية، وأقل فى التعاطف مع الشرطة، لكن اللجنة الإدارية العليا قررت وقف أحمد عاصم المتحدث الاعلامى للجماعة وإحالته للتحقيق، وأصدرت بيان ثالث حرض ضد الشرطة.. الحادث عمَّق الإنقسام، وأدى لإستقالة كمال من مكتب الإرشاد، مايعنى إستقلاله بجناح الشباب وتحويله لجناح عسكرى للتنظيم، ينسق مع داعش، وذلك بعد فشل محاولتة للإطاحة بالحرس القديم عن طريق الإنتخابات، من خلال «خارطة الطريق» التى إقترحها قبل استقالته بـ72 ساعة.

***

ساعات عقب العملية، كانت النيران تلتهم الرويعى، وبعدها الغورية، مناطق شعبية يقطنها الفقراء، باعة جائلون، اصحاب مهن حرفية، ومشروعات صغيرة، وأسواق شعبية توفر إحتياجات الكادحين، ومركزاً لتجارة الجملة.. شوارع ضيقة، مايُصَعِّب إحتواء الكوارث، ويسبب خسائر فادحة، تمس البسطاء، فى معاشهم ورزقهم، وتضر بالإقتصاد وبحالة الرواج.. عند وصول سيارات الإطفاء إستقبلها أفراد بدعوى المساعدة، تسببوا فى “كعبلة” الخراطيم، وبعثرة المعدات، وعرقلة العمل، بعضهم إنفعل بالسباب وإعتدى على رجال الإطفاء، بعض الشهود أكد ان عناصر ألقت بودرة حارقة على الفرش والمحلات، تقرير نقابة المهندسين عن الرويعى رجح الأسباب الجنائية، والفحص المبدئى لحريق الغورية لم يستبعد الشبهة الجنائية.. تزامن وتتابع ماأعقبهم من حرائق بالمحافظات، وخلفية حرق شبكة الكهرباء ترجح ذلك.. مواقع الإخوان نقلت الأخبار والصور، «رصد» كان سباقاً، و«شباب ضد الإنقلاب»، و«رابطة محبى الإخوان» كانتا الأنشط فى ترويج الهاشتاجات «مصر بتولع، يانحكمكم يانحرقكم، ‫‏السيسى بيولع مصر…»، و«الجزيرة» شاركت بفاعلية.

الترويج لمسئولية الحكومة، مباشرة أو بالتباطوء، كان هدفاً رئيسيا للتغطيات، والتحريض وإستغلال غضب البسطاء بلغ ذروته بهتاف «إرحل ياسيسى» لأول مرة، فى تأكيد بأنهم يستهدفون شعبية الرئيس، وفض التفاف أبناء الوطن البسطاء من حوله، إستطلاع مركز بصيرة حاول ترجمة ذلك لمؤشرات رقمية، ما يستحق الدراسة، وسرعة المعالجة.. قبل ان يخمد الدخان تتابعت التصريحات، نائب المحافظ أكد «دراسة إخلاء المناصرة ودرب السعادة»، والقائم بأعمال المحافظ هدد «العقارات التى طالتها النيران بها مخالفات جسيمة، تفرض التعامل مع قاطنيها جنائيًا»!!، وبعض الصحفيين تلقوا بيان من المكتب الإعلامي للمحافظة عن إنفجار بالبساتين، وقع منذ سنتين!!، مايعكس حجم ماتتعرض له الدولة والنظام السياسى وشعبية الرئيس من أضرار، نتيجة تصريحات «أعيت من يداويها»، وعناصر مندسة تغذى التحريض والسخط.

***

منذ 29 مايو، وقبل الأحداث بأسبوع، انقطع أربعة ضباط شرطة عن أعمالهم، ينتمون لدفعة 2012، نفس دفعة محمد حامد معاون مباحث حلوان، ضحية الحادث الأخير!! التسريبات المتعلقة بهم متناقضة، تثير من القلق والدهشة أكثر مما تقدم من المعلومات «لم يكونوا متشددين دينياً، وكانوا فقط ملتزمين دينياً!!.. ليسوا من نوعية الضباط الذين يمكن السيطرة عليهم واستخدامهم فى ارتكاب مذبحة مثل حلوان.. تم ابعادهم من الخدمة بالعمليات الخاصة، ونقلهم لمديريات أمن بعيدة، بعد ترددهم على احد الشيوخ المعروفين بالتشدد!!، اثنان منهما إجتازا بقوة إختبارات الترشح لدورات فى الإرهاب الدولى!!»..  المعلومة الوحيدة المؤكدة هى ان قطاع الأمن الوطنى عمّم تحذيرات لمديريات الأمن باتخاذ سُبل الحيطة والحذر ورفع درجات التأمين، لأنهم «ذوو ميول لا تتوافق مع معايير الضبط والربط بوزارة الداخلية»!!.. هذه الحقائق تعنى شيئاً واحداً، أنه بغض النظر عن سبب إختفاءهم، سواء للتورط فى قضية تطرف، أو فساد، فهم يشكلون خلية، من غير المعروف حجمها، وماإذا كانت تقتصر عليهم، أم إتسعت لغيرهم.. فى كل الأحوال، وعلى ضوء نتائج وتداعيات تحقيقات الفساد فى قضية «دوكش القليوبية»، فقد حانت ساعة الفرز الدقيق، وهى مهمة ثقيلة، لكن أحداً لايستطيع انجازها بالكفاءة والسرعة سوى الداخلية نفسها، بما يحتويه هيكلها التنظيمى من أليات للرقابة والمراجعة وإعادة الضبط.. أية مقترحات مخالفة تعكس موقف يستهدف هدم الوزارة وإنهاء دورها.

***

العنوان الرئيسى لكل مايغشانا من مسببات للحزن هو الإنقسام الوطنى، لاأقصد تحديداً قرابة 5000 مصرى غادروا بعد سقوط الإخوان لـ«تركيا، قطر، ماليزيا، اندونيسيا، المانيا، بريطانيا…»، ولا أسرهم التى تستشعر «هجرة الوطن» رغم عيشهم بيننا، وإنما أستهدف محاولة إستعادة عشرات، وربما مئات الألوف، ممن فقدوا الإحساس بالمواطنة، لأسباب مختلفة، فأصابتهم شهوة التخريب والإضرار بالوطن والشماتة دون وعى، الدولة القوية تسعى لإسترداد أبنائها، وإستعادتهم لوعيهم وإشعارهم بالمواطنة، ولتبدأ بمن أخطأوا التقدير وأساءوا الإختيار، الذين تردت أوضاعهم المعيشية بعد توقف تمويل الإخوان وداعميهم، «مبادرة العودة للوطن» ينبغى ان تكون عامة، لكل من لم يتورط فى العنف والإرهاب، وألا تقتصر على الإعلاميين والسياسيين، والا تتم في إطار مصالحة سياسية، بل بدوافع وطنية وإنسانية، وان تتضمن الإقرار بمشروعية النظام السياسى الراهن، والإمتناع عن النشاط السياسى والإعلامى لعشر سنوات، وان تقتصر الفترة الزمنية للإستفادة منها على مدة تكفى لترتيب أوضاع من قبلها للعودة، ولاتدفع المتردد أو الرافض للتقاعس إستناداً لأنها مفتوحة.. هذا الإجراء سينعكس إيجابياً على موقفهم، وموقف المتعاطفين معهم، وسيشجع الجميع على مراجعة مواقفهم من الوطن.. هى محاولة لإستعادة التضامن الوطنى، فهل من مُلَبٍ؟!.

 
تعليق واحد

Posted by في 2016/05/22 بوصة غير مصنف

 

متى تعود المبادرة المصرية لحل المشكلة الليبية؟!

417717abc5-img

حكومة «الغويل» بطرابلس أغلقت المجال الجوى، لمنع حكومة السراج من دخول العاصمة، هددت بإعتقالهم، واللجوء للقضاء، فقدمت من تونس بعد ثلاثة شهور ونصف من تفويضها، بقطعة بحرية رست بالميناء، وإتخذت قاعدة بوستة البحرية مقراً.. كوبلر إستقر بالعاصمة، بصحبة مجموعة إتصال وإدارة أزمة، مهمتها الإمساك بالسلطة دون صدام.. وبالفعل سيطرت على المصرف المركزى، ومؤسستى النفط والاستثمار، ومقر التلفزيون، جمدت ميزانيات الوزارات، ماأعجزها عن العمل، فسلمت مقراتها، وانتقلت حكومة الوفاق للمقر الرسمى.. تتابعت مظاهر التأييد؛ حرس المنشآت النفطية، بلديات المدن الساحلية من طرابلس للحدود التونسية، الجنوب بمكوناته المدنية والمسلحة، كبرى كتائب مصراتة وغرب العاصمة، بما فيها «النواصي، والردع» التابعتين للداخلية، والجماهير هتفت بساحة الشهداء، مجلس الأمن أبدى استعداداً لرفع الحظر عن صندوق الثروة السيادية «قرابة 100 مليار دولار» بمجرد إستقرارها، لتمكينها من النجاح، والمجلس الأعلى للدولة، ثانى مؤسسات الصخيرات، إنتخب السويحلى رئيساً، ليطلق رصاصة الرحمة على «المؤتمر»، ويقتصر التنافس على حكومتين؛ وفاق طرابلس، والثنى بطبرق.

البرلمان يخشى منح الثقة للوفاق، فتطيح بحفتر، الذى يؤمن شرعيته، غاب النواب عن جلسات التصويت تجنباً للضغوط، فسقط النصاب، لكن كوبلر تمكن من الحصول على توقيع مائة نائب على وثيقة تأييد «بالتمرير»، المعارضون السبعون، بعضهم إقترح إنشاء مجلس عسكري للحكم كبديل للوصاية الدولية، والآخر طلب زيادة مكافأة المجلس لحمايتهم من الإغراءات!!، البرلمان شكل لجنة لتضمين الإتفاق بالإعلان الدستورى، ويعتزم الشكوى للجامعة العربية والاتحاد الأفريقى من مخالفات كوبلر والمجلس الرئاسى.. حث حفتر على التحرك لتحرير سرت دعماً لموقفهم السياسى والعسكرى والشعبى، لكن إيطاليا هددت بالإدانة، والسراج حذَّر من بدئها خارج قيادته، بإعتباره «القائد الأعلى»!!.. حكومة الثنى شرعت فى تصدير النفط لتوفر التمويل، لكن مالطة منعت أول ناقلاتها من دخول الموانىء، وواشنطن تدرس إتخاذ إجراءات تعرضية على نحو ماتم 2014 لمنع البيع فى البحر.

الغرب يرى حفتر جزءاً من المشكلة، ولايريده جزءاً من الحل، وذلك منذ فشل الرهان الأمريكى عليه بعد عودته لليبيا 2011، حاملاً جنسيتها، وإقامة تتجاوز عشرون عاماً بفرجينيا، خلف مقر CIA، لكنه لم يؤمِّن المثلث النفطى، لحماية الإنتاج والتكرير والتصدير، ولم يوقف تسلل المهاجرين لأوروبا، وحارب الإخوان، مادفعها لترشيح «المهدى البرغثى» وزيراً للدفاع لقيامه بفرض حظر التجول، أثناء تسلل قوات المارينز لبنغازى يونية 2014، لإعتقال «محمد أبو ختالة» المتهم بالمشاركة في اغتيال السفير الأمريكي، الإسلاميون وأعداء حفتر، يرون إمكانية التعايش معه، لإنضمامه للكتائب المسلحة بداية الثورة، وعدم إرتباطه بقوى إقليمية.. الغرب يدرك أن إستبعاد حفتر المفاجىء قد يفجر الصراع بين تشكيلات الجيش، لذلك يتجه لـ«خنقه»، إنشقاق مجموعة حجازى المتحدث الرسمى للجيش لن يكون الأخير، وتحريض القبائل عليه مستمر، البراعصة بعد إبعاده «فرج البرعصى»، العواقير قبيلة وزير الدفاع الجديد، والعبيدات لإستهداف العديد من أبنائها.

الغرب متفق على دعم حكومة الوفاق، رغم تنافسات المصالح، أوروبا تتعجل الإستقرار بسبب مخاوفها الأمنية، وإستناداً لبيئة مؤيدة، ومصالح مشتركة مع ليبيا، أمريكا تميل لإطالة المشكلة، فتعرضها للضرر أقل، ولاتزال تبنى مرتكزات نفوذها، مايفسر عدم تحمس بريطانيا لإتخاذ قرار دولى بالتدخل العسكرى، ومباركتها لمشاورات البرلمان والمؤتمر الفاشلة، بتونس ومالطا وسلطنة عُمان، لتشكيل حكومة وحدة وطنية، بعيداً عن كوبلر، الأقرب لأمريكا من ليون.. أمريكا دعمت فى المقابل مؤتمر روما، لتواجه محاولات الإنفراد الأوروبى بمشاركة دولية، وتكرر غاراتها بحجة إستهداف داعش.. وزراء خارجية إيطاليا والمانيا وفرنسا وبريطانيا زاروا طرابلس فور وصول حكومة الوفاق، وزراء خارجية ودفاع الاتحاد الأوروبى ناقشوا خطة العمل بليبيا، وآليات إنتقال القوة البحرية «صوفيا»، من المياه الدولية، للمياه الإقليمية الليبية، لمكافحة الهجرة، وتشكيل قوة أمنية مشتركة، لحماية الأهداف الحيوية الليبية، وتدريب الشرطة وحرس الحدود وخفر السواحل، «الناتو» أبدى استعداداً للمساعدة فى بناء المؤسسات الدفاعية والأمنية، والمشاركة بقواته فى دعم الإستقرار، وقمة هانوفر بين أمريكا، وبريطانيا، وألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا أعلنت دعمها لليبيا.. خطة القيادة العسكرية الأمريكية بأفريقيا للخمس سنوات المقبلة تتضمن التدخل بليبيا لمحاربة الإرهاب، وتم بالفعل دفع قوات خاصة، ايطالية وبريطانية وأمريكية وفرنسية، لمصراتة لمتابعة الأوضاع عن قرب، إضافة للطلعات الإستكشافية، «الأبزرفر» نشرت خطة طوارىء بريطانية لتأمين المثلث  النفطى، والمشاركة فى القضاء على الجماعات المسلحة والمهربين.

ليبيا بصدد نظام جديد للحكم، أشبه بالوصاية، فرضه توافق المصالح الغربية، وإنشغال روسيا والصين، دول الإقليم تسعى للتكيف ضماناً لمصالحها، المغرب إستضاف مفاوضات الصخيرات.. الجزائر شاركت فيها، وتحتفظ بعلاقات متوازنة بكافة القوى الليبية، حتى المتطرفة، أقنعت عبد الحكيم بلحاج بدعم الوفاق، وجمعته بالسراج برعاية المخابرات الجزائرية.. تونس جمعت عقيلة صالح وابوسهمين إبان مفاوضاتهما، واستضافت الحكومة قرابة اربعة شهور.. تقرير الأمم المتحدة مارس 2016 أكد ان السودان لازال ينتهك الحظر، وينقل العتاد والمتطوعين براً من دارفور وحركة العدل والمساواة وجيش تحرير السودان، للمتطرفين بطرابلس، ولداعش بسرت.. سلطنة عُمان دعمت مفاوضات عقيلة وأبوسهمين، وإستضافت اللجنة التأسيسية للدستور حتى انتهت بالفعل من إعداد المسودة النهائية إستعداداً لطرحها للإستفتاء.. حتى تركيا أوفدت أمر الله شلار كمبعوث رسمى لمصالحة حكومة الوفاق مع مفتي ليبيا السابق الصادق الغريانى وابوسهمين.. الكل يرتب لمصالحه.

الصراع بين حكومة الوفاق، وحكومة الثنى، يضع مصر فى إختيار بالغ الصعوبة، الإنحياذ للأولى يُضَيِّع مصالحها بين التوازنات الدولية، وللثانية يثير سخط الغرب.. دعم هروب حفتر للأمام ربما كان مخرجاً، حَشَد أربعة لواءات لخوض «معركة سرت الكبرى»، عبرت المثلث النفطى، وتمركزت على بعد 200 كيلومتر جنوبها الشرقى، لحقت بها قوات الزنتان وجهزت مهبط طيران، إضافة لقاعدة راس لانوف.. داعش أعلنت النفير العام، سحبت ميليشياتها من درنة وبنغازى، لتتمركز بسرت، أقامت السواتر والخنادق، أغلقت الطرق المؤدية للمدينة، دفعت كمائن مقاتليها لزراعة الألغام، والتعرض للدوريات العسكرية للجيش، وعناصر المخابرات الغربية.. نجاح حفتر يدعم موقف الجيش والبرلمان فى التوازن السياسى الراهن.. القيادات السياسية الليبية بالخارج يمكن ان تعزز هذا الإتجاه، بإمتداداتها بالداخل، والظروف مهيأة لدعوة جديدة للقبائل لإجراء مصالحات تاريخية (خاصة بين مصراتة والمجارحة، القذاذفة، ورفلة، ورشفانة…) لسد الزرائع أمام انتشار داعش، ووضع أسس عملية للتوافق الوطنى، تستند لمشروع الدستور، والتعجيل بطرحه للإستفتاء، كبديل لصيغة سعت للجمع بين المتناقضات، على نحو غيَّبَ التوافق السياسى، المبادرة المصرية بالغة الأهمية خلال المرحلة الراهنة، فلنعجل بها.

 
تعليق واحد

Posted by في 2016/05/16 بوصة غير مصنف

 

متى يدير مجلس الأمن القومى أزمات الدولة؟!

281700_Large_20141106033445_11

مصر تتعرض لأجيال حديثة من الحروب، مجلس الأمن القومى هو الحل لمعضلة إدارة الدولة، وغرفة عمليات أزماتها، يستشرفها، يفككها، يمنع الإنزلاق للحلول الأمنية.. مطبخ قرارات الرئاسة.. مركز تجميع وتنسيق وتوظيف جهود الأجهزة السيادية، ضماناً لرشادة القرارات.. يمسك بخيوط وأدوات إستراتيجية الدولة، لتعبر إجراءاتها وقراراتها عن قوتها وهيبتها.. يمنع نشوء مراكز قوى تستحوذ عقل الرئيس وتوجهاته، أو تسعى لفرض رؤيتها على مؤسسات السلطة.. عين الرئيس على الداخل والخارج.. يجمع بين ادارة الحرب، ومواجهة تحديات السلام.

السادات عين حافظ إسماعيل مستشاراً للأمن القومى يوليه 1971، وأميناً عاماً لأول مجلس بالبلاد، يقود إستعدادات الدولة الإستراتيجية لحرب اكتوبر1973، «سياسياً، دبلوماسياً، عسكرياً، إعلامياً، اقتصادياً…»، إستعان فى الأمانة بمساعدين أكفاء –على سبيل الإعارة- من الأجهزة والجهات السيادية بالدولة، أبرزهم أحمد ابوالغيط.. لعب دوراً رئيسياً فى تحقيق النصر، لكن الدولة لم تقنن وضعه المؤسسى، فعاد عناصره لأعمالهم بعد الحرب، واستشعر اسماعيل تجاهلاً من الرئيس لتقاريره وتوصياته فاستقال، ليترك فراغاً سياسياً، غلَّبَ الرؤيا الأمنية على معالجة الأزمات.. اعتقال السادات 1500 من الشخصيات السياسية والعامة، كان بداية لإنتهاء حكمه.. بعد أزمة إدارة الدولة إبان حكم الإخوان، وما أعقب الإطاحة بهم من إرهاب وتخريب، وحصار خارجى، أصبح إستعادة تجربة المجلس ضرورة ملحة، أنشىء بقرار جمهورى 26 فبراير2014، برئاسة رئيس الجمهورية وعضوية رئيس الوزراء ورئيس البرلمان ووزراء الدفاع والداخلية والخارجية والمالية والعدل والصحة والاتصالات والتعليم ورئيس المخابرات العامة ورئيس لجنة الدفاع والأمن القومى بالبرلمان، وتحددت اختصاصات الأمانة العامة بالقرار الجمهورى 17يوليو.

دراسة التجربة المصرية وبعض التجارب الدولية تطرح تساؤلات، تثير إشكاليات، تفرض ملاحظات تتعلق بآليات تفعيله:

*  منصب الأمين العام ذو طبيعة إستراتيجية، لايهم إنتماؤه لأى جهة بقدر الإهتمام بضرورة أن يجمع شاغله بين الخبرة العسكرية، القدرة على ادارة السياسة الخارجية، الدراسة الأكاديمية، العمق الإستراتيجى، اختيار حافط اسماعيل ابن المؤسسة العسكرية، خريج اكاديميات العلوم العسكرية بمصر وبريطانيا، رئيس المخابرات العامة، وزير الخارجية، يعكس نجاح السادات فى إختياره.

*  إسماعيل جمع بين منصبى مستشار الرئيس وأمين عام عام المجلس، وهو إختيار يُفَعِّل دور المجلس فى خدمة الرئاسة، ويعطيه ثقلاً فى مواجهة الأجهزة السيادية، لكنه يجعل المجلس جزء من مكتب الرئيس، ويحوله لكيان يفتقد للشخصية، يخشى الإختلاف، يهتم بترجمة فكر الرئيس، وتبرير إجراءاته، بغض النظر عن مدى ملاءمتها، فينعدم دوره.. د. فايزة أبو النجا إكتفت بمنصب مستشار الرئيس ولم تستحوذ على أمانة المجلس، وهو إختيار يمنحه الإستقلالية والحرية فى طرح رؤيته بموضوعية وتجرد، إلا انه ينبغى إحاطتها بنتائج إجتماعات المجلس، ضماناً لحسن المتابعه.

*  أهمية إبعاد شاغل المنصب، أو المنصبين معاً، عن المهام التنفيذية ومخاطبة الإعلام، الإستثناء الوحيد إمكانية إيفاده كمبعوث للرئيس فى القضايا الإستراتيجية، وفى اضيق الحدود، لأن المبالغة قد تؤدى للتنافس وتهميش أدوار المسئولين التنفيذيين، مايفرض وضع قواعد للتنسيق بين مستشار الرئيس، وأمين المجلس، ووزير الخارجية، وعدم ترك ادارة ذلك التعاون رهناً بدور الرئيس وتدخلاته.

*  الأمانة العامة ينبغى ان تضم كفاءات وخبرات من الدفاع، الداخلية، الخارجية، المخابرات العامة والحربية، إضافة للإستعانة بمتخصصين كلما تطلب الأمر فى (الإقتصاد والمالية، الإعلام والثقافة، التعليم والدعوة)، ومتخصصى مراكز البحوث والدراسات السياسية والإستراتيجية.. الأمانة لاينبغى تحويلها لمؤسسة بيروقراطية، أو تضخيمها بأعداد من الخبراء والإداريين.. كافة المناصب باستثناء الأمين العام ومساعديه تقتصر على الندب او الإعارة، وفى أضيق الحدود، هى مهمة وطنية تتطلب متطوع للعطاء، لامتطلع لمزايا، المرتبات والبدلات تُصرف من الجهات الأصلية، ويعوض المجلس الأقل، حال تساوى الأقدميات، تحقيقاً للمساواة، الإنضباط والصرامة طابع العمل بالمجلس، الخطأ الأول هو الأخير، والإنحياذ للمؤسسة التى ينتمى لها على حساب الموضوعية يفرض انهاء الإعارة، ويجوز النقل بعد 15 عاما.

  *  تصب تقارير الجهات السيادية والأجهزة الأمنية والرقابية والخارجية والمالية، وتقارير الأجهزة المتعاونة، فى أمانة المجلس للفحص.. ما يتعلق بالأمور المراسمية، والقضايا العاجلة، والأحداث الطارئة تحوله لمكتب الرئيس، للعرض دون تدخل.. والتقارير المتعلقة بموضوع واحد، يتولى أعضاء الأمانة دراستها وتحليلها ودمجها فى تقرير مجمع وملخص حال اتفاقها، او تقييم وجهات النظر، وتحديد الرأى المرجح فيها حين الإختلاف، كل التقارير قابلة لإستخراج إحتياجات وتكليفات بشأنها لمختلف جهات الدولة، كل فى اختصاصه، لتأكيد أخبار او إستكمال معلومات او للتقييم والرأى، على الا يؤدى ذلك لإفشاء مابها من معلومات، او التطوع بتوجيهها لجهة لم تتوصل اليها فتبادر بنفيها دفعا لشبهة التقصير، الأمانة تكلف الجهات المعنية بدراسات وبحوث تتعلق بمواجهة تحديات معينة، او تطوير الأداء بالدولة أو طرح بدائل لتوجه إستراتيجى.. ردود الجهات لا تتأخر عن ثلاثة أيام عمل مهما كانت المبررات، الأمانة تدعم حسن التقييم وتكامل العرض على الرئيس، والتقارير المجمعة المرفوعة ينبغى ان تكون مشفوعة بمقترحات عملية لمواجهة التحديات التى تواجهها الدولة.

*  ويعنى ذلك ضبط وتدقيق التقارير المرفوعة للرئيس من مختلف الجهات، من خلال المقارنة وتحقيق التكامل بينها، واستكمال مانقص، مما يحول دون فرض جهة او فرد معين لرؤيته على رئاسة الدولة، ويمنع التنافس بين الأجهزة والوزارات التي تعمل كجزر مستقلة ومُنعزلة، وبالتالى تجنب عشوائية القرارات والسياسات، ونقص المعلومات والبيانات، ويكفل ذلك ادارة الأزمات التى تواجهها الدولة، لحظة بلحظة، باستخدام كافة الأدوات والبرامج المتاحة، وفى إطار استراتيجيتها الشاملة، دون الإعتماد على الحلول ذات البعد الواحد، خاصة الأمنى.

*  حتمية التزام المجلس بالمهام المحددة له، وفقاً لما ورد بقرار تأسيسه، وتوجيهات القيادة السياسية، على ان يقوم بتحديد الأولويات بنفسه، بناء على تقدير موقف موضوعى لمتطلبات كل مرحلة.. تجنباً لسلبيات النموذج الأمريكى الذى يحدد الرئيس مهام المجلس.. إيزنهاور ركز على التخطيط السياسي، كيندي ونيكسون اهتما بالسياسة الخارجية، جونسون اعطى اولوية للسياسة الداخلية.

***

قد لايتسع المجال لفتح الملف من بدايته، فلنبدأ منذ إسقاط الطائرة الروسية لضرب أهم مرتكزات علاقاتنا الإستراتيجية ومصادر دخلنا السياحى، وإستهداف القنصلية الإيطالية ومقتل ريجينى لعرقلة مشروعات الغاز والإستثمار والسياحة، والأخطر، أزمات ممنهجة بالداخل تستهدف الخصومة بين النظام والنقابات المهنية، آخرها تداعيات أزمة الجزيرتين مع الصحفيين، فى اليوم العالمى لحرية الصحافة، ومواجهتها بفرض حظر على النشر!!.. تعدد الأزمات وتزامنها وإرتباطها بعلاقات عضوية يفرض صعوبات بالغة فى إدارتها بجهود وآليات الجهة المعنية.. لن أسام التذكير والتكرار.. مصر فى حرب.. أفلا تصدقون؟!

 
تعليق واحد

Posted by في 2016/05/09 بوصة غير مصنف

 

الصحفيين.. الأزمة والحل!!

2016_5_4_15_48_11_951

1- ينبغى ان نضع الأزمة فى نصابها الصحيح، والا تنسينا التفاصيل انها تمثل أحد تداعيات أزمة الجزيرتين “تيران وصنافير”، وهى القضية التى عولجت بسوء إدارة بالغ، دعانا للتحذير فى مقالنا “أزمة تيران وصنافير.. وكعب «أخيلوس»!، من ان “الإتفاق المتعلق بهما لن يمر، وان المعاندة أقرب للإنتحار”.

2- رئيس الحكومة لايمكن ان يكون وسيطاً قادراً على تسوية الأزمة، لأنه بالفعل طرف فيها، بحكم إنتماء وزير الداخلية لمجلس الوزراء، وماتجمعهم من مسئولية تضامنية.

3- من الضرورى التمسك بإبعاد رئيس الجمهورية عن الأزمة تماماً، فالأزمة من المنظور الإستراتيجى للتطورات التى تواجهها مصر حالياً واحدة من التداعيات الداخلية المخططة جيداً، والتى تستهدف المساس به، كمقدمة لزعزعة نظام الحكم، لذلك الرئيس ليس طرفاً فى الأزمة، وانما يمكن ان يكون مستقبلاً جزءاً من الحل.

4- الإجراءات القانونية لم تعد قادرة على المعالجة، بقدر التصعيد، ففى يوم الإحتفال العالمى بحرية الصحافة، فرضت العدالة العمياء حظراً للنشر فى قضية تتعلق بالصحفيين، ماأحدث ردود فعل سلبية على صورة مصر بالخارج، وبيان النيابة العامة يؤشر لإحتمال محاسبة أعضاء النقابة أنفسهم بتهمة إيواء عناصر مطلوبة للعدالة، مايوسع من عمق الأزمة، الأمر الذى يفرض تغليب المعالجة السياسية على القانونية خلال تلك المرحلة.

5- ليس من مصلحة الوطن فى المرحلة الراهنة أن يخرج أحد طرفى الأزمة “الداخلية- الصحفيين” منتصراً، الداخلية فى حالة مواجهة مع الإرهاب، وأى مساس بالوزير يؤثر على هيبة وتماسك الوزارة، ونقابة الصحفيين حشدت من داخلها، ومن النقابات الأخرى المتعاطفة، ما يصعب معه وضع سيناريو يزيد الإحتقان، ويشعر ها بالقهر والقمع.

6- ينبغى تأجيل طرح القانون الموحد للإعلام لحين تهدئة إحتقان الأزمة الراهنة، وحتى لايدخل ضمن عناصر تلك الأزمة، ويتم تفسيره باعتباره واحداً من أدوات النظام للسيطرة على الإعلام، أو تصفية الحسابات معه.

7- فى ضوء ماتقدم فإن الطرف السياسى الوحيد الذى لم يتورط حتى الآن فى الأزمة هو مجلس النواب، وهو المؤهل لتشكيل لجنة تقصى حقائق للتحقيق فى كل مايتعلق بمسار الأزمة، ورصد الأخطاء والتجاوزات، وتحديد المسئوليات.

8- على لجنة تقصى الحقائق مراعاة تغليب المواءمة السياسية، على الإجراءات القانونية والرسمية، وفى حالة تحميل اياً من الطرفين (الوزير او النقيب) أو كليهما للمسئولية عن الأزمة، ان تكون توصياتها ذات طابع سياسى لاقانونى (التوصية السرية بإبعاد الوزير فى أول تعديل وزارى، أو الرجوع للجمعية العمومية للصحفيين لطرح الثقة فى النقيب).

9- تظل قرارات لجنة تقصى الحقائق سرية لحين إخراجها لحيز التنفيذ بمعرفة جهات الإختصاص، وذلك بعد فترة كافية من عقد جلسة مصالحة وطنية تعقد فى البرلمان المصرى بحضور اعضاء الحكومة ومجلس نقابة الصحفيين، يتم فى نهايتها التوافق على قرارات مشتركة تعكس التضامن الوطنى فى مواجهة التحديات والمخططات التى تستهدفه.

10- ينبغى محاسبة العناصر المسئولة عن إستخدام بعض “المواطنين الشرفاء” فى التحرش بالصحفيين، والتوقف تماما عن اللجوء لمثل هذه الآليات فى التعامل مع الأزمات، وإذا كان تحرك مثل هؤلاء عشوائى، وهو أمر مستبعد، فمسئولية الشرطة إبعادهم عن المشهد.

 
أضف تعليق

Posted by في 2016/05/05 بوصة غير مصنف

 

معارك التواصل الإجتماعى، ومواجهة أمراء الحرب

4gwar

الفيس بوك أبرز مواقع التواصل، يضم 1.6 مليار حساب نشط، فردى ومجموعات، أكثر من نصف المتعاملون يستخدمون المحمول، يتعايشون من خلاله بدءاً بتحية الصباح، حتى معرفة الأخبار والمعلومات، من مواقع الأخبار العالمية المتواجدة عليه.. إبتكار ثورى يطيح بمن لايدرك خطورته، ويُحسن التعامل معه، إدارة الموقع ألغت آلية حجب المعلومات، التى كانت تلجأ اليها الحكومات، وكاميرا المحمول زرعت مراسلاً بكل حدث، ينقله فوراً عبر الموقع، ما أسقط مفاهيم الخصوصية والسرية، هو فضاء الحرية للشباب، وسلاحهم للرد على إعلام تقليدى، استسلم لسلطة السياسة والمال، على حساب المهنية، لكن الفيس خضع بدوره للتوظيف السياسى، بدأً من وضع نظام او رئيس او حكومة تحت ضغط يدفعه للتصرف بعصبية، ويمر بالتشكيك وإثارة الفوضى وعمليات الحشد، وانتهاءً بالعمليات الإرهابية.

شاه ايران لم يكن يتصور ان شريط الكاسيت سيطيح بعرش الطاووس، وبعد ثلاثة عقود أسقطت مواقع التواصل «بن على، ومبارك، وصالح» رغم محاولاتهم لفرض الرقابة عليها، ثم حجبها، وانتهاءً بقطع الإنترنت، بوتين إبان الأزمة الأوكرانية اتهم CIA بالسيطرة على الفيس وتوجيهه، و«جوليان أسانج»، مؤسس «ويكيليكس»، وصف الموقع بأنه أهم أدوات التجسس التى ابتكرها الإنسان.. إسرائيل من أكفأ دول العالم فى التعامل مع مواقع التواصل، «الموساد، الشاباك، أمان» أسسوا وحدات متخصصة لمراقبتها خاصة العربية، بإعتبارها أهم مصادر متابعة الأوضاع وتوجهات الرأى العام، والتفاعل معها للتأثير على سير النقاشات حول القضايا الجدلية، وخلق البلبلة وبث الشائعات، كما تستخدمها فى عمليات الفرز والتجنيد لنوعيات منتقاة من الشباب، والمؤسف ان الشباب المصرى يمثل أكبر عدد من زوار الصفحات الرسمية «إسرائيل تتكلم بالعربية»، و«إسرائيل بدون رقابة»!!.. وهناك علم جديد متكامل يدرس للمتخصصين فى اسرائيل يسمى «الهندسة المجتمعية»،  أو ما يعرف بفن اختراق العقول، يستهدف إستخدام وسائل الاتصال الحديثة في التعرف على أسرار المجتمعات وتغييرها، رغم أن إسرائيل تعتبر التحريض من خلال نفس المواقع جريمة، تتراوح عقوبتها من السجن الى الإبعاد.. الصين وكوريا الشمالية حظرتا مواقع التواصل منذ 2009، وتايلاند حجبتها إبان الإضطرابات، ايران فرضت رقابة مشددة، وعقوبات تصل للإعدام، المانيا حظرت المواقع النازية بحكم للدستورية، وإن أعيد بث بعضها بإستخدام أجهزة خادمة بالولايات المتحدة!!.

مصر فى المركز الأول عربيا بـ27 مليون مستخدم للفيس، يمثلون نحو 30% من السكان، معظمهم شباب، وهناك 89 مليون حساب شخصى تم فتحه من مصر، مايفسر ظاهرة اللجان الإلكترونية حيث يمتلك الفرد حسابات متعددة، ضمن منظومات تخضع لتوجيه وإدارة منظمة، تتولى التنسيق لشن موجات متعاقبة ومتكاملة من الحملات ضد النظام، فى تكتيك أقرب للمعارك الحربية التى يديرها أمراء الحرب، من لندن واستانبول والدوحة.

مصر عرفت أهمية استخدام الإنترنت فى الحشد منذ 6 ابريل 2008، وحراك يناير 2011، وإسقاط الإخوان 30 يونية، لكن مواقع التواصل تطورت وأصبحت بيئة مثالية لنشر الشائعات والأخبار والمعلومات «المفبركة»، وهى اهم أسلحة الأجيال الحديثة من الحروب، صياغتها واختيار توقيت النشر وطريقة الترويج يتم بمعرفة أجهزة متخصصة، الإخوان إستخدموها، بدءاً من شائعة إنشقاق أحمد وصفى يولية 2013، وانتهاء بإدعاء استشهاد جنود مصريين فى حرب اليمن، اشتروا النسخة العربية من الهافنجتون بوست، وينشرون ماتتضمنه من مقالات وموضوعات كإعلانات مدفوعة، لنشر الإحباط بين المصريين، المواقع تستخدم كساحة للحرب النفسية وإضعاف المعنويات، كما حدث بنشر «بيت المقدس» لفيديوهات إسقاط الطائرة الهليكوبتر، وهجوم كرم القودايس، والأخطر هو إنضمام الضباط والجنود لمواقع التواصل، وتشكيل مجموعات فيما بينهم، تطبيقات البرنامج تحدد مواقعهم دون دراية، وأحاديثهم لاتخلو مما يتعلق بالأسلحة والمعدات والتحركات والمشاريع والتفتيش والمناوبات، المعلومات التى سجلها المجند محمد عبد النعيم أوكا من كتيبة حرس الحدود بالفرافرة كانت جزءاً مما إعتمد عليه الإرهابيون فى الهجوم عليها.. بعض رجال الإعمال يقومون بإلتقاط مايتم نشرة بالمواقع وتحويله الى «حرائق يومية»، من خلال برامج التوك شو بالفضائيات والصحف التى يمتلكونها، أو يتحكمون فيها من خلال الإعلانات، وذلك بغض النظر عن صحته، أو الهدف من نشره، متعمدين إصطناع الأزمات، للضغط على الدولة وإضعاف قدرتها على مواجهة إحتكارهم للإنتاج والإستيراد ومحاولة السيطرة على الأسعار، بعضهم ينتمى للحزب الوطنى، ويسعى لدور سياسى، السلطة لاتزال مترددة، وتحاول التوفيق بين الإستعانة ببعض رموزهم لتعويض نقص الكوادر والخبرة، ومراجعة ما إستولوا عليه من أراضى، وماحصلوا عليه من قروض، لإسترداد حق الدولة.

مواجهة مخاطر مواقع التواصل على الأمن القومى المصرى أصبح هاجس يؤرق الجميع، البعض عجز عن استيعاب متغيرات العصر، رفع أحدهم دعوى ضد الحكومة مطالباً بحجبه، والآخر يعتزم التقدم بطلب لوزير الداخلية ان يكون التسجيل فى الفيس بالرقم القومى!!، ومن يقدرون الموقف يتساءلون.. كيف يمكن تحويل مواقع التواصل لوسيلة تعبير عن الرأى دون قلب للحقائق أو ترويج للشائعات؟!، هنا ينبغى الإشارة لمجموعة حقائق بالغة الأهمية.. الأولى: ضرورة إستبعاد آليات الحجب كوسيلة مواجهة، فلم يعد المجتمع الدولى يتقبل التفاعل مع دولة تمارس التضييق والمنع، خاصة وأن طرق الحجب يقابلها دائماً آليات تحايل.. الثانية: لاموضع لإدارة دولة من خلال «حكومة المغارة»، لأنها لو نجحت فى التعتيم على حدث، فإن الرأى العام سيعاقبها لاحقاً، بتنظيم هاشتاج، أو حملة مقاطعة، او تعبئة لتحرك فى الشارع، وأزمة الجزيرتين آخر الأمثلة.. الثالثة: لايستطيع أى نظام –مهما كانت شعبيته- إقناع الشباب بعدم التفاعل مع أدوات العصر، أياً كانت المخاطر المرتبطة بها.. الرابعة: إدارة الدولة ينبغى ان تتفاعل مع أدوات العصر، لا أن تتناقض معها، وهى مهمة تستدعى تغييرات واسعة، تبدأ بمجلس الأمن القومى، غرفة عمليات إدارة أزمات الدولة.. الخامسة: ينبغى المسارعة بتقنين جرائم الإنترنت، فهى بيئة مستحدثة تشهد جرائم جنائية وسياسية، لايوجد توصيف لها فى القانون، تعقب مرتكبيها ومعاقبتهم، يرتقى بها، والتغافل يدعم نفوذ أباطرة الحرب، وعصابات الإجرام الإلكترونى.. السادسة: «الحقيقة، الشفافية، المصارحة» هى أهم الأسلحة فى مواجهة حرب المواقع، لأنهم يدعمون الثقة بين المواطن والدولة، ويحولون دون إستنزاف شعبية النظام بالداخل، وتعريضه للنقد من الخارج.. السابعة: أن إعادة تنظيم المؤسسات الإعلامية، سواء عامة او خاصة، مرئية أو مقروءة أو مسموعة، والفصل بين الإدارة والملكية، هى الوسيلة الوحيدة لتغليب معايير المهنية، وبالتالى تفعيل دورها، بالمشاركة مع السياسة والتعليم، فى إعداد الشعب لتقبل واستيعاب المتغيرات، وعدم الإستجابة لمحاولات توظيفها فى الإثارة.. هل وصلت الرسالة؟!

 
تعليق واحد

Posted by في 2016/05/03 بوصة غير مصنف