RSS

Monthly Archives: نوفمبر 2015

إسقاط تركيا طائرة السوخوى الروسية.. الخلفيات والتداعيات

الطائرة الروسية

* ينبغى الإشارة أولاً ان تركيا تعتمد على توظيف الأقليات التركمانية المسلمة فى العديد من دول العالم كواحد من أهم ادوات الضغط، فى تعاملاتها الخارجية عامة، وفى أنشطة المخابرات بصفة خاصة.

* التركمان يشكلون أحد الأقليات المزعجة فى الإتحاد الروسى، حتى ان أحد مبررات تعاون روسيا مع ايران يرجع لرغبتها فى موازنة ثقل الأقلية التركمانية، بثقل مقابل للأقلية الفارسية، وللأسف فشلت ايران فى لعب هذا الدور، لضعف تأثيرها الثقافى على الأقلية الفارسية بعد الثورة الإيرانية.

* منطقة جبل التركمان التى تعرضت للغارات الروسية منذ بدء التدخل الروسى فى تركيا تسيطر عليها جبهة النصرة، ويستوطنها قرابة 80 الف نسمة، وهى على الحدود المشتركة مع تركيا مايسمح لها بتلقى الدعم التركى المباشر.. المنطقة تخرج عن سيطرة النظام السورى منذ بدء الثورة، وقد تضاعف دورها مؤخراً بعد استضافتها لمجموعات كبيرة من المقاتلين التركمان الصينيين ” المنتمين لـ«الحزب التركستاني الإسلامي» الممثل لجماعة «الاويغور» الصينية، وهو مايفسر تحمس الصين لدعم روسيا فى الحرب، ناهيك عن لجوء أعداد كبيرة من المقاتلين المنتمين لجمهوريات القوقاز، مايبرر استهداف الطيران الروسى للمنطقة بكثافة.

* تركيا استدعت السفير الروسى منذ عدة أيام وهددت باستهداف الطائرات التى تتعرض لمناطق التركمان، ولافروف كان يفترض وصوله باكر لأنقرة لبحث الأزمة، وذلك قبل الغاء موسكو لزيارته بعد إسقاط الطائرة.

* إسقاط الطائرة جاء رداً على الضربات الجوية الروسية الفعالة التى تحرم داعش من مصادر تمويلها، وتمس المصالح الإقتصادية التركية، خاصة بعد إستهدافه  روسيا للمصافي والخزانات وشاحنات النفط التى تنقله لتركيا، التى تحقق من خلاله أرباحاً طائلة

* إسقاط الطائرة الروسية تم داخل الحدود السورية، وقتل الطيارين تم بعد هبوطهما سالمين بالمظلات، ووقوع هذا الحادث بعد حادث سقوط طائرة شرم الشيخ يمثل مساساً بهيبة موسكو، فى المقابل فإن الغارات التى تشنها روسيا على مناطق تمركز التركمان يمس هيبة تركيا، وربما يقضى على مشروعها بإنشاء شريط عازل على حدودها مع سوريا، مايفسر مدى حساسية الأزمة، وتعقدها.

*  أمريكا والناتو ليسا بعيدين عن الإجراء التركى فى إطار مواجهتهما للتدخل الروسى بالمنطقة، وممارسة الضغط عليه، بل أن الحقيقة ان قرار إسقاط الطائرة الروسية قد أصدرته واشنطن، ونفذته أنقرة، لكن أمريكا والناتو لن يشجعا أنقرة على التصعيد، لأن سحب شبكة الصواريخ المضادة للصواريخ من تركيا مؤخراً يؤكد عدم استعدادهما للدخول فى مواجهة مباشرة مع روسيا.

* روسيا من جانبها لن تسعى للتصعيد المباشر مع الناتو، لكنها ستسعى لتكثيف غاراتها ضد مناطق التركمان، ومحاولة إستفزاز الطيران التركى وإستدراجه لقرب الحدود، لإصطياده، والإنتقام لحادث إسقاط السوخوى، من ناحية أخرى فإن قصف مواقع الإرهابيين فى سوريا سواء عن طريق الصواريخ الباليستية أو القاذفات الثقيلة سيكون بالغ الإتساع وسيحدث قدراً من التدمير لم تعرفها الحرب السورية من قبل.

* وعلى المستوى الثنائى فإن العلاقات الروسية التركية قد دخلت مرحلة من العداء تتراجع معها سنوات شهر العسل التى مرت بها، مما يترتب عليه تراجع بعض مظاهر التعاون الإقتصادى وأبرزها تتراجع أعداد السائحين الروس لتركيا الذى وصل خلال 2014 الى 4.38 مليون سائح، يمثاون 10.5% من إجمالى عدد السائحين لتركيا، أما مايتعلق بتصدير الغاز الطبيعى لتركيا فهو قرار قد لا تقدم عليه روسيا لأنه يرتبط بمصالحها فى التصدير بقدر إرتباطه بالمصالح التركية.

* التطورات الراهنة تعتبر جزء من الحرب الأمريكية على روسيا، وامتداد للمواجهة حول أوكرانيا بعد توسيع نطاقها لتشمل الأراضى السورية.. ألعاب المخابرات تصاعدت بالمنطقة، وإسقاط الطائرة السوخوى الروسية أحد أدواتها الجديدة.

 
أضف تعليق

Posted by في 2015/11/24 بوصة غير مصنف

 

تكتيكات «بيت المقدس» وبدء مرحلة النكوص

IMG_20151124_134623

المراقب لعمليات الإرهاب بسيناء منذ يناير 2011 يلاحظ التطور الكبير فى تكتيكاتها، بدأت بتفجير خط نقل الغاز المصرى للأردن، 25 مرة، واستهدفت كمائن عن بعد، حصة “كمين الريسة” وحده 47 هجوم!!.. اغسطس 2012 إقتحموا كمين رفح، قتلوا 16 جندى، إستقلوا مدرعتين، واتجهوا لمعبر كرم ابوسالم، لتقضى عليهم القوات الإسرائيلية.. مايو 2013 إختطفوا 7 جنود، لمبادلتهم بمن فجر قسم شرطة ثان العريش أغسطس 2012.. أغسطس 2013 قطعوا طريق حافلتين لجنود الشرطة، قتلوا 25.. سبتمبر وأكتوبر فجروا المخابرات الحربية برفح، ومديرية الأمن بالطور.. الإطاحة بالإخوان 30 يونية وفرت المناخ لإنضمام بعض مؤيديهم للإرهابيين، الأمن واجههم بسيناء، دون إحكام الحصار، فتسلل البعض للوادى.. نفذوا محاولة اغتيال وزير الداخلية السابق سبتمبر 2013، إستهدفوا المخابرات الحربية بالإسماعيلية أكتوبر، وإغتالوا المقدم مبروك نوفمبر، وفجروا مديريتى أمن الدقهلية ديسمبر، والقاهرة يناير 2014.

          الإرهابيون نجحوا حتى أوائل 2014 فى السيطرة على ثلث قرى شمال شرق سيناء، خاصة «التومه، ابوالعراج، اللفيتات، الجميعى، المقاطعه، المهديه، الحسينات، أبوطويلة، القريعة، مابين الخروبة والشلاق، قبر عمير، الوحشى، الجورة، والماسورة»، حيث تنعدم فرص العمل الشريف، وترتبط مصالح السكان بتهريب البضائع والسلع والمخدرات، والأسلحة والمتفجرات، والبشر وتجارة الأعضاء.. معظمهم إما مطلوب للأمن، أو تعرض لسوء معاملته، مايسر للإرهابيين إستقطابهم، بالفكر الدينى، وحججهم ضد المجتمع والدولة، والإنتماء القبلى، حيث ان مؤسس “أنصار بيت المقدس” أبو عبد الله توفيق فريج ينتمى للسواركة.. البعض إنخرط بصفوف المقاتلين، والآخر بخدمات معاونة، كالقيادة وتأمين الإحتياجات المعيشية.

          الهجوم على كمين الفرافرة يوليه 2014 مثل نقلة نوعية فى تكتيك التنظيم.. مواجهة ضارية لقرابة نصف ساعة، أستهدفت نقل العمليات للصحراء الغربية، وتخفيف التركيز الأمنى على سيناء، وعكست إصرار الإرهابيون على تحقيق اهدافهم، حيث أن إحدى السيارتين المهاجمتين والمحملتين بالمتفجرات والأسلحة الثقيلة، تابعة للكمين.. استولى عليها المهاجمون فى عملية سبقتها بـ50 يومًا!!.

          عملية كرم القواديس 24 أكتوبر 2014، سبقت بعدة أيام، إعلان “أنصار بيت المقدس” مبايعتها لـ”داعش”، وتغيير إسمها لـ”ولاية سيناء”.. كانت أول معركة “مركبة” على مسرح عمليات متسع، تكاملت فيه جهود مجموعات مختلفة؛ المجموعة الإنتحارية بدأت بتفجير سيارة مفخخة، أعقبتها مجموعة القصف مستقلة سيارات الدفع الرباعى، دمرت دبابتين ومدرعتين بقذائف “R.P.G”، ثم تعاملت مجموعة الإشتباك مع من تبقى بالكمين، عناصر زرع الألغام قطعت الطرق على التعزيزات، وسيارات الإسعاف، وعناصر القنص تعاملت مع الناجين منهم.

          29 يناير 2015 خاضوا أول تجربة للعمل على أهداف متعددة، بمهاجمة فندقى الجيش والشرطة بالعريش، وبعض كمائن الشيخ زويد، والكتيبة 101 حرس حدود.. وهجوم الشيخ زويد يولية 2015 كان أول تطبيق لتكتيكات “داعش” القتالية.. إستهدف إحتلال الشيخ زويد، وعزل رفح، وإعلان ولاية إسلامية.. هجوم واسع، على محاور متعددة، ضد 16 موقع عسكرى، استخدموا السيارات المفخخة والأسلحة الثقيلة، لغّموا الطرق لمنع وصول الدعم والإمداد، حاصروا المدينة، تسللوا لشوارعها، القناصة اعتلوا الأسطح، لإسناد المهاجمين، وإصطياد المدافعين، وقصف الأهداف، وأطقم التصوير إنتشرت لتسجيل ماتوقعوه فتح جديد.. يديعوت أحرونوت وصفت العملية بأنها “إرهاب بتكتيكات الجيوش”.

          دراسة تطور تكتيك عمليات الإرهاب تعكس الإهتمام بتوفير المعلومات عن الأهداف.. التسليح، عدد الأفراد، القيادات، مخازن الأسلحة والذخيرة، خطوط الإمداد، نظم الخدمة، مواعيد التبديل، مقرات إقامة الجيش والشرطة، الروتين اليومى، مواعيد التحرك، وسائل النقل، مساراتها، الإنذار المبكر بتحركات الأمن.. يراقبون أهدافهم بالإستعانة بالخلايا النائمة، ويجندون عناصر متعاونة، بالإغراء والتهديد، حتى أصبحوا يمتلكون شبكة ضخمة من المتعاونين والناضورجية بشمال سيناء.. الهجوم يعتمد على عنصر المفاجأة، والتمويه بإستخدام الملابس العسكرية، المهاجمون يصلون لنقطة الإنطلاق فى الموعد المحدد، متفرقين، ومن عدة طرق، تجنباً للرصد، وغارات الطيران، الإنتحاريون يتعاملون مع الحواجز ونقاط التفتيش على الطرق، لفتحها، وترويع المدافعين.. إخفاء المحور الرئيسى للهجوم، يتم بإستهداف عدة مواقع، قبل التراجع عن بعضها.. غزارة النيران، وتفعيل دور جماعات القصف والقناصة صفة مميزة لهجماتهم، القصف يعتمد على الهاونات كبديل للراجمات، لفاعليتها وخفة وزنها.. قبل ان تفيق القوة المدافعة من الصدمة، يبدأ هجوم عناصر الإقتحام والتطهير للقضاء على مقاومتها، التطويق الجيد للمواقع يستهدف منع انسحاب المدافعين، وعرقلة وصول الإمدادات، ووسائل الاسعاف.. الإستيلاء على مخازن الأسلحة والذخائر يحظى بالأولوية، لأنها توفر مصادر جديدة للقوة، وتحرم المدافعين منها.. مجموعات متخصصة لإغتيال القادة، عسكريين وشرطة وشيوخ قبائل، للإرباك وإثارة الذعر.. فى حالة الدفاع.. يعتمدون على تلغيم الطرق وزرع الشراك الخداعية بكثافة، وتنتشر عناصرهم للمراقبة والتعطيل على مسافات كافية، ونطاقات متعددة، حول المواقع، ويتمركز القناصة أعلى المبانى، لإصطياد المهاجمين بمجرد دخولهم مرمى النيران، عند الإنذار يتحصن المدافعون بخنادق تحت الأرض، أو بالمدارس، والمبانى الحكومية التى يزودنها بأنفاق هروب للطوارىء، وتجهيزات لتفجيرها بعد دخول القوات المهاجمة.

          الجيش شن “عملية النسر” لتطهير سيناء أغسطس 2011، أعقبها بـ”عملية سيناء” أغسطس 2012، ثم “عاصفة الصحراء” يولية 2013، فإعلان حالة الطوارىء، وفرض حظر التجول ليلاً، وبدء إخلاء الشريط الحدودى أكتوبر 2014، توحيد قيادة عمليات سيناء يناير 2015.. إجراءات بالغة الأهمية، لكنها لم تحسم معركة الإرهاب.. تطبيق تكتيكات “داعش” بمصر، كشف “بيت المقدس”، وعرضها لخسائر فادحة، ماسبب نكوصًا أعاد تكتيكاتها لمرحلة الإغتيالات، وإستهداف الآليات العسكرية عن بُعد بالألغام والصواريخ، وتفجير أهداف منتقاه بالسيارات المفخخة.. الجيش لاحقها فى سبتمبر 2015 بإغراق الشريط الحدودى مع غزة، لهدم الأنفاق، ومنع التسلل والتهريب، وشن عملية “حق الشهيد” التى استهدفت لأول مرة تجمعاتهم بقرى الشريط الحدودى وجنوب الشيخ زويد، ماأجبرهم على مغادرتها، والإندساس وسط موجة الهجرة للعريش، لتوطين بعض عناصرهم بها، وتسريب الآخر لمحافظات القناة والوادى.. خطورة هذه المرحلة تتمثل فى الإنتشار الواسع لخلايا إرهابية على مستوىٍ عال من الحرفية، قد تستهدف مدنيين لنشر الإرتباك والذعر، مايفرض مزيدًا من الأعباء الأمنية.

          مصر وهى بصدد المواجهة الشاملة للإرهاب، ينبغى ان تراجع إتصالات عناصر القوات متعددة الجنسيات، تعدادهم وفقاً لإتفاقية 1981 قرابة 2000، مقرهم بالجورة، ولديهم نقاط مراقبة فى قلب منطقة عمليات الإرهاب «اللفيتات وقوز أبورعد»، لكنها لم تُستهدف منهم، بعض عناصر الإرهاب إعتادوا اللجوء لحرم المقرات للإحتماء من الغارات الجوية.. أخبار عن علاج بعض جرحاهم داخل المقرات، واخرى عن تزويد سياراتهم بالوقود، ومعلومات مؤكدة عن إعتقال الأمريكى حسن إدموندز مارس 2015، وهو يستعد للسفر لمصر برفقة إبن عمه، من مطار ميدواى بشيكاغو، للإنضمام لداعش سيناء، المذكور أحد عناصر الحرس الوطنى لولاية ألينوى، الذى أوفد 405 من اعضاءه للخدمة بسيناء 2010، و45 عام 2012، المدعى العام للأمن القومى الأمريكى جون كارلين، إتهم إدموندز بالتورط فى تزويد “داعش” سيناء بـ”مواد دعم”، خلال خدمته هناك، والتوجه للإنضمام للتنظيم.. مؤشرات خطيرة، تثير التساؤلات حول دور عناصر هذه القوات، وعلاقاتهم بإرهاب سيناء، وتفرض علينا بعض المراجعات.. حتى ولو كانت حوادث فردية، فالتعامل معها، لسد الثغرات، ينبغى ان يتم بسرعة وحسم.

 
تعليق واحد

Posted by في 2015/11/24 بوصة غير مصنف

 

النيل أمن قومى.. مش «نجاشى»!!

700-nile-dam

إدارة مصر لـ”ملف النيل” تعكس سوء تقدير للعلاقة الإستراتيجية بينه وبين أمننا القومى، الأمثلة عديدة.. بعد إعلان اثيوبيا رسمياً عن إفتتاح سد “تانا بليس” مايو 2010، رفع الجيش درجة الإستعداد، وإجتمعت الجهات المعنية للدراسة، لتتبين ان طاقته التخزينية بالغة التواضع  “7” مليار متر3، وان بناؤه إستغرق ست سنوات!!، ولم يختلف التعامل مع “سد تكزى”، الذى يرتفع لـ188 متر، وطاقته 10 مليار.. إدراك أثيوبيا لضعف مستوى الإدارة، وانشغالنا فى إضطرابات 2011 أغرياها ببدء تنفيذ “سد النهضة”، والمماطلة حتى استكملت 46% منه!!.

          نفتقد للرؤية الإستراتيجية فى المحادثات الثلاثية.. رفضنا بناء السد، ثم وافقنا على المخطط القديم، بإرتفاع 8م وطاقة تخزينية 14 مليار، وانتهينا بالتسليم بحق اثيوبيا فى البناء.. أثيوبيا تعرقل إختيار مكتب إستشارى، لدراسة الأضرار والبرنامج الزمنى لإمتلاؤه، تقريرها “غير ملزم”، يستغرق 15 شهر،  يكون السد قد إكتمل.. المفاوض المصرى تنازل عن إتفاقيات دولية تمنع أثيوبيا من البناء، ومن أية أنشطة تمس بمصالحنا.. م3 من إتفاق اثيوبيا وبريطانيا 1902، م5 من إتفاقها مع مصر 1993، اتفاق 1929 بين بريطانيا ومصر بشأن حصتنا من المياه، وحق الإعتراض على مايمسنا من إنشاءات.. وزير الرى توج الفشل بتفقد السد سبتمبر 2014!!.

          حكام مصر قدروا أهمية النيل.. بعثات زوسر وسنفرو وتحتمس الأول والثانى وحتشبسوت لمنابع النيل، والتحالف مع بلاد بونت “اريتريا والصومال”، ومناوشات عصر البطالمة والرومان والمماليك.. محمد على أول من أعد “تقدير موقف” لعلاقة المنابع بأمننا القومى، نتيجته أن “من يسيطر عليها يتحكم فى مصر”، مايفسر إيفاده لحملة عسكرية بقيادة نجله اسماعيل لبلوغها، لكنه أستشهد بعد ضم “سنار” و”كردفان”، الخديوى إسماعيل إستكمل فتح السودان، ووصل بحدودنا لمنابع النيل، ضم البلاد المطلة على بحيرة فيكتوريا، وسيطر على ساحل البحر الأحمر، والمحيط الهندى، وأمَّن مضيق باب المندب وخليج عدن، وحصل على إعتراف انجلترا بذلك، ونفذ لبوجوس وهرر وتاجورة متجهاً لعمق أثيوبيا، لكن انجلترا تحالفت مع الدول الأوروبية لعزله، وأجبرت توفيق على الإنسحاب.

          مشروع السد اقترحته أمريكا، ضمن أربعة سدود، 1964، للتحكم فى منابع النيل الأزرق، عقاباً لمصر على بناء السد العالى.. النظام الأثيوبى تحكمه أقلية من قبائل التيجرانية بالشمال، تحمل كرهاً تاريخيا لمصر، والتاريخ الذى يدرسه الأحباش يحتوى عدو مركزى هو “مصر”، المدافع المصرية التى غنمها الإثيوبيون بعد انتصارهم فى معركة “جوندت” تزين ميدان أكسيوم، عاصمتهم التاريخية، حتى اليوم، وإسم “جوندت” أطلقوه على أرفع وسام عسكرى.. أثيوبيا عارضت بناء سدنا العالى رغم انه لايمسها، وإشتكت للوحدة الأفريقية بعد إعلان السادات لمشروع رى 35.000 فدان بسيناء، ومبارك تعرض للإغتيال بعاصمتها يونية 1995، ماأدخل العلاقات فى مرحلة العداء.

          90% من احتياجاتنا المائية مصدرها النيل، 80% منها يعتمد على النيل الأزرق، السعة التخزينية للسد 74 مليار، والسدود المكملة للمشروع “كارادوبى، بيكو أبو، مندايا” 200 مليار.. مصر تعانى عجزاً عن حد الأمان المائى 30 مليار، يرتفع لـ73 مليار 2050، كل مليار نقص يعنى تبوير (200.000) فدان، لو قبلت اثيوبيا ملء السد خلال خمس سنوات، تنقص وارداتنا بمقدار بـ12 مليار/عام، مايعنى تبوير 2.4 مليون فدان، وإنخفاض منسوب بحيرة ناصر يقلل انتاج الكهرباء مابين 20 و40%.

                    قطر مولت السد بعد انسحاب الصين والإمارات وكوريا والبنك الدولى.. السودان أعلن ضمانه لأمن السد، ووقع اتفاقاً لتشكيل قوة مشتركة لحمايتة أغسطس 2014، بعد وعد أثيوبيا بحفر فرع رى من البحيرة لأراضيه، وتسوية مشكلة إقليم الفشقة، الذى تحتله.. البرلمان الأثيوبى صدق على اتفاق تعاون عسكرى مع تركيا 31 مارس 2015، بعد أسبوع من توقيع السيسى على “اتفاق المبادئ” الذى يعترف بحقها في بناء السد!!.

          السد يتعرض لمخاطر عديدة تهدد بإنهياره، وغرق السودان وصعيد مصر، وإنهيار سدى الروصيرص والعالى.. لبناءِه على صخور بركانية ضعيفة، قرب الأخدود الإفريقى العظيم، مساحة بحيرة التخزين 2375 كم2، معدل الأمان 1.8 ريختر، مقارنة بـ8 للسد العالى، ماينذر بأنشطة زلزالية، ناهيك عن أخطاء التصميم.. خبير الإنشاءات الألماني بتقرير اللجنة الثلاثية الدولية أكد إن الرسومات الإنشائية معيبة وناقصة، ولا ترقى لبناء عمارة سكنية في “هامبورج”، والخبراء الأمريكان رجحوا إنهياره خلال 10 سنوات لتدنى معامل الأمان.

          وكالة «ستراتفور» الأمريكية الخاصة للمخابرات، أعدت تقريراً 2012، رصد الخيارات المتاحة لمصر فى مواجهة السد، أولها إستغلال الإنقسامات العرقية بأثيوبيا، ودعم المعارضة المسلحة، بالتعاون مع اريتريا، على غرار تبنى الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا فى التسعينات، أو الصومال فيما يتعلق بقضية تحرير أوجادين.. الخيار الثانى التدخل العسكرى المباشر، مشيرة الى ان مبارك -وفقاً لتسريبات “ويكيلكس”- كان يدرس قصف السد جواً، أو تخريبه بالقوات الخاصة.. السد على هذا النحو يثير إشكالية سياسية بالغة الخطورة.. حتى إذا تحملت مصر مماطلة أثيوبيا، واستمرت فى التفاوض، الى مالانهاية!! فإن القوى الدولية التى حاولت عزلها بعد 30 يونية، تستطيع دفع قاذفاتها لقصف السد بالقنابل الإرتجاجية، لتحملنا المسئولية باعتبارنا الطرف المستفيد، تبريراً لفرض عقوبات دولية، أو تدخل اجنبى، توقيت تلك العملية بالغ الأهمية، لأنه قبل ملء السد يحملنا تداعيات المحظور السياسى، وبعده يدفعنا لكارثة إقتصادية مدمرة.

          اثيوبيا رفضت التحكيم الدولى، وهى آلية لايمكن فرضها عليها، رفع قضية أمام المحكمة الدولية لن يغير واقع وجود السد، الذى شارف على الإنتهاء، وهو مايفرض علينا البحث عن مصادر بديلة للكميات التى قد نفقدها من مياة النيل، دون التوقف عن إستخدام وسائل الضغط، وادوات الصراع، للحفاظ على حقوقنا.. مشروع ربط نهر النيل بنهر الكونغو طلع “فنكوش”، لكن عدداً من الرؤساء الأفارقة وافقوا بالفعل على مشروع توسيع وتعميق منابع النيل الأبيض بعد خروجه من منطقة البحيرات العظمى بطول 130 كم بمناطق كيوجا بأوغندا ونيمولي بجنوب السودان، ومنطقة إلتقاء النيل مع نهر عطبرة شمال الخرطوم، وأعمال تكريك وحفر على الناشف ببحيرة فيكتوريا في أوغندا وتنزانيا وكينيا، المشروع يرفع حصة النيل الأبيض كمصدر لمياه النيل لـ45%، بزيادة تفوق 30% عن معدلاته، مايعادل بعض أضرار “النهضة”.. (16%) من حصتنا في مياه النيل تمر عبر أراضى جنوب السودان، التى طالبت بحقوقها فيه، لكن اوضاعها لم تسمح بالمتابعة والضغط، مشاركتنا فى إستعادة إستقرار الدولة الوليدة يسمح بالتنسيق فى إقامة مشروعات أعالي النيل، لإستغلال فواقد المياه، خاصة قناة جونجلى، مايعوض البعض الآخر من النقص.

***

          حكام مصر العظام تعاملوا مع النيل باعتباره “أمن قومى”.. مع تراجع القوة المصرية، وضمن حالة الوهن، حوله شاعرنا احمد شوقى عام 1933 الى “شجن”، يغشانا ونحن ننتظر الفيضان، قادماً من بلاد “النجاشى”، الملك الذى أبكاه القرآن، فأسلم، وآذر المسلمين.

          مات “النجاشى”.. ويموت النيل.. وقد تموت أرضنا الطيبة.. مالم نعيد النيل “قضية أمن قومى”!!.

 
تعليق واحد

Posted by في 2015/11/19 بوصة غير مصنف

 

خمس حقائق جديرة بالملاحظة، فى حادث الطائرة الروسية

images

الحقيقة الأولى.. بعد سقوط الطائرة داهمت الشرطة الروسية مقر الشركة المالكة للطائرة “ميتروجات”، ومقر شركة السياحة المنظمة لرحلة شرم الشيخ “بريسكو”، تبين انهما مملوكتين لشخص واحد “فيشكان تابولاييف”، أشارت مصادر أمنية روسية انه تحوم حوله شكوك تتعلق بكونه مجرد واجهة لثلاث رجال أعمال آخرين اثنين من القوقاز، وثالث تركي.

الحقيقة الثانية.. ان الطائرة قد هبطت فى تركيا، نزل ركاب، واستقلها ركاب آخرين، كما تم سحب كميات من الحقائب والمنقولات وأضيف غيرها، وفى الغالب فإن القنبلة قد تم وضعها فى هذه المرحلة خاصة ان المحققين الروس أكدوا ان القنبلة التى وضعت ليست محلية الصنع كالتى يستخدمها الارهابيون فى مصر، وانما هى من نوع القنابل البلاستيكية المتطورة، وهو ماأكده التليفزيون الإسرائيلى نقلا عن خبراء فى أجهزة الأمن.

الحقيقة الثالثة.. ان الطائرة هبطت فى شرم الشيخ ترانزيت، وبالتالى لا يمكن لأى جهه مصرية سواء صيانة او انقاذ او تأمين او تفتيش، الاقتراب منها أو تقديم خدمات طوال تواجدها فى الترمك”، وذلك وفقًا للقوانين الدولية المنظمة للعمل بالمطارات المختلفة، لذلك لم تقدم سلطات المطار للطائرة أية خدمات للطائرة، حتى الحقائب تم وضعها تحت إشراف الطاقم الفنى للطائرة.

الحقيقة الرابعة.. لايمكن ان تمر إقالة الجنرال أركادى باخين، النائب الأول لوزير الدفاع الروسى، وتسريحه من الخدمة العسكرية، مرور الكرام، المذكور من المعارضين للتدخل الروسى فى سوريا وأوكرانيا، والصراع داخل الجيش وصل الى حد توقع البعض وقوع انقلاب ضد بوتين خلال تواجده فى قمة العشرين.. خلاف بهذا العمق، مع مسئول بهذا الثقل، لايستبعد معه ان تكون حادث الطائرة أحد أدوات الضغط المستخدمة فى الصراع.

الحقيقة الخامسة.. لايزال هناك الكثير الذى يمكن الخروج منه بتحليل الشنط والأمتعة وأجزاء الطائرة من الداخل والخارج لتحديد مكان العبوة المتفجرة، او الشنطة التى كانت بها، ومن هو صاحبها، ومن اين استقل الطائرة.. استنطاق أجزاء الطائرة ومتعلقاتها كفيل بحل رموز الأزمة.

 
أضف تعليق

Posted by في 2015/11/17 بوصة غير مصنف

 

اليمن بين مطرقة «القاعدة» وسندان «الجوع»

a1440763475

اليمن مركز “القاعدة فى الجزيرة العربية”، اكبر فروع التنظيم فى العالم، أعداد كبيرة من اليمنيين شاركت فى تأسيس التنظيم بأفغانستان، وحاربت السوفيت، الجيل الثانى منهم حارب أمريكا.. “العائدون من أفغانستان” إصطحبوا معهم أعداداً كبيرة من جنسيات خشيت العودة لبلادها، بسبب الملاحقات الأمنية، بداية الألفية الحالية.. بن لادن يحمل أصولاً يمنية، وتربطه بقبائلها علاقات وثيقة، حتى أنه كان يُعِدْ للإنتقال لها قبل إغتياله.. انعدام فرص العمل، وتدنى مستوى المعيشة، ساعد التنظيم على تجنيد المزيد من الشباب، استناداً للعصبية الدينية والمذهبية والقبلية.. مع تراجع التنظيم أمام تمدد داعش بسوريا والعراق، تبدو اليمن فرصته الأخيرة حتى لا يبدو وكأنه ينحسر.. “القاعدة” لم تنخرط فى الثورة اليمنية، ولا فى الصراع بين الدولة والحوثيين، لكنها إستثمرت الفوضى جيداً؛ أعلنت إمارة إسلامية فى زنجبار عاصمة أبين مايو 2011، ثم فى “وقار”، و”عزّان”، وسيطرت على مديريات السدة، العريش، رداع، وأرحب، ومدت مناطق نفوذها الى شبوة، ورفعت راياتها السوداء بعواصم إب وزمار والبيضاء ومأرب وعدن وحضرموت.. إندفاع الحوثيين غير المتعقل جنوباً، حيث الأغلبية السنية، كان سبباً فى لجوء القبائل للقاعدة وتحالفهم معها، باعتبارها التنظيم السنى المسلح القادر على التصدى للتمدد الشيعى، عندما بدأت غارات “عاصفة الحزم” لم تستهدف معاقل التنظيم، ماأدى الى لجوء النازحين اليمنيين إليها كملجأ آمن!!.

          قوات صالح عرضت على “القاعدة” التنسيق لمواجهة قوات التحالف، لكن تاريخاً من الشك حال دون ذلك، والحوثيين حاولوا إقناعها بتسهيل دخولهم محافظات الجنوب للتصدى للتحالف العربى، لكن العداء الطائفى أغلق أبواب اتفاقات المصالح.. “القاعدة” شاركت ضمن قوات المقاومة الشعبية فى إسترداد عدن فى يولية 2015، تمركزت بمبنى الأمن السياسى لأسبوعين، استولت على بعض الملفات، وإعدمت الباقى، قبل أن تفجر المبنى، وسيطرت على أحياء ومناطق رئيسية، جلال بلعيدي القيادي بالتنظيم أكد مشاركتهم فى معارك عدن ولحج وتعز وأبين وشبوة والبيضاء.

          “داعش” تتمتع بحضور اكبر فى المحافظات الشمالية، وهى مسئولة عن التفجيرات الإنتحارية بمسجدى “بدر” و”الحشحوش” بصنعاء مارس 2015، التى راح ضحيتها 142 قتيل، ومئات الجرحى، لكنها حرصت على ألا تغيب عن عدن.. فجرت عدد من المساجد الشيعية، ومقر الحكومة بأحد فنادق المدينة، بالتزامن مع تفجير سيارة مفخخة أمام معسكر القوات الاماراتية، وآخر بمبنى تابع لهلالها الأحمر، وسيطرت على معسكر الشيخين، واستخدمته فى تدريب عناصرها، وانشأت مركز طبى، واعتبرت عدن ولاية تابعة لـ”دولة الخلافة الإسلامية”.

          القاعدة وداعش استوليتا على كميات ضخمة من الأسلحة التى وزعتها قوات التحالف على المقاومة الشعبية، “60 مدرعة، 30 قاذفة صواريخ، وعشرات السيارات”، بخلاف ماتم الإستيلاء عليه من معسكرات الجيش، محاولات بعض الوسطاء من القبائل والسلفيين وحزب الإصلاح للوساطة بينهم وبين الدولة لتسليم الأسلحة الثقيلة، والإنسحاب من عدن، لم تحقق نجاحاً، بل انهما إستغلا انتقال قوات التحالف والمقاومة الشعبية لتحرير المحافظات المجاورة للتمدد داخل المدينة، وبعض المدن المجاورة.

          قيادة المنطقة العسكرية الثانية بـ”المكلا”، عاصمة حضرموت، يتبعها 6 ألوية وعدد من الكتائب الخاصة “حرس جمهورى، قوات خاصة، صواريخ، دفاع ساحلي، نجدة مدرعة”، جميعها تدين بالولاء للرئيس السابق على عبدالله صالح.. فى 2 أبريل انسحبت جميعها أمام هجوم قرابة (300) مسلح من “القاعدة”!!، تاركة معداتها واسلحتها الثقيلة، دون إطلاق رصاصة واحدة!!.. نفس سيناريو التسليم الذى تم بالموصل والرمادى.. أغلبية أعضاء “هيئة كبار علماء السنة” هم من قاموا باستدعاء “القاعدة”، بحجة حماية المحافظة من إجتياح “الشيعة”، لكن عناصر التنظيم قاموا بعمليات سلب وحرق لبعض المقرات الحكومية، ونهب للبنوك، غنيمتهم من البنك المركزى وحده عشرين مليار ريال، اقتحموا السجن المركزى وأفرجوا عن 300 سجين معظمهم من التنظيم، بمجرد دخول المدينة أنشأت بالقصر الجمهورى “دار الإمارة” كمقر للحكم، ومسكن لأمير التنظيم، وإدارة للأمن، وأخرى لبيت المال، وهيئة للحسبة، تراقب سلوك الناس، تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر، وهيئة للفتوى.. ترتيبات تؤكد نيتها فى تأسيس دولة إسلامية جنوب الجزيرة العربية، فى أكبر المحافظات اليمنية “36% من مساحة الدولة”، عاصمتها “المكلا” ثالث أهم المدن اليمنية بعد صنعاء وعدن، تبعد 700 كم عن قوة الدولة المركزية بالعاصمة، تمتلك شريط ساحلى 450 كم، مايسهل تسلل الأفراد وتهريب الأسلحة والإمدادات، وهى الأغنى لوجود اغلب الإستثمارات النفطية وشركات الإنتاج الأجنبية («توتال»، «دوف»، «كالفالى»…)، مايوفر مصدراً للتمويل.. المجلس الأهلى لقبائل حضرموت، وقع اتفاق مع “القاعدة” يمنع الصدام فيما بينهم، وينظم التعاون لمواجهة الحوثيين، ويشكل لجنة مشتركة لإدارة المحافظة.. قبائل المنطقة من السنة، معظمهم ينتمى للصوفية، عناصر “القاعدة” هدمت الأضرحة والمزارات والمعاهد الدينية التابعة لهم، وبدأت فى عقاب المخالفين لتعليماتها جلداً بالأماكن العامة، وفرضت عقوبات على موردي “القات”، وأهملت الخدمات خاصة الكهرباء، فانهارت، ماخلق حالة من السخط والإحتقان.. بعد نجاح قوات هادى مدعومة بالتحالف فى تحرير شبوة، آخر معاقل الحوثيين بالجنوب نهاية سبتمبر، طالب المجلس الأهلى -بإيعاز من الدولة- بانسحاب “القاعدة”، لزوال مبرر دخولها -وهو خطر الحوثيين- وتجنباً لتكرار سيناريو الدمار الذى تعرضت له “أبين”، عندما حاول الجيش إستردادها، القاعدة طالبت بعفو رئاسي عن المسلحين، ومنع ملاحقتهم قضائياً، أو استهدافهم.. لكنها مع رفض الحكومة، وتزايد الضغط الشعبى بالمحافظة، بدأت فى تسليم الخدمات والمرافق والمؤسسات الرسمية.

          “القاعدة” أطلقت على نفسها “أبناء حضرموت”، تسهيلاً للإندماج فى جسد المجتمع، لكن التنافس بينها وبين داعش حالياً على أشده، الأولى تكثف عمليات التجنيد والحشد فى معاقلها التاريخية بالجنوب، والثانية بالمحافظات الشمالية.. “داعش” لاتزال تطالب القاعدة بمبايعة البغدادى، والقاعدة ترفض، وسط تسريبات تؤكد نية داعش فى إجتياح شبوة، للسيطرة على شركات الغاز والبترول، توفيراً لمصادر التمويل اللازمة لدعم وجودها.. كل المؤشرات تنذر بتكرار ماشهده العراق وسوريا من صراع بين التنظيمين.

          الضباط المتقاعدون شكلوا مجالس للدفاع الوطنى بالمناطق القبلية، ويجندون الشباب لإعتقادهم بأن الأسوأ لم يأت بعد.. تحالفات القبائل التى أعلنت ولائها للسعودية، تدفع الشباب للتدريب بمعسكرات التحالف نظير مكافآت مغرية.. أمريكا وبريطانيا دربت أكثر من 3000 جندى يمنى، لتشكيل لواء للقوات الخاصة ومكافحة الارهاب، لمواجهة داعش والقاعدة، بعد دمج كتائب قوات الأمن الخاصة ولواء مكافحة الارهاب بالجيش فى كيان واحد.. والرئيس هادى حاول لملمة المناطق العسكرية، بتعيين قيادات موالية، إلا ان القوات تعاني من تشتت أفرادها، حتى ان قادة المناطق العسكرية أوكلوا مهمة حماية الشركات النفطية للإئتلافات القبلية.. عمليات ضم عناصر من المقاومة الشعبية للجيش تتم على عجل، ماوفر الفرص لإندساس عناصر تنتمى الى تنظيمات معادية للدولة، بعضها إرهابى.. عمليات تجييش متعددة، واسعة النطاق، لشعب به 1.4 مليون نازح، فى أمس الحاجة للمساعدات، 25.000 شخص ينضمون يومياً لدائرة الجوع، من بين 13 مليون يقفون على حافتها.. «أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ«.

gtaha2007@gmail.com

 
أضف تعليق

Posted by في 2015/11/17 بوصة غير مصنف

 

إرهاب باريس.. ملاحظات أولية

large-2136960805300611155

فرنسا تتعرض للعقاب.. ليست داعش وحدها التى تعاقبها على مشاركتها الجدية فى الغارات على مواقعها بسوريا إعتباراً من أواخر سبتمبر الماضى، والتى أحدثت خللاً فى التوازن العسكرى لتزامنها مع الغارات الروسية وفعالية الهجمات البرية السورية المدعومة بتعزيزات من ايران وحزب الله.. انما يعاقبها من أنشأوا داعش، ففى الوقت الذى يسعون فيه لإشاعة الفوضى والصراعات الداخلية والتقسيم الطائفى وتفتيت الدول الوطنية بمنطقتنا العربية، تلعب فرنسا دوراً بناءً، دفع دول مجلس التعاون الخليجى لإشراك الرئيس الفرنسى فى آخر إجتماعات قمة، وسمح لباريس أن تقدم أسلحة إستراتيجية غيرت التوازن العسكرى بمنطقة الشرق الأوسط (الرافال والميسترال لمصر…)، كما ان تشكيلات من قدامى العسكريين بالخدمة “تاسك فورس لا فاييت” على وشك المشاركة المباشرة فى الحرب ضد داعش بالعراق.

            هجمات باريس تثير العديد من الأسئلة.. أولها تتعلق بالجهة التى نفذتها.. بغض النظر عن إعترافات داعش، فإن العملية تحمل بصماتها، تزامن العمليات الإرهابية، إستخدام المفخخات والأحزمة الناسفة فى تفجيرات الإستاد، إحتجاز الرهائن بالمسرح، استهداف المدنيين بالمطعم.. مستوى التدريب الإحترافى لمنفذى العملية، كلها أدلة واضحة لاتخطئها العين.. فى يناير الماضى وجهت داعش عناصرها بباريس لإغتيال الرئيس الفرنسى وذلك فى بيان علنى،

            العمليات شارك فيها قرابة عشرة أشخاص، من الخلايا النائمة لداعش بفرنسا، وقد تم بالفعل رصد اتصالاتهم وتحليل لهجتهم، بمعرفة الأمن الفرنسى والامريكى، هذا العدد سمح بتنفيذ عدة عمليات متزامنة فى انحاء باريس، شجعهم عليها حالة واضحة من الإسترخاء الأمنى رغم وجود تحذيرات مسبقة، باحتمال وقوع عمليات إرهابية.

            هجمات باريس مقدمة لموجة جديدة من الإرهاب  تجتاح أوروبا قريباً، فمنذ بدأت روسيا وفرنسا غاراتهم على داعش فى سوريا تم رصد هجرة عناصر من داعش، بعضهم حاول  التوجه الى ليبيا لكن مراقبة وحدات من الأسطول الإيطالى للمياه الإقليمية الليبية فى إطار مواجهتها للهجرة غير الشرعية لأراضيها جعل ليبيا مقصداً غير آمن، مادفع معظم عناصر داعش للإندساس ضمن السوريين المهاجرين لأوروبا، وذلك فى حقيقة الأمر مؤشر على قرب بدء موجة واسعة من الإرهاب تغطى أوروبا، وربما بدات بألمانيا قريباً.

            إرهاب باريس أفرز مجموعة من النتائج بالغة الأهمية.. أولها إعلان فشل السياسة الأمريكية الخاصة بتجميع الإرهابيين بالمنطقة العربية لخلق حالة صراع داخلى تشغل الجميع عن اسرائيل والغرب.. ثانيها ان اوروبا اصبحت شريكة لدول المنطقة فى تحمل تبعات فشل السياسة الأمريكية بالمنطقة العربية، ثالثها إحداث حالة من السيولة والشيوع فى التعرض لآثار الإرهاب، وتلك ظاهرة تعمل لصالح مصر، وتخفف الضغوط التى تتعرض لها حاليا بصدد سقوط الطائرة الروسية، حيث تسحب الإهتمام والتركيز الإعلامى عنها.. رابعها ان الإرهاب فى اوروبا سيجبر حكوماتها على اللجوء لإتخاذ إجراءات استثنائية، والتجاوز عن بعض الحقوق الفردية والحريات، ماسيؤدى بالتالى الى تخفيف الضغوط على دول العالم الثالث فيما يتعلق بتلك المعايير، خامسها توقع توجه الدول الأوروبية نحو إتخاذ إجراءات عملية فعالة لوضع حد لتمدد داعش والإرهاب فى ليبيا، وهو ماينبغى متابعته عن قرب شديد لإحتمال استغلال الولايات المتحدة للموقف لإستعادة زمام المبادرة بالمنطقة العربية من روسيا، عن طريق تبنى حملة جماعية دولية جديدة ضد الإرهاب، قد لاتقتصر على ليبيا والعراق وسوريا، وانما قد تسعى أمريكا لمدها لتغطى شبه جزيرة سيناء.. وتلك مسألة بالغة الخطورة والأهمية.

            العالم كله حول مؤشرات أجهزة إستقباله على قناة فرنسا 24، فى درس بالغ الأهمية لوسائل ورجال الإعلام العربية، فى كيفية إجتذاب المشاهد، باحترامه وتلبية كافة إحتياته من أخبار ومعلومات بصدق ومهنية.. سرعة تصرف خلية الأزمة الفرنسية وإعلان حالة الطوارىء والإجراءات الأمنية الأخرى درس آخر لأهمية إحكام تشكيل وتفعيل دور مجالس الأمن القومى وخلايا الأزمة بمايتناسب مع خطورة المواقف الطارئة المحتملة وأهمية عامل الزمن فى التعامل  معها.. سرعة سفر الرئيس التونسى لباريس فور وقوع الحادث درس للقيادة السياسية فى سرعة إتخاذ القرار، والتحرك لضمان المصالح الوطنية، وتجنيب بلاده للخطر وسوء الظن.

 
أضف تعليق

Posted by في 2015/11/14 بوصة غير مصنف

 

السعودية.. ألغام ومهام، فى الإقليم

images-103942

تغيُّرات إستراتيجية شهدها الإقليم منذ وصول الملك سلمان للحكم، صنعت معظمها مبادرات جريئة، وديناميكية لم تعهدها المملكة منذ سنوات، لكن التدخل الروسى فى سوريا طرح إشكاليات تفرض مرونة التعامل حتى لاتُجهِض جهوده للعودة القوية لموقعه المستحق.. سأحاول تلخيصها:

          السعودية سعت لإحتواء قطر بمصالحة تاريخية 2014، لكن قطر وقعت مع تركيا يونية 2015 اتفاقية عسكرية مدتها عشر سنوات، تجدد تلقائياً، تسمح لها بإنشاء قاعدة عسكرية، واستخدام القواعد الموجودة، ونشر قواتها، واستخدام المجالين الجوى والبحرى، وتعاون فى مجالى المخابرات والصناعات الحربية، والمناورات العسكرية، وبرامج التدريب والتعليم.. إسرائيل توسطت للتوصل للإتفاق، للحد من دور المملكة، رغم ان كل التغييرات الجارية بالمنطقة، خاصة الإتفاق النووى الإيرانى، تهىء المناخ لتوافق فى المصالح يحد من عوامل القلق التاريخية بين اسرائيل والدول العربية، ويشجع على التعاون كبديل للعداء.. ثم وقعَّت قطر فى أكتوبر اتفاق عسكرى مع ايران، يتضمن إجراء مناورات مشتركة، والسماح للبحرية الإيرانية بدخول المياة القطرية ضمن ترتيبات تأمين الحدود، ومنع التهريب.. قطر، تفتح الباب للتدخل الأجنبى، وتساعد على تمدده بالمنطقة، إعادتها للصف العربى، والإلتزام بأمن المنطقة، مهمة ذات اولوية للسعودية.

          سلطنة عُمان رغم تعقلها وصواب رؤيتها، وحيادها فى النزاعات، وقَّعَت اتفاق عسكري مع إيران سبتمبر 2013، منح اسطولها تسهيلات بالموانئ العمانية، وأسبغت خصوصية على علاقاتهما.. قابوس أول زائر لطهران فى عهد روحانى، ومسقط أول عاصمة خليجية تستقبله.. عُمان لعبت دورا هاما في إنهاء عزلة إيران، استضافت المحادثات السرية للتوصل للإتفاق النووى، وتوسطت بين الإمارات وايران لتسوية قضية الجزر، وزير خارجية إيران زار دبى ديسمبر 2013، لتبدأ المباحثات المباشرة فبراير 2014، “ديفنس نيوز” الأمريكية أكدت تنازل ايران عن جزيرتيْ “طنب الكبرى” و”الصغرى” للإمارات، مع إحتفاظها بالحقوق الإقتصادية على قاع البحر حول الجُزر الثلاث، وتأجيل الإتفاق على “أبو موسى” لمرحلة لاحقة.. عدم ملائمة أوضاع المنطقة فرض تأجيل إعلان الإتفاق.. بن علوي، وزير الخارجية العُماني، زار دمشق 26 أكتوبر، والتقى الأسد، ووزير خارجيته، زيارة ليست ميلاً مع التيار، لكنها إستكمال للقاءات سرية مع وليد المعلم منتصف أغسطس، تستهدف إستئناف الحوار السورى السعودى، بعد توقفه إثر غضب الأخيرة من تسريب تفاصيل لقاء بن سلمان وعلى مملوك بالرياض.. نجاح الوساطة يفعل الدور السعودى فى تسوية الأزمة السورية.

          البحرين سحبت سفيرها من طهران، وطردت السفير الإيرانى فى المنامة، بعد اكتشاف محاولة لتهريب متفجرات وأسلحة من إيران عبر البحر، لكنها لم تقطع العلاقات، عُمان توسطت لرأب الصدع.. الخطر الإيرانى يثير القلق لدى الدول الصغيرة، مايفرض على مجلس التعاون إعلان حمايته الصريحة، تعزيزاً للثقل العربى فى مواجهة الأطماع الإيرانية، وعدم ترك الساحة لإيران لإستغلال القلق فى فرض نفوذها.

          الأردن، بوابة التسلل لسوريا، إستوعب أبعاد ونتائج التدخل الروسى، وتعاملت معه بحصافة، رئيس الأركان، مستشار الملك، هنأ نظيره السوري بعيد الأضحى، أوقف كل برامج العمل ضد سوريا على أراضيه، بما فيها معسكرات تدريب المعارضة وأبناء العشائر، ومنع السلاح والذخائر عن المعارضة جنوب سوريا، وجمد نشاط غرفة عمليات الجنوب “الموك”، واتفق مع روسيا على وضع آلية عمل مقرها عمان، للتنسيق ضد “داعش”، وقف الدعم المالى السعودى سبب عجزاً يقدر بمليار دولار، لكن الأردن يقدر ان روسيا أدخلت متغيرات ستفرض على الجميع مراجعة موقفه.

          ديناميكية السياسة الإيرانية، ونجاحها فى العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن، أكد سعيها لحصار السعودية، التى غابت سنوات عن الإقليم، وبدأت ايران تعد لتفجيرها من الداخل بمعرفة الأقلية الشيعية، وإرهاب المتطرفين السنة، مايفسر إتجاه أمريكا للحوار معها إبان ترتيبها للإنسحاب من المنطقة، بادئة بحاملة الطائرات، لتخفيف عبء تمركز الأسطول الخامس بالخليج “70 مليار سنوياً، تمثل 15% من ميزانيتها الدفاعية”، مايفرض على السعودية سرعة تعزيز دور مجلس التعاون، وسد الفراغ قبل ان يحل النفوذين الإيرانى والتركى كبديل.

          بعد مقاطعة العاهل السعودى لقمة كامب ديفيد مايو 2015، نشر موقع ويكيليكس فى يونية (70.000) وثيقة مسربة من الخارجية السعودية، كمقدمة لنصف مليون وثيقة، وصفها جوليان أسانج مؤسس الموقع بأنها “تميط اللثام عن نظام دكتاتوري يشكل تهديداً لنفسه وجيرانه”!!، رد الفعل السعودى إتسم بالنضج والرؤية الإستراتيجية، لتخفيف الضغط الأمريكى، بن سلمان وقع بموسكو “18 يونية” 6  اتفاقيات تؤسس لعلاقة إستراتيجية، تشمل التعاون في إستخدام الطاقة النووية سلميا، وبناء 16 مفاعل للطاقة والمياه بتكلفة 80 مليار دولار، والتعاون العسكري، وفي مجال الفضاء، والإسكان والفرص الاستثمارية، لكن السعودية رفضت دعوة موسكو لإنشاء تحالف مع تركيا والعراق وسوريا ضد “داعش”، وهو قرار صائب لأن روسيا كانت تُعد للتدخل المباشر، ماكان يضع السعودية امام واقع بالغ الحرج، خاصة فى علاقتها بالتحالف الغربى.. بن سلمان وقع بباريس “24 يونية” 10 إتفاقيات لبناء مفاعلين نوويين، وشراء طائرات هليكوبتر، وطائرات أيرباص، بتكلفة 11.5 مليار دولار.. الزيارتين جسدا تحولاً جذرياً للسياسة الخارجية السعودية نحو تعدد أقطاب التعاون الإستراتيجى، وإستقلالية القرار.. أوباما سارع بإيفاد وزير دفاعه لجدة فى يولية، وافق على صفقة صواريخ طائرات F-15، ووعد بتلبية كل إحتياجات المملكة، ليوقف تباعدها، وينال حصة من مشترواتها العسكرية التى إرتفعت من 45.3 مليار دولار 2010، إلى 48.5 مليار 2011، 56.5 مليار 2012، 67 مليار 2013، و80.8 مليار 2014، حتى بلغت قرابة 160 مليار 2015.. العاهل السعودى زار واشنطن مطلع سبتمبر، وأوباما وافق على بيع طائرات هيلوكوبتر بلاك هوك، مقاتلات F-15، محركات وانظمة GPS وإنذار مبكر، ومنظومة صواريخ باتريوت متقدمة PAC-3، وأربع سفن حربية متعددة المهام، وفرقاطتين لدعم الأسطول السعودى بالخليج، السعودية عدلت موقفها من الإتفاق النووى وإعتبرته “عامل إستقرار للمنطقة”!!، لكنها لم تغير موقفها من رفض أى دور لبشار سواء فى مستقبل سوريا، أو فى المرحلة الانتقالية.

          السعودية ينبغى ان تعيد تقييم متغيرات مابعد التدخل الروسى، وتتفهم ان امريكا لم تتخذ على مدى الأعوام الماضية إجراء جدى لإجبار بشار على الرحيل، وانها سمحت بتدخل روسيا ضمن ترتيبات الإتفاق الإيرانى، أملا فى إستنزاف قواها، ولإجهاض تقاربها مع السعودية، وتوفير وسيلة فعالة للضغط على بشار حال التوصل لصيغة تسوية، وان روسيا فى المقابل تقدر أهمية التوافق مع السعودية، وتضعها على راس إهتماماتها بالمنطقة، خاصة فيما يتعلق بالتاثير على اسعار البترول، فهى التى رفعت اسعاره لثلاثة أضعاف نهاية السبعينات، ثم هبطت به للنصف بعد تدخل روسيا فى أوكرانيا، الإحتياطى النقدى السعودى “700 مليار دولار” مكنها من ذلك، لكنه لن يصمد طويلاً مع ضخامة مشترواتها العسكرية، وتراجع اسعار النفط.. حقائق لايمكن للسعودية تجاهلها، وإلا تعرضت لتراجع سياسى مهين، أو مواجهة غير مأمونة مع روسيا وايران على الساحة السورية.

 
2 تعليقان

Posted by في 2015/11/01 بوصة غير مصنف