RSS

Monthly Archives: جويلية 2015

الحوار الإستراتيجى المصرى الأمريكى

1763932088273115810

جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى يصل القاهرة أول أغسطس لبدء جولة جديدة من الحوار الإستراتيجى بين مصر والولايات المتحدة.. التطور التاريخى للعلاقة، ووضع هذا الحوار فى إطارها، يعكس دلالاته على المرحلة الراهنة، والمقبلة.. نكسة يونية 1967 كانت مبرراً لقطع العلاقات الدبلوماسية مع واشنطن، ونصر أكتوبر 1973 كان مناسبة لإستئنافها.. السادات أدرك تأثير العلاقة مع أمريكا على أمن مصر القومى، وبالغ فى تقديره بأن 99% من أوراق اللعبة فى يدها، فطلب من كيسنجر فى نوفمبر 1973 بدء حوار إستراتيجى، لإيجاد إطار مؤسسي لتعاون أشمل، يتجاوز حدود العلاقات الثنائية، ليشمل المصالح الإقليمية والدولية للجانبين، مع تحديد مسبق لنقاط الخلاف وتحييدها، وتنمية وتعضيد نقاط الاتفاق.

الجولة الأولى من الحوار لم تبدأ إلا فى 1988/89، لأن وضع السياسة الخارجية الأمريكية عملية بالغة التعقيد، يشارك فيها أطراف ومصالح متعددة، الجولة الثانية 1991 تم فى إطارها المشاركة فى حرب الخليج، وإلغاء بوش الأب ديون مصر العسكرية، والثالثة 1998/99.. انتكس الحوار بوصول بوش الإبن للحكم 2001، وإعلانه رفض مبدأ عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول، حال تأثيرها على الأمن القومى الأمريكى.. تولى اوباما الحكم جلب معه آمالاً، وبدات فى فبراير 2009 محاولة جديدة لإستئناف الحوار، لكنها سرعان ماتبددت، لأن اوباما جاء بتصور سياسى يعتمد على إجراء تغييرات فى الكيانات السياسية وبنية السلطة ومنهج الحكم بدول المنطقة.. حتى انه كان أشد عوامل الضغط على مبارك للإستقالة فى فبراير 2011، ضمن ترتيبات انتهت بوصول الإخوان للسلطة.

الحوار المقبل شامل، يضم متخصصين في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والامنية والتعليمية.. سعت مصر لتوفير فرص النجاح له بلقاء وزير الخارجية مع سوزان رايس مستشارة أوباما للأمن القومي بواشنطن فبراير الماضى، ووافقت الرئاسة على منحة تنموية أمريكية بحوالى 20 مليون جنيه، «لمشاريع خاصة بالمجتمع المدنى»، لتؤكد الشعور بالثقة، والرغبة فى التعاون، والحرص على تجاوز الماضى.. ثلاثة موضوعات رئيسية تتصدر أجندة الحوار.. الأول: أمن المنطقة، ومواجهة الإرهاب المتزايد، وترتيبات تجفيف منابع تمويله، بما فيها الموقف الأمريكى من الإخوان.. الثانى: التجارة حيث من المنتظر ان يعرض الجانب الأمريكى حزمة إجراءات لمساعدة الصادرات المصرية علي النفاذ للأسواق الأمريكية، وبحث زيادة موارد مصر من خدمات التجارة، بعد إفتتاح القناة الجديدة “الخدمات الملاحية- خدمات الحاويات”.. الثالث: الإستثمار ويكفيه بحث إجراءات تفعيل الإلتزامات المتبادلة والمعلنه في مؤتمر شرم الشيخ.. وهناك نقاط أخرى تستحق الإهتمام..

الأولى:  ضرورة تجنب اختزال نتائج الحوار فى بعض المنح والتسهيلات.. عقب توقيع إتفاقية السلام 1979 قرر كارتر تقديم دعم اقتصادى وعسكرى سنوى لمصر، تحول منذ 1982 إلى منحة لا ترد بواقع 2.1 مليار دولار.. 815 مليون منحة اقتصادية تقلصت تدريجياً حتى وصلت الى 250 مليون عام 2011، و1.3 مليار منحة عسكرية ظلت ثابتة لوجود لوبى امريكى يدافع عنها، هذه المنح تحولت الى أدوات ضغط على مصر.. نهاية 2007 لوح الكونجرس بتعليقها  مالم تغلق مصر أنفاق التهريب بين قطاع غزة وسيناء!!.. وتكرر التهديد خلال ازمة تمويل الجمعيات الأهلية بمصر فبراير 2012، وذلك قبل تجميدها بعد تدهور العلاقات نتيجة للإطاحة بالإخوان 30 يونية 2013، وتعليق شحن طائرات “F16” وأباتشى ودبابات “M1″، ولولا أن نقاشات الكونجرس تغيرت لصالح مصر اواخر 2013، وتعرض أوباما لعاصفة هجومية لإتخاذه ذلك الموقف دون استشارة الكونجرس، ماإضطره بداية 2014 لإستئناف الدعم، وإيفاد كيرى للقاهرة فى يونية 2014، معلناً إستعداد بلاده لبدء الحوار الإستراتيجى مع الدولة المصرية.

الثانية: التأكيد على مبدأ التعامل الرسمى بين المؤسسات السيادية؛ آن باترسون أدارت العلاقة بين الدولتين، بإتصالات مباشرة مع قادة الإخوان، رغم ان معظمهم لايشغلون مناصب رسمية او حزبية، وتحولت مقرات الجماعة، وحزب الحرية والعدالة، ومنازل القادة، لمقرات رسمية، بديلة لوزارة الخارجية والمؤسسات الرسمية، بل أن كيرى نفسه ذهب لمكتب خيرت الشاطر لمقابلته!!.

الثالثة: توضيح موقف مصر من الإتفاق النووى الإيرانى، الذى لعبت واشنطن الدور الرئيسى فى التوصل اليه.. الإتفاق يعبر عن ممارسة أمريكا والقوى الكبرى لمسئوليتهم الدولية تجاه حظر الإنتشار النووى، ويعكس نضج ايران السياسى عبر جلسات التفاوض الطويلة، الا انه ينبغى التحذير من ربطه بأية تسويات إقليمية سرية، أو وعود بالتغاضى عن التمدد الإيرانى ببعض دول المنطقة.

الرابعة: ضرورة تفهم رؤية واشنطن فيما يتعلق بمراجعة هيكل المنحة العسكرية لمصر، وهى العملية التى بدأت نهاية 2007، وحاولت فى أعقابها إقناع مصر بالتوقف عن طلب المزيد من الأسلحة الثقيلة “مقاتلات F16- دبابات Abrams”، والإهتمام بدعم قدرة الجيش على تأمين الحدود، ومواجهة الإرهاب، البعض فسر ذلك بأنه تحجيم لقوة مصر الضاربة الإستراتيجية، قبل ان تتحول لمصدر تهديد لأمن إسرائيل، وهى رؤية ربما كانت صحيحة، لكنها تفتقد للوجه الآخر من الحقيقة، المتعلق بتقدير أمريكا بأن نظام مبارك كان آنذاك أحد حلفائها الرئيسيين، وينبغى تعزيز قدرته على التعامل مع ما سيترتب على سياسة “الفوضى الخلاقة” -التى بدأ تنفيذها 2006- من نتائج، أهمها إنتشار الإرهاب بالمنطقة.. ولاشك ان مصر حالياً أحوج ماتكون لنشر شبكات المراقبة والإنذار الإلكترونى على إمتداد حدوها، أكثر من الطائرات والدبابات، خاصة انها قد وقعت بالفعل خلال العام الماضى أربعة صفقات سلاح كبرى مع روسيا وفرنسا والمانيا والصين، تمثل الطائرات قاسماً مشتركاً فيها.

الخامسة: التسهيلات العسكرية الإستراتيجية كانت وستظل أحد الإهتمامات الرئيسية لأمريكا.. عبور بوارجها الحربية للقناة، مرور طائراتها فى المجال الجوى، وإعفاء سفنها وغواصاتها النووية من شرط الإبلاغ قبل 30 يوما من موعد مرورها بالقناة، تلك جميعها وفرتها مصر فى إطار التعاون الإستراتيجى.. مصادر عسكرية أمريكية أكدت لموقع «ديفينس وان» أن مصر رفضت مؤخراً طلباً بإقامة قاعدة عسكرية بالصحراء الغربية لتنطلق منها طائرات «درونز» بدون طيار، لإستهداف الجماعات الإرهابية فى ليبيا، هذا الموقف –إن صح- يعكس تشدداً قد لايتناسب مع ضراوة الحرب التى نخوضها ضد الإرهاب، ماقد يفرض طرح بدائل تسمح بالحفاظ على ثوابتنا الوطنية، دون حرماننا من الإستفادة مما أظهرته طلعات الـ«درونز» من نتائج بالغة الإيجابية، آخرها قتل التونسى سيف الله بن حسين زعيم أنصار الشريعة بليبيا، ومختار بلمختار أحد زعماء التطرف بمنطقة الساحل والصحراء.. البدائل عديدة، أبرزها انشاء قاعدة وطنية بمستشارين وخبراء أمريكيين، أو حتى قاعدة مشتركة تكون لمصر حقوق السيادة عليها.. ولنتذكر ان وجود عشرات الآلاف من الخبراء الروس فى الجيش المصرى لم يمس السيادة الوطنية، ولم يحول دون ترحيلهم، بقرار وطنى، خلال ايام قليلة.. نتائج نشاط مثل هذه القاعدة المتطورة، وحجم الخبرات التى ستكتسبها مصر فى مجال التنسيق بين عمليات الرصد الجوى، ومعلومات المخابرات، وصور الأقمار الصناعية، ستحقق فوائد كبرى لمصر فى حربها ضد الإرهاب، مايفرض مراجعة الموقف بشانها.

gtaha2007@gmail.com

 
تعليق واحد

Posted by في 2015/07/31 بوصة غير مصنف

 

معركة الشيخ زويد.. وبعض المراجعات الإستراتيجية

مركز شرطة مدينة الشيخ زويد

مركز شرطة مدينة الشيخ زويد

الهجوم على الشيخ زويد بداية يوليو الجارى، إستهدف إحتلالها، وعزل رفح، لفصل المنطقة الممتدة من حدودنا الدولية مع غزة حتى شرق العريش.. معركة خاضها الإرهابيون بتكتيكات الجيوش النظامية.. الجيش المصرى تصدى وانتصر.. المضبوطات من اسلحة وذخائر وسيارات دفع رباعى تقدر قيمتها بـ250 مليون جنيه، والتكلفة الإجمالية تجاوزت مليار وربع، والمشاركون من تركيا والعراق وسوريا واليمن وافغانستان.. مخطط دولى إستهدف نفس القطاع الذى كانت موافقة الإخوان على التنازل عنه لإنشاء “غزة الكبرى”، سبباً فى دفعهم لتولى حكم مصر.. وهو نفس القطاع الذى كان محوراً لمشاريع دولية مشابهة (وكالة غوث اللاجئين 1954 –وزير الخارجية الأمريكى دالاس 1955 –وزير الخارجية الإسرائيلى إيجال آلون 1967 –رئيسة الوزراء جولدا مائير 1971 –جاى نجور مسئول دراسات الأمن القومى بمركز هرتزليا 2006 –”غزة الكبرى” لـ«جيورا إيلاند» رئيس مجلس الأمن القومى السابق 2008 – “تبادل الأراضى” للبروفيسور «يهوشع بن آريه» الرئيس السابق للجامعة العبرية).. الحقائق الإستراتيجية ربما غابت وسط صخب الأحداث.. والتذكير بها التزام وطنى لايجوز إهماله.. الحديث عن تقليم أظافر الإرهابيين، أو حصارهم لم يعد مقبولاً.. إقتلاعهم من الجذور هو البديل الوحيد لما نواجهه من مؤامرة.. مايفرض مجموعة من المراجعات الإستراتيجية:

الأولى: أهمية سد منافذ وثغرات التهريب لمنع وصول الدعم بالأفراد أو السلاح أو التمويل للجماعات الإرهابية.. أول هذه المنافذ أشار اليه موقع “ديبكا” ذو الصلة بالمخابرات الإسرائيلية، والخاص بتهريب عناصر “داعش” من العراق عبر جنوب الأردن الى خليج العقبة، ومنه بحراً للساحل الشرقى لسيناء عبر القوارب.. ليبيا ثانى المنافذ، رغم نجاح الجيش فى إحكام قبضته على مسالك التهريب عبر الحدود الغربية، الا ان المصريين –غير المسجلين-  من أعضاء التنظيمات الإرهابية الذين تدربوا هناك يأتون عبر منفذ السلوم، بصورة إعتيادية.. السودان ثالث هذه المنافذ عبر طريقين؛ الأول من وادى قبقبة الى وديان العلاقى والجِمال ودرب الأربعين وبرنيس فى اتجاه دراو والعدوة ودشنا ونجع حمادي ووديان غدير وخريط بأسوان.. والثانى من وادى أم رشيد بمرسى علم، ثم وادى إمبارك قرب القصير، حتى جبال 85 بين قنا وسفاجا، ومنها لجبال راس غارب والزعفرانة والعين السخنة قبل دخولها سيناء.. المنفذ الرابع عن طريق الأنفاق أو من ساحل قطاع غزة بقوارب الصيد والغواصات الصغيرة الى رفح والشيخ زويد.. القبائل تلعب دوراً بالغ الخطورة فى عمليات التهريب، خاصة الرشايدة والعبابدة فى الجنوب، والسواركة بالشيخ زويد.

الثانية: طالما استمرت سيطرة حماس على غزة فلن يتوقف تهديدها لمصر.. حماس بانتمائها التنظيمى للإخوان، وعلاقتها الإستراتيجية مع إيران، لن توقف دعم الجماعات التى تساعدها على تهريب السلاح والأموال والبضائع للقطاع، كما توفر مخازن لأسلحتها بسيناء بعيداً عن متناول إسرائيل.. خطة غلق المعابر، وإنشاء منطقة عازلة، يعنى توقف إمداداتها.. لذلك فإن حماس على استعداد للرهان على أى محاولة، فى سيناء أو الوادى، لإستهداف الجيش المصرى، وإستقبال مصابى الإرهابيين، خاصة خلال العملية الأخيرة، لعلاجهم بمستشفيات غزة.. مصر ينبغى ان تُحمِّل حماس –بكل الوضوح والحزم- المسئولية الكاملة عن أية أعمال عدائية تصدر من داخل القطاع، سواء من عناصر وجماعات “السلفية الجهادية” أو “القسام”، فهى المسئولة عن إدارة الأنفاق، من خلال وزير فى الحكومة، وأجهزتنا الأمنية قادرة على عقاب التنظيمات المعادية، فى مقراتها ومعسكراتها وأماكن إقامة قادتها، وفى نفس الوقت ينبغى فتح معبر رفح بانتظام للفلسطينيين، وفقاً لإشتراطات وقواعد وإجراءات أمنية دقيقة، تحول دون إستغلاله ضد أمننا القومى، على ان يتم تكثيف التعاون مع منظمة التحرير الفلسطينية فى كل مايتعلق بالدعم وتوصيل مختلف المواد التموينية والتجارة مع القطاع، مايسمح باستردادها لشعبيتها فيه.

الثالثة: العلاقة مع القوى العظمى ينبغى ان تدار بـ”خلية أزمة”، خاصة إبان فترات التوتر، وأن تنطلق من التفهم الرصين لطبيعة المصالح التى تحركها، وبالتالى نحد من مجالات التناقض والصدام، ونطمئنها الى أننا بقدر مانسعى لتحقيق مصالحنا، لانستهدف ضرب مصالحها.. طمأنة القوى العظمى يجنبنا إستنزاف قدراتنا فى مواجهات جانبية قد لاتنتهى بالنصر، لفارق الإمكانيات، ان لم تنتهى بالهزيمة، ناهيك عن تفويت فرصة الإستفادة من تقدمها العلمى والتكنولوجى.. مايتردد عن تجاهل دعوة اوباما لحفل إفتتاح القناة هو درب من السذاجة السياسية، خاصة وانه يتزامن مع موافقة الخارجية الأمريكية على بيع أنظمة مراقبة للحدود بقيمة 100 مليون دولار، تتضمن أبراج مراقبة محمولة تعمل بالاستشعار ومعدات اتصال ونظم ثابتة ومتنقلة للمراقبة بالفيديو، وأجهزة تصوير حرارى ورادارى، وأجهزة استشعار أرضية وتردادات راديو، توفر إنذار مبكر ضد التهديدات الإرهابية.. ومع إختلاف المستوى، ينبغى أيضاً إستثمار قدرة إسرائيل على إختراق التنظيمات الإرهابية، الى الحد الذى علمت فيه بعملية الشيخ زويد قبل وقوعها بثلاثة ايام، مايبرر إعلانها للطوارىء على طول الحدود مع مصر، كما رصدت عملية تسلل الإرهابيين من العراق لسيناء، مايفسر موافقة مجلس الوزراء الاسرائيلي المصغر على بناء سياج مجهز للمراقبة الكترونية بطول 30 كيلومتر على الحدود مع الأردن، لتجنب تسلل الإرهابيين -عبر ذلك المسار- لأراضيها.

          الرابعة: ينبغى ان تمتد المراجعات لتشمل إستراتيجية إدارة العمليات فى سيناء، والإجراءات التكتيكية المرتبطة بها، ونشير فى الصدد الى مجموعة من العناصر الرئيسية.. تقييم نتائج تشكيل القيادة المشتركة للجيشين الثانى والثالث الميدانيين، وما إذا كانت قد حققت سيطرة أكبر على ميادين المواجهة، مقارنة بالمسئولية الجغرافية لكل جيش على حدة من عدمه.. هل نستمر فى إشراك قوات الشرطة فى مواجهة الجماعات الإرهابية بسيناء، رغم انتهاجها لتكتيكات الجيوش النظامية، أم نستبدلها بالقوات الخاصة للجيش، لتتفرغ الشرطة لمواجهة التهديدات الأمنية فى الوادى والعاصمة، خاصة مايتعلق بتأمين المرافق الحيوية، وإتساع نطاق مخطط الإغتيالات، دون إغفال الحاجة بالطبع لإحاطة أمريكا وإسرائيل مسبقاً بذلك، تجنباً للقلق.. بحث وضع أنظمة بديلة لتأمين الكمائن، ومنع وصول السيارات المفخخة، والعناصر الإنتحارية لها.. مراجعة مدى الجدوى من إستمرار فرض حظر التجول، خاصة وان الإرهابيون يقدرون انه يؤدى الى حالة من الإطمئنان والتراخى تشجعهم على شن هجماتهم إبان ساعاته.. الحرص على إخضاع الجماعات الإرهابية لضغط كاف ومستمر، خاصة فى فترات كمونها، بما يحرمها من فرصة إعادة إستكمال صفوفها وتعويض خسائرها إستعداداً لجولة جديدة، على ان يتم التخطيط لحسم معركة “جبل الحلال” الذى يعتبر الرصيد الإستراتيجى لتلك الجماعات.. دراسة تهجير سكان المنطقة الواقعة بين شرق العريش والحدود الدولية، لإتاحة حرية الحركة للجيش فى مواجهة الإرهابيين، وحماية للمدنيين، وتجنباً لإستخدامهم كدروع بشرية، وللقضاء على عمليات التهريب التى تنشط بالمنطقة، على ان تتزامن عملية التهجير مع إجراء مسح سكانى جديد يتضمن تجديد بطاقات الرقم القومى، وتحديد البصمة الوراثية DNA.

***

          الإرهاب فى سيناء يتطور باضطراد، حتى اصبح يستخدم تكتيكات الجيوش فى الحروب النظامية.. فى مقالى “مصر فى حرب.. أفلا تصدقون؟!” المنشور بجريدتنا الغراء بتاريخ الإثنين 24 نوفمبر 2014 سجلت دهشتى ممن يعايشون كل ظواهر الحرب، ولايصدقونها، ويتباطئون فى اتخاذ إجراءات التعبئة المناسبة لمواجهتها.. وبعد مرور سبعة شهور، هل لازلنا فى حاجة لأن نكرر.. “مصر فى حرب.. أفلا تصدقون؟!”.

gtaha2007@gmail.com

 
تعليق واحد

Posted by في 2015/07/15 بوصة غير مصنف

 

إرهاب الشيخ زويد.. وبعض المراجعات الواجبة

5593f77fc4618819308b45e5

صدمتنا أنباء الهجوم على الشيخ زويد، ونحن فى حزن وغم على الشهيد هشام بركات.. فصول متتابعة، لسيناريو واحد، الهدف منه الإنتقام من وطن أفشل مخطط التقسيم والفوضى، بثورة 30 يونية 2013.. هجمات الشيخ زويد أكدت حقائق، أثارت تساؤلات، وفرضت ملاحظات، سأحاول تلخيصها قدر الإمكان:

الأولى: أن العملية تجسيد حقيقى لحالة الحرب التى نواجهها، وتعبير عن التطور التكتيكى فى عمليات الإرهاب، بهدف الإمساك بالأرض، ولو لساعات قليلة.. تكتيك بدأت ملامحه فى عملية الفرافرة، وتأكد فى كرم القواديس.. السيطرة على منطقة الشيخ زويد يؤدى لعزل رفح، والتواصل مع غزة.. العملية أكدت تدرب جماعة “بيت المقدس” على المهارات التكتيكية لـ”داعش” العراق.. تبدأ المعارك بتفجير سيارات مفخخة بالمواقع المستهدفة “كمينى أبورفاعى والسدرة ونادى الضباط”، ثم هجمات على محاور متعددة.. إدارة المعركة تظهر تطور فى القدرة على تغطية مسرح عمليات متسع، متعدد الأهداف، وتحقيق التكامل بين جهود المجموعات الإنتحارية، ووحدات زرع الألغام (على المداخل والمخارج المؤدية للأهداف، لحصارها ومنع وصول التعزيزات، وحول المعسكرات التى تتولى دفع هذه التعزيزات)، وتشكيلات الإشتباك والقصف، وأطقم التصوير والتوثيق والنشر.. صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية وصفت هجمات الشيخ زويد بأنها “إرهاب بتكتيكات الجيوش”.

الثانية: ويعكس ذلك حقيقة أن الجماعات الإرهابية بسيناء لاتخضع لضغط كاف، عندما تكررت عملياتها على الطريق الدولى، رفح- العريش، قررنا نقل رجالنا عن طريق البحر، وكأننا نتركه لها.. التزمت الكمون على مدى الأيام السابقة للهجوم، إستعداداً للمعركة، فتركناهم وكأنها حالة هدنة بالتوافق، عاشها الإرهابيون الى حد الخروج فى مواكب إحتفالية بقرية أبو طويلة بعد انتهاء عملياتهم بالشيخ زويد، حتى فاجأتهم الأباتشى.. القاعدة فى مكافحة الإرهاب، إخضاع جماعاته لضغط مستمر، وبالذات فى فترات كمونه.

الثالثة: يشير تتبع مسار العملية، الى حصول التنظيم على إمدادات جديدة “رجال وأسلحة”، عملية فحص الجثث، ورؤية شهود العيان، أكدا وجود عناصر أجنبية وعربية.. وظهور صواريخ “كورنت” المضادة للمدرعات والطائرات، الموجهة بالليزر، يؤكد دعم “داعش” المباشر، حيث ان هذه الصواريخ كانت ضمن صفقة أرسلتها روسيا الى سوريا، ونجحت “داعش” فى الإستيلاء على بعضها.. وصولها لسيناء يؤكد تواصل التنظيمين، ووجود ثغرات تهريب، سواء أنفاق لم تكتشف، أو عن طريق البحر، مايفرض المسارعة فى حفر خندق يصل عمقه للمياه الجوفية، تجنباً لإغراقه بمياه البحر، حفاظاً على الرؤيا، وتجنباً للإنهيارات، ومزيد من تأمين الساحل.

الرابعة: ان إستهداف الإرهاب للكمائن الثابتة والمتحركة يفرض مراجعة التكتيكات الدفاعية، لإيجاد بدائل عملية لها، لأن استمرارها يعنى المزيد من الدماء.. وكذا مراجعة تكتيكات تأمين الأهداف، لمنع وصول السيارات المفخخة اليها، تجنباً لما توقعه من خسائر، وماتحدثه من إرباك يستغله المهاجمون فى السيطرة على الموقع.. وكذا توسيع نطاقات تأمين المعسكرات على النحو الذى يمنع وصول العناصر الإرهابية لها، لمهاجمتها أو تفخيخ مداخلها.

الخامسة: ان إقتحام المسلحين أسطح المنازل، وقتل السكان المعترضين، وإستخدامها فى قصف أهدافهم، يفرض البدء فوراً فى إعداد خطة تهجير لسكان شرق العريش –مبدئياً- بما فيهم سكان التجمعات القبلية على الشريط الحدودى »التومه، ابوالعراج، اللفيتات، الجميعي، المقاطعه، المهديه، والحسينات«، وذلك حماية للمدنيين، وتجنباً لإستخدامهم كدروع بشرية، وللقضاء على عمليات التهريب التى تنشط بتلك المناطق.

السادسة: أن إختيار موعد شن الهجوم قبل قليل من إنتهاء حظر التجول، قد ينبع من تقدير الإرهابيون، بأن ذلك يضمن مفاجأة الجنود وهم فى حالة من الإطمئنان والتراخى، وهو ماقد يفسر أيضاً شن العديد من الهجمات السابقة إبان ساعات الحظر، الأمر الذى يفرض دراسة تأثير هذا الإجراء على الأوضاع الأمنية فى سيناء، حتى لايستغل على نحو يتعارض مع الهدف منه.

السابعة: أصدر المكتب الإعلامي لـ”ولاية حلب” التابع لـ”داعش” بياناً بعنوان “رسالة إلى أهلنا في بيت المقدس” هاجم فيه “حماس” لأول مرة، وذلك عشية الهجوم على الشيخ زويد، وفى اعقاب اتهام وزير المخابرات الإسرائيلي “يسرائيل كاتز” لحماس بالتعاون مع “داعش” بسيناء.. توقيت صدور البيان، وهزالة الإتهام “وصف حماس بأنها غير جادة بما يكفي بشأن تطبيق الشريعة”، يحمل شبهة تورط حماس فى الهجوم، ومحاولة تبرئتها بصورة مسبقة.

الثامنة: أن تغلغل العناصر الإرهابية داخل التجمعات القبلية يفرض سرعة الإعداد لإجراء مسح جديد لتلك التجمعات تشتمل على تجديد بطاقات الرقم القومى، لكشف من تسربوا للمنطقة بالإستعانة ببطاقات مزورة بعد الإستيلاء على ماكينة استخراج بطاقات شمال سيناء فى يناير 2011، كما يتضمن المسح تسجيل بيانات الـDNA لكل المقيمين بسيناء، حتى يسهل كشف العناصر المندسة والمتعاونة مع الإرهابيين.

التاسعة: عقب بدء الهجمات أعلن محافظ سيناء حالة الطوارىء، وتشكيل غرفة عمليات خاصة للمتابعة، ورفع درجة الإستعداد للحالة “ج”.. كل هذه الإجراءات كان يُفترض ان يتم إتخاذها بصورة مسبقة إستعداداً لذكرى ثورة 30 يونية، وخلع الإخوان من السلطة؟!.. ومع ذلك، نأمل عدم تخفيف هذه الحالة، لأن هدوء الأحوال لايعنى سوى الإستعداد لجولة جديدة.. حتى يتم الحسم فى “جبل الحلال”.

العاشرة: مرت ستة شهور على تشكيل قيادة مشتركة بسيناء للجيشين الثانى والثالث الميدانيين، وقد يكون من المناسب إعادة تقييم هذا القرار، ومدى إنعكاسه على كفاءة الأداء من عدمه.. المراجعات التنظيمية من هذا النوع تفرضها دورياً طبيعة الأوضاع المتغيرة بميدان المعركة، ومدى التطور فى إستعدادات العدو وتسليحه ومستوى تدريبه، ولاتعتبر تراجعاً أو تشكيكاً فى صحة القرار.

حادى عشر: أن طبيعة المعارك فى سيناء بعد التطور الأخير فى تكتيكات الإرهاب، يفرض الإعتماد بشكل رئيسى على القوات الخاصة، لافقط للتصدى للهجمات، وإنما لإستعادة زمام المبادرة، وإجراء عمليات تمشيط لكافة التجمعات القبلية.. وفى نفس الوقت تتصاعد التهديدات الأمنية فى الوادى والعاصمة، خاصة فيما يتعلق ببعض المرافق الحيوية “أبراج الكهرباء”، مما يتطلب تفرغ قوات الشرطة له، وتجنب تشتتها بين سيناء والوادى، ويتطلب ذلك بالطبع إحاطة أمريكا وإسرائيل مسبقاً، ولعل المدخل المناسب لذلك تصريح نتنياهو بعد الهجوم الأخير بأن “إسرائيل ومصر ودولاً أخرى بالشرق الأوسط والعالم تقف في خندق واحد لمحاربة الإرهاب”.

ثانى عشر: ان الإعلام الرسمى ممثلاً فى قنوات التليفزيون الرسمى أصبح فاقداً للبوصلة.. بعد إغتيال شهيد الوطن النائب العام أعلن الحداد، وأثناء الإعتداءات الإرهابية على الشيخ زويد لم يستشعر حالة الحرب، ولاقداسة أرواح عشرات الشهداء الذين سقطوا فيها، وظلت قنواته تقدم المسلسلات، وبرامج الطبخ، وأفضلهم كان يعرض أخبار المعركة عبر شريط إخباري نقلاً عن “العربية الحدث”، و”سكاي نيوز”.. ألم يحن الوقت بعد لمشاركة أحد قيادات التوجيه المعنوى المهنية فى سد تلك الثغرات، حتى يتعافى الإعلام الرسمى من أزمتة؟!.

***

          مذبحتى رفح، محاول اغتيال وزير الداخلية، مديريتى أمن الدقهلية والقاهرة، الفرافرة، كرم القواديس، الكتيبة 101 بالعريش.. معارك دامية، ضمن حرب فعلية موجهة لوطننا، ننزف خلالها أنهاراً، من دماء أبنائنا.. فى مقالى “مصر فى حرب.. أفلا تصدقون؟!” المنشور بجريدة المصرى اليوم بتاريخ الإثنين 24 نوفمبر 2014 طرحت فى العنوان سؤال استنكارى، لمن يعايشون كل ظواهر الحرب، ولايصدقونها، ويتلكأون فى اتخاذ إجراءات التعبئة المناسبة لمواجهتها، وللأسف الشديد، بعد مرور سبعة شهور لازلت أكرر.. “مصر فى حرب.. أفلا تصدقون؟!”.

gtaha2007@gmail.com

 
أضف تعليق

Posted by في 2015/07/07 بوصة غير مصنف

 

هل تحسّبنا لسقوط النظام السورى؟!

201507020319521

عندما تأكدت أمريكا من إستقرار نظام الحكم فى مصر، سقط رهانها على الإخوان، وفشل مشروع توطين الإرهاب الدولى بسيناء، أعادت ترتيب أولوياتها فى التعامل مع الأزمة السورية.. تراجعت مطالبها بتنحى الرئيس السورى، وحولتها لمقصد يجمع المتطرفين من كل بقاع الارض، بدلاً من سيناء، ليأكلو أنفسهم هناك، جون كيرى وزير الخارجية أكد فى 14يناير 2015 على أن “الوقت قد حان لمراعاة الأسد ونظامه مصلحة شعبه أولا، وأن يغير سياساته”، دون إشارته التقليدية بضرورة تخليه عن السلطة.. منتصف مارس أعلن بوضوح إن على واشنطن التفاوض مع الأسد لإنهاء الأزمة، وإقرار مرحلة انتقالية في إطار اتفاق جنيف، جون برينان مدير CIA أكد بدوره “أن واشنطن وموسكو متفقتان على ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، ومنع إنهيارها”، الأسد رد بأن “دمشق تنتظر أفعالاً لا أقوالاً”.. وامتد الأمر للتعاون المخابراتى بينهما.. فى توجيه غارات التحالف، وتوفير المخابرات السورية لمعلومات، سمحت بتنفيذ القوات الخاصة الأمريكية “دلتا” عملية نوعية بمنطقة حقل العُمَر بريف دير الزور منتصف مايو، قُتِل فيها قرابة 32 عنصر من “داعش”، بينهم القيادي أبو سياف التونسي مسئول المعاملات المالية، المشرف على تدريب الانتحاريين، وأبو تيم السعودي المسئول عن انتاج النفط، وأبو مريم مسئول الاتصالات، ومساعد أبو عمر الشيشاني، وأصيب اثنان من اشقاء ابوسياف، أحدهما متورط فى الهجوم على القنصلية الأميركية ببنغازي، و أعتُقِلَت زوجته التى اشرفت على سبى اليزيديات.. رد فعل “داعش” كان نقطة تحول نوعية فى تمدده بالمنطقة.. اجتاح الرمادي مستكملاً سيطرته على الأنبار العراقية، إستحوز على سرت الليبية، اكتسح درعا قرب الحدود الأردنية، وأسقط اللواء “52” ثانى أكبر تشكيلات الجيش السورى، تمدد “جيش الفتح” بمحافظة إدلب دفع النظام للتخلى عن مدينة تدمر التاريخية لـ”داعش”، فى محاولة لإستفزاز المجتمع الدولى لدعمه، لكن معطيات الصراع كانت قد تغيرت!!.

المتغير الأول تراجع معنويات الجيش السورى نتيجة فقدانه مابين 80 و100 الف مقاتل، على مدى سنوات الحرب، والتقهقر المستمر أمام تمدد الإرهاب، وعدم إنتظام إمدادات الذخيرة والتعيينات، وزيادة معدلات الهروب من الخدمة.. المساحات التى يسيطر عليها النظام انحسرت لقرابة ربع مساحة الدولة، وبدأ الإنسحاب للمناطق الإستراتيجية “الشيعية” التى يمكن الدفاع عنها، مثل حماة وحمص ودمشق واللاذقية وطرطوس، بعد اليأس من تحرير المناطق “السُنيّة”.. الثانى استجابة تركيا وقطر لدعوة الملك سالمان لتنحية الخلافات والعمل على إسقاط الأسد.. الثالث تجاوب جبهة النصرة –ولو ظاهرياً- مع دعوة قطر لفك إرتباطها مع “القاعدة” كشرط لإستمرار دعمها، وانضمامها لإئتلاف “جيش الفتح” مع حركة أحرار الشام، وجند الأقصى، وفيلق الشام، ولواء الحق، وأجناد الشام، وجيش السنة.. الرابع حصول جيش الفتح على بعض الأسلحة النوعية خاصة المضادة للمدرعات والطائرات.. الخامس ظهور تداعيات الهزائم العسكرية الأخيرة، فسيطرة المسلحين على جسر الشغور وضعهم على بوابة اللاذقية “معقل النظام”، مايفسر محاولاته تقوية دفاعاتها، وتشكيل فصيل من شباب العلويين الذين لم تشملهم الخدمة الإلزامية.. وسقوط إدلب فتح مساراً لمهاجمة “جيش الفتح” للمحافظات الوسطي “حِمص وحماة” من الغرب، في حين يهاجمها “داعش” من الشرق.

الدعم الإيرانى كان المبرر الأول لصمود النظام السورى حتى الآن، لم يقتصر على الخبراء العسكريين، بل إمتد لدفع آلاف المقاتلين الأفغان المقيمين بها، تحت قيادة الحرس الثورى، بخلاف مقاتلى حزب الله اللبنانى، أما لواء “ابوالفضل العباسى” العراقى فقد تلقى تعليمات بعد اكتساح “داعش” للرمادى بالإنسحاب والعودة للعراق.. امريكا سلمت بالدور الإيرانى فى سوريا، وتعتزم إشراكها فى الجهود السياسية لتسوية الأزمة، وميستورا المبعوث الدولى بدأ اتصالاته بها بالفعل، والمعارضة السورية سلمت بمشاركتها فى “جنيف 3” حال إعترافها بما أسفرت عنه “جنيف 2” من نتائج.. الرئيس روحانى أكد أوائل يونية الجارى أن بلاده “ستدعم الأسد حتى النهاية”.. موقف منطقى لرئيس دولة تنفق على الحرب السورية قرابة  35 مليار دولار سنوياً، وفقاً لتقديرات ميستورا، لكنها لن تتردد فى التضحية بالأسد، إذا ضمنت مصالحها، دون الإستنزاف الراهن.

روسيا هى الركيزة الثانية لإستمرار النظام السورى، حفاظاً على تواجدها العسكرى شرق المتوسط، من خلال قاعدتها البحرية فى طرسوس، امريكا لم تتصدى للموقف الروسى، على العكس تراجعت عن ضرب سوريا إبان ازمة الكيماوى إستجابة له، ولخشيتها من نتائج الفراغ السياسى الذى قد يعقب سقوط الأسد.. مع تمدد نفوذ الجماعات المسلحة، بدأت روسيا سحب العسكريين الملحقين بتشكيلات الجيش السورى، والمدنيين العاملين بمحطة التزويد البحرية بميناء طرطوس، الذين يخدمون سفنها الحربية، وزارة الطوارىء الروسية أكدت ماتناقلته الأنباء مؤخراً بشأن إجلاء قرابة مائة من العسكريين والمدنيين الروس بصحبة عائلاتهم، من بينهم خبراء كانوا يعملون بغرفة عمليات دمشق، وآخرين باللاذقية، عدد العاملين بالسفارة الروسية بدمشق تقلّص حتى كاد يقتصر على الموظفين الأساسيين، ومصادر المعارضة لم ترصد أي حمولات من ذخائر وأسلحة روسية للنظام منذ ثلاثة شهور، مايفسر زيارة وزير الدفاع السورى لطهران نهاية ابريل، طالباً تدخلها.. ديفيد كاميرون ناقش مع بوتين فكرة نقل السلطة لقيادة جديدة قبل سقوط الأسد تحت ضغط التدهور المستمر فى الموقف العسكرى، كيرى تناول الموضوع فى لقاءة مع لافروف بسوتشى منتصف مايو ، وأكد “تقارب مواقفهما”، السعودية تكثف اتصالاتها بموسكو على اعلى مستوى، وقمة الدول السبع بألمانيا، تناولت نفس الموضوع.. كل المؤشرات ترجح إستعداد روسيا لتقبل رحيل النظام، خاصة بعد إخفاقها في انتزاع أي تنازلات منه لبدء تطبيق مبادئ “جنيف 1” التى تدعو لإنتقال سلمي للسلطة، رغم استضافتها لمباحثات “موسكو 1” و”موسكو 2″، وان كان ذلك الرحيل وفق شروط ثلاثة.. الحفاظ على تواجدها بطرطوس، وشرق المتوسط.. رفع العقوبات الإقتصادية التى فرضها الغرب بعد إحتلالها للقرم.. السيطرة على معدلات تدفق النفط للأسواق العالمية لإستعادة التوازن لأسعاره.

سوريا تمثل خط الدفاع الأول لأمن مصر القومى، تزامنت أزمتها مع بداية حكم المجلس العسكرى بعد ثورة يناير، وإنشغال مؤسسات الدولة المصرية عن مشاكل الإقليم، فغابت الرؤية الإستراتيجية للتعامل معها، ثم جاء الإخوان برؤية متحيزة،  فقطعت العلاقات مع دمشق، وإغلقت السفارة، ودعت للجهاد ضد النظام السورى، لتتحول مصر الى جزء من الأزمة، محاولة استعادة التوازن بعد 30 يونية إقتصرت على تنظيم لقاءات للمعارضة السورية “غير الإخوانية”، أكدت ان الخلافات فيما بينها أعمق من خلافاتهم مع النظام، وإنها لاتمتلك القدرة على إدارة الدولة.. سوريا بها أكثر من 20 الف مقاتل اجنبى، مكلفين بإسقاط الدولة، وبمجرد إستكمال مهمتهم، لن يقفز أياً منهم لمقاعد السلطة، أو قيادة مؤسسات الدولة، بل سينتقلون لميادين اخرى.. ليبيا أول المرشحين، والقفز منها الى مصر هو الهدف النهائى، سوريا واحدة من أهم ميادين معركتنا الرئيسية.. فكيف نتباهى دائماً بأننا أفضل وسيط لتسوية المشكلة لأننا لاننحاز لأياً من أطرافها!!

مصر ينبعى ان تعلنها بوضوح.. لا لسقوط الدولة السورية.. لا للمساعدة فى هدم اركانها، حتى بدعوى التخلص من حكم الأسد.. وان تشارك فى تطوير وتفعيل الفكرة التى طرحتها واشنطن بإنشاء وتدريب وتاهيل “قوة استقرار” من ٥٠ ألف عنصر، تكون مهمتها توفير الامن، والمحافظة على المؤسسات، وليس فقط محاربة داعش، كما تريد واشنطن.

 gtaha2007@gmail.com

 
أضف تعليق

Posted by في 2015/07/05 بوصة غير مصنف

 

الإنقلاب السعودى.. وتوازنات الإقليم

روسيا السعودية

الإنقلاب السعودى لازال محتفظاً بزخمه.. ومفاجآته تتوالى، تعكس متابعة دقيقة، إدراك واع، سرعة حسم، وقدرة على إتخاذ القرار.. حالة تبشر بإمكانية عبور الجسر الواصل بين اليأس والرجاء.. الملك سلمان أعطى أمريكا فرصتها، ربما الأخيرة، عندما أوفد ولى العهد ووليِّهِ لكامب ديفيد، رغم إدراكه ان اوباما يسعى لفرض الإتفاق الإيرانى، لامناقشته.. بمجرد عودة الوفد منتصف مايو كلف الملك وزارة التعليم العالى بالتنسيق مع مؤسسة الصناعات العسكرية ومدينة الملك عبدالله للطاقة النووية والمتجددة لإيفاد 5000 مهندس فى بعثات دراسية بالخارج، 500 منها لروسيا، فى مجال الطاقة النووية، ومجالات وُصفت بأنها “نوعية ودقيقة”.. أواخر مايو إستقبلت جدة وفد يضم قرابة 100 رجل أعمال روسي للتعريف بفرص الاستثمار في بلادهم، كخطوة أولى للإعداد لزيارة الملك سلمان لموسكو.

الخطوة الثانية زيارة بن سلمان لروسيا منتصف يونية، التى نُظِمَ خلالها منتدى أعمال مشترك بمدينة سان بطرسبورج، وقعت خلاله اتفاقيات للتعاون الإستراتيجى.. خمس منها في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، تتضمن بناء 16 مفاعلاً نوويا بالسعودية، ومعالجة الوقود النووى المثرى، وإنتاج النظائر المشعة، واستخدامها فى الصناعة والطب والزراعة، وتأهيل الكوادر المتخصصة، وإتفاقية لتفعيل اللجنة المشتركة للتعاون العسكرى والتكنولوجى، والتعاون فى مجال الفضاء، ومذكرة تعاون فى مجال الإسكان، وضمانات الفرص الاستثمارية، تحظى بموجبه الشركات الروسية بحصة من عمليات التشييد والبناء بالمملكة، مقابل استثمار السعودية في المجال الزراعي بروسيا، واتفاقية تعاون نفطى، تستهدف تحسين أوضاع السوق والعمل على استقراره.

الإنفتاح السعودى على روسيا يمثل تغيراً استراتيجياً بالغ الأهمية، وهو رد فعل طبيعى لسوء حسابات أوباما، وفشله فى الحفاظ على حلفاء بلاده التاريخيين بالمنطقة.. السعودية شاركت فى الحرب الأفغانية، دون ان تكون لها ناقة ولا جمل، وقاطعت ايران لعشرين عاماً، رغم ماتفرضه الجغرافيا من حسن جوار، وتجاهلت عرض بوتين خلال زيارته للرياض 2007 بتنفيذ مشروعات للتعاون فى مجال استخدامات الطاقة النووية، رغم ان النشاط الإيرانى فى هذا الإتجاه كان يفرض الإستجابة وسرعة الرد.. وإنخرطت المملكة فى العقوبات الإقتصادية المفروضة على روسيا بعد أحداث اوكرانيا، إستجابة للموقف الأمريكى، ثم تلقت طعنة أوباما بتوصله لتفاهمات مع ايران دون مراعاة لمصالحها.. ومما زاد الطين بلة، الضغوط التى مارستها المملكة على موسكو لوقف دعمها لسوريا، وكان آخرها دورها فى خفض أسعار النفط، وتراجعها عن تمويل أحد صفقات الأسلحة الروسية لمصر، وتعويضها بأخرى غربية، حتى لاتعوض عائدات بيع الأسلحة الروسية انخفاض عائداتها من بيع النفط.. سعود الفيصل فى زيارته الأخيرة لموسكو لوح بإمكانية العمل على وقف تدهور أسعار النفط، مقابل تخفيف موسكو من حماسها لإنجاز الاتفاق النووي الإيراني، وأن تسعى لأن يتضمن الحلّ السياسي بسورية، تشكيل هيئة حكم انتقالي طبقاً لـ”جنيف1″.. محاولة ساذجة فى نفس الإتجاه الذى أفشل زيارة بندر بن سلطان التى سبقتها.. لذلك لم تختلف النتيجة، فالقوى العظمى لايمكن التعامل معها بمثل هذا المنطق.. كل هذا ونتساءل ببلاهة، ماالذى عزز ترابط المصالح بين روسيا وايران بالمنطقة؟!

غريبة هى محاولات تخويف السعودية من ان روسيا ستظل تعطى أولوية لعلاقاتها الإستراتيجية مع طهران، مهما بلغ حجم تعاونها مع السعودية، لأنها تعكس عدم إدراك للأبعاد الحقيقية للعلاقة بين موسكو وطهران.. روسيا –على سبيل المثال- تشارك فى مفاوضات (5+1) بحكم إلتزاماتها الدولية كقوة عظمى، لكن نجاح هذه المفاوضات فى إنهاء العقوبات الإقتصادية المفروضة على ايران، يتعارض مع المصالح الروسية؛ فعودة ايران لإنتاج مليون برميل يومياً –وهى حصتها المقررة بالأوبك- بالإضافة لـ35 مليون برميل مخزنة لديها، وجاهزة للطرح بالأسواق، يعنى زيادة العرض، وإنهيار الأسعار، وتقلص إيرادات روسيا التى تمثل عائدات بيع النفط 80% منها، ولعل ذلك يفسر هبوط سعر الروبل منذ توقيع الاتفاق الإطارى للبرنامج النووى الإيرانى.. البنك المركزي الروسي، قدر الخسائر بقرابة 27 مليار دولار.. ومن الناحية السياسية فتعاون روسيا مع ايران فى ظل عزلتها أيسر من نظيره عندما تكون كل الإختيارات أمامها مفتوحة، وتحظى بتسليم أمريكى بمصالحها بالمنطقة، ولعل ذلك يفسر سرعة التجاوب الروسى المريب مع كل مامن شأنه إثارة الشكوك وتعميق حالة عدم الثقة بين ايران والغرب، ونشير هنا الى الموافقة على بناء ثمانية مفاعلات نووية جديدة بإيران، أربعة منها داخل منشأة بوشهر فى نوفمبر 2014، الذى أعطى إنطباعاً بتحدى ايران لرغبة العالم فى الحد من قدرتها النووية، ثم مبادرة روسيا برفع الحظر عن نظام الدفاع الجوى آنتي ٢٥٠٠ المضاد للطائرات والصواريخ، وهو النسخة المطورة من نظام إس ٣٠٠، بمجرد التوصل للإتفاق النووى، ماأثار المخاوف لدى الغرب من سوء نوايا ايران، وعكس حرصها على تأمين منشآتها النووية ضد أى هجمات إنتقامية حال تجاوزها للقيود المفروضة عليها بمقتضى الإتفاق.. السعودية بموقعها الإستراتيجى، وتاثيرها الإقليمى والدولى، وقدرتها على ضخ استثمارات ضخمة فى الإقتصاد الروسى تفوق ايران أهمية لدى روسيا، حقيقة عبر عنها الإتحاد السوفيتى، عندما كان أول دولة تعترف بالمملكة العربية السعودية ١٩٢٦.. هكذا تستقرىء القوى العظمى مصالحها الإستراتيجية، لكننا نستقبلها فى إطار المجاملات!!

المشكلة التى ينبغى التحسب لها فى مصر هى ان منهجية التعامل مع مشروع الضبعة، الذى تعطل منذ ثمانينيات القرن الماضى بسبب إنعدام الإرادة السياسية، وفقدان الرؤية الإستراتيجية، لم تعد تتناسب مع الظروف الراهنة.. نحن مقبلون على تنافس نووى حاد بين دول المنطقة، فبعد إسرائيل وباكستان دخلت ايران، وتدخل السعودية بالمفاعلات الروسية، ومفاعلين فرنسيين.. تركيا -التى تستورد 90% من احتياجاتها من الغاز والنفط، مايسبب 50% من عجز الموازنة- وقعت اتفاقاً مع روسيا لبناء مفاعل نووي بمدينة مرسين على البحر المتوسط 2010، ومفاعل ثان على البحر الأسود بمدينة سينوب، وبدأت التفاوض مع مجموعة يابانية فرنسية على مفاعل ثالث، بالإضافة الى مفاعل مركز تشكمجه للبحوث النووية والتدريب على أطراف إسطنبول، ومركزٍ البحوث النووية على أطراف أنقرة، كماتسعى للتوصل لإتفاقات تعاون مع الصين والهند.. نائب رئيس شركة “ويستينج هاوس” النووية، جيف بنيامين أكد أن تركيا قادرة بإمكاناتها المحلية على تأمين ما نسبته 50 لـ70% من متطلبات إنشاء محطة للطاقة النووية، وان شركته مهتمة بإنشاء محطة بتركيا.

أول ثمار الإنفتاح السعودى على روسيا، هو إمتناع الأخيرة عن استخدام حق الفيتو على قرار مجلس الأمن 2216 بشأن اليمن، وعزمها المشاركة فى تنفيذه، وتسليمها بشرعية حكومتها، ووحدة أراضيها، وكذا بوحدة الأراضى السورية، وسرعة التوصل لحل أزمتها الراهنة، وللمرة الأولى لم تستخدم موسكو حق الفيتو ضد قرار إدانة النظام السورى لإستخدامه البراميل المتفجرة.. العلاقات السعودية الروسية فى ثوبها الجديد ستساهم فى الجهود الرامية لتسوية المشاكل المزمنة بالخليج والجزيرة العربية والمشرق العربى، خاصة المشكلة اليمنية، والأزمة السورية، نظراً للعلاقة الخاصة التى تربط روسيا بإيران، والتأثير الروسى المباشر على تلك المشاكل.. كما انها ستحقق توازن القوى المطلوب مع ايران.. فالنووى يعمل أثره الإستراتيجى بمجرد توقيع الإتفاقيات، والشروع فى بناء المنشآت، لأن النووى آداة ردع، لاسلاح مواجهة.. أما تسريبات ويكيليكس فهى إجراء غير موفق، ربما سبب بعض الحرج، لكنه سيعمق الفجوة بين امريكا والسعودية، ويعجل تراجع الدور الأمريكى بالمنطقة.

gtaha2007@gmail.com

 
تعليق واحد

Posted by في 2015/07/03 بوصة غير مصنف