RSS

Monthly Archives: ديسمبر 2015

البرلمان وإلغاء اتفاقية مبادىء سد النهضة

Elwatan_News

أكبر إشكاليات «سد النهضة» تتمثل فى تباين موقف الدولة منه؛ مبارك هدد بتدميره، المجلس العسكرى تجاهله، وكأنه يقام على الأمازون، الإخوان زايدوا عليه، وشن كبيرهم “حرب أتارى” من غرفة عمليات الرئاسة، السيسى متفهم لأبعاده الإستراتيجية، لكنه حريص على ألا تنعكس إدارته للأزمة سلباً على محاولاته للعودة للأشقاء الأفارقة بعد سنوات غياب، فالتزم التهدئة وطول النفس.. عندما وقّع «إعلان مبادىء سد النهضة» بكل ماينضح به من حسن نوايا، كان مطمئناً الى ان البرلمان القادم يمثل صمام أمن لإسقاطه، إذا لم تتجاوب معه أثيوبيا بشكل إيجابى.. الناخبون إختاروا 70 نائباً من الجنرالات وذوى الخلفية الأمنية، مايعكس تقديرهم لخطورة التهديدات التى نتعرض لها، وعلى رأسها سد النهضة.. خبراء السدود والرى والإستراتيجية لاتنقطع إطلالاتهم، على القارىء والمشاهد والمستمع، لكنهم لم يُعَرِّفوهم بالسد، رغم ان حجم الأزمة ومخاطرها لايمكن إدراكها دون ذلك.

          روح العداء طغت على تصميم السد، وانعكست على مواصفاته الفنية، د. مهندس محمد حافظ أستاذ هندسة السدود والسواحل بجامعة يونيتين بماليزيا كشف ان إعلان اثيوبيا انتهائها من نصف أعمال البناء، يتعلق فقط بالسد الخرسانى الذى يحجز 14 مليار م3، فتحاته لا تقع أسفله كباقي سدود العالم، بل أعلاه، عند ارتفاع من 142 الى 145م، ما يعني أنها تأخذ من مياه السطح كفتحات المفيض!!، الا ان هناك سد آخر ركامى لاتزال أعمال بناؤه فى بدايتها، إرتفاعه 50 متر، وطوله 5000 متر، رغم ان سدود التحويط لاتزيد عادة فى العالم عن 300 متر، يمتد فوق الحدود المنخفضة لخزان البحيرة، للتحويط على الإرتفاع الزائد “85 متر”، وحجز 90 مليار م3.. محطة التوليد بقدرة 6000 ميجاوات، لكن ضخامة تكلفة نقل إنتاجها للعاصمة “1200 كم”، يؤكد حرص أثيوبيا على إبعاده لآخر حدودها، تجنباً لتحمل مخاطره!!.

          اللجنة الدولية لمراجعة دراسات السد وتعديل مواصفاته، تشكلت فى مايو 2012، كل ماقدمته لها اثيوبيا دراسات تمهيدية، غير متكاملة، لم تتناول الآثار السلبية على دولتى المصب، وتأثيرات انهياره، وخلت من إشارة للسد الركامى وضمانات أمانه، لأن قرار بناؤه اتخذ فى الإجتماع الذى نظمته المخابرات الأمريكية “أغسطس 2013″، بقاعدة دارمشتات بألمانيا لمواجهة ماأسموه بـ”الإنقلاب فى مصر”.. اللجنة خلصت لضرورة إستكمال وتحديث الدراسات، وقدمت توصياتها.. تغيير وتعديل أبعاد وحجم السد والتصميمات الهندسية.. وضع جدول بالتصرفات المائية المقترح تدفقها فى الأعوام المقبلة.. عمل دراسات تكميلية للتأكد من سلامة وزيادة معامل الأمان، ضرورة وجود احتياطات إنشائية تسمح بتوفير الحد الأدنى من احتياجات دولتى المصب حال توقف محطات التوليد، واستكمال دراسات تقييم الآثار البيئية والاجتماعية على دولتى المصب، وأشارت لمقترح استبداله بسدين بحجم 14م3 ينتجان نفس القدرة الكهربائية.. بعد صدور التقرير أبدت اثيوبيا استعدادها للتوصل لمقترحات لمعالجة الخلافات حول التصميم، لإقناع مصر بعدم إعلان تفاصيله، لأن ماتضمنه يمكن ان يشكل ضغطاً دوليا وإقليميا عليها، وابتلعنا الطعم.

          منظمة الأنهار الدولية المعنية بحماية الأنهار العابرة للحدود، انتقدت تدنى مستوى الدراسات الأثيوبية، وإعتبرتها “لا تليق بسد بمثل هذا الحجم، ماينذر بكارثة”.. تجربة إثيوبيا في إنشاء السدود تعكس فشل سياساتها المائية، سد “جيبى” المقام على بحيرة “توركانا”، أحدث آثاراً بيئية مدمرة بكينيا، ورغم ذلك تمسكت إثيوبيا بإنشاء لجنة وطنية، لتنفيذ توصيات اللجنة الدولية، فتحفظت مصر، وتوقفت المفاوضات، حتى التقى السيسى وديسالين بمالابو يونية 2014 واتفقا على استئنافها، لكن أثيوبيا تمسكت بعدم تنفيذ توصيات اللجنة بإجراء دراسات إنشائية تتعلق بالتصميم والارتفاع والسعة التخزينية والأمان، ورفضت وقف أعمال البناء، نهاية العام تحركت التربة تحت جسم السد، مااضطر الشركة الإيطالية المنفذة إلى حقنها، ربما تأجيلاً للكارثة!!.

          مصر رفضت التوقيع على إتفاقية عنتيبى الإطارية،لتمسكها بحصتها المحددة بالاتفاقيات الدولية (1902و1929و1959)، وبمبدأ إخطارها مسبقاً بالمشروعات المزمع إقامتها بدول أعالي النيل، لكنها وقعت إتفاق إعلان المبادىء مع إثيوبيا والسودان بالخرطوم مارس ٬2015 رغم ماتتضمنه مبادئه العشرة من تنازلات (التعاون، التنمية، عدم التسبب في ضرر ذى شأن، الاستخدام المنصف والمناسب، التعاون في الملء الأول وإدارة السد، بناء الثقة، تبادل المعلومات والبيانات، أمان السد، السيادة ووحدة إقليم الدولة، التسوية السلمية للمنازعات).. الإتفاق أعطى الشرعية للسد، بمواصفاته الإثيوبية، وجرد دولتى المصب من القدرة على تعديلها، إعتمد على الالتزام الذاتى لأطرافه بماتضمنه من مبادىء، وهو معنى أخلاقى، يستند لحسن النوايا، ويخلو من معايير وآليات التنفيذ.. الغى الحصص التاريخية، واعتمد مبدأ الاستخدام المنصف والمناسب، وفق معايير لايسهل تطبيقها، لايحدد إجراء قانونى حال مخالفة مبادئه، ولم يتضمن تحديداً لقواعد اللجوء لآليات التقاضى الدولى، وقصر آليات التسوية للمنازعات على المشاورات، التفاوض، التوفيق، الوساطة، وإحالة الأمر لعناية الرؤساء!!.. جميعها غير ملزمة، ولاتتضمن إشارة للعقوبات او التعويضات حال التسويف والمماطلة.. أعطى لأثيوبيا حق التدخل لضبط قواعد التشغيل، دون ضوابط تتعلق بمصالح الأطراف الأخرى!! لم يتضمن التزام الأطراف بنتائج وتوصيات الدراسات الفنية والاستشارات العالمية، وإكتفى بالإشارة لإحترامها!!.. جامل أثيوبيا بتقدير جهودها فى تنفيذ توصيات لجنة الخبراء!!.. رغم عدم إطلاعها الأطراف الأخرى على أى دراسات تبرر استحقاقها للتقدير!!.

          اثيوبيا تروج ان معارضة مصر للسد تعكس رفضها لتنمية المجتمعات الأفريقية، رغم ان مصر خلال التسعينات أجرت دراسة مشتركة مع اثيوبيا والسودان لإقامة مشروع مشترك للطاقة الكهرومائية، واقترحت موقعين الأول قرب الموقع الحالى للسد، والأخر بمنطقة دال شمال السودان، فضلت الموقع الأول، وبدأت مجموعة سكوت ويلسون الفرنسية فى دراسة المشروع بتمويل من البنك الإفريقى، لكن اثيوبيا أوقفته بضغوط خارجية، وبدأت فى إعداد مخططها منفردة عام 2000.. Top of Form

أثيوبيا تروج ان مصر تطالب بحقوق تاريخية تستند لإتفاقيات عقدتها الدول الإستعمارية قبل الإستقلال، رغم ان حقوقنا تستند لما استقر عليه المجتمع الدولى بشأن توارث المعاهدات، والذى قننته قواعد هلسنكي 1966 بشأن الأنهار، واتفاقيتى فيينا 1978، واﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة ١٩٩٧بشأن اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻤﺠﺎري اﻟﻤﺎﺋﻴﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ، وإتفاقية 1929 التى وقعت عليها دول حوض النيل مع مصر وليس مع انجلترا.

          المادة 165من الدستور فرضت على الرئاسة عرض ماقامت بتوقيعه من قوانين وإتفاقات فى غياب البرلمان لمناقشتها وإقرارها خلال 15 يوماً من إنعقاده، وأتاحت للمجلس بدائل لإسقاطها، بأثر رجعى، وبكل ماترتب عليها من نتائج، الأول ألا يتم العرض خلال المدة المحددة بالدستور، الثانى ان يتم العرض دون الإقرار، والثالث ان يتم العرض والرفض، إختيار البديل الأنسب يتوقف على تقدير المجلس للأثر المطلوب إحداثه، الأول لايحقق المدلول السياسى المطلوب، والثالث يعكس خشونة، قد تنعكس سلباً على مسار الأزمة، وربما تُستغل للدس بين المجلس والرئاسة، ويبقى الثانى هو الأنسب.. تلك رسالة للبرلمان.. فهل من مجيب؟!

 
تعليق واحد

Posted by في 2015/12/28 بوصة غير مصنف

 

تناقضات الإقليم وحلحلة الأزمة السورية

الأزمة-السورية-550x308

إقليمنا المضطرب يمر بمرحلة إنتقالية، يفض خلالها الإشتباك بين متناقضات تجمعت قسرياً، لإشاعة الفوضى.. المواجهة الراهنة بين الغرب وروسيا، منذ تدخل الأخيرة فى سوريا، وإسقاط تركيا للقاذفة “سو- 24″، كانت كاشفة للكثير من الحقائق، وبداية مراجعة للعديد من المواقف والسياسات، على نحو قد يبدد حالة الإلتباس التى نشهدها منذ خمسة سنوات.. إستعراض التناقضات والتحولات فى مواقف بعض القوى بالإقليم، يلقى الضوء على واحد من أعقد إشكاليات الأزمة السورية.

          تركيا.. لم تشارك التحالف الغربى غاراته منذ البداية، وعندما شاركت استهدفت مواقع حزب العمال الكردستانى شمال العراق وسوريا، ولم تستهدف الجماعات الإرهابية، لأنها ترى ان استمرار نشاطهم يجعلها تأمن جانب جاريها اللدوين، وقد يحقق أطماعها فى اراضيهم.. سمحت بعبور المقاتلين والإمدادات للتنظيمات المسلحة، واستقبلت جرحاهم للعلاج.. تتولى تكرير بترول داعش بعد وصوله من سوريا والعراق بالشاحنات، تعيد لها بعضه، لتشغيل آلتها العسكرية، أو بيعه بالداخل، والباقى تصدره عبر ميناء “جيهان”.. اناتولي أنطونوف نائب وزير الدفاع الروسى اتهم بلال اردوغان نجل الرئيس التركي، صاحب مجموعة “بي ام زد” للنفط، وبيرات البيرق وزير الطاقة وصهر اردوغان بالتعاون مع داعش فى تجارة النفط.. أردوغان رد نفس التهمة لسوريا وروسيا، مستنداً لوضع الاتحاد الأوروبى ووزارة الخزانة الأمريكية رجلى الأعمال السوري “جورج حسواني”، والروسي “كيرسان ايليومزينوف” الرئيس السابق للاتحاد الدولي للشطرنج، على قائمة العقوبات الدولية، لأمتلاكهما لشركة “هيسكو للهندسة والإنشاء” و بنك راشان فاينانشيال ألاينس، اللذين يتولان شراء النفط من داعش، لصالح النظام السوري، فضلاً عما كشفته التسريبات عن تعاون أفراد من عائلة الأسد “إيهاب مخلوف، أيمن جابر، عمار الشريف وياسر عباس..” مع تجار روس فى تصدير نفط داعش من مينائى طرطوس وبانياس لأوروبا، مايمثل مصدراً لتمويل الإرهاب.

            أمريكا.. متورطة أيضاً فى حرب الطاقة؛ شركة إكسون موبيل تشترى النفط السورى من جبهة النصرة، وشركة أرامكو تشتريه من داعش.. تقود التحالف الدولى ضد داعش، وتسقط لها الدعم بالطائرات “على سبيل الخطأ بالطبع”.. سياسياً وظفت تركيا لإختراق قلب الأمن القومى الروسى، بتنظيم عملية «إعادة الأمل» للتغلغل للجمهوريات السوفيتية السابقة بآسيا الوسطى والقوقاز منذ 1992، مستغلة حلمها فى إنشاء الإمبراطورية الطورانية، التى تجمع قرابة 150 مليون نسمة، بالدول ذات الأصول التركية، والناطقة بلغتها، من البلقان غرباً، حتى حدود الصين شرقاً، تركيا نظمت تسع قمم حتى 2010، ضمت «كازاخستان، قرقيزيا، أوزبكستان، تركمانستان، أذربيجان»، وأنشأت جمعية برلمانية و”منتدى الاستقرار والتعاون بالقوقاز”.. أمريكا جعلت من تركيا خط مواجهة حلف الناتو مع روسيا، ولم تعترض على عبور المقاتلين المنتمين لجمهوريات القوقاز للإنضمام للتنظيمات الإرهابية بسوريا حتى بلغ عددهم 2800 مقاتل، تلقى بعضهم تدريباته داخل تركيا، والغريب ان يتم ذلك وتركيا تعتمد على روسيا في تأمين نصف وارداتها من الغاز، ونحو 12% من النفط، و13% من الحركة السياحية، وتبادل تجارى يتجاوز 33 مليار دولار.

            ايران.. الحامى الرئيسى لنظام بشار، والحليف الأول لروسيا، لكنها توصلت بعد مفاوضات ثنائية سرية مع الولايات المتحدة، وجماعية مع القوى الكبرى، الى “صفقة شاملة” تعطيها حرية التحرك ضمن مجالها الجغرافى الحيوى كقوة إقليمية رئيسية.. تعتبر أهم القوى المعادية لإسرائيل، لكنها فى الحقيقة لم تتخذ أى إجراء عملى يعكس ذلك، حتى عندما قتلت الطائرات الإسرائيلية بعض قيادات الحرس الثورى وحزب الله بالجولان، إكتفت ببيانات الإدانة والتهديد خالية المضمون.. التدخل الروسى حرمها من قيادة الموقف بسوريا، ومن ثمرة الإتفاق الجديد.. بدء سحب بعض تشكيلات “نخبة الحرس الثورى” بحجة إرتفاع خسائرها منذ التدخل الروسى، يعكس إمتعاضها.

            السعودية.. موقفها من الأزمة السورية ينطلق من رؤية طائفية للصراع السياسى بالمنطقة.. لذلك دعمت جماعات المعارضة السنية التى تسعى لإسقاط نظام بشار المدعوم من ايران الشيعية، معظم دعمها العسكرى انتهى الى “داعش”، والمالى للنصرة، وارتد فى صورة عمليات إرهابية تستهدف النظام السعودى ذاته، بالداخل وبمناطقه الحدودية.. العلاقات السعودية الإستراتيجية مع أمريكا تتعرض للخلل، بسبب عدم تقبلها لأى مرونة سياسية، حتى ولو مرحلية تجاه بشار.. حاولت المناورة، فلجأت لروسيا، المساند الرئيسى لنظام بشار، إعتقادا منها بإمكانية تغيير موقفها!!، وكأنها لاتدرك ان استراتيجيات القوى العظمى تحركها المصالح، والمصالح الروسية تفرض دعم النظام الذى يؤمن لها أكبر تواجد عسكرى خارج أراضيها، فشل المبادرة فرض الإنحياز لخطة ماكين، وتشكيل “التحالف الإسلامى” الذى يعيد العثمانيين للصدارة.

          الأردن.. أفرزت سجونه مجموعات من المتشددين، أبرزهم أبومصعب الزرقاوى، الذى أسس داعش عقب هروبه للعراق، أمريكا افتتحت على أراضيه منذ 2006 معسكرات لتدريب وإعداد قادة الجماعات التى نفذت سياسة الفوضى الخلاقة بالمنطقة العربية، والتى تخرج منها “الخليفة” أبوبكر البغدادى، وقرابة 2000 مقاتل، وبعض دول الخليج والجزيرة إشتركت فى انشاء معسكرات لتدريب وتسليح “الثوار السوريين”، وتسللهم عبر الحدود.. الأردن أنشأ مركزاً لقيادة عمليات جنوب سوريا قرب عمان “الموك”، ضم ممثلين عن أمريكا وحلفائها الرئيسيين، بعض المدن مثل الزرقاء شهدت مظاهرات شعبية إبتهاجاً بإعلان الخلافة الإسلامية نهاية يونية 2014!!.. بعد حرق معاذ الكساسبة خرجت طائراته للإنتقام، وعقب التدخل الروسى، أغلق المعسكرات، وأوقف الدعم عن “الثوار”، وجمد الأنشطة المضادة لسوريا على أراضيه، بما فيها “الموك”، ووضع آلية للتنسيق العسكرى والمخابراتى مع موسكو ضد «داعش»، مقرها عمان، ورفع حالة التأهب على حدوده لمنع ارتداد الارهابيين لأراضيه هرباً من الضربات الروسية.

          حتى مصر.. تغافلت عن حقائق التاريخ والجغرافيا، وأهمها ان جيشها الأول هو الجيش السورى، وان معظم انتصاراتها التاريخية فى الإقليم إنطلقت من الشام، بالتعاون مع أهله، وان الدفاع من داخل الحدود المصرية كان نتيجته تاريخياً إنتصار الغزاة.. مصر انشغلت بهمومها الداخلية، عما يحاك لسوريا من مؤامرات، فقد ربطت المؤامرة بين تزامن سقوط نظام مبارك بمصر، وما أعقبه من فوضى، مع اندلاع الثورة السورية.. وازداد الطين بلة، بقطع مرسى للعلاقة مع سوريا، ومشاركة ميليشيات الإخوان فى محاولة إسقاط النظام السورى، كمقدمة لإسقاط مصر.. الآن بدأت مصر عملية المراجعة، وتعديل مواقفها، لدعم سوريا، ولكن بالحكمة والرصانة، مراعاة لحلفائها فى الخليج والجزيرة.

          مواقف القوى الإقليمية والدولية اتسمت منذ بداية الأزمة السورية بالتناقض والإلتباس، على النحو الذى يستحيل معه تحديد من يحارب من؟! ومن يدعم من؟!، وشهدت خلطاً وتخبطاً يصعب معه توصيف علاقات الصداقة ومحاور العداء.. تلك الضبابية ضاعفت من حالة السيولة السياسية بالإقليم، وجعلت تسوية الأزمة درب من المستحيل.. فهل تساهم موجة المكاشفة الراهنة فى إجراء عملية فرز، يمكن فى ضوئها وضع أسس لحلحلة الأزمة؟!.

 
تعليق واحد

Posted by في 2015/12/21 بوصة غير مصنف

 

فى إحياء الإخوان لذكرى يناير «لاعزاء للمصريين»

مظاهرات الإخوان

منذ فشل الإخوان فى الحشد للذكرى الرابعة لثورة يناير “2015”، وهم يوجهون الأهالى للتقدم بشكاوى لمجلس حقوق الإنسان، تتعلق بالـ”إختفاء القسرى”، المجلس نظم جلسة استماع فى أكتوبر لتقصى الحقائق المتعلقة بـ163 شكوى تلقاها منذ أبريل، الإخوان نظموا حملات “أوقفوا الاختفاء القسري”، “الحرية للجدعان”، و”الإخفاء القسري جريمة”، دعمتها تقارير خضعت للمزايدة، عن منظمات بعضها دولى والآخر محلى مدعوم من الخارج.. تقرير هيومان رايتس مونيتور عن النصف الأول لعام 2015 بعنوان “الاختفاء القسري الممنهج جريمة ضد الإنسانية”، تضمن وجود 582 حالة إختفاء قسرى، تقرير التنسيقية المصرية للحقوق والحريات بعنوان “وراء الشمس” عن نفس الفترة إرتفع بالرقم لـ1023، تقرير المفوضية المصرية للحقوق والحريات تراجع به لـ215 خلال شهري أغسطس وسبتمبر، أما “مركز النديم” فقد إقتصر على 40 حالة فى نوفمبر.. الإتهامات المتعلقة بالإختفاء القسرى تستهدف تشويه الإعتراف الدولى بشرعية نظام الحكم، والتمهيد لتصعيد الأمر للجنائية الدولية.

          فى توقيت متزامن أطلق البرادعى، أبوالفتوح، أيمن نور، يسرى فودة، وجميلة إسماعيل تغريدات تؤكد ان الإختفاء القسرى ظاهرة ممنهجة بمصر.. مشاركة توكل كرمان، وعودة وائل غنيم، والدعوة لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، والنزول للميادين فى 25 يناير 2016، أكدت دور التنظيم الدولى للإخوان، خاصة بعد بيانه فى 28 نوفمبر، الذى نفى كل ماتردد عن استعداد للتصالح مع النظام، وأكد على التمسك بمشروعية ماقبل 3 يولية 2013، ليوفر الأرضية السياسية لتحرك عناصر الخطة.. حافظ أبوسعدة “المنظمة المصرية لحقوق الإنسان” نفى كون الإختفاء القسرى ظاهرة ممنهجة، وأيمن عقيل “ماعت” وصف التغريدات بـ”محاولة للبلبلة والتسخين قبل 25 يناير”، وتنظيم “بيت المقدس” الإرهابى كشف أسماء القائمين بتفجير فندق القضاة بالعريش؛ “أبو حمزة المهاجر”، و”أبو وضاء المهاجر”، أحدهما إختفى قسريا منذ ثلاثة شهور، والآخر لحق به بعد شهرين، نفس الإدعاء عند اختفاء احمد الدوري منذ عامين، قبل إعلان داعش مقتله فى عملية إنتحارية بالعراق، وغياب “ياسمين معالى”، قبل إكتشاف أصدقاءها انها هربت للسويد، بعد إستيلائها “بالنصب” على مبالغ ضخمة.

          عناصر الإخوان وظفت إحتجاجات حملة الماجستير والدكتوراه منذ يونية الماضى، لخدمة المخطط.. إنتقلوا من سلم نقابة الصحفيين، الى مقر مجلس الوزراء، ثم أمام نقابة المحامين، وانتهوا بتجربة النزول لميدان التحرير، إستعداداً لذكرى يناير، عند القبض على بعضهم، يتبين ان المحرضين 14 ينتمون بصلات قرابة وعلاقات قوية مع عناصر إخوانية محبوسة، وجماعة ٦ أبريل وحزب الدستور والاشتراكيين الثوريين، وبنفس الطريقة تم تحريك وتوظيف الإضطرابات العمالية، لخلق حالة من السخط والتذمر الشعبى.

          وسط عمليات الحشد، تعددت الشكاوى من التعرض للتعذيب بمعرفة بعض أفراد الشرطة، ربة منزل تعرضت للضرب والسحل من أفراد مباحث قسم حدائق القبة لإستنكارها تعديهم على أحد المواطنين، وفتاة قاصر تعرضت للإنتهاكات خلال إحتجازها بتهمة السرقة بقسم ثان شبرا الخيمة.. لجنة الحريات بنقابة المحامين إبرزت تلك الوقائع، والإعلام قام بتضخيمها، ورغم ذلك وقعت خمسة تجاوزات خلال أسبوعين، حققت ترويجاً لإدعاءات الإخوان، شاب توفى بقسم شبين القناطر محافظة القليوبية بعد ساعات من القبض عليه واحتجازه.. وآخر توفى بعد ساعة من القبض عليه وإحتجازه بقسم شرطة العوامية بالأقصر، طبيب بيطرى مدان فى قضية إتجار فى الحبوب المخدرة، توفى بعد ساعة من إحتجازه بقسم شرطة أول الإسماعيلية.. الرابع توفى بقسم ثان المنتزه بالأسكندرية، والأخير بقسم شرطة الوراق، وقائع توفر مبرراً للمظلومية، وتقدم أيقونات للغضب، على غرار خالد سعيد، بهدف إسقاط الداخلية، كمقدمة لإسقاط النظام، مما يطرح التساؤلات.. هل هى مجرد تجاوزات فردية كرد فعل للضغوط الناتجة عن إستهداف عناصر الشرطة؟!، أم أنها تعمد للإساءة، يتولى تنفيذها عناصر مدسوسة من داخل المؤسسة، أو خارجها؟!.

          الرئيس عمر البشير، شارك فى دعم مخطط الإخوان، ليعطى للقضية بعداً دولياً، يتعلق بسوء معاملة مصر للسودانيين إستناداً لواقعة السودانى المتورط فى تجارة العملة، وسقوط عدد من السودانيين فى إشتباكات مع حرس الحدود خلال محاولتهم التسلل لإسرائيل، البرلمان السودانى تناول أوضاع السودانيين بمصر على نحو موسع، بصورة أقرب لحملات الكراهية، خاصة مع إقترانه بتجديد الشكوى المتعلقة بحلايب وشلاتين لمجلس الأمن، والتشديد على أهمية التنسيق مع أثيوبيا بشأن سد النهضة.

          خطة التحريض والحشد إهتمت بعامل التنسيق والتنظيم، أبوالفتوح وأيمن نور وأبوالعلا ماضى التزموا بأجندة مكتب الإرشاد الخاصة بتحقيق الإصطفاف الوطنى، والصلح مع الحركات الثورية المعارضة للنظام، أملاً فى توسيع نطاق المشاركة في تظاهرات يناير، والناشط إسماعيل الإسكندرانى تم إستدعاؤه، لإستثمار خبرته كمنسق للحملة الشعبية لدعم البرادعى قبل ثورة يناير 2011، ودوره فى تأسيس اللجنة التنسيقية لشباب القوى الوطنية بالإسكندرية، التي نظمت الاحتجاجات الجماهيرية منذ مقتل خالد سعيد وحتى اندلاع الثورة، ثم دوره كمنسق ميداني لإقليم القناة وسيناء وعضو حملة أبو الفتوح الرئاسية.

          حسناً فعل وزير الداخلية بإيقاف ثلاثين ضابط وعشرين أمين وخمس أفراد شرطة عن العمل، وتحديد إقامتهم لحين الانتهاء من الإتهامات الموجهة لهم بانتهاك حقوق المواطنين، وحسناً فعل السيد الرئيس بزيارته لأكاديمية الشرطة، وحواره البناء مع رجال الداخلية، لكن الأهم هو الإرتقاء بمستوى التدريب على مهارات الإستجواب، والثبات الإنفعالى، ووضع قواعد محددة وصارمة للتعامل مع المواطنين، لتجنب تبعات الأخطاء الفردية.

          نتائج إنتخابات مجلس النواب، قد لاترقى لمتطلبات المرحلة، لكنها كاشفة، وتعكس دلالات بالغة الأهمية.. هزيمة ناعوت والشوبكى وباسل عادل، وأقرانهم، تعكس رفضاً شعبياً لرموز ثورة يناير.. فوز رجال الأعمال رغم نفور الرأى العام من بعضهم، لايرجع للمال السياسى فقط، لكنه يعكس قدر من التعاطف مع ماتعرض له بعضهم من ملاحقات وضغوط إبان حكم الإخوان.. نجاح 36 من الاخوة المسيحيين، بعضهم فاز كمرشح فردي من الجولة الأولى، لأول مرة فى تاريخ البرلمان المصرى، يعكس معارضة صريحة لمنهج حكم الإخوان فى التمييز والتعصب الدينى.. فوز عكاشة بـ95 الف صوت، رغم أنه موضع جدل، يرجع لإنحيازه للمؤسسة العسكرية، ولثورة 30 يونية، ومعاداته للإخوان، ولنفس السبب إرتفع عدد الجنرالات الفائزين.. حصول المرأة على 78 مقعد لأول مرة فى الحياة النيابية المصرية يعكس رفضاً لتمييز الإخوان والسلفيين ضدها، وتعاطفاً مع ماتعرضت له بالميادين من إمتهان بلطجيتهم.. الهزيمة المنكرة لحزب النور قد لاتتناسب مع تأييده لـ30 يونية، لكنها تأديب لتحالفه السابق مع الإخوان، ورفض عودة المتدسرين بالدين للواجهة السياسية.. التصويت فى الانتخابات البرلمانية كان عقابياً ضد الإخوان، لذلك فإن إحياؤهم لذكرى ثورة يناير قد يشهد حضوراً فاعلاً لجماعات العنف والتخريب، التابعة لتحالف دعم الشرعية، ولكن.. «لاعزاء للمصريين».

 
تعليق واحد

Posted by في 2015/12/16 بوصة غير مصنف

 

ليبيا من «ليون» و«كوبلر» الى «داعش»

3333

الألمانى مارتن كوبلر تسلم مهامه كمبعوث دولى لليبيا، بعد انتهاء ولاية الأسبانى برناردينو ليون، الذى قاد عام من المفاوضات غير المباشرة بين أطراف الأزمة، الفروق الشخصية بينهما لاتعنى الكثير، فجميعهم ينفذون أجندات غربية، لإعادة ترتيب الأوضاع بالمنطقة.. رغم عام من الوساطات، لم يجمعوا الفرقاء الليبيين على مائدة واحدة، مايعكس صورة ليبيا المقسمة التى يريدون تكريسها.

          المفاوضات ضمت وفد “البرلمان” الشرعى بطبرق، والنواب المقاطعون لإجتماعاته، والمستقلون، و”المؤتمر” الوطنى المنتهية ولايته بطرابلس، الذى شارك فى بعض الإجتماعات، وغاب عن الكثير، كوسيلة للضغط.. “اتفاق المصالحة”  إستند على مبدأ التوافق، وعدم تكريس هزيمة طرف، وإعتبار مايجري صراع سياسى، متجاهلاً طبيعة الميليشيات ودورها الإرهابى، ماأكسبها الشرعية.. الإتفاق تضمن ثلاثة محاور.. حكومة وفاق وطنى.. “البرلمان” يمثل الهيئة التشريعية للنظام.. مجلس أعلى للدولة يشغل أعضاء “المؤتمر” 75% من مقاعده، وتتجاوز صلاحياته الدور الإستشارى الى التشريعى، يشارك “البرلمان” فى القرارات السيادية؛ كتعديل الإعلان الدستورى، سحب الثقة من الحكومة، إصدار القوانين، تعيين شاغلى المناصب السيادية فى الجيش، الأمن، المصرف المركزى، النيابة العامة، ديوان المحاسبة، الرقابة الإدارية، مكافحة الفساد، ومفوضية الانتخابات، والتى تقضى المادة الثامنة من الإتفاق بإعادة النظر فيها خلال 20 يوماً، ومالم يتم التوافق بشأنها تصبح شاغرة، مايعنى مشاركة “المؤتمر” فى تعيين الكوادر التى تقود الدولة، أما النواب المقاطعون فقد منحهم الإتفاق حق إعادة النظر في القرارات والتشريعات الصادرة فى غيابهم، مايعني حق إلغاءها!!.

          تشكيل حكومة الوفاق، التى أعلنت ضمن إجراءات تنفيذ الإتفاق خضعت تارة لمنطق المحاصصة، واخرى لتوازنات القوى، وثالثة لإعتبارات براجماتية، ماحولها لتركيبة غير متجانسة قد يصعب توافقها.. يرأسها فايز السراج، عضو البرلمان عن طرابلس، ونجل مصطفى السراج صاحب الدور الوطنى إبان الإستقلال، مايمكنه من نقل مقر الحكومة للعاصمة، الخاضعة لقوات “فجر ليبيا” و”المؤتمر” والإخوان.. الإتفاق تضمن تشكيل مجلس رئاسة، يضم رئيس الوزراء وثلاثة نواب؛ ووزيرين، لكنهم توافقوا على توسيعه ليضم خمسة نواب، وثلاثة وزراء.. “البرلمان” و”المؤتمر” رفضا الإتفاق، لكن نواب فزان بالبرلمان تقدموا بمبادرة لقبوله، أيدها 92 نائب، تضمنت إشتراط الإجماع فى إختيار المناصب السيادية العليا، والتحفظ على المادة الثامنة، حتى لاتطيح بقادة المؤسسات المنبثقة عن الحكومة “الشرعية”، وعلى رأسها الجيش.

          وضع قوات “فجر ليبيا” أعقد ماواجه الإتفاق، فهى أكبر من الميليشيات، وأقل من الجيش الوطنى، أكبر تشكيلاتها كتائب مصراتة، مايفسر إختيار عبد الرحمن السويحلي “مهندس عملية فجر ليبيا” لرئاسة مجلس الدولة، وفتحى بشاغة قائد أحد الكتائب لمجلس الأمن القومي، لقدرتهما فى التأثير عليها، وضمان ولائها للحكومة، وحماية تواجدها بطرابلس، مما أدى لتحولات جوهرية؛ فقد إنسحبت ميليشيات مصراتة من قوات فجر ليبيا وأعلنت قبولها للإتفاق، قيادات فجر ليبيا الرافضة إجتمعت بتركيا مع المبعوث الدولى وممثلى الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن، بحجة بحث الترتيبات الأمنية المتعلقة بتنفيذ الإتفاق، وعادوا ليحاصروا مقر حكومة طرابلس إحتجاجاً على رفض “المؤتمر”!!، وتشكلت داخله مجموعة من 45 عضو مؤيدة للإتفاق ومعارضة لرئاسته، وحزب العدالة والبناء التابع للإخوان رحب بالإتفاق رغم تحفظاته السابقة.. كل المؤشرات تؤكد ان الغرب يتحكم فى خيوط اللعبة السياسية بالبلاد.

          الجميع تطلع لمشروع الدستور الذى تعده الهيئة التأسيسية، بإعتباره البديل الوطنى للمشاريع الدولية، لكن إلخلافات الجهوية والعقائدية بين الأعضاء، وتناقض مصالحهم، حال دون توافقهم على التوجهات والمحاور الرئيسية، الترهونى رئيس الهيئة شكل لجنة منتخبة من 12 عضو تمثل الأقاليم الأربعة، لإنهاء المشروع بالتزامن مع انتهاء المدة القانونية للبرلمان فى 20 أكتوبر، بحيث لاتكون هناك مؤسسة شرعية يسلمه لها، وبالتالى يتولى إدارة البلاد حتى الانتخابات التشريعية القادمة، باعتباره رئيساً للمؤسسة الوحيدة المنتخبة شرعياً، “البرلمان” إستبق ذلك، ووضع خارطة طريق، قبيل انتهاء مدته، تضمنت تمديد ولايته لستة شهور، مافوت الفرصة على الترهونى، وفجر الخلافات داخل اللجنة، الى حد بدء جمع التوقيعات لتنحيتة.

          “داعش” تسيطر على سرت والنوفلية بالوسط، وتنتشر فى درنة وبنغازى بالشرق، وأجزاء من طرابلس ومصراتة فى الغرب، وصبراتة قرب الحدود التونسية، ومحيط مدينة سبها بالجنوب، وتسعى لتعويض فشلها فى السيطرة على الطريق الساحلى من درنة للحدود المصرية، بالإستعداد لدخول إجدابيا، والسيطرة على الطريق الدولى الجنوبى المفتوح الى طبرق، ثم الى حدودنا المستهدفة.. “داعش” تستكمل مؤسسات الدولة بعاصمتها “سرت”، خاصة الشرطة الإسلامية، المحاكم الشرعية، دواوين التعليم، وبيت المال، وتستعد لإجتياح منطقة الهلال النفطى، لتوفير مصادر تمويل لتمددها، كما فعلت بسوريا والعراق، مستفيدة من تدفق النازحين بعد الغارات الروسية فى سوريا، والعمليات الموسعة بالعراق.. ضمن النازحين قيادات للدعوة “تركي البنعلي”، “أبوسفيان السلمي”، “أبوضرغام”، و”أبوهمام الأثري”، مايؤكد التوسع فى تجنيد أعضاء جدد من الداخل الليبى، إضافة للمتطوعين الجدد القادمين عبر تركيا والسودان وتونس، بعد نقل معسكرات الإعداد والتدريب لليبيا.. “داعش” قبلت بيعة “بوكو حرام”، وأشركت مقاتليها فى معارك سرت، وأعلنت تأسيس فرع بغرب أفريقيا، مايعكس نيتها للتوسع تخفيفاً لما تتعرض له من ضغوط بسوريا والعراق، وتشتيتاً للحملة الدولية ضدها.

          الإتحاد الأوروبى –خاصة ايطاليا- كثف تواجده البحرى بالمياه الإقليمية الليبية، لمنع الهجرة والإتجار بالبشر، لكنه لم يوقف تسلل الدواعش لليبيا، تونس أغلقت حدودها مؤقتاً، والجزائر طبقت إجراءات إحترازية، وأخضعت الممرات الحدودية لقانون الطوارئ.. الجيش التشادى يتمركز فى “كوريدى” بالاراضي الليبية، والرئيس دبّى كرر تهديداته بالتدخل لمواجهة التنظيمات الإرهابية، مطمئناً للتأييد الفرنسى، خاصة بعد إعتداءات باريس.. تركيا تستقبل العناصر الإرهابية للعلاج، وقطر تزودها بالسلاح عبر السودان، وتسعى لدعم نفوذها جنوب ليبيا، باستضافة مفاوضات وقف إطلاق النار بين قبائل “الطوارق” التى تدعم “المؤتمر” وفجر ليبيا، و”التبو” المنحازة للبرلمان والجيش الوطنى، أهم بنود إتفاق السلام فتح الطريق الرابط مع “أوبارى”، لتسهيل عبور الأسلحة والمتسللين للميليشيات، أو تهريبها للدول المجاورة!!.

          تفكك مؤسسات الدولة الليبية أعاد المنظومة القبلية للصدارة.. المجلس الأعلى للقبائل والمدن تأسس مايو الماضى، وإنبثقت عنه تكتلات، إجتمع بعضها بتونس والآخر بالقاهرة والثالث ببلدة سلوق “قرب ضريح عمر المختار” جنوب بنغازى، ما أعاق محاولات توظيفه كمجلس “شيوخ”، يعمل على وقف القتال، ويتولى إدارة البلاد.. ومن بلدية “جادو” فى الغرب أعلن مبادرة لتنظيم لقاء يجمع “البرلمان” و”المؤتمر” ضمن حوار “ليبي– ليبي” مباشر، تحكمه القيم التقليدية، تنأى به عن المصالح السياسية، والتدخلات الخارجية، لإنهاء الأزمة، بتأسيس مجلس تشريعي يجمع أعضاء المؤسستين المتنازعتين، وتشكيل حكومة لتسيير الأعمال، الى ان يتم الإستفتاء على الدستور.. مبادرة عملية تعكس تناول عقلانى للأزمة، لكنها للأسف، تفتقد لآليات التنفيذ، وكيفية التغلب على تناقض المصالح، وتعارض الإرتباطات.. متى يُستكمل ذلك فى دولة تمثل الإمتداد الحيوى لأمن مصر القومى؟!.

 
تعليق واحد

Posted by في 2015/12/08 بوصة غير مصنف

 

حتى لايغرق أمننا القومى بمستنقعات «جوبا»

1

متمردو جنوب السودان حاربوا الحكومة عشرين عاما، بتحريض الجمعيات الدينية الأمريكية، والإرساليات الأوروبية، بوش وضع الجنوب فى قمة اهتماماته، مستهدفاً فصله، بحجة تشدد البشير فى تطبيق الشريعة، على إقليم أغلبه من الوثنيين والمسيحيين، وسماحه للصين بالإستثمار فى نفطه، ودعمه للإرهاب.. رغم تسليم البشير للإرهابى كارلوس “1994”، وطرد بن لادن “1996”، الا ان الخارجية الأمريكية كلفت شركة “دين كورب” بدعم متمردى الجنوب فى مفاوضاتهم مع الشمال “2001”، ثم تدريبهم وتحويلهم لقوة عسكرية محترفة.. وبعد اتفاق السلام بنيفاشا 2005 زودتهم بـ300 مليون دولار دعم عسكرى.. أمريكا دفعت مجلس الأمن لتكليف الجنائية الدولية بالتحقيق فى الإبادة الجماعية بدارفور “2005”، المحكمة اتهمت البشير بالتورط “2008”، أصدرت مذكرة بإعتقاله “2009”، وأضافت اتهامات جديدة قبل الإستفتاء، لتثمر الضغوط عن فصل الجنوب رسمياً “يولية 2011”.

          الجنوب يواجه تحديات خطيرة.. بمقتضى إتفاق السلام عُيِّن جون جارانج زعيم حركة التحرير رئيساً لحكومة جوبا، ونائباً أول لرئيس الجمهورية.. بعد ثلاثة أسابيع من أداءه للقسم قُتل فى حادث تحطم المروحية التي إستقلها عائدا من أوغندا، الخبير الروسى رودولف تيمورازوف الذى أشرف على التحقيقات نفى وجود سبب فنى لسقوطها، والرئيس موسفينى ألمح لتعرضها للتخريب، ماأغضب الخرطوم.. غياب جارانج فجر الصراع بين قيادات الحركة، رياك مشار نائب الرئيس أعلن عزمه منافسة الرئيس سلفا كير فى انتخابات الرئاسة، تم إعفاؤه ومعظم قادة الحركة من مناصبهم “يولية 2013″، فنشبت الحرب الأهلية الثانية “ديسمبر 2013” بين قبيلة الرئيس “الدينكا”، وقبيلة مشار “النوير”، وإستمرت 20 شهراً.. شردت 2.23 مليون، لجأ منهم 730 ألف للدول المجاورة، قرابة 8 مليون نسمة من إجمالى السكان “11.6 مليون” يعانون نقص الغذاء، و250 الف لاجىء قادمون من حوض النيل الأزرق وجنوب كردفان بالسودان الشمالى شكلوا عبئاً إضافياً.. الحرب قلصت عائدات النفط التى تشكل 90% من الإيرادات، بعد تراجع الإنتاج من 400 الف برميل/يوم 2013، لـ150 الف، والفساد بدد الباقى، الحكومة إعترفت منتصف “2012” بأن بعض مسئوليها “سرقوا” اربعة مليارات دولار!!.

          اتفاق السلام وقع “أغسطس 2015″، برعاية الترويكا، ومنظمة “إيجاد”، أعاد مشار نائباً للرئيس، نزع سلاح العاصمة جوبا، فوض بعض السلطات للمتمردين بأعالى النيل الغنية بالنفط، وفرض تشكيل حكومة إنتقالية خلال ستة شهور.. عارضة جنرالات الجيش، وميليشيات الدينكا، لكن كير وقعه رغم تحفظاته، تجنباً للعقوبات الدولية، ثم ناور بإعادة تقسيم الولايات إلى 28 بدلاً من 10 “أكتوبر 2015″، على نحو يكفل إحكام سيطرة “الدينكا” على مناطق النفط، ويرضى قبائل ومجموعات عرقية صغيرة، مايوسع دائرة تحالفاته فى مواجهة النوير، التقسيم عارضه مشار وتحالف أحزاب المعارضة، وأثار قلق الترويكا والـ”إيجاد” والإتحاد الأوروبى، وأدى لإنشقاق اثنين من الجنرالات، وتشكيل “قوات تايجر الجديدة”، المعارضة لكير ومشار.

          كير يعتمد على دعم أوغندا المباشر، التى تبنت الحركة الشعبية إبان معركة الإنفصال، طمعاً فى نفط الجنوب، وسوقه الإستهلاكى، ودوره كمنطقة عازلة، تحول دون دعم الشمال لمتمردي “جيش الرب”، رداً علي دعمها للحركة، القوات الأوغندية تدخلت بداية 2014 بالإتفاق مع كير، لتأمين جوبا وولاية جونفلى، ثم دخلت مقاطعة ماقوى على الحدود المشتركة “أغسطس 2015″، ووضعت علامات ترسيم للحدود مخالفة للشريط الحدودي المعروف منذ 1956، السكان ازالوها، والسلطات إحتوت الموقف.. ضعف الدولة أغرى الدول المجاورة بالتدخل فى شئونها الداخلية، القوات الكينية احتلت جزءاً من ولاية شرق الاستوائية “مارس 2015″، والحكومة فضلت الحل الدبلوماسى، تقديراً لأهمية كينيا كممر لتصدير النفط  عبر ميناء لامو، كبديل لـ”بورسودان”، أثيوبيا تدعم مشار للضغط على كير لدعم تشددها بشأن حقوق دول منابع النيل فى مواجهة دول المصب.. علاقة جوبا بالشمال تكتنفها الشكوك، الخرطوم تتهمها بدعم الحركة الانفصالية بجنوب كردفان والنيل الأزرق، والجنوب قلق من دعم الخرطوم لمشار، إضافة لمشاكل الحدود بمنطقة “آبيى”، التى تعرقل إنتاج النفط، وتهدد بالحرب.

          السودان الجنوبى بالنسبة لنا «قضية أمن قومى».. كوارثه لاتقع بالصدفة.. وإرتباطها بالمصالح المصرية مباشر.. الحرب الأهلية بينه وبين الشمال إندلعت 1983، بعد تنفيذ 70% من قناة جونجلى التى تزيد حصتنا من مياه النيل، فتوقف العمل، وتم إعطاب الحفارات.. الحرب الأهلية الثانية تفجرت “ديسمبر 2013″، مع بدء مصر عمليات مسح أراضيه، ضمن دراسات جدوى مشروع ربط نهر الكونغو بالنيل، الذى قدرت بعض الدراسات أنه يوفر ضعف حصتنا من مياه النيل.. تواجدنا بجنوب السودان يكتسب أهمية استراتيجية، خاصة فى ضوء التوترات التى تنتاب علاقاتنا بالشمال، والعداء الأثيوبى الذى فشلت معه سياسة “النوايا الحسنة”.. مصر غابت عن الجنوب خلال حروبه، مراعاة للخرطوم، وعندما وقع الإنفصال، كنا فى أتون ثورة يناير2011، لذلك لانلومهم لعدم الإنضمام للجامعة العربية، لأنهم رأوا ان إنتماؤهم الإفريقى يسبق انتسابهم العربى.. ولانعاتبهم لإختيار مقر سفارتهم في إسرائيل بالقدس، لأنهم حاولوا مجاملة إسرائيل لتوليها إنشاء مقرات سفاراتهم بالخارج.. ولانستنكر رفض وزير خارجيتهم السابق إستئناف العمل بقناة جونجلى، فكل مايعرفه عنها انها تزيد حصتنا من المياه، ويجهل أنها تجفف 1.5 مليون فدان من المستنقعات لتصبح قابلة للزراعة.. ولانقلق من إعتزامهم إنشاء سد على النيل الأبيض، فهم بحاجة للكهرباء، لكنهم فى غنى عن حجز المياه.. خسرنا حقبة زمنية، لكن ينبغى ان نكون اكثر حرصاً على المستقبل، وأن نركز على تنمية المصالح، زيارة سلفاكير للقاهرة نوفمبر 2014 وضعت اساس يمكن البناء عليه.. اتفاقات تعاون فى مجالات الثقافة، التعليم العالى، الشباب والطلائع، الزراعة والموارد المائية، الصحة، الكهرباء، ولكن ينبغى ان نُشعِر المواطن الجنوبى، اننا نسعى لتقليل معاناته، دون أهداف عقائدية، فقد عايش سخاء الإرساليات فى خدمات الصحة والتعليم والغذاء، ثم عانى من تواريها بمجرد نجاح الإنفصال، لذا ينبغى الا ننجرف للدعاوى الخاصة بإنشاء معاهد وفروع أزهرية، تجنباً لشبهة التحرك التبشيرى المنافس، فالأولوية لدى السكان، للغذاء والمأوى والأمن.. الإستثمارات المطلوبة متواضعة، ومتاحة بالقدرات والخبرات المصرية.. استصلاح الأراضى، تطهير المجارى المائية، بناء الجسور والسدود، تعبيد الطرق، الربط بين المدن، محو الأمية، توفير منح بالجامعات المصرية، حتى فى المجال العسكرى فإن إسرائيل إكتسبت ثقة الجنوبيين بتزويدهم بأسلحة غنمتها من حرب “1967”، ودربتهم عليها، ونحن لدينا ترسانة من ذلك الجيل من الأسلحة، يمكن ان ندعم بها الدولة الوليدة.

إزدهار مصر عبر التاريخ إقترن بتمدد نفوذها الخارجى.. تغيرت الظروف، اختلت التوازنات، وإختلفت الأدوات، وفُرِضَتْ ضوابط لتمدد الدول، لكن الدور السياسى والإجتماعى والثقافى، وغيرهم!!، يمثل بدائل إستراتيجية للتواجد فى ساحات تعتبر بؤر لأمننا القومى وثغراته.. فمتى تتوفر الرؤية، وتتحمس الإرادة؟!.

 
تعليق واحد

Posted by في 2015/12/03 بوصة غير مصنف