RSS

Monthly Archives: ديسمبر 2014

مصر والإخوان.. وأزمة المخابرات الأمريكية

47f6792970b091a4cae2cece75e027da

انتصارات المخابرات الأمريكية CIA بتفكيك الإتحاد السوفيتى، وإخضاع أوروبا الشرقية، إبان الحرب الباردة، انقلبت لإنكسارات.. فشلت فى إختراق “القاعدة”، وإدعت تعاونها مع العراق، وفبركت رواية أسلحة الدمار.. هجمات سبتمبر 2001 كانت كاشفة، بل فاضحة.. برامج إستثنائية للإعتقال، والإحتجاز، وإختطاف المشتبه بهم، وتسليمهم لأجهزة أجنبية لإستجوابهم، تعويضاً لقصور مهنى، لالتعريضهم لتعذيب ثبت فى جوانتانامو وابوغريب انهم سادته.

اللجنة الوطنية للتحقيق أوصت في تقريرها بتغييرات وإصلاحات واسعة، تم بمقتضاها استحداث وكالة المخابرات الوطنية “NI” 2004، لتتولى التنسيق والتكامل بين الـ16 وكالة مخابرات مدنية وعسكرية، لكنها فشلت رغم تغيير 5 رؤساء وستة نواب خلال 10 سنوات، أزمة CIA كانت أخطر.. قصور مهنى، فشل تنظيمى، وفساد مالى؛ منذ تسلم بورتر جوس رئاستها سبتمبر2004، انشغل بمقاومة الخضوع للـ”NI”، واستقدم عناصر تفتقد للكفاءة، فهربت الكوادر المهنية، عين كيلي فوجو بمنصب الرجل الثالث رغم تورطه فى قضية رشوة، فأجبر على الإستقالة مايو 2006.

بوش أقر بموافقته على استخدام “وسائل مشددة” خلال التحقيقات شريطة تسجيلها، ونائبه تشينى وافق على إخفاء برنامج سرى لمكافحة الإرهاب عن الكونجرس، مايكل هايدن مدير CIA إعترف 2008 بممارسة “الإيهام بالغرق” على ثلاثة إرهابيين؛ خالد شيخ محمد وأبو زبيدة وعبد الرحيم الناشري، وعندما طلب منه القضاء شرائط الفيديو الخاصة بالتحقيق مع زكريا الموسوى لإدعاء تعرضه للتعذيب، تعلل بإعدامها، بحجة إخفاء هوية المحققين!! أوباما بدأ حكمه بتوظيف مُسىء لشئون الأمن القومى الأمريكى فى الصراع الحزبى، أوقف العمل بالبرامج الإستثنائية، لكنه أمر بالتحقيق فيما تردد عن وقف إدارة بوش تحقيقاً حول مجزرة لسجناء طالبان ارتكبتها قوات عبدالرشيد دوستم المدعوم من واشنطن2001.

إستمرار أزمة المخابرات الأمريكية جسدتها فضائح تسريب 100 الف وثيقة من سجلات الحرب الأفغانية بالجيش الأمريكى، و400 الف من تقاريره الميدانية خلال حرب العراق، و250 الف مراسلة سرية بين وزارة الخارجية وبعثاتها بالخارج 2010، نشرها موقع ويكيليكس وصحف عالمية.. فضائح غير مسبوقة لتجاوزات وحروب قذرة، وتدنى لدبلوماسية قوة عظمى، فى تعاملها وتفاوضها، وأدواتها للضغط، حتى التعليقات البذيئة على الزعماء.. نموذج فج للعجز عن تأمين المعلومات والإتصالات، وتعبير عن أزمة الإختراق الداخلى للمخابرات الأمريكية.

تسريبات إدوارد سنودن، الخبير بجهاز الأمن القومي “NSA”، وصلت بالأزمة لذروتها، 50,000 صفحة من المعلومات والوثائق السرية، ومكالمات وبيانات، أخطرها الميزانية التفصيلية لوكالات المخابرات الـ17، وأشدها حرجًا عمليات التنصت على 122 مسئولاً سياسياً حول العالم بينهم رؤساء دول وحكومات حليفة.. المخابرات الأمريكية أصبحت موضع “سخرية” بعد حصول سنودن على جائزة سام آدامز 2013، وترشيحه لنوبل للسلام!!

فى ظل انكشاف كهذا، لم يكن مُستغرباً ان يتعرض البيت الأبيض لإختراق الإخوان، الذين وصفهم تشينى بأنهم “أصل كل الجماعات الإرهابية التي نتعامل معها حاليا بمافيها داعش”، المخابرات الأمريكية لم تحرك ساكناً، لأنها كانت تتعاون معهم، حتى انه بمجرد إبداء مرسى استعداده للتنازل عن مثلث حلايب وشلاتين، ظهرت خرائط مصر بدونه.. على الصفحة الرسمية للحرية والعدالة، وقناة الجزيرة، والموقع الرسمى لـCIA!!

فرانك جافنى وجیت ستون الباحثين فى الإسلام السياسى، أثبتا ان محاولات إختراق الإخوان للإدارة الأمريكية بدأت فى عهد كلينتون وجور، وبلغت ذروتها مع اوباما، مایكل باكمان وعدة نواب جمهوريون طالبوا المخابرات بالتحرى عن حجم الإختراق الإخوانى للإدارة الأمريكية وأجهزتها، خاصة سعى مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكى “كير” المرتبط بهم، لزرع متدربين شباب فى مكاتب أعضاء الكونجرس، مستشهدين بالوثائق الواردة بكتاب الناشطين ديفيد جوباتز وباول سبري (المافيا الإسلامية: العالم التحتي السري المتآمر لأسلمة الولايات المتحدة).

ركائز الإخوان فى إختراق البيت الأبيض متعددة: عارف علي خان، مستشار أوباما للإسلام السياسي، نائب مدير الأمن الداخلي، عضو التنظيم الدولي للإخوان، من مؤسسي المنظمة الإسلامية العالمية، منسق إجتماعات الإدارة الأميركية بالإخوان.. محمد الإبيارى، مستشار أوباما للأمن الداخلي، صاحب مؤسسة ‘‘الحرية والعدالة” التى مولها حزب ‘‘الحرية والعدالة”، عضو المجلس الإسلامي، شاهد نفى قضية عمر عبدالرحمن، إستقال عقب تغريدة مؤيدة لإجتياح داعش للموصل، وإعلان الخلافة الإسلامية.. رشاد حسين، عضو قانونى بالفريق المعاون لأوباما 2009، عضو المجلس الإسلامى، أختير كمبعوث خاص للمؤتمر الإسلامي2012..سّلام المراياتى، مؤسس ومدير تنفيذي للمجلس العام لشئون المسلمين (MPAC)، يرتبط بالتنظيم الدولي، عمل بجهاز الأمن الوطني 2002 !! محمد ماجد.. مستشار أوباما بوزارة الأمن الداخلي، رئيس المجمع الإسلامي لشمال أميركا، التحق بمجلس الأمن القومي 2002، عضو مكتب التحقيقات الفيدرالي والمجلس الاستشاري العربي.. هوما عابدين مستشارة كلينتون، والدتها تنتمى للإخوان، ويتعاون شقيقها مع القرضاوى، توسطت لدخول طارق رمضان حفيد حسن البنا لأمريكا، ترشح زوجها اليهودى “أنتوني وينر” لمنصب حاكم نيويورك وانسحب بعد تعرضه لفضيحة جنسية، هى الثانية بعد التى أخرجته من الكونجرس.. فاليرى جاريت مستشارة أوباما ذات الأصل الإيرانى، كانت وراء المحادثات السرية بين واشنطن وطهران، التى انتهت بمفاوضات (5+1).. داليا مجاهد مستشارة أوباما للشؤون الإسلامية، رئيسة معهد جالوب، عضو مجموعة أزمة الشرق الأوسط ببروكنجز، إبنة “السيد مجاهد” القيادي الإخواني، صاغت خطابى اوباما بالقاهرة واستانبول، وصاحبة عبارة “الآن يعنى الآن” التى وجهها لمبارك، قادت توجه الرئاسة لدعم العلاقة بالتنظيمات الإسلامية بما فيها حماس، ودفع الإخوان لحكم مصر.

بعد 13 عاماً من هجمات مانهاتن، أعاد الديمقراطيون فتح ملف التعذيب، بتقرير من 6000 صفحة، أعدته لجنة خاصة استغرقت تحقيقاتها 5 سنوات بتكلفة 40 مليون دولار، أقرته لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ التي يسيطر عليها الديمقراطيون ديسمبر2012، رفعت السرية عن ملخصه ابريل 2014، ونشرته في 525 صفحة ديسمبر الجارى، لم يأت بجديد سوى التذكير بأن اوباما صاحب فضل الغاء الإجراءات الإستثنائية التى سمحت بذلك الإرث الأسود، الذى تسبب فى حصول بوش علي لقب اسوأ رئيس أمريكي، وخسارة الجمهوريين الانتخابات لمرتين متتاليتين.. مناورة انتخابية قذرة، كشفها ميكا زنكو من مركز أبحاث نيويورك التابع لمجلس العلاقات الخارجية ‘‘اذا كان 119 معتقل ممن خضعوا لبرنامج الاستجواب السري يستحقون كل هذه الشفافية، فلماذا لانعطى نفس الحق لـ3500 قتيل من ضحايا برنامج “التصفيات المحددة الأهداف” الذي تنفذه طائراتنا بدون طيار في باكستان والصومال واليمن’’.

الغريب ان يصف التقرير مصر بـ‘‘الدولة التي استقبلت أكبر عدد من المعتقلين’’ للإيحاء بمشاركتها فى التعذيب، رغم ان  أحمد نظيف رئيس الوزراء السابق أكد في 2005 أن ذلك إقتصر على 60-70 من الإرهابيين المصريين، الذين ارتكبوا جرائم تتصل بالبلاد، خلال حكم كلينتون، ولم يمتد لفترة بوش، بكل ماارتبط بها من تجاوزات وإجراءات إستثنائية.. والأغرب تزامن ذلك مع الإعلان عن اعتقال مهندس أمريكى من أصل مصرى، يعمل بالبحرية، خضع لتحرى روتينى من أحد عناصر FBI، انتحل ساتر رجل مخابرات مصرى، وأقنعه بسرقة تصميمات حاملة طائرات وإرسالها للقاهرة.. مصر ليست لها أية علاقة بالموضوع.. المخابرات الأمريكية لعبت مع نفسها، بسذاجة وانعدام مهنية،.. قضية تجسد حُلمها، فى إجتياز أزمتها الداخلية، واللعب مع الكبار.

المخابرات الأمريكية تضم 200 ألف موظف، ومئات الألاف من العملاء، وصلت ميزانيتها لـ75 مليار دولار، لو أنفقت بمهنية، لشعر بالأمن الناس البسطاء من كيب تاون لمقديشو للشيشان.. ومن كراكاس لبغداد وتورابورا.

gtaha2007@gmail.com

 
تعليق واحد

Posted by في 2014/12/31 بوصة غير مصنف

 

سوريا.. تغيرات الإقليم، وفرص التسوية

8bf8fee4-0110-4f94-9064-dfe621a9dfdd

المسألة السورية، لب أزمة الإقليم، ومحور تسويتها.. التاريخ يعلمنا.. عندما تسقط دمشق، تنكفىء مصر على ذاتها، وتدافع منكمشة داخل حدودها.. وعندما تزدهر تنطلق مصر، من خطوط دفاعها المتقدمة، حتى الآستانة.. تلك إطلالة لازمة على متغيرات جوهرية، تجرى فى الإقليم، وتتعلق بالساحة السورية.

سوريا شكلت رأس المثلث المصرى السعودى، الذى أسقط حلف بغداد 1955، انتصر فى أكتوبر1973، حرر الكويت 1991، سعى لتعاون استراتيجى بإعلان دمشق 1992.. الشكوك حول دورها فى الإطاحة بحكومة عون، واغتيال الحريرى، وتبنى حزب الله، والإنحياز الطائفى لإيران، حولها الى عدو لدول الخليج.. فتحريض الشيعية يمس استقرارها ويهدد وحدتها الوطنية، مايفسر: دفع قوات ‘‘درع الجزيرة’’ لإحتواء إضطرابات البحرين “فبراير 2011″، احتضان الإعلام المعارض للنظام السورى منذ اندلاع الثورة “مارس ٢٠١١”، تعليق عضويتها بالجامعة العربية “نوفمبر2011″، تجميد سفاراتها “يناير 2012”.

الإعلام المعارض بالفضائيات ومواقع التواصل، ينطلق من منهج السلفية، ينتقد الشيعة، يدعو للجهاد، ويجمع التبرعات.. تصدره الشيخ عدنان العرعور، مع ‘‘العريفى، العودة، العجمى، البريك، العواجي…’’، حجم التجاوب كان مقلقاً، المتطوعون السعوديون فى الجماعات الجهادية بسوريا قارب العشرة آلاف، تدفقت التبرعات على ‘‘جمعية السلام’’ التابعة للعرعور، وإبان جولاته بالقرى والمدن، فتضخمت حساباته.. نتيجة لإعتبارات أمنية، فرضت الدولة السعودية عقوبة السجن على من يشارك في «أعمال قتالية» خارجها، والمؤيد والمتعاطف ومن يتبنى فكر الجماعات «الارهابية»، أو يدعمها مالياً أو يدعو له “فبراير 2014″، وأدرجت حزب الله والإخوان وجبهة النصرة وداعش والقاعدة ضمن الجماعات الارهابيه “مارس 2014″، أجهزة الأمن رصدت تبشير العرعور لمتابعيه بالعمليات الإرهابية قبيل وقوعها، وتواصله مع الفصائل المسلحة، وتمويله للواء “أحفاد الرسول” بالرقة التابع للجيش الحر.. سلطان العطوي »أبي ليث التبوكي« السعودى المنشق عن ‘‘النصرة’’، كشف تمويلات العرعور لمجلس شورى الشرقية التابع للجبهة، وآخرها مليون دولار، تم تجميد حساباته، وحظر عليه جمع التبرعات.

المجموعة الإرهابية التى قُبِضَ عليها “مايو 2014” ضمت عناصر عائدة من سوريا، والهجوم الطائفى على حسينية شيعية بالإحساء ‘‘نوفمبر’’، أكدا حتمية المراجعة الشاملة لسياسات الدعوة والإعلام، بدأت بإغلاق مكتب قناة “وصال” التابعة للعرعور بالرياض، وحظر البث من المملكة، واقالة الخوجة وزير الاعلام والثقافة.. تراجعت حدة النقد للنظام السورى، وتوقف الدعم للجماعات المسلحة.. تغيرات جوهرية إرتبطت باجتياح داعش للعراق، وانعكاس الصراع السورى على أمن المنطقة، ايران بمبادرة ذكية أوفدت أمير عبداللهيان نائب وزير الخارجية لجدة “أغسطس”، مؤكداً على ماتفرضه أوضاع الإقليم من تراجع أولوية الخلاف حول النظام السورى، وغادر لدمشق سراً، بعدها منحت السعودية تأشيرات دخول لخمسة ديبلوماسيين سوريين، لأول مرة منذ ثلاث سنوات، وسط مؤشرات لإعادة إفتتاح السفارة بالرياض، سوريا سمحت بدخول الشاحنات السعودية عبر معبر نصيب الحدودي مع الأردن “نوفمبر”، فى عودة هادئة للعلاقات التجارية، رغم وقفها لإستيراد المنتجات الزراعية اللبنانية، نتيجة للصعوبات الإقتصادية.

تغير الموقف السعودى تجاه سوريا كان جزءاً من تغيرات مماثلة فى الإقليم، الكويت قبلت الطلب السورى بإعادة فتح سفارتها، واجتمع مسئول دبلوماسى وآخر أمنى مع فيصل المقداد وكيل الخارجية السورية بدمشق، ومنحت تأشيرات لثلاثة دبلوماسيين، وفد عُماني التقى وليد المعلم فى دمشق “سبتمبر”، لبحث إستئناف السفارات لعملها.. تونس افتتحت مكتباً بدمشق لمساعدة رعاياها الذين تورطوا فى “الجهاد” ويرغبون فى العودة، أما قطر فقد تمت وساطات لإستئناف علاقاتها بسوريا، بمباركة ايرانية، منذ تعرضت علاقاتها بالسعودية للفتور، بعد الإطاحة بإخوان مصر، وذلك لتفكيك محور الرياض الدوحة الداعم الرئيسى للمعارضة السورية، قطر تراجعت حرصاً على علاقاتها بمجلس التعاون، التى اهتزت نتيجة لإحتضانها للإخوان.

تغير التوجهات نحو النظام السورى امتد لتركيا وبعض الدول الأوروبية، الشروط التركية الثلاثة لتفعيل مشاركتها فى حرب داعش «إقامة منطقة آمنة، حظر الطيران السوري، تدريب وتسليح المعارضة» والتى تستهدف إسقاط الأسد، لم تهتم بها أمريكا ولا الناتو، بعد توسطه فى الأزمة ومباحثاته بأنقرة مع داوود أوغلو أكد حيدر العبادى رئيس الوزراء العراقى، ان تركيا قد طرأ على موقفها من سوريا «تغيراً إستراتيجياً وجذرياً»، وتخلت عن شروطها.. فرنسا تراجعت عن موقفها الذى يعتبر الأسد جزءاً من المشكلة، وليس الحل، وانه لاموضع له فى مستقبل سوريا، وذلك بعد تزايد أعداد مواطنيها فى صفوف التنظيمات الإرهابية، وأوفدت ضابط اتصال مخابراتها بالأردن للمخابرات السورية، محاولاً الإستفادة من قدراتها فى المتابعة الميدانية تأميناً للداخل الفرنسى حال عودة المتطوعين، سوريا اشترطت إعادة فتح السفارة الفرنسية المغلقة منذ مارس 2012، ووقف إنتقادات أولاند وفابيوس لنظامها، مؤسستا الرئاسة والخارجية رفضتا، ودفعت المخابرات للإعتماد على الجهاز الألمانى كوسيط.. مسئولى المخابرات فى بلجيكا، إيطاليا، أسبانيا، بريطانيا، وغيرهم توجهوا لدمشق لفتح قنوات تعاون، حتى المخابرات الأمريكية استأنفت اتصالاتها، وان اعتمدت فى التنسيق المنتظم على الجهازين “الألمانى والإيطالى” كوسطاء، اما استقبالها الأخير لوفد الإئتلاف السورى المعارض بواشنطن فقد حمل دلالات سلبية، إذ أخضعته للتفتيش الذاتى بالمطارات، وقصرت مقابلتة لأوباما على 20 دقيقة لم يُسمح خلالها بتقديم أية مطالب، ورسائلهم الأخيرة للإيرانيين تؤكد ‘‘أن بقاء الأسد، قد صار وراء ظهرهم’’، أي أنهم تجاوزوا الأمر.

ومن الطبيعى ان تنعكس التغيرات داخل الإقليم وخارجه على جهود تسوية المسألة السورية، وزير الخارجية السعودى سعود الفيصل التقى فابيوس وكيرى فى باريس قبل توجهه لموسكو 21 نوفمبر، فى محاولة أخيرة للإتفاق على صفقة مع الروس لحل الأزمة باقتسام السلطة بين نظام بشار والمعارضة، وتحصينه وأسرته من المساءلة والمحاكمة، وفقاً للنموذج اليمنى، وذلك مقابل التعاون لرفع أسعار البترول بالأسواق العالمية، لم يتفق الجانبان، وأكد استقبال بوتين بعدها مباشرة لوليد المعلم وزير الخارجية السورى تمسك روسيا بدعمها للنظام، وجاء استقبال موسكو لوفد المعارضة السورية برئاسة معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني السابق، ضمن مبادرة لاستئناف المفاوضات، ليؤكد رفض روسيا لأية أفكار تتعلق بتنحية الأسد، خاصة بعد نتائج الإنتخابات الرئاسية الأخيرة، روسيا حالياً تركز على دعم مهمة المبعوث الأممي لسوريا “ستيفان دي ميستورا”، وتعكف على تشكيل مجموعة لدعمه قد تضم الولايات المتحدة والسعودية وتركيا وإيران ومصر تعزيزاً لجهود حل الأزمة، على ان تبدأ بمبادرة تجميد القتال فى حلب، التى تحظى بقبول مبدئى من النظام والمعارضة، بعدها يتم عقد اجتماع للمجموعة تحضيرا لجنيف 3” وسط ظروف أفضل للنجاح.

***

          زلزال داعش أحدث تغيرات جذرية فى الأوضاع الأمنية بدول المنطقة، وفى العلاقات البينية بالإقليم، وانعكس على مواقف العديد من دول الغرب تجاه أطراف الصراع، وهو مالخصه مايكل هايدن المدير السابق لوكالة المخابرت المركزية الأميركية “CIA” فى «ان انتصار الدولة السورية هو الخيار الأفضل بين كافة السيناريوهات المحتملة لحرب الإرهاب الكونية التي تتعرض لها سوريا».

تغيرات الإقليم انعكاس لمدركات داخلية.. سوريا وطن تتجمع عليه كل منظمات الإرهاب العالمية.. تتصارع فيه كافة أجهزة المخابرات الدولية.. تُلتَهَم منه كل  يوم رقعة من ترابه.. تتشرد فيه كل لحظة أسرة من أبناءِه.. من السخف التساؤل عن مشروعية النظام الذى يتصدى للمأساة.. أو انتماؤه الطائفى.. فلتذهب الأنظمة للجحيم.. ولكن دعونا نتساءل.. هل هناك حالياً أى «مواطن» سورى يكره النظام أكثر من كراهيته للإرهاب والإرهابيين؟!

gtaha2007@gmail.com

 
2 تعليقان

Posted by في 2014/12/16 بوصة غير مصنف

 

“الإتفاق الشامل” بين الشيطان الأعظم ومحور الشر

U.S. Secretary of State Kerry and Iranian FM Zarif shake hands as Omani FM Alawi and EU envoy Ashton watch in Musca

المفاوضات النووية فى فيينا بين إيران ومجموعة (5+1) لم تتوصل لإتفاق فى 24 نوفمبر الماضى، كما كان مقرراً، مُدِدَت المهلة لنهاية يونية 2015، مع تعهدهم بالتوصل لإتفاق مبدئى مطلع مارس.. إطالة متعمدة لإكتساب مهلة لإعادة ترتيب الأوراق الأمريكية والإيرانية وصولا لـ«إتفاق شامل»، وتحديد حصة الأطراف الدولية المؤثرة ، وإستيعاب ردود فعل دول المنطقة، خاصة الخليجية.. الإتفاق المتوقع يعكس: تفهم القيادة الإيرانية لحساسية المسألة النووية، وحرص الإدارة الأمريكية على استمرار عقود من التعاون الخفى بينهما…

محمد رضا بهلوى شاه إيران، بدأ الطموح النووى مطلع الستينات، ودفع عرش الطاووس ثمناً له، أمريكا حاولت احتواءه، ببناء مركز طهران للبحوث النووية، ومفاعل بحثى بقدرة 5 ميجاوات، تلاها عدد من مفاعلات انتاج الكهرباء، لكنها فوجئت بتوقيعه عدة عقود.. مع شركة كرافت ورك الألمانية لبناء مفاعل ببوشهر بقدرة 1200 ميجا، مع فرنسا لمفاعلين قدرة كلا منهما 950 ميجا، مع الصين لمفاعلين بمنطقة داركوفن قرب نهر كارون، ومعاهدة للتعاون النووي مَعَ الهند، وعقداً مَعَ فرنسا لفتح مركز للدراسات والتدريب النووي بأصفهان.. عندما بدأت أحداث «الربيع الإيرانى» أواخر السبعينات، إستغلت أمريكا ضعف الشاة وأجبرته على إلغاء كُلّ المعاهدات النووية مع الدول الأُخرى، بوعد تزويده بثمانية مفاعلات لإنتاج الكهرباء، لكن ذلك كان ضمن قراراته الأخيرة قبل مغادرة طهران 1979.. درس استوعبته القيادة الإيرانية جيداً، وعرفت كيف تلوح بالنووى للضغط، دون تجاوز حدود الخطر.. الإدارة الأمريكية مقتنعة بأن الإتفاق لن ينهى قدرة ايران النووية، وانما سيبطئها، حتى تستوعبها توازنات القوى بالمنطقة.. تفاهمات ضمنية كفلت وستكفل استمرار التعاون الإستراتيجى!!

خلال حرب الخليج الأولى استجابت أمريكا لطلبات ايران من قطع الغيار والذخائر، بوش الأب -نائب ريجان آنذاك- وبنى صدر رئيس إيران وقعا اتفاقاً سرياً بباريس، بحضور آرى بن ميناشيا ممثل الموساد.. صواريخ “تاو” مضادة للدروع، و”هوك” مضادة للطائرات، وقطع غيار طائرات “إف-14″، تنقلها لإسرائيل -بحكم توسط الموساد وتجار أسلحة يهود فيها- طائرات مستأجرة من شركة اروريو بلنتس الأرجنتينية، ومنها الى لارناكا ثم طهران، فضيحة كُشِفَت عندما أسقطت الدفاعات السوفيتية إحدى طائرات الجسر الجوى 18يولية 1981 بعد دخولها الأجواء بالخطأ، عُرِفَت بـ‘‘ايران كونترا’’ لإستخدام المخابرات الأمريكية لعائداتها فى تمويل الحركة المناوئة للنظام الشيوعي بنيكاراجوا.

أمريكا لم تكن قادرة على إسقاط  نظام طالبان افغانستان 2001 دون تعاون ايران، المخابرات الإيرانية وظفت علاقاتها بالقبائل الأفغانية لوقف دعمها لطالبان، وفتحت مجالها الجوى لعبور القاذفات الإستراتيجية الأمريكية B-52، ميليشيات الحرس الثورى تسللت لدعم قوات التحالف، وتعضيد حكومة كرازاى، ومساعدتها فى بناء جيش وطنى، رفسنجاني عاير الولايات المتحدة مؤكداً أنّه “لولا مشاركة القوّات الإيرانية في هزيمة طالبان لغرق الأمريكيون في المستنقع الأفغاني”، الموقف الإيرانى لم يختلف خلال الغزو الأمريكى للعراق 2003، دفعت المليشيات العراقية المدربة بمعسكراتها لدعمه، وأصدرت الحوزة الدينية بالنجف الأشرف ‘‘فتوى تاريخية’’ بعدم التعرض لقوات الاحتلال.

اتفاق جنيف بين ايران ومجموعة (5+1) نوفمبر 2013 إقترن بتوافقات تتعلق بتسليم أمريكا بالدور الإيرانى، مقابل مساعدة ايران فى نزع فتيل بعض القضايا المتفجرة بالمنطقة ‘‘سوريا -العراق –لبنان –اليمن -والانسحاب من أفغانستان’’.. عقب اجتياح داعش للعراق، أجرت الدولتان اتصالات فى فينا 16 يونية، استكملاها بمسقط، مثلهما حسين عبداللهيان وجاك سوليفان، اتفقتا على إقصاء المالكى، والتنسيق بينهما لمواجهة داعش، ودعم حلفائهما بالعراق، وذلك بتنسيق ميدانى يتطور بتقدم مباحثات النووى، عملية التنفيذ رُصِدَت بالفعل على أرض المعركة.. ضباط من قوات القدس الإيرانية انضموا كمستشارين لقوات ‘‘الحشد الشعبى’’، وعناصر قوات النخبة بالحرس الثورى تمركزت بديالى.. ودعمت البشمرجة فى جبهة مخمور الكردية، كما شاركت -بدعم جوى أمريكى- فى فك الحصار عن بلدة ايميرلى 31 أغسطس، وتدمير مقر قيادة داعش بمدينة تلعفر وقتل قادته.. معهد دراسات الأمن القومى، وموقع ديبكا، الإسرائيليين، أكدا ذلك نقلاً عن مصادر بالمخابرات العسكرية.. بداية ديسمبر الجارى بدأ الطيران الإيرانى طلعات جوية فوق ديالي، لتأمين قواته، واستطلاع مواقع داعش، وقصفها، ضمن تطوير مشاركته فى قطاع يلتصق بحدوده ويؤمن شرق بغداد.. واقع ميدانى، لكنه خارج نطاق التحالف، تجنباً لحساسية دول الخليج، أحمد أردستانى عضو لجنة الأمن القومى بالبرلمان الإيرانى أكد تعاون ايران وأمريكا لفرض الأمن والإستقرار بالخليج!!

صياغة التوافقات الإيرانية الأمريكية اقترنت بترتيبات اقتصادية بالغة التأثير على توازنات القوى بالمنطقة، ايران شكت من تأثير العقوبات والمقاطعة على اقتصادياتها، ولوحت بمزيد من الإنفتاح على الصين -أكبر مستورد لنفطها وصادراتها- وروسيا التى زودتها بمحطة نووية وقدرات تكنولوجية، والدولتان تشاركانها التوجهات السياسية فى سوريا والعراق، لذلك تبنت أمريكا الإفراج عن 7 مليار دولار نوفمبر 2013، و550 مليون فبراير2014، وسيتم الإفراج عن 700 مليون شهريا حتى نهاية الشهور السبعة أواخر يونية القادم.

تلويح ايران بالصديق الروسى دفع أمريكا لتقييد دوره، فرفعت انتاجها من البترول الصخرى بمليون برميل/يوم، والسعودية بدورها زادت مثلها للضغط على ايران للحد من تمددها بالمنطقة، فانخفض سعر البرميل خلال عام واحد 23%، بماشكل ضربة قاسمة للإقتصادين الروسى والإيرانى.. تحت وطأة الأزمة لم ترضخ ايران لدعاوى تخفيض سعر الغاز المصدر لموسكو، وبتأثير من مكاسب تحققت على الأرض فى مسار العمليات، لم يبد نظام الأسد تجاوباً مع المبادرة الروسية الأخيرة بجمع الأطراف المتصارعة على مائدة واحدة، محور طهران موسكو بات مهدداً.. بعد زيارة بوتين لأنقرة خفضت روسيا سعر الغاز المصدر لتركيا، سعياً لخلخلة تحالفها مع أمريكا، مانشره موقع ‘‘هيل’’ البريطانى بشأن جلسة الإستماع التى عقدتها لجنة الشئون الخارجية بالكونجرس الامريكي لتحديد حقيقة الموقف التركي من داعش، يؤكد بالفعل ان هذا التحالف معرض لعاصفة، فقد تأكد لها ان 44% من مقاتلى داعش دخلوا سوريا عن طريق تركيا، وبتسهيلات حكومية، لأنها تسعى لزيادة اعداد المقاتلين لنظام الاسد، مهما كان إنتماؤهم، التقرير أرسل للبيت الابيض والبنتاجون، تمهيداً لجلسة مشتركة، ممايفسر إعطاء الأكراد والحكومة العراقية الأولوية للدعم الإيرانى، لما يرصدونه من تطور سريع لعلاقاتها مع أمريكا، مقابل تراجع متوقع للعلاقات الأمريكية التركية، وبالتالى انحسار دورها بالمنطقة.

***

بعد تزعزع نفوذها بمصر وبعض دول الخليج عقب الإطاحة بالإخوان، والخلافات التركية العربية، اتجهت أمريكا لإعادة إحياء الدور الإيرانى بالمنطقة، ضمن «اتفاق شامل» ينهى أزمة النووى، ويوظف ثقلها لخدمة المصالح الأمريكية، مواجهة ذلك لايمكن ان تتم دون استثمار قصور قدرات الإقتصاد الإيرانى، واعتماد نفوذها على الدعم العسكرى والسياسى فقط.. قيام دول الخليج بتمويل برامج تنموية فعالة فى الدول المستهدفة ‘‘اليمن –العراق –سوريا –لبنان’’، هو الوسيلة الوحيدة لإحتواء المد الإيرانى.. تمويل السعودية صفقة الأسلحة الفرنسية للجيش اللبنانى بـ3 مليار دولار.. عزز موقف الحكومة فى مواجهة ضغوط ايران وحزب الله، وضاعف من الثقل الفرنسى التقليدى فى الدفاع عن حرية القرار اللبنانى.. نموذج ناجح ينبغى تكراره بباقى الدول المستهدفة، مع مراعاة الجوانب التنموية.

التعاون الإيرانى الأمريكى كان وسيظل واحداً من عناصر تشكيل التوازنات الرئيسية بالمنطقة، لن يعوقه وصف «آية الله على خامنئي» مرشد الثورة الإيرانية لأمريكا بالـ«الشيطان الأعظم»، ولا إدراج «جورج بوش» الإبن لإيران ضمن «محور الشر».

gtaha2007@gmail.com

 
تعليق واحد

Posted by في 2014/12/10 بوصة غير مصنف

 

حول تعليق خدمات بعض السفارات الغربية بالقاهرة

441

بخصوص حالة التشنج التى يتناول بها بعض المحللين قرارات عدد من السفارات الغربية بتعليق خدماتها العامة للجمهور.. هناك 10 حقائق سريعة ينبغى الإشارة اليها:

1- ان ماتم هو تعليق الخدمات العامة التى تقدمها عذه السفارات للجمهور المتررد عليها، وليس إغلاق السفارة.

2- القرار اتخذ تقديراً من السفارة للمخاطر التى تتعلق بأمن مقرها، لابالمخاطر التى يمكن ان يتعرض لها رعاياها.

3- الجمعة 5 ديسمبر اصدرت الخارجية الأمريكية تحذيرا لموظفي سفارتها بالقاهرة من التحرك في مناطق بعيدة عن منازلهم أو السفر.

4- السبت 6 ديسمبر طلبت الحكومة الاسترالية، من رعاياها، إعادة التفكير في مدى حاجتهم للسفر إلى مصر، مشيرة إلى تقارير حول “تخطيط إرهابيين لشن هجمات على مواقع سياحية ووزارات حكومية وسفارات بالقاهرة”.

5- المتابع على مدى الأيام السابقة يلاحظ على موقع اليوتيوب فيديو يتضمن تهديدات ارهابية لكندا، كما ترددت تهديدات أخرى لبريطانيا ودول غربية أخرى، لوقف مشاركتهم فى غارات التحالف.

6-   ونشير الى ان الضغوط التى يمارسها الجيش على الجماعات الإرهابية فى سيناء قد دفعت بعضهم للتسلل الى المدن وعلى رأسها العاصمة.

7-  كما نشير الى محاولات الإخوان المتكررة دون ملل تنظيم مظاهرات تستهدف بصفة رئيسية محيط ميدان التحرير، حيث تقع سفارات امريكا واستراليا وانجلترا وكندا.

8- يوم الأحد 7 ديسمبر علقت السفارة البريطانية الخدمات العامة، لكنها لم تغلق السفارة، كما لم تعدل نصائح السفر.

9-  يوم الإثنين 8 ديسمبر علقت السفارة الكندية هى الأخرى خدماتها العامة.

10- “رويترز” نقلت عن مصدر أمني ان الخطط التي كشف عنها أحد المقبوض عليهم من الإرهابيين، هي السبب الحقيقي وراء اغلاق السفارات بالقاهرة، كما نقل عن مصدر أمنى بمديرية أمن القاهرة أن أكثر من 75% من سفارات الدول الأجنبية طلبت مضاعفة خدمات التأمين، وبعضها طلب غلق الشوارع المحيط به.

معنى ذلك اننا ينبغى ان لاننظر للأمر فى ضوء نظرية المؤامرة، الدول الغربية جزء منها منها شارك فى صنع التنظيمات الإرهابية التى تعمل بالمنطقة، والجزء الآخر يخترقها حتى النخاع، ودعونا نتذكر انه فى نهاية فبراير 2014 طلبت المانيا من رعاياها فى جنوب سيناء مغادرتها، ووضعت شركات السفر خطة لترحيلهم استغرقت قرابة 10 أيام، الا ان بعض السائحين رفض المغادرة.. قبل انفجار الحافلة السياحية قرب منفذ طابا مباشرة هبطت طائرات المانية بمطار شرم الشيخ وتم ترحيل فورى لمن تبقى “من الرعايا الألمان، لذلك ينبغى ان نأخذ تحذيرات الدول الغربية بكل الجدية، الدول الغربية هى من صنعت منظمات الإرهاب، و”أهل مكة أدرى بشعابها.

وزارة الخارجية لم تتعامل مع الموقف بالجدية الكافية، المتحدث الرسمى عبد العاطي أفندى صرح بأن (الجانب البريطاني لديه معلومات تفيد باحتمالية تنفيذ عمل ما بالقرب من مقر سفارته بالقاهرة، ومن الطبيعي أن تتخذ أي سفارة مثل هذا الإجراء الاحترازي في حالة وصول أي تهديد إليها)، وأضاف “لكل دولة الحق في اتخاذ الاجراءات الأمنية اللازمة لتأمين مقار بعثاتها والأفراد العاملين بها وذلك وفقا لاتفاقية فيينا”، والغريب انه لم يشر الى ان تأمين مقرات السفارات هى مسئولية دولة المقر.. وهكذا لم يتم التعامل مع الموقف بالجدية الكافية الا عندما اعلنت السفارة الكندية وقف خدماتها، بعدها أكد مصدر أمنى مسئول بوزارة الداخلية المصرية، أن هناك تنسيقا يجرى بين مسئولى الوزارة، والمسئولين فى وزارة الخارجية، لبحث الموقف مع السفارتين البريطانية والكندية.

الخلاصة.. التحذيرات الأمنية التى تصدرها السفارات ينبغى ان تؤخذ بكل الإحترام والجدية ولانقلل من شأنها، خاصة وانها تتعلق بأمن مقراتها فى محيط التحرير، المستهدف بالفعل، ولاعلاقة لها بالأوضاع الأمنية فى مصر.. متى ننقل كافة السفارات الى أحياء متخصصة للسفارات أسوة بالعديد من الدول المتقدمة؟!

 
أضف تعليق

Posted by في 2014/12/08 بوصة غير مصنف

 

العراق.. بين إعادة الهيكلة، والعودة للإقليم

03_59_09

سباق مع الزمن بين الولايات المتحدة والعراق.. الجنرال مارتن ديمبسى رئيس الأركان إعترف بأن القوات العراقية ‘‘تتدبر أمرها أفضل بكثير’’ بعد ان كان تقديرهم فى يولية الماضى ‘‘انهم يحتاجون من ثلاث الى خمس سنوات’’، أوباما سارع بزيادة عدد قواته بالعراق الى 3000، يعكفون على إقامة قواعد وغرف عمليات ومراكز مخابرات، خاصة بالمنطقة الكردية، دعماً للتواجد الأمريكى، قبل ان يتراجع خطر «داعش»، فالموقف بالعراق يتحسن نسبياً منذ إزاحة المالكى.. إعادة هيكلة الجيش والشرطة تحظى بالأولوية.. والمعارك مع الدول المجاورة يتم انهاؤها بحكمة، ليتفرغ العراق لمواجهة أزمة تهدد كيانه…

***

أسامة النجيفى نائب الرئيس شكل مجلسا عسكريا، معظم أعضاؤه من سُنة الموصل، يتبنى خططاً لإعادة بناء الجيش على أساس الكفاءة والوطنية، لاالطائفية، إختيار خالد العبيدى وزيراً للدفاع يأتى ضمن هذا الإطار.. بكالوريوس هندسة طيران، ماجستير علوم عسكرية، دكتوراه علوم سياسية، القيادات المرتبطة بالمالكى لم تبد إرتياحاً، مايفسر قرارات 12 نوفمبر بإعفاء 26 من مناصبهم وإحالة 10 آخرين للتقاعد، بينهم رئيس الأركان ومعاونيه، الأمين العام للوزارة، قادة عمليات الفرات الأوسط والأنبار، والقوات البرية والمخابرات، وتعيين 18 قائدا في مناصب جديدة، معظمهم شاركوا في تحقيق الأمن النسبي خلال 2009/2010، ثم أبعدوا نهاية 2011، موازنة الدفاع ترتفع العام القادم الى 23 مليار دولار بدلاً من 7,9 مليار 2013، العبيدي يسعى للحد من الإعتماد العسكرى على ايران، ويرفض الإشراف الأمريكى على قيادات وعمليات الجيش .. تطهير جرف الصخر وبيجي وبلدات بديالى والأنبار واجزاء من تكريت مؤشرات ايجابية لسير المعارك، رغم الصعوبات.

 إشكالية ‘‘ميليشيات الحشد الشعبى’’ الشيعية، التى تجاوزت المليون، وتسبب قلقاً للسنة بتجاوزاتها، وللغرب بما يتردد عن إشراف الجنرال قاسم سليماني قائد ” فيلق القدس ” بالحرس الثوري الإيرانى عليها، فى طريقها للحل، الجيش أدمج 200 الف منهم ضمن تشكيلاته، وجارى هيكلة وزارة الداخلية لتتولي الملف الأمني ببغداد، بدلاً من الجيش، وتوجيهات بالحزم فى منع حمل السلاح خارج إطار الدولة.

***

إعادة العلاقات العراقية مع دول الجوار لمسارها الصحيح القائم على تبادل المصالح والتعاون الأمنيِّ والسياسيِ والاقتصاديّ هو التحدى الذى يخوضه العراق.

بعد توليه رئاسة الحكومة كانت اول الزيارات الخارجية للعبادى الى الأردن، أعقبها زيارة نائبه إياد علاوى، العراق يدرك أهمية الأردن الإستراتيجية ولذلك يسعى لإحتواء سلبيات استضافتة لمؤتمر القوى السنية المعارضة يولية 2014، الذى كان أحد عوامل الإطاحة بالمالكى، الأردن يمتلك عناصر قوة.. إستضافة اكثر من مليون لاجىء من صفوة المجتمع العراقى، علاقات خاصة مع السنة، موقع استراتيجى شكل منفذاً إبان فترات المقاطعة الدولية.. سيطرة «داعش» والأكراد على كافة المناطق الحدودية مع سوريا وتركيا، وفقدان معظم حقول ومصافى النفط بالشمال، فرض على العراق تنشيط بعض المشروعات الإستراتيجية المؤجلة مع الأردن.. مشروع انبوب النفط من حقول الرميلة بالجنوب لميناء العقبة، مشروع للسكك الحديدية بتكلفة 4,3 مليار دولار، تأمين ممرات حدودية لإستئناف تصدير النفط العراقى المتوقفة منذ عام، وللمواد التموينية والخضروات والفاكهة الأردنية، والتعاون الأمنى للإستفادة من كفاءة المخابرات الأردنية فى اختراق التنظيمات الإرهابية بالمنطقة.

العلاقات العراقية السعودية، تعتبر حجر الزاوية فى عودة العراق للإقليم، فاجتياح القوات العراقية للكويت أغسطس 1990، كان واحداً من أهم التطورات التى أدت لتدهورها، زلزال «داعش» حلحل الموقف ودفع الطرفين لمراجعة شاملة لعلاقاتهما الإقليمية.. بعد قطيعة كاملة، وإغلاق للسفارات، طال قرابة 25 عاماً، فؤاد معصوم رئيس جمهورية العراق فى ضيافة العاهل السعودى 11 نوفمبر، وسليم الجبوري رئيس مجلس النواب فى ضيافة رئيس مجلس الشورى 18 نوفمبر، اتفاق على تطبيع العلاقات، والتنسيق وتبادل المعلومات فى مجال مكافحة الإرهاب، والحرب على التطرف، ومهمة قريبة لوفد امنى سعودى لبغداد تمهيداً لفتح السفارات وبحث تبادل السجناء، أما مسألة تأمين 800 كيلومتر من الحدود المشتركة فقد قامت السعودية بتوسيع المنطقة العازلة لتصبح 25 كيلومتر، بدلاً من خمسة، وأسندتها -ضمن كامل حدود المملكة- لشركة الأنظمة الدفاعية والجوية الأوروبية (EADS) لإقامة سياج أمني متعدد المراحل ومراقب بالرادار ووسائل المراقبة المتطورة، وبالنسبة للعلاقات الاقتصادية تأتى إعادة تشغيل أنبوب نقل النفط العراقي إلى ميناء ينبع كأحد بدائل توقف صادرات النفط العراقى عن طريق تركيا.. إنجاح التحول العراقى تجاه السعودية بعد سنوات من المواجهة، فرض إيفاد نورى المالكى نائب الرئيس لإيران ليطمئنها بشأن زيارة معصوم للرياض، فى الوقت الذى توجه فيه معصوم للنجف الأشرف ليحصل على مباركة علي السيستاني المرجع الأعلى لشيعة العراق.

العلاقات مع تركيا شهدت تحركات نشطة لتجاوز سنوات من التوتر والفتور نتيجة قيام تركيا بتصدير نفط اقليم كردستان بعيداً عن الحكومة الاتحادية، وسعيها لإسقاط نظام الأسد الذى ساندته العراق، الجعفرى وزير الخارجية زار أنقرة 5 نوفمبر، أعقبها زيارة أوغلو رئيس الوزراء لبغداد 21 نوفمبر، كأول رئيس وزراء منذ 2009، والعبادى سيردها فى ديسمبر، نتائج بالغة الأهمية للزيارات.. إحياء اتفاقية التعاون الإستراتيجي الموقعة 2009، التعاون بين أجهزة المخابرات فى مجال مكافحة الإرهاب، مساعدة تركيا للعراق فى التدريب والتسليح خاصة فيما يتعلق بتأهيل المتطوعين العراقيين، توسيع وتطوير العلاقات الإقتصادية التى تبلغ 12 مليار دولار، 8 منها مع كردستان، التى تنشط بها 1500 شركة تركية، واكثر من 100 الف تركى، اما مشكلة تصدير النفط فقد اتفق على انها مشكلة عراقية يتم تسويتها بالإتفاق بين الحكومة المركزية فى بغداد والحكومة الكردية فى اربيل.

الجبورى زار الكويت نهاية أكتوبر للتأكيد على ضرورة طي صفحة الماضي وتعزيز العلاقات، بعده قام الجعفرى وزير الخارجية بأول زياراته الخارجية للكويت، التقى الأمير ورئيس الوزراء ووزير الخارجية ورئيس مجلس الأمة حاملاً نفس الرسالة.. العراق أوفد محمد الغبان وزير الداخلية الى قطر لتمثيله فى المؤتمر الدولي لتحديات الامن وحقوق الإنسان بالمنطقة العربية، بعد ان دأب على مقاطعة المؤتمرات والمنتديات التى تعقد بالدوحة، لإتهامها بدعم الإرهاب على أرضه، فى 5 نوفمبر وعلى هامش المؤتمر التقى برئيس الوزراء ووزير الداخلية القطري عبد الله بن ناصر آل ثاني، كما قابل وزير الدولة للشؤون الدفاعية اللواء الركن حمد العطية، لبحث سبل تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، واتفقا على تشكيل لجنة لتطوير التعاون الأمنى.. الإمارات هى الوحيدة داخل الإقليم التى اقتصرت الإتصالات معها على مجرد اتصالات تليفونية بين قادة الدولتين لتبادل عبارات المجاملة، احتج بعدها العراق على إدراج عدد من الجمعيات الشيعية [منظمة بدر التي يتبعها الحشد الشعبي، لواء اليوم الموعود، عصائب أهل الحق] ضمن التنظيمات الإرهابية الـ83 التى أعلنتها الإمارات.

***

          العراق التقم الطعم الأمريكى مرتين.. الأولى عندما دفعته للحرب ضد إيران 80-1988 ليتبادلا تحطيم آلاتهما العسكرية عقب إسقاط الشاة، والثانية عند غزوه للكويت ليعطيها مبرراً للإجهاز عليه.. إعادة هيكلة الجيش على أسس وطنية مهنية، والمحاولات الناجحة للعودة للإقليم، هل تكون بداية لتصحيح المسار وإحداث تغيرات استراتيجية تنعكس ايجاباً على الأوضاع بالمنطقة؟! ام ان حجم الإختراق داخل مؤسسات الدولة العراقية عصى على الإصلاح، والمبادرة بتغيير العلاقات البينية بالإقليم لم تعد بيد أهله؟! تساؤلات مستحقة، جديرة بالتناول.

gtaha2007@gmail.com

 
أضف تعليق

Posted by في 2014/12/04 بوصة غير مصنف