RSS

Monthly Archives: أكتوبر 2018

هل تحلق الكويت بعيداً عن الخليج؟!

44294136_487799791720556_8498372151311597568_n

ترامب هدد أعضاء «أوبك» بالشرق الأوسط: «عليكم سداد فواتير حمايتكم».. وفى نفس اليوم أصدرت الخارجية الأمريكية، تقريرا يتضمن تفاصيل التهديدات الإيرانية لجيرانها، خاصة المتعلقة ببرامجها الصاروخية، ومخزوناتها الضخمة.. التقرير يوصى برفع درجات الحذر، وإحكام الإجراءات الدفاعية، لكن ماتيس وزير الدفاع قرر فى اليوم التالى مباشرة 26 سبتمبر، سحب أنظمة «باتريوت» للدفاع الجوى والصاروخى من الكويت والأردن والبحرين، بحجة إعادة تنظيم القوات والقدرات العسكرية الأمريكية، لمواجهة التهديدات المستقبلية، من الصين وروسيا، وهو إجراء يحرم هذه الدول من مظلة الحماية المضادة للصواريخ البالستية، ويحرك الأطماع الإقليمية والدولية فيها.. أزمة خاشقجى فى استانبول بدأت 2 أكتوبر، حاملة نفس رسائل الضغط والإبتزاز، بن سلمان رد فى 5 أكتوبر «السعودية لن تدفع في الوقت الراهن أي شيء مقابل أمنها«، لكن إحكام الخناق عليها سيجبرها على الدفع.. المنطقة العربية تعيش مأساة مروعة؛ أمريكا وهى تنسحب من المنطقة، تسعى لنهب أموال الخليج، بإثارة مخاوفه من إنكشاف دفاعاته، أمام التهديدات الإيرانية، حتى تجبره على اللجوء لأدواتها البديلة للحماية «إسرائيل وتركيا».

الكويت منذ أحداث الغزو العراقى لأراضيها تحركها هواجس الخوف، وبعد أزمة قطر مع الرباعى العربى تضاعفت مخاوفها الأمنية، خاصة وان تأثير التيار المؤيد للإخوان أوجد تعاطفاً مع الدوحة.. حاولت الموائمة بين ضغوط الداخل وتوازنات الإقليم، فلعبت دور الوسيط الساعى للحل، وهو نفس الدور الذى حاولت ان تلعبه تركيا فى البداية، لكن الأمور تطورت، وإستجابت أنقرة لطلبات الدعم التجارى واللوجستى، لتعويض انخفاض مخزون الأغذية بالأسواق القطرية، إعتماداً على الشحن الجوى، مما ضاعف ثقة الكويت فى جدوى الإنحياز لها، وضرورة تطوير التحالف العسكرى معها، خاصة وان عضويتها بحلف الناتو، قد يشكل ضماناً دولياً، وهى نفس النظرة التى تحكم قطر.. ولنتذكر ان وجود الشيخ جابر المبارك رئيس الوزراء الكويتي، خلال أول زيارة خارجية قام بها أمير قطر لانقرة منتصف سبتمبر 2017، لم يكن مصادفة، وزيارة أردوغان للكويت وقطر فى نوفمبر، كانت مقدمة لتشكيل محور ثلاثى.

تفاجئنا الكويت بتعزيز إجراءات الانتقال نحو ربط امنها الاستراتيجى بقوى خارجية غير عربية، أول خطواتها كانت إعلان تأجير جزيرتى فيلكا وبوبيان للصين لمدة ٩٩ سنة يوليو الماضى، لتستثمر فيهما ٤٥٠ مليار دولار، وتتولى حمايتهما أمنياً واستراتيجياً، فى إجراء يعزز أمن الكويت، فى مواجهة الأطماع الخارجية، ويضيف بعداً جديداً للتوازن الدولى والإقليمى.. الثانية، فى نهاية إجتماعات الدورة الخامسة للجنة التعاون العسكرى مع تركيا 10 أكتوبر الجارى، عندما إعلنت توقيع اتفاق عسكرى مشترك، يتضمن خطة عمل للتعاون المشترك لعام 2019، تستهدف توحيد وتطوير المفاهيم، وتبادل الخبرات، وتعزيز التنسيق والانسجام، وصولاً الى تحقيق منظومة عمل عسكرى موحدة!!.. وذلك فى نفس الوقت الذى كان فيه اللواء سالم نواف الأحمد الصباح في أنقرة، يبحث مع عبد الله كوجم قائد قيادة الدعم اللوجستى بقوات الدرك التركية، تعزيز التعاون الأمني بين البلدين في مجال تبادل الخبرات والتدريب.. إجراء لم يأت من فراغ، بل كان إمتداداً لمذكرة التفاهم حول التعاون العسكري بين الكويت وتركيا التى وقعها الشيخ صباح الأحمد أمير الكويت فى أنقرة مارس 2017، والإتفاقات التى وقعها رئيسا وزراء الدولتين بأنقرة سبتمبر 2017، وكان أبرزها اتفاق التعاون الأمني في مجال التعليم والتدريب بين الحرس الوطنى الكويتى، والقيادة العامة لقوات الدرك بتركيا، ومذكرات تفاهم في مجالى الطيران المدنى، والاتصالات وتقنية المعلومات.. ناصر الدويلة، البرلمانى ومستشار وزير الدفاع سابقاً، دعا إلى «إدخال الجيش التركي إلى الكويت بأقصى سرعة، لأنه يمثل المعادل الاستراتيجي الأكثر ضماناً وأمناً»، مما أثار ردود فعل متباينة فى الداخل الكويتى.

لابد ان نسلم، حتى لو كان القول يسوء، بأن معظم دول الخليج سبق ان راهنت على تركيا، رهاناً فى غير موضعه، نتيجة للقصور، فى قراءة التاريخ، وتفهم السياسة، وتقدير الإقتصاد.. الرؤية الإستراتيجية لسياسات القوى الدولية والإقليمية لدى دول الخليج، عانت تشوهات ينبغى المسارعة فى علاجها.. فلا أمريكا يمكن ان تكون حليفاً فى ظل قيادة تتعامل مع السياسة الدولية بمعايير الصفقات، ومنطق الإبتزاز، وإنعدام القيم والأخلاقيات.. ولا تركيا العلمانية بكل أطماعها العثمانية فى دول المنطقة، خاصة دويلات الخليج، يمكن ات تشكل طرفاً لتحالف سنى، أو مركز آمن للإستثمار، أو مظلة حماية.. ثم كيف لم يلحظ أحد ماطرأ من تغيرات على أهداف وتطلعات السياسة الخارجية التركية، بعد فقدانها الأمل فى ان تصبح عضوا بالإتحاد الأوروبى، والتى كان ابرزها التوجه نحو الخليج بكل ثرواته، والإختراق الإقليمى لكلاً من سوريا والعراق.. الحقيقة المؤكدة التى ينبغى إستيعابها، ان التمدد الجيواستراتيجى لتركيا بالمنطقة يقف فى صدارة اهدافها، ومالم نتعامل معه بتضامن مشترك وحزم، فلن نتمكن من وضع حد له مستقبلاً.

الوجود التركى فى الخليج أصبح واقعاً يجمع قطر والكويت فى إتجاه رؤية سياسية واحدة، وتفاهمات ومصالح مشتركة، ومن غير المستبعد ان يشكل مستقبلاً تحالفاً سياسياً وعسكرياً، وهو خسارة كبرى لدول الرباعى العربى، بل وتحدٍ كبير، لأن الكويت وهى تطور التعاون العسكرى مع تركيا، تدرك ان تعاون قطر معها، والذى أثمر عن الوجود العسكرى التركى بقاعدة الريان، شكل بنداً رئيسيًا ضمن مطالب دول الحصار العربى الـ13، والذى أشار صراحة الى ضرورة إغلاق القاعدة.. إذن فهى تدرك مدى حساسية هذا التعاون وخطورته وتبعاته.. الكويت تمدد نفوذ انقرة بالخليج، لا على حساب النفوذ الإيرانى فحسب، وإنما على حساب المصالح المصرية، وتجاهلاً لإلتزامات «مسافة السكة»، وخصماً من النفوذ السعودى، ومساساً بفعالية محور الرياض/أبوظبى، فضلاً عن انها تضع مجلس التعاون الخليجى فى إنتظار رصاصة الرحمة، ناهيك عن انها توقع العراق بين فكى الكماشة التركية، من الشمال والجنوب.

إنضمام الكويت الى المحور التركى القطرى، يعزز من دور إخوان الداخل الكويتى، ونشاط إخوان المنطقة، ويعكس ظلاله على المواقف السياسية المتعلقة بعدد من الملفات الرئيسية ، أهمها الموقف فى سوريا، الموقف من حماس.. العمل العربى المشترك عجز عن عزل تركيا، مما سمح لها بإستقطاب مزيداً من الحلفاء، وإختراق منطقة الخليج، إحدى دوائر الأمن القومى المصرى، وقلب الأمن القومى السعودى والإماراتى.. هل تدركون خطورة ذلك؟!

 
أضف تعليق

Posted by في 2018/10/18 بوصة غير مصنف

 

جمال خاشقجى أسرار الأزمة، وماورائها

جمال-خاشقجي-بن-سلمان-السعودية

كنت فى غنى عن فتح باباً قد يصيبنى من وراؤه الصداع والإزعاج.. كنت أول من رحب بالإنقلابات التى تمت فى المملكة، على مستوى سياساتها الإقليمية، وعلى نطاق مؤسساتها وإجراءاتها الداخلية، وذلك منذ ان تبوأ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان عرش المملكة.. لكن هناك حقائق تاريخية لا موضع للجدل بشأنها؛ وحدة المملكة رهناً بوحدة الأسرة الحاكمة، وفعالية الآليات التى وضعتها الأسرة لتداول العرش، ولتوزيع المناصب، والمكاسب، مما يفسر كيف ان المملكة هى الدولة الوحيدة فى العالم التى تحمل إسم مؤسسها، دون منازعة من أحد، ذلك أن الجميع يدرك ان حكم هذه الأسرة، ووحدتها، هى صمام الأمن لوحدة تلك الدولة الصحراوية مترامية الأطراف، وكذا لأمن وإستقرار المنطقة.

الفريق أول ركن خالد بن سلطان نائب وزير الدفاع السابق، خريج أكاديمية سان هيرست البريطانية، واكاديميات فورت ليفنوورث للقادة والأركان، وماكسويل الجوية، ومونترى البحرية بالولايات المتحدة، عندما كان قائدا للقوات العربية في عملية عاصفة الصحراء، تم تحرير الكويت 1991، وعندما قاد الحملة العسكرية ضد الحوثيون 2009 أجبرهم على توقيع هدنة 2010، ولكن عندما يكون من لم يقض مدة الخدمة العسكرية الإلزامية، متولياً لوزارة دفاع لديها ثالث أكبر ميزانية على مستوى العالم، ومسئولاً عن الحرب الراهنة ضد الحوثيين، فليس غريباً مانراه من تورط، يعلم الله متى وكيف ينتهى.. والغريب ان يخوض حرباً، نؤيدها، ضد المؤسسة الوهابية، دون مراعاة ان هذه المؤسسة شريكة تأسيس للمملكة، وهى أقوى من كل مؤسساتها، مما يفرض وضع خطة على مدى زمنى طويل، لا مجرد إجراءات ذات طابع عصرى، تضعه هدفاً لهذه المؤسسة العتيقة، وقد تنتهى بتخلصها منه.. ثم الإطاحة بمقرن كولى للعهد، ومن بعده، بن نايف، وإهدار دور هيئة البيعة السعودية، واحتجاز عدد كبير من أكبر رجال الأعمال بتهمة الفساد وغسيل الأموال، بينهم مسئولين كبار فى دول أخرى!!.. إجراءات تتصف بالرعونة، وتحمل الكثير من التجاوزات، وسوء الإدارة، على نحو لم تعرفه المملكة على مدى تاريخها، مما يفسر إنتقالها من ورطة لأخرى.. آخرها أزمة إختفاء جمال خاشقجى بالقنصلية السعودية فى استانبول.. سنلقى نظرة سريعة عليها، إستناداً لحقائق أيسر مما تحتمل الجدل.. وغداً ستكون مادة لتداول الصحافة ووسائل الإعلام.

كنت أول من تصدى للدفاع عن موقف المملكة فى قضية جمال خاشقجى، قبل ان تتسرب الحقائق، ويجبرنى التزامى الموضوعى، وولائى للحقيقة، على تغيير قناعاتى.. الواشنطن بوست اكدت أن المخابرات الأمريكية – من خلال مركز التنصت التابع لها فى تركيا، والذى يعتبر الأكبر على مستوى العالم – رصدت اتصالات مسؤولين سعوديين يناقشون خطة لخداع خاشقجى، وإستدراجه الى المملكة، للتحقيق معه.. خاشقجى ليس فقط ذلك الصحفى ذو التاريخ المتميز بالصحافة السعودية والعربية والأمريكية، ولا الإعلامى الشهير بالفضائيات العربية، ولكنه شغل عدة مناصب كان ابرزها مستشاراً لتركى الفيصل رئيس المخابرات السعودية السابق، ومقرباً لسعود الفيصل وزير الخارجية، والأمير الوليد بن طلال، وكان لسان المملكة فى الدفاع ضد ما توجه لها من إتهامات بدعم الإرهاب بعد أحداث نيويورك سبتمبر 2011، ولكن بعد وصول محمد بن سلمان للسلطة، تم منع كتابه «علاقات حرجة: السعودية بعد 11 سبتمبر»، وفرضت عليه قيوداً انتهت بخروجه من البلاد، وإقامته فى أمريكا، لكنه تعاون مع قطر وتركيا، وأصبح واحداً من الرموز المدافعة عن الإخوان، التى توجه سهامها السامة لكلا من السعودية ومصر.

فى عهد ترامب، كل شىء قابل للبيع، حتى لو تعلق بالبشر.. المعلومة وضعت على منضدة التفاوض الأمريكى التركى، المتعلق بالقس أندرو برونسون، ومعها التفاصيل المتعلقة بوفد أمنى سعودى فى طريقة لإستانبول، تمت الصفقة، وأردوغان الذى أقسم برأس والده الا يخضع لأية ضغوط للإفراج عنه، قام بتغيير المدعى العام ونائبه، والشهود غيروا أقوالهم، وخلال ايام قليلة، كان القس فى البيت الأبيض، بعد نحو عامين قضاهما بين السجن والإقامة الجبرية.

المخابرات التركية كثفت رقابتها على كافة الأنشطة السعودية فوق أراضيها، طائرتين خاصتين مملوكتين لشركة «سكاي بريم أفييشن»، التي تقدم خدمات الطائرات الخاصة للسلطات السعودية، هبطتا بمطار أتاتورك فى إستانبول 2 أكتوبر 2018، الأولى تحمل 9 ركاب، بينما حملت الثانية 6 ركاب، حجزوا 4 ليالٍ بفندقى «ويندهام» و«موفنبيك» بالقرب من القنصلية السعودية باستانبول.. أعضاء الوفد جميعهم من الضباط، ينتمون للأمن العام التابع للداخلية، ثلاثة منهم أعضاء في وحدة الحماية الخاصة بالأمير محمد بن سلمان، الرابع مساعد شؤون العمليات بالدفاع المدنى، والسادس طبيب شرعى يترأس قسم الأدلة الجنائية بإدارة الأمن العام، ورئيس المجلس العلمي للطب الشرعي بالهيئة السعودية للتخصصات الصحية، وعقيد واحد من المخابرات.. جوازات الوفد تم فحصها، جميعها صحيحة، بأسماء الوفد الحقيقية، ومواقعهم على وسائل التواصل أكدت ذلك، والمدعى العام التركى يجهز عريضة اتهام لهم، وطلبات متابعة للأنتربول.

الوفد الأمنى دخل القنصلية خلال وجود خاشقجي بداخلها، وخرجوا في 6 سيارات، زجاجها مظلل بستائر سوداء، من بينهما سيارة فان سوداء من طراز «مرسيدس فيتو»، نقلت «الجارديان» البريطانية عن المحققين الأتراك ان عدة صناديق قد نقلت من مبنى القنصلية إليها، وذلك بعد ساعتين ونصف من دخول خاشقجى.. جزء من الوفد إتجه الى المطار مباشرة فى رحلة العودة، والجزء الآخر غادر مرافقاً للسيارة الفان متوجهاً الى مقر إقامة القنصل على بعد 200 متر من مبنى القنصلية، الفان دخلت الى الجراج المغلق التابع لمقر إقامة القنصل، وبقيت المجموعة هناك نحو 4 ساعات!!، قبل ان تغادر الى المطار.. السلطات التركية تعمدت التفتيش الأمنى الدقيق على امتعة الوفد، وتقرير الشرطة يؤكد أنها لم تتضمن أي شىء مشبوه، الطائرة الولى غادرت بعد 17 ساعة من وصولها، والاخرى بعد 20 ساعة، ووصلتا الى المملكة، أحدهما عن طريق دبى والأخرى عن طريق القاهرة.

الموقف حقيقة بالغ الخطورة، سوء التخطيط والتنفيذ، جعل التورط كاملاً، خاصة ان كل المؤشرات تؤكد ان العاملون المحليون الأتراك فى القنصلية رغم إعطاؤهم أجازات يوم الحادث!!، الا ان مكاتبهم كانت مجهزة لنقل الأصوات من داخل القنصلية، وإتاحة تسجيلها، لذلك لا ينبغى ان تستدرج المملكة نحو مهاترات تتعلق بالرد على اتهامات الإعلام الدولى، لأن محاولة الرد فشلت منذ ان اسىء إخراج صورة خاشقجى وهو يدخل القنصلية لتثبت خروجه بعد قلبها بسذاجة غير معهودة!!، وكذلك بعد ان تم الرد على طلب التسجيلات بأن الكاميرات تنقل الصورة دون تسجيلها، كذلك ينبغى وقف التهديدات المضادة التى بدأ بعض الإعلاميون السعوديون فى ترديدها حال تعرض المملكة لعقوبات دولية، لاحل سوى إستغلال توجهات ترامب وأردوغان، كلاهما لاتعنيه غير المصالح المادية، وهذا هو المدخل الصحيح، حتى لو كلف المملكة الكثير، وذلك تجنباً لإستهداف المملكة دولياً، بعدها لابد من إعادة المراجعة الذاتية.. لكن ذلك ليس موضعه ولا توقيته.

 
أضف تعليق

Posted by في 2018/10/15 بوصة غير مصنف