RSS

Monthly Archives: فيفري 2016

يستهدفون الجيش لاحفتر، ومصر قبل ليبيا

General Khalifa Haftar speaks during a news conference in Abyar

         المحللون يحسبون حفتر على مصر، إستنادا لدعمها اللامحدود للجيش الوطنى الذى يتزعمه، رغم أنه شخصياً لايعنى لها الكثير.. قيادته للقوات الغازية لتشاد 1980 كانت تعبير عن تطلع لبطولة، وحلم بمجد شخصى، وليس التزام تنظيمى لصالح الوطن، ووقوعه فى الأسر 1987 كان بسبب سوء تقديره، وقصوره المهنى، وانشقاقه 1988 دلالة عدم إنضباط، وضعف ولاء، وقبوله لعرض أمريكا بالتجنس والإقامة بعد تحريرها له، خيانة لنفسه قبل وطنه، وتواطؤه فى محاولة إنقلاب 1993 عبر عن تمسكه بحلم قيادته لليبيا، وهو نفس الدافع لعودته بعد ثورة فبراير 2011، وصراعه مع العقيد عبدالفتاح يونس -وزير الداخلية المنشق على القذافى، ورئيس أركان جيش الثورة- تم ضمن هذا الإطار، إغتيال يونس “يولية 2011” بكل ماطرحه من شكوك، أتاح تطابق التطلعات الشخصية لحفتر، مع مصلحة الوطن فى جمع شتات الجيش.. إحالته للتقاعد “أكتوبر 2013″، ضمن 3000 ضابط تم الإستغناء عنهم، عبر عن عداء الإخوان الثابت للجيوش الوطنية، لكن انقلابه الوهمى على سلطة غائبة “فبراير 2014″، وشن عملية الكرامة “مايو 2014″، وقرار مجلس النواب بإعادته للخدمة “يناير 2015″، أيقظ حلم العسكريين المحبطين فى إمكانية التمرد على مخططات الإخوان لحل الجيش.

حفتر خاض معركتى تحرير بنغازى وطرابلس من الميليشيات، لكن نقص الأسلحة والإمدادات، وسوء الإدارة، فى مواجهة دعم قطرى وتركى مفتوح، أعاد الميليشيات لبعض احياء بنغازى، وطرده من طرابلس، ومنعه من التصدى لداعش.. الإخوان -المسيطرون على المؤتمر الوطنى- إشترطوا إزاحتة، للمشاركة فى الحوار، وعدهم ليون فشاركوا، ليستبعده اتفاق الصخيرات بمنح رئيس المجلس الرئاسى صلاحيات القائد الأعلى للجيش، لكنهم تمسكوا بإزاحته تماماً قبل توقيع الإتفاق، وإعتماد الحكومة، المخابرات القطرية والتركية وغيرهم ينفقون الملايين لشراء الذمم والولاءات، محمد الحجازى المتحدث الرسمى للجيش، الذى وصف حفتر بالـ”صنديد”، إنقلب عليه “21 يناير”، ووصفه بـ”الطاغوت”!!، مدعياً إرتكاب الجيش جرائم إغتيال واختطاف وإخفاء قسرى، ليساويه بالميليشيات المسلحة!!.. ابراهيم الجضران قائد حرس المنشآت النفطية، حليف حفتر الذى تصدى لمحاولة كتائب مصراتة السيطرة على الموانئ النفطية إبان عملية «الشروق»، إدعى أن «حفتر وداعش وجهان لعملة واحدة»، ونائبه على الحاسى أشاع بأنه حاول إستدراجهم لمعركة جانبية بأجدابيا، لإفساح المجال لإقتحام «داعش» للهلال النفطى!!.

عندما ناقش المجلس الرئاسى ضم حفتر للحكومة، إختلفوا، دعا البعض لتجاوز الأزمة بحجب منصب وزير الدفاع، إكتفاء بتولى رئيس المجلس للقيادة العليا للجيش، واقترح آخرون شخصيات مدنية أو نسائية أسوة بإيطاليا، وقعت ملاسنات حادة وعراك بالأيدى، وخرج التشكيل متضمناً تعيين العقيد المهدى البرغثى وزيراً للدفاع، انسحب عمر الأسود وكشف ان «تشكيلة الحكومة أتت فى ورقة جاهزة من خارج المجلس»، وقاطع على القطرانى متهماً المجلس بالخضوع للإخوان.. التشكيل أعلن من الصخيرات المغربية “14 فبراير”، لا من طبرق، ولا طرابلس، لأنها حكومة تعكس إرادة الدول الداعمة للإخوان، تضم 13 حقيبة وزارية، و5 وزراء دولة، بدلاً من الموسعة التى رفضها النواب “25 يناير”.. وكالعادة غلبت المجاملات والمحاصصة الجغرافية والقبلية، وغابت الكفاءة والموائمة السياسية.. الغرب الليبى فاز بنصيب الأسد (الداخلية، الخارجية والتعاون الدولي، التخطيط، التعليم، المواصلات)، الشرق (الدفاع، العدل، الاقتصاد والصناعة، المالية)، الجنوب (الصحة، الحكم المحلى، العمل والشئون الإجتماعية)، وخمسة وزراء دولة، لشئون المهجرين والنازحين، وأسر الشهداء والجرحى والمفقودين، وثلاثة نساء (للمرأة والتنمية المجتمعية، هيكلة المؤسسات، المصالحة الوطنية).. إنسحب فاخر بوفرنة “المالية”، ومهند يونس “أسر الشهداء”، إعتراضاً على ضم شخصيات فاسدة.. الطاهر الهادى الجهيمى وزير التخطيط، تولى نفس المنصب إبان حكم القذافى، أتهم بالتواطوء فى قبول شهادات ماجستير ودكتوراه مزورة، خلال رئاستة لجامعة قاريونس، وبنهب المال العام، خلال عمله كمحافظ للبنك المركزي “1989/2000″، وحُكِم عليه بالسجن لمدة عام “نوفمبر 2001”!!، محمد الطاهر سيالة “الخارجية”، كان الأمين العام المساعد للجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي “2007/2011″، العارف صالح الخوجة “الداخلية” عمل ناطقا رسميا للداخلية 2012، رشح للداخلية فى حكومة معيتيق التى فرضها الإخوان، واسقطتها المحكمة الدستورية 2014.. إختيار نماذج فاسدة من النظام السابق يستهدف إثارة مخاوف الراى العام، مما يصب لصالح الإخوان.

البرغثى خريج الهندسة العسكرية “1990”، لايجيد فنون القتال قدر إجادته لصيانة المعدات، أطلق على معسكر كتيبة الدبابات التى يقودها “المعسكر 204″، لنجاحه فى إصلاح 204 دبابة ومركبة وإعادتها للخدمة!!، علاقته بحفتر تسودها الشكوك وإنعدام الثقة، حفتر يعتبره أحد رجالات العقيد فرج البرعصى، الذى أقاله بسبب ولاؤه للقذافى “مارس 2015″، وصلاته القبلية والعائلية بزوجتة «صفية فركاش»، وماتردد عن علاقته بمحاولة إغتيال حفتر، ولجوء المنشقون عليه بعد بيان الحجازى للإحتماء بمعسكر البرغثى، والأخير يحمِّل حفتر مسئولية الهجوم الذى تعرضت له كتيبتة، وأصيب فيه.. حفتر صرح بأن البرغثى يفتقد للكفاءة اللازمة لتولى حقيبة الدفاع، ودعا 80 من قادة الجيش والتشكيلات المساندة لإجتماع يوم 18 فبراير، أشرك فيه البرغثى كقائد لكتيبة الدبابات، لا كوزير للدفاع، وتحرك محرراً إجدابيا وميناء المريسة فى إشارة تحدٍ لاتغفلها العين، متجاهلاً مخطط إستهدافه.. لكن بعض أعيان بنغازي والمدن المجاورة أصدروا بيانا لدعم حكومة التوافق، والبرغثى كوزير للدفاع.. والمجلس البلدي لـ”البيضاء” أعطى مهلة لحكومة الثنى ومؤسساتها والبنك المركزى لمغادرة المدينة، لأنها “لم يعد مرغوب فيها”.. عقيلة صالح رئيس البرلمان حذر من المساس بحفتر.. وشكل لجنة للتحقيق فى إدعاءات الحجازى، وهدد برفض الحكومة إذا ما أسندت الدفاع للبرغثى، كوبلر استدعاه لحضور مؤتمر ميونخ “14 فبراير”، وعده وزراء خارجية الغرب برفع حظر السلاح، لتمكين الجيش من شن عملية برية ضد داعش، بدعم جوى على النمط الروسى، بعد ضم الميليشيات تحت قيادة وزير الدفاع، مما يعنى العودة لمرحلة سيطرة المليشيات على مؤسسات الدولة، والتى اوصلت ليبيا للفوضى والخراب.

كوبلر ذهب لطبرق للضغط على النواب، قرارهم بسرية التصويت يستر من استجاب للضغط، وعدم إكمالهم للنصاب يستهدف التأجيل، لحين ترتيب الأوضاع، وربما المصالح، وقد يتوصل ممثلى عقيلة وابوسهمين “رئيس مؤتمر طرابلس”، الموفدين سراً لسلطنة عُمان لإتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية بديلة.. أمريكا أدركت ان الأزمة ربما تستغرق بعض الوقت، لحين تمكين حكومة “كرزاى ليبيا” من التوقيع على خطة التدخل فى بلادها، لذلك لجأت لتنفيذ خطة مؤقتة، تعتمد على استهداف قيادات داعش بالطائرات.. فمتى ندرك نحن ان صنّاع تلك الأزمة يستهدفون الجيش الليبى وليس حفتر، ويهددون مصر قبل ليبيا؟!.

 
تعليق واحد

Posted by في 2016/02/28 بوصة غير مصنف

 

إستراتيجية «الهُدَنْ»، أم جحيم ممر «أعزاز»

معركة حلب وممر أعزاز

سوريا تواجه قرابة 1000 جماعة قتالية، تضم 100.000 مسلح، يتَّبعون تكتيكات حرب العصابات، مايسمح لهم باستنزاف أقوى جيوش العالم، مواجهة الإرهاب تفرض وقف تمدده، وتعاون المدنيين، لذلك إضطرت القوات السورية لحصار مناطق إستيطانه، التى تتوافر فيها البيئة الحاضنة، وهى استراتيجية لم تحاصر الإرهابيين فقط، بل وسعت من مظاهر الرفض الشعبى لهم، وأدت لـ35 عملية تفاوض منذ 2011، توصلت لإتفاقات هدنة، وانسحابات للمسلحين، على نحو حقق تغييرات جذرية فى توازنات القوى.

          الهدنة فى حرب المدن تتحقق بالتوافق على وقف الأعمال العدائية، تخفيفاً لمعاناة المدنيين، وإخلاء القتلى والجرحى، ومقدمة لإنسحاب الطرف الذى اختل التوازن فى غير صالحه، وقد تؤدى للسلام عندما يصل الطرفان الى حد الإنهاك.. الساحة السورية شهدت هدنتى كوفى عنان والأخضر الإبراهيمى 2012، معضمية الشام شرق دمشق 2013، وأحياء برزة والقابون شمالها، وبيت سحم ويلدا وببيلا جنوبها، ومقاتلو الجيش الحر وأحرار الشام والنصرة غادروا حمص بموجب هدنة 2014.

          فى السنة الخامسة من الحرب، تحولت الهُدَن لظاهرة.. المجلس المحلى لحى القدم جنوب العاصمة وقع إتفاق مصالحة مع الحكومة، أوقف العمليات، وبدأت عودة 500 عائلة بينهم بعض عائلات المسلحين!!، هدنة سبتمبر 2015 سمحت بإجلاء جرحى مقاتلى النظام وأسرهم من الفوعة وكفريا، مقابل انسحاب مسلحى المعارضة من الزبدانى، وتوسع الإتفاق ليشمل وصول المساعدات للمدنيين فى “مضايا” اللذين يتجاوز عددهم 24.000، هدنة قدسيا “نوفمبر 2015” فتحت الطرق وفكت الحصار، وفى ديسمبر وقعت اتفاقات بالريف الشمالي لحلب، بين غرفة عمليات مارع وجيش الثوار، وبين غرفة عمليات المعارضة ووحدات حماية الشعب الكردي “YPG”، وأخيراً هدنة حى الوعر، آخر منطقة خاضعة لسيطرة المسلحين بحمص، التى تسمى “عاصمة الثورة”.

          النظام كاد يسقط بسبب تدهور الوضع الأمنى جنوب دمشق، لكن حصار الجيش للتنظيمات المسلحة نجح، وتمكن من إحباط “عاصفة الجنوب” التى إستهدفت إختراقه “يونية 2015″، فاضطرت داعش للإتفاق مع النظام “ديسمبر 2015″، لسحب 5000 من مقاتليها وعوائلهم، من مخيم اليرموك وأحياء القدم، العسالى، الحجر الأسود.. تنفيذ الإتفاق يسمح بعودة 1.8 مليون سورى وفلسطينى للمنطقة، مايفسر خشية “النصرة” من انفراد النظام بها، ومحاولتها إفساده باستهداف قادة داعش، والإشتباك معهم.. هذه الظاهرة تعكس تراجع عام فى موقف المعارضة المسلحة، أكده إنسحاب داعش من حقل التيم النفطى جنوب دير الزور شرق سوريا، بعد ان اصبح غير مجدٍ نتيجة لإستهدافه وقصف حافلات النفط، وتراجع مصادر التمويل، مما أدى لتخفيض رواتب المقاتلين للنصف.. داعش إستكملت ذلك باتفاقات تبادل للمعتقلين، مع فصائل المعارضة “جيش الاسلام، أحرار الشام، جيش أبابيل، لواء شام الرسول..”، مستهدفة نقل المبايعين لها لمناطق سيطرتها شرق سوريا، فى توجه صريح للإنكماش وإعادة التمركز.

          الظروف والإشتراطات المتعلقة بكافة اتفاقات الهدنة تعكس إختلالاً كبيراً فى ميزان القوى لصالح النظام:

*  فقد تمت برعاية الأمم المتحدة، وبعض القوى الإقليمية “ايران، تركيا، منظمة تحرير فلسطين والجبهة الشعبية”، مما يعكس الدعم الدولى والإقليمى لها.

*  وانطلقت بمبادرات من وجهاء وأعيان وأهالى المناطق المحاصرة، مما يؤكد تخلى البيئة الحاضنة للجماعات المسلحة عنها، وفقدانها لمرتكز نجاحها الرئيسى.

*  رفضت السلطة التفاوض المباشر مع المسلحين، وتمسكت بالتفاوض مع المدنيين والوسطاء.

*  نصت الإتفاقيات على إزالة السواتر الترابية، وتأمين مقومات الحياة، وعودة مؤسسات الدولة، وتحصين المنطقة ضد الارهاب، وكلها بنود تعنى تطبيع مظاهر الحياة وعودة الدولة وسقوط المشروع الإرهابى.

*  تضمنت الإتفاقات الإفراج المتبادل عن المعتقلين والمحتجزين، ونزع السلاح، وعودة الجيش السورى للمناطق التى تنسحب منها التنظيمات.

*  ضمنت الحكومة سلامة انسحاب المسلحين بأسلحتهم الشخصية فقط، على ان يتوجهوا الى الرقة للمنتمين لـ”داعش”، والى مارع لمقاتلى “النصرة”، فى عملية إعادة تمركز إقليمية.

*  رحبت الدولة بمن فضلوا البقاء من المسلحين وأسرهم، وسمحت بتسوية أوضاعهم.

*  سوريا أجلت تنفيذ بعض الإتفاقات لما بعد جلسة مفاوضات جنيف3، لتؤكد إستمرار إمساكها بزمام المبادرة العسكرية والسياسية على الأرض، وعدم تعويلها على نتائج المفاوضات.

          النظام السورى أدار الصراع بإستراتيجية جمعت بين المواجهة الحربية، والحصار، والتفاوض، تقديرات جمعية “باكس” الهولندية و”معهد سوريا” الأميركي، “أن قاطنى المناطق المحاصرة بدمشق وحمص ودير الزور وادلب أكثر من مليون”، يسعون لإتفاقات هدنة مماثلة، وإنسحاب للمسلحين.. الغارات الروسية مكنت القوات السورية من تحرير 217 بلدة، مساحتها ألف كم2.. أمّنت محيط العاصمة، ووضعت خطة لإسترداد طريق دمشق-درعا، لتوفير خط إمداد للجيش فى اتجاه المدينة، وتأمين مقر الفرقة الخامسة، مايمكنه من حصارها، والإقتراب من الحدود الأردنية.. الجيش نجح فى تحرير محافظة اللاذقية بالكامل، وتأمين الشريط الساحلى الذى يمثل 25% من مساحة الدولة، ويضم 75% من السكان، ويخوض معركة حاسمة فى جبل التركمان لإستكمال إغلاق الحدود مع تركيا تجاه ريف اللاذقية.. روسيا وفرت مظلة جوية للميليشيات الكردية وقوات سوريا الديمقراطية التى تضم ميليشيات كردية وعربية وسريانية وأرمنية وتركمانية، رغم أنها تحظى بدعم أمريكى، واستقبلت وفد حزب الاتحاد الديمقراطى وصلاح الدين دميرتاش رئيس حزب الشعوب الديمقراطى، فحررت ميليشياتهم تل أبيض والهول بريف الحسكة، وسد تشرين، والقرى المحيطة بريف حلب، وتتقدم غرباً فى اتجاه مطار مينج، وممر اعزاز الإستراتيجى، لتلتقى مع القوات السورية القادمة من الجنوب، لتطوق ريف حلب الشمالى، وتحاصر المعارضة المسلحة فى حلب من كافة الاتجاهات، وتحتل الممر، الذى يمثل خط إمدادها الرئيس عبر الحدود التركية، مما يفسر الجنون الذى أصاب أردوغان، وإختراق قواته للحدود فى ديسمبر بقريتى سرمساخ وديرنا آغى بريف الحسكة، وفبراير بمنطقة أعزاز، معتبراً الأخيرة خط أحمر!!.

          اجتماع فيينا أجمع على وقفٍ تدريجى لإطلاق النار، و”ميونخ” حدد أسبوعاً للتنفيذ، فى محاولة “خسيسة” لوقف إنهيار المعارضة.. أوباما ترك الباب موارباً، بدعوته لتوسيع الهُدَنْ، واتجاه دى ميستورا المبعوث الدولى لنشرها، وتحمس بشار باعتبارها “اكثر اهمية من محادثات السلام”، لكن رعونة أردوغان، تدفع بالتطورات الى «حافة الهاوية»، دون تقدير لعواقب تجاوزه حدود الضغط على قوة عظمى كروسيا، وتهديد مصالحها، وعدم إدراك لحدود الرهان على دعم الناتو، عندما يتعلق الأمر بمواجهة تهدد بحرب عالمية، أمريكا ربما تستثمر التهور التركى كوسيلة ضغط، لدعم موقفها التفاوضى بشأن الأزمة، وقد تشجع السعودية على الإنزلاق، لكنها فى النهاية ستكبح جماحهم، مقابل فرض هدنة، وفض إشتباك، وربما منطقة منزوعة السلاح، فالبديل لإستراتيجية الهُدَنْ، ان يسقط الجميع فى جحيم ممر «أعزاز».

 
تعليق واحد

Posted by في 2016/02/20 بوصة غير مصنف

 

«داعش، عزة الدورى، البعث».. خفايا وأسرار مثلث الشر

الدورى فى صفوف داعش

بعد احتكاك ميدانى تجاوز الأربع سنوات كقنصل لمصر ببغداد، كان تقديرى ان عزة الدورى، نائب صدام، يمثل أكبر التهديدات المحتملة للدولة، حال تصعيده لمقعد السلطة؛ حضارة العراق رهن بوحدته، وضمانها رهن بإحترام التنوع، لكن نشأة الرجل جمعت داخله بين التشدد السلفى، والزهد الصوفى، أنشأ بمنزله مسجد و”تكية”، إرتبط بالمشايخ، يرى فى الشيعة –وهم نصف شعبه- رافضة، ويهدد الأكراد –خُمس شعبه- بتكرار مذبحة حلبجه، ويرمى طوائف من مواطنيه –كالأيزيديين والشبك والأشوريين- بالكُفر.. تمضى السنون، وتتعاقب الأحداث، ويتكلم، وكان أولى به ان يخرس.. حديثه المنشور بجريدتنا الغراء «الوطن» يومى 3 و4 الجارى سبق صحفى، لكنه يفرض الرد، بحقائق موضوعية ودامغة.

          بعد هزيمة العراق فى حرب تحرير الكويت 1991، أقنع الدورى صدام بالتراجع عن علمانية البعث، دعماً لشعبيتة، نظم «الحملة الإيمانية»؛ أضاف “الله أكبر” الى علم العراق، نظم دورات فى الفقه لكوادر البعث، طبق عقاب “قطع يد السارق”، والإعدام بقطع الرأس، خاصة ضد العاهرات، ووفر الحماية للضباط السلفيين والمتشددين داخل الجيش!!، الحملة قادها “فدائيو صدام”، تخللتها ممارسات دموية، أصبحت نموذجاً، إحتذت به داعش.

          قبيل الهجوم الأميركى 2003، إستقدم الدورى آلاف المقاتلين الأجانب، بحجة التصدى للغزاة، سلطات الإحتلال أدرجته بقائمة المطلوبين، فاختفى ليقود المقاومة، إعتقلت ضباط البعث السلفيين، فاختلطوا بالمتطرفين، وتحولوا للفكر الجهادى التكفيرى، سرحت 400.000 من الجيش، وأوقفت معاشاتهم، دون تجريدهم من أسلحتهم، فأصبحوا هدفاً للتنظيمات المسلحة.. بعد إعدام صدام، واختياره أميناً عاماً للبعث 2006، نجح الدورى فى إقناع الصوفية بحمل السلاح!!، وشكل جيش «رجال الطريقة النقشبندية»، باعتباره الجناح العسكرى للحزب، انتشر فى كركوك وديالى وتكريت والموصل وسامراء.. الدورى جمع 14 تنظيم مسلح فى «جبهة الجهاد والتحرير»، ضمت داعش والقاعدة، وجماعات إنبثقت عن جيش النقشبندية والإخوان، وأخرى بعثية وليبرالية، انتُخِب قائدًا لها 2009، وسافر متخفياً لسوريا وتركيا واليمن وشمال لبنان والسعودية، لترتيب اوضاع التنظيم ودعم تحالفاته ومصادر تمويله.

          الدورى وداعش والقاعدة إستغلوا إحتجاجات 2013 بالمناطق السنية “الرمادي، صلاح الدين، الموصل، كركوك”، للفرز والتجنيد، وتوسيع قاعدة الأنصار، وبعد فض إعتصام الرمادى نهاية ديسمبر، شكل مجالس محلية عسكرية، تولى إدارتها الضباط البعثيين السابقين، ومجالس للمحافظات بقيادة أبناء العشائر، إضافة لـ”المجلس العام لثوار العراق” كواجهة سياسية، كانت مهمتهم الرئيسية السعى لإجهاض محاولة الحكومة إحياء تجربة الصحوات، حتى لاتُجهِض خطة الإستيلاء على نينوى وصلاح الدين التى كان يتم إعدادها.

          قبل إجتياح الموصل 10 يونية 2014 توصل الدورى لإتفاق مع داعش، تضمن: توليه السلطة فى حالة سقوط بغداد، تكليف الجناح الأمنى للنقشبندية، الذى يضم ضباط مخابرات سابقين، بحماية قيادات داعش، قصر المراكز القيادية بالتنظيم على العراقيين، تعزيز قيادته العسكرية بالمزيد من ضباط الجيش السابقين، وقد رشح الدورى بعضهم، توظيف الشبكة التى شكلتها المخابرات فى التسعينات لتفادى العقوبات الدولية، فى دعم أنشطة داعش “التجنيد، التسلل والتهريب، تسويق النفط، التسليح…”، الإتفاق مكَّن داعش من الجمع بين تكتيكات الجيوش النظامية وحرب العصابات، وشكل محاولة لإستعادة دولة البعث، واحتواء التنظيم.

          المسلحون الذين أسقطوا الموصل كانوا فى حدود 3000 مقاتل، ثلثهم يرتدون ملابس داعش السوداء ويرفعون أعلامها، ومثلهم من رجال الدورى بالزى العسكرى الزيتونى الخاص بالأجهزة الأمنية زمن صدام، والباقى ميليشيات مدنية، صور الدورى انتشرت بكثافة أزعجت داعش، فكلفت عناصرها بتمزيقها، مما ادى لإحتكاكات عديدة، تفاقمت بإدراك التنظيم ان خطة الدورى تعتمد على التنسيق معها وتوظيف قوتها للسيطرة على محافظتى نينوى وصلاح الدين، ثم تسليم إدارتهما للعشائر، بحجة ان داعش ليست واجهة مقبولة، لاعربياً ولادولياً، وحتى يجهض الخطة إعتقل التنظيم قرابة 40 ضابط من قيادات الدورى، واختطفت أربعة بعد إكتشاف تخطيطهم لإنقلاب ضده، أعلن الخلافة 29 يونية، إنفرد بإدارة الموصل، وظهر البغدادى للعامة 4 يولية، فى إستباق واضح لتثبيت سلطته، وطلب داعش من كافة التنظيمات مبايعتة، فانهار التحالف، بعد أسبوعين من إجتياح الموصل، لكن الدورى لم يترك الساحة، وبث تسجيل صوتى -لأول مرة- 11 يولية، حاول فيه إحتواء الخلافات، وحيا “الفصائل العسكرية البعثية والسنية التى شاركت فى اجتياح الموصل، وفي طليعتهم ماوصفهم بـ«أبطال وفرسان القاعدة وداعش»”، واعتبر “يومي تحرير نينوى وصلاح الدين من اعظم ايام تاريخ العراق والعرب بعد الفتح الاسلامي”، دافع صراحة عن داعش والقاعدة متهماً قوى الامبريالية العالمية بالسعى لوصم الثوار والمسلحين بالارهاب زورا وبهتانا ودجلاً!!.. داعش لم تستجيب للتهدئة، فاستغل البعث فرضها للجزية على المسيحيين، ليصدر بياناً اعتبرها “مشروع لتخريب الثورة”، وحاول الدورى تشكيل كتائب “سيف الحق” لمواجهتها بالقوة، لكنه اكتشف ان تحالفه معها قد قضى على نفوذه، وأعجزه عن ذلك.

          داعش تعرضت لهزائم إستراتيجية خلال 2015، تحررت تكريت عاصمة صلاح الدين، وبعدها الرمادى عاصمة الأنبار، وبدأت الإستعدادات للمعركة الفاصلة بالموصل، لذلك طرح الدورى نفسه كبديل للبغدادى، والبعث بديلاً لداعش.. تصريحات ضرغام الدباغ الأمين العام لمجلس الثوار، خلال مشاركته بمؤتمر عرب الأهواز بكوبنهاجن أكد صراحة “نطرح أنفسنا كبديل عن كل ما هو موجود على الساحة”، ووصف موقف الدورى من داعش “ليس على وفاق.. ليس فى حرب!!”، وهو موقف إنتهازى، إقترن بحملة لرفض الدعاوى المطالبة بتدخل روسيا ضد داعش، باعتباره تعزيزاً لدور الدولة، بينما يسعى الدورى لإستعادة سيطرة البعث.

          حديث الدورى لـ«الوطن» سقطة رجل فى أرذل العمر، لا من واقع تاريخه الأسود فحسب، إنما بنص كلماته.. فقد إستبعد المواجهة مع داعش، بإعتبارها معركة جانبية.. دافع عنها لأنها “لم تقتل ولم تهدم ولم تخرب بمقدار 1% مما قتلته وخربته وحرقته إيران وعملاؤها بالعراق”.. أشاد بمقاتليها باعتبارهم “ضمن الفصائل التى حررتنا…”، إدعاؤه ان التحاق البعثيين بداعش تم بصورة فردية، ينفيه تاريخ تعاونه معها، وأعدادهم التى تقدر بـ12 ألف، يحتلون معظم مناصبها القيادية.. أشاد بالدور الوطنى للإخوان!!، مدعياً إقتصار تعاونهم مع حكومات الإحتلال الأمريكى على “الحزب الإسلامى”، مبدياً حسرته لغيابهم عن الساحة فى مصر “كان أملنا ألا يصل التقاطع مع الإخوان لما وصل إليه”!!، وعندما ارتدى القناع العروبى، مؤكداً حرصه على دول الخليج، نسى انه رغم علاقات الصداقة التى ربطته بالملك عبدالله، ومسئوليته عن ملف المشاكل الحدودية مع الكويت، خان الجميع، واجتاحها بجيشه.. متى يدرك الرجل ان الصمت فى الشيخوخة أبلغ من أى ثرثرة؟!.

 
تعليق واحد

Posted by في 2016/02/15 بوصة غير مصنف

 

ليبيا وفزَّاعة التدخل العسكرى

غارات-على-داعش

«المجلس الرئاسي» الليبى الذى تشكل بموجب اتفاق الصخيرات، يعمل من تونس، لعجزه عن دخول طرابلس، بسبب خضوعها للميليشيات، وموقف المؤتمر الوطنى الرافض للإتفاق.. وبرلمان طبرق رفض التشكيل الموسع لحكومة الوفاق، وتحفظ على المادة الثامنة المتعلقة بالمناصب المدنية والعسكرية والأمنية العليا، ضارباً بآليات التعديل -الواردة بالإتفاق- عرض الحائط، مما يهدد بانهياره.. أول قرارات «المجلس» تشكيل لجنة لإجراء الإتصالات، ووضع الترتيبات الكفيلة بتأمين دخول الحكومة للعاصمة، لممارسة مسئولياتها.. وهى مهمة شبه مستحيلة، لأن الصفقات مع الميليشيات تضع الحكومة رهينة لها.. التنظيمات الرافضة وزعت الأدوار بين قياداتها؛ التاريخى منها -مثل عبد الحكيم بلحاج القائد السابق للجماعة المقاتلة “الموالى للقاعدة”- إنخرط فى العملية السياسية، والتنفيذى يُعِد مخططات التفجير والإرهاب، ليحقق بها ماتعجز الدبلوماسية عن تحقيقه.. أما الميليشيات التى رحبت بالحكومة مثل “كتائب مصراته” فتشترط عدم المساس بوضعها، وهى نفس الإشكالية التى واجهت حكومة على زيدان، فعندما أوقف عنهم التمويل، خطفوه!!، ورغم العجز عن مواجهة الإرهاب، رفض أحمد معيتيق نائب الرئيس أى تدخل أجنبى.. إذن، أين المفر؟!.

          الغرب يعول على نجاح حكومة الوفاق فى تولى مهامها، من داخل العاصمة، والسيطرة على المؤسسات السيادية، خاصة البنك المركزى، لوقف تمويل الجماعات المسلحة، لذلك شرع فى تنفيذ خطة تهويل وترهيب وتهديد، لدفع أطراف العملية السياسية للمرونة إستناداً لمحورين:

الأول: ترويج أخبار “ملونة” لمضاعفة التخوفات من قوة داعش؛ إنتقال قيادة التنظيم برئاسة أبوبكر البغدادى لسرت.. تأسيس قيادة مختصة بتنفيذ العمليات ضد الغرب، بدات بعملية باريس.. وصول قوته العددية لـ5000 مقاتل، وهو رقم يقترب من ضعف القوة الفعلية.. تدريب المقاتلين على قيادة الطائرات قرب مطار سرت!!.. تحذير كليف جونستون قائد بحرية “الناتو” من سعى “داعش” لامتلاك أسطول بالمتوسط، لشن هجمات انتحارية ضد سفن التجارة والسياحة ومنصات النفط!!.. اتصالات مع القاعدة والإخوان لتشكيل “مجلس شورى” موحد لمواجهة حكومة الوفاق.. داعش تسيطر فى الشرق على شريط ساحلى يمتد من شرق بنغازى حتى درنة بطول 300 كم، وفى الغرب بطول 250 كم من سرت حتى بن جواد، وبعض مناطق صبراتة ومصراتة وصرمان بمحيط طرابلس، وتسعى لإحتلال طريق “أجدابيا – البريقة” لعزل قوات حرس المنشآت البترولية، تمهيداً لإحتلال المثلث النفطى “البريقة – رأس لانوف – أجدابيا”، لتوفر مصدراً للتمويل يسمح لها بالإنطلاق لقلب القارة الأفريقية.

الثانى: التهديد بشن حرب شاملة على الإرهاب، تتحمل حكومتى طبرق وطرابلس تبعاتها، أسوة بالجماعات المسلحة؛ نيويورك تايمز كشفت ان فرق العمليات الخاصة الأمريكية والبريطانية تنفذ منذ شهور مهام سرية بليبيا، لتحديد زعماء المسلحين، ورسم خريطة لشبكاتهم، ومحاولة استمالة حلفاء من بينهم.. تكثيف البنتاجون لعمليات جمع المعلومات، تمهيداً لشن غارات جوية وعمليات خاصة.. أمريكا اتخذت قراراً بالحرب، وأوباما طلب تفويضاً من الكونجرس، والجنرال جوزيف دانفورد رئيس الأركان الأمريكى تلقى تفويض أوباما باستخدام القوة ضد داعش، ومنع تواصلها مع الجماعات المسلحة في أفريقيا، ثم زار بريطانيا وفرنسا وايطاليا لإعداد مسرح العمليات.. القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا (أفريكوم) أعلنت تضمن خطة عملها خلال السنوات الخمس المقبلة التدخل العسكري فى ليبيا، وإحكام الخناق على الجماعات الإرهابية.. وصول عناصر من مخابرات القوات الجوية البريطانية “sas” إلى ليبيا، لتحضير الأرضية وجمع المعلومات الضرورية تمهيدا لقدوم القوة العسكرية للحلفاء “أمريكا، إيطاليا، فرنسا وإسبانيا”.. الطيران الفرنسى ينفذ طلعات تجسس وتدريب فوق ليبيا وأمام سواحلها، مستخدماً طائرات التزوّد بالوقود C135k ، إستعداداً لتنفيذ طلعات قتالية انطلاقاً من قاعدة “مادما” في النيجر، ومدرعات الجيش الفرنسى تنتشر بصحراء شمال أفريقيا، لقطع طرق تحرك الإرهابيين والمهربين.. تمركز المقاتلات إلإيطالية “AMX” وطائرات Predator بدون طيّار” في صقلية، وتنفيذ طلعات فوق درنة.

          تنفيذ خطة الترهيب يستهدف الضغط، لإنتزاع إعتراف أطراف العملية السياسية بالحكومة، التى يمكن ان تمنح الشرعية للتدخل، أما التدخل قبل ذلك فإنه يُسقِط اتفاق الصخيرات، سيناريو التدخل يتم دراسته منذ شهور؛ أهم ضوابطه الحد من الخسائر البشرية لقوات الحلفاء، وهو ما أكدته فيدريكا موجريني مفوضة السياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبى بأنه “لن يكون هناك تدخل على الأرض”، ويعنى ذلك الإعتماد على القصف الجوى والبحرى والصاروخى، مع مايؤدى له من خراب، وإضرار بالمدنيين، ويفرض ذلك الإستعانة بقوات برية محلية، مما يفسر التراجع عن إبعاد حفتر، وقبول إدماجه ضمن العملية السياسية، بعد إضعاف موقفه، ليسهل تطويعه، بالإنشقاق الذى نفذه محمد حجازى المتحدث الرسمى للجيش، وعدد من أمراء وقادة المحاور، وتوتر علاقتة بإبراهيم الجضران قائد قوات حرس المنشآت النفطية، التابع تنظيميا للجيش، المستقل عنه إدارياً.. الإتفاق مع كتائب مصراتة، وبعض تشكيلات فجر ليبيا يستهدف أداء دور مماثل بالمنطقة الغربية، أما من خارج ليبيا فقد عكست زيارتى لويد أوستن قائد القيادة المركزية الأمريكية، وجون برينان مدير المخابرات للقاهرة، ان هناك تعويل على دور مصر، الا انها تحفظت على التدخل الخارجى، وتمسكت بضرورة تعزيز قدرات الجيش والحكومة للإضطلاع بمهامهما فى إستئصال الارهاب، المغرب وافق على تقديم الدعم اللوجيستى، بعد زيادة أعداد متطوعيه للإنضمام لداعش، وهناك تنسيق وتعاون مخابراتى مع الجزائر، خاصة بعد تبنى داعش للتفجير الانتحارى بعين الدفلى غرب العاصمة.

          العمليات ستقتصر على إستهداف جوى مكثف لقادة داعش -على نحو ماتم فى نوفمبر الماضى بقتل أبو نبيل العراقى- ولمعسكراتها ومخازن أسلحتها، وتقديم الإستشارات والتدريب للقوات الليبية.. الدائرة السياسية بالاتحاد الأوروبى، إقترحت دفع تشكيلات عسكرية لتأمين المطارات والمباني الحكومية، ومراقبة وقف محتمل لإطلاق النار، لكن ذلك لم يتم إقراره.. الخطة تشتمل على بُعد غير عسكرى؛ يتضمن تدريب وتجهيز حرس الحدود والسواحل لتأمين منافذ الدولة، بسط الأمن فى طرابلس، نزع السلاح، تطهير الألغام، إعادة المهاجرين لمواطنهم الأصلية، تنظيم السياسة الإعلامية، إعادة بناء المؤسسات، ودعم قدرة الحكومة على إدارتها، وتشغيل المرافق العامة، التدريب والمشورة والدعم الفنى لشئون الحكم المحلى والصحة والإعلام.. ورغم طموح الخطة لم يعتمد لها الإتحاد الأوروبى سوى 100 مليون يورو، مايعكس نية السيطرة على قطاع البترول لتوفير مصادر تمويلها!!.

          أمريكا تتعجل التدخل، حتى لاتترك لروسيا فرصة التواصل مع حكومة الوفاق، لإستعادة وجودها القديم فى ليبيا، لكن أهدافها لن تتجاوز «منع تمدد “داعش”، دون إنهاء الدور الذى تأسست لأداءه بالمنطقة».. مكررة نفس أخطاء ضرباتها فى العراق سوريا قبل التدخل الروسى.

 
تعليق واحد

Posted by في 2016/02/07 بوصة غير مصنف

 

إضطرابات تونس.. والمؤامرة على مصر

monesf-ayman-twakol (400 x 308)

“حركة النهضة” -التى تمثل إخوان تونس- تتمتع بمرونة عالية، مقارنةً بتصلب وقِصَر نظر إخوان مصر، ماأبقاها على قمة القوى السياسية القادرة على تحريك الأحداث فى تونس حتى الآن.. فى انتخابات أكتوبر 2011 حصدت أكبر عدد من مقاعد المجلس الوطني التأسيسي، شكلت ترويكا حاكمة مع حزبى المؤتمر والتكتل، احتفظت لنفسها برئاسة الحكومة بعد تضخيم صلاحيات المنصب، وتركت للمؤتمر رئاسة الجمهورية -بعد تحجيم إختصاصاتها- ودفعت المنصف المرزوقى لشغلها، كما إختارت مصطفى بن جعفر ممثل التكتل رئيساً للمجلس الذى تتحكم فيه بأغلبيتها.. سوء إدارة حكومات الإخوان لأجهزة الدولة، وتوظيفها لتحقيق أهدافها فى التمكين أدى لغضب شعبى، بلغ ذروته باغتيال شكري بلعيد ومحمد براهمى عام 2013، وتوجيه أصابع الإتهام للحكومة لتساهلها مع الجماعات المتشددة.. الإنتخابات التشريعية أكتوبر 2014 دفعت بحزب “نداء تونس” ذو التوجه العلماني للمقدمة بـ86 مقعد مقابل 69 للنهضة.. ورغم هزيمة الأخيرة الا انها حرصت على الإنضمام كأقلية للإئتلاف الحاكم، حتى تظل قادرة على دفع عناصرها لمفاصل الدولة التنفيذية.

          الأوضاع فى تونس فى ظل حكومات الإئتلاف الإخوانية، إتجهت نحو التدهور المستمر، معدلات النمو الاقتصادي تراجعت من 2.5% عام 2014، الى 0.5% في 2015، مما لايكفى لتوفير فرص عمل للعاطلين الذين بلغت نسبتهم 15.3%، ترتفع بين خريجي الجامعات الى 31%.. التفاوت الجهوى في التنمية وتوزيع الثروات، ولد الضغائن بين المناطق الغربية المجاورة للحدود الجزائرية، وهى مهمشة وفقيرة وتعاني من ضيق ذات اليد، والمدن الساحلية البحرية التى تحولت لمنتجعات سياحية، ومراكز جذب للاستثمار فى الصناعة والخدمات والعقارات.. فساد الإدارة المحلية، وانتشار الرشوة والوساطة، تسبب فى إثارة السخط، سواء فى التعيين بالمنشآت الحكومية، أو حتى فى توزيع الدراجات، التى خصصتها الدولة لتلاميذ المناطق النائية لتمكينهم من الوصول لمدارسهم البعيدة، للحد من التسرب.. تهميش الشباب وعزوفه عن الحياة العامة، أدى لحالة إحتقان دفعت البعض للخروج إلى الشارع والثورة، والبعض الآخر لليأس والتهديد بالانتحار، والثالث للإنضمام للجماعات الإرهابية، حتى أصبحت تونس أكبر شريك فى صفوف داعش والتنظيمات التكفيرية فى ليبيا والعراق وسوريا، بقرابة 5500 متطرف، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة، بخلاف متطوعات “جهاد النكاح”، والسلطات منعت 10.000 شاب من السفر للإلتحاق بداعش، ناهيك عن الإنفلات الأمنى الناتج عن تدفق الأسلحة المهربة إلى تونس عبر 500 كم من الحدود المشتركة مع ليبيا، وتلقى المتطرفين التونسيين تدريبات على حمل السلاح بالمعسكرات الليبية.

          الإحتجاجات الأخيرة بدأها شباب “القصرين” للمطالبة بتوفير فرص عمل والقضاء على الفساد والفقر، انتحار رضا يحياوى بعد استبعاده من قوائم المعينين، ومحاولة اثنين آخرين، وسع نطاقها لتشمل العديد من المدن، بما فيها تونس العاصمة، وتزامنها مع حلول ذكرى انتحار بوعزيزى، وثورة 2011، أضفى على الأحداث أبعاداً مقلقة.. القصرين تقع على الحدود الغربية لتونس، تحتضن جبل الشعانبى، ارتفاعه 1544 متراً، مغطى بغابات كثيفة، وتنتشر فيه المغارات والخنادق، يتصل بسلسة الجبال الشرقية في الجزائر، حيث مأوى إرهابيو “القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامي”، المحافظة ثارت على نظام بن على بسبب البطالة والفقر والتهميش، وأهملتها حكومات مابعد الثورة، فتحولت الى مصدر للإضطرابات، وتفريخ الإرهابيين، تطور الإحتجاجات لعمليات اقتحام للمنشآت الحكومية ومقرات الشرطة، وإضرام النيران في سيارات الأمن، واعتصام البعض بمقر المحافظة، دفع السكان لتشكيل لجان لحماية المنشآت من النهب والسرقة، والحكومة نشرت وحدات إضافية من الجيش، لحماية المؤسسات العامة والخاصة، وفرضت حظر التجول منذ 19 يناير، حتى تتم السيطرة على الأوضاع.

          الحكومة اتخذت قرارات لمواجهة الموقف.. تشغيل 6400 عاطل بالقصرين، تمويل 560 مشروع صغير، بناء مساكن شعبية، دعم الخدمات الصحية بالمدينة.. لكن المحتجون رفضوها، باعتبارها مسكنات للتهدئة، وليست حلولاً للمعالجة، تغيير حكومة الحبيب الصيد قد يصبح ضرورة لإمتصاص الغضب الشعبى، خاصة انها عجزت عن توقع الإحداث، بتوقيتها وحجمها، الى حد ان رئيس الحكومة وخمسة من الوزراء كانوا بالخارج وقت انفجار الأحداث، رغم ان حسين العباسي أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل، حذّرها في 14 يناير الجاري من ان إحتقان الأوضاع ينذر بثورة اجتماعية جديدة.. السبسى استقبل رئيس الوزراء السابق المهدي جمعة، ضمن إستطلاعه للقيادات السياسية التى قد تمتلك رؤيا للتعامل مع الأزمة.

          أزمة الحزب الحاكم مسئولة بدورها عما حدث.. السبسى تجاوز التسعين عاماً، مما يطرح قضية الخلافة بقوة، رجال الأعمال والأعضاء السابقين في حزب “التجمع الدستوري الديمقراطي” المنحل، الذين يمثلون “الفلول” داخل الحزب الحاكم نجحوا خلال مؤتمر الحزب الأخير منتصف يناير الجارى فى تعيين حافظ السبسى، نجل الرئيس، أمينا عاما للحزب، لتدفعه كأبرز المرشحين لخلافة والده في السلطة!!، مما ولد إحتقاناً داخل الحزب، تضاعف بدعوة السبسى للغنوشى زعيم النهضة لحضور فعاليات المؤتمر كضيف شرف، متجاهلاً ان تصويت الناخبين له فى انتخابات 2014 كان عقابياً ضد الإخوان، وان شعبيته استندت لمدنية الحزب ورفضه للفاشية الدينية.. والمثير ان الغنوشى فى كلمته بالمؤتمر نفى “ما يشاع عن اختراق حزبه لحزب نداء تونس، ومحاولة تفتيته”، فى نفس الوقت الذى أعلن فيه محسن مرزوق الأمين العام السابق للحزب انشقاقه، مع 32 نائب من كتلتة البرلمانية، لتتراجع الى 54 مقعد، مما أدى لخسارته للأغلبية لصالح النهضة، الذى بات متصدراً!!.

          التنظيم الدولى للإخوان –بتمويل قطرى ودعم وتركى- نجح فى توظيف بعض الرموز السياسية العربية لتشكيل “المجلس العربي للدفاع عن الثورات والديمقراطية” يولية 2015، وجعل مقره تونس، ليمثل واجهة جديدة لتغذية الحراك الثورى، وإستعادة رصيد الإخوان بالدول العربية، ترأسه المنصف المرزوقى، وضم فى قيادته أيمن نور “مصر”، وتوكل كرمان “اليمن”.. عقد آخر اجتماعاته منتصف يناير الجارى فى استانبول بتركيا، بمشاركة طارق الهاشمى نائب رئيس الجمهورية العراقى السابق، قائد الحزب الإسلامي، الواجهة السياسية لإخوان العراق، والشيخ أسامة الرفاعى رئيس المجلس الإسلامي السورى.. إختيار التنظيم الدولى للمرزوقى يعكس حرصه على استثمار طبيعته كمهيج ثورى، يمتلك قدرة التأثير على الفئات الفقيرة والمهمشة والراديكالية، المرزوقى أسس مؤخراً حزب “حراك تونس الإرادة”، بعد أشهر من تأسيس كيان جماهيرى آخر أسماه “حراك شعب المواطنين”، وكان من العناصر المحرضة على الإضطرابات، والتنظيم الدولى للإخوان يتحين الفرصة لتأسيس كيانات وطنية مماثلة، فى مصر بالتنسيق مع أيمن نور، لتجاوز الخلافات بين الحرس القديم والشباب، ومحاولة إستعادة شعبيته التى افتقدها، وفى اليمن مع توكل كيرمان، لإعادة الحيوية والنشاط للتنظيم.

          الثورة التونسية اندلعت فى 17 ديسمبر 2010، لحقتها الثورة المصرية فى 25 يناير 2011.. هرب بن على فى 14 يناير، لحقه مبارك بالتنحى يوم 11 فبراير، ليتزامن سقوط النظامين، القوى الدولية التى تحرك الأحداث واحدة فى الدولتين، ورغم ذلك يتفق المسئولين المصريين على تكرار التأكيد بأن «مصر ليست تونس».. كل عمليات الرصد والتحليل الموضوعى تُجزم بأن البداية تكون “تونس”، لكن الهدف دائما “مصر”.. فمتى نُسَلِّم بالبديهيات؟!.

 
تعليق واحد

Posted by في 2016/02/01 بوصة غير مصنف