يوم 25 يناير 2014 تناقل عدد من شباب الإخوان مقترح “اشعال ثورة الظلام، لإسقاط النظام دون مواجهة او تعرض للقتل، بحرق محولات الكهرباء في الشوارع، لشل الدولة”، فى اليوم نفسه تم تفجير الكشك المجاور لمعهد مندوبى الشرطة بعين شمس.. يوم 27 يناير نشر موقع “رصد” بعنوان “حرق محولات الكهرباء.. بين الرفض القاطع والموافقة بشروط” نتيجة استطلاع اجراه حول التجربة اوضح فيه ان بعض شباب الإخوان تحمس للفكرة، والآخر رفضها تجنبا للسخط، بينما رأى البعض الثالث تنفيذها بشكل إنتقائى على محولات تغذية مديريات الأمن ومدينة الانتاج الإعلامى والأماكن الحيوية.. بعد مرور اربعة ايام بدأ التنفيذ (تفجير3 أكشاك بداية فبراير بالحي السابع بمدينة نصر -إلقاء وايرات حديد على كابلات الضغط العالى بقرية البصارطة مركز دمياط يوم 5 مارس ماأدى لإنفجار كشك الكهرباء وقطع التيار -حرق3 أكشاك يوم 22مارس بمدينة أوسيم الجيزة -تخريب “11” كشك بالمحلة الكبرى خلال النصف الثانى من مارس).
فى11 فبراير بدأ استهداف ابراج كهرباء الضغط العالى، حيث تم تخريب برج قرية الحمر التابعة لمركز بسيون بالغربية، الرابط بين محافظات الدقهلية والغربية والبحيرة، 16مارس تم تخريب كابلات3 ابراج تغذى منطقتى الصف وأطفيح بالجيزة، وأحرقت الزراعات التى تمر بها وعدد من المنازل، وفى نفس اليوم نجح أهالي الهرم فى الإمساك بثلاثة من المخربين قاموا بزرع 9 عبوات ناسفة أسفل الأبراج المُغذية للهرم وفيصل وأبو النمرس والحوامدية ومنيل شيحة وإمبابة، نجحت أجهزة الأمن فى ابطال مفعولها، أكد استجواب المتهمين انتماؤهم للإخوان، وارتباطهم بمحمود فتحى رئيس حزب الفضيلة السلفى الهارب لتركيا، الذى يتولى تمويلهم.. فى 30 مارس تم احباط محاولة اخرى لتفجير ابراج الضغط العالى بالفيوم.
فى13 فبراير كشف محافظ دمياط عن مخطط ارهابى لإحراق اكشاك الكهرباء وكابلاتها بمراكز وقرى المحافظة، وفى اليوم التالى تم ضبط خمسة من “الإخوان” بشركة كهرباء زاوية غزال بدمنهور، متلبسين بالتخطيط لقطع الكهرباء عن بعض المناطق السكنية لإثارة البلبلة وتحريض الأهالى ضد الحكومة، كما القى القبض فى 16 فبراير علي13 إخواني بينهم11 يعملون بمحطة كهرباء أبو سلطان لتورطهم في قطع الكهرباء عن الإسماعيلية، وفى 25 فبراير كشفت الداخلية عن القبض على12 من الإخوان لتورطهم فى تفجير20 محول بمدينة نصر، والسويس، والبحيرة، وفى7 مارس تم القبض على عصابة قامت بسرقت الأعمدة النحاسية والكابلات من “17” كشك بمنطقة العبور.
فى 8 ابريل تم ضبط خلية من “انصار الشريعة” اعترفت بمسئوليتها عن تدمير محطة كهرباء الوحشى ولوحة توزيع ابوطويلة بالشيخ زويد شمال سيناء، وتخطيطهم لإستهداف عدة محطات ولوحات خلال احتفالات تحرير سيناء، فضلاً عن اعترافات المتهمين فى قضية “العنف والإرهاب” المتورط فيها محمد الظواهرى بأن نبيل المغربى المتهم الثانى كلفهم برصد محطتى كهرباء شمال القاهرة والوراق والمركز القومى للتحكم فى الطاقة فى إطار السعى لتعطيل شبكات الكهرباء بعد فض الإعتصامات.
***
الغريب ان المسئولين بالكهرباء يتجاهلون كل تلك الجرائم العمدية الموثقة، ويقدمون مبررات للأعطال لاعلاقة لها بالواقع، أكثم ابوالعلا وكيل الوزارة والمتحدث الرسمى يوجه الإتهام لـ8 مليون “بويلر” مستورد لإعداد الشاي والقهوة، تستهلك مايعادل انتاج السد العالي من الكهرباء!!.. م.صباح مشالى وكيل اول الوزارة القت بالمسئولية على المواصفات السيئة للسولار المستورد الذى يفترض انه يخضع لمواصفات عند استيراده ومراجعه عند استلامه، أما “مصدر” بقطاع الصيانة بالوزارة رفض ذكر اسمه فقد ارجع تكرار انفجار أكشاك الكهرباء الى “الفيوزات” التالفة التى تم استيرادها من اسرائيل عبر صفقة شابها الفساد والرشوة.
د.سامر مخيمر المتحدث الرسمي لإئتلاف مهندسي الكهرباء يرى إن الأزمة نتيجة طبيعية لإحتراق محطة “التبين”، ووقوع أعطال كارثية في 5 محطات خرجت من الخدمة بمجرد استلامها لعيوب فى المواصفات الفنية، ونقص قطع الغيار، بما سيضاعف من العجز خلال الصيف المقبل الى اربعة اضعاف ماهو عليه، واشار الائتلاف الى ان القصور فى إجراء العمرات يؤدى لفقدان قرابة 3500 ميجاوات يومياً وهي كمية يمكنها تغطية نسبة كبيرة من العجز، اما ائتلاف “العاملون بوزارة الكهرباء والطاقة” فقد وجه الإتهام الى4 قيادات و1200 موظف ينتمون للإخوان، بعضهم طلاب تم تعيينهم خلال حكم المعزول، والبعض الآخر ممن شاركوا في الإعتصامات ولم تتخذ بشأنهم اجراءات رادعة.
***
:أزمة انقطاع الكهرباء تتجاوز كونها مجرد قصور فى خدمة تقدمها أحد مرافق الدولة، لتحتل موقعاً متقدماً ضمن اولويات الأمن القومى المصرى
اولاً: ان التخريب الموجه لأكشاك وأبراج ومحطات الكهرباء هى عمليات ممنهجة، تنفذها خلايا تابعة للإخوان، بهدف تخريب الشبكة القومية، وهى تعتمد على تكتيكات بسيطة.. بالنسبة للأكشاك: إما قنابل محلية الصنع، اوالقاء السولار والبنزين على الأكشاك ثم اشعالها بالمولوتوف، والإعتماد على لصوص محترفين لسرقة النحاس والكابلات، اما الأبراج: فيتم تفكيكها، اووضع عبوات ناسفة من انابيب البوتاجاز وتفجيرها بإشعال إطارات اوبدوائر تحكم عن بعد، بخلاف القاء وايرات على الكابلات لإغلاق الدوائر وتفجيرها.
ثانياً: ان الخطورة ترجع الى ان قطع الكهرباء له مردود سياسى على مدى قبول الرأى العام اورفضه لنظام الحكم القائم، بغض النظر عن توجهاته الإيديولوجية والتنظيمية، ونذكر بأن تفاقم الأزمة ابان حكم مرسى ادى لإتساع نطاق الرفض الشعبى واسقاطه.
ثالثاً: كما يؤدى ذلك الى نتائج اقتصادية تتعلق بخفض معدلات الإنتاج ونشير هنا الى ان العديد من أصحاب مصانع الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى اصبحوا مهددين بالإفلاس بسبب الإنقطاع المتكرر للتيار، فضلاً عن النتائج الإنسانية المتعلقة بتأثر المستشفيات وغرف الرعاية المركزة والحضانات.
رابعاً: إن 50% من المشتركين يمتنعون عن سداد الفواتير منذ30 يونية دون فصل الخدمة عنهم، وهو أمر ينبغى حسمه تخفيفاً لأعباء الدولة، وفرضاً للعدل بين المواطنين.
خامساً: ان تواجد جماعات ارهابية وعصابات اجرامية مسلحة، يجعل من الإنتظام فى قطع الكهرباء او تحديد مواعيد معلنة لهذا القطع يمثل خطراً داهماً على المواطنين والمنشآت، ونشير هنا الى ماحدث فى نيويورك 1977 من جرائم ابان قطع الكهرباء وصلت الى نهب 1616 محل عام بخلاف الحرائق العمدية لإثارة الزعر والفوضى.
سادساً: ان دراسة ماتم من عمليات يؤكد ان المنفذين ليسوا من الإرهابيين المحترفين، والعملية لاتتطلب سوى ادوات محلية بسيطة، وبتكلفة محدودة، مماينبغى معه التحسب لإحتمال اتساع نطاق العمليات خاصة ابان شهور الصيف.
سابعاً: على أجهزة الأمن سرعة التدخل لتطهير قطاع الكهرباء من القيادات والعناصر المخربة اوالفاسدة بناء على تحريات موضوعية.. الأمر يتعلق بأمن الدولة المصرية، بما ينبغى معه تجاوز تقديرات ونتائج تحقيقات الجهة الإدارية.
ثامناً: كما ينبغى على هذه الإجهزة وضع خطة تأمين مشتركة وشاملة لأبراج الضغط العالى وكابلاتها، والمحطات، واكشاك الكهرباء، بتأمين حرم لكل منها وبناء اسوار خرسانية وابواب مؤمنة، وبالرقابة الإلكترونية والكاميرات، بخلاف دوريات التأمين البرية والجوية.
تاسعاً: ضرورة المبادرة بسرعة توصيل عدادات كودية كبديل للتوصيلات بنظام “الممارسة”، لأن هذا النظام يمثل تحايلاً لإدخال الكهرباء للعقارات المخالفة، ونظراً لأنه يقضى بسداد مبلغ ثابت كل ثلاثة شهور بغض النظر عن حجم الإستهلاك فقد ادى الى الإسراف الى حد انارة بعض الحقول للعمل ليلاً.
عاشراً: كذلك ينبغى تدخل الجهات القضائية للتحقيق فيما يتردد عن ان التأخر فى استيراد الغاز لايرجع فقط لقصور فى التمويل، وانما بالأساس لأن سعر استيراده 13 دولار فى الوقت الذى تبيعه مصر بـ٦ دولار.. وان عملية الإستيراد تفجر تلك القضية.
***
انقطاع الكهرباء ظاهرة متعددة الأسباب، لها علاقة مباشرة بالأمن القومى، وبأمن المواطن، وباستقرار نظام الحكم، عمليات ارهاب منظم، اختراق وفساد لمؤسسة خدمية.. فمتى نرى الدولة تواجهها بما تستحقه من جرأة وحسم وشفافية؟