* ينبغى الإشارة أولاً ان تركيا تعتمد على توظيف الأقليات التركمانية المسلمة فى العديد من دول العالم كواحد من أهم ادوات الضغط، فى تعاملاتها الخارجية عامة، وفى أنشطة المخابرات بصفة خاصة.
* التركمان يشكلون أحد الأقليات المزعجة فى الإتحاد الروسى، حتى ان أحد مبررات تعاون روسيا مع ايران يرجع لرغبتها فى موازنة ثقل الأقلية التركمانية، بثقل مقابل للأقلية الفارسية، وللأسف فشلت ايران فى لعب هذا الدور، لضعف تأثيرها الثقافى على الأقلية الفارسية بعد الثورة الإيرانية.
* منطقة جبل التركمان التى تعرضت للغارات الروسية منذ بدء التدخل الروسى فى تركيا تسيطر عليها جبهة النصرة، ويستوطنها قرابة 80 الف نسمة، وهى على الحدود المشتركة مع تركيا مايسمح لها بتلقى الدعم التركى المباشر.. المنطقة تخرج عن سيطرة النظام السورى منذ بدء الثورة، وقد تضاعف دورها مؤخراً بعد استضافتها لمجموعات كبيرة من المقاتلين التركمان الصينيين ” المنتمين لـ«الحزب التركستاني الإسلامي» الممثل لجماعة «الاويغور» الصينية، وهو مايفسر تحمس الصين لدعم روسيا فى الحرب، ناهيك عن لجوء أعداد كبيرة من المقاتلين المنتمين لجمهوريات القوقاز، مايبرر استهداف الطيران الروسى للمنطقة بكثافة.
* تركيا استدعت السفير الروسى منذ عدة أيام وهددت باستهداف الطائرات التى تتعرض لمناطق التركمان، ولافروف كان يفترض وصوله باكر لأنقرة لبحث الأزمة، وذلك قبل الغاء موسكو لزيارته بعد إسقاط الطائرة.
* إسقاط الطائرة جاء رداً على الضربات الجوية الروسية الفعالة التى تحرم داعش من مصادر تمويلها، وتمس المصالح الإقتصادية التركية، خاصة بعد إستهدافه روسيا للمصافي والخزانات وشاحنات النفط التى تنقله لتركيا، التى تحقق من خلاله أرباحاً طائلة
* إسقاط الطائرة الروسية تم داخل الحدود السورية، وقتل الطيارين تم بعد هبوطهما سالمين بالمظلات، ووقوع هذا الحادث بعد حادث سقوط طائرة شرم الشيخ يمثل مساساً بهيبة موسكو، فى المقابل فإن الغارات التى تشنها روسيا على مناطق تمركز التركمان يمس هيبة تركيا، وربما يقضى على مشروعها بإنشاء شريط عازل على حدودها مع سوريا، مايفسر مدى حساسية الأزمة، وتعقدها.
* أمريكا والناتو ليسا بعيدين عن الإجراء التركى فى إطار مواجهتهما للتدخل الروسى بالمنطقة، وممارسة الضغط عليه، بل أن الحقيقة ان قرار إسقاط الطائرة الروسية قد أصدرته واشنطن، ونفذته أنقرة، لكن أمريكا والناتو لن يشجعا أنقرة على التصعيد، لأن سحب شبكة الصواريخ المضادة للصواريخ من تركيا مؤخراً يؤكد عدم استعدادهما للدخول فى مواجهة مباشرة مع روسيا.
* روسيا من جانبها لن تسعى للتصعيد المباشر مع الناتو، لكنها ستسعى لتكثيف غاراتها ضد مناطق التركمان، ومحاولة إستفزاز الطيران التركى وإستدراجه لقرب الحدود، لإصطياده، والإنتقام لحادث إسقاط السوخوى، من ناحية أخرى فإن قصف مواقع الإرهابيين فى سوريا سواء عن طريق الصواريخ الباليستية أو القاذفات الثقيلة سيكون بالغ الإتساع وسيحدث قدراً من التدمير لم تعرفها الحرب السورية من قبل.
* وعلى المستوى الثنائى فإن العلاقات الروسية التركية قد دخلت مرحلة من العداء تتراجع معها سنوات شهر العسل التى مرت بها، مما يترتب عليه تراجع بعض مظاهر التعاون الإقتصادى وأبرزها تتراجع أعداد السائحين الروس لتركيا الذى وصل خلال 2014 الى 4.38 مليون سائح، يمثاون 10.5% من إجمالى عدد السائحين لتركيا، أما مايتعلق بتصدير الغاز الطبيعى لتركيا فهو قرار قد لا تقدم عليه روسيا لأنه يرتبط بمصالحها فى التصدير بقدر إرتباطه بالمصالح التركية.
* التطورات الراهنة تعتبر جزء من الحرب الأمريكية على روسيا، وامتداد للمواجهة حول أوكرانيا بعد توسيع نطاقها لتشمل الأراضى السورية.. ألعاب المخابرات تصاعدت بالمنطقة، وإسقاط الطائرة السوخوى الروسية أحد أدواتها الجديدة.