RSS

Monthly Archives: جوان 2014

“داعش” والعراق.. خفايا الأزمة، وآليات المواجهة

Image

الأيام تمضى.. والأسابيع تمر.. و”داعش” مستمرة فى اجتياحها للأراضى العراقية دون ان يتكشف أبعاد ذلك الهجوم، وأهدافه الحقيقية، ونتائجه المتوقعة.. غموض يكتنف الموقف، وأسئلة عديدة لم تجد بعد اجابات شافية.. لماذا هاجمت “داعش” العراق؟.. ماعلاقة ذلك بتطورات الموقف فى سوريا؟.. ماهى طبيعة اللعبة السياسية، وخطة الخداع العسكرى التى قامت بتنفيذها؟.. ماهى ردود الفعل المحلية والإقليمية والدولية؟.. واخيراً.. كيف يتم التعامل مع الموقف؟

***

على مدى العامين الاولين من الازمة السوریة التى تفجرت فى مارس2011، کان نظام الأسد قاب قوسين او أدنى من السقوط، الا انه فى السنة الثالثة من الازمة حقق انتصارات واضحة، وبعد اتفاق وقف اطلاق النار والمصالحة بمدینة حمص “عاصمة الثورة” بداية مايو 2014، بات النظام السوری یحظى بالتفوق الإستراتیجی، الواقع الميدانى يؤكد ان التغيُر الإستراتيجى فى الموقف جاء بعد إنتصار بلدة القصير يونية 2013 الذی تحقق بفضل مشاركة حزب الله اللبنانى، والدفعات الإضافية من مقاتلى الميليشيات الشيعية العراقية الذين تدفقوا لدعم القوات النظامية.. حامد المطلق عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي أكد أن «العراق دخل طرفا في الأزمة السورية، بترتيب ايرانى واضح، لأن الحكومة تغض البصر عن مشاركة العراقيين في القتال دفاعاً عن النظام السورى».. عبد الحسين عبطان نائب رئيس كتلة المواطن البرلمانية التابعة للمجلس الأعلى الإسلامي بالعراق أوضح أن «قتال بعض الشباب الشيعة في سوريا ليس خروجا على قانون الدولة، لأنه إذا كانت الدولة السورية غير قادرة على حماية المقامات والمراقد الشيعية المقدسة، خاصة السيدة زينب، فإن واجب المتطوعين الشيعة تولى تلك المهمة».. مهند الخطيب المتحدث الرسمي باسم حركة النجباء (حزب الله العراقي) أكد مشاركة الحركة بجيش لحماية المراقد المقدسة منذ يونية 2013، إثر عجز الجامعة العربية عن حماية المقدسات في سوريا، وان هذا الجيش يتبعه ثلاثة الوية «الحمد بريف دمشق، عمار بن ياسر في حلب، والحسن المجتبى بضواحي العاصمة، والأخير وجد لدى معظم قتلاه هويات عسكرية تابعة للجيش العراقي».. يشاركهم فى تلك المهمة محموعات من المليشيات الشيعية العراقية الأخرى.. «لواء أبو الفضل العباس» يعتبر من أكبر التشكيلات العسكرية العراقية بسوريا..  «عصائب أهل الحق» المنشقة عن التيار الصدرى، تتبعها بسوريا «قوات الشهيد محمد باقر الصدر، لواء اليوم الموعود، منظمة بدر».. «لواء أسد الله» ويرتدي مقاتليه ملابس تحمل شارات قوات التدخل السريع العراقية “سوات”.

***

منذ سبتمبر 2013 وكبار مسئولى تنظيم القاعدة يدرسون جدوى فتح جبهات جديدة فى لبنان والعراق، بمايؤدى لإنسحاب المتطوعين من سوريا للدفاع عن اراضيهم، وتخفيف الضغط على الميليشيات المعارضة للأسد.. ايمن الظواهري اعتبر أن تعدد الجبهات يشتت الجهد ويجهض مشروع الدولة الإسلامية، اما قادة “داعش” فقد تمسكوا بتوسيع رقعة المواجهات.. واتفق فى النهاية على الإكتفاء بضربات أمنية في لبنان، اما فى العراق -حيث توجد بيئة حاضنة- فيمكن تهيئة الميدان لفتح جبهة مواجهة.

وبالفعل تم تنفيذ العديد من عمليات التفجير فى لبنان، استهدفت غالبيتها مناطق نفوذ حزب الله، استخدمت فيها سيارات الدفع الرباعى المفخخة.. تفجير قرب السفارة الإيرانية ببيروت نوفمبر2013 تبنته «كتائب عبدالله عزام»، تفجير بالشارع العريض وآخر بحارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت حيث مقر «حزب الله» يناير2014 تبنته “جبهة النصرة”، تفجيرين بمنطقة بئر حسن ببيروت قرب المستشارية الثقافية الإيرانية 19 فبراير2014، تفجير بقرية النبى عثمان بالبقاع 16 ابريل2014، تفجير20 يونية 2014 قرب الحاجز الأمنى بظهر البيدر على الطريق الدولى بيروت –دمشق بالبقاع اثناء محاولة اعتقال أحد العناصر الإرهابية، ابان محاولته الهروب لسوريا، بعد اعتقال عنصرين ينتمون لـ “داعش” بمنطقة الحمرا، وبحوزتهم قنبلة.. الانفجار الذي وقع بمدخل الضاحية الجنوبية لبيروت، قبل فجر24 يونية واستهدف حاجزاً للجيش.. شارل جبور عضو الأمانة العامة لقوى 14 آذار أكد أن ما يجري هو «حرب بين حزب الله ومجموعات سورية» مشددا  ضرورة أن يتخذ الحزب قرارا بالخروج فورا من سوريا.

اما فى العراق فقد اعتمدت “داعش” على قيادة عمليات مشتركة تضم ضباطاً من عشائر السُنَّة ينتمون للجيش ولحزب البعث ابان حكم صدام « نقيب وليد جاسم العلواني رئيسا للمجلس العسكري -عميد محمد الندى الجبوري مسئول أركان -عقيد أبو مهند السويداوي عضو -عقيد عدنان إسماعيل نجم عضو –ابوعلى الخليلى من “فدائيي صدام” -ابوفيصل الزيدى بعثى»، كما بدأت حملة واسعة لجمع الأموال والتبرعات لشراء الأسلحة، حتى ان مدينة الموصل وحدها كانت تقدم نحو 600 ألف جنيه استرليني شهريا، ومن المؤسف ان بعض قيادات وعناصر الجيش العراقى -التى تورطت فى تجارة السلاح ابان وجود المستشارين العسكريين الأمريكيين لتحسين رواتبهم الضعيفة- قد شاركت فى عمليات التهريب والتجارة، وتسبب بعضهم فى الإنهيار المخزى للجيش.

الإنتخابات البرلمانية نهاية ابريل 2014 كانت الفرصة الأخيرة للمجتمع السنى، لتغيير الأوضاع والتخلص من ديكتاتورية وطائفية المالكى عبر الصناديق، خاصة بعد ان حذرته الإدارة الأمريكية خلال زيارته لواشنطن نوفمبر 2013 من انفجار سنى قادم لا محالة، اذا لم يسارع بتخفيف حدة الصراع الطائفى والشعور بالحنق لدى الطائفة السنية.. الا ان ممارسات المالكى الخفية للاحتفاظ بولاية ثالثة في منصب رئيس الوزراء قد اصابها بالإحباط، وفى نفس الوقت فإن عدم تمكن الجيش العراقى من استعادة الفلوجة رغم محاصرتها منذ عدة اشهر، قد أكد ضعف الجيش العراقى نتيجة ان تشكيله بعد الغزو الأميركي 2003 كان على أساس أنه لن يخوض مهمات قتالية، فضلاً عن ازدياد حالات الهروب، وتفكك بعض وحداته بسبب النزعات الطائفية السائدة داخله، ونجاح بعض الميليشيات الطائفية فى اجتذاب العناصر المدربة من داخله.

وقد شجع ذلك “داعش” على بدء مناورة خداعية بإطلاق تصريحات تكشف نيتها تدمير مراقد شيعية، وهو مادفع الحكومة إلى تركيز قطاعاتها في سامراء التى تحوي مرقد هادى العسكرى الذى أدى تفجيره فبراير 2006 لإندلاع حرب طائفية، وفى 5 يونيو شنّ المئات من مقاتلى (داعش) هجوماً على الأجزاء الشرقية من مدينة سامراء، حيث واجهتها قوات الأمن وميليشيات عصائب أهل الحق الشيعية بهجمات مضادة فورية، لتبدأ “داعش” هجومها الرئيسى فى اتجاه محافظات نينوى وصلاح الدين، وتستكمل السيطرة على الأنبار.

***

التطورات الأخيرة فى العراق تعتبر نتاج منطقى لفشل الولايات المتحدة هناك، وتكريس نورى المالكى لسياسة التمييز الطائفى.. تطورات أحدثت حالة من الإرتباك الشديد فى الولايات المتحدة التى فقدت مصداقيتها بعد انهيار الجيش البالغ تعداده زهاء مليون جندي والذي تولت تدريبه بتكلفة تجاوزت20 مليار دولار، وسقطت الدولة التى احتلتها لتنشىء فيها نموذجاً للديمقراطية الغربية، وتظل البدائل امامها محدودة للغاية ولن تغير من الموقف على الأرض، بعد استبعاد كافة البدائل العسكرية بما فيها القصف الجوى، لتستعد الإدارة الأمريكية لمواجهة مع الكونجرس والبنتاجون بسبب ماتم ارتكابه من أخطاء فى العراق.. اما إتصال بوتين بالمالكى 20يونية 2014 فقد عكس تأييد روسيا للحكومة العراقية على النحو الذى يدخل الأزمة العراقية ضمن دائرة الصراع الروسى الأمريكى، مما يعنى امتداد التنسيق الروسى الإيرانى فى سوريا الى العراق، ودخول الصراع بصورة سافره مرحلة الحرب الطائفية.

وعلى مستوى دول المنطقة.. الأردن الهاشمى يرتبط بعلاقات تاريخية مع العشائر السنية بالعراق، لكنه ضد تنظيم القاعدة بكل امتداداته بمافيها “داعش”، خاصة وانه تعرض منها عام 2005 لسلسلة من العمليات الإرهابية، وهو قلق من نزوح المزيد من اللاجئين العراقيين، إضافة لما لديه من العراقيين والسوريين.. الكويت حرصت على الإحتفاظ بحد أدنى من العلاقات الطيبة مع العراق، رغم التوتر الذى يسود علاقات شريكتيها بمجلس التعاون الخليجى “السعودية والإمارات” معه، لكنها تجد نفسها الآن فى مواجهة مباشرة مع “داعش” التى ادخلتها ضمن حدود الدولة الإسلامية، ليعود من جديد هاجس التهديد القادم من العراق لوجودها كدولة مستقلة ذات سيادة.. حتى ايران التى كانت بدعمها للسياسة الطائفية للمالكى تأمل فى استكمال محور «طهران/ بغداد/ دمشق/ بيروت» الشيعى، تجد نفسها اليوم امام موقف قد تضطر فيه للتدخل المباشر فى العراق لحماية المراقد الشيعية المقدسة، وهو الأمر الذى يضاعف من مبررات قلق السعودية ودول الخليج من دورها بالمنطقة، وفى كل الأحوال فإن خروج محافظات العشائر السنية والمحافظات الكردية من سيطرة السلطة المركزية يجهض مشروع المحور الشيعى الذى تسعى ايران لتحقيقه، كما سيظل مصدر تهديد لهذه السلطة، مصر.. لم تتعافى بعد من كابوس الإخوان، كما لم تستكمل قوات الإنتشار السريع القادرة على حماية امنها القومى بعد توسيع نطاقه ليشمل دول الخليج، فضلاً عن ان توقيت وسرعة انهيار الموقف فى العراق يبدو للبعض وكأنه شرك لإستدراج الجيش المصرى.

اذن.. ماهى آليات التعامل مع الأزمة؟!

ليس هناك من بديل سوى إحالة الموقف فى العراق برمته للجامعة العربية، من خلال اجتماع عاجل لوزراء الخارجية يرتقى لقمة طارئة فى حالة الضرورة، والسعى لإستصدار قرار بإلزام السلطات العراقية بسرعة تشكيل حكومة وحدة وطنية «تضم القيادات الشيعية والسنية والكردية والعشائرية»، وتبنى مبادرة اياد علاوى رئيس “ائتلاف الوطنية” بالعراق «بإلقاء السلاح والدخول الفوري في حوار، لقطع الطريق أمام الإرهابيين ودعاة التقسيم والاحتراب الطائفي، ومنع أي تدخل خارجي يضر بسيادة ووحدة الوطن« وعرض استضافة الجامعة لإجتماع القمة الذى تضمنته المبادرة والذى يضم قرابة 20 من قادة الكُتَل وأهل الحل والعقد بالعراق، وفى نفس الوقت شن حملة إعلامية عربية لشحذ وطنية الشعب والجيش العراقى للدفاع عن وحدة البلاد الوطنية، بغض النظر عن الإنتماء الطائفى، فى مواجهة مايتهددها من مخاطر جسيمة، وذلك دون إغفال التنسيق الإستراتيجى العربى مع الولايات المتحدة وروسيا والإتحاد الأوروبى لضمان دعمهم لحكومة وحدة وطنية بالعراق والحيلولة دون احتفاظ “داعش” بماحققته من مكاسب، خاصة وان قلة عددها وطبيعة تدريبها على حرب العصابات قد لاتساعدها على الصمود طويلاً فى مواجهة حرب نظامية، مالم يتخذ الموقف بالفعل شكل الثورة السنية الشاملة ضد استئثار الشيعة بالسلطة فى العراق.

 
3 تعليقات

Posted by في 2014/06/21 بوصة غير مصنف

 

الأمن الداخلى.. بين التحديات ومتطلبات المواجهة

Image

مصر بعد تنصيب الرئيس تنشد الإستقرار، لإصلاح مادمرته السنوات الماضية من خراب، وبدء عملية التنمية، وجذب الإستثمار.. تحقيق الأمن اول مقومات الإستقرار.. ومضاعفة قدرة جهاز الشرطة ورفع كفاءَته أمر حاسم..  كيف السبيل لذلك؟! وماهى الإشكاليات المتعلقة به ؟!

***

عشوائية التغطية الإعلامية:   بعد تسريب إتصالات قادة الإخوان صدرت تعليمات بعدم استخدام التليفونات فى الأمور الحركية والتنظيمية، الماسنجر وغرف الدردشة بديلاً أكثر أمناً، رغم خضوع مواقع التواصل للمراقبة، لكن قطاع واسع من اعضاء التنظيم لايمكنه التواصل من خلال تلك الوسائل.. الإعلام الخاص فى سعيه للسبق ينقل التكليفات والتوجيهات طوعاً، حتى من داخل السجون، دردشات مرسى، وتعليقات قادة الجماعة ليست مجرد هرتلة، لكنها رسائل لها صداها على الأرض، الإعلام ايضاً يغطى فعاليات التنظيم بالشارع ويضخمها.. مثل هذه التغطيات ينبغى توقفها فوراً، لأن القنوات المعادية -التى بدأت تفتقد القدرة على التغطية نتيجة للسيطرة الأمنية- تتناقلها، بل ان تلك التغطيات اصبحت مرجعاً لتقييم ومحاسبة المنفذين للفعاليات، والذين لاينتمى معظمهم للإخوان، بل يشاركون بالمقابل، وبالتالى مالم تحقق مشاركتهم المردود الإعلامى المطلوب فسوف يتم وقفها.. إذن رصانة التغطية الإعلامية، وكبح جماح التنافس لتغطية مثل هذه الفعاليات، يشكلان مقدمة ضرورية لوضع حد لتظاهرات الإخوان، ومايصاحبها من تهديد لأمن الشارع المصرى. 

الشرطة ومجموعات التخريب والترويع:   شجع نجاح تكتيك “الذئاب المنفردة” فى تنفيذ عدة عمليات للقاعدة فى اوروبا على انتهاج الإخوان له كوسيلة لتشكيل خلايا ارهابية مستقلة يصعب كشفها، الطلاب يشكلون العمود الفقرى لهذه الخلايا، لأنهم قادرون من خلال الإنترنت على التوصل لطريقة تصنيع القنابل والمتفجرات بمواد متاحة بالأسواق، وكذا توصيل دوائر تفجيرها، هذه الخلايا يمكن ان تسبب إزعاجاً يفوق ماتسببه التنظيمات الإرهابية كـ”أنصار بيت المقدس”، خاصة ان نشاطها مرشح للإستمرار فترات طويلة لصعوبات أمنية فى كشفها.. سيطرة الدولة على نسبة كبيرة من مصادر تمويل الإخوان وجمعياتها الخيرية، أدى لتوقف إنفاق الجماعة على قرابة 40 الف طالب ينتشرون بالجامعات المصرية، مما حول بعضهم لخلايا ارهابية، إعفاء الدولة للطلبة المعسرين من مصروفات الدراسة والإقامة بالمدن الجامعية سيوقف النشاط الإرهابى لقطاع واسع منهم، ويهدىء الأوضاع بالجامعات.

من ناحية أخرى ورث الإخوان عن الحزب الوطنى مجموعات لاعلاقة لها بأى تنظيم، لكنها اعتادت على التكسب من مقاولات الحشد، سواء خلال الإنتخابات او للمظاهرات، وتعتمد هذه المجموعات على بعض سكان العشوائيات والعاطلين وأطفال الشوارع ناهيك عن روابط الألتراس، تدخل الدولة بأدوات الترهيب والترغيب يمكن ان يحد من دور هذه المجموعات، خاصة وان معظمهم مطلوبين فى أحكام قضائية.

اما مجموعات الترويع فهى عبارة عن عصابات تقطع الطرق وتمارس الخطف والقتل فيما يبدو انه جرائم جنائية، لكنه فى الحقيقة جزء من النشاط الإرهابى الموجه لخلخلة الدولة، قطاع من هؤلاء استفاد من قرارات الإفراج التى أصدرها مرسى، قطاع آخر استفاد من اتفاقات عقدها معه كبار قادة الإخوان “البلتاجى –ياسين….” لحشد المتظاهرين وإثارة الفوضى فى الشوارع، وقطاع ثالث استفاد من حالة سقوط الدولة ليشكل تنظيمات عصابية جديدة او يوسع نشاط عصابات قائمة، وهو حريص بالتالى على منع عودة الدولة من جديد، هذه المجموعات تشارك فى عمليات الإرهاب على نحو ماتم فى أعقاب فض اعتصامى رابعة والنهضة من هجوم على مقرات الشرطة والمحاكم والكنائس وإضرام النيران بها، كما ان بعضهم يشارك فى ذرع القنابل والمتفجرات بالمرافق الحيوية كالكهرباء.. خطورة هذه المجموعات ينبه الى أهمية الربط بين الأمن السياسى والأمن الجنائى فى مجال المتابعة الشرطية، بمايفرض مراجعة مواقف المسجلين جنائياً، وإجراء مزيد من التحريات حول المضبوطين منهم.

الإنضباط وتأمين الفئات المستهدفة:   الشارع المصرى تسوده حالة من الإنفلات تشكل عبئاً على الإقتصاد المصرى، استهلاك مضاعف للوقود ولوسائل النقل، إقتطاع ساعات طويلة من وقت العمل ذهاباً وعودة، زيادة معدلات التلوث بآثارها على الصحة، ناهيك عن توافر البيئة الملائمة لجرائم السرقة والخطف والتحرش، بخلاف الإرهاب.. إعادة فرض الإنضباط يتطلب مضاعفة تواجد الشرطة والمرور، خاصة مع ماهو متوقع من مقاومة الفئات المستفيدة، ومحاولتها العودة لمواقعها كلما حانت الفرصة.

خسارة الإخوان لمعركتهم مع الدولة فجر شهوة الإنتقام لديهم، رجال الشرطة والجيش ليسوا فقط المستهدفين، وانما تتسع الدائرة لتشمل رجال السياسة والإعلام والنيابة والقضاء، ناهيك عن المنشآت السيادية والخدمات الحيوية “الكهرباء –الإتصالات…” عملية تأمين هذه الأهداف لاتتطلب فقط خطط أمنية تتصف بالديناميكية، وانما ايضاً مضاعفة وحدات وعناصر الشرطة والأمن التى تتجاوز أدوارها التأمين والحماية، الى السيطرة على المحاور والمنافذ لمنع تسلل عناصر الإرهاب او هربها بعد ارتكابها لجرائمها.

الشرطة وقضية إعادة الهيكلة:   حققت الشرطة حالياً مستوى عال من الأداء أعاد لها هيبتها، وعكس تواجد الدولة القوى فى الشارع المصرى.. الحديث عن “إعادة هيكلة الداخلية” يمثل دعوة لإختراقها، تمهيداً لإعادة توجيه دورها على نحو إنتقائى، الإخوان و6 ابريل والأناركيين ومدعى الثورية هم من يتمسكون بذلك المطلب.. الشرطة واحدة من الأجهزة التى تتضمن هياكلها آليات تكفل التطهير والمراجعة الدورية لهياكلها بصورة ذاتية، والتدخل السياسى يفسد تلك الآليات، ويعوق عملها.. غير ان المطلوب وينبغى ان نعطيه اولوية أولى هو تخليص جهاز الشرطة من المسئوليات الإدارية التى لاتدخل فى نطاق اختصاصه، ومضاعفة حجم قواته، ورفع مستوى تسليحها، فمع تعدد مهام ومسئوليات الجهاز على نحو ماأوضحناه بدأت تبرز بعض الحوادث، رغم محدوديتها الا ان دعم الجهاز يحول دون تحولها لظواهر..

*  عدم قدرة الشرطة منفردة –دون مشاركة الجيش- القيام ببعض المهام “تأمين عمليات التصويت – تنفيذ عمليات إزالة لتعديات على أراضى الدولة..”.

*  لاتزال سرعة استجابة الشرطة لإستغاثات المواطنين الذين يتعرضون لإعتداءات ارهابية او جنائية دون المستوى المطلوب فى بعض المناطق.

*  نصيحة بعض رجال الشرطة للمواطنين فى بعض حالات سرقة السيارات او الخطف بالتفاوض مع المجرمين.

*  ظهور عصابات مسلحة تتقاضى مبالغ شهرية من اصحاب المزارع فى بعض المحافظات “الفيوم…” بدعوى تأمينها.

*  منح العاملين بالدولة إجازة رسمية يوم تنصيب الرئيس بسبب العجز عن تأمين الوفود وسط ازدحام الشوارع.

*  تعرض عدد من الإناث للتحرش العنيف خلال مشاركتهم فى احتفالات التنصيب رغم الإستعداد المسبق لتلك الإحتفالات، والتحسب لظاهرة التحرش المتكررة.

***

الإشارة لمثل هذه الوقائع لايمس ماحققته الشرطة من انجازات، ولكنه يؤكد الحاجة لمضاعفة حجم قواتها ورفع كفاءتها وتسليحها، بمايسمح لها بممارسة مهامها دون إشغال الجيش عن مهامه المقبلة على المستوى الوطنى، وربما العربى، ودون توقيف دولاب العمل بالدولة، وبالسرعة التى تحمى المواطن، وتجنبه إيذاء الخارجين عن القانون، او مساومتهم لتأمين ممتلكاته او إسترداد حقوقه.

 

 
أضف تعليق

Posted by في 2014/06/20 بوصة غير مصنف

 

حزب النور.. والمواجهات المؤجلة

 

Image

بقدر مااتخذه حزب النور من مواقف قد توحى بنوع من النضج السياسى، الا ان مواقفه على الأرض تعكس قدراً عالياً من الإنتهازية السياسية.. ظل حليفاً للإخوان حتى فبراير 2013 عندما أقال مرسى مستشاره السلفى د.خالد علم الدين.. رغم ذلك ظل الموقف الرسمى للحزب حتى نهاية يونية 2013 يتمسك بشرعية مرسي باعتبارها «خط أحمر»، ويؤيد استكمال مدته الرئاسية.. فى2 يولية وبعد تفجر المظاهرات الشعبية أيد إجراء إنتخابات رئاسية مبكرة، ثم شارك فى 3 يولية فى اجتماع القوى السياسية، وأيد خارطة المستقبل، وذلك رغم مشاركة قواعده فى إعتصامى رابعة والنهضة وحصار الحرس الجمهورى.

وبالتالى.. فإن التعامل مع السلفيين يفترض مراعاة ثلاثة إعتبارات..

الأول: ان قطاع منهم قد شارك كممثل للتيار الإسلامى فى خارطة المستقبل.

الثانى: ان تأييد هذا القطاع لنظام الحكم لاينعكس على قواعده التى يتعاطف معظمها مع الإخوان، الا ان انقلابه على الحكم يوفر مبرراً لإستمرار رفض ومقاومة باقى التيار للنظام.

الثالث: ان لهم تأثير واسع على قطاع عريض من المواطنين غير المنتمين للتيار الدينى، وذلك من خلال الخطب والدروس بالمساجد، وخدمات الجمعيات الخيرية.

وزارة الأوقاف منذ يولية 2013 اتخذت قرارات واجراءات بالغة الأهمية لإستعادة سيطرة الأزهر على المنابر ومنع توظيفها سياسياً أوحزبياً.. مذهبياً أوطائفياً (حظر اقامة صلاة الجمعة في الزوايا أقل من ثمانين متراً -منع غير الأزهريين من الخطابة -توحيد خطبة الجمعة -استبعاد الأئمة والخطباء الذين ثبت توجيه رسالتهم الدعوية لصالح فصيل سياسى معين -إزالة اللافتات الحزبية أو المذهبية والتى تحمل اسم أي جماعة أو جمعية من واجهات المساجد…).

هذه القرارات كانت لازمة لوضع حد لحالة فوضى نتجت عن صفقات وترضيات مع الإخوان والسلفيين، لكن بعضها أثار ردود فعل سلبية نتيجة عدم مراعاته ماتقدم من إعتبارات.. لكن قرار عدم السماح بالخطابة والقاء الدروس الدينية في المساجد لغير الأزهريين يتحداه السلفيون لأنه يحرمهم من أهم أدوات التأثير على المواطنين، خاصة فى الريف، كما أثار توحيد الخطبة إستهجان من اعتبروه “تأميماً وتكميماً” للمنابر لم يعرفه التاريخ الإسلامى الا فى دولة الإمارات منذ 2009، وهو استثناء لايمكن القياس عليه او محاكاته، وكذا من يرونه انهاء لدور المسجد الدعوى نظراً لأن الخطبة الموحدة قد تفقد الخطيب قدرته على التأثير، وتحد من إهتمام وتركيز المتلقى.

الوضع العام فى الدولة يفرض الحرص حالياً على تجنب المعارك الجانبية، ونزع فتيل الصدام كلما امكن ذلك، الأمر الذى يفرض النظر فى اتخاذ إجراءين..

الأول: الترحيب بمبادرة الدعوة السلفية لخطبائها بالإمتناع عن الحديث فى السياسة بالمساجد، والإقتصار على الشأن الدينى، على ان تتخذ الأوقاف إجراءات تؤكد ان الهدف من القانون هو تنظيم العمل الدعوى وليس منعهم من الخطابة، وذلك من خلال النص على حظر الخطابة بالمساجد على من انتمى او ينتمى لأى حزب او جماعة سياسية، حتى لو كان من خريجى الأزهر الشريف.

الثانى: وضع برنامج زمنى متدرج للتخفيف من قيود الخطبة الموحدة بمايتناسب وحالة الإنضباط داخل المساجد.. يبدأ بمجرد تحديد لمحاور الخطبة، ثم الإكتفاء بتحديد موضوعها، ثم طرح بدائل لموضوعات دعوية يتم الإختيار منها، وأخيراً تحرير الخطبة شريطة إقتصارها على التوعية الدينية، على ان يتم موافاة الوزارة بنسخة مسجلة وكاملة منها. 

 
أضف تعليق

Posted by في 2014/06/19 بوصة غير مصنف

 

الإعلام المصرى والتضامن المفقود مع القضاء

Image

أحرص دائماً على تجنب الحديث عن القضاء بصفة عامة، وليس فقط التعقيب على أحكامه، ماقد يتصوره البعض هنا متعلقاً بالقضاء، ينصب مباشرة على الإعلام ودوره المفتقد فى دعم القضاء داخلياً وخارجياً، وذلك بتوضيح ابعاد الجرائم المنظورة امام القضاء، وبالتالى تتبدد  مبررات الإنتقاد الدولى لبعض مايصدر من أحكام، خاصة فى القضايا المتعلقة بالإخوان والنشطاء، والتى قد تشوبها ظاهرياً شبهة تسييس، وبذلك يؤدى الإعلام دوره فى تهدئة الحملات الدولية ضد مصر.. ومنع تحول بعض الأحكام الى أسلحة فى الحرب ضد مصر، وهنا ينبغى إبداء بعض الملاحظات:  

ان مايعانى منه الوطن من إنقسام وتعبئة قد انتقل لمؤسسة القضاء، لاأقصد بذلك قضاة تيار الإستقلال، ولاقضاة رابعة، انما قطاع واسع من القضاة ووكلاء النيابة المستقلين والمحايدين الذين وجدوا أنفسهم مستهدفين بأشخاصهم وأسرهم لمجرد تكليفهم بقضايا الإخوان، تعرضوا جميعاً لتهديدات صريحة، بعضهم تنحى عن القضايا، أما من تمسكوا بالإستمرار فقد تعرضت بعض أحكامهم لإنتقادات دولية ومحلية..

فى 24 مارس 2014 أحالت إحدى دوائر محكمة الجنايات أوراق 529 متهماً للمفتى بتهم العنف والتحريض عليه بعد ثلاثة أيام فقط من بدء إجراءات التقاضي، وبعد جلسة واحدة من نظر القضية، غاب عنها المحامين!! فى 28ابريل 2014 صدر الحكم بإعدام 37 فقط والمؤبد لـ491، وتضمن توصية للنيابة بالطعن عليه!! لمراعاته شفقة لايستحقها المتهمين!! فى نفس اليوم تصدر أحالت نفس الدائرة أوراق 683 إلى المفتي.. أعقبها مؤتمر صحفى لنادى القضاة للتعقيب على الأحكام ومحاولة التخفيف من وطأة التنديد الواسع بها، والذى ترددت أصداؤه خارجياً وداخليا.

أمين عام الأمم المتحدة وصف الأحكام بأنها “مثيرة للهلع.. ولا تفي بالمعايير الأساسية للمحاكمة”.. الاتحاد الأوروبي اعتبرها “انتهاك للقانون الدولي”.. الرئيس الألماني اعرب عن “بالغ القلق”.. وزير الخارجية السويدي وصف الأحكام بالـ”شائنة”.. وزارة الخارجية الفرنسية أبدت قلقها الشديد داعية القاهرة لضمان محاكمات عادلة..  البيت الأبيض ابدى انزعاجه الشديد واصفاً الأحكام بـ”مجافاة أبسط قواعد العدالة الدولية”.. منظمة العفو الدولية اعتبرتها “مثالا بشعا على أوجه القصور في نظام العدالة بمصر وطبيعتها الانتقائية”.. هيومان رايتس ووتش قالت “مصر تصدر أحكام الإعدام وكأنها توزع الحلوى”.

نفس هذه الدول والمنظمات سبق ان ساندت القضاء المصرى بقوة إبان تعرضه للتهديد خلال حكم الإخوان.. هيومن رايتس ووتش وصفت الإعلان الدستوري فى نوفمبر 2012 بإنه يعطي قرارات مرسى وقوانينه الحصانة من المراجعة القضائية، ويقوض سيادة القانون في مصر.. منظمة العفو الدولية وصفت مسودة دستور الإخوان الذى أقرته الجمعية التأسيسية وقبل عرضه للإستفتاء بأنه «خيبة أمل كبيرة لاترقى إلى المستوى الذى يمكنها من حماية حقوق الإنسان ».. زيارة القاضي جيرارد رايسنر رئيس الاتحاد الدولي للقضاة للقاهرة مايو 2013 لدعم القضاة فى مواجهة محاولات مرسى الإطاحة بعدد منهم وإحلال محامين اخوان بدلا منهم، الاتحاد الدولي للمحامين ارسل 25 يونية2013 وفداً للقاهرة لتأييد نادى قضاة مصر فى مواجهته مع محاولات مرسى والبرلمان المساس بوضع السلطة القضائية فى مصر.

***

لاينبعى التعامل مع مواقف الدول والمنظمات التى تنتقدنا حالياً على نحو انتقائى، كما لايجوز تجاهل هذه الإنتقادات او التعلل بمبدأ “حظر التعليق على أحكام القضاء”.. وانما  ينبغى وضع آليات تسمح باقتران صدور الأحكام فى قضايا الرأى العام بدعم إعلامى واسع داخلياً وخارجياً، يتناول برصانة وموضوعية ظروف وملابسات القضايا، وأدلة الإتهام معززة بالمستندات والتسجيلات.. هكذا يظل القضاء المصرى حصناً للوطنية لا”كعب أخيلوس” الذى تنفذ منه انتقادات الغرب وتهديداته. 

 
أضف تعليق

Posted by في 2014/06/19 بوصة غير مصنف

 

مصر.. ومعركة الإرهاب.. وسقوط نينوى

Image

حالة من الإرتباك والتخبط تسيطر على السياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط، تعهدت بتزويد المعارضة السورية بأسلحة متطورة لمواجهة تفوق قوات الأسد، لكنها اشترطت ضمان عدم وصولها الى داعش، يثور صراع، وتقع مواجهات بين الفصائل المعارضة فى سوريا، وينتهى الأمر -بعد تدخل زعيم القاعدة- بتوجه داعش الى الأنبار فى العراق، الحسابات الأمريكية لم تكن تتوقع الإنهيار السريع للجيش العراقى امام ميليشيات لاتمتلك سوى عربات الدفع الرباعى والأسلحة الخفيفة والمتوسطة، ذلك انها لم تقدر عاملين: الأول ان قيادات عسكرية عراقية عديدة ممن تم تسريحها بعد سقوط صدام قد انضم لـ”داعش” واصبحت بكل ماتملكه من خبرة ومعرفة تشكل أغلبية قيادتها.. الثانى ان التيار الغالب فى الجيش العراقى يرفض التبعية للولايات المتحدة او لإيران الشيعية، لإعتبارات وطنية وطائفية.. أمريكا تتصور ان تقدم داعش على هذا النحو يشكل ضغطاً على ايران ابان تفاوضها مع الولايات المتحدة، كما تضع فى اعتبارها ان احتمال سيطرة “داعش” على آبار البترول فى الشمال العراقى قد يكون مدخلاً للسيطرة الأمريكية عليها سواء بالإتفاق مع “داعش” او بمواجهة شكلية، بما قد يعوض نقص الإمدادات الروسية لأوروبا بعد قرار المقاطعة.. أين مصر مما يحدث فى المنطقة؟!

***

بعد تأسيس نظام وطنى فى مصر1952، وتجاوز الهجمة الإستعمارية 1956، بدأ صداه فى المحيط العربى.. استقلال تونس والمغرب1956، الوحدة المصرية السورية1958، استقلال الجزائر والصومال وموريتانيا1960، الكويت1961، جنوب اليمن1967، البحرين وقطر والإمارات1971… الخ.

بعد تعليق عضوية مصر فى الجامعة العربية1979، استنزفت أحلام الزعامة مراكز القوى البديلة.. الجزائر فى حرب الصحراء الغربية75/1991، ليبيا فى حربها مع تشاد78/1987، ومغامراتها الافريقية، والعراق فى حربه ضد ايران80/1988، ثم غزو الكويت1990، حتى تعرض للغزو الأمريكى2003، الذى فتح الباب لدخول جماعات الإرهاب تخفيفاً للضغط عن القوات الأمريكية فى افغانستان، وكان طبيعياً ان يطال ارهاب تلك الجماعات دول الجزيرة العربية، وبوصول الإخوان لحكم مصر تدفقت الجماعات الإرهابية على سيناء، وكذا على ليبيا وسوريا والعراق حتى وصل ضحايا الإرهاب فى العراق2004/2013 قرابة 267 الف بينهم 85 الف قتيل ومفقود، وفى سوريا حيث يتمركز 100 الف مسلح ينتمون لـ83 جنسية، وقع اكثر من 130 الف قتيل بنهاية 2013، وفر خارج البلاد 2,4 مليون مواطن، بخلاف نزوح نصف السكان من بيوتهم، ليبيا تحتل المركز الأول عالميًا بـ”1500″ مجموعة من الميليشيات المسلحة، من بينها أنصار الشريعة والإخوان وأنصار القاعدة والتكفير والجهاد، تمتلك أكثر من 22 مليون قطعة سلاح، خفيفة، ومتوسطة، وثقيلة، اما فى اليمن فقد اختلفت تقديرات عدد الأسلحة بشكل كبير لكنها اتفقت على ان حصة كل مواطن لاتقل عن ثلاثة قطع سلاح “خفيف” أما المشايخ وكبار رجالات القبائل فيمتلك كل منهم بين 10و20 قطعة “خفيف ومتوسط”.

نجاح مصر فى الإطاحة بحكم الإخوان كانت له أصداء عربية ذات دلالة.. دعم خليجى لامحدود، ومشروعات تعاون استراتيجى، محاكاة الشعب والجيش فى ليبيا للأجندة المصرية، رفع صور السيسى فى العديد من التظاهرات العربية، حتى ماتزامن مع الإنتخابات السورية، ظهور “تمرد” فى تونس وغزة، وغيرها من المظاهر التى تعكس رغبة الرأى العام العربى فى العودة للإستقرار، والتخلص من مسبباته.. جماعات الإرهاب بالمنطقة إما تنتمى لنفس التنظيمات كالقاعدة، او ترتبط بالتنسيق فيما بينها، لذا لايمكن إستقرار مصر دون القضاء على الإرهاب بالمنطقة.. مهمة قد يبدو التنسيق بشأنها مستحيلاً، ولكنها تبدو ممكنة اذا ماروعى بشأنها مجموعة من المحاذير، وتم اللجوء فيها لعدد من الأدوات، ولنبدأ بالمحاذير..

الاول:  لايمكن مواجهة الإرهاب فى المنطقة من خلال الجامعة العربية، حجم انتشاره وتغلغله اصبح يتجاوز قصور آلياتها، وايقاعها البطىء، وتاثرها بتضارب المصالح، والخلافات السياسية، جهود مكافحة الارهاب بدأت1983 بإقرار مجلس وزراء الداخلية العرب لـ”الاستراتيجية الامنية العربية”، ثم مشروع “الإستراتيجية العربية لمكافحة الارهاب” يناير1997، واخيراً “الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب” يناير1998، لكن ذلك لم يترجم لواقع عملى، والا لما قدمت قطر الحماية لعناصر متورطة فى قضايا ارهاب وتحريض ضد أمن مصر والسعودية والإمارات.

الثانى:  لاموضع للإعتبارات المذهبية فى الحرب ضد الإرهاب.. دعوات الحشد التى انطلقت بالمنطقة لتشكيل تكتل سنى لمواجهة الدعم الإيرانى للتنظيمات الإرهابية الشيعية ثبت فسادها.. لأن إرهاب الحوثيين فى اليمن يقابله ارهاب الجماعات السنية السلفية التكفيرية.. وخلايا الإرهاب السنية الموجهة لمناطق تجمعات الشيعة والمسيحيين بالعراق، تقابلها خلايا الإرهاب الشيعية التى تستهدف السنة.. حزب الله الشيعى تعاون مع حماس الإخوانية لاقتحام الحدود المصرية 28 يناير2011 وفتح سجن وادى النطرون لتهريب عناصرهم وقيادات الإخوان.

الثالث:  لاموضع لإستمرار الولاءات والمصالح السياسية فى العلاقة مع التنظيمات الإرهابية.. القاعدة أسستها الولايات المتحدة ودعمتها بعض دول الخليج لمحاربة السوفيت فى افغانستان، لكنها استهدفت برجي التجارة بمنهاتن ووزارة الدفاع بواشنطن11سبتمبر2001، كما قامت بعشرات العمليات فى السعودية ودول الخليج.. الإخوان المسلمين آوتهم السعودية والإمارات والكويت بعد صدامهم فى مصر وسوريا، ووفروا لهم حرية العمل والإقامة والتحويلات النقدية، لكنهم لم يقوموا بتمويل الأنشطة المعارضة لدولهم فقط، وانما شكلوا شبكات تخابر وخلايا سرية سعت خلال حكم الإخوان لمصر للإطاحة بأنظمة الحكم التى آوتهم.

الرابع:   فرض انتشار الإرهاب وتنوع واتساع اهدافه، التعاون الجاد فى مكافحتة حتى بين الدول متضاربة المصالح، المجموعة الإرهابية التى تضم 62 عنصر، وترتبط بالقاعدة في اليمن وجماعات إرهابية في سوريا، والتى أعلنت السعودية ضبطها 5 مايو 2014، اعتمدت على معلومات توصلت لها المخابرات الإيرانية ابان سعيها مع حزب الله لمعرفة الجهة المسئولة عن تفجير سفارتها فى لبنان، حيث تبين انها شبكة تضم سعوديين ينتمون للقاعدة و”داعش”، وجبهة النصرة، والمعارضة السورية، ولهم امتدادات بالسعودية، ويخططون لتنفيذ عمليات كبرى.

الخامس:  لاينبغى التعويل على المراجعات الفكرية فى التصالح مع العناصر التنظيمية التى مارست الإرهاب، الفكر التكفيرى يشكل قاعدة راسخة لدى معتنقيه، لايسمح بالحوار، ولايتقبل المنطق المخالف، الحوار بالنسبة له سلوك “باطنى” مخادع للحصول على الحرية حتى يستأنف الـ”جهاد”.. التجربة المصرية فى هذا الشأن هى أوضح التجارب، وأفشلها، حيث ترأس المفرج عنهم بموجب المراجعات أعمال التحريض خلال اعتصامى رابعة والنهضة، وقادوا عمليات العنف واحراق الكنائس والمنشآت الحيوية، بعد فضهما، ويقودون حاليا النشاط الإرهابى من الخارج بعد تمكنهم من الهروب.

***

وسائل وأدوات التعاون والتنسيق لمكافحة الإرهاب على مستوى المنطقة العربية ككل عديدة…

الأولى:  ان يتم التعاون والتنسيق فى إطار مهنى بحت تجنباً لتضارب المصالح.. الإتفاق على مفهوم الجماعات الإرهابية المستهدف القضاء عليها هو البداية، ثم تسند المهمة لتعاون مباشر بين أجهزة المخابرات والأمن الوطنى فى الدول المعنية، مخاوف بعض الأجهزة من وجود إختراقات فى أجهزة أخرى لاموضع لها، لأن التعاون ينصب على التتبع والتنسيق بشأن تنقلات وأنشطة العناصر المشكوك فى انتمائها للجماعات الإرهابية، وتبادل المعلومات بشأن انشطتها اعتماداً على الإستجوابات والتحرى.

الثانية:  ضرورة التنسيق العسكرى بين دول المنطقة بغض النظر عن توجهاتها السياسية من خلال مجلس رؤساء الأركان، دخول اعداد كبيرة من تنظيم “داعش” الى من سوريا للعراق بسيارات النقل والدفع الرباعى كان يمكن بعملية تنسيق بسيطة بين قيادتى الأركان فى سوريا والعراق القضاء على معظمها، مصر من جانبها اصبحت تضع احتمال التنسيق بل والتدخل العسكرى فى الإعتبار.. الرئيس لم يجهر بوعده “مسافة السكة” الا بعد ان استكمل تشكيل قوات الإنتشار السريع فى مصر، وهو أمر لايخلو من دلالة فى ضوء مايحدث حالياً بالمنطقة.

الثالثة:  أهمية الإنفتاح على الخبرات والتجارب العالمية، من خلال المشاركة في المؤتمرات الدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب، والسعى لإتخاذ إجراءات جماعية لمواجهته، استضافة القاهرة لمؤتمر الأمم المتحدة الخامس لمنع الجريمة 1995 كان جزءا من مواجهة مصرية شاملة لإرهاب التسعينات، واسفرت عن تبنى المؤتمر للمقترح المصري الخاص بالعلاقة بين الإرهاب والجريمة المنظمة، الوضع العربى الراهن يعانى من تضارب واضح فى الأنشطة.. السعودية نظمت المؤتمر الدولى لمكافحة الإرهاب بالرياض 2005، وأنشأت مركز دولى لمكافحتة، تحت مظلة الأمم المتحدة2011، كما استضافت المؤتمر الدولى لمكافحة الإرهاب فى 16 فبراير2013.. العراق بدوره بدلاً من البناء على ذلك الجهد عقد مؤتمر بغداد الأول لمكافحة الارهاب منتصف مارس 2014، وشكل أمانة عامة دائمة ببغداد، لكن السعودية قاطعته رداً على اتهامات رئيس الوزراء العراقى برعايتها للإرهاب فى المنطقة.. اما الجزائر فقد شكلت مجموعة عمل لمكافحة الإرهاب بمنطقة الساحل الإفريقي وشمال الصحراء ضمن المنتدى الشامل لمكافحة الإرهاب الذي يضم 28 دولة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، حيث اعتمدت خطة عمل فى إجتماعها الأول نوفمبر2011، تم تقييمها وتحديثها فى إجتماعها الثانى يونية 2013.. هذا التشتت للجهود ينبغى ان يوضع له حد فوراً ونبدأ فى حشد وتنسيق كل الجهود فى نفس الاتجاه بغض النظر عن الخلافات السياسية.

الرابعة:  ان ارتباط الجماعات الإرهابية فى ليبيا والجزائر وتونس بنظيرتها فى الدول الأفريقية المجاورة يفرض التنسيق مع “مجموعة الدول الخمس في الساحل الأفريقى” موريتانيا، مالى، النيجر، بوركينافاسو، وتشاد، والتى أعلن تشكيلها 16فبراير2014 خلال قمة نواكشوط، وتستهدف تنسيق ومتابعة التعاون الإقليمي في مكافحة الإرهاب بالمنطقة، حيث تنشط مجموعات مسلحة مرتبطة بالقاعدة.

***

تولى رئيس منتخب بأغلبية ساحقة، يمكن الدولة المصرية من التعامل مع ملفات سيادية أولها “مواجهة الإرهاب فى المنطقة العربية”، لكن ذلك يتطلب تنسيقاً وتعاوناً يتجاوز التناقضات بين أنظمة الحكم، والخلافات المذهبية، والإنتماء لتكتلات اقليمية او دولية متنافسة، مثل هذا الأمل ماكان يقدر طرحه قبل 30 يونية 2013، لكن متغيراً استراتيجياً شهدته المنطقة منذ ذلك التاريخ جعله ممكناً.. فمصر والسعودية تجاوزتا عقدة الحقبة العثمانية، عندما دفعت تركيا محمد على لإيفاد نجله ابراهيم باشا فى حملة تأديب لبعض الجماعات السعودية بحجة الخروج عن سلطة الآستانة، لكنها فى الحقيقة استهدفت ذرع بذور الشقاق، وفقدان الثقة بين قطبى المنطقة.. بعد القضاء على حكم الإخوان فى مصر، وكشف مخططاتهم لتغيير نظم الحكم فى الخليج، تجاوزت مصر والسعودية آثار تلك الحقبة، وهو مايوفر فرص نجاح المواجهة المشتركة للإرهاب بالمنطقة.

 
أضف تعليق

Posted by في 2014/06/10 بوصة غير مصنف