RSS

Monthly Archives: جانفي 2015

أمريكا تستدعى رجال صدام لمواجهة البغدادى

aldori

أزمة تشكيل حكومة العبادى فى العراق جاوزت الأربعة شهور.. ورقة “الإصلاح السياسى” كانت مفتاح التوافق، والإتفاق على مشروع تشكيل “الحرس الوطنى” كلمة السر.. مجلس الوزراء تعهد فى سبتمبر 2014 بإنجازه خلال أسبوعين، لكن المناورات الطائفية والسياسية عرقلته، حتى باتت الكتلة السنية تربط تصويتها على ميزانية 2015 بتضمينها مخصصات للقوة المقترحة، لكن الغريب ان تبدأ إجراءات التنفيذ على الأرض، فى غيبة الدولة، لتقدم نموذجاً فجاً للتدخلات الدولية بالمنطقة!!

مسودة قانون “الحرس” تتضمن تشكيل فرقة بكل محافظة، أى “لايقتصر على المحافظات السنية”، وتقضى بتشكيلها وفقاً لنسبة التمثيل الحقيقى لجميع المكونات فى مجتمع المحافظة، أى انها “غير طائفية”، باستثناء بغداد التى نص على 50% لكل من الشيعة والسنة، وكركوك “32% لكل من العرب والأكراد والتركمان، و4% للمسيحيين”، قوات “الحرس” تخضع للقوانين العسكرية، ولإشراف القيادة العامة للجيش، ورقابة البرلمان، وتشكل فى كل محافظة لجنة أمنية عليا برئاسة المحافظ لإدارة شئون الفرقة التابعة لها دون تدخل الحكومة المركزية، يعطى المشروع أولوية الإلتحاق لضباط الجيش السابقين، برتب أعلى من التى كانوا يحملونها “إكراماً لهم”، حتى لو سبق خضوعهم لقانون المساءلة والعدالة الذى يستهدف إجتثاث البعثيين، مايعنى ضم المنتمين للجيش والأجهزة السيادية والحزب إبان حكم صدام.. فى استعادة واضحة لرجاله!!

“الحرس” على هذا النحو يكفل تمركز فرقة محلية للدفاع عن المحافظة وسكانها.. بعيداً عن الميليشيات بما ترتكبه من تجاوزات لاتقل عن الجماعات الإرهابية، على نحو مارصدته هيومان رايتس واتش من تجاوزات “الحشد الشعبى” الشيعية بالمناطق السنية، ويخفف ذلك بالطبع من حدة شعور السنة بالتهميش والإستهداف، ويولد شعوراً بالمشاركة والمواطنة.. ويعيد الثقة والتعاون مع قوات الأمن.. ويحقق الإستفادة من خبرات الضباط السابقين الذين تم إقصاؤهم بعد حل المنظومة الأمنية عام 2003.

التكتلات السنية (اتحاد القوى العراقية، ائتلاف الوطنية) تحمست لقانون تشكيل “الحرس”، وأيدتهم “القائمة الوطنية” العلمانية، ودعمهم من خارج البرلمان قادة الحراك الشعبي بالمحافظات السنية، والشيخ وسام الحردان رئيس حركة الصحوات.. التكتلات الشيعية )إئتلاف دولة القانون، التحالف الوطنى، كتلة بدر، حزب الدعوة، المجلس الإسلامى الأعلى) اختلفت مواقفها؛ البعض أيد على استحياء باعتباره جزءاً من خطة الإصلاح، والآخر رفض خشية ان يؤدى الى تقنين وضع “الحشد الشعبي” بالمحافظات الجنوبية، والغالبية سارعت بإجراءات دمج المتطوعين والميليشيات الشيعية داخل الجيش والشرطة، وخصصت لذلك درجات وظيفية بموازنة 2015 (20 الف لوزارة الدفاع من إجمالى 60 الف بالخطة، 15,200 للداخلية).. ائتلاف القوى الكردستانية لم يرفض تشكيل “الحرس” بكافة المحافظات عدا كركوك “والمناطق المتنازع عليها” التى احتلتها قوات البشمرجة بعد 10 يونية 2014.. بعض القيادات السياسية طرحت فكرة إعادة تطبيق قانون الخدمة العسكرية الإلزامية، خروجاً من الأزمة.

الولايات المتحدة طرف رئيسى فى الأزمة، إستراتيجيتها لمواجهة داعش تعتمد على دعم القوات التي تُقاتل على الأرض بالمناطق التى تحتلها “داعش”، مستشاريها أكدوا أن 26 من إجمالى 50 كتيبة في الجيش يمكن الإعتماد عليها، بحكم جاهزيتها وموالاة قياداتها، وهو ما قد لايكفى لتأمين بغداد، الإعتماد على متطوعين شيعة لتحرير المناطق السنية يحرم الجيش من تعاون الأهالى، ويحولها لحرب ميليشيات طائفية، تشكيل “فرق الحرس الوطني” هو الحل، كما انه أحد عناصر أجندة إصلاح قطاع الأمن، أمريكا اتفقت مع العراق على تدريب متطوعين سنة من المحافظات الشمالية والغربية الخاضعة لداعش بمعسكر البغدادى فى الأنبار، لكنها اكتشفت أن معظمهم شيعة من المحافظات الجنوبية، لذلك بدأت تدير الملف مباشرة مع السُنة، بمنأى عن الدولة، وخلافات السياسيين، جون ماكين رئيس لجنة القوات المسلحة وزعيم الجمهوريين بالكونجرس التقى فى العراق بزعماء العشائر والسياسيين، ورتب زيارتهم لواشنطن، ولقاءات بعمان، بخلاف ماتقوم به السفارة الأمريكية ببغداد، والقنصلية بأربيل من إتصالات بالشيخ أحمد ابو ريشة القيادي بالصحوات وأكثر من 20 زعيم لعشائر الانبار، لنفاجأ على الأرض بأن تسجيل أسماء المتطوعين بدأ بالفعل فى نينوى والأنبار، وتخصص معسكر للتدريب بين أربيل والموصل، وجارى اتخاذ نفس الإجراءات فى ديالى وبابل، الولايات المتحدة تعهدت بالتسليح، ومكين طلب دعم السعودية، والإقبال بلغ في كركوك وحدها خمسون ألف بإشراف أنور العاصي، شيخ قبيلة العبيد، ومشاركتها بالمعارك ستبدأ فى الربيع المقبل.

والأكثر إثارة إتصالات الأجهزة الأمريكية مع “جيش رجال الطريقة النقشبندية”، أسسه عزت الدوري الرجل الثاني بعد صدام والأمين العام للبعث العراقى نهاية 2006، من رجال صدام، وركيزة حكمه؛ ضباط مخابرات وحرس جمهوري، وقيادات لحزب البعث، واعتمد على النظام العسكرى والإدارى للجيش، والتركيبة القبلية، والتمويل الذاتى المنتظم، ودعم اتباع الطريقة النقشبندية بالخارج، يتمركز بكركوك ونينوى وديالى، ويحظى بتعاطف ومصداقية السكان، ضم بقايا “القاعدة” و”حماس” العراقيتين، و”أنصار السنة”، و”جيش محمد”، حتى اصبح القوة الأكبر، وشارك داعش فى إسقاط الموصل.. الرهان الأمريكى عليه يستند لمبررات موضوعية.. انتماؤه للصوفية التى تعتبرها داعش “السلفية الجهادية” خارجة عن الملة، حتى انها هدمت كل المزارات والمقامات الصوفية بسوريا.. إعتقال داعش لبعض قياداته بتهمة الإنقلاب، آخرهم فاضل وسيف المشهدانى، واللواءات وعدالله حنوش، غانم إسماعيل، خالد جاسم، عبدالقادر العراقى، وإعدام العشرات لرفضهم مبايعة البغدادى.. ايمانه بالوطنية العراقية والقومية العربية التى تتعارض والدولة الإسلامية.. معارضته للطائفية التى تتناقض والتمييز الدينى بدولة داعش.. الإتصالات لم تنتهى، لكن جيش النقشبندية أحاط بها كوادره وتشكيلاته، مايؤكد جديتها، وأسامة النجيفى نائب رئيس الجمهورية وشقيقه أثيل محافظ نينوى وإياد علاوى يدعمون باتصالاتهم مع “المجلس العسكري لثوار العراق” و”كتائب ثورة العشرين” و”الجيش الإسلامي” و”جيش المجاهدين”.

***

                الأزمة الراهنة فى العراق “طائفية” بامتياز، بدأت بعد سقوط صدام، وهيمنة الشيعة على الحكم، وتجاوزاتهم بمناطق السنة.. نشأت بيئة حاضنة وسعت نشاط “قاعدة العراق”.. لكن الإدارة الأمريكية استأصلتها بتشكيل كتائب “الصحوات” 2007.. بعد الإنسحاب الأمريكى سعى المالكى لتفكيكها واستهدف قادتها، أوقف رواتبهم، ولم ينفذ وعوده بدمجهم في المنظومة الأمنية، تصاعدت الإحتجاجات والإعتصامات فى الأنبار لعام متواصل، فقصف الفالوجة بالطائرات يناير 2014، فاتسعت البيئة الحاضنة، وانحاذت الصحوات للجماعات المسلحة، مامكن داعش من إجتياح الموصل يونية 2014، والإنتشار فى ستة محافظات؛ الأنبار، نينوى، صلاح الدين، كركوك، ديالى، مناطق حول بغداد.. السنة القاطنين بالمناطق الخاضعة لداعش رحبوا فى البداية، لكنهم لم يجدوا فروقاً بين الحياة فى ظل حكومة طائفية وولاية داعشية.. نفس التمييز والتعالى وان اختلفت مظاهره، وتعرض لنفس العسف وان اختلفت أسبابه، وإنكار لحقوق المواطنة وان اختلفت دوافعه، واحساس عميق بإفتقاد الشعور بالولاء للحكم رغم اختلافه المذهبى.

القضاء على داعش لم يعد هدفاً عربياً، وانما دولياً، بعد زبحها للمواطنين الأجانب، وتهديداتها للغرب، لذلك عادت الولايات المتحدة لإحياء “الصحوات”، بكل تجاوزات مسلحيها عقب انتهاء مهامهم، لذلك لم يعد أمام السلطات العراقية سوى المسارعة بتشريع قانون تشكيل “الحرس الوطني”، وتقديم ضمانات حقيقية لأبناء المحافظات السنية للمشاركة الفاعلة في القرار السياسي والأمني، محليا ووطنيا، وإختيار المتطوعين المتقدمين بطلبات شخصية، ورفض قوائم الأحزاب المجمعة، حتى لايتحول الحرس لجماعات متعارضة الولاءات، وتدريب وتسليح هذه القوات بالشكل الذي يناسب مهامها، وإخضاعها لسلطة الدولة، حتى تنتهى دراسة وإقرار التجنيد الإجبارى لمواجهة التحديات المقبلة.

gtaha2007@gmail.com

 
تعليق واحد

Posted by في 2015/01/31 بوصة غير مصنف

 

نظرية المؤامرة فى ‘‘إرهاب باريس’’

Capture-kalach-rue-charlie-_2

بعد إغتيالهم لرجل الشرطة الوحيد بالمنطقة، أصبح شارع نيكولا أبير، مسرح أحداث 7 يناير 2015، خالياً تماماً.. ردد المهاجمون ‘‘إنتقمنا للنبى!!’’.. لاأحد يسمع، لكن كاميرات التصوير التى زُرِعَت فى مواقع جيدة غطت الحادث، وسجلت الحديث، بكل حِرَفيَّة.. “أخبار عشرين دقيقة” أذاعت النبأ بعد وقوعه بـ3 دقائق!!.. البوليس الفرنسى وصل بعد نصف ساعة، رغم ان استجابته عادة لاتتجاوز العشر دقائق!!.. الرئيس أولاند تفقد الموقع بعد ساعة، حتى قبل تمشيطه وتأمينه!!.. أحد المهاجمين حرص على استرجاع حذائه الذى سقط من قدمه، لكنه نسى بطاقة هويته بالسيارة!!.. التحقيقات لم توضح مصدر علمهم بموعد إجتماع هيئة تحرير مجلة “شارلى ابدو”، لكن الرسامة “كورين رى” كانت أمام بوابة البناية المشفرة لتفتحها “تحت التهديد”!!.. الشرطة نشرت على الفور صور المشتبه بهم باعتبارهم “الفاعلين”، رغم انهم كانوا ملثمين!!، ثم قامت بتصفيتهم لتقتصر القضية على الرواية الرسمية.. حتى الشخص الذى ادعت الشرطة احتجازه كرهينة بالمطبعة، تبين انه كان مختبئاً بالمطبخ، وعلى اتصال بها طول الوقت!!.. وعميد الشرطة القضائية “ارليك فريدو” الذى تولى التحقيق، إنتحر قبل تسليم تقريره!!!

المهاجمون “الشقيقان سعيد وشريف كواشي وأحمدى كوليبالى” معروفين جيداً للأمن الفرنسى.. مدرجين على لائحة الإرهابيين “الأخطر” فى الولايات المتحدة وبريطانيا، التحقا بخلية “بيت شومون” التابعة للقاعدة بفرنسا 2004، التى خططت لضرب السفارة الأمريكية بباريس 2001، وقتل منها ثلاثة بصفوف الزرقاوى ابان غزو العراق 2003، واعتقل العشرات بفعل التنسيق الأمنى الفرنسى السورى، شريف اعتقل لمدة شهر بداية 2005، خلال توجهه للعراق مع سبعة من أعضاء الخلية، بينهم بوبكر الحكيم الذى التحق بصفوف “داعش” بسوريا، بعد اغتياله لشكري بلعيد ومحمد البراهمى بتونس.. أعيد القبض عليه 2008، وحكم عليه بالسجن 3 سنوات، نصفهم مع ايقاف التنفيذ.. سعيد تدرب فى اليمن على يد العولقى 2011، وقاتل فى سوريا والعراق.. كوليبالى اُطلق سراحه منذ شهرين.. رغم كل ذلك أسقطت السلطات الفرنسية عنهم مراقبة جهاز الأمن الداخلي، وسمحت لهم بحرية الحركة!!.

وهكذا.. كل الشواهد تؤدى لنظرية المؤامرة فى تفسير الوقائع.. حتى التحذيرات المسبقة التى تلقتها المخابرات الفرنسية من نظيراتها اللبنانية والسورية والجزائرية ليست قرينة على فساد تلك النظرية، لأن تحريك عناصر الخلية لتنفيذ عمل ارهابى يتم من خلال تنظيماتها، التى تخترقها أجهزة المخابرات الدولية، بمستويات متفاوتة، تبدأ بمصادر للمتابعة، وتنتهى بقيادات تنظيمية وحركية توجه وتخطط وتأمر بالتنفيذ.. شواهد الإختراق محدودة بالطبع لحساسية الموضوع، لكنها قاطعة الدلالة.. إتصال برنار سكارسيني رئيس المخابرات الداخلية الفرنسية بنظيره السورى على مملوك فبراير 2012، لتنسيق وقف إطلاق نار خلال معركة بابا عمرو بحمص لتأمين خروج ايديث بوفييه مراسلة لوفيجارو وعدد من الفرنسيين المنخرطين فى صفوف “كتيبة أبوبكر” الإرهابية المعارضة، وبالفعل قام الجيش الحر بنقلهم للبنان.. ثم ماكشفته صحيفة ماكلاتشى الأمريكية عن انشقاق عنصر المخابرات الفرنسى “ديفيد دروجون”، ذو الأصل العربى، الخبير فى تصنيع المتفجرات، وانضمامه لجبهة النصرة، قبل ان تعلن فوكس نيوز مصرعه بسوريا بطائرة أمريكية بدون طيار 6 نوفمبر 2014.

البيانات الرسمية تؤكد ان 1400 فرنسي ومقيم غادروا للقتال في سوريا والعراق، قتل منهم سبعين، وعاد منهم قرابة المائتين، وأجهزة الأمن فككت 13 خلية تسعى لتجنيد المزيد، بعض العناصر الفرنسية العائدة نفذت بالفعل عمليات إرهابية، أهمها إعتداءات محمد مراح فى تولوز وآخرها ضد مدرسة يهودية مارس 2012 وقتل سبعة أشخاص، وهجوم مهدي نموش على المتحف اليهودي ببروكسل مايو 2014 وقتل اربعة.. وكل المؤشرات تؤكد تصاعد تلك العمليات، رداً على المشاركة الفرنسية الفعالة فى الحرب ضد “داعش”، ونجاحها فى القضاء على الجهاديين فى مالى، وموقفها من الصراع الليبى.. لذلك بدلاً من مفاجأتها بعمليات إرهاب كبرى، فإن تعرضها لعمليات -تحت السيطرة- يعتبر بديلاً أفضل، رغم مرارته، على ان يتم توظيفه فى التعبئة الوطنية والدولية ضد الإرهاب، وتمرير إجراءات أمنية إحترازية وإستثنائية لمواجهته، وتصفية الخلايا النائمة.. ذلك هو الهدف.. وتلك مبررات الإنحياذ لنظرية المؤامرة.

الخلاف بين مؤسسات الدولة الفرنسية بشأن الموقف من الجهاديين يعزز فكرة المؤامرة، فعندما اشتعلت الثورة السورية مارس 2011، ثار خلاف حول تقييم الموقف وآليات التعامل معه، المخابرات والسفير الفرنسى بدمشق إريك شوفالييه اعتمدا على معلومات ميدانية ومصادر بالمعارضة، تؤكد قدرة النظام على الصمود والمواجهة، أما قصر الإليزيه “الرئاسة” ووزارة الخارجية “كى دورسيه” فقد إنحاذا لفكرة إعطاء فرصة للإسلام المعتدل فى الحكم كمحاولة لإحتواء التطرف الدينى، التى تبناها باتريس باول رئيس قسم الشرق الأوسط بالخارجية آنذاك، والسفير الحالى ببيروت، واقتنعا بالرؤيا القطرية التى أنكرت وجود جماعات جهادية مسلحة، وبالغت فى تقدير ثقل المجلس الوطني المعارض، المخابرات قدمت تقريراً حول “عسكرة الثورة السورية” يونية 2011، أبرز الطبيعة السلفية والإخوانية للمعارضة المسلحة، وخطرها على الأمن الفرنسي والأوروبي، لكن الرئاسة تمسكت بموقفها، ونقلت برنارد باجولى المنسق العام لأجهزة المخابرات كسفير بأفغانستان أواخر 2011، قبل إستدعاء الحكومة له لتولى رئاسة المخابرات ابريل 2013 وسط تحفظات رئاسية.

          اثيرت الخلافات من جديد منتصف 2014، بعد انتخاب البرلمان الليبى ودعوة حكومة الثنى المجتمع الدولى لتحمل مسؤولياته فى حماية المدنيين، ومنع انتشار الإرهاب لدول الجوار.. وزير الدفاع الفرنسى طالب بالتدخل خلال اجتماعات وزراء دفاع الناتو بميلانو سبتمبر 2014، مستندا لنجاح التدخل فى مالى، وقام ورئيس أركانه بزيارة للجزائر فى محاولة فاشلة لتمرير الفكرة، وأقام قاعدة متقدمة فى مداما شمال شرق النيجر، افتتحها بنفسه مطلع يناير 2015، لكن الرئاسة كررت رفضها للتدخل قبل عملية شارلى بثلاثة ايام فقط.. بعد العملية وماصاحبها من تعبئة شعبية ودولية ضد الإرهاب، الكامن إحدى قواعده الرئيسية على الضفة الأخرى من المتوسط، فإن تغييرات فى الموقف الفرنسى والدولى تجاه مزيد من الحسم لملف الإرهاب فى ليبيا يمكن توقعها فى المستقبل القريب، خاصة على ضوء نتائج محادثات المصالحة فى جنيف بإشراف الأمم المتحدة.

“إرهاب باريس” -أياً كان مصدره- سيشكل علامة فارقة فى آليات التعامل مع الإرهاب، فى أوروبا، والشرق الأوسط، وشمال أفريقيا، وتداعيات أخرى بالغة الأهمية.. تصاعد دور اليمين الأوروبى، ومكاسب محتملة فى الإنتخابات المقبلة.. استهداف المسلمين والعرب، من اليمين وأجهزة الأمن، مايسهل للتنظيمات الجهادية مهمة استقطابهم.. استثمار اسرائيلى للموقف؛ نتنياهو تصدر المسيرة بعد أن كان وبعض وزراءه مهددين بالقضاء الأوروبى، زيادة أعداد المهاجرين، ومزيد من الحماية والحصانة لليهود..  تأصيل عقيدة “ردع المخاطر قبل استفحالها” لدى حلف الناتو، بدلاً من “مواجهة العدوان”.. إعادة مراجعة للسياسة الفرنسية تجاه سوريا، لأهمية التعاون الأمنى معها للأمن القومى الفرنسى.. غلبة الرؤيا الفرنسية لصراعات الشرق الأوسط على الرؤيا الأمريكية، خاصة بشأن الموقف من الصراع الليبى، وحدود التعاون مع نظام الحكم بمصر، والتسليم بدورها الإقليمى ومكافحتها للإرهاب.

ولاتفوتنا دلالة إقتصار المشاركة الأمريكية فى المسيرة على سفيرتها بباريس، كتعبير صريح عن الإمتعاض من لجوء فرنسا لنفس نظرية المؤامرة التى استخدمتها واشنطن فى 11 سبتمبر 2001، لفرض رؤيتها فى التعامل مع الأرهاب الدولى.. والغريب.. رغم كل ذلك، تنافس “القاعدة” و”داعش” فى تبنى الهجوم.. “صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ”.

gtaha2007@gmail.com

 
تعليق واحد

Posted by في 2015/01/24 بوصة غير مصنف

 

الأزمة الليبية بين الوساطات والمصالح

972

يتنافس الوسطاء والمبعوثين، بدعوى المصالحة.. ونيران حرب أهلية تمتد أوارها، تُجَسِد مصالح دول وتنظيمات.. والشرعية الليبية حائرة، فى مواجهة مؤامرة، تستلهم الرؤيا، علها تُنقذ الدولة.

مبعوث الأمم المتحدة برناردينو ليون أدار جولتين للحوار، الأولى بغدامس 29 سبتمبر، وسط إجماع دولى على شرعية “مجلس النواب” المنتخب، استهدفت إقناع نوابه المقاطعين بالمشاركة تعزيزاً لزخمه، ثلاثة أعلنوا عودتهم، والآخرون لحقوا بهم بعد افتضاح علاقة “فجر ليبيا” و”أنصار الشريعة” الإرهابية.. الثانية بطرابلس 21 أكتوبر، ضمت ممثلى “المؤتمر الوطنى” المنتهية ولايته، تناولت تشكيل حكومة وحدة وطنية تجمع وزراء من حكومتى الثنى والحاسى، وانهاء دور “المؤتمر”، وإعطاء أجازة “للمجلس” بدعوى التفرغ لمتابعة لجنة الدستور ‘‘لكنها تغييب عمدى للسلطة الشرعية’’، وقف العمليات العسكرية، انسحاب الميليشيات من المدن، واستبعاد قادتها من الحوارات والمناصب.. مقترحات تثير الشك فى النوايا والأهداف!!.

تغير الأمر بعد قبول المحكمة الدستورية العليا تحت التهديد والضغط وحصار الميليشيات، طعن بعض المنشقين على “المجلس”، والحكم ببطلان الإنتخابات وحله، ثلاثة من قضاة المحكمة أعلنوا تنحيهم، فكان لزاماً إعادة المرافعات وفقما يفرض قانون الإجراءات الجنائية، لكن التهديد أجبر المحكمة على البت 6 نوفمبر، ليرتبك الموقف؛ فبعد ان كان “المجلس” يرفض الحوار مع “المؤتمر” قبل إعترافه بشرعيتة، أصبح “المؤتمر” يشترط إعتراف “المجلس” بأحكام القضاء!!

المجلس يتجه للطعن أمام محكمة العدل الإفريقية، لكن ليون حدد 5 يناير موعدا للجلسة الثالثة، مستغلاً ببراعة اهتزاز موقف “المجلس” بعد حكم الدستورية، و”المؤتمر” لإنتهاء ولايتة، فى الحصول على موافقة مبدئية على “خارطة طريق” وضعها بالتشاور مع أعضاء مجلس الأمن.. «حكومة وحدة وطنية، خروج المليشيات من المدن، وضع رقابة دولية على المنافذ».. “المؤتمر” اقترح “هون” مقراً للحوار، “المجلس” تمسك بغدامس، وليون رفض “أوجلة”، لإعتبارات أمنية، مطالباً بعقده خارج البلاد.

دول الجوار الليبى، مصر والجزائر وتونس وتشاد والنيجر والسودان، شكلت مجموعة أزمة، عقدت خمسة إجتماعات؛ بالجزائر 27/28 مايو 2014، مالابو 26/27 يونيو، الحمامات بتونس 14 يوليو، القاهرة 25 أغسطس، الخرطوم 4 ديسمبر، تناولت ملفاتها الرئيسية.. «تمكين الدولة من بسط سلطتها على كامل ترابها، دعم الحكومة والمؤسّسات الشرعية، نزع سلاح الميليشيات والجماعات، مكافحة الإرهاب، الحوار الوطني».. تباينت المفاهيم بشأن “الحكومة الشرعية”.. فأقروا فى الخرطوم بأن حكومة الحاسى “طرف فاعل”، بجوار حكومة الثنى “الشرعية”، قبل ماأحدثه حكم الدستورية من بلبلة.. وتعارضت المنطلقات.. مصر أدركت أهمية السودان كمحطة لتوصيل الدعم القطرى والتركى للمتطرفين الليبيين، فزار السيسى الخرطوم، واستقبل البشير، واقنعه بأن استمرار الأزمة يضاعف تهريب الأسلحة لدارفور، على كرتى وزير خارجية السودان زار ليبيا، والثنى زار الخرطوم ، والتنسيق المصرى الخليجى قيد الدعم القطرى.. والمصالح تلعب دورها.. الجزائر تمسكت بالملف الأمنى تاركة السياسى لمصر، لكنها تتعجل التسوية للتخلص من الأعباء الأمنية والإقتصادية لاستنفار جيشها على حدود تقارب 1000 كيلومتر، وفك الحصار عن سكان الجنوب المعتمدين على التجارة، تبنت «مبادرة سياسية منفردة» لجمع الأطراف الليبية!! شجعها نجاح استضافتها لأطراف الصراع فى مالى، رغم انه ماكان يحدث لولا ان سبقه تطهير الشمال بالسلاح، ونجاح وساطة الإتحاد الأفريقى.. لذلك تتعثر المبادرة.

فرنسا خلال اجتماعات وزراء دفاع الإتحاد الأوروبى بميلانو فى سبتمبر دعت للتدخل فى ليبيا، مستندة لنجاحها فى وقف المد الجهادي بمالي، ثم تراجعت لفشلها فى إقناع الجزائر، وتخوفها من نتائج اتفاق سبتمبر بين قبيلتى التبو المنحازة للجيش الليبى، والطوارق المناوئة للوجود الفرنسى بمالى.. ولجأت كإجراء بديل لإقامة قاعدة عسكرية فى “مداما” شمال شرق النيجر قرب الحدود الليبية، للمراقبة ومنع انتقال الإرهاب عبر منطقة الساحل والصحراء التى دعت دولها “تشاد، مالي، النيجر، موريتانيا، بوركينا فاسو” مجلس الأمن والاتحاد الإفريقي لتشكيل قوة دولية، للقضاء على الجماعات المسلحة فى ليبيا.

الولايات المتحدة ترفض التدخل المباشر، فالجبهات المفتوحة أمامها كثيرة، وهى متحيرة بين ترك الصراع يقضى على طرفيه، ربما ظهر بديلاً أفضل!! وبين اتفاقها مع مليشيات مصراتة لتأمين مصالحها حتى تقرر الخطوة التالية، خاصة انها لم تفقد الأمل فى جدوى اتفاقاتها مع الإخوان المشكلين للقطاع العريض من “فجر ليبيا”، لذلك وافقت على إدانة الأمم المتحدة لغارات الجيش على المطارات والموانىء التابعة لفجر ليبيا، ولم تعترض محاولة بريطانيا إدراج حفتر بقائمة الإرهاب، التى أجهضتها فرنسا، السفيرة الأمريكية بطرابلس سلمت بأن الميليشيات واقع على الأرض ينبغى التعامل معه، متجاهلة ترأس بلادها للتحالف المضاد لداعش رغم انها “واقع على أرض سوريا والعراق”، والسفيرة الأمريكية بمالطة استقبلت “الصديق الكبير” محافظ المصرف المركزى الذى أقاله “المجلس” لرفضه الإعتراف بشرعيتة، ورتبت زيارته الرسمية لواشنطن، ولقاءاته فى البيت الأبيض والخارجية والمالية!! أما بريطانيا فتتعاون مع حكومة الحاسى، واعترفت بزيارة أحد سفنها العسكرية لميناء طرابلس 27 نوفمبر!!

***

عقب إستكمال الجيش السيطرة على بنغازى، وفتح خمسة مراكز شرطة وسجنين ومكتب الجوازات والأمن، بعد إغلاق جاوز العام، شكلت الجماعات المسلحة فى درنة إئتلافاً جديداً، واعلنتها إمارة إسلامية تبايع “داعش”، وقوات “فجر ليبيا” المتحالفة مع “أنصار الشريعة”، شنت عملية “شروق ليبيا” للسيطرة على الموانىء النفطية بين بنغازى وسرت، ماأدى لإغلاق مينائى السدرة وراس لانوف، واشتعال سبعة خزانات، وتراجع الإنتاج لـ300 الف برميل/يوم بعد ان كان 1,5 مليون 2013، “المجلس” طلب مساعدة إيطاليا، لكنها اشترطت توقف القتال، ووافقت شركة أمريكية دون شروط، لأن استئناف الضخ يساهم فى إغراق الأسواق، ودفع اسعار البترول لمزيد من الإنهيار ضمن الحرب على موسكو وطهران.. البحرية الليبية ضبطت سفينة محملة بـ450 حاوية ذخائر وأسلحة قادمةً من تركيا في طريقها لمصراتة مركز المليشيات، اللجوء للبحر جاء بعد نجاح الغارات على قاعدة القرضابية فى الحد من تدفق الدعم جواً.

رغم كل ذلك، تضغط بعض القوى الغربية على حكومة الثنى لإنهاء ارتباطها بحفتر، بدعوى تيسير التوصل للتسوية، رغم ان هذا الإجراء -لو تم- يسقط الرمز الوحيد للشرعية، والأمل الأخير فى إستعادة الدولة الليبية.. “المجلس” إستمد شرعيته من ارادة الناخبين، والإعتراف الدولى، وسعيه للتصدى للإرهاب.. محاولات خلخلة الموقف، واستعادة الفوضى، إستناداً لأحكام يبطلها الإكراه، وتعدمها الأخطاء الإجرائية، أو بخديعة الأجازة البرلمانية، عبث ينبغى وضع حد له، خاصة مع نية ممثلى “المؤتمر” التمسك باستبعاد قادة عملية الكرامة من الجيش والحكومة، وإنشاء جيش جديد يعتمد على دمج المليشيات، ممايعيدنا للمربع الأول، ويقنن تفكيك اوصال الدولة، لذلك ينبغى تحقيق الدمج الكامل لتشكيلات وقيادات عملية الكرامة، فى الجيش الوطنى، والتصدى لمحاولات تسلل الميلشيات له تجنباً لتفتيته.

   ويبقى الرهان الرئيسى على الشعب، مصدر الشرعية.. يتجاوب مع التطورات الى حد محاصرة سكان وادى الشاطىء لقوات فجر ليبيا بقاعدة براك الشاطىء الجوية لمنع نقل الذخائر والعتاد للهجوم على الهلال النفطى، ماإضطرها للتوجه جنوباً لـ”سبها”.. كذلك لاينبغى إغفال أهمية استعادة البرلمان لزخم النظام القبلى، والسعى لاستقطاب القبائل الكبرى التى آثرت الإبتعاد لأسباب مختلفة، بما فيها “ورفلة”، “المجارحة”، “القذاذفة”، “الفرجان”…الخ؛ القبائل لاتؤخذ بمواقف أفراد من أبنائها.. قادة فجر ليبيا، استعانوا بالدكتور على التريكى للحوار مع الجامعة العربية وحكومات اجنبية، فأين البرلمان من القوى والكفاءات الوطنية؟!

gtaha2007@gmail.com

 
تعليق واحد

Posted by في 2015/01/09 بوصة غير مصنف