RSS

Monthly Archives: أوت 2013

صورة

أبعاد المخطط الإخوانى لفصل الصعيد عن مصر

فصل محافظات الصعيد

بدأ الإخوان فى محافظات الصعيد إعتباراً من 20 أغسطس 2013 فى توزيع بيان بعنوان (بيان رقم “1”  لحملة الصعيد..الإقليم الجنوبى “جمهورية مصر العليا”) ، مرفق به استطلاع رأى تم صياغته على نمط استمارة “تمرد” ، وقد تضمن البيان الموقع بإمضاء “شباب الصعيد الحر” أهم النقاط التالية:

1-  ان إقليم الصعيد – وابناؤه – قد تعرض لظلم فاحش على أيدى الحكام والحكومات عبر مئات السنين ، واتخذت مظاهره صوراً متعددة (معاملة ابناء الصعيد باعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية – عدم تمثيلهم فى مجلس الوزراء – تعرضهم لحوادث متكررة مثل إحتراق القطارات وغرق العبارات – عدم تواجد اى مقر للوزارات بالإقليم – تدنى مستوى الخدمات والبنية التحتية – انعدام فرص العمل وهبوط مستوى المعيشة – هجرة 75% من أبناؤه سواء للداخل او للخارج)

3-  واستعرض البيان إمتلاك الصعيد لمقومات الدولة العصرية الغنية (60% من مساحة مصر – 50% من سكانها – خصوبة تربة أراضيها وقابليتها للإستصلاح – انتشار زراعة القصب وصناعة السكر – صناعات الأومنيوم –السد العالى يكفى لتغطية كافة إحتياجاتالإقليم من الكهرباء – إمتلاك ثلث آثار العالم –نهر النيل)

4-  اتهم البيان الدولة بعدم تطبيق القانون فى قضايا الثأر حتى تشغل ابناء الصعيد فى صراعات تشغلهم عن المطالبة بحقوقهم الضائعة.

5-  حث أبناء الصعيد على الإنضمام للدعوة التى سيتم تقديمها للأمم المتحدة لعمل إستفتاء لإنفصال الإقليم الجنوبى (الصعيد) عن مصر تحت إسم “جمهورية مصر العليا” وفقاً لحدودها من اطراف محافظة الجيزة الجنوبية الى محافظة أسوان ، بالإضافة الى محافظتى البحر الأحمر والوادى الجديد.

***

      ويلفت النظر فى هذا البيان ثلاثة ملاحظات رئيسية :

الأولى :

           ان الإخوان قد أطلقوا إسم “جمهورية مصر العليا” على الدولة المنفصلة المستهدفة نازعين عنها صفة “العروبة” انطلاقاً من توجههم الرافض للقومية ، لكنهم تجنبوا إضافة وصف “الإسلامية” لها حرصاً على عدم إعلان تورطهم فى هذه المؤامرة خلال هذه المرحلة المبكرة رغم ان كافة من يوزعون البيان والإستمارة من الوجوه الإخوانية المعروفة للأهالى.

الثانية :

         ان حرصهم على ضم محافظتى البحر الأحمر والوادى الجديد يهدف الى إمتلاكهم القدرة على المبادرة بالتنازل مستقبلاً عن مناطق من كلا المحافظتين لكل من السودان وليبيا لتحفيزهم على قبول الإلتحاق بدولة الخلافة التى تمثل الحلم المستحيل للإخوان.

الثالثة :

         التأكيد على عداء “دولة الصعيد المزعومة” الصريح لمصر “الموحدة” والذى يعبرون عنه بالحرص على إستهلاك كامل حصة مصر من مياه النيل ، وكامل انتاج السد العالى من الكهرباء لمنع وصولهما للشمال.. اى ان الإخوان يسعون لإنشاء كيان سياسى يعبرون من خلاله عن كراهيتهم وعدائهم للشعب المصرى وللنظام السياسى الذى اختاره فى 30 يونيو2013.

                                                          ***

     وهناك مجموعة من الحقائق المتعلقة بدعوة الإخوان لفصل الصعيد أبرزها انهم قد حاولوا منذ بداية السبعينات وحتى نهاية التسعينات – ومن خلال الجماعات الإسلامية التابعة لهم – تهيئة المناخ لتفجير تمرد إسلامى في الصعيد من خلال مجموعة من العمليات الإرهابية التى كان ابرزها اقتحام مديرية أمن اسيوط فى 8 أكتوبر 1981واغتيال 108 من رجال الشرطة ، والهجوم على معبد الدير البحرى وقتل 62 معظمهم من السائحين ، بخلاف عشرات من العمليات التى استهدفت إضعاف سلطة الدولة على إقليم الصعيد ، وقد حاولوا على مدى تلك السنوات ومن خلال تلك العمليات تحويل حربهم للسلطة الى حركة شعبية تطالب بانفصال إقليم الصعيد عن الدولة المركزية المصرية ولكن دون جدوى.

     وظلت الأمور على هذا النحو الى ان بدأ الإخوان منذ الأيام الأولى لثورة 25 يناير 2011 يوجهون إنتقادات وإهانات حادة لمحافظات الصعيد على مواقع التواصل الإجتماعى لعدم مشاركتها فى الثورة بنفس زخم محافظات الوجه البحرى ، وتزامن ذلك مع انتشار عبارة “بعد بنى سويف مافيش رجالة” على القطارات المتجهة من القاهرة الى الصعيد ، وهو ماإستهدف إستفزاز أهل الصعيد والذى أشعله الإخوان هناك الى حد الدعوة لإنفصاله عن مصر ، وتعالت صيحات التهديد بتدمير خطوط الضغط العالى عند أسيوط لمنع تغذية الشمال ، وفتح الأهوسة لزراعة مساحات واسعة من الأرز لحرمان الشمال من مياه الرى ، ولكن مع نجاح ثورة يناير تم إرجاء الفكرة مع الإحتفاظ بحالة الإستنفار.

***

        وفى ابريل 2011 نجحت الجماعات الإسلامية فى اختبار شعبى إذ حشدت المواطنين بقنا لإجبار الحكومة على تغيير المحافظ القبطى ، أعقبها فى 28/8/2012  تلقى محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة دعوى قضائية ضد مرسى وهشام قنديل تطالبهما بإنشاء مجلس قومى لتنمية الصعيد ، محذرة من إهمال الجنوب المصرى حتى لا يقع فى فخ الانفصال عن الدولة على النمط السودانى ، وقد تبين فيما بعد ان مقدمى هذه الدعوى من الناشطين المرتبطين بجماعة الإخوان وهم رمضان الأقصرى – الذى اتهم شيخ الأزهر فى سبتمبر 2012 بالتآمر على الثورة ، كما اتهم الفريق شفيق فى يونية 2013 برصد 5 مليون جنيه لدعم تمرد 30/6 لإسقاط مرسى – والروبى جمعة منسق حركة صعيد بلا حقوق وأحد دعاة إنفصال النوبة.

         وقد التقطت فلول الحزب الوطنى المنحل خيط التلويح بانفصال الصعيد وحاولت استغلاله كورقة ضغط على الدولة المصرية ، خلال مؤتمر عقد في الصعيد يوم 5 أكتوبر 2011 هددوا فيه بقطع الطرق وشبكة الكهرباء والسكك الحديد ، وتصعيد الإجراءات المعارضة حتى إعلان انفصال الصعيد ، وذلك اذا ماشرعت الحكومة في تطبيق قانون العزل السياسي بحقهم ، إلا ان مجموعة من المثقفين والصحافيين والمهنيين من أبناء قبائل جنوب مصر قد ردت عليهم يوم 7 أكتوبر بالدعوة الى محاكمة كل من شارك فى هذا المؤتمر “المشبوه” ، او دعى لإنفصال الصعيد ،واستنكروا هذه التهديدات “غير المسؤولة” ووصفوها بأنها “خطاب تحريضى لتفتيت الدولة ، وعزل الصعيد عن الوطن الأم ، وتهديد لأمن الوطن واستقراره” ، كما أعلنت “الكتلة الوطنية” بقنا التى تضم جميع التيارات السياسية وائتلاف شباب الثورة تصديها لهذه الدعوات التحريضية المغرضة التى تدعو للإنفصال وتهدد استقرار الوطن ، وبذلك قتلت محاولة “الوطنى المنحل” لإستعارة فكرة التهديد بفصل الصعيد فى مهدها ليظل الإخوان وحدهم فى ساحة الداعين لها.

        وفى اغرب مطالب لوقفة احتجاجية يوم 2 أكتوبر 2012 ، نظم عمال شركة غاز مصر المفصولين من عملهم واغلبهم من ابناء أسوان بجانب بعض من ابناء قنا والاقصر ونجع جمادى وقفة احتجاجية امام مجلس الوزراء بوسط القاهرة رفعو فيها لافتات “صعيد مصر يطالب بالانفصال” – ” لاللتهميش لاللبطالة لاللفقر لاتجعلوا صعيد مصر جنوب سودان أخرى” وقد ظهرت بينهم المحامية أسماء إسماعيل  المعروفة بتبنيها مطلب انفصال الصعيد ، كما تضامن معهم ايضاً عدد من العناصر الإخوانية بالاتحاد المصري لنقابات مصر المستقلة والنقابة المستقلة لعمال غاز مصر.

***

      إذن حملة “انفصال” الراهنة التى يشنها الإخوان فى الصعيد هى حملة مؤجلة..تم الإعداد لها منذ السبعينات..وكان مقدراً ان يتم البدء فى تنفيذها فى حالة فشل ثورة 25 يناير 2011 فى الإطاحة بنظام مبارك ، بحيث يكون البديل فصل الصعيد والتمركز فيه لتنفيذ المشروع الإخوانى على جزء من ارض مصر بدلاً من عودتهم للسجون..وكأنه كتب على مصر ان تتعرض باستمرار لمعارك مؤجلة مع الإخوان..لو أعلن فوز شفيق فى انتخابات الرئاسة كانوا سيحرقون مصر..عندما تحرك الشعب لعزل مرسى فى 30 يونية بدءوا خطتهم المؤجلة لإحراق مصر..وهاهى خطة فصل الصعيد التى تم تأجيلها فى يناير 2011 يتم الشروع فى تنفيذها منذ فض اعتصامى رابعة والنهضة فى 14 أغسطس 2013 بسلسلة واسعة من عمليات التخريب المخططة جيداً ، والتى نجحوا خلالها فى تعطيل العديد من دواوين محافظات الصعيد عن العمل سواء بالحرق او بالإقتحام او بالإعتصام خارجها على النحو الذى تختفى معه سلطة الدولة لتحل محلها سلطتهم باعتبارهم الفصيل الأكثر تنظيماً هناك ، وكذا إقتحام او إحراق بعض مديريات الأمن ومراكز الشرطة ، وإرهاب افرادها بالتعذيب والقتل بهدف تفكيك قدرتها وبالتالى اتاحة الفرصة لميليشياتهم للسيطرة على الشارع والمواطنين ، كما احرقوا العديد من المحاكم والنيابات سعياً لتعطيل العدالة ليكون القضاء العرفى على ايدى شيوخهم هو البديل ، اما امتداد عمليات الحرق للكنائس والآثار والمدارس المسيحية فهى تدخل فى إطار نفس خطة الإنفصال بترويع المسيحيين بما قد يجبر قطاع منهم على الهجرة ، اما من بقى فسوف يخضع لما يمليه عليه الإخوان من شروط .

       والغريب ان نجد عناصر الإخوان بالصعيد – بتلقين من قياداتهم – تردد على المقاهى وفى وسائل المواصلات وأماكن التجمعات العامة أحاديث عن جمهورية سوهاج التى اعلنها شيخ العرب همام 1767م وتمرد الشيخ الطيب فى عهد الخديوى اسماعيل 1867م ، ويستشهدون باحد الأعمال الدرامية التى اذاعتها الفضائيات المصرية مؤخراً ، كما يستكملون ذلك حالياً بإصدار كتاب جديد بعنوان “جمهورية الصعيد” يحاولون من خلاله تأصيل فكرة الإنفصال وتعميقها لدى القارىء الصعيدى..وللأسف فإن هذا النوع من الأحاديث يجد صدى لدى قطاع من الأميين منعدمى الثقافة ممن يعانون ظروفاً معيشية متدنية.

***

       سكان الصعيد قرابة 22 مليون مواطن وفقاً لتقارير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء يمثلون 27٪ من سكان مصر ، فى الوقت الذى لا تزيد فيه حصته من الاستثمارات عن 13% فقط من إجمالى الاستثمارات العامة والخاصة فى الدولة (تشمل الاستثمار المباشر من الدولة فى المرافق والخدمات والاستثمار فى مشروعات تشغيلية).. نسبة الفقر تجاوزت الحد المسموح به عالمياً، فبلغت نسبة السكان الواقعين تحت خط الفقر فى أسيوط 60٪، وفى سوهاج 47٪، وقنا 41٪، وأسوان 40٪، بل انه يزيد فى بعض قرى الصعيد عن80% من السكان..تلك المؤشرات عن عام 2011 أى قبل ان تنهار السياحة وترتفع تلك النسب بالقطع.. نسبة الأمية قاربت40% بين أبناء الصعيد ، والتسرب من المدارس وصل إلى 18% .. أما فتيات الصعيد فإن 80% منهن لم يلتحقن بالتعليم .. 67.9% من مساكن الصعيد فقط تصلها المياه النظيفة..ومن المخزى ان يتضمن تقرير للأمم المتحدة صادر فى نوفمبر 2012 أن نسبة الذين لا يتمتعون بخدمات الصرف الصحى فى الصعيد تصل إلى 99%..محافظات الصعيد تحتل المراكز الأخيرة فى مؤشر التنمية البشرية (المنيا فى المرتبة “21” والأخيرة – أسيوط المرتبة “20” – سوهاج “19” – بنى سويف “18” – الفيوم “17” – قنا “15” – أسوان الأفضل فى المرتبة “9”). ومن حيث مؤشرات الخدمات ، فالعلاج هو الاسوأ فى الصعيد مقارنة بباقى محافظات الجمهورية ، فقد بلغ عدد أَسِرة المستشفيات 14 لكل عشرة آلاف نسمة ، مقابل 38 فى المحافظات الحضرية..اما الرعاية التعليمية فنجد مدرسًا واحدًا لكل 26 تلميذ فى الصعيد مقابل مدرس لكل 14 تلميذ فى محافظات الوجه البحرى….

***

     فى ضوء ماسبق من مؤشرات إقتصادية مرعبة ، فإن الأوضاع فى الصعيد يمكن تلخيصها فى مجموعة عناوين رئيسية (انتشار الأمية – الفقر – البطالة – انتشار السلاح فى كل بيت – تهميش دورهم السياسى فى مؤسسات السلطة – وجود أصابع اجنبية تعبث فى الإقليم – انتشار طابور خامس قوى) وهذه العناوين تشكل معادلة تعنى ببساطة ان هذا المناخ اليائس مهيأ تماماً لتقبل أى فكرة متطرفة بما فيها ” الإنفصال”، لأنه لاموضع للحديث عن الشعور بالولاء عندما تتخلى الدولة عن التزاماتها ، ولايجد المواطن قوت يومه.

إذن ومالحل؟! وكيف نواجه ذلك الموقف بالغ الخطورة؟!

المواجهة فى تقديرى ينبغى ان تتخذ مسارين رئيسيين :

1- المسار العاجل: نلجأ فيه للإستعانة بروح الوطنية المصرية ..تلك الروح التى حركت الوطنيين من أبناء الصعيد فى 7 أكتوبر 2011 للتصدى لدعوة الإنفصال التى رفعها الأعضاء السابقون بالحزب الوطنى ..بل هى نفس الروح التى جعلت أعضاء “الوطنى” السابقون يشعرون بالخزى بعد تعرضهم للهجوم ، ويتراجعون عن دعوتهم ، ولم يعودوا لها ثانية .. وهى ايضاً نفس الروح التى دفعت المسيحيون لرفض أى تدخل خارجى للدفاع عن مصالحهم رغم تعرض دور عبادتهم وبيوتهم ومدارسهم ومحلاتهم للحرق ، وهو نفس الدافع الذى رفضوا به من قبل اى تجاوب مع فكرة انشاء دولة مسيحية.. والتحرك على هذا المسار يفرض شن حملة إعلامية وشعبية وعلى مواقع التواصل الإجتماعى يشارك فيها المثقفين والفنانين والأدباء للكشف والتنديد بدعوة الإخوان لإنفصال الصعيد ، وتعبئة الروح الوطنية المصرية للتحرك الفعال لإجهاضها .

2- المسار التنموى:  ويتمثل فى سرعة البدء فى خطة للتنمية الشاملة ، البشرية والإقتصادية للصعيد على النحو الذى يخرجه من نطاق استغلال وتوجيه التيارات الدينية ، صعيد مصر لم يشهد عبر تاريخه سوى ومضات أمل مع مشروعات كبرى مثل خزان اسوان والسد العالى ومصنع الالومنيوم بنجع حمادى وقلاع السكر الوطنية ، وذلك لأن حصة الصعيد من إجمالى الاستثمارات العامة والخاصة فى الدولة (13%) لاتسمح بذلك ، هذه النسبة المتواضعة ينبغى ان ترتفع فوراً من خلال مصدرين الأول طرح المشروع القومى للنهوض بالصعيد على المستثمرين ومنح تسهيلات ومزايا تكفل نجاحه ، الثانى التفاوض مع المؤسسات والجهات العربية والدولية المانحة على قروض مخصصة لمشروعات تنمية الصعيد ، وعلى الدولة ان تمهد فوراً لإنجاح ذلك من خلال مراجعة مخططات التنمية التى تملأ الأدراج والكتب لكنها تفتقد للفعالية والجدية..وذلك بتيسير إجراءات الحصول على الأراضي بالمناطق الصناعية ، وتطوير النقل النهري بإنشاء موانئ متخصصة لهذا الغرض ، وتطوير المطارات والسكك الحديدية للتوسع فى نقل الركاب والبضائع ، واستكمال المرافق اللازمة لتشجيع الاستثمار ، بالإضافة لوضع منظومة لتدريب العمال وتأهيلهم لإحتياجات سوق العمل في تلك المحافظات الجنوبية.

***

     عندما نجتر ذاكرة التاريخ ، ونستدعى المشهد فى مصر عام 3200 قبل الميلاد ، أى منذ قرابة 5000 عام ، نرى الوجه البحرى (القطر الشمالى) مقسماً الى مقاطعات ، على رأس كل منها امير ، كان الأمراء يتنازعون السلطة ، حتى شاعت الفرقة ، وساد الظلم ، ودبت الفوضى ، وعم الفساد ، وتطلع الشعب الى الوجه القبلى”الصعيد” (القطر الجنوبى) الذى كان قد وحده الملك مينا ، وانشأ فيه نهضة وجيشاً قوياً ، بما انعكس على شعبه بالرخاء والأمن ، واستجاب مينا ، وتحمل مسئولية تاريخية فى توحيد القطر الجنوبى الغنى بالذهب والمعادن ، مع القطر الشمالى الزراعى الخصب ، فى دولة مركزية قوية موحدة ، ذات جيش موحد ، وحاكم واحد ، فأدخل مصر عصر بناء الأهرامات والمملكة الحديثة وسلاسل من الإنتصارات التى حمت مصر والعروبة والإسلام.

    هل نقبل ان تعود مصر من جديد دولة مقسمة الى قطرين على ايدى الإخوان ؟! انها مسألة حياة امة..مصير شعب..قضية لاتحتمل سوى الحياة بشرف او الموت دون الوطن..فلنخوض جميعاً هذه المعركة ، حتى نهايتها ، ولا نتراجع مهما كان الثمن.

 
تعليق واحد

Posted by في 2013/08/29 بوصة غير مصنف

 

إحذروا..مستطيل الفقر والتطرف بالجيزة

     Image

 أصيب الشعب المصرى بالصدمة عند مشاهدة افلام وصور مجزرة كرداسة..وبقدر ماأثار تعذيب الضحايا والتمثيل بجثثها من ألم لدى المواطن المصرى ، فإن ماأثار فجيعتنا جميعاً هو ذلك التحمس والتشجيع الذى أبداه بعض الصبية والشباب لمنفذى هذه العملية البشعة الى حد التهليل “الله اكبر” اثناء تنفيذ الجريمة.

       ماالذى حدث للإنسان المصرى ؟! كيف انهارت علاقته بالدولة ومؤسساتها الى حد الترحيب والسعادة بهدمها ؟! لماذا انعدمت المشاعر الإنسانية ، وضاع إحساس المواطنة ، وتبدد الشعور بالولاء؟1 ثم لماذا كرداسة بالذات تتكرر فيها نفس سيناريو الاحداث العنيفة والخروج على الدولة بهذا القدر من العنف فى يناير 2011 وثم فى أغسطس 2013 ، ماالسبب فى ان معظم المشاركين فى اعتصام النهضة كانوا من اهالى محافظة الجيزة؟! كما مثلوا مالايقل عن 20% من معتصمى رابعة العدوية، ولماذا يمثلون الأغلبية ضمن المشاركين فى مسيرات الفوضى وحريق الوطن التى بدأت بالقاهرة منذ فض الإعتصامات؟! اسئلة هامة حاولت البحث عن إجابات لها..

***

     هو مستطيل يقع بمحافظة الجيزة ملاصقاً للقاهرة ويضم عدد كبير من المدن أهمها كرداسة/ناهيا/طناش/اوسيم/القيراطيين/برطس/الجلاتمة/المناشى/أم دينار/ذات الكوم/كفرحجازى/نكلا/وردان/جزاية/برقاش/ابوغالب/..كما يضم مئات من القرى والعزب التابعة والمجاورة لها التى تتميز بكثافة سكانية مرتفعة ، حالة من الفقر المدقع .. ضعف فرص الإستثمار ومن ثم انتشار واسع للبطالة ، إرتفاع كبير فى نسبة الأمية نتيجة للتسرب من التعليم للمساعدة على أعباء الحياة .. وحدات سكنية عشوائية ، نسبة كبيرة منها مبنية بطريقة بدائية غير صحية وغير آمنة .. مياه الشرب النقية لم تصل بعد لبعض القرى الصغيرة والعديد من العزب كثيفة السكان الذين يعتمدون على الطلمبات الحبشية ، كما ان العديد منها لم يدخله الصرف الصحى حتى الآن ، والغريب ان العديد من المساكن تقوم بالصرف فى الترع والمساقى التى يتم رى الزراعات بمياهها..مصرف الرهاوى الذى يتجمع فيه الصرف الصحى غير المعالج لمحافظة الجيزة يخترق المنطقة ليصب فى نهاية رحلته بنهر النيل .. كافة الرشاحات المنتشرة بالمنطقة يتم استخدامها كمقالب للزبالة ..كما ان العديد من سيارات نزح ترانشات الصرف الصحى للبيوت الكبيرة تلقى حمولتها فى الترع والمساقى.. تدهور حاد فى الحالة الصحية نتيجة انتشار الأمراض المزمنة (التهاب الكبد الوبائى – الكلى – السرطان….) ..ورغم ذلك لاتتوفر للأهالى خدمات صحية حيث ان أقرب مستشفى تقع اما بالجيزة او بالقناطر الخيرية ، مستشفى المناشى لم تدخل الخدمة بعد رغم الإنتهاء من بنائها منذ عدة سنوات..نادراً مايلجأ الناس للقضاء فى تسوية خلافاتهم حيث القضاء العرفى هو السائد ، فالكلمة العليا فى هذه المناطق لبعض المشايخ ، وكذا لمن يحملون السلاح..حتى رغيف الخبز الذى تنتجه المخابز هناك يدخل ايضاً ضمن مايوجع القلوب..ويثير الأحزان.

***

        وفى ظل ذلك المناخ البائس نلاحظ تواجد مكثف لكل صور النشاط من قبل “جماعة أنصار السنة المحمدية” و”الجمعية الشرعية”.. تكاد لاتخلو قرية ولا عزبة من فرع لهاتين الجمعيتين او مسجد تابع لهم او معهد تعليمى او مدرسة او مشروع … بخلاف الأنشطة الإجتماعية ومساعدة الفقراء والمحتاجين.. مقار هذه الجمعيات منذ السبعينات – وحتى الآن – يعتبر ميدانا خصباً لنشاط جماعة “الجهاد” المتطرفة التى تسيطر بشكل كامل على الحياة الإجتماعية للمواطنين بما فيها القضاء العرفى ، حتى ان الشاهد الوحيد فى تاريخ قضايا الإرهاب بمصر ، والذى شهد تورط اعضاء الجماعة فى محاولة إغتيال الدكتور عاطف صدقى رئيس الوزراء السابق عام 1993 تم إغتياله بمحل عمله فى المناشى قبل ساعات من موعد شهادته ، هو وطاقم الحراسة المشددة الذى كلفته الشرطة بتأمينه على مدى الـ24 ساعة ، ولم يدل أحد بأى شهادة على ماحدث رغم وقوع الجريمة امام العشرات من أهالى المنطقة.

       هذه الحالة المتدنية والبائسة من العيش لسكان المنطقة ، خاصة المرضى والعجائز واليتامى والمعسرين ومن أصابتهم نكبات او ابتلاهم الله بحالة وفاة..كانت ميدان عمل لإثنين من الجمعيات الأهلية..الأولى “الجمعية الشرعية” والثانية “جمعية أنصار السنة المحمدية”.. الإثنين جمعيات للدعوة الدينية “السنية السلفية” وتمارس انشطة اجتماعية ضخمة تغطيها من خلال ماتحصل عليه من دعم من بعض الجمعيات الخيرية بالدول العربية (السعودية – قطر – الكويت – الإمارات – البحرين…) تكاد لاتخلو مدينة او قرية او عزبة بالجيزة من فرع لهاتين الجمعيتين ، او مسجد تابع لأى منهما ، او معهد تعليمى او لإعداد الدعاة ، مدرسة ، حضانة ، مشروع ، مركز تحفيظ قرآن ، مركز تقوية طلاب ، مستوصف ، دور مسنين ، ملجأ أينام ، مساعدات لإغاثة المنكوبين والمساعدة فى دفن الفقراء …الخ

       تحرص هذه الجمعيات على تجنب الإندماج فى أنشطة الأحزاب السياسية اكتفاء بدورها الدعوى ، الا ان العام الأخير قد شكل ضغوطاً على هذه الجمعيات نظراً لحملات الشحن والتعبئة الإعلامية التى قام بها الإخوان خلال فترة حكمهم وبعد سقوطهم ، قد رسخت فى أذهان قطاع واسع من البسطاء أتباع الجمعيتين “ان سقوط مرسى يعنى سقوط الإسلام” وبالتالى كان من الطبيعى ان يتحمس قطاع واسع منهم للمشاركة فى كافة الفعاليات المؤيدة لمرسى والمطالبة بعودته ، من تظاهرات الى إعتصامات ، ومارسوا ضغوطاً هائلة على رئيسا الجمعيتين ، وقد نجح الشيخ عبدالله الجنيد رئيس جمعية أنصار السنة المحمدية فى عبورها بسلام دون تورط فى إتخاذ أية مواقف سياسية معلنة التزاما بتوجه الجمعية ، اما الشيخ محمد حسين يعقوب رئيس الجمعية الشرعية فقد تعرض لهجوم علنى حاد من جانب الإخوان وصل الى حد ان وصفه صفوت حجازى من فوق منصة رابعة العدوية بأنه “سقط ولم تعد له طاعة على مريديه ، لأنه فضل الإحتجاب فى منزله بحجة إعتزال الفتنة” ورغم كل هذه الضغوط الا ان الشيخ حسين يعقوب اكتفى بمرافقة الشيخ محمد حسان فى زيارة بدت “بروتوكولية” الى منصة مصطفى محمود يوم 14/8 مؤكداً فى كلمته المقتضبة انه “جاء لنصرة الشريعة الإسلامية” مما دعا قطاع واسع من أنصار مرسى للهتاف ضده والمطالبة بطرده.

 خطورة دور تنظيم الجهاد فى المنطقة

       كانت قوة وشعبية جمعية أنصار السنة المحمدية والجمعية الشرعية ونفوذهما على المواطنين داخل مستطيل الفقر بمحافظة الجيزة ، مصدر اهتمام تنظيم “الجهاد” .. وهو جماعة سلفية جهادية تؤمن بالعنف كوسيلة لإقامة شرع الله فى الأرض (نفذت عملية الفنية العسكرية عام 1974- اغتيال الرئيس الراحل انور السادات عام 1981 – محاولتى اغتيال حسن الألفى وزير الداخلية وعاطف صدقى رئيس الوزراء عام 1993…).. وبعد فشلها فى تحقيق إختراق واسع للجيش والمؤسسات السيادية على نحو يمكنها من السيطرة على الحكم أصبحت اكثر ميلاً لإستخدام تكتيك حرب العصابات ضد الدولة لتحقيق أهدافها ، وعلى الرغم من الخلافات العقائدية العميقة بينها وبين “الجمعية الشرعية” و”جمعية أنصار السنة المحمدية” ، الا انها كانت حريصة على التسلل سراً داخلهما ، والإندماج فى انشطتهما ، حتى تتمكن من التأثير على توجهات بعض الأعضاء العقائدية لإستقطابهم وتجنيدهم كعناصر حركية تابعة لها ، وهو مانجحت فيه الى حد كبير ، وهو مايمكن ان نلمسه بكل وضوح فى ظهور النزعة بالغة التطرف لدى الصبية والشباب فى كرداسة.

***

      تلك هى أحوال البشر وظروفهم المعيشية والمؤثرات التى يخضعون لها فى مستطيل الفقر والتطرف بمحافظة الجيزة ، والملاصق مباشرة للعاصمة ، وهى احوال ينبغى التدخل فوراً للتعامل معها وعلاجها وفق محددات ودون عشوائية ، وفى هذا المجال هناك بعض الإعتبارات التى ينبغى مراعاتها:

1-  انه لاينبغى التعامل مع هذه القضية من منظور أمنى بحت .. السواد الأعظم من اهالى هذا المستطيل أناس طيبون ، بؤساء ، يهرولون خلف من يشعر بحرمانهم طمعاً فى دعمه ..اما من ورطته حاجته الى حد الإنتماء الى تنظيمات او المشاركة فى عمليات ارهابية ، فليتم معاملته أمنياً وفقما اقترف من جرم ، وعلى النقيض فإن من خرج فى تظاهرة او شارك فى اعتصام طمعاً فى بدل نقدى او وجبة غذائية او حرصاً على استمرار حصوله على الدعم من اى جهة مانحة ، فلا ينبغى ان نعطى لذلك التصرف أهمية تتجاوز حجمها الحقيقى.

2-   ان حالة الإستنفار لدى قطاع واسع من الأهالى فى مواجهة الدولة – والتى قد تصل فى بعض الحالات الى حد الكراهية – هى ليست فقط نتاج لشعورهم بالإهمال ، بل ايضاً لتحملهم بعض تجاوزات وزارة الداخلية..إستعادة روح الإنتماء يتطلب حدوث تغيير جذرى فى اسلوب تعامل مؤسسات الدولة مع تلك المناطق ، ليس فقط من جانب الداخلية ، بل ايضا من كافة مرافق الدولة الخدمية التى ينبغى ان تتحرك فوراً لإستكمال تواجدها هناك (مياه الشرب – الصرف الصحى – الطرق – رغيف الخبز – الحد من التلوث البيئى بكافة صورة المتعددة بالمنطقة…)

3-  ولايمكن بالطبع ان نغفل أهمية الدور الذى تقوم به المنابر فى بعث روح المواطنة ، واستعادة الولاء، وفى هذا الإطار فإن وزارة الأوقاف ينبغى ان تعيد النظر فى معايير إختيارها لإئمة المساجد ، لافى هذه المنطقة فحسب وانما على مستوى كافة المدن والقرى البعيدة عن العاصمة ، وذلك على النحو الذى يكفل تواجد عناصر معتدلة هادئة مثقفة قادرة على إمتصاص مشاعر الحنق والغضب الراهنة لدى الأهالى ، وإعادة نشر قيم المواطنة والتسامح.

4-  كذلك فإن وزارة الشئون الإجتماعية ينبغى ان تدخل متضامنة مع الجمعيات العاملة بالمنطقة فى مواجهة إحتياجات الاهالى التى تفوق قدرة هذه الجمعيات بلاشك..التنسيق بين كشوف المتلقين للمساعدات من قبل تلك الجمعيات ، وجلب المزيد من الجمعيات الخيرية المهتمة بالغذاء والعلاج …الخ يكفل زيادة معدلات الدعم ، كما يمنع تكرار حصول شخص على دعم اكثر من جمعية ، فى الوقت الذى يحرم فيه غيره من هذا الدعم.

5-  واخيراً ..تلك دعوة للقوات المسلحة لمد نشاطها الخيرى الى تلك المناطق ..الشنط التى اعتاد الجيش تقديمها للأسر الفقيرة خلال المواسم والأعياد لن تمثل مصدر إضافى لمساعدة الأهالى فحسب ، بل ستشعرهم بوجود الدولة ، وتعيد اواصر الثقة والولاء ، ودعوة اخرى للمستثمرين الذين اتجه بعضهم لتلك المناطق باعتبارها أقرب مناطق زراعية ريفية للقاهرة ، ان لايكتفوا بمجرد بناء فيلات ومساكن للإستجمام والراحة فى نهاية الأسبوع ، بل توجيه جزء من استثماراتهم لخلق فرص عمل جديدة لأبناء المنطقة..ذلك يساهم فى ارتقائها ، كما يؤمن ممتلكاتهم.

***

     مستطيل الفقر والتطرف هو منطقة بمحافظة الجيزة ، تعانى من مأساة انسانية ، تفاقمت مع الزمن فتحولت الى مركز ازمة ، ونقطة تهديد لعاصمة الدولة الملاصقة لها ، ليس فقط فى صورة مظاهرات وإعتصامات ومحاولات تخريب ضمن جماهير غاضبة ، وانما وصل الأمر الى أنشطة ضمن تنظيمات إرهابية مسلحة ، فضلاً عن محاولة التحصن داخل المدن “كرداسة – ناهيا” لإنشاء دولة خارج القانون..معالجة الموقف ليست مسئولية الأمن فقط ، لكنه فى الأساس التزام إنسانى على الدولة تجاه قطاع مهمل من رعاياها ، حتى المعالجات الأمنية ينبغى ان تتسم بالرصانة والحرص على المدنيين رهائن الإرهاب الأسود..لذلك..ليس هذا مقال يسعدنى قراءتكم له ، بقدر ماهو صرخة اتمنى الإستجابة لها.           

 
تعليق واحد

Posted by في 2013/08/27 بوصة غير مصنف

 

“قراءة وطنية..لخطة دارمشتات “لتركيع مصر

Image

         ليس من الأمور المعتادة ان تتسرب وثائق تحوى معلومات “سرى جداً” تتعلق بالأمن القومى للدولة من داخل اجهزة المخابرات..بعض الأجهزة لديها تقاليد تسمح بنشر الوثائق بعد مرور فترة معينة..قد تتفاوت وفقاً لدرجة سريتها..لكن ذلك ليس من تقاليد الأجهزة المصرية..لذلك عندما تقرأ النص “المترجم” للوثيقة المتعلقة بالإجتماع الإستراتيجى الذى عقد من 16-18 أغسطس الجارى بالقاعدة العسكرية الأمريكية فى دارمشتات بألمانيا بشأن ماأطلق عليه “مواجهة الإنقلاب فى مصر” لابد ان تدرك منذ البداية ان تسريبها متعمد ، وان حجم ماتمثله الخطة من مخاطر وتهديدات على مصر أكبر من ان تواجهها الدولة المصرية بأجهزتها ومؤسساتها وحدها ، وان الأمر يفرض مشاركة شعبية واسعة فى الدفاع عن كيان الدولة ذاته.

         من منطلق تلك الرؤيا يصبح عرض النص الأصلى للوثيقة ، او ملخصاً له ، على نحو ماتناولته كافة الصحف ، او حتى التحاليل المتحذلقة للخبراء الإستراتيجيون لايحقق الهدف ، لأن الحشد الشعبى للدفاع عن كيان الدولة يفرض “قراءة وطنية” لأبعاد تلك الخطة التى تستهدف “تركيع مصر”.

***

*  شارك فى هذا الإجتماع ممثلين عن خمسة جهات..المخابرات المركزية الأمريكية ، المخابرات الإسرائيلية “موساد” ، القوات البريطانية فى قبرص ، وزارة الدفاع الفرنسية ، غرفة عمليات حلف “الناتو” ، ويتضح من تفاصيل الخطة ان هذه الأطراف تتولى عملية التخطيط ، فى حين تستعين بأطراف أخرى اقليمية ومحلية فى عملية التنفيذ ، وعلى الرغم من ان الإجتماع قد تعلق أساساً بوضع آليات التعامل مع ماترتب على إطاحة ثورة 30 يونية بحكم الإخوان من نتائج ، الا ان ذلك يدخل ضمن إطار خطة اشمل تتعلق بإعادة ترتيب الأوضاع بمنطقة الشرق الأوسط ككل ، وتقدر الخطة ان إعادة ترتيب الأوضاع تلك تحتاج لعامين على الأقل ، لأنها تعتمد ضمن أهدافها على الحصار المائى لدول المنطقة “سياسة التعطيش” وقد تمت السيطرة على مياه الفرات ، ولكن باقى سدود مشروع جنوب شرق الأناضول الواقعة على دجلة ، وكذا سدود أثيوبيا واوغندا على نهر النيل لن يتم الإنتهاء منها قبل عامين.

*  ويرى المجتمعون ان وجود نظام مستقر فى مصر ، لايخضع لسيطرة الغرب ، يعكس مخاطر جدية على نظام الحكم الإسلامى الراهن فى تركيا ، ولذلك ينبغى تنفيذ النموذج العراقى والسورى فى مصر “فرق الموت” لإصابتها بحالة من الشلل السياسى والإقتصادى ، ويقدر المجتمعون انه اذا كان معدل ضحايا هذه الفرق فى العراق وسوريا فى حدود 6000 شهرياً ، فإن هذا الرقم ينبغى ان يتضاعف ليصل الى 12000 ضحية شهرياً بمصر على امتداد سيناء والوجهين البحرى والقبلى ، حتى ينعدم تماما تأثير الثورة المصرية على دول المنطقة.

*  عبر المجتمعون عن خشيتهم من ان تأييد الكنيسة المصرية للنظام الإنتقالى فى مصر وخارطة الطريق ، والتزام أقباط المهجر بنفس الموقف يمكن ان يؤثر سلباً على الخطة ، خاصة مع احتمال تعاطف الكنائس الأوروبية والأمريكية مع هذا الموقف ، وقد تم تكليف الجانب البريطانى بوضع خطة إعلامية مناسبة لإقناع الرأى العام فى بلادهم بأهمية ماسيتم اتخاذه من إجراءات ضد مصر.

*  اتفق المجتمعون على ان تخطيط العمل ضد النظام القائم فى مصر ينبغى ان تتولاه الدول المجتمعة بنفسها ومباشرة ، بعد ان اثبت الإخوان فشلهم واستنزفوا قدراتهم البشرية والمادية نتيجة تعاملهم الهمجى ، والإندفاع والتسرع ، وسوء التخطيط والتنفيذ.

*  إعترف المجتمعون بفشل مناوراتهم الدبلوماسية وزيارتهم لمصر فى تحقيق أياً من أهدافهم الثلاثة (القيام بدور الوسيط – كسب الوقت – التأثير على القرار المصرى) ولذلك ينبغى إعادة توحيد وتنسيق مواقف الأطراف الحليفة لهم فى المنطقة من جديد من اجل إنجاح الخطة (منع تركيا من إظهار العداء العلنى لمصر ، اسوة بما فعلته مع سوريا ، حتى تتمكن من اداء دورها بذكاء – إعادة تعديل الموقف السعودى من خلال التعاون مع مخابراتها كبديل للملك وللقنوات الدبلوماسية التقليدية – التنسيق الأردنى الإسرائيلى لإنجاح عمليات تهريب الأسلحة لمصر عبر النقب وسيناء – تشجيع قطر وتركيا لحماس على تصعيد مشاركتها الفعالة فى الحرب على مصر فى إطار الخطة – التنسيق مع تنظيم الإخوان فى ليبيا لتهريب الأسلحة لمصر عبر الساحل والصحراء – التعاون مع السودان لتنشيط عمليات تهريب الأسلحة عبر وادى حلفا الى وسط وجنوب مصر – تعيين ضابط اتصال فرنسى فى تشاد للإشراف على عمليات تهريب الأسلحة لمصر عبر درب الأربعين وتوشكى).

*  قرر المجتمعون ان تتم إدارة الخطة عن طريق مجموعة ادارة أزمة متخصصة فى الشئون المصرية ترأسها الولايات المتحدة ، على ان يتم دراسة توحيد مجموعة الأزمة فى العراق وسوريا ومصر فى اقرب فرصة تحقيقاً للمزيد من الفعالية ، كما اتفقوا على عدم تكليف اسرائيل الا بالعمليات ذات الطبيعة السرية ، وكذا شئون الإتصالات (بالتعاون مع القواعد البريطانية فى قبرص) وذلك حتى لاينكشف تورطها فى الخطة ، وسوف تتولى الولايات المتحدة إعادة تجهيز قواعدها فى الأردن ، وعناصرها فى سيناء ، وقاعدة انجيرليك فى تركيا ، لتوفير التواجد الإقليمى الفعال لقواتها وقت الضرورة ، على ات يتم نقل برامج التدريب للجماعات الإرهابية الى سيناء او للدول المجاورة لمصر – اذا استمرت حملة الجيش المصرى الراهنة.

*  اتفق الأطراف على التحديد الدقيق لأهداف العمليات والمتمثلة فى فرض حالة من الشلل فى مصر ، وتعطيل الخدمات ، بما ينعكس سلباً على موقف الشعب المؤيد لنظام الحكم الراهن ، وقرروا التركيز على السيناريو الذي يؤخر أو يمنع الاستثمار في مصر، ويصعب تمويل المشاريع في أسواق المال الدولية (بتكليف مؤسسات مالية متخصصة للمراهنة المالية على العملة المصرية للتأثير على قيمتها – إطلاق حملة للتأثير على سمعة مصر الإدارية والمالية – حصار مصر في المؤسسات المالية الدولية – استحداث شبكة تمويل كبديل لشبكة الإخوان التى تجرى تصفيتها).

*  كما اتفقوا على ان تكون الأهداف المصرية التى يتم استهدافها عند البدء فى تنفيذ مرحلة التخريب (شبكات المياه والغاز المحلية – محطات توليد الكهرباء والمحولات – الكبارى والجسور الرئيسية – خطوط الألياف الضوئية المتعلقة بشبكات الإتصال – الأوناش والرافعات في الموانئ المختلفة – المستودعات الرئيسية للوقود من بنزين وغاز – عبارات النيل وسفن قناة السويس) وقد تم اختيار هذه الأهداف على النحو الذى يعيق سير الأمور بالبلاد.

*  شددت الأطراف على أهمية استمرار الإحتجاجات والمظاهرات لعرقلة الإستقرار الداخلى وكسب الوقت لحين البدء فى التنفيذ الفعلى للخطة ، على ان يتزامن ذلك مع الإبقاء على الضغوط الدبلوماسية على مصر ، دون الوصول بها الى حد القطيعة.

*  نبه المشاركون الأطقم الفنية والإعداد الى ضرورة الإنتهاء من وضع كافة محاور وتفاصيل الخطة قبل منتصف سبتمبر 2013.

***

اولاً: ماسبق يمثل خطة متكاملة لإستنساخ النموذج العراقى والسورى فى مصر إستكمالاً للخطة الأمريكية المتعلقة بتقسيم وتفكيك الشرق الأوسط ، والخطة تراهن بصفة رئيسية على ضعف وتردد الحكومة المؤقتة فى مصر ، لذلك فإن أولى المهام التى ينبغى انجازها هى إجراء تعديل وزارى يتم بمقتضاه استبعاد كافة العناصر التى لديها اى تعاطف مع الإخوان ، وكذا كل من يميل لفكرة المصالحة وأنصاف الحلول ، وكذا من سجلت اجهزة الأمن انه قد تعاون مع نظام الإخوان بإخلاص خلال فترة حكمهم حتى لو كان ممن يطلقون على انفسهم تكنوقراط..لم يعد الموقف يحتمل كل هذا الهراء.

ثانياً: ولأن الخطة تأتى فى إطار الصراع الدولى على الشرق الوسط ، فلابد من ترتيب زيارة عاجلة للرئيس بوتين الى القاهرة ، او زيارة وفد مصرى رفيع على مستوى القمة لموسكو لتوقيع اتفاق تعاون استراتيجى بين البلدين ، على ان يغطى هذا التعاون – بالإضافة الى تنويع مصادر السلاح – عدد من المسائل ذات الأولوية والتى تحبط المرتكزات الرئيسية لخطة العمل ضد مصر (انظمة متطورة لمراقبة الحدود – وضع الآليات الكفيلة باستفادة مصر من الأقمار الصناعية الروسية فى رصد عمليات تهريب الأسلحة عبر الحدود ، وكذا تجمعات الإرهابين وتحركاتهم داخل مصر ، وبالقرب من حدودها – تحديث شبكات التنصت على الإتصالات الداخلية والخارجية لشبكات الإرهاب…)

ثالثاً: ونظراً لما يقوم به عناصر المخابرات والدبلوماسيين فى السفارة الأمريكية (يتجاوز عددهم 1200) من دور رئيسى فى تنفيذ الخطة ومتابعتها وتعديلها بناء على التطورات الجارية على الأرض ، الأمر الذى يفسر ماورد بمحضر الإجتماع من تأكيد وحرص على تجنب إحداث قطيعة فى العلاقات مع مصر ، فمن المناسب المبادرة بتخفيض مستوى العلاقات مع الولايات المتحدة الى مستوى قائم بالأعمال ، وتجميد علاقات التعاون العسكرى والإقتصادى معها ، وذلك كرد فعل وطنى لما قررته من وقف للمعونة والتدريبات المشتركة ، ولتدخلها فى الشئون الداخلية لمصر ، كما يتم ترحيل العسكريين الأمريكيين المتمركزين فى سيناء (عددهم 400 جندى) ، واتخاذ قرار بالتخفيض المتبادل والمتكافىء لأطقم الدبلوماسيين والإداريين العاملين بالسفارات ، فى القاهرة وواشنطن ، وذلك الى الحد الذى يشل قدرة السفارة الأمريكية على التحرك المخابراتى الداخلى الفعال ، وينطبق ذلك بشكل أقل على السفارتين البريطانية والفرنسية.

رابعاً: الدعوة الى عقد مؤتمر على مستوى الخبراء الأمنيون ، تمهيداً لعقد مؤتمر على مستوى سياسى رفيع ، يضم مصر والسعودية والإمارات وسوريا والعراق تكون مهمته التغاضى عن الخلافات الراهنة ، وحشد الجهود ، والتنسيق والتعاون الكامل وتبادل المعلومات فى مواجهة الإرهاب والمخاطر المشتركة التى تواجهها المنطقة بكاملها ، بغض النظر عن نوع الأنظمة الحاكمة فيها..قد يبدو ذلك صادما من حيث درجة وسرعة التحول السياسى .. لكن حجم المخاطر اكبر من ان تكفى معه الطرق التقليدية لمواجهته.

خامساً: سرعة اجراء تعبئة اعلامية لشن حملة مصرية واسعة وجادة بالخارج ، يتم الإستعانة فيها بشركات للعلاقات العامة يتم اختيارها وفقاً لمعايير تضمن عدم وجود ارتباط بينها وبين الحزب الديمقراطى الذى تنتمى اليه الإدارة الأمريكية الحالية ، كما يتم التنسيق مع الجاليات المصرية بالولايات المتحدة واوروبا ، وتستهدف الحملة كشف جرائم الإخوان كمنظمة ارهابية ، وطبيعة علاقات التعاون بينها وبين منظمات الإرهاب الدولى ، وبينها وبين الإدارة الأمريكية.

سادساً: فى مقدور المخابرات العامة المصرية – من خلال علاقاتها مع المخابرات المركزية الأمريكية – ان تمارس ضغوطاً هائلة على الولايات المتحدة لإجبارها على التراجع عن تنفيذ الخطة الموضوعة ، مستخدمة فى ذلك كل ماهو متاح لديها من اوراق ضغط ، وهى عديدة ، ليس اكثرها تأثيراً وأقواها فعالية التهديد بكشف تفاصيل ماتم من تعاون فى استجواب العديد من المعتقلين الأمريكيين بمصر..تلك أمور تشكل أهمية بالغة للرأى العام الامريكى يسقط معها نظم ورؤساء وأحزاب ، وهى فى نفس الوقت لم تعد تمس موقف مصر ..فقد ثار شعبها على نظام مبارك بكل ممارساته بما فيها استخدام أجهزته الوطنية فى مساعدة ودعم أجهزة اخرى ، فى قضايا وموضوعات لاناقة للمصريين فيها ولا جمل.

سابعاً: التعامل داخلياً بمنتهى الحزم والحسم فى مواجهة أية أنشطة إرهابية .. انصاف الحلول لم تعد تجدى .. واستمرار التظاهر والإعتصام لإنهاك الدولة لم يعد مقبولاً بعد ان اتضحت اهدافة لتمرير الخطة الدوليه ضد مصر .. إقرار وتفعيل قانون التظاهر الذى أعد النظام السابق مشروعه ينبغى ان يتم على وجه السرعة ، وان نطبقه بكل صرامة .. بضاعتهم ترد اليهم .. مع استمرار تجفيف مصادر تمويل الإخوان فى الداخل والخارج .. والسيطرة على العناصر الحركية فى التنظيم والتنظيمات المتعاونة معه أياً كان عددها ، المهم شل قدرتهم على اى تحرك.

ثامناً:  سرعة وضع خطة امنية للتعامل مع العمليات الإرهابية وتقليل خسائرها البشرية (ضرورة إحكام السيطرة الأمنية على مداخل المدن للحيلولة دون تسلل إرهابيين او أسلحة.. الإزدحام ومشاكل المرور لاينبغى ان يكون مبرراً لإهمال إجراءات التفتيش الدقيق .. أمن الدولة يعلو ولايعلى عليه – تقسيم المدن الى أحياء ، والأحياء الى قطاعات ، والقطاعات الى مربعات سكنية على خرائط العمليات وعلى الأرض ، على النحو الذى يسمح بالإغلاق الأمنى لأى مربع فور تعرضه لعملية إرهابية ، او انطلاق عملية من داخله ، بحيث يمنع خروج الإرهابيين منه ، الى ان يتم تمشيطه ، والقبض على مرتكبيها – سرعة انشاء غرفة عمليات مشتركة لإدارة الأزمات تضم عناصر مدربة من الجيش والشرطة والمخابرات والخارجية ، ويتم ضم كل من تثبت الحاجة لتواجده وفق نوعية الأزمات التى تتصدى للتعامل معها – تجهيز مجموعات فنية قادرة على اكتشاف المتفجرات ، واخرى للتدخل السريع والتعامل معها لإبطال مفعولها..).

***

       تمر مصر حالياً بتهديدات أخطر مما تعرضت له ابان عدوان عام 1956 ، تحالف دولى يستهدف اسقاط نظام الحكم وكيان الدولة ، فى إطار عملية إعادة ترتيب القوى العظمى للأوضاع بالمنطقة على حساب بلادنا ، تجاوزنا أزمة 56 بنجاح وانتصرنا على قوى العدوان بفضل القيادة الوطنية ووحدة الشعب ، ماتقدم من إجراءات مقترحة لو تم تنفيذها سينعكس دون شك على معنويات ووحدة الشعب وسيخلق حالة من التضامن الوطنى فى مواجهة كافة التحديات..وعودة الروح التى افتقدها الشعب منذ عقود..على القيادات المرتعشة والمبتدئة والهاوية ان تنسحب من المشهد الراهن تاركة القيادة للأكفاء والأقدر ..لاموضع لتصنيفات ولا تمييز بين ألوان سياسية او عسكرية ..فالوطن مهدد ، ومن يفرق الصف فليتم إخراجه من المشهد ، ومن يقدر على انتشال الوطن من ازمته فلندفعه للصدرة اياً كان انتماؤه.

      لاأكتب بهذا مقالاً ولاتحليلاً خنفشارياً ..تلك دعوة للتعبئة الوطنية والحشد الشعبى فى مواجهة فصيل لجأ الى الخديعة والخيانة والتحالف مع العدو لشن حرب صريحة ، فرضها علينا ، لاأملاً فى مشروع – ادرك انه قد انتهى الى غير رجعة – وانما انتقاماً من شعب لم يسانده فى انقلابه على الدولة الوطنية..لاينبغى ان نخرج من تلك الحرب الا منتصرين..حتى نطمئن على ابناءنا واحفادنا.

 
تعليق واحد

Posted by في 2013/08/25 بوصة غير مصنف

 

مسلسل حل «الإخوان».. الآليات والمحاذير

Image

قامت حكومة النقراشى فى 8/12/1948 بحل جماعة الإخوان المسلمين ومصادرة ممتلكاتها، كما قامت باعتقال قياداتها وأعضائها، وقد رد التنظيم الخاص للجماعة على هذا الإجراء باغتيال النقراشى رئيس الوزراء باعتباره المسئول عن إصدار قرار الحل، وكانت المفاجأة أن يستنكر حسن البنا، مرشد الجماعة، هذا الحادث فى بيانه الشهير بعنوان «ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين»، لكن لأن التنظيم الخاص كان قد تحول إلى مركز القوة الرئيسية داخل الجماعة، فقد تم فى 12 فبراير 1949 اغتيال المرشد وسط تبادل للاتهامات بين الجماعة والدولة عن المسئول عن تنفيذ ذلك الاغتيال.

■■■

وفى بداية ثورة 23 يوليو ساند الإخوان الثورة أملاً فى استيلائهم عليها فى وقت لاحق، وفى صبيحة اليوم التالى لصدور قانون حل الأحزاب فى مصر فى يناير 1953، الذى استثنى جماعة الإخوان باعتبارها «جماعة دينية دعوية لا تعمل فى السياسة»، ذهب لمجلس قيادة الثورة وفد من الإخوان المسلمين مطالبين بعرض جميع القوانين والقرارات التى سيتخذها مجلس قيادة الثورة قبل صدورها على مكتب الإرشاد لمراجعتها من ناحية مدى تطابقها مع شرع الله والموافقة عليها، إلا أن «ناصر» رفض ذلك مؤكداً لـ«الهضيبى»، المرشد العام آنذاك، أن «الثورة لا تقبل وصاية».

واستمر الصدام بين «عبدالناصر» والإخوان نتيجة لمطالبتهم بعودة الجيش للثكنات، إلى أن نفذ أحد المنتمين للجماعة محاولة اغتيال «عبدالناصر» بميدان المنشية بالإسكندرية فى 26 أكتوبر 1954، فأصدر مجلس قيادة الثورة قراراً جديداً بحل الجماعة فى 14/1/1954 ومصادرة أموالها وممتلكاتها، وبالتالى أدرجها ضمن التنظيمات التى تمارس العمل السياسى أسوة بالأحزاب، وجاء دستور 1956 ليحصن قرارات مجلس قيادة الثورة ويحظر الطعن عليها أمام القضاء.

■■■

وفى عام 1977 تقدم مرشد الإخوان آنذاك عمر التلمسانى بطعن على قرار مجلس قيادة الثورة، مطالباً باعتباره كأن لم يكن، إلا أن محكمة القضاء الإدارى الدائرة الثانية قد حكمت فى عام 1992 بعدم قبول الدعوى لعدم وجود أى كيان قانونى للجماعة، ورغم وفاة «التلمسانى» أثناء نظر الدعوة، ما يعنى انقطاع سير الخصومة، فإن المرشد الجديد حامد أبوالنصر حاول استكمالها، لكن محكمة القضاء الإدارى أصدرت عام 1994 حكمها برفض الطعن وتأييد قرار حل الجماعة ومصادرة أموالها وممتلكاتها، وتوفى «أبوالنصر» عام 1996 بعد أن تقدم بطعن آخر أمام المحكمة الإدارية العليا فاستكملها الدكتور توفيق الشاوى، أحد قيادات الجماعة، الذى توفى عام 2009 قبل الفصل فيها.

■■■

وفى 20 مارس 2013 وبعد سلسلة من التأجيلات، صدر تقرير هيئة مفوضى الدولة، وأوصى بتأييد قرار حل الجماعة باعتبارها كيانا غير قانونى، وتم تسليمه لـ«الإدارية العليا» تمهيداً لتحديد جلسة لاستئناف نظر الطعن، الذى تحدد له يوم 20 أغسطس الجارى.

والغريب أنه فى نفس يوم صدور تقرير هيئة المفوضين، أعلنت وزيرة الشئون الاجتماعية أن الوزارة قد وافقت على طلب إشهار «جمعية الإخوان المسلمين» تحت رقم 644 لسنة 2013، وهو الطلب الذى تقدمت به الجماعة قبل 24 ساعة!! وتولى فحصه مستشار الوزارة القانونى محمد الدمرداش، نائب رئيس مجلس الدولة!! والأغرب أن الوزيرة كانت قد أكدت يوم 18 فبراير أن الجماعة تعترض على قانون الجمعيات رقم 84 وأنها لن توفق أوضاعها إلا بعد صدور قانون الجمعيات الجديد، وهو ما أكدته الجماعة أيضاًً.

■■■

لم تنتهِ مبررات الاندهاش بعدُ؛ ففى يوم 4/7/2013، وهو اليوم التالى لعزل «مرسى»، خاطبت نفس الوزيرة النيابة للاستفسار منها عمّا إذا كانت الجماعة قد قامت بتخزين أسلحة داخل مقرها، واستعانت بميليشيات مسلحة خلال أحداث المقطم يوم 30/6/2013 من عدمه حتى يتم اتخاذ الإجراءات القانونية لحلها، وذلك استناداً إلى أن تعطيل الدستور يعيد سلطة حل الجمعيات الأهلية المخالفة وفقا لقانون الجمعيات 84 إلى وزارة التأمينات!! ثم غادرت الوزيرة الوزارة قبل أن تورطنا فى قرار أرعن.

■■■

تلك هى القصة الطويلة السخيفة لتطور الوضع القانونى لـ«الإخوان»، هو وضع أقرب ما يكون للتنظيم «ذى السبع أرواح»، وتنظيم على هذا النحو من الحكمة ألا يتم حله بقرار سيادى، ولا بقرار من الجهة الإدارية؛ لأنه سيظل موضع نزاع قضائى جديد يستمر سنوات إضافية ليطيل على الشعب المعاناة التى يكتوى بعينات من نارها حاليا ويتوق للتخلص منها للأبد لتهدأ حياته من جديد.

لقد سبق أن حددت المحكمة الإدارية العليا يوم 20 أغسطس الجارى موعداً لاستئناف نظر القضية، بعد أن تلقت تقرير هيئة المفوضين بشأنها فى 20 مارس الماضى، وقد تضمن التقرير ثلاث توصيات:

التوصية الأولى: انقطاع سير الخصومة بسبب وفاة مقيمى الطعن، «أبوالنصر» الذى توفى فى 1996 و«الشاوى» الذى توفى فى 2009.

التوصية الثانية: تأييد حكم أول درجة بعدم قبول الدعوى لانتفاء الصفة، باعتبار أن مقيمَى الدعوى ليسا ممثلين قانونيين لكيان قانونى قائم؛ فالإخوان المسلمون ليسوا كياناً قانونياً، بكل المسميات التى أطلقت عليهم خلال نظر الدعوى مثل الجماعة والجمعية والهيئة؛ لأنهم لم يقننوا أوضاعهم، وأن أنواع الأشخاص المعنوية مثل الجمعيات والهيئات محددة على سبيل الحصر فى القانون المدنى، وأن كيان الإخوان لا يندرج تحت أى منها.

التوصية الأخيرة: عدم جواز نظر الطعن على سند من أن دستور 1956 قد نص على تحصين قرارات مجلس قيادة الثورة، ولا يجوز الطعن على أى من قراراته أمام القضاء.

■■■

التوصيات الثلاث تنتهى بحل «الإخوان» فى حكم نهائى وبات، أما ما يتعلق بالقرار الإدارى للوزيرة نجوى خليل فقد تقدم عليه قرابة 15 طعناً حتى الآن؛ نظراً لما شابه من تسرع ومجاملة؛ حيث إن إشهار الجمعية لم يستغرق 24 ساعة، ما لم يسمح بالنظر فى أمور كانت لا بد أن تنتهى برفض إشهار الجمعية (رأسمال الجماعة – مصادر تمويلها – أوجه الإنفاق – علاقتها بالحزب الحاكم آنذاك وممارستها للسياسة – طبيعتها الدولية وفروعها بالخارج…).

فإذا أضيف إلى تلك الدفوع ملخص وقائع الأيام السوداء منذ أن بدأ اعتصاما «رابعة» و«النهضة» حتى الآن وأهمها:

■ اعترافات قادة الجماعة بمسئوليتهم عن أعمال العنف والقتل الجارية حالياً فى سيناء.

■ توثيق منظمة العفو الدولية لجرائمهم؛ حيث أكدت تعرض 11 جثة للتعذيب والتمثيل على أيدى معتصمى «رابعة» و«النهضة».

■ تأكيد «اليونيسيف» استغلال الإخوان للأطفال والنساء واستخدامهم كدروع بشرية.

■ تأكيد موقع «سى آى إيه نيوز» الإخبارى الأمريكى الذى يعتمد فى مصادره على وكالة المخابرات المركزية الأمريكية استخدام الإخوان الأسلحة الثقيلة ضد الجيش والشرطة فى المظاهرات التى لا تتسم بأى سلمية، وأن الأسلحة تتنوع بتلك المظاهرات ما بين أسلحة نارية وشبه آلية وقنابل يدوية توجه على وجه الخصوص ضد الشرطة.

■ البيان الصادر يوم 16/8/2013 عن المفوضية السامية لحقوق الإنسان فى جنيف، الذى أقر بارتكاب متظاهرى الإخوان جرائم تستوجب تقديم من قام بها للعدالة، كما أعرب عن تفهم الاعتبارات التى أدت إلى قيام الحكومة المصرية باستخدام حقها فى إعلان حالة الطوارئ.

■■■

لقد تيقن الشعب المصرى أن «الإخوان» ورم خبيث ظهر واستفحل عبر أكثر من 80 عاماً؛ وبالتالى فإن عملية استئصاله ينبغى أن تتم دون تسرع أو كرد انفعالى على تصرفات الجماعة.. فليتولَّ الأمن تثبيت الجماعة إلى أن يتولى القضاء قريباً جداً إصدار حكمه المنتظر بالحل النهائى والبات غير القابل للطعن أو المنازعة

 

 
تعليق واحد

Posted by في 2013/08/19 بوصة غير مصنف

 

حرائق الإخوان..وإعادة مراجعة للتاريخ المصرى

Image

في 18 أكتوبر 1951، وقف “مصطفى النحاس” ليعلن إلغاء معاهدة 1936 وملحقاتها، وسط تأييد نواب الحكومة والمعارضة والشعب ، المعاهدة كانت قد حددت انسحاب القوات البريطانية من أراضي مصر كلها، وتمركزها في منطقة قناة السويس وحدها.

وقد أدى إلغاء المعاهدة إلى إلغاء الامتيازات والإعفاءات التي كانت تتمتع بها القوات البريطانية الموجودة في مصر، مثل: إلغاء جميع الإعفاءات المالية التي تشمل الرسوم الجمركية على المهمات العسكرية والأسلحة والعتاد والمؤن، وكذلك الرسوم المستحقة على السفن التي تمر بالمياه المصرية لخدمة القوات البريطانية.

وفي 21 أكتوبر 1951، اتخذ مجلس الوزراء مجموعة من القرارات التفيذية التى تعبر عن جدية الحكومة في إلغاء المعاهدة، اولها اتخاذ جميع السبل المؤدية إلى عدم تعاون العمال المصريين مع القوات البريطانية، وصرف أجورهم ، وتوفير الأعمال البديلة لهم ، كما قررت مقاومة القوات البريطانية إذا مااجتازت منطقة القناة، مهما كانت النتائج، والدفاع عن القاهرة حتى النهاية .

وكانت الخسائر البريطانية نتيجة العمليات الفدائية فادحة، خاصة في الفترة الأولى، وكذلك فقد انسحب قرابة 92 الف عامل من معسكرات الإنجليز مما أدى إلى وضع القوات البريطانية في منطقة القناة في حرج شديد ، كما توقف المتعهدون عن توريد الخضراوات واللحوم والمستلزمات الأخرى الضرورية لإعاشة 80 ألف جندي وضابط بريطاني.

وقد سعت بريطانيا إلى مؤامرة جديدة لبث الفرقة بين صفوف المصريين، فقام عدد من عملائها بإشعال النار في كنيسة بمدينة “السويس” أثناء غارة بريطانية على المدينة في 4 يناير 1952، وقد حاولت بريطانيا إلصاق التهمة بالفدائيين لزرع الفتنة الطائفية بين المصريين، واستعداء الرأي العام العالمي على الحكومة الوفدية والفدائيين، ولكن مالبثت التحقيقات أن كشفت عن مسؤولية جماعة “إخوان الحرية” التي تمولها المخابرات البريطانية عن الحادث ، وهذه الجماعة كانت على علاقة وتنسيق مباشر مع الإخوان المسلمين من خلال المدعو محمد درار سكرتير مكتب الإرشاد الإقليمى للجماعة.

في 16 يناير 1950 أعلنت حكومة الوفد على لسان “مصطفى النحاس” رئيس الوزراء آنذاك أن معاهدة 1936 “قد فقدت صلاحيتها كأساس للعلاقات المصرية البريطانية، وأنه لامناص من تقرير إلغائها” ، وفي صباح يوم الجمعة 25 يناير 1952 استدعى القائد البريطاني بمنطقة القناة “البريجادير أكسهام” ضابط الاتصال المصري، وسلمه إنذارًا بأن تسلم قوات البوليس المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وتجلو عن دار المحافظة والثكنات، وترحل عن منطقة القناة كلها ، إلا ان المحافظة رفضت الإنذار البريطاني وأبلغته إلى وزير الداخلية “فؤاد سراج الدين” الذي أقر موقفها، وطلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام.

وفى اليوم التالى 26 يناير 1952 اندلع حريق القاهرة الذى التهم أكثر من 700 منشأة في مدينة القاهرة خلال ساعات قلائل مابين محل وسينما وكازينو وفندق ومكتب ونادٍ في شوارع وميادين وسط المدينة.

وقد أسفرت حوادث ذلك اليوم الأسود وفقاً لما سجله الرئيس السابق محمد نجيب في مذكراته ان القتلي 46 مصري و 9 اجانب ، وبلغ عدد المصابين بالحروق والكسور 552 شخصًا ، كما أدت إلى تشريد عدة آلاف من العاملين في المنشآت التي احترقت، وقد أجمعت المصادر الرسمية وشهود العيان على أن الحادث كان مدبرًا وأن المجموعات التي قامت بتنفيذه كانت على مستوى عالٍ من التدريب والمهارة ، كان الحريق من مقدمات إسقاط الملكية ، وقيام الثورة المصرية التى حاول الإخوان سرقتها لولا تصدى عبدالناصر لهم.

***

      خلال جمعة الغضب 28 يناير 2011 وبعد صلاة الجمعة بدأت عملية حرق للأقسام على امتداد الجمهورية أسفرت فى نهاية اليوم عن إقتحام  99 قسم وإحراق محتوياتها والإستيلاء على أسلحتها ، وفى اليوم التالى مباشرة 29 يناير تم إقتحام 11 سجن يمثلون اكثر من ربع سجون مصر (سجون أبو زعبل (4 سجون) ووادى النطرون (4سجون) والمرج والفيوم وقنا) ، وتهريب أكثر من 23 الف سجين.

وخلال يومى 2 و3 فبراير 2011 انتشر القناصة على اسطح المبانى فى ميدان التحرير يقتلون الثوار ويلقون بكرات اللهب عليهم.

     والغريب ان جهوداً إعلامية ضخمة قام بها الإخوان ليروجوا مرة ان الشرطة هى من فتحت السجون ، وان الجيش وأجهزة الأمن هم من شاركوها فى قتل الثوار ، ورغم ان الشرطة كانت ضحية لمخطط إرهابى شامل ، وان الجيش قد حمى الدولة ومنع انهيارها ، فقد تم تقديم العديد من قيادات الشرطة للمحاكمة ، وكان الإستنكار هو رد الفعل الرسمى للرئاسة وللإخوان على الأحكام القضائية بتبرئتهم.

***

     فى 14 أغسطس 2013 ، تم تنفيذ مخطط مماثل ولكن على نطاق الجمهورية ككل حيث تم:

*  إحراق 25 كنيسة ومكتبة ومدرسة وجمعية مسيحية بالقاهرة والمنيا وسوهاج والفيوم والعريش والسويس وبنى سويف ، بخلاف إحراق العشرات من محلات وبيوت المسيحيين.

*  اقتحام 21 قسم شرطة باستخدام الأسلحة الثقيلة وصواريخ آر.بى جى ، واقتحامها واستشهاد 43 من الضباط والأمناء وأفراد الشرطة تم التمثيل بجثثهم بطريقة لاإنسانية.

*  إستشهاد 4 ضباط بالقوات المسلحة بالإضافة إلي 6 جنود منهم جندي تم ذبحة والتمثيل بجثتة ، بالإضافة الى تعرض  15 ضابط للإصابة  4 بطلق ناري و6 حالات خرطوش ، و 24 جندي وضابط صف منهم 7 بطلق ناري و 9 حالات خرطوش.
*  سرقة 11 سيارة لنقل الأموال.

*  إقتحام دوواوين المحافظات ومديريات الأمن ومقرات المحاكم وإحراق مابها من وثائق ومستندات.

*  محاولات اقتحام سجنى ابوزعبل وطرة الا ان الأمن قد تصدى لهم وحال دون ذلك.

*  اما ماحدث يوم 15 أغسطس والذى لم يتم حصره حتى الآن فقد كان عنواناً للحقيقة القاطعة بأبعاد تعاون عناصر الإرهاب الدولى (باكستانيين-افغان-سوريين…) مع الإخوان لإسقاط الدولة الدولة المصرية ، الى حد توزيع عناصر تنتمى للقاعدة الأسلحة على المتظاهرين بميدان رمسيس ، الا ان صمود قوات الشرطة (التى فقدت فى هذا اليوم وحده  65 شهيد 34 ضابط و 31 مجند) وبتعاون القوات المسلحة قد حال دون تحقيق هدفهم الخاص بانهيار هاتين المؤسستين.

***

     سيناريو يتكرر بنفس الطريقة ثلاثة مرات على مدى ستون عاماً ، كان الغموض والشك يطغى على الحدثين الأولين ، لكن الإخوان أعلنوا مسئوليتهم عن الحدث الثالث حتى قبل ان ينفذوه.

     هدف الإخوان اصبح واضحاً لايقبل الشك:

*  عندما يتم تعطيل دواوين المحافظات عن أداء مهامها تسقط سلطة الدولة وتئول الإدارة للإخوان باعتبارهم الفصيل الأكثر تنظيماً على الأرض.

*  وعندما ينتهى دور مؤسسة القضاء يبدأ دور القضاء العرفى على ايدى مشايخ الإخوان والسلفيين.

*  وعندما تسقط الشرطة تصبح ميليشيات الجماعة المسلحة هى البديل.

*  أما حرق دور العبادة المسيحية فهى رسالة للولايات المتحدة والغرب بأن تأخرهم فى الإستجابة لدعوة الإخوان له بالتدخل لإعادة مرسى للحكم هى السبب ، وانهم يمنحونه مبررات إضافية للتدخل أهمها الدفاع عن المسيحيين ضد الإضطهاد.

***

      كلمة اخيرة..موقف الإعلام الأمريكى ، والعديد من اعضاء الكونجرس المؤيد للإخوان والمضاد لمصر هو نتاج لحملة علاقات عامة مولها الإخوان ونفذتها شركات امريكية متخصصة .. وعندما اطلع على الصور والفيديوهات التى تسجل جرائم الإخوان ضد الكنائس ومساكن المسيحيين ومراكز الشرطة ودواوين المحافظات والمحاكم وبعض مبانى الوزارات والهيئات العامة ، كذلك تسجيلات عمليات التعذيب التى مارسوها ضد المواطنين ، وجرائم القتل وإحراق الجثث ، وتصريحات قياداتهم عن المخططات الإرهابية ضد الدولة وتوجيه انصارهم الصريح لممارسة اقصى درجات العنف ضد الدولة ..كل هذا يعتبر مادة خام لو قدمتها الدولة لأى شركة علاقات عامة فى الولايات المتحدة لتغير تماما موقف الرأى العام الأمريكى وأعضاء الكونجرس ، ولسقط الرئيس الأمريكى باعتباره مؤيداً للإرهابيين وداعياً الى العنف ..هل المسئولين المعنيين فى غيبة عن هذا ؟! أم هو تقصير ..برىء او متعمد ؟! أم التزام لموقف الصمت من باب إمساك العصاة من الوسط فى انتظار ماستسفر عنه التطورات من نتائج؟!

      أمن مصر ياسادة على المحك .. ومستقبلها يتعرض لتهديد جدى .. والمواجهة تحتاج لقيادة قادرة على اتخاذ القرارات الصعبة ، وخوض المواجهات بحسم وحزم .. للحفاظ على الوطن .. مهما كان الثمن غالياً ، فمن يتعرض لمصر وأمنها ، لايستحق العيش على ارضها.

 
2 تعليقان

Posted by في 2013/08/17 بوصة غير مصنف

 

قياس كفاءة إدارة الأزمة..بين الدولة والإخوان

Image

      ألح على مشروع هذا المقال بعد ان مر اسبوعين على إعتصامى رابعة والنهضة ، وذلك فى محاولة لقياس كفاءة الدولة فى إدارة الأزمات الناتجة عن إعتصامات ومظاهرات الإخوان فى بعض ميادين وشوارع مصر ، والتى كنت – ومازلت على قناعة بأنها آلية ستستمر لفترات ليست بالقصيرة ، وكلما بدات فى كتابة المقال بتطبيق مسار الاحداث على أهم القواعد العلمية لإدارة الأزمات ، والعوامل التى تكفل نجاحها ، وجدت غياباً شبه كامل لدور الدولة ، مقابل ديناميكية واضحة من جانب الإخوان ، فأقرر إرجاء الموضوع أملاً فى المزيد من تبلور المواقف الى ان تم فض الإعتصامين بعد مرور 47 يوماً على بدايتهما ، ولأنى للأسف لست ممن يجيدون المديح ، فلن اتعرض على أى نحو لعملية فض الإعتصام ذاتها والتى تم تنفيذها بدرجة عالية من الكفاءة يوم 14 أغسطس الجارى ، ولكننى سأقتصر على تقييم عملية إدارة الأزمة منذ ان بدأت الى ماقبل تنفيذ عملية الفض ، وذلك من خلال القياس على القواعد الذهبية العشرة الواجب مراعاتها فى أى عملية لإدارة أزمة..وسأتناول الموضوع بكل التجرد والموضوعية اياً كانت النتائج ..

القاعدة الأولى: ضرورة توخى الهدف

     اول القواعد التى تكفل كفاءة إدارة الأزمة هى ان يتم توخى الهدف المحدد من وراء إدارتها.. ففى الوقت الذى استهدفت فيه الدولة فض إعتصامات الإخوان وتنظيم تظاهراتهم ، فقد استهدف الإخوان منع الدولة من القيام بهذا الإجراء .. الأهداف البديلة والإضافية للدولة فى حالة عدم القدرة على تحقيق الهدف الرئيسى تمثلت فى ان يتم الفض السلمى للإعتصامات من خلال تسوية سياسية وحلول وسط ، الا انه لم يتحقق توافق حكومى او وطنى حول ذلك الهدف مما كان يعنى منذ البداية ان اللجوء اليه يعقد الأزمة اكثر مما يساعد على حلها ولذلك فقد تم استبعاده.

اما الأهداف البديلة والإضافية للإخوان فكانت :

1-  ان يتم تدويل الصراع بما يشكل عنصر ضغط يقيد إجراءات الدولة فى مواجهتهم ، ويدخل اطراف أخرى ذات مصالح فى عملية التسوية.

2-  فى حالة إصرار الدولة على فض الإعتصامات بالقوة ينبغى العمل على زيادة اعداد الضحايا من المعتصمين وفى اوساط المدنيين بالمنطقة لتحميل الدولة مسئوليتها.

3-  أهمية تشتيت جهود قوات الشرطة والجيش الداعم لها بفتح ميادين إضافية كلما اتجهت الدولة نحو الحسم (الألف مسكن – مصطفى محمود …).

4-  ضرورة الإبقاء على حالة التوتر ، وتصعيد إيقاع الأزمة لأطول فترة ممكنة لتفريغ 30 يونية مما حققه من إنجاز ، وتقليص القوى الشعبية الداعمة له.

5-  ينبغى إحداث حالة شلل داخل الدولة (الطرق – الخدمات – المرافق …) على النحو الذى يؤكد ان النظام عاجز عن إدارة الدولة ، وانه مضطر للتجاوب مع شروط الإخوان.

        اذن فيما يتعلق بالقاعدة الذهبية الأولى لإدارة الأزمات نلمح الدولة منذ البداية ولمدة 47 يوماً وقد وقفت مترددة عاجزة عن الحسم ، منقسمة على نفسها ، فى مواجهة وضوح رؤية كامل من جانب الإخوان ، واتفاق على مختلف الاهداف الرئيسية والثانوية ، ومن الغريب ان تقوم الدولة بنفسها بتحقيق هدف الإخوان فى تدويل القضية على النحو الذى جعل من مصر مزاراً لكل الوسطاء المنحازين للإخوان ، بحيث اصبحت القضية على كل منضدة تفاوض بين اى طرفين حتى وان كانوا غير معنيين بالأزمة..هل تم ذلك نتيجة لحسابات خاطئة؟! ..ام انه قصور فى الرؤية؟! اتمنى الا يكون السبب أمراً ثالثاً غير ذلك ، خاصة وان توقيت استقالة نائب الرئيس قد أفاح من الروائح الكريهه ماوصل الى أنوف القاصى والدانى ، كما وان تاريخ تعاون وزير الداخلية مع الإخوان لازال يثير من الشكوك أكثر مما اثاره نجاحه فى فض الإعتصام من ارتياح !!

القاعدة الثانية: الإحتفاظ بحرية الحركة والقدرة على المبادرة

هذه القاعدة توفر القدرة على معالجة الأزمة بسرعة ، وذلك من خلال عاملين :

الأول:  القدرة على الرصد ومتابعة كافة التطورات المؤثرة فى الأزمة.

الثانى:  القدرة على إختيار موعد وميدان المواجهة.

      سوء إدارة الدولة للأزمة منح الإخوان – طواعية ، ومنذ البداية – كامل الحرية فى الحركة ، فالدولة لم تضع نقاط سيطرة على مداخل ومخارج مناطق الإعتصام مما سمح بتدفق التمويل اللازم لإستمراره ، والذى يزيد عن 10 مليون جنيه يومياً ، بافتراض عدد المعتصمين 30 الف فى كافة الميادين (تشمل بدل نقدى للبعض – غذاء – اسطول نقل – علاج حالات طوارىء …الخ) اما إجمالى انفاق الإخوان على العملية السياسية والعسكرية التى تديرها فيقدره خبراء سوق المال بما يساوى 35 مليون جنيه يومياً ، لأن الإخوان يبيعون بالأسواق كل يوم قرابة 5 مليون دولار ، وقد وترتب على ذلك عدد من النتائج بالغة الخطورة هى:

1-  حرية الإخوان فى الخروج فى مظاهرات لمحاصرة أهداف حيوية ، وقطع الطرق ، ثم العودة الى قواعدهم من جديد.

2-  ضمان حرية التحرك للقيادات الإخوانية الصادر بحقها قرارات ضبط وإحضار تحت ذمة قضايا جنائية ، وكذلك عناصر حماس التى تشارك فى تأمين الإعتصامات.

3-  تهريب كل انواع الأسلحة والذخائر والزجاجات والمواد اللازمة لتصنيع كميات ضخمة من قنابل المولوتوف ، ناهيك عن صواريخ مضادة للدروع والطائرات وصواريخ “جراد”.

4-  دخول مواد البناء (طوب – اسمنت – زلط – حديد تسليح..) لبناء متاريس بالمداخل لضمان كامل السيطرة عليها والحيلولة دون إختراق الإعتصام ، ناهيك عن بناء الحمامات وحفر ترانشات الصرف ، فضلاً عن دخول كميات مصنعة من الأخشاب التى سمحت بتنفيذ أسلحة بدائية كالمجانيق ذات الضرر البالغ عند اى احتكاك.

4-  توفير الأطعمة والمشروبات وكافة المستلزمات الخاصة بالإعاشة لضمان استمرار الإعتصام.

5- تشوين كميات ضخمة من الزلط وكسر الرخام لإستخدامها فى الإشتباكات “السلمية” مع الشرطة.

       هذه الحرية سمحت للإخوان بالإحلال والتجديد الدورى لقطاع واسع من المعتصمين كانوا يستشعرون الملل ، كما تم توفير قدر عال من الإشباع والراحة للمعتصمين بما كفل إستمرار الإعتصام وتوسعه نتيجة لإنضمام أعداد إضافية تسعى للإستفادة من المزايا المادية والعينية والخدمات المقدمة ، وسمحت ايضاً بتردد قيادات الإخوان – المطلوبين جنائياً – على المنصة بما ساهم فى رفع معنويات المعتصمين واكتسابهم للثقة ، وذلك مقابل إشاعة حالة من عدم الإرتياح واليأس لدى الغالبية العظمى من المواطنين الذين يفترض انهم يمثلون الظهير المؤيد والداعم للدولة.

        إمتلاك الإخوان لحرية الحركة نتيجة لسلبية الدولة قد مكنتهم من ان  يستحوذوا على عنصر المبادرة ، على النحو الذى فرض على الدولة الإكتفاء بمجرد رد الفعل العكسى لما يتم من تحركات.

القاعدة الثالثة: القدرة على المباغتة

      يعتبر عامل المباغتة أهم عوامل النجاح فى إدارة الأزمة لما يحققه من سيطرة شبه كاملة عليها نتيجة لصدمة الجانب الآخر ومفاجأته .

      الإخوان بمجرد تثبيت وضعهم فى ميدانى رابعة والنهضة امتلكوا عنصر المباغتة من خلال أسطول ضخم من الإتوبيسات والميكروباسات والسيارات الملاكى والدراجات البخارية ، التى تمكنوا عن طريقها من نقل اعداد ضخمة لمحاصرة او مهاجمة أهداف متعددة فى آن واحد ، فى الوقت الذى تقوم فيه أعداد اخرى بإغلاق الطرق المؤدية لهذه الأهداف لمنع وصول تعزيزات امنية اليها . وقد استهدف التحريك السريع والمفاجىء لتلك المجموعات الضخمة فى اتجاهات متعددة وبصورة يومية إرهاق قوات الأمن وحرمانها من فرصة الراحة مما أثر على ادائها ، وحول دورها الى مجرد محاولة للهاث وراء مبادرات إخوانية مباغتة.

القاعدة الرابعة: إمتلاك القدرة على الحشد

      وهى تعنى جمع القوة الكافية المناط بها معالجة الأزمة فى الزمان والمكان المناسبين .. الحشد من وجهة نظر الدولة لايعنى مجرد إمكانية توفير القوات القادرة على فض الإعتصامات ووقف المظاهرات وقطع الطرق ، وانما يعنى حشد أصحاب المصلحة فى عودة الدولة المدنية ، واستقطاب المحايدين من باب الحرص على مصالحهم فى مواجهة تأثيرات إمتداد الأزمة الراهنة ، وعامل الحشد بالنسبة للدولة تمتد أدواته لتشمل مختلف وسائل الإعلام وخطباء المنابر المعتدلين..لكن الدولة لم تمارس هذا الدور فعلياً ، وربما لاتدرى كيف تمارسه !! وإلا لما خرج متحدث رسمى ذات مساء لينفى “كل ماتردد عن ان الداخلية قد سيطرت على مداخل الطرق المؤدية لإعتصام رابعة العدوية” وكأنها جريمة تبرىء الداخلية نفسها من إرتكابها!!

       أما من جانب الإخوان فقد امتلكو قدرة عالية على الحشد خاصة فى اوساط – وإن كانت غير مسيسة – إلا انها تتجاوب مع أهدافها ، فلقد جمعوا المتسولين وأصحاب الحاجة من القاهرة الكبرى والعديد من المحافظات ، كذلك عمال التراحيل واليومية الذين فقدوا مصادر دخلهم نتيجة للظروف الراهنة بالبلاد ، هذا بخلاف الفقراء من أعضاء الجماعة والسلفيين واسرهم .

      ويعتبر إعتماد الإخوان على وسائل الإعلام فى الحشد من ناحية وفى الحرب النفسية ضد عموم الشعب المصرى المعارض لهم “بالغ النجاح” ..فقد حشدت قنوات الجزيرة وعشرات من القنوات الأخرى التى تكاد تقتصر مهمتها على البث المباشر للحياة فى رابعة ومن على منصتها التحريضية على مدى الساعة .. والغريب ان جميع هذه القنوات يبث من النايل سات ، وان نسبة عالية منها ليس لديه تصاريح بث خارجى ، بل ان بعضها يبث من سيارات البث المسروقة من التليفزيون المصرى.. والدولة وقفت من كل ذلك عاجزة متفرجة!!.        

القاعدة الخامسة: القدرة على السيطرة على الأحداث 

      كلما استمرت الأزمة وطال امدها زمنياً كلما كانت قادرة على إستقطاب روافد جديدة لقوتها ، ومؤيدين وانصار ومهتمين جدد ، ولعل ذلك يفسر ماأطلق عليه ظاهرة إستيقاظ العناصر والخلايا الإخوانية النائمة ، التى لولا صمود الإخوان فى مواقعهم وتمسكهم بشروطهم المستحيلة ، فى مواجهة حالة الشلل والعجز التى أبدتها الدولة ، لما تجرأت على إعلان مواقفها المؤيدة للإخوان ، هذا فضلاً عن إعلان كافة روافد الإخوان (الجماعة الإسلامية – حزب الوسط – مصر القوية – فصائل من الجهاديين …) عن توحدها مع الموقف الإخوانى لأول مرة منذ السبعينات عندما اقدم الإخوان على توزيع الأدوار بين خلايا وجماعات التنظيم حفاظاً على استمراره فى مواجهة ملاحقات السلطة.. هذا الحشد التنظيمى الذى قام به الإخوان إستهدف مواجهة فكرة حظر نشاط الجماعة ، وحسم المواجهة لصالحهم ، فى غياب كامل لدور الدولة التى فشلت فى إحتواء الموقف .. عجزت عن إمتصاصه ..لم تقدر على استيعابه..لم تمتلك قوة التحكم والسيطرة والتوجيه للأزمة وتطوراتها ، ولا لأى من القوى الفاعلة فيها.

القاعدة السادسة: الاقتصاد في استخدام القوة

       هذه القاعدة تعتبر تحذير اكثر منها توصية لأن استخدام كامل القوة ضد  صناع الأزمة يتعين أن يخضع لحسابات دقيقة، لا فقط لإعتبارات إقتصادية ، بل ايضاً – وهو الأهم – لتجنب الخسائر البشرية ، وردود الفعل الداخلية والخارجية بشأنها ، ولأن الإخوان يراهنون على كثرة الخسائر ويجيدون استغلالها ، فإن هذا التحذير كان ينبغى مراعاته بدقة ، وبالتالى الحرص على تجنب الوقوع فى مؤامرات او عمليات خداع او مفاجآت ، خاصة وان دفع اعداد ضخمة من الأطفال والنساء لمناطق الإعتصام ، مع سد منافذ تلك المناطق بمتاريس ، بقدر ماكان يعيق اقتحامها فإنه كان يعيق أيضاً عملية الهروب منها ، وهو ماكان يمكن ان يؤدى الى ارتفاع ضخم فى الخسائر البشرية على نحو يستغله الإخوان فى حشد المزيد من التعاطف والتاييد ، وتعريض الدولة لمزيد من الحرج والضغوط الدولية ، ذلك التحدى عبرته الدولة من خلال خطة الفض الإحترافية المتزنة التى أحرص على عدم التعرض لها حرصاُ على تحقيق الهدف من المقال.

القاعدة السابعة: تامين الأرواح والممتلكات

      القاعدة السابعة تضع قيداً على الدولة وعلى الإخوان كان ينبغى مراعاته إبان تعاملهما مع الأزمة ، بعد ان اثبت الطرفان فشلاً ذريعاً بشأنه ، فقوات مكافحة الشغب “لأمن المركزى” معروف انها تفتقد للخبرة ، وتتعامل بعشوائية ، حتى اصبح مألوفاً منذ بداية القورة ان نراها تشتبك فى معارك تبادل الرمى بالطوب والحجارة مع المتظاهرين ، فى الوقت الذى يندرج بين صفوفها عناصر مدنية – لاتفسير لتواجدها او لإنتمائها .

       أما الإخوان فيتجاوزون بسرعة مرحلة إلقاء الطوب وكسر الرخام – المعد خصيصاً لهذا الغرض وبكميات ضخمة – والأسلحة البيضاء ، الى استخدام شتى انواع الأسلحة النارية (خرطوش – مسدسات – بنادق آلية…) وفى هذه الحالة يبدأ المدنيين داخل صفوف الشرطة فى مبادلتهم ، لكن الغريب والمؤسف ان ترى عناصر فى الصفوف الخلفية من تجمعات الإخوان يطلقون النار على زملائهم فى الصفوف الأمامية – بجهل او عن عمد – فترتفع الخسائر فى الأرواح وكذا الإصابات الجسيمة الى حد يحول كل احتكاك الى مجزرة جديدة ، يحملون الدولة مسئوليتها ، ويولولون باعتبارهم ضحاياها كسباً للتعاطف .. ارتعاش الدولة هنا ، وعشوائية تعاملها ينسيها ان احد الإلتزامات الملقاة على عاتقها هو المحافظة على سلمية المظاهرات والإعتصامات حتى لو ادى الأمر الى تخصيص قناصة مهمتهم الوحيدة التمركز فى مواقع تسمح لهم برصد العناصر المسلحة ، والتعامل الفورى معهم لإخراجهم من المشهد..ولو فعلنا ذلك لوفرنا نزيف الدماء التى تسيل عند كل مواجهة وكان آخرها الحرس الجمهورى والمنصة.

القاعدة الثامنة: التنسيق والتعاون مع الجهات المعنية  

       هذه القاعدة تعتبر اول ابجديات إدارة الأزمة ، فقد كان ينبغى على الدولة منذ البداية التنسيق والتعاون مع محافظة القاهرة وحى مدينة نصر وكهرباء شرق القاهرة ومرفق المياه والصرف الصحى …الخ على النحو الذى لاتترك فيه الخدمات والتسهيلات تنساب بشكل منتظم وكفء بما يعطى للمعتصمين فرصة للإستقرار والشعور بالراحة ، كما ان هذا التنسيق كان ينبغى ان يستهدف عدم تيسير عملية البث الفضائى ونقل الفعاليات للرأى العام المحلى والدولى ساعة بساعة على نحو ماتم ، كذلك كان منوطاً بهذا التنسيق الحد من عملية التواصل المستمر بين المنصة والمعتصمين ، وتقليل قدرة ادارة الإعتصام على توفير وسائل الإعاشة والأمان.. لكن الغريب ان الدولة وهى تواجه ازمة كهذه تركت محافظ القاهرة ورئيس حى مدينة نصر الإخوانيين فى مواقعهما ، مسخرين كل إمكانات المحافظة والحى وخدماتهما على اعلى مستوى للمعتصمين .. كما تركت رئيس هيئة الإستعلامات شهر كامل وكانه لايرى ولايسمع ولايتكلم .. هل هناك معنى للفشل غير هذا؟!

القاعدة التاسعة: المواجهة السريعة والتعرّض السريع للأحداث

       عادة ما يعقب إندلاع الأزمات بعض التداعيات التى ربما فاقت فى تأثيرها الأزمة ذاتها ، وكلما مر الوقت استقرت الأزمة ، واستحدثت تداعياتها اوضاعا جديدة تربك متخذ القرار ، ولذلك فإن القدرة على المواجهة السريعة للأزمات يحول دون ذلك ، ولاتتوفر هذه القدرة دون وجود كوادر بشرية مؤهلة للتصدي السريع للأزمات ومنع اتساعها من خلال وضع خطة التدخل للفض ، لكن ذلك يفترض وجود تلك الكوادر ، واجتماعها بشكل مستمر فى غرفة عمليات تتلقى المعلومات وتضع الخطط وتنظم وتوجه وتتابع القوى القائمة به ، وتتدرج فى استخدام ادواته ، وتنسق مع كل الجهات المعنية والمؤثرة على مسار الأزمة…الخ

       مااستطيع تاكيده هنا من خلال تتبع مسار الأزمة التى نحن بصدد تناولها هو ان غرفة العمليات المشار اليها موجودة وتعمل على مدى الـ24 ساعة فى جانب الإخوان ، حتى وان تواضع مستوى إعداد كوادرها..كما استطيع ان اجزم بأن الدولة لم تنشىء غرفة عمليات أزمة تشترك فيها كافة الجهات المعنية ، والا لماكان ذلك التدنى فى مستوى التعامل ، وسوء الحسابات ، والإكتفاء فى معظم الحالات بمجرد رد الفعل. 

القاعدة العاشرة: استخدام الأساليب غير المباشرة بقدر الإمكان

       هذه هى القاعدة العاشرة والأخيرة، وهى تقوم على ان انتهاج الأساليب المباشرة فى التعامل مع الأزمات لايعنى سوى استخدام “القوة الغاشمة” ، ونتائجها عادة كارثية ، التعامل الناجح مع الأزمات ينبغى ان يتم استناداً الى اساليب الالتفاف والمناورة والخداع والتمويه لإفقاد الطرف الآخر القدرة على مواصلة صنع الأزمة وهو مايتم من خلال مجموعة من المبادىء الأساسية:

التدرج الذى يسمح بتفريغ الأزمة من بعض عناصرها ، وبالتالى منع اتساعها بل تضييق نطاقها توطئة للحل.

التلازم والتتابع فى استخدام الأدوات المتاحة لمعالجة الأزمة ، فقد تنجح رسالة يتم صياغتها بحرفية فى تفريغ إعتصام ، وقد يغنى توفير وسائل نقل جماعى لنقل المعتصمين الى بلادهم بشكل كريم عن إستخدام القوة ضدهم ، وقد تكفى مدافع المياه لحسم الموقف بما يعفينا عن اللجوء لإستخدام الغازات خاصة فى إعتصام مكتظ بالأطفال وكبار السن …الخ

 *  التناسق والاتساق بين الأدوات المستخدمة ، فعلى سبيل المثال فى حالة رصد استخدام بعض الأفراد المعتصمين للأسلحة النارية لايجوز استخدام قنابل الغاز او الدخان لأن إستخدامها يساعد على إختفاء هؤلاء المسلحين وسط كثافة الدخان ، فضلاً عن إتاحة الفرصة لهم للضرب بصورة عشوائية توقع خسائر فادحة بين الطرفين ، ناهيك عن شل قدرة القوات على الوصول اليهم.

     والحقيقة ان هذه القاعدة يتم استخدامها كعنصر تقييم لمستوى إدارة الأزمة عندما تبدأ مرحلة التعامل معها ، لآننى اتمسك بعدم تناول مرحلة الفض بالتقييم فسأكتفى بما أوضحته بشأن هذه القاعدة.

***

      تأخير مقالى هذا الى مابعد فض الإعتصامين لم يكن فقط بهدف تجنب الدخول ضمن سباق سخيف جرى بين من يطلق عليهم الخبراء الإستراتيجيون منذ بداية الأزمة حول تقديم سيناريوهات ومقترحات خاصة بآليات وادوات فض هذين إعتصامين ، بل أخرته لأن الهدف الحقيقى من المقال هو ان يكون محاولة جادة – واتصور انها ضرورية – لتقييم كفاءة الدولة ومنهجية تعاملها مع اول مرحلة من مراحل الأزمات التى تثيرها جماعة الإخوان ، كرد فعل لإنتزاعها من السلطة ..فما هو قادم أشد خطراً .. وأكثر تعقيداً ..وملامحه بدت واضحة للعيان ، وعندما تتفوق إدارة الجماعة للمرحلة الأولى من الأزمة – من حيث الكفاءة – على إدارة الدولة ، فإن الأمر يتطلب وقفة للمراجعة .. وساعة للحساب ..!! 

 
تعليق واحد

Posted by في 2013/08/16 بوصة غير مصنف

 

نظرة هادئة لحركة المحافظين

Image

       منذ إعلان حركة المحافظين مساء أمس 13 أغسطس الجارى هبت عاصفة معارضة من النقد قام بها ثوار التويتر ومجاهدى الفيس بوك ، شملت الحركة 17 محافظ من المؤسسة العسكرية ، واثنين من القضاة ، واربعة من أساتذة الجامعات. هؤلاء الثوار والمجاهدين الذين اهتموا بحركة المحافظين تجاهلوا مجموعة أخرى من الأخبار التى تناقلتها كافة المصادر فى نفس الوقت ، ولو انهم فعلوا لإختلفت مواقفهم:

1-  التحقيق مع روسيين – قدما جواً من تركيا – بتهمة الإنتماء لتنظيم القاعدة ، وكان قد تم ضبط اثنين من الشيشانيين قبلها بثلاثة أيام ، وثالث قبل اسبوعين بنفس التهمة.

2-  تسليم مصر 8 جثث لباكستانيين و3 يمنيين الى سفارات بلادهم بالقاهرة ، وذلك بعد ان لقوا مصرعهم فى العمليات العسكرية التى يشنها الإرهابيون ضد الجيش والشرطة المصرية بسيناء ، بخلاف العشرات من القتلى والمعتقلين من ضباط وعناصر حماس والمنظمات الفلسطينية المتطرفة.

3-  قوات الشرطة والجيش والمواطنون ينجحون فى منع الإخوان من إقتحام 7 وزارات ، إضافة الى مقر الإتحادية.

4-  الإخوان يحفرون بئر مياه ، وينصبون منصات لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية ، ويبنون ابراج للمراقبة وحواجز خرسانية لتأمين مناطق الإعتصام فى رابعة والنهضة.

5-  انفجارات هائلة بشحنات ناسفة وقذائف فى عدد من المقرات السيادية بشمال سيناء توقع الشهداء والجرحى من ابنائنا.

6-  محاولات للصلح ، وجهود لتهدئة حالة الإستنفار والمواجهات الطائفية التى وقعت فى عدد من المحافظات الممتدة من بورسعيد الى بنى سويف والمنيا بعد سلسلة من إحراق الكنائس وبيوت المسيحيين والإختطاف .

***

       ان أى نظرة مدققة لتلك الأخبار يشير الى ان مصر تتعرض لحرب إرهاب دولى ضارية فى سيناء لفصلها عن مصر ، فى نفس الوقت الذى تتعرض فيه المؤسسات السياسية للهدم بهدف إسقاط الدولة ، دون تجاهل عمليات الدفع فى اتجاه الحرب الأهلية الطائفية.

       فى مواجهة تحديات على هذا المستوى من الخطورة ، ماذا يفعل المسئول عن اتخاذ القرار السياسى؟! من البديهى ان يعلن حالة الطوارىء .. وان يفرض الأحكام العرفيه حتى يتمكن من مواجهة الطابور الخامس بالحسم والحزم الكفيلين بالقضاء عليه.. الا انه فى الحقيقة لم يتم اللجوء لأياً من هذه الخيارات ، وانما اكتفى بتكليف أغلبية من العسكريين كمحافظين بالمحافظات الحدودية والنائية وتلك التى تعانى انشطة جماعات متطرفة وصراعات طائفية ، وذلك فى محاولة لفرض السيطرة الأمنية على تلك المحافظات ، بحكم خبرتهم كعسكريين فى هذا المجال.. وعلى الرغم من ذلك فقد روعى فى إختيارهم إعتبارات موضوعية تجمع بين صفاتهم العسكرية ، واحتياجات التنمية بالمحافظات ، اذكر منها على سبيل المثال مايلى:

1-  ان محافظتى الأقصر والفيوم – وهما من المحافظات السياحية التى تم ضرب السياحة بهما فى مقتل نتيجة سياسات الإخوان التى وصلت الى حد تعيين محافظ ينتمى للجماعة الإسلامية المسئولة عن مذبحة الأقصر1997 ، محافظاً لها ، قد تم تعيين محافظين متخصصين لهما ..اللواء طارق سعدالدين للأقصر، وهو مهندس مؤهل خريج الفنية العسكرية ، شغل منصب رئيس هيئة التنمية السياحية منذ عام 2011 ، وقضى عامين مساعداً للملحق العسكرى بلندن ، وبالتالى فهو يجمع بين الحزم والحس الأمنى مع امتلاك الخبرة واللغات الكفيلة بتنمية المحافظة سياحياً وإعادتها لتبوء موقعها المستحق على مستوى العالم ..اما الدكتورحازم عطية الله فهو باحث متخصص فى التاريخ الفرعونى ، وأستاذ متفرغ بكلية السياحة والفنادق جامعة حلوان ، فضلاً عن شغله منصب مدير مكتب تنشيط السياحة بالنمسا لعدة سنوات ولاينتمى للمؤسسة العسكرية لأن الوضع بالفيوم لم يبلغ مابلغه فى المحافظات الأخرى من تدهور.

2-  ان محافظات خط القناة التى تمس مباشرة خط النار فى سيناء ، وتقع على الشريان الملاحى الدولى “قناة السويس” ، وتعانى من أنشطة دينية متطرفة ، وعناصر مندسة تمارس الإغتيالات والمذابح وإحراق الكنائس والخطف ، فقد أختير اللواء سماح قنديل لبورسعيد – وهو من أبنائها – وشغل منصب رئيس هيئة الإستطلاع بالمخابرات الحربية ، واللواء بهاء الدين القصاص للإسماعيلية وهو الذى كان مساعداً لرئيس اركان القوات المسلحة وأحد المشرفين على عملية (فتح “2”) لتطهير سيناء من بؤر الإرهاب ، واللواء عربى احمد يوسف السروى للسويس الذى كان قائداً للدفاع الشعبى والعسكرى ورئيس اركان المنطقة العسكرية المركزية.

3-  ان محافظتى المنيا وأسيوط معقل الجماعة الإسلامية والتطرف الدينى فى الصعيد قد تم تعيين اللواء صلاح الدين ابراهيم زيادة مساعد وزير الداخلية السابق ورئيس مجلس إدارة النادى العام لضباط الشرطة للأولى ، والتجديد للواء ابراهيم حماد محافظاً للثانية لما اكتسبه من خبره بالمحافظة منذ ابريل 2011 ، فضلاً عن خبرته السابقة بأمن الدولة وكمساعد للوزير لوسط وشمال الصعيد فضلاً عماحصل عليه من دورات فى البحث الجنائى والأمن العام   

4-  ورغم ماتواجهه محافظات القاهرة الكبرى (القاهرة – الجيزة – القليوبية) من تحديات أمنية وإعتصامات وتهديدات فقد تم تعيين محافظين مدنيين لها ، مما يعكس حالة الضرورة التى حكمت الإختيار فى عدد من المحافظات الأخرى ، بل ان مايعانيه المواطنين حاليا من اختناق نتيجة للحالة المرورية كانت وراء اختيار محافظها سواء لخبرته العلمية او من خلال توليه وزارة النقل من قبل.

5-  اما الإسكندرية التى تشهد ماهو أقرب الى حرب شوارع ناتجة عن جهود البرنس لأخونة المحافظة وتجذير نشاطهم فيها ، فقد تم تعيين اللواء طارق المهدى الذى اكتسب خبرة واضحة خلال عملة محافظاً للوادى الجديد والبحر الأحمر ، فضلاً عن دراساته العلمية فى مجال إدارة الأزمات.

***

      الأوضاع الداخلية فى بلادنا بالغة الصعوبة .. ومانواجهه من مخاطر يهدد الإستقرار ومستقبل الوطن ، ومن السخف ان نبحث وسط ظروف كهذه عن محاصصة سياسية او طائفية او مهنية لشغل مناصب المحافظين ، كما ان الأسخف ان نطرح الإنتخابات كآلية لإختيارهم فى ظروف تدهور أمنى واستقطاب سياسى على نحو ماتعانيه بلادنا حالياً ، وممالاشك فيه ان تعيين مساعدين للمحافظين من الشباب يشكل بادرة خير وأمل فى المستقبل.. دعونا نتفرغ لمعاركنا الأساسية ، ولانستجيب لدعاوى التشتيت وانقسام الصفوف..فالوطن مريض..شفاه الله وعافاه.

 

 
تعليق واحد

Posted by في 2013/08/14 بوصة غير مصنف

 

بيان تجمع102من المنظمات والجمعيات الحقوقيه الوطنيه والشخصيات العامة دفاعا عن وطن آمن وشعب عظيم

بناء على مبادرة كريمة من السيد /صلاح سليمان المحامى مدير مركز النقيب للتدريب ودعم الديمقراطية صدر اليوم 5 أغسطس 2013 بيان من تجمع يضم  102 من المنظمات والجمعيات الحقوقيه الوطنيه والشخصيات العامة دفاعا عن وطن آمن وشعب عظيم يحدد فيه موقفهم الوطنى تجاه ماتشهده البلاد من تطورات تتعلق بحرية وسلامة الوطن ، وأمن وحقوق المواطن .. وفيمايلى نص البيان :  

انطلاقا من ايمانا بحق المصريين جميعا في التمتع بكل حقوق الانسان وكذلك من المواثيق
الدوليه والمعاهدات وايمانا منا بثوابتنا الوطنيه وما استقرت عليه الحركه الحقوقيه المصريه وما تشهده الاحداث في مصر من تفاعلات وما يتعرض له شعبنا العظيم من تهديدات وترويع ومن محاوله لهدم ثورته العظيمه في ٣٠ يونيو وما يخوضه الجيش في سيناء من مواجهات مع جماعات مسلحه ارهابيه وما يتساقط يوميا من شهداء من الشرطه والقوات المسلحه ومن المواطنين الابرياء في عموم مصرنا الحبيبه
فإن المنظمات والشخصيات
الموقعة أدناه تؤكد علي التالي:
1/حق التظاهر السلمي مكفول للكافة بموجب أحكام الشرعة الدولية لحقوق الإنسان شريطة أن يكون سلميا وأن يتوقف عند حدود حقوق الآخرين وحرياتهم، بما في ذلك كافة الأطياف السياسية وانه اذا كان في هذا الاطار فان علي الدوله حمايته .
2/أن مواجهه استخدام العنف والقوة أو انتهاًك الحقوق في الحياة أو في سلامة الجسد أو في التظاهر السلمي-هوللقوانين الدولية والمحلية، ومن يمارس هذا العنف أو يدعو له أو يحرض عليه يقع تحت طائلة القوانين العقابية، ولا يجوز التذرع بممارسة حرية الرأي والتعبير في الدعوة للكراهية أو العنف أو الإرهاب
• ونحذر من ان استخدام النساء والاطفال كدروع بشريه وتعريضهم للخطر هو من الجرائم ضد الانسانيه والتي يجب علي الدوله التصدي لها وبحسم وضمان سلامتهم والقبض علي الفاعلين والمحرضين وتقديمهم الي المحاكمه العادله والمنصفه دون ابطاء حفاظا علي النساء والاطفال وكافه المواطنيين الامنين ولها في ذلك الحق في استخدام كافه الوسائل القانونيه لضمان ذلك حيث ان الدوله والدوله وحدها هي محتكر استخدام القوه في اطار القانون والمواثيق الدوليه .
3/أن سلطات الدولة مسئولة مسئولية مزدوجة إزاء هذا:
أ/عليها إلتزام حمايه التظاهرات، طالما لم تتجاوز حدود السلمية، ولم يحمل المتظاهرين سلاحاو يعتدون علي الأشخاص والممتلكات الخاصة والعامة.
ب/وعليها إلتزام أصيل بحماية المجتمع والأفراد من العنف ومن الإرهاب ومواجهة الإرهابيين والداعين إلي العنف بكل حسم وحزم في إطار القوانين والتشريعات المصرية السارية ودون إخلال بالحق في المحاكمات العادلة لهؤلاء.
4/نؤكد علي الجماهير المصريه الوطنيه التي احتشادت في الميادين للتأكيد علي نبذنا للعنف والإرهاب، والتأكيد علي أن ثورتنا ما زالت مستمرة لحين تحقيق أهدافها كاملة وخاصة القصاص لشهداء الثورة منذ 25 يناير حتي ألاحداث الارهابيه في سيناء والتفجيرات الإرهابية التي حدثت بمدينة المنصورة واحداث المقطم والمنيل والحرس الجمهوري والمنصه ومدينه الانتاج الاعلامي وكل احداث العنف التي سقط فيها ضحايا فانه يجب فورا وفي اقرب وقت ممكن تقديم المتورطين في هذه الاحداث لمحاكمه عادله ومنصفه وعلنيه وبعد اجراء تحقيق شفاف وناجز .
5/نؤكد أن حق الدولة في مواجهة الإرهاب والعنف هو حق أصيل للدولة، شريطة أن يكون قائما علي سند من القانون ونؤكد علي مساندتنا لشعبنا المصري في مواجته للإرهاب المتربص بثورتنا العظيمة.
6/نعيد تأكيدنا ثانية أن ما حدث في الثلاثين من يونيو 2013 كان ثورة شعبية بكل المقاييس، للتأكيد علي حق الشعب في تقرير مصيره، ونؤكد من جديد أننا كمنظمات وطنية نرفض التدخلات والإملاءات والضغوط الخارجية-من أي دولة كانت-في شأننا الداخلي وفي حقوقنا كشعب في اختيار النظام الذي يمثلنا وفق عقد اجتماعي جديد يصوغه الشعب بكافة قواه وفاعلياته الوطنية .
٧/ان الاعتصامات السلميه وحق الشعب المصري بكافه طوائفه في حريه الراي والتعبير حق اصيل شريطه ان يكون ممارسته في اطار القانون والدستور وفي سلميه ودون مساس بحقوق المواطنين المخالفين في الراي وعدم التعرض لحرمه الحياه الخاصه وحريه الانتقال واغلاق الطرق والاعتداء علي مؤسسات الدوله والا فعلي الدوله التصدي لها وفضها فورا بالقانون والمعايير الدوليه المتعارف عليها لحفظ هيبه الدوله وسلامه مؤسساتها وضمان حقوق كافه المواطنين
٨/ ان الدوله القانونيه المعتبره في كل دول العالم هي وحدها من يحتكر استخدام القوه في اطار القانون والمواثيق الدوليه الملزمه لمصر لذا فان علي الدوله مواجهه كافه الميلشيات المسلحه ومواجهه العصابات الارهابيه وجمع السلاح الغير مرخص دون ابطاء او تردد فلحفاظ الامن للمواطنين وعدم ترويعه هو الدور الاساسي للدوله وهي المسؤله وحدها علي ذلك .
٩/ان ما يمر به الوطن من ازمات اقتصاديه وتراجع في مناخ الامن الازم للاستثمار ناتج عن اعمال العنف المستشريه في الوطن وان ضروره مواجهه هذه الاضطرابات والخروج علي الشرعيه وترويع الامنين والسلاح المنتشر والمصادمات اليوميه هي مسؤليه الدوله ومواجهتها هي في قمه الاولويات الواجبه علي الدوله فعليها حمايه التظاهرات السلميه والتصدي بحسم لاي اعمال العنف وفي اطار القانون والمعايير الدوليه ذات الصله بهذه الامور
ومجمل القول فان المنظمات الموقعه علي هذا البيان توكد علي رفضها التام للعنف وللترويع ولاختطاف الوطن لمصلحه فئه او جماعه ايما كانت وان للمواطنين جميعا الحق في المشاركه في اداره الشأن العام وممارسه كافه الحقوق في اطار الدستور والقانون والمواثيق الدوليه .

والمجد كل المجد لشهداء الوطن والخزي والعار لمروعي المواطنين الامنين

التوقيعات بالترتيب الابجدي

الاسم جهه العمل او الصفه
1. .حسام الدين علي. ناشط حقوقي
2. ابراهيم منصور صحفي والكاتب السياسي
3. احمد قناوي مدير بوابه مصر للقانون والقضاء
4. جمال الدين طه ابوالعلا .. باحث وخبير سياسى
5. جمال عبد الرحيم صحفي عضو مجلس نقابه الصحفيين
6. حازم منير صحفي وناشط سياسي
7. حسن كامل ناشط حقوقي
8. حنان فكري عضو مجلس نقابه الصحفيين
9. خالد ابو كريشه وكيل نقابه المحامين
10. د /علي شوشان الحزب الشيوعي المصري
11. رافت ابو المجد قيادي بالتيار الشعبي
12. سعيد عبد المسيح محام وناشط سياسي وحقوقي
13. سمر طارق ناشطه حقوقيه
14. شحاته محمد شحاته محام وناشط حقوقي
15. شعبان شلبي ناشط حقوقي
16. صابر عمار امين صندوق اتحاد المحامين العرب
17. طارق العوضي رئيس اللجنه القانونيه بالحزب الديمقراطي الاجتماعي
18. طارق نجيده قيادي ناصري
19. عبد الجواد ابو كب صحفي
20. عبد الناصر زناتي ناشط حقوقي
21. علي الفيل ناشط حقوقي وسياسي
22. فيولا فهمي صحفيه وناشطه حقوقيه
23. مجدي حلمي صحفي خبير حقوقي
24. محمد حرش عضو مؤسس بحركه كفايه
25. محمد عبد العزيز مدير مكتب فريدم هاوس بالقاهره
26. محمد عبد الله خليل مدير وحده تطوير التشريعات بالمجلس القومي لحقوق الانسان
27. مريم ميلاد رزق ناشطه سياسيه وحقوقيه
28. منال الطيبي ناشطه حقوقيه وعضو اللجنه التاسيسيه لوضع الدستور
29. هاني دانيال صحفي
30. وسام عبد العليم صحفيه
31. ياسر عبد الجواد خبير حقوقي

مسلسل اسم المركز او الجمعيه
1. الاتحاد العربي للصحفين الشبان
2. اﻷتحاد المصرى لدعم التحول الديمقراطى
3. الاتحاد المصرى لمنظمات حقوق الإنسان الشابة
4. البرنامج العربي لنشطاء حقوق الانسان
5. تجمع نشطاء حقوق الإنسان بالصعيد
6. جمعية احلام المستقبل ـ الاسكندرية
7. جمعية أشراقة لتنمية المجتمع ـ الاسكندرية
8. جمعية الطريق للدعم القانونى ومكافحة الفساد
9. جمعية المرأه العربيه العامله
10. جمعية النهضة النسائية لتنمية المجتمع المحلى ـ بالعطوانى ـ أسوان
11. الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان ـ الشرقية
12. الجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات
13. جمعية حقوق الإنسان باسيوط
14. جمعية صاعد للتنمية وحقوق الإنسان
15. جمعية يلا نشارك للتنمية الاجتماعية
16. جمعيه احباء مصر لذوى الاحتياجات الخاصه وحقوق الانسان
17. جمعيه الحقوقيات المصريات
18. جمعيه الصداقه الريفية
19. الجمعيه المصريه للتدريب وحقوق الانسان
20. الجمعيه المصريه لنشر وتنميه الوعي القانوني
21. جمعيه المصريين لتنميه المجتمع بطنطا
22. جمعيه النهضه الريفيه لحقوق الانسان
23. جمعيه الهدف لحقوق الانسان
24. اللجنة التنسيقية للحقوق والحريات النقابية والعمالية بالصعيد
25. مؤسسة العدالة والمواطنة لحقوق الانسان
26. المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الانسان
27. المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الانسان
28. مؤسسة الكرامة للتنمية وحقوق الإنسان
29. المؤسسة الوطنية لدعم الديمقراطية
30. المؤسسة الوطنية للعدالة الانتقالية
31. مؤسسة فارس للرعاية الاجتماعية
32. مؤسسة وطن واحد للتنمية و الحريات
33. مؤسسه سيناء للتنمية
34. المؤسسه المصريه للتدريب وحقوق الانسان
35. مؤسسه النقيب للتدريب ودعم الديمقراطيه
36. مؤسسه ماعت للتنميه والسلام وحقوق الانسان
37. مؤسسه ملتقي الحوار
38. المجموعة المصرية للقانون وحقوق الإنسان
39. مركز 25 يناير لحقوق الإنسان – بنها
40. المركز الإقليمى للدراسات الإعلامية والتنموية
41. المركز الاقليمي للديمقراطيه ونزاهه الانتخابات
42. مركز التحرير لحقوق الانسان
43. مركز التنوير للتنمية وحقوق الانسان
44. مركز الحريات والحصانات لحقوق الانسان
45. مركز الحق في السكن
46. مركز الحق للديمقراطيه وحقوق الانسان
47. مركز الدلتا الأقليمى للدفاع عن الحقوق الحريات
48. مركز السنهورى للحريات والحقوق الدستورية
49. مركز الضمير للقانون والحقوق الإنسانية
50. مركز العدالة الدولى
51. المركز العربى للنزاهه والشفافيه
52. مركز القاهرة للتنمية
53. المركز المصرى للتنميه وحقوق الانسان
54. مركز النيل للدرسات القانونيه والأعلاميه
55. المركز الوطني لحقوق الانسان
56. المركز الوطنى لحقوق الانسان بكفر الشيخ
57. المركز الوطني لدعم الانتخابات
58. مركز الوعي العربي للحقوق والقانون
59. مركز حقوق مصرية للتنمية وحقوق الإنسان-بورسعيد
60. مركز حمايه لدعم المدافعين عن حقوق الإنسان
61. مركز حياة للتنمية المستدامة والمساعدة القانونية
62. مركز دعم دولة القانون
63. مركز سيزا نبراوي للقانون
64. مركز شمس لدراسات حقوق الانسان
65. مركز عيون لدراسات حقوق الإنسان
66. مركز موارد التنمية
67. مركز نبض لدعم الديمقراطية ومكافحة الفساد
68. معهد القانون للتدريب والدراسات القانونية-
69. المعهد المصري الديمقراطي
70. المكتب العربي للقانون
71. المنتزه للتنمية الثقافية

 
أضف تعليق

Posted by في 2013/08/05 بوصة غير مصنف

 

روبرت فورد..وفرق الموت..واللعب على المكشوف

Image

كلما تصفحت جريدة ، او فتحت موقع ، او قلبت قناة فضائية ، ستواجهك ريبورتاجات عن أزمة روبرت ستيفان فورد الذى سربت الولايات المتحدة على نحو متعمد نبأ ترشيحه ليخلف آن باترسون كسفيراً لها بالقاهرة ، ورغم الإتفاق بين مختلف مصادر الأخبار على ضرورة رفض مصر لهذا الترشيح الا ان المبررات التى قدمتها مختلف المصادر كانت وكأنها جزء من حملة الرد المصرى على دعم الولايات المتحدة للإخوان ، لكننى عندما تناولت الموضوع كباحث مدققاً فى العديد من مصادر المعلومات وكتب التاريخ السياسى ومحطات العمليات القذرة التى أدارتها الولايات المتحدة فى العالم والمنطقة ، وجدت امامى نجم محترف فى عالم المخابرات ، وكانه قضى عمره يدرس ويتدرب ويجرب ليكلف على أرض مصر بمهمة عجزت عن تنفيذها مختلف الغزوات عبر التاريخ ، لكن .. ولأن الأمر جد خطير ، فضلت ان اسجل ملاحظاتى لأشرككم معى فى مواجهة خطر داهم …   

*** 

     فى مارس 1973 انسحبت قوات الولايات المتحدة الأمريكية من فيتنام الجنوبية بعد ان فشلت فى حمايتها من هجمات قوات الفيتكونج الشمالية ، التى تمكنت من إكتساح سايجون عاصمة الجنوب فى يناير 1975 معلنة هزيمة تاريخية للقوة العسكرية للولايات المتحدة ، إحدى القوتين الأعظم فى العالم أنذاك ، وفى نفس العام حاول أندرو مارك الخبير الإستراتيجى الأمريكى البحث عن حل يضمن تجنب الدولة القوية للهزيمة فى معاركها مع عدو ضعيف؟ وكانت إجابتة هى أن تجعل العدو فى حالة اقتتال داخلى وإضعاف ذاتى وانقسام مجتمعى ، اما البروفيسور”ماكْس مانْوارِنْج” الأستاذ بمعهد الدراسات الاستراتيجية بالجيش الأمريكي فقد حدّد ملامح ما سمّاه بـ”الجيل الرابع للحروب”، بأن الهدف منها إنهاك وتآكل إرادة الدولة المستهدفة – ببطء ولكن بثبات – ويضيف : إن أسلحة هذه الحرب الناعمة هى قوة المال والقدرات العقلية.. وهذا أهون وأقل تكلفة لأن من سينفّذها [مواطنون .. رجال ونساء وأطفال من الدولة العدوّ يتولّوْن زعزعة الاستقرار ونشر الفوضى.. وبذلك  تضعف قدرة الدولة على التحكم فى الأوضاع وتفقد السيطرة الكاملة على بعض أجزاء من أراضيها.. ومن ثم تصبح الدولة فاشلة“.

***

      فى مطلع الثمانينات كانت حركة المعارضة اليسارية النشطة توشك على الإطاحة بالدكتاتوريات العسكرية فى عدد من دول امريكا الوسطى المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية ، وقد وجه الرئيس ريجان بضرورة إسقاط حكومة نيكاراجوا اليسارية “الساندينست” ، والقضاء على حركة المعارضة فى السلفادور وهندوراس وذلك بتنفيذ عمليات شبه عسكرية ، وقد تم إسناد مسئولية تنفيذ هذه العمليات للسفير الأمريكى فى هندوراس “جون نيجروبونتى” الذى ينتمى فى الأساس للمخابرات الأمريكية ، حيث قام بدعم ميليشيات “الكونترا” النيكاراجوية المقيمة فى هندوراس ، كما قام بتجنيد عناصر محلية إضافية ، واخرى من السلفادور، وتولى تدريبها وتسليحها وتنظيمها فى تشكيلات “فرق الموت” التى عملت من خلال الشريط الحدودى لهندوراس والذى يزيد عن 450 كيلومتر ، ونجحت بالفعل فى إسقاط نظام “الساندينست” الحاكم فى نيكاراجوا بعد ان أسقطوا أكثر من 50 الف ضحية ، كما نجحوا فى إخماد التمرد اليسارى فى السلفادور بأكثر من 75 الف ضحية ، وكان القاسم المشترك فى أنشطة “فرق الموت” انها ترتدى الزى العسكرى وتستقل مركبات عسكرية تشن بها غارات على الأحياء والقرى حيث تختطف المدنيين وتعذبهم وتقتلهم ، وقد اطلق على هذه التجربة “النموذج السلفادورى” – نسبة الى أكثر الدول تحملاً للخسائر من المدنيين – الذى أصبح يعنى “نموذج إرهابى” تقوم من خلاله “فرق الموت” بتنفيذ عمليات قتل جماعية فى أوساط المدنيين العزل – برعاية أمريكية – لإسقاط الحكام والأنظمة المعارضة لها.

***

ولكن..ماعلاقة كل هذا بترشيح روبرت ستيفان فورد سفيراً للولايات المتحدة فى القاهرة؟!

*  المذكور حصل عام 1983 على ماجستير فى الأداب من جامعة هوبكنز ، وهى من أهم الجامعات الناشطة فى الدراسات العربية والإسلامية والشرق أوسطية ، وهى تخضع فى هذا المجال تماما لسيطرة اللوبى الصهيونى.

*  عمل ضابطاً فى وكالة الاستخبارات المركزية لمدة عامين قضاهما ضمن فرق السلام“Peace Corps  ، وهى منظمة حكومية أمريكية مركزها المغرب.

*  أنتدب الى وزارة الخارجية عام 1985 ليعمل فى السلك الدبلوماسى الخارجى .

*  عمل قنصلاً فى مدينة أزمير التركية ، ثم ملحق إعلامى بالقاهرة ما بين عام 1988 و1992، حيث انصب جهده على استقطاب الصحفيين المصريين للكتابة لصالح الولايات المتحدة وإبراز مآثرها على مصر، كما أبدى عناية خاصة بنشاط التنظيمات والجماعات الإسلامية فى مصر خاصة تلك التى لديها استعداد لممارسة العنف.

*  فى عام 1996 عين فى السفارة الأمريكية بالجزائر كمسئول عن الشئون الثقافية، ونُقل عن «مارتين أنديك» مستشار الأمن القومى ومساعد وزير الخارجية الأمريكى الأسبق قوله “كان يتعين وجود عين ثاقبة النظرة وحادة البصر والبصيرة فى الجزائر التى تفشى فيها وباء الإرهاب و”روبرت فورد” أحسن من يتعامل مع هذا الوباء ويقرر مدى خطورته سواء داخل الجزائر او خارجها. 

*  أما فى ياوندى (الكاميرون) فقد شارك فى إدارة الصراع  فى إقليم دارفور السودانى .

*  كان قائم بأعمال البعثة الدبلوماسية فى البحرين 2001-2004 .

التجربة العراقية و”الخيار السلفادورى” 

*  بعد احتلال العراق وافتتاح سفارة أمريكية فى بغداد تم نقله فى بداية عام 2004 إلى هناك لتولى منصب سكرتير أول السفارة “نائب السفير”، وقبل سفره استقبله وزير الخارجية الأمريكى الأسبق «كولن باول» بحضور مستشارة الأمن القومى آنذاك «كوندليزا رايز» وقال له “نحن نلقى على عاتقك مهمة استراتيجية جسيمة فى العراق وندرك سلفاً أنك أهل لها..لقد إخترنا الرجل المناسب فى المكان المناسب” ، وفى نفس الوقت فإن جون نيجروبونتى صاحب تجربة أسقاط الساندينست فى جواتيمالا والقضاء على المد اليسارى فى امريكا الوسطى باستخدام “فرق الموت” ، أعيد الحاقه بالخارجية وعين سفيراً للولايات المتحدة بالعراق مكلفاً بمهمة محددة جداً وهى تنفيذ “الخيار السلفادورى”بالتعاون مع نائبه روبرت فورد.

*  بدأ فورد نشاطه فى النجف الأشرف – معقل جيش المهدى الشيعى – وكانت مهمته إثارة العنف الطائفى بين السنة والشيعة والأكراد والمسيحيين ، وإضعاف حركة المقاومة هناك ، وذلك من خلال تدريب المقاتلين الأكراد “البشمرجة” والميليشيات الشيعية لإستهداف قادة المقاومة السنية بالأساس إضافة الى العلماء وأساتذة الجامعات والأطباء والمهندسين .. هى إذن عمليات تستهدف تجريف الدولة من ثروتها البشرية ، وشيطنة المعارضة ، وترويع المدنيين الآمنين ، ونشير الى ان اول عمليات “فرق الموت” التابعة لفورد بالعراق قد وقعت خلال شهر مايو2005 ، وانها قد بدأت بأعداد محدودة من الضحايا ، ولكنها تزايدت بشكل مستمر الى ان بلغت 800 حالة شهريا.  

*  ويتحمل فورد مسئولية كبيرة فى الأحداث الطائفية فى العراق ، وخاصة بين السنة والشيعة ، حيث دأب على تحريض القيادات الشيعية على السنة وتحميلهم مسئوليات التفجيرات التى تستهدف القوات الأمريكية والشيعة على حد سواء ، كما كان يلتقى أيضاً بقيادات سنية ليؤلبها ضد الشيعة ملفقاً الروايات عن اعتزامهم اقتراف مذابح جماعية ضدهم ، فضلاً عن انه شارك فى انتشار أنشطة الشركات الأمنية الأمريكية وتعزيز دورها لخدمة أهداف المخابرات الأمريكية.

عاد إلى الولايات المتحدة عام 2006 حيث حصل على عدة أوسمة وشهادات تقدير من وزيرة الخارجية ومن رئيس وكالة الاستخبارات المركزية لدوره فى العراق.

*  اتجه فورد مرة أخرى إلى الجزائر، ولكن كسفير للولايات المتحدة الأمريكية من 2006 إلى 2008 وهى الفترة التى شهدت نشاطاً متزايداً من قبل الجماعات الإسلامية المتطرفة.

*  نظرا لخبرته السياسية بالعراق عاد مرة أخرى إليها مجدداً فى منصب المستشار السياسى للسفارة من 2008 حيث شارك فى صياغة قانون الانتخابات المحلية العراقية ، وفى بداية 2009 تولى منصب القائم بأعمال السفارة لعدة أشهر.

التجربة السورية والخروج عن الأعراف الدبلوماسية

*  عين سفيراً فى سوريا حيث وصل الى دمشق نهاية يناير 2011 بعد ثورة الربيع العربى فى تونس ومصر ، تحدى السلطات السورية ، وخرج عن كل الأعراف الدبلوماسية فى يوليو 2011 بزيارته لمدينة “حماة” والتقاؤه بقادة الميليشيات الإسلامية هناك.

*  وقد تطلب تنفيذ مشروع فورد برنامجاً أولياً لتجنيد وتدريب المرتزقة ، حيث تم تنظيم عمليات تسلل “فرق موت” تضم وحدات من السلفيين اللبنانيين والأردنيين عبر الحدود الجنوبية مع الأردن أواسط شهر مارس 2011. كما كان الكثير من العمل التأسيسي قد أنجز قبل وصول فورد إلى دمشق ، مما تمخض عن ظهور الجيش السوري الحر وفصائله الإرهابية الأخرى بما في ذلك جبهة النصرة التابعة للقاعدة.

*  غادر دمشق فى اكتوبر 2011 بعد ان نجح فى تحويل الأزمة السورية الى حالة تمرد وطنى شامل برز فيه دور “فرق الموت” التى تعتمد على ميليشيات مسلحة محلية وأجنبية ، ومنذ مغادرته سوريا ظل مسئولاً عن متابعة تنفيذ الأجندة الأمريكية هناك من خلال عمله فى المخابرات الأمريكية حتى الآن.

***

           ان خبرة فورد فى التعامل مع الاسلام السياسي فى الجزائر والعراق وسوريا ، كانت العامل الاول وراء ترشيحه للعمل فى مصر ، على ضوء فشل السفيرة الامريكية الحالية آن باترسون فى توقع ثورة الشعب فى 30 يونيو ، وكذا رد فعل القوات المسلحة المصرية حيال التظاهرات الشعبية ، كما ان خبرته فى تنظيم وتفعيل دور “فرق الموت” قد يساعد على تحقيق أهداف الولايات المتحدة الأمريكية فى مصر ، خاصة وقد أصبح المناخ العام والمزاج الشعبى وحالة الإستقطاب مهيأة تماما للتجاوب مع أى تحريض منظم على العنف.

***

         وفى تقديرى ان الولايات المتحدة إذا ماأقدمت رسمياً على ترشيح فورد سفيراً لها فى القاهرة فسوف تكون تلك إشارة صريحة على انها بدأت مرحلة اللعب على المكشوف على الساحة المصرية ، فتاريخ الرجل حافل ، لايصلح معه إنكار ، حتى انه يعترف على صفحته الشخصية على الفيس بوك بانه رغم مغادرته سوريا فى اكتوبر 2011 الا انه لازال حتى الآن مسئولاً عن متابعة المصالح والتحركات الأمريكية هناك !!

        لعل الولايات المتحدة تقدر – وربما كانت محقة فى ذلك – ان الطبيعة الرخوة التى يتصف بها أسلوب تعامل المسئولين فى الدولة مع معظم الأزمات التى تواجهنا ، ربما تعطى فرصة لإنجاز الخطوات الأخيرة فى المخطط الأمريكى الخاص بتفتيت مصر فى إطار المنطقة ككل ، وإثارة الصراعات الطائفية فيها..ان مايحدث فى الصعيد خاصة المنيا وسوهاج يعبر عن ذلك بكل الوضوح ، الأمر الذى يستلزم موقف شعبى حاسم لايتوقف عند حد إرسال رسائل رفض ترشيح ذلك السفير الى البيت الأبيض والخارجية الأمريكية والكونجرس ، وانما نتجاوز ذلك الى شن حملة إعلامية واسعة لكشف ذلك الدور المشين الذى قام به خلال تاريخ خدمته الطويل بالمنطقة ، دون ان نغفل مختلف مظاهر الإحتجاج ، بالتظاهر والإعتصام أمام وزارة الخارجية المصرية ورئاسة الجمهورية وغيرهم حتى يتم رفض التصديق على ترشيحه.. ومهما كان الثمن. 

 
4 تعليقات

Posted by في 2013/08/05 بوصة غير مصنف

 

لماذا يغتالون البرادعى؟!

Image

أثار حديث الدكتور البرادعى للواشنطن بوست الكثير من اللغط ، كما عرضه لإنتقادات حادة ، بعضها جاء من اناس لم يكلفوا انفسهم عناء قراءة تصريحاته ، وبعضها ممن قرأوها واستوعبوا مقاصدها ، لكنهم وجدوها فرصة لإستكمال عملية إغتيال الرجل لأهداف حزبية ، وقد وجدت ان تناول الأمر بالتحليل الموضوعى هو واجب ذو اولوية .. حتى لانغتال أنفسنا .. ونغتال رموز الوطن .. بنفس المنطق ..

فلنبدأ أولاً بمعرفة ماقاله البرادعى فى تصريحاته بكل دقة :

1-  ان مرسى محتجز على ذمة قضايا مثل التخابر والتحريض على العنف .. ونحن كحكومة لن نتدخل فى عمل القضاء.

2-  انه لامانع من العفو عن مرسى – مالم يكن متورطاً فى قضايا خطيرة ، وذلك كجزء من صفقة التسوية ، لأن مصير الدولة اكثر أهمية من الدخول فى صراعات.

3-  أفضل حوار نبذ العنف كجزء من عملية فض الإعتصامات ، وأرغب فى ان اديره بنفسى فقد تحاورت مع الكوريين فكيف لاأتحاور مع الإخوان؟! والشعب غاضب منى لموقفى هذا ، لأن المزاج العام السائد هو “سحق” الإخوان ، وآمل ان يتفهم الإخوان ان الوقت ليس فى صالحهم.

4-  ان فكرة الخروج الآمن “مطروحة” على طاولة المفاوضات فيما يتعلق بالقيادات التى لم تتورط فى اى جرائم ، والأمر متوقف عليهم فيما إذا ماأرادوا البقاء بمصر او الخروج منها.

***

     تلك هى تصريحات الرجل لمن لم يقرأها ، او قرأها على عجل .. وينبغى ان نشير بشأن هذه التصريحات الى عدد من الملاحظات المبدئية:

1-  انها موجهة للرأى العام الغربى ، وبالتالى كان ينبغى لها ان تعكس صورة ايجابية متسامحة عن قيادة مصر فى المرحلة الراهنة ، بعيداً عما تم تصديره للغرب بمعرفة الإخوان من خلال حملات دفعوا فيها مئات الملايين من الدولارات.

2-  ان الجزء الخاص بالعفو عن مرسى قد تم ربطه “بما إن لم يكن متورطاً فى قضايا خطيرة” ، فى الوقت الذى أشار فيه فى الفقرة الأولى من الحديث بأن مرسى محتجز على ذمة “قضايا تخابر وتحريض على العنف” ، وهى قضايا بالغة الخطورة ، وبالتالى فقد ربط البرادعى العفو بشرط يدرك انه مستحيل التحقيق..هى فقط محاولة لإبراز حسن النية.

3-  قصر البرادعى حديثه عن الخروج الآمن على من “لم يتورط فى اى جرائم”.. وهل هناك من يطالب بعقاب جماعى لكل الإخوان بما فى ذلك من لم يرتكب اية جرائم؟!

***

     كنت – ولازلت – على قناعة بأن البرادعى بكل ماله من خبرة ، هو احد الثروات الإدارية والتنظيمية والسياسية التى ينبغى استغلالها فى تنمية مصر وصناعة مستقبلها فهو ليس اقل من مهاتير محمد على سبيل المثال.. لكننى ادرك ان هناك عدد من المحاذير التى ينبغى مراعاتها فى هذا الشأن أبرزها :

1-  ان فترة خدمته الطويلة بالخارج ، عرضته لحملات دولية متضاربة ناتجة عن تعارض المصالح ، وهذه الحملات كان لها أصداء داخل مصر ، حيث كونت تيار مؤيد له ، وآخر معارض.

2-  ان موقف البرادعى المعارض لنظام حكم مبارك قد عرضه لحملة تشويه من جهاز الدولة الإعلامى لاتزال أصداؤها مؤثرة حتى الآن على آراء قطاع لايستهان به من الرأى العام.

3-  ان الإخوان عند عودة البرادعى للبلاد سارعوا بالتحالف معه ، وأداروا حملة لجمع مليون توقيع لصالح تكليفه بإصلاح النظام الديمقراطى فى مصر ، كما انضموا كأعضاء فى الجمعية الوطنية للتغيير التى ترأسها البرادعى ، ولكن بمجرد نجاح الثورة ، واتخاذهم قراراً بدفع مرشح رئاسى للإخوان ، كرسوا كل جهودهم لإغتيال البرادعى معنوياً وسياسياً ، ونجحوا بالفعل فى إزاحته كمنافس.

***

     فى ظل هذا الإلتباس الشعبى فى الموقف تجاه البرادعى ، فإن استثمار خبرته الإدارية والتنظيمية والسياسية فى إخراج مصر من ازمتها الراهنة ، لن يتم – فى تقديرى – إلا من خلال توليه منصب رئيس وزراء فى حكومة تكنوقراطية لاحزبية ، لأن رئيس الجمهورية فى النظام السياسى المصرى – من الناحية الفعلية – هو الذى يتولى تعيين ومتابعة وزراء الخارجية والدفاع والداخلية والإعلام  ، وهى الوزارات التى يثار اللغط السياسى عادة من حولها ، وبالتالى تخرج سياسات هذه الوزارات السيادية عن نطاق اختصاص البرادعى ، مما لايترك مجالاً لتأثير وتفاعلات حالة الإلتباس حوله والمشار الى اسبابها سابقاً.

     ان وجود البرادعى على رأس الحكومة بكل ماله من خبرة واتصالات بالمنظمات الدولية ، وبرؤساء الدول يمكن ان يحقق طفرة هائلة فى جذب الإستثمارات الدولية ، وتنشيط حركة السياحة ، وتوفير القروض الإستثمارية ، ناهيك عن كونه صاحب رؤيا ربما لايملكها غيره ممن هم على الساحة حالياً ، لكن هذه الفرصة أضاعتها على مصر مراعاة قيادة الدولة المؤقتة لموقف حزب النور المعارض للبرادعى دون النظر لخلفية هذا الموقف وابعاد تلك المعارضة غير الموضوعية ، بل والمغرضة.

        فلنتوقف عن إغتيال البرادعى .. ولنتجنب المشاركة فى هدم رموز الوطن ، فهم من يحملون همومه بكل صدق وتفان ، وهم من نحتاج لجهودهم المخلصة ، وحكمتهم الزاهدة.

 
5 تعليقات

Posted by في 2013/08/03 بوصة غير مصنف