RSS

Monthly Archives: ماي 2015

سقوط الأنبار.. رسالة تحذير للسعودية!!

E2C549B9-605C-45AD-9B3C-A80147D5DD4E_w640_r1_s

عقب تحرير تكريت أول ابريل 2015، أعلن العراق ان معركتة التالية تحرير الأنبار، القيادة الأمريكية طالبت القيادة العراقية بمراجعة إختيارها، لأنها اميل للبدء بتحرير “الموصل”.. أهل بغداد أعلم بتخومها، والرؤية الإستراتيجية لقادة العراق هى الأصوب، بافتراض حسن النوايا.. محافظة نينوى يقطنها قرابة 5 مليون نسمة، وتحتل 9% من مساحة العراق، أما الأنبار فيقطنها 2 مليون نسمة، وتشغل ثلث مساحة الدولة، إرتفاع معدل الكثافة بنينوى يفرض صعوبات وكلفة فى حرب المدن.. البيئة الحاضنة فى نينوى ساعدت “داعش” على إختيار الموصل كبداية إجتياحها للعراق، أما البيئة الطاردة فى الأنبار فقد أخرت إحتلالها للرمادى قرابة عام.. سيطرة داعش على الأنبار يهدد سدود “حديثة، الرمادى، الفالوجا، الكرامة”، ويمكنها من التحكم فى قطاعى الماء والكهرباء، والقطاع الزراعى بمحيط بغداد، كما يطرح إحتمالات تهديد العاصمة، وإمكانية القفز على كربلاء.. كذلك فإن استكمال سيطرة “داعش” على الأنبار يمكنها من الإستفادة من موقعها الإستراتيجى المتاخم لسوريا والأردن والسعودية، خاصة فيما يتعلق بوصول الدعم لقواتها من تشكيلاتها ومخازنها بسوريا، وتهديد السعودية، والحيولة دون حصار قواتها بالعراق، مايجهض اى محاولة لتحرير الموصل.. هل هناك مبررات خفية للرؤية الإستراتيجية الأمريكية؟! أم ان العراق وقع فى الفخ؟!

القوات الامنية بالأنبار تجاوزت 32 ألف عنصر، إمتلكت ترسانة من الأسلحة والمعدات، لذلك تجاهلت القيادة المركزية طلباتها لمزيد من التعزيزات، وأهملت طلبات التسليح من قادة العشائر للمشاركة فى التصدى لـ”داعش”، لكن القيادة لم تقدر ان الأزمة تتمثل فى الإفتقاد للقيادات الميدانية الكفؤة، والتدريب والتأهيل النفسى، وانعدام إرادة المواجهة.. أداء الشرطة ينبغى خضوعه لتحقيق أمنى يتعلق بالولاء قبل الأداء، قائد شرطة الأنبار اللواء كاظم الفهداوي، أعلن فى 20 ابريل “زوال خطر داعش عن الرمادي، بعد وصول التعزيزات العسكرية المساندة لقطاعاتها الامنية”، لكنها سقطت، وأقيل 20 مايو.. كان مديراً لتدريب المخابرات العسكرية إبان حكم البعث، وقائداً للواء 60 حرس جمهوري، وواحداً من ابرز قيادات فدائيو صدام، أحيل للتقاعد بعد شموله بقانون “اجتثاث” البعث الذي صدر بحق القيادات العسكرية والسياسية بالنظام السابق، بعد حل الجيش 2003 شكل أول خلية للمعارضة المسلحة في الأنبار، وانخرط فى أنشطة الصحوات، قبل تعيينه قائداً لشرطة الأنبار اكتوبر 2014 بطلب من المجلس المحلى للمحافظة!!.. فالح العيساوى نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار اكد ان مجموعة من اربعة سيارات مسلحة أسقطت مركز شرطة حى الملعب بقوة 200 شرطى!!، ومجموعة أخرى من عشرة سيارات احتلت مركز شرطة الصقلاوية بقوة 450 شرطى مجهزين بـ67 رشاش متوسط!!، وكشف عن ان 8 آلاف شرطى من قوة المحافظة أعفوا من الدوام مقابل مبالغ مالية، وان بعضهم مُنضم لداعش!!.

بعد خسارتها فى تكريت، إعتبرت داعش معركة الأنبار “المعركة الأخيرة”، لذلك أحكمت سيطرتها على طرق المحافظة، بما فيها الطريق السريع الذى يربط بغداد بالحدود السورية الأردنية، ماقيد تنقلات القوات الأمنية وحال دون وصول الدعم لها، كما فرضت سيطرتها على كافة أقضية ونواحي المحافظة، باستثناء الرمادي وقضائي حديثة وعامرية الفلوجة، وأعادت توزيع قواتها، وشنت هجمات تكتيكية، تجاهلها الإعلام حتى لاتسرق فرحة نصر تكريت.. إحتلال داعش للرمادى يعكس مستوى عال من التدريب، وقدرات تكتيكية راقية، وكفاءة بالغة فى توظيف الإمكانات المحدودة لتحقيق إنجازات استراتيجية.. داعش إعتمدت تكتيك فتح جبهات متعددة ومتتابعة، بمواجهات بشرية محدودة، وإدارة ناجحة لعمليات تكاد تخلو من الإشتباك، ماينبغى إخضاعه لدراسات مدققة، حتى نتمكن من التصدى لجيل بالغ التطور من الإرهاب.. فى الرمادى استُهدِفَت القطاعات الأمنية ومبنى المحافظة وقيادة الشرطة والمجمع الحكومي ومقر قيادة عمليات الانبار والثكنات والمقار العسكرية بـ17سيارة مفخخة يقودها انتحاريون، فى الوقت الذى روجت فيه العناصر المندسة الشائعات، لنشر حالة الذعر والترهيب، مافرض الإنسحاب غير المنظم على العسكريين والمدنيين.. وفى الفالوجة والكرمة فجر اكثر من 30 انتحارياً أنفسهم فى القوات التى انسحبت تاركة أسلحتها الشخصية و400 قطعة سلاح، هى كل تسليح مركز الشرطة.. إستراتيجية الترهيب التى نشرتها داعش تيمنا بـ”حروب المغول” وفرت فرص النجاح لتكتيكاتها، ولن يتسنى مواجهتها دون إعادة تأهيل نفسية شاملة وجادة لكافة القطاعات العسكرية والأمنية بالعراق.

المناورات والضغوط الطائفية أخرت تنفيذ حكومة العبادى لبعض التزاماتها الواردة بوثيقة الإتفاق السياسى، التى شُكِلَت بموجبها سبتمبر 2014، وأهمها تشكيل الحرس الوطنى من متطوعى الحشد الشعبى ومسلحى العشائر والصحوات لتولى حفظ الأمن بمحافظات المواجهة، بإشراف الحكومات المحلية، والقادة العسكريين، أقرته الحكومة 3 فبراير الماضى، وانتهى مجلس النواب من مناقشته 18 مايو، تحت ضغط الموجة الجديدة لتمدد “داعش”.. عمليات تدريب أبناء العشائر السُنية فى الأنبار، إتسمت بالتباطوء حتى ان يوم سقوط الرمادى كان موعداً لتخريج أول دفعة تضم “1180 مقاتل” بقاعدة الحبانية شرق المدينة.. محاولات تبرير الهزيمة برفض العشائر مشاركة ميليشيات الحشد ينافى الحقيقة، فشيوخ عشائر الأنبار المشاركين فى المؤتمر الصحفى للواء قاسم المحمدى قائد عمليات المحافظة بسامراء منتصف يناير الماضى، دعوا المرجعية الدينية بالنجف لإشراك قوات “الحشد” فى محاربة التنظيم بالمحافظة، ثم عقدوا مؤتمراً بقضاء الخالدية شرق الرمادى أواخر ابريل وطالبوا بانضمام “الحشد” للمتطوعين من أبناء المحافظة، وبالفعل توجهت مجموعات منه للرمادى، لكنها انسحبت قبل ثلاثة ايام من سقوطها!!

***

أمريكا سرَّحت الجيش العراقى، فى الوقت الذى دعمت فيه إيران الميليشيات الشيعية المسلحة، لتسيطر فعلياً على محافظات الجنوب، أمريكا أسست ميليشيا “الصحوات” لتكون القوة المقابلة بالمحافظات السنية، لكن المالكى نجح فى تصفيتها عقب الإنسحاب الأمريكى، واشنطن سعت لإحيائها مجدداً، نظمت مؤتمرين لمشايخ عشائر السنة، بالعاصمة الأردنية عمان يولية ونوفمبر 2014، واستقبلت ممثليهم بواشنطن ديسمبر ويناير الماضيين، بهدف تشكيل ميليشيات من 100 الف مقاتل بالمحافظات السنية “الأنبار- صلاح الدين- نينوى”، وتسليحها مباشرة دون المرور ببغداد، وذلك لتحريرها، ثم فرض الأمن بها، كمقدمة للحكم الذاتى، أسوة بالمحافظات الكردية “دهوك- أربيل- السليمانية”، الحكومة العراقية وافقت على تسليح العشائر شريطة إتمامه من خلالها، ماأدى لتباطوء واشنطن فى عمليات التدريب والتسليح.. البنتاجون اشترط الشهر الماضى عدم مشاركة الميليشيات الشيعية فى تحرير المناطق السُنية، متعللة بتجاوزاتها الطائفية ضدهم، لكن الحقيقة انها لم تكن لترغب فى تمدد النفوذ الإيرانى بالعراق عن طريقها.. بعد سقوط الرمادى أعلنت واشنطن قبولها مشاركة “الحشد”، مادام “تحت سيطرة الحكومة”، دون أن توضح كيف خضع للحكومة، ولا مظاهر هذا الخضوع.. تغير الموقف الأمريكى يعكس تسليمها بالمصالح الإيرانية فى المنطقة ضمن “الصفقة الشاملة” التى ستوقع نهاية يونية المقبل؟!

بسقوط الأنبار تواصلت “داعش” مع تشكيلاتها فى سوريا، وسيطرت على قرابة 400 كيلومتر من الحدود مع السعودية، تفجير القطيف 23 الجارى إيذاناً بوصولها.. حال تحريرها بمعرفة قوات الحشد، المدعومة ايرانياً، يكون فيلق القدس التابع للحرس الثورى قد بلغ حدود المملكة.. وزير الدفاع الإيرانى سارع بزيارة بغداد و”كربلاء” خروجاً عن البروتوكول، والمقاتلون الشيعة دخلوا بلدة سنية قرب الحدود السعودية.. تطورات تؤكد أن كل الإحتمالات فى الصراع الدائر بالمنطقة، تؤدى لإستكمال حصار المملكة من الشمال، تخفيفاً للضغط عن حوثيين الجنوب، مايفرض مضاعفة الزخم لسرعة حسم معركة اليمن، ومواجهة تهديدات الحدود الشمالية.

gtaha2007@gmail.com

 
تعليق واحد

Posted by في 2015/05/29 بوصة غير مصنف

 

كامب ديفيد.. وحقيقة الرهان الأمريكى

518218182006

فى 2 ابريل الماضي وجه أوباما دعوته لحكام الخليج للقاء كامب ديفيد، لإقناعهم بقبول الإتفاق الإيرانى، وبالتالي تثبيته داخليا فى مواجهة مراجعات الجمهوريين المتوقعة لسياساته الخارجية، وتبديد قلق الشركات الأمريكية على مصالحها بالخليج.. فى 5 أبريل نشرت “نيويورك تايمز” تأكيد أوباما لتوماس فريدمان ان “الخطر على دول الخليج ليس إيران، وإنما هو إستياء شعوبها من غياب الاصلاحات، وفرص العمل، والمساواة” داعياً حكوماتها لأن تكون “أكثر استجابة لمواطنيها”!!.. قبل اللقاء بعشرة أيام تلقى أوباما من “هيومن رايتس ووتش” تقريراً عن تدهور حالة حقوق الإنسان بدول الخليج، مشفوعاً بخطاب يطالبه بالضغط على حكامها لتحقيق “الإصلاح” في بلادهم.. ضغوط واضحة، ومحاولات ترويض مسبقة للمفاوض الخليجى.. العاهل السعودى رد بالإعتذار، وأوفد بن نايف وبن سلمان، وأمير البحرين فوض ولى العهد، سلطان عُمان وحاكم الإمارات تغيبا لمرضهما، مثَّل الأول نائب رئيس الوزراء، والثانى ولى عهد أبوظبى، وإقتصر التمثيل الشخصى على أميرى الكويت وقطر.. أمر يعكس دلالات سياسية بالغة الأهمية، رغم محاولات التبرير.

 الضغوط المتبادلة لم تمنع الجانبين من الإهتمام بالتحضير الجيد لأول لقاء خليجى أمريكى على هذا المستوى، بعد فشل دعوة اوباما السابقة لعقد الإجتماع بالرياض 28 و29 مارس 2014، نتيجة لخلاف السعودية والإمارات والبحرين مع قطر.. محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي قابل أوباما بواشنطن 21 ابريل، جون كيرى زار الرياض 8 مايو، كما التقى وزراء خارجية دول مجلس التعاون بباريس 14 مايو، وزراء الخارجية إجتمعوا 30 ابريل، للإعداد للقاء التشاورى لقادة دول المجلس 5 مايو، الذى شارك فيه الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند، وهى السابقة الأولى لمشاركة رئيس اوروبى فى اجتماعات المجلس منذ إنشائه.. تلويح جدى ببديل للتحالف التقليدى مع واشنطن، هولاند أعلن “أمن الخليج من أمن باريس، ولن نتردد في أي عمل حتى لو كان عسكريا من أجل حلفائنا”، ضخامة حجم التبادل التجارى “20 مليار يورو”، واستيعاب السوق الخليجى لـ8% من الصادرات الفرنسية، و25% من مبيعات الأسلحة، وتطابق الموقفين الفرنسى والسعودى من أزمات المنطقة، حوَّل التلويح لتهديد جدِّى.

صياغة البيان الصادر عن الإجتماع عكست حرص واشنطن على تسويق إتفاق (5+1) مع إيران، وإزالة مبررات القلق الخليجى منه، بدءاً بإعلان الشراكة الإستراتيجية، والتعاون الدفاعى والأمنى، ووضع حلول جماعية للقضايا الإقليمية، وانتهاء بإستعدادها لإستخدام القوة لحماية المصالح المشتركة بالمنطقة.. عبارات لاقيمة لها فى الواقع العملى مالم تُشفَع بإتفاقيات ملزمة.. اوباما تمسك بالنص صراحة على إلتزام دول الخليج بالتشاور المسبق مع واشنطن عند التخطيط لأى عمل عسكرى خارج حدودها، على نحو يعكس معارضة أمريكا لإنشاء القوة العربية المشتركة، وهو -فى تقديرى- أهم أهداف الدعوة للقمة.

أوباما أعادة طرح مبادرة تشاك هيجل وزير الدفاع السابق أواخر 2013، بإنشاء نظام دفاع صاروخى موحد، وربط شبكات الرادار والإنذار المبكر وأجهزة الاستشعار، وهو عرض لم ترى فيه دول الخليج أية إضافة لنظام الدفاع ضد الهجمات الجوية والصاروخية Patriot الذى تم نشره بالسعودية ودول الخليج منذ 1990، وأستخدم فى التصدى لبعض صواريخ صدام إبان حرب الخليج، والذى تم تحديثه وإضافة نظام Thaad.. والحقيقة ان هذين النظامين لم يثبتا الفعالية والكفاءة التى تتناسب وضخامة التكلفة، ممايفسر شراء تركيا -رغم عضويتها للناتو- لمنظومة الدفاع الصاروخي الصينية (FD-2000) ،وذلك لكفاءتها وانخفاض تكلفتها، وبدء إسرائيل عملية إحلال درعها الصاروخى بنظام “أرو”، الذى تطوره بنفسها، وتنتجه شركة “بوينج”.. وبالطبع فإن النظام الأخير لايدخل ضمن المنظومة التى تعرضها أمريكا على الخليج، كما لن تدخل طائرات F35، التى قررت واشنطن إقتصار تصديرها على إسرائيل، مايفقد النظام الدفاعى المعروض أية إضافة، باستثناء الربط بين شبكات دول الخليج، وهى مسألة تواجه صعوبات إدارية وأمنية وتقنية بالغة.. وتقديرى ان دول الخليج التى تعانى ميزانياتها من اعباء مثقلة نتيجة انخفاض اسعار البترول، وارتفاع تكلفة التزاماتها الدفاعية، ستحاول التملص من ذلك العرض، الذى لايحقق أى مردود عملى، سوى ضخ مليارات الدولارات فى الإقتصاد الأمريكى، تضاف لمشترياتها التى بلغت حوالى 500 مليار دولار من 2002 إلي 2012، بخلاف مشتريات السعودية 2014 التى تجاوزت 80 مليار، والإمارات 23 مليار، وقطر 11 مليار.

***

تجاوز الإغراق فى متابعة التطورات الإقليمية المتسارعة، والتدقيق فى الأهداف الإستراتيجية الأمريكية يؤكد ان تعاونها مع إيران لازال يمثل أحد المحاور الرئيسية لحركتها، رغم إدراكها لما طرأ من تطورات على السياسة الإيرانية منذ وصول الأئمة للحكم 1979، وتحولها الى حليف استراتيجى لروسيا والصين، وقوة إقليمية تلعب لحسابها.

إذن ماهو الهدف من استمرار تعويل أمريكا على الدور الإيرانى بالخليج والمنطقة العربية؟!.

تعلمنا من لُعبة السياسة ان الحقائق على الأرض هى الأقرب لنظرية المؤامرة.. الهدف الإستراتيجى للسياسات الأمريكية فى منطقتنا العربية -والتى يصنعها اللوبى الصهيونى- هو ضمان أمن إسرائيل، من خلال واقع يتم فرضه من داخل الإقليم، دون الإعتماد على ضمانات خارجية، حتى لو كانت أمريكية، وهو الهدف الذى من أجله وُضِعَت ونُفِذَت إستراتيجية “الفوضى الخلاقة” منذ 2006، لتقسيم المنطقة الى دويلات طائفية، تنشغل عن إسرائيل بصراعاتها، ويسهل السيطرة عليها، مصر أفشلتها بانتفاضتها ضد الإخوان فى30 يونية 2013، الإستراتيجية الأمريكية البديلة تعتمد على استخدام إيران كـ”فزاعة” لدول المنطقة.. الإتفاق الإيرانى يتضمن انهاء العقوبات، والإفراج عن الأرصدة المجمدة “120 مليار دولار”، مايسمح لإيران بمزيد من التمدد، ومضاعفة قدراتها النووية بعد انتهاء فترة الحظر وفقاً للإتفاق “سواء 10 أو 15 عاماً”، وهذا التهديد يفرض على دول الخليج البحث عن ضمانات لأمنها، بعد تزعزع ثقتها فى واشنطن، نتيجة تخليها عن الأنظمة الموالية بالمنطقة.. اول البدائل المتاحة وفقاً للإستراتيجية الخليجية التقليدية هى اللجوء لتحالفات إقليمية، باكستان وتركيا كانتا القوتين المرشحتين، خاصة مع امتلاك الأولى لسلاح الردع النووى، وعضوية الثانية بالناتو، لكن تخاذلهما عن المشاركة فى “عاصفة الحزم” أسقطهما كبديل، البديل الثانى هو التحالف مع قوة أوروبية.. التعاون الفرنسى يتنامى منذ سنوات، لكن دول الخليج تدرك ان دافعه المصلحة الإقتصادية، فرنسا لن تحارب معركتهم إذا مابدأت المواجهات.. البديل الأخير، والرهان الأمريكى، هو فرض تحالف -غير مُعلن- بين دول الخليج وإسرائيل، خاصة وانهم يتفقون على معارضة الإتفاق الإيرانى، ويشتركون فى القلق من قدراتها النووية.. إمتلاك اسرائيل للنووى، وقدراتها العسكرية، التى تمكنها من ضرب المفاعلات الإيرانية، يجعلها أهم البدائل.. توحد موقف دول الخليج مع اسرائيل ضد إيران، يُنهى سنوات المواجهة العربية الإسرائيلية، ويحقق توازناً للردع بالمنطقة.. هذه الإستراتيجية ليست وليدة الساعة، وإنما يتم الإعداد لها منذ سنوات، مايفسر ضرب المفاعل النووى العراقى 1981 بمجرد وضوح طموحه فى إمتلاك طاقة نووية، وكذا القرار الأمريكى بضرب العراق بعد تغلبه على ايران فى حرب الخليج الأولى، ثم إحتلال أراضيه بعد حرب الخليج الثانية، فى الوقت الذى لم يتم التعامل بالمثل مع القوة النووية الإيرانية المتنامية.

رغم تعدد البدائل والرهانات، فإن الضمانة الحقيقية لأمن الخليج، ترتكز على ثلاثة عناصر.. عروبة توجهات وإختيارات قادته، والإطمئنان الى ان النظام الدولى لايسمح باستخدام السلاح النووى، وبالتالى يحيده، والثقة بجدية الإلتزام المصرى بـ”مسافة السكة”.

gtaha2007@gmail.com

 
تعليق واحد

Posted by في 2015/05/19 بوصة غير مصنف

 

«صحوات سيناء» وأمننا القومى

33150_660_1235704_opt

توجهت بالسيارة الدبلوماسية لحضور مناسبة رسمية بـ”قصر الأمم”، وفى إحدى تقاطعات العاصمة الجزائرية، استوقفنى كمين، أفراده يرتدون ملابس الدرك الوطنى، طلبوا الإطلاع على الهويات، وتفتيش السيارة، استنكرت بهدوء، وحاولت الإحالة للقواعد والحصانات الدبلوماسية، لكن إطلاق النار كان قد بدأ من سيارة تابعة للدرك إقتربت بسرعة من المكان، قبل وصولها كانت عناصر الكمين المسلح قد اختفت.. الى هذا الحد بلغ إجتراء الإرهاب وقوته، فى الجزائر منتصف التسعينات، إبان العشرية السوداء.. لم يتراجع إلا عندما حاول الإرهابيون إجبار سكان القرى على محاربة الدولة، كشرط لعدم تكفيرهم، وارتكبوا المذابح الجماعية، التى وصل ضحايا إحداها بولاية جليزان 30 ديسمبر 1988 لـ”1280 مدنى”، ساعتها حمل المدنيون السلاح، وابتدأت مواجهة، أوقعت إنشقاقات بصفوف المسلحين، وقُتل زعيمهم عنتر زوابرى فبراير 2002.. تشكيل الجيش الأمريكى لـ”الصحوات” بالمحافظات السنية بالعراق 2006، نموذج أخر لإشراك ميليشيات القبائل فى مواجهة إرهاب “القاعدة”.. اليمن لجأ لمحاكاتها 2010 بتشكيل “اللجان الشعبية” المسلحة من القبائل لرصد تحركات عناصر “القاعدة” حتى يمكن للطائرات بدون طيار اقتناصها، وذلك بالمحافظات التى انتشرت فيها.. باكستان أسست ميليشيات قبلية مسلحة لدعم قوة حرس الحدود، وفرض الأمن بالمناطق الحدودية مع افغانستان.. وبريطانيا حاولت تجنيد وتدريب 2000 مقاتل منشق عن طالبان، للمشاركة فى مواجهة القاعدة والحركة.. نماذج متعددة لتسلح القبائل فى مواجهة الإرهاب.

أهالينا جنوب رفح والشيخ زويد يواجهون إرهاب “أنصار بيت المقدس”.. لكنهم الملومين.. قبلوا تواجدهم بينهم تحاشياً للصدام، تسامحوا مع من التحق بهم، وتعايشوا مع من شاركهم تهريب الأسلحة والوقود ومواد التموين والإعاشة، بحجة عدم وجود فرص عمل بديلة، شاهدوا عناصرهم تخرج مسلحة، وتعود ويديها مخضبة بدماء جنودنا، وكأنهم لم يروهم، وغيَّبوا عمداً “قانون التشميس” أى رفع الحماية القبلية عن الخارجين على أعرافهم وقوانين الدولة.. هذه البيئة المتخاذلة، شجعت التنظيم على ذبح 23 من شيوخ القبائل، الذين نازعوهم النفوذ والسيادة، بينهم شيخ الترابين ونجله، وقرابة 100 شاب، تعاونوا مع الدولة.

نقطة التحول وقعت عندما روَّع الإرهابيون والدة إبراهيم العرجاني الترابينى، رجل الأعمال المؤيد للدولة، وإستولوا على سيارتها، عندما تعهد العرجانى بالإنتقام، فجروا منزلها بقرية أبوطويلة بالشيخ زويد، ووزعوا منشورات بقرى الترابين لتحذيرهم من التعاون مع الجيش، صدر بيان من القبيلة بمواجهة التنظيم، فهاجمت عناصره قرية البرث جنوب رفح، ليومين متتاليين، ووزعوا –بالإكراه- منشوراً يهدد ويتوعد من جديد، وقتلوا احد الشباب، الترابين عبأت القبائل.. السواركة، التياها، الدواغرة، الأحيوات، الحويطات، بلى، العيايدة، الرميلات، الرياشات، أبوخديجة، أبوطبل، القلاعية، الشريف، الفواخرية، الشوربجى، الكاشف، البلك، السلايمة، الأزعر، البياضية، الأخارسة، العقايلة، السماعنة، إجتمع شيوخهم فى البيرث، ودفعوا 3000 من رجالهم المسلحين، لتطهير مثلث “وادى البيرث، العمر، رفح”، وإقتحام قرية المهدية، أحد معاقل الجماعة، وطرد عناصرها من منطقة العجرا، ومحاصرة الجميعى، وخطفوا شقيق شادى المنيعى زعيم التنظيم، ونصبوا أكمنة مسلحة بالشيخ زويد ورفح، واتفق الشيوخ على الإجتماع 10 مايو بقرية بغداد مركز الحسنة وسط سيناء لبحث سبل منع الإرهابيين من اللجوء لجبل الحلال للإحتماء به من المطاردات، وكيفية القضاء عليهم، وتطهير سيناء.

هذا التطور أثار جدلاً واسعاً فى مصر، وطرح تساؤلاً بالغ الأهمية.. مادام تسليح القبائل كان الحل لمواجهة الإرهاب فى بعض دول العالم، فهل نشجع ذلك فى سيناء؟! ولماذا ينقسم الخبراء وشيوخ القبائل انفسهم بشأن هذا الموضوع؟!

تساؤلات تفرض إستعراض ملابسات نجاح التجارب السابقة.. التجربة الجزائرية اتسمت بالتلقائية الكاملة، الدولة لم تقرر تسليح سكان الريف، لكنه قرار ذاتى، دافعه الوحيد الدفاع عن النفس، بمجرد تراجع الخطر أصدرت الدولة “قانون الرحمة”، وبعده “الوئام المدني” ماشجع 80٪ من عناصر “الجيش الإسلامى للإنقاذ” على الهبوط من الجبال والعودة لحياتهم بالمجتمع، وإعلان التنظيم تخليه عن العمل المسلح.. نجاح تجربة “صحوات العراق” فى القضاء على القاعدة يرجع الى “تعيين” 94 الف من شباب القبائل كعناصر أمن بمرتبات شهرية، وتعهُّد إما بتثبيتهم بعد نجاح مهمتهم، او تحويلهم لوظائف مدنية.. بعد الإنسحاب الأمريكى لم توفى الحكومة بتعداتها، أوقفت الرواتب، ولم تسحب الأسلحة، فتشكلت العصابات، وبدأت الصراعات القبلية والعشائرية الدامية، حتى تمكنت داعش من استقطاب قطاع واسع منهم، مامكنها من السيطرة على الأنبار والموصل وشمال غرب العراق منتصف 2014.. التجربة الباكستانية أشرف على تنفيذها 25 خبير أمريكى دربوا المدربين الباكستانيين لتدريب 80 الف من قوات حرس الحدود التى تم تجنيدها من أبناء القبائل، و25 الف من الميليشيات القبلية بمنطقة باجور، وبالتالى اصبحوا جزءاً من الجيش والقوات الأمنية الباكستانية.. الخلاصة هنا ان «نجاح التجربة يفرض ان تكون الميليشيات القبلية جزءاً لايتجزأ من المنظومة العسكرية والأمنية للدولة».

سيناريو تفعيل دور القبائل فى مواجهة تهديدات الأمن القومى تم تطبيقه مرتين فى مصر.. الأولى بعد حرب 1967 عندما تشكلت “منظمة سيناء” من ابناء محافظات القناة وسيناء.. كانوا يعبرون لأرضنا المحتلة لجمع المعلومات، وتنفيذ بعض العمليات، تحت إشراف كامل من المخابرات الحربية، وبتعاون وتسهيلات من القبائل.. الثانية مع قبائل مطروح، التى أسهمت بدور كبير فى ضبط الأمن بمناطقها إعتماداً على تسليمهم لما لديهم من أسلحة طواعية، ومنع أبنائهم من العمل بالتهريب، وإغلاق منافذ المرور عبر أراضيهم، وبذلك لم تعد مناطقهم بيئة حاضنة للإرهاب.. أما فكرة تسليح القبائل فلم تطرح سوى بداية حكم الإخوان برعاية أيمن نور، الذى استقبل شيوخ قبائل سيناء بمقر “غد الثورة” 27 سبتمبر 2012، وخرج شيوخ القبائل من الإجتماع ليعلنوا مابشرهم به، وهو موافقة الداخلية على تسليح وتدريب 1000 عنصر من أبناء سيناء، كدفعة اولى ضمن “خطة تأمين سيناء”!!.. الشيخ عايش الترابين كشف عن أن الفكرة نبعت من قيادات الأخوان وحزب الحرية والعدالة، والشيخ راشد السبع حذر من تشكيل ميليشيات مسلحة تدافع عن المصالح القبلية بعيداً عن سيطرة الدولة، وأكد ان البديل الأفضل هو توظيفهم بأجهزة الأمن.. والحقيقة ان سعى نور لإقناع القبائل بقبول فكرة التسليح، كان يشكل الشق الثانى من خطة فصل سيناء عن الوادى، استكمالاً لشقها الاول المتعلق بتجميع الجماعات الإرهابية داخلها.. إذن الفكرة فى بعدها الإستراتيجى تضر أكثر مما تنفع، وهو مايفسر ان قطاع واسع من شيوخ القبائل المشاركين حالياً فى التحالف يؤكدون ان مشاركتهم تتعلق بالثأر من الجرائم التى ارتكبت فى حق شيوخهم وشبابهم، اما محاربة التنظيمات الإرهابية فهى مسئولية الدولة وعليها الإضطلاع بها.

سيناء بها قبائل متعددة، يتمركز كل منها فى قطاع جغرافى، وبيان قبيلة الترابين الأخير نص على تطهير “أراضيها…”، وطبيعى ان يكون للسواركة “أراضيها”.. ولكل قبيلة أخرى.. إطلاق التسليح ينذر بتحويل كل منها لمركز قوة، ويفتح الباب لصراعات نفوذ تدخلها التنظيمات الإرهابية كعناصر مرجحة.. “بيت المقدس” لجأت لوسطاء للإلتقاء بشيوخ القبائل لحل الأزمة، وبعضهم أميل للتسوية.. لذلك فإن مسئولية الدولة وضع الأمور فى نصابها الصحيح.. بقصر دور القبائل والعشائر والقوى المحلية الأخرى على حرمان الإرهابيين من الحواضن الشعبية، وطرد مسلحيهم من المراكز السكانية، ليكون القصف الجوي مجديا، بعد أن يصبح المسلحون صيدا سهلا في تضاريس مكشوفة.. أسوة بتجربتنا الناجحة على الحدود الغربية.

gtaha2007@gmail.com

 
تعليق واحد

Posted by في 2015/05/12 بوصة غير مصنف

 

الإنقلاب السعودى «سيناريو الداخل»

00018780

الملك سلمان ورث تركة خارجية مثقلة.. غياب عن الإقليم.. تسكين للنزاعات أياً كانت قابليتها للإنفجار.. تمدد لحصار يكاد يخنق المملكة.. وتورط يقترب من الغرق بالمستنقع السورى.. تناولت سيناريو الإنقلاب السعودى فى الإقليم بمقالاتى السابقة، خاصة “الإنقلاب السعودى.. وخطايا الأمير بندر” بتاريخ الإثنين 6 أبريل الماضى.. سلمان يقود فى نفس الوقت إنقلاباً ناعماً بالداخل، ضد وجه آخر من خطايا بندر، فجر فيه صراعات البطون والقبائل بين الأخوة، على نحو كاد ان يعصف بوحدة قيادة مملكة، تنفرد دولياً بحملها إسم والدهم المؤسس.

 الملك عبدالله استحدث “هيئة البيعة” 2006 لتُعنى بإختيار الملك وولى العهد ظاهرياً، وتمكين نجله “متعب” من المُلك فعلياً، وذلك بدلاً من نظام التراتبية في السن، وسعى لإبعاد المنتمين لجناح السديريين (سلمان، فهد، نايف، سلطان، تركى… أبناء حصة السديرى) من المواقع الأساسية للسلطة، وتجميعها لدى أبناؤه، عبدالعزيز نائباً لوزير الخارجية، تركى اميراً للرياض، “متعب” وزيراً للحرس الوطنى، مشعل حاكما لمكة.. الملك الراحل عين الأمير مقرن نائبا ثانيا لرئيس الوزراء فبراير 2013، وهو منصب ينفرد بتعيين شاغله، ليعده لمهمة إدارة الدولة، فكل من شغله أصبح وليا للعهد (فهد– عبدالله- سلطان- نايف)، ورغم كفاءة مقرن، فقد واجه تعيينه رفضاً واسعاً إستند لتبويبات مقيتة لبطون العائلة وأصولها.. سيطرة السديريون على وزارة الدفاع منذ ان تولاها سلطان 1962 كانت تقلق الملك.. فأعفى خالد بن سلطان خريج سان هيرست، وقائد حرب تحرير الكويت، والحملة ضد الحوثيين، من منصبه كنائب للوزير ابريل 2013، وغيَّر قادة القوات والأسلحة ورؤساء الأركان ليصبح سلمان وزيراً صورياً.. مع تدهور حالته الصحية، عيَّن مقرن ولياً لولى العهد مارس 2014، متجاوزاً الأمير أحمد “وزير الداخلية السابق” أخو مقرن غير الشقيق، وحرص على مشاركة ولى العهد “سلمان”  فى توقيع الأمر الملكى «أ/86» بمبايعة مقرن ولياً للعهد حال خلو المنصب، وعدم جواز تعديله أو تبديله لأى سبب، أو تأويل!! رهان الراحل انصب على انه حال غياب سلمان يعين “متعب” ولياُ لولى العهد، اما فى حالة غيابه فإن التنسيق بين مقرن ومتعب والأمير بندر وخالد التويجرى مهندس المناصب بالديوان الملكى، كفيل بتصعيد نجله للمنصب.

فور وفاة الملك عكست الفضائيات حالة الصراع داخل القصر، شبكة MBC الخاصة قطعت برامجها لتبث آيات الذكر الحكيم، بينما أبقى التليفزيون الوطنى برامجه المعتادة حتى ينتهى سلمان من إعادة ترتيب الأوضاع.. تم إعفاء التويجرى، وبعده مباشرة تجريد بندر من آخر مناصبه، بعد حل مجلس الأمن القومي الذى يترأسه، وتم تكريس السلطة فى ايدى السديريين محمد بن نايف ومحمد بن سلمان، والإبقاء “مؤقتاً” على مقرن ولياً للعهد، ومتعب وزيراً للحرس، بعد تعيينه عضوا بالمجلس السياسى والأمنى تحت رئاسة بن نايف، لكنه إمتنع عن حضور جلساته.. سلمان أجرى تعديلات دفعت بضباط جيش موالين لقيادة تشكيلات الحرس، الذى يدين بالولاء لعبدالله منذ تولى رئاستة 1962، وتسليم قيادته لمتعب 2010، وكلفهم بالتوجه لمشاركة حرس الحدود فى تأمين الحدود الجنوبية الطويلة، كمقدمة للدمج بالقوات المسلحة تحت قيادة بن سلمان، مايقضى تماما على تطلعات متعب.. فى المرحلة الأخيرة من إعادة ترتيب السلطة نجح سلمان فى إقناع متعب والفيصل بالتقدم بطلبات الإعفاء من مناصبهم، إستناداً لمواءمات سياسية.. الأمير منصور بن مقرن عين مستشاراً للملك بمرتبة وزير، وسعود الفيصل ظل مشرفًا على الشؤون الخارجية، وبذلك همَّش “هيئة البيعة”، ووضعها امام أمر واقع، لاتملك سوى إقراره.

المشكلة ان تركيز السلطة فى يد الثنائى بن نايف وبن سلمان يرهن مستقبل الأوضاع بالمملكة وتوجهاتها السياسية على قدرتهما فى العمل معاً، وهو أمر قد تحفه الشكوك نظراً لبعض الحساسيات التى تنبع من طبيعة كلا من الشخصيتين: الأول يتسم بالنضج “56عاماً”، وتعليمه وثقافته الغربية، وخبرته كرجل دولة، ومهاراته فى المجالين الدبلوماسى والأمنى، حيث تولى القضاء على نشاط “القاعدة”، والتنسيق الإستراتيجى مع الولايات المتحدة، أما الثانى فهو شاب يكمل الثلاثين من عمره فى 31 أغسطس المقبل!! لكنه يتولى وزارة الدفاع، التى تأتى ميزانيتها فى المرتبة الثالثة على مستوى العالم بعد أمريكا والصين “80,8 مليار دولار 2014″، ويشغل فى نفس الوقت منصب المستشار الخاص للملك، ورئيس المجلس الإقتصادى المسئول عن تنسيق السياسات الاقتصادية للمملكة!! حاصل على بكالوريوس القانون، لم يتلق أية دراسات عسكرية!! عمل منذ تخرجه 2007 مستشاراً متفرغاً بمجلس الوزراء!! تتركز خبرته فى عدد من المبادرات والنشاطات الخيرية، والعمل كمستشار لوالده “أمير منطقة الرياض” 2009، وكمشرف عام على مكتبه بوزارة الدفاع لمدة 18 شهراً من 13 يوليو 2013.. حدود خبرته ومواصفاته العمرية، ومايتمتع به من مناصب وصلاحيات واسعة خلقت مزيجاً من الطموح، والثقة، وربما الإندفاع، حتى ان بعض المصادر كشفت عن تلميح بن نايف للأميريكيين لإقناعه باستبعاد أى تفكير فى تطوير “عاصفة الحزم” الى تدخل برى منفرد، تجنباً لعواقبها الوخيمة.. المخاوف من صراع مستقبلى بين قطبى النظام “السديرى” عجل بتثبيت سلمان للأوضاع نهائياً، مايوقف التنافس ويحفز التعاون.

وسط الإنشغال بترتيب اوضاع الحكم فى المملكة، تم توظيف الحرب ضد الحوثيين على نحو جيد.. عبدالملك الحوثى، وحسن نصرالله كشفا عن ان الملك عبدالله كان على وشك الإتفاق مع الحوثيين على ضمانات بعدم المساس بالمملكة وأمنها ومصالحها، مايعنى التسليم بواقع الحصار الإيرانى.. سلمان اتخذ قرار الحرب، وهو قرار كان حتمياً، وتاريخياً، لكنه اسند قيادتها لنجله.. تحالُفنا مع المملكة فى التصدى للتمدد الحوثى، يعفينا من “صمت المجاملة” بكل مايترتب عليه من سلبيات، ويمنحنا “حق المكاشفة”.. “الإدارة السياسية والإعلامية للحرب ليست على المستوى المطلوب”.. الإعلان عن إنتهاء “عاصفة الحزم” وبدء “إعادة الأمل” فرض اسئلة خطيرة، وفجَّر أحاديث مسكوت عنها.. “عاصفة الحزم” إستهدفت إستعادة الشرعية، وتجريد الحوثيين من أسلحتهم، ووقف تمددهم، فهل إستُعِيدَت صنعاء او عدن لتأمين عودة هادى وحكومته؟! هل إستُرِدَتْ الأسلحة الثقيلة والإستراتيجية التى استولوا عليها من معسكرات الجيش ومخازنه؟! هل أُجهض تمددهم وتراجعوا لصعدة؟!.. ايران تدعى أن الحصار يمنع طائراتها وسفنها من توصيل مواد الإغاثة والمساعدات الإنسانية، فهل بدأت عمليات الإغاثة العربية، وهل رتبنا لإعادة بناء مادمرته الحرب؟! ماهو الفارق بين غارات “عاصفة الحزم”، ونظيرتها ضمن “إعادة الأمل”؟! وهل يمكن تقبل الإدعاء بأن وقف الأولى تم بطلب من هادى، فى الوقت الذى يتم الترتيب فيه لإسناد مهامه  لنائبه بحاح؟!.. أسئلة تبحث عن اجابات وسط الحرص الرسمى والإعلامى على الترويج لولى ولى العهد الجديد باعتباره قائداً لـ”عاصفة الحزم”!!.

***

إستبعاد مقرن وتصعيد بن نايف وبن سلمان جاء ضماناً لوحدة السلطة وتكامل قطبيها فى مواجهة تحديات تاريخية، وتجنباً للتنافس والصراع حال غياب الملك، او التعرض لأزمة سياسية او عسكرية كبرى.. استقرار نظام الحكم السعودى هدف متفق عليه دولياً وإقليمياً.. وجود الملك سلمان ربما يضمن الإستقرار لسنوات.. ولن نفاجأ بمبادرة يتنازل فيها سلمان عن المُلك لبن نايف ونجله “ولياً للعهد” ماقد يمدد الإستقرار لعقود.. أما تحقيق الإستقرار الدائم، فيكفله إنشاء مؤسسات سياسية عصرية، قادرة على إحتواء مختلف القوى والطوائف، وتوسيع نطاق المشاركة، وتوفير فرص متساوية للكفاءات الوطنية، لتولى مواقع المسئولية.

gtaha2007@gmail.com

 
تعليق واحد

Posted by في 2015/05/05 بوصة غير مصنف