RSS

Monthly Archives: نوفمبر 2013

المخابرات الأمريكية..ومقعد الرئاسة فى مصر

Image

تصدمنا الحقائق..تدهشنا البديهيات..لأننا ببساطة لانرى الوجه الخفى..الولايات المتحدة تشن حرباً شعواء على شعب مصر، لأنه أطاح برئيس الجمهورية..منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وظهورها كأعظم قوة دولية، كانت مُلامِسَة لكافة التغييرات التى تمت فى الرئاسة المصرية..مؤيدة، اورافضة، محرضة، اوشريكة..اقتراب مُلفت يعكس الحلم الأمريكى فى التحكم بمن يجلس على مقعد الرئاسة بمصر..قلب الشرق الأوسط ومفتاح أى تغير فيه.

***

اولاً: الرئيس عبدالناصر..الحلم الأمريكى

     بمجرد نجاح الثورة المصرية صبيحة 23يوليو1952، توجه ممثل لمجلس قيادتها إلى السفير الأمريكى جيفرسون كافرى، وأبلغه رسالة بأن “النظام القديم قد سقط، وان النظام الجديد يستهدف تحقيق الأماني الوطنية للشعب المصري”.

     عبر مايلز كوبلاند ضابط المخابرات الأمريكى فى كتابه “لعبة الأمم” عن الحلم الأمريكى فى ان يكون الرئيس المصرى تابعاً لهم، فادعى كذباً انهم شكلوا فى مارس1952 لجنة برئاسة كيرمت روزفلت مسئول الشرق الأوسط بالمخابرات لوضع خطة الثورة المصرية، وان روزفلت عقد عدة لقاءات مع عبدالناصر قبل إطاحته بالملكية.

    وثائق الخارجية الأمريكية عن عام1952 عندما أفرج عنها أكدت انها فوجئت بالثورة، كما ان تيم واينز فى كتابه الوثائقى “إرث من الرماد..تاريخ وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA” الصادر2009 اكد انها “فوجئت بالثورة رغم ان عدد ضباطها بالسفارة الأمريكية بالقاهرة اربعة اضعاف عدد الدبلوماسيين” كما أشار لمحاولة إغراء عبدالناصر بالمساعدة فى انشاء محطة اذاعة قوية، ودعم نظامه بـ3ملايين دولار، وحصاره بشبكة من العملاء اللذين قام ناصر باعتقالهم، وأقام برج الجزيرة بجزء من الدعم..نصباً تذكارياً للفشل الأمريكى فى مصر.

***

ثانياً: أنور السادات..التصفية بعد فشل الحصار

     عام 2005صرحت هدى عبدالناصر بأن السادات قتل والدها لحساب CIA مشيرة لماتضمنته بعض الوثائق الأمريكية من انه كان عميلاً لـCIA، نفس الإتهام وجهه حسين الشافعى نائبه السابق بإشارته الى ماورد فى الواشنطن بوست من انه كان يتقاضى5 آلاف دولار شهرياً..تخرصات ليس لها اساس من حقيقة.

     عندما تولى السادات السلطة1970 كانت العلاقات مع الولايات المتحدة مقطوعة، ومكتب CIA يعمل من قسم رعاية المصالح الأمريكية بالسفارة الأسبانية..لم يحاولوا تكرار تجربة الإقتراب من السادات على نحو ماتم مع ناصر، اكتفوا بإكتساب ثقته فأبلغوه بمؤامرة تستهدفه، قام على اثرها بـ”ثورة التصحيح” 15مايو1971،  مبادرات السادات للسلام لم تكن وليدة إرتباط بأجهزة او دول كما أساء البعض تفسيرها، لكنها نبعت من توجه وطنى إنحاز للتسوية تخلصاً من استنزاف الحروب..وشعبيته لدى الرأى العام الأمريكى مرجعها تقديرهم لبراجماتيته، اما حقيقة تعاونه مع الولايات المتحدة فقد شابته صعوبات خفية بسبب انحيازه للوطن وقدرته السياسية على المناورة والخداع.

      استعصى مقعد الرئاسة عليهم، فحاولوا حصاره بالإقتراب من أشرف مروان مستشار السادات للمعلومات، وتخيلوا انهم -بالتعاون مع الموساد- قد نجحوا..فقد قدم لهم معلومات بالغة السرية كجزء من عملية خداع مهنى مخابراتى متطورة وبارعة، اشرف مروان رجل المخابرات المصرى كان حصان طرواده الذى شارك فى نصر اكتوبر1973، والذى ردت الدولة المصرية على محاولات تشويه سمعته بعد اغتياله2007 بتأكيد “أنه كان وطنيا مخلصا وقام بالعديد من الأعمال الوطنية ولكن الوقت لم يحن لكشفها”.

      السادات بعد إنجازه لإتفاقية كامب ديفيد، توالت تحذيرات CIA من استهدافة بمعرفة التنظيمات الدينية المتطرفة، فكلفها عام 1980بتدريب حرسه الخاص، الذى كانت تدربه احدى وكالات الأمن الخاصة “كابوتشى كوربوريشن” التى يمتلكها Edd Wilson ضابط المخابرات السابق..نيل ليفنجستون احد كبار المسئولين بالوكالة وصف برنامج التدريب الذى نفذته CIA بأنه برنامج هواة، والمح الى ان لدى CIA اعتبارات ومصالح متعارضة تنعكس عادة على مستوى مهنية برامجها التدريبية!!!  

 ثالثاً: حسنى مبارك..فساد دون خيانة  

      عينه السادات نائباً 1975وسط شائعات بأن ذلك تم بضغوط امريكية..جوزيف ترينتو الباحث المتخصص فى أنشطة المخابرات اشار فى كتابه “قتل السادات” الى ان “مبارك كان عميلاً امريكيا يتقاضى مكافأة من CIA”..نفس مارددوه عن السادات من إدعاءات مغلوطة، تعبير عن الحلم الأمريكى فى دفع أحد عملائهم لمقعد الرئاسة..هذا الزعم وجد قبولاً نتيجة تورط مبارك فى أعمال فساد ارتبطت بصفقات الدعم العسكرى لمصر، وامتدت للداخل بالطبع..وعلى ضوء ماورد بكتابBob Woodward الكاتب الصحفى -مفجر فضيحة ووترجيت-الصادر 1987عن الحروب السرية للمخابرات الأمريكية Veil”” فقد دفع مبارك منير ثابت لمكتب المشتريات التابع للملحقية العسكرية بواشنطن، ليلحق به ابوغزالة كملحق عسكرى، ويكوٍّنا مع مبارك وحسين سالم شركة White Wings Corporation التى اصبحت الناقل والمورد الرئيسى للأسلحة لمصر، وللمجاهدين الأفغان..ارتكبت الشركة مخالفات ادانتها المحاكم الأمريكية، فقرر رئيس الأركان احمد بدوى سحب ابوغزالة بحجة تعيينه مديراً للمخابرات الحربية يونية1979..لكنه لم ينفذ سوى بعد 6شهور بتشجع مبارك، حتى يستكمل فصل مكتب المشتريات عن الملحق العسكرى الجديد، مايو1980 عين بدوى وزيراً للدفاع وابوغزاله رئيساً للأركان، مارس 1981تولى ابوغزالة وزارة الدفاع بعد ان استشهد بدوى و13 من القادة فى حادث سقوط طائرة مريب لم ينج منه سوى طاقمها!! في أبريل 1989طلبت المحكمة الأمريكية استجواب ابوغزالة فسحبه مبارك من المشهد وعينه مستشاراً!!

      أغسطس 1981كلف السادات مبارك بتفعيل دوره كمنسق لأنشطة أجهزة الأمن لمواجهة تصاعد المعارضة، لكنه تزرع باستحالة ذلك فى وجود الفريق الماحى رئيساً للمخابرات العامة، الذى أشار فى تقرير متابعة لأحد زيارات مبارك لواشنطن الى بعض المقابلات التى وجد السادات تقرير مبارك عن المأمورية خاليا من ذكرها، وعندما سأله اعتذر لسقوطها سهواً فغضب الرئيس وجمد نشاطه لفترة، لكنه عندما عاد تخلص من الماحى بتعيينه محافظاً للإسكندرية.

     مبارك عومل معاملة الرؤساء خلال زيارته لواشنطن قبل 48ساعة من مشاركته فى احتفالات اكتوبر1981 التى اغتيل فيها السادات، الذى كان قد اورى لحرمه بأنه شعر خلال زيارته الأخيرة لواشنطن سبتمبر1981 بأنهم يريدون التخلص منه..فترة حكم مبارك شهدت تطوراً للتعاون بين أجهزة المخابرات لكنه لم يتجاوز القواعد المهنية بدليل محاولة حصار مبارك بعدد من رجال CIA (على رأسهم د.يوسف بطرس غالى…) واستمرار حرب المخابرات (إعلان مصر خلال الثمانينات عن قضية تجسس د.سامى يوسف إبراهيم واصف المزدوج الجنسية- إعلان CIA عن القبض على د.عبد القادر حلمى فى قضية الكربون الأسود).

رابعاً: عمر سليمان..المرشح المرفوض

     نصحت CIA عمر سليمان صراحة بعدم الترشح للرئاسة2012 لأنه كرجل مخابرات يستحيل عليها الإقتراب المهنى منه بهدف السيطرة، كما ان خبرته الأمنية يصعب معها حصاره من خلال معاونيه، ثم ان هناك ملفات يكاد ان يكون هو الوحيد القادر على التعامل معها (التصدى لوصول الإخوان لمقعد الرئاسة- تتبع أموال أقطاب النظام السابق المهربة للخارج- استغلال اسرائيل لبئرى غاز مصريين بشرق المتوسط- قدرته على التعامل مع موضوع سد “النهضة”…)

    كان المجلس العسكرى ايضاً رافضاً لترشحه!! وجاء استبعاده -بغض النظر عن السيناريو اوالجهة المسئولة- ليؤكد ان CIA كانت قادرة خلال تلك الفترة على التأثير بقوة فى القرار السياسى.

 خامساً: رئاسة مرسى..والإنتصار الأمريكى

      تفريغ الاتصالات الهاتفية في قضية التخابر بين مرسي وأحمد عبد العاطي قبل الثورة -والتى نشرتها “الوطن” 28 أكتوبر2013 وحللها الزميل مصطفى بكرى- يؤكد ان المخابرات الأمريكية قد نجحت -لأول مرة- فى تحقيق حلمها بأن يحتل أحد عملائها مقعد الرئاسة فى مصر..سأقتنص منها الإعترافات الصريحة :

*  تساؤل مرسى عماإذا كان ضابط CIA الذى قابله بالقاهرة هو الذى يقابله احمد عبدالعاطى فى تركيا، وعندما نفى عبدالعاطى سأله عما اذا كانت لديه فكرة بأن زميلاً له حضر للقاهرة وقابله من عدمه.

*  تأكيد عبدالعاطى بانهم يأتمرون بتعليمات CIA بإشارته لمحاولة إقناعهم بضرورة الموافقة على مشاركة الإخوان فى الثورة حتى لاتتجاوزهم الأحداث.

*  انتقاد مرسى ضعف مستوى مكتب CIA فى تركيا كقناة اتصال مع الإخوان، وعندما رد عبد العاطى بأنها الوحيدة المفتوحة مع CIA أكد مرسى ان لهم قناة أخرى مع ابوالفتوح.

*  تساؤل عبدالعاطى عن إمكانية وجود قناة للحوار مع اسرائيل، رد مرسى بأن الأمريكيين سألوهم من سنة حول إمكانية ذلك وردوا بالموافقة.

      هذه التسجيلات تمت من21-26 يناير2011 بإذن من النيابة العامة، فجر27 يناير تم اعتقال مرسى وآخرين، وأرفقتها مباحث امن الدولة ببلاغها الى المستشار هشام بدوى المحامى العام لنيابات أمن الدولة العليا طالبة إذن القبض فى قضية تخابر وتجسس لصالح دولة أجنبية بمايهدد الأمن القومى للبلاد، صدر أمر القبض، وتحدد 29يناير موعداً لبدء التحقيق بعد استكمال أمن الدولة لبعض المعلومات التى طلبتها النيابة..معنى ذلك ان أدلة الإدانة فى قضية التخابر كان موجوداً لدى الداخلية ونيابة أمن الدولة العليا، رغم ذلك لم يعاد القبض على مرسى..لم يتم تسوية وضعه..لم تعترض اى جهة أمنية على توليه رئاسة الحرية والعدالة..قبلت لجنة الانتخابات ملف ترشحه..هل كان متضمناً صحيفة الحالة الجنائية فتكون الداخلية جاملت جاسوساً؟! ام كان خلواً منها وتكون اللجنة هى التى جاملته؟! ماحقيقة موقف المجلس العسكرى منه فى ضوء ماتسرب من وثائق عن تفضيله كرئيس تجنباً “لإحراق مصر”!! هل هناك “عيب إجراءات” بالقضية (القبض قبل تصريح النيابة) وهل هذا يبرر السماح لجاسوس بتولى مقعد الرئاسة؟!

      هذا واحد من أخطر الملفات المسكوت عنها..الصمت بشأنه مشاركة فى الجريمة.. حققت CIA حلمها بدفع أحد عملائها لمقعد الرئاسة فى مصر..ثم مارست التهديد والضغوط معتمدة على من يدعمون موقفها بالحكومة وخارجها وينادون بمصالحة خبيثة مع من لازالوا يمارسون الإرهاب ضد الشعب والجيش والشرطة ومصالح الدولة.

***

     عبدالناصر..الوطنية تحصين ضد الخيانة، السادات..براعة المناورة منحتهم الأمل وعندما فقدوه قتلوه، مبارك..استعداد مبكر للفساد..تربح من معاناة الوطن..وشبهات تتعلق بجرائم تصعيد لشركاء، وتخلُص من شرفاء، وتصفية لمنافسين..أمور ملتبسة تتطلب التحقيق..لكن من شاركوا فى فساد عصره هم من حاكموه فاختاروا أوهن الإتهامات، مرسى..تعبير صريح عن انتصار تاريخى حققته CIA غير ان الشعب فى 30يونية أجهضه..ماظهر من جرائم خيانة فى عصره مجرد قمة لجبل ثلج..محاسبة من تستروا التزام حتمى مهما تأخر..الشعب ينشد العدل..والوطن يطالب باستحقاقاته.

 
تعليق واحد

Posted by في 2013/11/28 بوصة غير مصنف

 

ذكرى محمد محمود..كلاكيت ثالث مرة

Image

لم اكن ارغب فى الدخول فى إشكالية المشاركة فى احتفالات ذكرى محمد محمود من عدمه..الموضوع تحول الى مجال للمزايدة، وهذا وحده كفيل بأن نناى بأنفسنا عنه، لكن المخاطر المحتملة كبيرة مما يصعب معه التزام الحياد.

     نتفهم تماما دوافع مشاركة أسر الشهداء، ونقدر تحمس الرموز الثورية مثل احمد حرارة فى الدعوة للإحتفالية، ولانوافق من يبادربون بوصف كل من يختلف معنا بالطابور الخامس، لكن افحتفالية لن تعيد الشهداء للحياة، بقدر ماستفتح المجال لإستشهاد المزيد، بإتاحة الفرصة للإخوان للمشاركة او الإندساس لتحويل مسار الإحتفالية على النحو الذى يسيل المزيد من الدماء.

     فى مناخ اختلط فيه الثوار بالإخوان المندسين يصعب على الجيش او الشرطة السيطرة على الموقف، او القبض على المندسين..هذا فضلاً عن فتح المجال للتسلل والإعتصام بميدان التحرير، وتمكين الإخوان من تحقيق هدف يتوقون له منذ عدة شهور.

***

اذا كنت مختلفاً معى، فتعال نجتر ذكرى ماحدث:

1-     ان محمد محمود الأولى كان قد دعا لها حازم صلاح أبو إسماعيل والجماعات الإسلامية المتطرفة إحتجاجاً على “وثيقة المبادئ الأساسية للدستور” التى إصدرها الدكتور علي السلمي والتى تضمنت معايير اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور التى كان سيختارها مجلس الشعب.

2-     انه بمجرد وقوع الإشتباكات انسحب الإخوان واللإسلاميون تاركين قناصيهم لإصطياد الثوار إبقاءً على اشتعال الموقف، ليتفرغوا هم للفوز بالإنتخابات البرلمانية.

3-     اما محمد محمود الثانية فقد اصطنعها الإخوان لتبرير إصدار الإعلان الدستوري المكمل فى 22نوفمبر2012.

 لقد وقعت أحداث محمد محمود “الأولى والثانية” فى ظل حالة التناقض بين الشرطة والشعب، لكن الشرطة بعد 30 يونية انحازت للشعب، وملف الثأر ينبغى ان يغلق. مصر لاتحتمل المزيد من الإنقسام، ولا المواجهة بين الشرطة والشعب، ويكفى ماتواجهه الشرطة فى سيناء، بل وفى العاصمة نفسها، حيث افتقدوا أمانهم الشخصى وأمان اسرهم لمجرد دفاعهم عن امن الوطن والحفاظ على أرضه المقدسه..حتى لو كانت الشرطة قد أخطأت..وهى بالفعل اخطأت، فقد دفعت ثمنا غاليا بدماء شهدائها وتضحياتهم.

   الى الداعين لتظاهرات محمد محمود..مع خالص تقديرى لوطنيتكم..اليس منك رجل رشيد؟!

 
أضف تعليق

Posted by في 2013/11/17 بوصة غير مصنف

 

مصر تنقسم.. فهل من مُوَحِّدْ؟!

Image

عام من حكم الإخوان، لم يمر إلا وقد ترك تأثيره السلبى على المجتمع؛ استقطاب حاد، تأليب البعض على الآخر، تمييز وفقاً لاعتبارات الانتماء

لى الأهل والعشيرة، رفض للحوار، عدم تقبل الاختلاف، استخدام أسلوب فرض الأمر الواقع بالقوة، سيادة خطاب الكراهية، تغليب أساليب العنف… والنتيجة شعور بالتهديد، انعدام للأمان، فقدان للأمل، غياب للتفاؤل، تراجع معدلات الرضا.

عام من محاولات الاختراق الواسع لمؤسسات الدولة حتى لو اضطروا لهدمها، المهدَّدُون فى ظل الحالة الثورية يدافعون عن أوضاعهم بالقوة، يجبرون الآخر على الاستماع لمطالبهم بالصوت العالى، وتلبية احتياجاتهم بالضغط، كل طرف يتصورها لحظة للتغيير، ويسعى إلى أن يحقق أكبر قدر من المكاسب. ومن اللافت أن أكثر المؤسسات التى تعانى الانقسام حالياً هى الأكثر تعرضاً للتهديد والوعيد من «مرسى» وجماعته.

سقوط الإخوان ربما أزال الخطر، لكنه لم يوحِّد، بل دفع كل قطاع أو فئة إلى محاولة تحقيق مصالحها الذاتية ولو على حساب الوطن.. قضية سياسية اجتماعية لها أولوية التناول.

أولاً: الانقسام داخل القضاء:

بدأ الإخوان محاولات اختراق القضاء منذ نهاية الستينات، اخترقوا تيار قضاة الاستقلال الذين اعترضوا على فرض أو مد حالة الطوارئ خلال مؤتمر العدالة 1986، ثم نزلوا إلى الشارع2005 احتجاجاً على تزوير الانتخابات.

ومع نجاح «مرسى» فى الوصول إلى الحكم كشف القضاة الإخوان عن وجودهم «قضاة من أجل مصر»، واحتلوا مواقع مهمة، وخططوا لإعادة هيكلة القضاء، وإحالة 3500 قاضٍ للتقاعد وإحلال محامين إخوان بدلاً منهم، ومع تصدى نادى القضاة لذلك بدت مؤسسة القضاء فى حالة انقسام وصراع داخلى حاد.

ورغم سقوط «مرسى» وبدء اتخاذ إجراءات تأديبية ضد القضاة المسيَّسين، فإن مظاهر الانقسام قد تضاعفت؛ النيابة الإدارية تسعى لسحب «القضاء التأديبى» من مجلس الدولة، باعتبار أن توليه تلك المهمة كان مؤقتاً لأنه أنشئ 1946 قبل إنشاء النيابة الإدارية بـ8سنوات، أما هيئة قضايا الدولة فقد طلبت سحب مهمة مراجعة العقود الإدارية من مجلس الدولة، وقرر نادى الهيئة منع أعضاء المجلس من دخوله، كما حذفت النيابة الإدارية أسماء أبناء قضاة مجلس الدولة من كشوف تعيينات 2009، وقررت عدم قبول أى من أبناء أعضائه فى الدفعات المقبلة، وذلك رداً على قرار مجلس الدولة بمنع دخول أعضاء النيابة الإدارية ناديهم، ومطالبته بعدم إدراج النيابة الإدارية ضمن باب السلطة القضائية فى الدستور، نادى القضاة يقف سلبياً فى مواجهة ذلك الانقسام، بل يضاعف الأزمة ويشعبها بطلب أن تكون ميزانية القضاء رقماً واحداً فى ميزانية الدولة، محاولات لرأب الصدع يبذلها رئيس الجمهورية، ولكن حتى بافتراض نجاحه فى تجاوز الأزمة مرحلياً فإن عمق أسباب ومبررات الانقسام ربما تنعكس على وحدة هذه المؤسسة وقدرتها على أداء دورها فى إقرار العدالة الناجزة.

ثانياً: الانقسام داخل الإعلام:

كانت برامج التوك شو إحدى أدوات كشف الفساد والتعبئة الجماهيرية لثورة يناير، ازداد عددها بعد الثورة، لكن توجهاتها عكست حالة الانقسام والاستقطاب داخل المجتمع، وإن ظل التوجه الأكبر والأشهر والأكثر جماهيرية هو الإعلام الخاص المعارض لاختطاف الإخوان للدولة، فكان من أهم أدوات التعبئة لإسقاط حكمهم.

وجاء 30 يونيو محاولاً تخفيف حدة الاستقطاب بين الفضائيات بإغلاق العديد من القنوات المتطرفة، غير أن الانقسام قد ازداد نتيجة لعوامل مهنية ومادية. سقط الرئيس الإخوانى بنظامه بعد أن كان مادة ثرية للتحليل والانتقاد والسخرية، وهو ما كان مصدر جذب للمشاهدين، ولأرباح الإعلانات. البعض فضل أن يظل معارضاً من منطلق أن المعارض أكثر اجتذاباً للاهتمام. والآخر غلّب الأخلاقيات مؤيداً لنظام الحكم البديل، وللمؤسسة العسكرية التى انحازت للإرادة الشعبية، وكان من الطبيعى أن يؤدى ذلك إلى تعميق الانقسام، وتبويب القنوات والصحف والإعلاميين فى فئات على نحو ينتهك المهنية والأخلاقيات.

ثالثاً: الانقسام داخل الجامعات:

ليس وليد الأزمة الراهنة، لكنه نتاج تراكمات أخطاء الدولة منذ السبعينات، عندما منحت حرية العمل للجماعات الإسلامية فى مواجهة النشاط اليسارى، لكن ما فعله الإخوان مؤخراً تجاوز ظاهرة الانقسام والصراع إلى الجرائم الإرهابية، الأساتذة من أعضاء التنظيم يحملون المنشورات والشعارات والألعاب النارية والمولوتوف داخل سياراتهم ليستعملها الطلاب الإخوان، ناهيك عن تحريضهم على العنف. أما الطلبة -أبناء الفقراء الذين يشكلون غالبية الطلاب بكليات الجامعة- فقد تباروا فى هدم وإحراق وتخريب قاعات المحاضرات، وتحطيم الأجهزة، ومقاعد الدراسة، وكأن سقوط الإخوان أسقط مبرر تلقى العلم، وقضى على أى أمل فى مستقبل الفرد أو الوطن، وأنهى مبرر استمرار المؤسسات التعليمية. حالة خروج على المجتمع والقانون، وتطرف يثير المخاوف على مستقبل الأزهر الوسطى، وحقد وغل مكانه عيادات الأطباء النفسيين، وجلسات العلاج الجماعى.

رابعاً: الانقسام داخل «حركة تمرد»:

بعد سقوط «مرسى» ونظام الإخوان ظهر اتجاهان داخل حركة «تمرد»؛ الأول: يرى أن الحركة أسست لهدف واضح نجحت فيه، ولا يجب أن تذهب إلى أبعد منه إلا فى حدود الضغط لتحقيق أهداف الثورة وعبور المرحلة الانتقالية بنجاح. الثانى: تمسك بضرورة «مَأْسَسَة» الحركة وإعادة هيكلتها لتصبح كياناً سياسياً، وبالفعل استقال عدد من القيادات الممثلة للاتجاه الأول (محب دوس، المتحدث باسم الحركة، دعاء خليفة…).

أما قيادات الاتجاه الثانى، فقد اعتبرت أن توقيع 22 مليون على استمارة «تمرد» بمثابة تأييد للحركة وتفويض لها كشريك سياسى فى المرحلة الانتقالية، إلى الحد الذى عارضوا فيه الإعلان الدستورى مستنكرين صدوره دون مراجعتهم، ثم محاولتهم فرض مرشحين للوزارة! واستمر تبنى هذا التوجه إلى أن بدأت مطالبات بفصل ممثلى الحركة فى تأسيسية الدستور لتبنيهما مواقف دون الرجوع إلى القواعد (تأييد المحاكمات العسكرية للمدنيين – استمرار مجلس الشورى – الانتخابات المختلطة – كوتة العمال والفلاحين – قبول المواءمات بشأن مواد الهوية – الإعلان عن خوض الانتخابات البرلمانية وسط مؤشرات تحالف مع فلول الوطنى المنحل…)، حاولت الحركة تجاوز ذلك الخلاف بإعلان انفصال محمود بدر ومحمد عبدالعزيز بحجة عضويتهما بالتأسيسية، إلا أن الأخيرين نفيا ذلك، فتوالت استقالات المكاتب التنفيذية بالمحافظات (أسيوط – سوهاج – المنوفية – الغربية…)، بسبب الانحياز للسلطة والسعى وراء مكاسب شخصية والتعاون مع الوطنى المنحل.

«تمرد» بالنسبة للشعب المصرى تمثل الشباب صاحب «الحل العبقرى» الذى تجاوز اليأس من إمكانية التغيير على أيدى الأحزاب والقوى السياسية، وهى رمز ملهم للرافضين لحكم الإخوان فى الدول العربية، والانقسام داخلها يعكس تأثيراته السلبية على الأمل فى الشباب، وإمكانية العبور إلى المستقبل.

خامساً: الانقسام داخل الحكومة:

سيطر الانقسام على الحكومة إلى الحد الذى أصابها بالشلل، ووصمها بالارتعاش. نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية لم يبد أياً من كراماته كخبير اقتصادى، لكنه تسلم راية الدعوة للمصالحة من «البرادعى»، والنتيجة، التأخر فى تنفيذ حكم الأمور المستعجلة 23/9 بحظر جماعة الإخوان وحل جمعيتها وكافة المؤسسات المنبثقة عنها ومصادرة أموالها، ما سمح للجماعة بالتصرف فى مقراتها بالمحافظات، وأرصدتها فى البنوك.

ووزير التعليم العالى ظل أسيراً لموقفه السابق -كمعارض ثورى للحكومات السابقة- بشأن الحرس الجامعى، رغم اختلاف الظروف ومستوى العنف داخل الجامعات، فعجزت الحكومة عن التوافق على صيغة لعودة الحرس، ورغم أن خسائر التخريب داخل الجامعات تقدر بعشرات الملايين.

مناقشة قانون التظاهر شهدت مشادة بين «زياد» ووزير الداخلية، وتم حجز القانون بالرئاسة لتعديله. الخلاف حول هذا القانون مقدمة للخلاف حول قانون مكافحة الإرهاب المتوقع عرضه قريباً، لتضمنه بعض التدابير الصارمة ضد ممارسة العنف الذى تنتج عنه حالات وفاة، كذلك هو مقدمة للخلاف حول قانون تقييد تلقى منظمات المجتمع المدنى تمويلاً من الخارج. هذا العجز وفر المناخ الملائم للترويج لاحتمالات إقالة الحكومة، وهذا فى حد ذاته يضاعف من ترددها وارتعاشها، وهو أبعد ما يكون عما يتطلبه الموقف الراهن من حسم وحزم لوضع حد للسيولة الراهنة فى الوضع السياسى والاقتصادى والأمنى.

سادساً: الخلافات بين النيابة والشرطة:

تحولت النيابة منذ عدة سنوات إلى قطاع متميز يجمع أبناء كبار أعضاء الهيئات القضائية، إضافة إلى كبار المسئولين وأصحاب النفوذ بالدولة، لذا من الطبيعى أن نتوقع منهم بعض التصرفات الاستعلائية. أزمة مع المحامين 2010، بعد اشتباك بين محامين ووكيل نيابة بطنطا، عطلت سير العدالة نتيجة لإضراب المحامين بعد حبس زملائهم، وتتكرر المشكلة نفسها فى أكتوبر 2013 باشتباك بين رئيس نيابة ساقلتة بسوهاج وأمين شرطة، لاعتراض الأول على مضمون المحضر الذى حرره الثانى لحادث تصادم بين سيارة رئيس نيابة آخر وميكروباص، لتتطور الأزمة بقرار النيابة حبس نائب المأمور ونقيب آخر و3 من الأمناء بتهمة التطاول على النيابة، وتقرر محكمة جنح مستأنف أخميم رفض طلب الاستئناف، فتعلن القوة الأمنية لمركز شرطة ساقلتة الإضراب عن العمل، ويقرر نادى أمناء وأفراد الشرطة بسوهاج -بالتنسيق مع النادى العام بالقاهرة- سحب جميع الخدمات المكلفة بحراسة مقرات النيابة واستراحات أعضائها على مستوى المحافظة، وتهديداً بالتصعيد على مستوى الجمهورية. أزمة نتجت عن عدم إدراك بأن بعض المناصب وقراراتها ومعالجاتها للأمور -حتى الشخصية- هى انعكاس لرصانة وخبرة وإدراك مدى حساسية المنصب، لا محاولة توظيف حصانته وصلاحياته فى نفوذ واستعراض للقوة.

***

ليست تلك كل مظاهر الانقسام، لكنها مجرد نماذج، وهناك أخرى عديدة.. عدم توفيق التأسيسية فى محاولتها إلغاء كوتة العمال والفلاحين -رغم قناعتى بحتمية إلغائها- فالتوقيت غير مناسب، والظروف قد تسمح باستغلال ذلك فى التحريض على الدولة، خاصة مع ما أثاره تعيين عضو بديل لممثل الفلاحين الذى توفى -رغم وجود العضو الاحتياطى- من هواجس وشكوك.. ممثلو الأحزاب الليبرالية فى الدستورية منقسمون بين نظام الانتخاب الفردى والقائمة، وخلفهم أحزاب منفصلة عن الشارع تنتظر الإشارة لتبدأ الاتصالات والمساومات والتحالفات والصفقات مع قيادات قبائلية وعشائرية وفلول وإخوان، ما سيؤدى إلى عدم اختلاف تركيبة المجلس المقبل عن سابقيه، رغم أن الفرصة متاحة لهم لتغيير نظام التصويت ليصبح بالمجمعات الانتخابية -وهو النظام المتبع فى الولايات المتحدة- الذى نحن أحوج ما نكون إليه، حتى نحد من تأثير الرشاوى الانتخابية وشراء أصوات الفقراء والأميين.

***

ليست حالة تشاؤمية، ولا نظارة سوداء يرتديها كاتب المقال، لكنه التزام بالموضوعية فى نقل الواقع والمتوقع للقارئ ولصانع القرار.. تشخيص الحالة أول مراحل علاجها، الانقسام علاجه التوحد، ورأب الصدع دواء للانشقاق.. مصر تمر بلحظة فارقة، وعلى كلٍّ أن يؤدى ما عليه، وفاءً لوطن يستحق ومواطن أحق.

 
تعليق واحد

Posted by في 2013/11/09 بوصة غير مصنف

 

حول نقل محاكمة مرسى لأكاديمية الشرطة..المبررات والإحتمالات

Image

نقل محاكمة مرسى من معهد الأمناء الى اكاديمية الشرطة بعد كل تلك الإستعدادات والإنشاءات والتجهيزات التى قامت بها الشرطة يرجع الى حقيقة ان الإخوان لديهم صواريخ آربى جى وأخرى جراد وبازوكا وهاونات و مضاد للطائرات..ويحيط بمعهد الأمناء قرابة 6000 عمارة تتراوح ارتفاعاتها بين 9-12 دور ، وتم رصد ايجار العديد من العرب ناهيك عن المصريين لشقق بالمنطقة بعد الإعلان عن عقد المحاكمة بها..عملية النقل المفاجئة قبل الموعد بـ15 ساعة يرجع لواحد من الإحتمالات التالية:
1- ان يكون ذلك إجراء احترازى لإفساد اى تخطيط او استعداد لقصف موقع المحاكمة (خاصة ان اغتيال مرسى تكليف من التنظيم الدولى لعملائه بمصر)
2- رد فعل لإكتشاف مخطط لعملية ارهابية تستهدف المحاكمة.
3- امكانية اكتشاف قصور فى خطة التأمين نتيجة سوء إختيار المكان ، والذى تم بناء على مراعاة اعتبار واحد هو قرب المعهد من السجن ،ولم تراعى فيه ثغرات الأمن التى تشكلها شبكة المبانى التى تسيطر على المبنى.

وفى كل الأحوال أعود للتاكيد على ان الداخلية فى حاجة ماسة لقيادة جديدة ، وان التنسيق بينها وبين باقى أجهزة الأمن أمر واجب.. فى الولايات المتحدة هناك وزير لأجهزة الأمن القومية يشرف على 17 جهاز على مستوى الدولة وينسق فيما بينها ويوحد جهودها فمن يقوم بتلك المهمة فى بلادنا ونحن فى حالة حرب فعلية ضد الإرهاب ؟!

 
أضف تعليق

Posted by في 2013/11/03 بوصة غير مصنف

 

هل نعلن التعبئة..أم نخسر الحرب؟

Image

       الجيل الرابع من الحروب..معناه وفق تعريف أندرو مارك ان [تجعل العدو فى حالة اقتتال داخلى وإضعاف ذاتى وانقسام مجتمعى]، واضاف له ماكْس مانْوارِنْج ان [تدفع بعض المواطنين لزعزعة الاستقرار ونشر الفوضى بمايضعف قدرة الدولة على التحكم فى الأوضاع ويفقدها السيطرة على أجزاء من أراضيها..ومن ثم تصبح “دولةفاشلة”].

***

        الإخوان..فصيل يعمل لحساب أجهزة مخابرات غربية ،لديها مخططات تفتيت وهدم للدولة المصرية..يكفرون بالوطن ويخوضون ضده معركة حياة اوموت..حرب عصابات ضد رجال ومعدات القوات المسلحة والشرطة..استهداف لمقراتهم..إغتيال وإرهاب للمجندين..تهريب للأسلحة من مختلف المنافذ الحدودية فى عملية إغراق غير مسبوقة..يخزنون أسلحة ثقيلة “صواريخ أرض-أرض ومضادة للدبابات والطائرات ومخازن متفجرات”لاتملكها سوى الجيوش..يمولون شبكات الإرهاب التى تعمل بنظام “المقاولة”بالملايين..محاولات لإغراق السوق بملايين الدولارات المزيفة..قطع يومى للطرق..تعطيل لوسائل المواصلات..سعى دائب لوقف الدراسة.. مظاهرات غير سلمية تنتشر فى كثير من الإحياء والمحافظات لإنهاك الشرطة والجيش وطرد السياحة..محاولات مستميتة للهجوم على السفن العابرة لقناة السويس..حملات اعلامية تبثها وسائل إعلام مصرح بها -للأسف- من الدولة لإبراز الإنهيار الإقتصادى والفشل الأمنى والسياسى..حملات علاقات عامة تشنها شركات دولية بالولايات المتحدة واروروبا لتشوية الحكم فى مصر ،والتأليب ضده..حرائق واعتداءات مسلحة على الكنائس..اختطاف مواطنين مسيحيين لإثارة حرب طائفية، والترويج لعجز الدولة عن حماية الأقليات.

       ماذا نسمى ماتواجهه مصر على هذا النحو ،ان لم يكن أعنف نماذج الجيل الرابع من الحروب؟!

      من يخطط؟! من يمول؟! من يحدد الأولويات ،والآليات ؟! من ينفذ ،وماهى ادواته؟! ماهى محاور الهجوم؟! من يتابع ويوجه ويعدل المسار ويقف على أهبة الإستعداد للتدخل لإنجاز هدف “تقسيم مصر”؟! ماهو تقدير لأجهزة المخابرات التى تتولى الحرب علينا لفرص النجاح ؟!

      ربما لخصت الإجابات عناوين الأزمة الراهنة فى مصر.

***

من يخطط للحرب الدائرة حالياً ؟!

        تتولى المخابرات المركزية الأمريكية عملية التخطيط بالتعاون مع بعض أجهزة المخابرات المتعاونة معها (البريطانية – الفرنسية – التركية – الإسرائيلية – القطرية) ،وقد تم رصد العديد من إجتماعاتها (يوم 8/8/2013بقاعدة اكروتيرى البحرية البريطانية بقبرص بمشاركتهم جميعاً – من 16_18/8/2013بالقاعدة العسكرية الأمريكية فى دارمشتادت بألمانيا”الإسرائيلى،البريطانى،الفرنسى،الناتو”- يوم31/8/2013 بجامعة تل أبيب”البريطانى،الفرنسى،الإسرائيلى”- خلال عيد الأضحى اكتوبر2013بالدوحة”التركى ،القطرى،التنظيم الدولى للإخوان”)

       وحتى لاتكون العلاقة بين الإخوان وأجهزة المخابرات الغربية موضعاً لجدل يضيع الحقيقة ،أحيل الى الوثائق المنشورة فى كتاب روبرت دريفوس الصادر 2005 «كيف ساعدت أمريكا على إطلاق العنان للمتشددين الإسلاميين؟!» الذى حدد البدايات الأولى لعلاقة الإخوان بالإنجليز، حين قدمت شركة قناة السويس للمرشد حسن البنا تمويلا لإنشاء الجماعة ،كما تناولت وثيقة THE APPOINTMENT BOOK بمكتبة أيزنهاور بداية تعاون الإخوان مع المخابرات المركزية الأمريكية خلال مشاركة سعيد رمضان زوج ابنة المرشد حسن البنا -وكان يوصف بوزير خارجية الجماعة- فى مؤتمر القوى المدنية بالدول العربية الذى عقد بجامعة برينستون الأمريكية1953 ،وبصفة عامة فإن ملف علاقة أمريكا بالإخوان تكشفه وثائق نشرها الكاتب بيان جونسون والمؤرخ برنارد لويس وضباط المخابرات المركزية الأمريكية روبرت باير، وروبرت دريهر، وليندا هيرد.

من يمول العمليات ؟!

      تؤكد المصادر الأمريكية –بتواضع فى التقدير- ان استثمارات الإخوان بالخارج 5-10مليار دولار ،عائداتها السنوية100مليون دولار..كما تحصل الجماعة على نسبة10% سنوياً من استثمارات أعضائها(تصل الى20مليون جنيه)..اما اشتراكات الأعضاء السنوية فتتجاوز60مليون جنيه ،بخلاف عائدات انشطة أخرى غير مشروعة..التنظيم الدولي للاخوان اعتمد ميزانية تتجاوز3مليار دولار ،بخلاف دعم قطرى ومساعدات وتسهيلات تركية ،بهدف إشاعة الفوضى بمصر ، وتشويه قياداتها ونظام الحكم فيها بالتعاون مع شركات دولية متخصصة وجماعات ارهابية.

من يحدد الأولويات والآليات ؟!

      عندما استشعرت قيادة الجماعة ان خطر جدى يتهددها فى30يونية ،بدأت تشرك قيادات التنظيم الدولى وحماس والجماعة الإسلامية فى تقييم الموقف ووضع آليات المواجهة (اجتماع17يونية بالقاهرة) وبمجرد سقوط الإخوان والقبض على معظم قياداتها بدأ التنظيم الدولى يتولى ادارة الأزمة بالتعاون مع المكتب الإعلامى للتنظيم فى لندن برئاسة إبراهيم منير الأمين العام للتنظيم والمتحدث الرسمى(اجتماع11-14/7 و16/8 و25/9 باسطنبول – 2/9بالمغرب –  25/9 بلاهور – 8/10بقطر…).

من ينفذ ،وماهى ادواته؟!        

        بوساطة من ايمن الظواهرى ،استعان التنظيم الدولى بأحد قيادات تنظيم القاعدة بالعراق “إبراهيم السامرائى” ،وقيادى بتنظيم القاعدة “إبراهيم عواد”، لتشكيل ميليشيات تابعة للتنظيم «كتائب أبوعبيدة» ،لتنفيذ عمليات إرهابية داخل مصر ،وإعلان الخلافة الإسلامية من سيناء.

       فى اوائل اكتوبر عقد ابراهيم منير اجتماع مع أسامة الموصلى “تنظيم القاعدة بالأردن” ومحمد ابوالمقداد “من الجهاديين” لجلب جهاديين عراقيين وسوريين لمصر فى إطار تأسيس الجيش المصرى الحر.

       معلومات المخابرات الليبية تؤكد ان هناك اكثر من 20 الف مصرى فروا من مصر بعد 30 يونية لشراء سلاح وان “القاعدة” فى ليبيا قد تلقفتهم ، كما يتعاونون مع اخوان ليبيا ،وبعضهم اتجه الى سوريا للتدريب ،ومن الطبيعى عودتهم للعمل بمصر.

       كذلك شكل التنظيم مجموعات من العرب المقيمين فى اوروبا مهمتها رصد زيارات الوفود والشخصيات العامة والحزبية المصرية للدول الأوروبية لتعقبها والتعرض لها وإفساد مهامها.

ماهى محاور الهجوم؟!

     تشير المعلومات الى ان التنظيم قد حدد محاور رئيسية للعمل خلال المرحلة المقبلة:

*  استهداف سفارات امريكا وبريطانيا والمانيا بالقاهرة لإظهار عجز مصر عن حمايتها.

*  إجهاض الجهود الرامية لعودة النشاط السياحى وضرب الإقتصاد.

*  استهداف المزيد من ضباط الشرطة والجيش.

*  استهداف الأقباط لإحداث فتنة طائفية تبرر التدخل الأجنبى فى مصر.

*  اغتيال عدد من رؤساء الصحف المستقلة.

*  تصعيد الإحتجاجات وأعمال العنف لإصابة الحياة العامة بالشلل تزامناً مع محاكمة مرسى إعتماداً على تجنيد مجموعات من شباب الألتراس والعشوائيات مقابل مكافآت تصل الى1500جنيه يومياً.

*  اقامة دعاوى لمحاكمة عدد من المسئولين العسكريين امام الجنائية الدولية.

من يتابع التنفيذ ؟!

     فى يولية 2013 اتجهت الولايات المتحدة نحو ترشيح روبرت ستيفان فورد كسفير لها بالقاهرة خلفاً لآن باترسون ،وقد تصدينا فى “الوطن” [مقالنا “روبرت فورد..وفرق الموت..واللعب على المكشوف” بتاريخ7/8/2013] لكشف انتماؤه للمخابرات الأمريكية ، ومشاركته فى تشكيل “فرق الموت” التى لازالت تعمل حتى الآن فى العراق وسوريا، عندما شغل منصب سكرتير اول السفارة الأمريكية ببغداد ومساعداً للسفير جون نيجروبونتى رجل المخابرات صاحب الخبرة فى إسقاط أنظمة الحكم اليسارية فى امريكا الوسطى ،ثم كرر فورد نفس التجربة ابان مهمته كسفير للولايات المتحدة بدمشق2011.

     وقد تراجعت الولايات المتحدة بالفعل عن ترشيح فورد وكلفت ديفيد ساترفيلد -قائد القوات المتعددة الجنسيات والمراقبين الدوليين بين مصر واسرائيل فى سيناء- بمهمة القائم بأعمال السفارة ،وهو منصب لايتطلب موافقة الدولة المضيفة ،وقد أعدنا فى “الوطن” التذكير [مقالنا “ديفيد ساترفيلد..واستكمال الدور التخريبى للسفارة الأمريكية” بتاريخ17/9/2013] بأنه عندما استدعت واشنطن نيجروبونتى من بغداد لتولى منصب مدير المخابرات القومية الأمريكية حل فورد محله كرئيس للبعثة ،وعين ساترفيلد نائباً للسفير مايو 2005 وبدأت اولى عمليات فرق الموت بعد وصوله بعدة أيام ،وعندما غادر فورد العراق فى 2006 تم تعيين ساترفيلد كبيراً لمستشارى رايس فى العراق.

     اذن هناك اصرار أمريكى على ان يتواجد فى المرحلة الراهنة احد رجال مخابراتها المدربين على اثارة الفوضى والصراعات الطائفية والعرقية وتشكيل فرق إغتيالات وقتل جماعى انتهاء بتفتيت الدولة..تلك حقائق على الأرض ،فإذا اضفنا اليها ان من بين الدبلوماسيين المعتمدين بالسفارة مايزيد عن الف ضابط مخابرات تتضح اجابة السؤال [من يتابع ويوجه ويعدل المسار ويقف على أهبة الإستعداد للتدخل لإنجاز هدف “تقسيم مصر”؟!]

             لماذا لانرى اى رد فعل مصرى فى مواجهة ذلك؟!

***

تقديرهم لفرص النجاح ؟!

      من خلال ماتسرب عن إجتماعات أجهزة المخابرات المشار اليها يتضح مراهنتهم على عدة عوامل يرون انها توفر لهم فرص النجاح:

            *  ماسربه الإخوان من معلومات سرية عن الجيش والشرطة واجهزة الأمن.

            * تقديرهم بأن القيادة الحالية فى مصر لاتمتلك الخبرة ولا الجرأة لإتخاذ القرارات المناسبة لخطورة ماتواجهه البلاد من مصاعب ،وانها تتعامل مع الآثار الجانبية للأزمات دون قدرة على حلها.

            * ضعف سيطرة الدولة على حدودها وسهولة تهريب الأسلحة وتسلل الأفراد.

            * مؤشرات النجاح الإعلامى الذى حققه الإخوان داخلياً وخارجياً مقابل الفشل الحكومى…

                       هل تظل تلك الثغرات مفتوحة؟!

***

      الإيقاع البطىء المتردد للحركة السياسة المصرية لايصلح للمواجهة..فقراءة الوضع تشير الى ان الأسوأ ربما لم يأت بعد..وينبغى اتخاذ اجراءات عاجلة:

1-  لم تتعافى الداخلية منذ نكستها فى28يناير2011..لاتزال تعانى من تجريف الكفاءات العاملة فى مكافحة الإرهاب والتطرف السياسى ،كما تفتقد التوحد حول قيادتها، تعيين قيادة جديدة يعيد الروح والتماسك..وإستدعاء كل الضباط المتقاعدين خاصة من الأمن الوطنى يعيد خبرات لازمة للمرحلة ،ويسمح بزيادة للأعداد تسمح بالمواجهة دون ارهاق او انهاك للأفراد.

2-  الأنشطة الإرهابية التى نواجهها تتم بمعرفة أجهزة مخابرات دولية ،وهى تدخل ضمن مهمة مكافحة التجسس والأنشطة الهدامة التى تختص بها المخابرات العامة، وتفرض إختراق قوى للتنظيمات الإرهابية يسمح بالتعامل الإستباقى..مطلوب ايضاً مشاركة الجهاز فى وضع خطط التأمين داخل المحافظات المستهدفة “سيناء – القناة – الشرقية – مطروح) نظراً لخبرة الجهاز فى تحديد الثغرات التى ينفذ منها الإرهاب.

3-  ومن المؤكد ان الظرف الراهن يفرض ان نعلو فوق الحساسيات والذاتية ،وان يتم فوراً تعيين “منسق عام لأجهزة الأمن المصرية” تتبعه غرفة عمليات مركزية تتولى الإتصال والتنسيق وتحقيق التكامل بين المعلومات والجهود والعمليات لمختلف الإجهزة ..تلك مهمة تأخرنا فى إنجازها عن كافة دول العالم وبدونها سنظل نعانى من القصور.

4-  ان انشغال الحكومة بقوانين التظاهر وإلإرهاب وتنظيم الأمن داخل الجامعات…الخ هو نوع من التلكوء..قانون العقوبات فيه مايكفى لمن يمتلك العزيمة ونية الحسم..ان لم تتوافر لدى الحكومة الإرادة السياسية فعليها بالرحيل فوراً.

5-  لم تنجح مصر فى القضاء على ارهاب الثمانينات والتسعينات الا بتعاون الشعب فى تقديم المعلومات..حان الوقت لحملة وطنية تعيد روح التعاون حتى يتم الرصد والقضاء على البؤر والأوكار والعناصر الهدامة.

***

       مصر ياسادة تخوض حرباً ضروس من حروب الجيل الرابع ، أخطر مافيها ان الهزيمة تعنى تفكك الدولة وانحلالها ، بل ان الدولة قد تلحق بها الهزيمة ،ربما قبل ان تدرك انها فى حالة حرب ،والمعضلة..انه لايمكن لأى جيش ان ينتصر فى تلك الحرب دون تعبئة الشعب لمواجهتها ،فهل نملك الإرادة؟!

 
تعليق واحد

Posted by في 2013/11/02 بوصة غير مصنف