RSS

Monthly Archives: مارس 2016

أزمة منظمات المجتمع المدنى.. دعوة للتعقُّل

120334

انتصار أمريكا فى الحرب العالمية الثانية فتح شهيتها للتمدد، لكنها استبدلت الفتوحات الاستعمارية باستراتيجية الهيمنة الناعمة.. وكالة التنمية الأمريكية USAID قدمت المساعدات الاقتصادية وبناء المؤسسات والتنمية البشرية بدلاً من نهب ثروات الشعوب.. الديمقراطية والحرية والعدالة وحماية حقوق المرأة والطفل حلت محل استعباد مواطنى المستعمرات.. تعزيز دور منظمات المجتمع المدنى عوضاً عن تكوين شبكات التجسس وتجنيد العملاء.. ومشروعات الارتقاء بالصحة والتعليم والتدريب والتثقيف تحولت لأدوات تغلغل فى المجتمعات.. استراتيجية بالغة الخُبث، تلعب على أوتار التخلف والعوز!!.

بعد تورط المخابرات الأمريكية فى فضيحة «ووترجيت» أوائل السبعينات، وتعرض سمعتها الدولية للإساءة، قررت العمل تحت غطاء المنظمات غير الحكومية، وشعارات الديمقراطية، لذلك أنشأت أربع واجهات أمامية؛ الأولى الصندوق القومى للديمقراطية (NED)، يموله جورج سورس، ويضم مجلس إدارته فرانك كارلوتشى، نائب وزير الدفاع السابق ورئيس وكالة المخابرات المركزية، والجنرال المتقاعد ويسلى كلارك من الناتو، الثانية المعهد الجمهورى «IRI»، الذى يترأسه السيناتور جون ماكين، الثالثة المعهد الديمقراطى «NDI»، الذى أسسته مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية السابقة، ومركزان أحدهما للتضامن العمالى، والآخر للمشروعات الخاصة، جميعهم يحصلون على تمويل فيدرالى مباشر، أو من وكالة التنمية USAID، التى تخضع للرئيس ووزير الخارجية ومجلس الأمن القومى.. كل القيادات من المحافظين الجدد، ذوى التوجهات المتشددة فيما يتعلق باستبدال نظم الحكم فى دول العالم بأنظمة موالية لأمريكا.. بعد فضيحة «إيران كونترا» تقرر أن يقتصر دور المخابرات فى عمليات دعم المعارضة وتغيير الأنظمة على وضع الخطط، والابتعاد عن الواجهة تماماً، على أن يتم التنفيذ من خلال علاقات الشراكة بين المنظمات الأمريكية الساترة «المانحة»، والمنظمات الأهلية الوطنية.. آلية مكنت المخابرات من العمل بصفة علنية، وأكسبت مهامها الصبغة القانونية.. آلن وينشتاين مؤسس الصندوق أورى بأن «الكثير مما نقوم به كان يتم بشكل سرى على يد المخابرات!».. بتلك الآلية نجحت أمريكا فى دعم وتمويل الانقلابات والاضطرابات والمؤامرات فى دول العالم «صربيا، جورجيا، كرواتيا، قرغيزيا، أوكرانيا، إندونيسيا، فيتنام، باكستان، إيران، أفغانستان، الفلبين، أريتريا، زمبابوى، تنزانيا، زائير، أنجولا، موريشيوس، كوبا، فنزويلا، هاييتى، نيكاراجوا..».

■■■

أمريكا أعلنت نهاية 2004 عن برنامج للمساعدات الاقتصادية لمصر، أطلقت عليه «الديمقراطية»، يتعلق بالانتخابات وممارسة الحقوق السياسية، ويتم بمقتضاه تقديم مساعدات مباشرة للمنظمات الأمريكية التى تعمل بمصر، والوطنية المتعاونة معها، أغلب الأولى غير مبرم للاتفاق النمطى مع الخارجية، ومعظم الثانية غير مسجل بوزارة التضامن.. ضمن تنفيذ سياسة «الفوضى الخلاقة»، التى بدأها بوش، جمع أوباما مدراء جوجل مؤكداً «أنتم ستساعدون فى إحداث التغيير من الأسفل للأعلى».. لم تقرأ الخارجية المصرية ولا مؤسسات الأمن القومى المشهد، ولم تأخذ السلطات حذرها، رغم تجاوز التمويل الأجنبى للمنظمات 2003/2011 مبلغ 250 مليون دولار.

USAID واجهت صعوبات فى استقطاب منظمات المجتمع المدنى، نتيجة لقوة الدولة، ممثلة فى وزارة التعاون الدولى، ووزيرتها الصارمة «فايزة أبوالنجا»، وتخوف المنظمات من الملاحقات الأمنية، لذلك خاضت عام 2007 مفاوضات صعبة مع المجلس القومى لحقوق الإنسان، التابع للدولة، لتقديم منحة «سخية»، تغرى المنظمات الخاصة بالتعاون، ورغم تشدد المجلس فى رفض أى تدخل لتحديد نوعية البرامج التدريبية، أو الفئات المستهدفة، أو قبول مشاركتهم فى الفعاليات، فإنهم قدموا منحة 18.5 مليون جنيه، للمشروع القومى لنشر ثقافة حقوق الإنسان، متنازلين عن كل الاشتراطات الخاصة بالمنح.. المجلس كسب تمويلاً ضخماً غير مشروط لأكبر برنامج تثقيف وطنى خالص، غطى أنحاء الوطن، ومعظم فئاته الفاعلة، لكن الوكالة حققت اختراقاً مهماً، بتكالب المنظمات الخاصة للفوز بدعم مماثل، لكن شروطه معها واجبة التطبيق، على النحو الذى يؤدى لحيازة الوكالة لكل ما لديهم من بيانات ومعلومات تتعلق بالأنشطة، عندما يتم معاملتها بمنهجية أجهزة المخابرات، تتشكل صورة بانورامية للواقع المصرى بكل تفاصيله الدقيقة.. اختراق عميق للأمن القومى المصرى، وصل للنخاع.

ويكيليكس كشفت عن اقتراح سكوبى السفيرة الأمريكية بالقاهرة تحويل الأموال المخصصة للسياسيين المصريين عن طريق «منظمات ساترة» «26 فبراير 2009»، بعيداً عن أعين الأمن المصرى، هيلارى وزيرة الخارجية وافقت على تحويل تمويل الجمعيات المصرية إلى «منحٍ من الباطن» تجنباً لقلق الحكومة «18 أبريل»، ردت سكوبى فى اليوم التالى بأن ذلك قد بدأ تنفيذه بالفعل بتمويل مؤتمر لـ«المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» عبر منظمة فى المغرب تمولها أمريكا!، ووثائق أخرى تتعلق بتمويل نشطاء من المحركين لأحداث يناير 2011.. قادة الرأى على شبكات التواصل كانوا هدفاً لانتقاء وفرز الأجهزة الأمريكية، وتحولوا لأدوات تدعم جهود إسقاط الدولة، بعد تلقيهم دورات تدريب وتكوين وتمويل تتناسب وطبيعة الدور المنوط بكل منهم، أمريكا زودتهم ببرامج آمنة تمكنهم من التواصل عبر الإنترنت دون تعقب أجهزة الأمن، ووفرت لهم خطوطاً دولية بديلة للتواصل حال قطع السلطات للخدمة.. «فريدم هاوس» استضافت بعضهم بواشنطن للتدريب على الإعلام الحديث، ومهارات التعبئة وحشد المدنيين.. وبعضهم اعترف بالتدريب على كفاح اللاعنف والتغيير السلمى فى صربيا، للاستفادة من تجربتها فى الإطاحة بسلوبودان موليفيتش عام 2000.. دولت عيسى، مديرة برامج الحملات الانتخابية بالمعهد الجمهورى «أمريكية الجنسية» كشفت بعد استقالتها، تمويل المعهد للأحزاب الليبرالية، وللأنشطة على أساس طائفى، وأن عناصر من المخابرات الأمريكية تعمل من خلاله.

بعد 25 يناير 2011 أعلنت الإدارة الأمريكية -بقرار أحادى- إعادة برمجة 150 مليون دولار من مخصصات سابقة فى برنامج المساعدات لتمويل المنظمات بشكل مباشر، دون التقيد بالضوابط والاتفاقيات!، سواء من خلال السفارة، أو الصندوق، أو من مبادرة الشراكة الشرق أوسطية، باترسون السفيرة الأمريكية أحاطت الكونجرس بإنفاق 40 مليون دولار لدعم المنظمات بمصر، وأن 600 منظمة طلبت تمويلاً لأنشطتها، وعندما طلب اللواء العصار تفسيراً لذلك، اعترفت بتحدٍ أنها قدمت 105 ملايين أخرى لمساعدة منظمات مصرية على المشاركة فى الحياة السياسية!، بعدها مباشرة استقال جيم بيفر مدير الوكالة، وعاد لبلاده، خشية استدعائه للتحقيق، وتجنباً للصدام مع مصر.. حجم التمويل الأجنبى للمنظمات 2011/2014 مبلغ 750 مليون دولار.. نشاط أقرب ما يكون فى طبيعته وأهدافه إلى بناء الشبكات وتجنيد العناصر المتعاونة فى مجال جمع المعلومات، وتشغيل مندوبى العمليات، بصورة علانية، على أرض دولة ذات سيادة!.

التعامل مع أزمة التمويل الأجنبى باعتبارها ناتجة عن نية مصر فتح ملف القضية، ورد فعل كيرى الحاد بفتح ملف حقوق الإنسان فى مصر، يعتبر تسطيحاً للقضية، الأزمة فى الحقيقة جزء من خطة استهداف جماعى للدولة المصرية، فى توقيتات متزامنة، لإسقاط نظامها السياسى، أطرافها: الأول التنظيم الدولى للإخوان، من خلال «أيمن نور، محسوب، الزيات، سعد إبراهيم».. الثانى البرلمان الأوروبى بموقفه الضاغط للمصالحة مع الإخوان.. الثالث مبادرات صباحى لصنع بديل للنظام، وموسى وإسحاق لحماية الدستور، وتفعيله.. الرابع خطاب التحريض الذى أرسلته 17 منظمة مصرية «9 مارس الحالى» للمفوض السامى لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، حول ما وصفوه «تدهور حقوق الإنسان بمصر»، وطلبهم الدعم الدولى «لحفظ قضية التمويل الأجنبى، تعديل قانون التظاهر، تعديل تعريف التعذيب بقانون العقوبات، إلغاء مادة ازدراء الأديان».. الخامس دور الفضائيات التى تفتقد للضمير الوطنى قبل المهنية.. ويساعد كل ذلك عدم وجود مقاييس موضوعية لاختيار المسئولين فى الدولة، وسوء الإدارة، وقصور عملية صنع القرار.. قضية التمويل الأجنبى التى تعتبر أحد المبررات الشكلية للأزمة الأخيرة، نتاج لتلك السلبيات.. القانون الدولى يمنح حق المعاملة بالمثل فيما يتعلق بالمزايا والحصانات، 130 دولة من بينها أمريكا نفسها، تحظر وجود أى منظمة غير حكومية أجنبية على أراضيها، فكان الأولى منذ البداية ألا نتساهل مع المنظمات الأجنبية التى تعمل دون تصريح الخارجية منذ 2005، وأن نمنع تحايل المنظمات المصرية على القانون بتسجيل الجمعيات كشركات مدنية، أما وقد وقعنا فى ذلك المأزق، فما كان ينبغى التسرع بإحالة الموضوع للقضاء، ثم نكتشف أنها مسألة سياسية، بعض أطرافها مواطنو الدولة الأعظم فى العالم، صاحبة اليد الطولى فى الدعم الاقتصادى والعسكرى، فنضطر صاغرين لتقسيم القضية لقضيتين، إحداهما للمنظمات الأجنبية والأخرى للمصرية، فى ارتكاسة معيبة لعصر المحاكم المختلطة للأجانب، ثم نحاول الضغط على المحكمة، فيتنحى رئيسها، رئيس الاستئناف يشكل دائرة «تفصيل»، تطلب كفالة، تودَع بخزينتها، قبل صدور قرار الإفراج، والسماح بسفر المتهمين!، وزير العدل -السياسى- أمر بحفظ التحقيق، القضائى، فى تورط رئيس الاستئناف فى القضية، ودون إبداء الأسباب.. كم تأذّى قضاؤنا «الشامخ» من الرعونة السياسية!

مصر تخوض حرباً ضارية ضد الإرهاب، وتعانى أزمة اقتصادية خانقة، المنظمات المصرية أصبحت جزءاً من شبكة مصالح دولية، بالغة القوة، خاصة مع وجود قوى وأطراف دولية وأجهزة مخابرات تستفيد من أنشطتها، وتوظف فعالياتها لأغراض سياسية، ربما من الحكمة نزع فتيل الصدام فى المرحلة الراهنة، وتجنب مواجهة الغرب، الذى يبدو أنه بصدد الاحتشاد للذود عن مصالحه.. التعديل الأخير لقانون سوق المال استحدث صناديق استثمار خيرية، لا توزع أرباحاً، بل توجه فوائضها لأغراض اجتماعية وخيرية، مشاركة البنوك والشركات فيها تفكير من خارج الصندوق، يوفر مصادر بديلة للتمويل الأجنبى، تمهيداً لتقييده.. لنغلق حالياً منابع الفتنة، لنتجنب صدام المجهول، لنؤجل الحساب على جرائم وقعت فى ظل السيولة، وتفاقمت نتيجة لسوء التقدير، والقصور الإدارى، ولنضع على قمة أولوياتنا أن تعود الدولة بقوة، لتدير الحرب ضد من يستنزفون دماء أبنائنا على أرض الفيروز!.

 
تعليق واحد

Posted by في 2016/03/31 بوصة غير مصنف

 

«المبادرات» بين تآمُر الإخوان وانتهازية الساسة

d985d8b1d8b4d8add98a-d8b1d8a6d8a7d8b3d8a9

الأجهزة الرقابية رصدت 83 مليار جنيه من أرصدة الإخوان بالخارج، بعد اعتبارها منظمة إرهابية، لجنة حصر وإدارة أموال الجماعة تمكنت من التحفظ على 154 مليوناً و758.000 فقط، مما يفسر إنفاقهم ببذخ على سيناريوهات الفوضى، شكلوا «مجلس الدفاع عن الثورات» يوليو 2014، برئاسة المنصف المرزوقى، وعضوية أيمن نور وتوكل كيرمان، مقره تونس، لكنه يتحرك من تركيا برعاية حزب أردوغان، لتغذية الحراك الثورى، بتأسيس كيانات وطنية بالدول العربية، الإخوان كلفوا نور ومحسوب بالاتصال بالقوى المدنية والثورية بمصر، استقبلوا منتصر الزيات «فبراير 2016» لبحث تشكيل كيان سياسى جامع، يلتزم بوثيقة «المبادئ العشرة» التى تؤكد شرعية مرسى، دون المطالبة برجوعه، استناداً لـ«تجدد الإرادة الشعبية»!! ثم سعد الدين إبراهيم وتكليفه بتنظيم لقاءات إعلامية وندوات ومؤتمرات لإقناع الشعب بـ«المصالحة»، قفزاً على مقولة النظام «المصالحة فى يد الشعب»، كل مبادرات المصالحة منذ أن تبناها العوا، الأشعل، البشرى، ندا، البرادعى، أبوالفتوح، تستهدف العفو عن سجناء الإخوان، إسقاط مشروعية النظام، وطرح بدائل سياسية تتيح لهم العودة التدريجية للسلطة. «المصالحة» كانت هدفاً لزيارة وفد البرلمان الأوروبى للقاهرة، لأول مرة منذ ثلاث سنوات ونصف، منطلقاً من موقفه التقليدى المنحاز للإخوان منذ سقوط مرسى! عندما لم يجد صدىً أصدر قراره بإدانة الاختفاء القسرى والتعذيب والتضييق على المنظمات الحقوقية، ودعا للالتزام بحظر تصدير الأسلحة المستخدمة فى القمع لمصر! تلك خلفية المشهد الراهن، ومنبع الدعوة لإنشاء «الكيان الوطنى» المعارض الخاص بمصر، نور لن يتصدره بالطبع، حتى لا يُحسب على الإخوان.

حمدين صباحى شكّل «اللجنة التحضيرية لتوحيد القوى المدنية الوطنية»، وأعلن مبادرة «لنصنع البديل»، تستهدف تأسيس حزب بدمج حزبى «الكرامة والتيار الشعبى»، وتشكيل جبهة تضم أحزاب الدستور، المصرى الديمقراطى، التحالف الشعبى الاشتراكى، 6 أبريل، وشبكة تواصل بين منظمات المجتمع المدنى والنقابات، ونواب برلمانيين وإعلاميين وساسة، تسعى للوجود بالقرى والنجوع، وتطرح رؤية مدنية «بديلة لنظام الحكم»، ولما وُصف بـ«ثنائية التيار الدينى والمؤسسة العسكرية»، ترفع شعارات الوطنية والمثالية السياسية، التى لا يختلف عليها من ينتمون للنظام، ومن يعارضونه على السواء، تفتقد آليات التنفيذ، أو حلولاً للتحديات المفروضة علينا داخلياً وخارجياً، الفكرة، والأهداف قد توحى بشبهة علاقة بينها وبين دعوة الإخوان لتأسيس الكيان الوطنى، لكن الحقيقة أنها بداية لحملة صباحى للانتخابات الرئاسية المقبلة، واستعداداً لخوض الانتخابات المحلية، أما اختيار التوقيت فهو يعكس الانتهازية السياسية، والحرص على استثمار الأزمة الوطنية الراهنة، حيث تصوب فيها كل السهام لقلب الدولة المصرية، ضماناً للنجاح، وللأسف الشديد فإن كافة المؤسسات، وعلى مختلف المستويات، شريكة فى مسئولية تعريض الدولة لتلك الهجمة؛ بسوء اختيار المسئولين، والفشل الإدارى، والعجز عن ترتيب الأولويات، وعدم الاهتمام باحتواء مختلف القوى السياسية.

عمرو موسى ونخبة من السياسيين والإعلاميين والنواب أعلنوا مبادرة تأسيس جمعية لـ«حماية الدستور»، إجراء لا يفتقد المبررات، فهو دفاع عن مُخرَج لجنة الخمسين التى ترأسها موسى، والتى يشكل تصاعد المطالبات بتعديله -رغم أنه لم يُفَعَّل بعد- تشكيكاً فى كفاءتها، وربما نواياها، وهو وسيلة موسى لتنشيط شعبيته، فى وقت تتردد فيه دعوات التغيير وطرح البدائل، ما قد يطرحه منافساً قوياً فى معركة الانتخابات الرئاسية المقبلة، التى بدأت مبكراً، الهدف المعلن للجنة توعية المواطنين بمبادئ الدستور وأحكامه، وما يتضمنه من حريات وحقوق اقتصادية واجتماعية، وضرورة احترامه وحمايته ضد محاولات تعديله حفاظاً على حقوق المواطنين، جورج إسحاق ينتوى طرح مبادرة أخرى لـ«تفعيل الدستور»، تعدد المبادرات يعكس حالة استنفار وتحريض وتعبئة، ضد دعوات تعديل الدستور، التى انطلقت قبل انتخابات البرلمان، واستمرت بعدها، التوقيت يتواكب مع مخططات إخوان الخارج، والسهام الموجهة للدولة من الداخل، ما يفرض السعى الرصين للاستفادة منهما فى دعم دور البرلمان، بما قد يطرحانه من مشاريع قوانين لتفعيل الدستور أو لاستكماله، مع تفهم عاقل لحقيقة أن حماية الدستور حق أصيل للبرلمان، لكنه لا يحتكره، وأن التعديل آلية يتضمنها الدستور، وفق اشتراطات منصوص عليها، المبادرات لا تملك نزع الحقوق، ولا تعطيل الآليات، لكن الانسياق الغشيم وراء محاولات تسفيهها وتحديها، يؤجج حالة الاستنفار، ويوسع دائرة أنصارها، وقد يُجبر البرلمان على إرجاء ممارسته لحقه فى التعديل، أياً كانت الضرورات الملحة، مراعاة للمواءمة السياسية.

مؤامرات الإخوان ضد الوطن تمضى فى طريقها، والمبادرات ضد النظام تتعدد بانتهازية ممجوجة، والإعلام يشكل خلفية بالغة السلبية لكل ذلك، بدأ بحالة سيولة، سباب وبذاءات، وابتعاد عن المهنية، تطورت لتطاول على النظام ورموزه، حتى على شاشات ماسبيرو، والمتوقع أن تزداد اجتراءً مع سوء أداء الحكومة، خاصة المجموعة الاقتصادية، وانشغال البرلمان بصراعات وتصفيات بين الكتل والنواب، وتفاقم الأخطاء الفردية لبعض رجال الشرطة، ما يوفر مادة دسمة جاذبة للتناول الإعلامى والتعبئة الجماهيرية، عدم الفصل بين ملكية مؤسسات الإعلام الخاص وسياساته، أتاح منابر لاستهداف النظام، إما بتصيد الكلمة والإيماءة والفعل، وتفسيرها على نحو يزرع الشك ويضعف الثقة، أو للإضرار به من خلال التطبيل والانحياز الأعمى، لذلك ينبغى المسارعة بإعادة تشكيل المجالس والهيئات المعنية بالإعلام والصحافة، بالتوافق مع النقابات والروابط المهنية، على نحو يضعها أمام مسئوليتها فى السيطرة على الفوضى الإعلامية الراهنة، واستعادة التوازن والمهنية للقطاع.

رئيس الجمهورية حذَّر «هناك تآمر على الدولة لإسقاطها»، مما يفرض تآزر كافة القوى الوطنية، بعض مؤسسات الدولة عزفت عن احتواء بعضها؛ النظام الانتخابى، تعنت الإجراءات، واستخدام المال السياسى، أدى لانسحاب قوائم، وعدم تمثيل أخرى، وخسارة مرشحين، أمام نماذج معيبة، ما أدى لحالة استنفار وتحفز، والعمل من خارج مؤسسات السلطة، ما دفعهم لدائرة الشبهات، والربط بين تحركاتهم ومؤامرات الإخوان، خاصة فما يتعلق بالانحياز للـ«مبادرات»، أبوالفتوح و«حزب الوسط»، أحمد شفيق و«الجبهة المصرية»، والتنظيمات السلفية، يتحينون فرصة الانقضاض على النظام، التقدير المبكر لخطورة تداعيات أزمة «حبس الأنبياء»، والقرار الحازم بشأنها، رغم ضغوط شبكات المصالح، ترك انطباعاً جيداً بإمكانية عودة الدولة المصرية، لكن «المطاردة والتعقب» ليسا أفضل الاختيارات لمواجهة المعارضة، إحالة بلاغ ضد صباحى للنيابة بتهمة قلب نظام الحكم والتحريض على التظاهر، يوسع نطاق التعاطف معه، والسخط على الأوضاع، ويدفع النظام لطريق مغلق، هو وقت للحكمة، والوزن المسبق، للكلمات بحسابات المُتَصيِّد، والإيماءات بعين المُتَرَبص، والأفعال بآليات الأزمة، لنتجنب المعارك الجانبية، والقضايا الخلافية، وندعم الدولة، حفاظاً على الوطن، وعليها شحذ الهمم، وتوسيع المشاركة، كل الاحتمالات مطروحة، ما لم تُعد التوازن للمشهد، لن أمل التكرار «مصر فى حرب.. أفلا تصدقون».

 
تعليق واحد

Posted by في 2016/03/25 بوصة غير مصنف

 

نكبة السياحة ورؤية مصر «2030»

وزراء السياحة

الرئيس أطلق رؤية مصر 2030، كاستراتيجية للنهوض بالوطن، أبرز ما فيها عدم اعتبار السياحة واحدة من محاورها الـ12، لأنها صناعة هشة، بالغة الحساسية، تمثل إحدى أدوات التنمية، ولكن لا يجوز أن نرهن اقتصادنا وتقدمنا عليها، خاصة أنها اُستهدفت منذ اعتبرناها قاطرة للتنمية.

حملة التنشيط توقفت بعد يناير 2011، لعجزها عن توليد طلب على مقصد يتصدر الأنباء بتطورات مقلقة، زعزوع تولى الوزارة 2012 وعدد السائحين 11.5 مليون، حققوا إيرادات 9.9 مليار دولار، تراجع بها 2015 بمعدل محدود فى السائحين «20%»، وكارثى فى الإيرادات «40%»، رغم ذلك عاد للوزارة، بعد ستة شهور فقط قضاها خالد رامى فى المنصب، البلتاجى عينه مديراً لمكتب فنى يعرف كل عضو فيه ما ينبغى عمله، وعندما فُرِض عليه تعيين مساعد للوزير، اختاره لاطمئنانه إلى أنه لا يمتلك مقومات منافسته! رامى حلم بتحقيق 20 مليون سائح ودخل 26 ملياراً «2020»، طرح مناقصة لحملة ترويج فازت بها شركة «JWT» لثلاثة أعوام بتكلفة 67 مليون دولار، وهى ضمن مجموعة «WPP» التى يملكها اليهودى الأمريكى مارتن سوريل، تتبنى حملات دعم إسرائيل والتبرع لجيشها، نظمت حملة أوباما الانتخابية، أنتجت برنامجى باسم يوسف وأبلة فاهيتا، ويعمل بها من وزعوا الأوقية الذكرية على الشرطة، أبهرت اللجنة بعرض يقل 50% عن التكلفة الاسترشادية التى قدرتها هيئة التنشيط! لم يخف عرضها الفنى وتصريحات مسئوليها اعتمادها على المصريين فى الترويج على مواقع التواصل، وعضوتها المنتدبة أكدت توقعهم لبعض المشاركات المسيئة! الوزارة لم تُقَدِّر أن «مصر فى حرب»، ومرتزقة اللجان إلإلكترونية يسعون لإسقاطها، فاختطف الإخوان حملة «هى دى مصر This is Egypt»، وكرسوها لنشر صور القمامة، وانتهاكات حقوق الإنسان!

المخطط المعادى يستهدف حرمان مصر من إيراداتها السياحية، أكبر الأسواق المصدرة «روسيا، بريطانيا، ألمانيا، أوكرانيا، إيطاليا»، روسيا تراجعت سياحتها الخارجية بـ40% نتيجة للعقوبات الغربية، وانهيار الروبل، روجت للسياحة الداخلية، فازدادت بـ30%، لتتحول لاستراتيجية دولة بعد لقاء بوتين ورئيس وكالة السياحة الروسية «يونيو 2015»، مصر وتركيا أكبر سوقين للسياحة الروسية تأثرتا قبل سقوط الطائرتين، وأغلقتا بعدهما، إذن هى أزمة ممتدة، تستند لمبررات تتعلق بروسيا، أكثر مما تتعلق بعلاقاتها، بريطانيا معقل التنظيم الدولى للإخوان، سعت لمصالحتهم مع مصر، عندما فشلت رحَّلت سائحيها وعلقت رحلاتها خلال وجود السيسى بلندن! ألمانيا تهدد بوقف الطيران «مارس الحالى» لتحفظها على إجراءات التأمين بالمطارات، وإعلامها استغل تحرشات المسلمين والعرب فى «كولون» ليلة رأس السنة للترهيب من السفر للدول الإسلامية، إيطاليا استهدفوا قنصليتها، واختطفوا مواطنها وعذبوه وقتلوه وألقوا بجثته خلال زيارة وزيرة التنمية، الأزمة انتشرت لباقى الأسواق، والوزير لا يمتلك كفاءة المواجهة وإلإدارة.

الطيران كقوة ناقلة تم استهدافه، موقع المنظمة الدولية للطيران «إيكاو» أدرج سيناء ضمن المناطق المعرضة لمخاطر مضادات الطائرات منذ أبريل الماضى! بعض الشركات الأوروبية تحجم عن تنظيم برامج سياحية لمصر لعدم وجود شركات توفر الحماية التأمينية للسائح، وبعض كبار المنظمين ألغوا رحلاتهم بسبب ما تردد عن إلغاء برنامج تحفيز الطيران العارض، زعزوع يدرس مع التخطيط وبعض المستثمرين والبنوك تأسيس شركة طيران «شارتر» برأسمال 100 مليون دولار، لكن وطأة الأزمة والبيروقراطية تعوقان تحول الفكرة لواقع، إحدى الشركات الوطنية التى تستند لرؤية «استراتيجية» استغلت الأزمة الروسية التركية لتخلص السياحة الروسية المتجهة لمصر من احتكار وكالات السياحة والسفر التركية، وقعت عقداً لشراء 44 طائرة «سوخوى» سعة «98 مقعداً» بنظام «التأجير التمويلى»، ودعم بنك الصادرات الصناعية الروسى، يبدأ وصولها أبريل المقبل، ضمن اتفاق لنقل 1.5 مليون سائح روسى سنوياً، لو خرجنا من الأزمة بذلك الإنجاز فقط، فقد صنعت فينا معروفاً، بتوفير طاقة ناقلة لانفتاح جدى يمتد للصين، وأوروبا الشرقية، والهند.

على هامش الأزمة تتصاعد الدعوات لحل وزارة السياحة تارة، وإلغاء هيئة التنشيط أخرى، رغم أن دور الوزارة فى الرقابة على الخدمات بالفنادق والشركات والمطاعم ومراكز الغوص، لا يمكن التخلى عنه حالياً، وإن كان يمكن استيعاب الهيئة ضمن الهيكل التنظيمى للوزارة، وإعادة هيكلتها للتخلص من رصيد بيروقراطى لا يناسب العصر، وأعداد زائدة لا تضيف، وتدنٍ للأداء يفرض التدريب وإعادة التأهيل المهنى، أما قيادة الوزارة فالإدارة الاستراتيجية الناجحة كانت من خارج القطاع؛ استراتيجية التنمية السياحية التى تبناها فؤاد سلطان «1985/1993» وفرت الطاقة الفندقية، والبلتاجى «1993/2004» روج للمقصد السياحى المصرى، وواجه أزماته بكفاءة وحنكة، أما المغربى وجرانة «2006/2011» ثم زعزوع، أبناء القطاع، فقد استفادوا من قوة الدفع، لكنهم لم يضيفوا، بل تركوا ميراثاً ثقيلاً، أبرزه تدمير سياحة المؤتمرات والمعارض الواعدة بتسليم صروحها لوزارة الصناعة والتجارة، لتحرق جزءاً منها، وتحول الآخر لأسواق شعبية! جمدوا المجلس الأعلى للسياحة، وإعادة تفعيله تفرض أن يترأسه رئيس الجمهورية، أو الحكومة -كما كان قبل «2000»- ضماناً لتكريس جهود كل جهات الدولة دعماً للنشاط، وتحقيق رؤية الرئيس «لما بتقوم السياحة، البلد والاقتصاد كله بيقوم»، حولوا صندوق السياحة لباب خلفى للمزايا والمنح والهبات والعطايا لبعض كبار الموظفين، ومنظمى الأحداث والصحافة والإعلام، للترويج للوزير، إعادة تنظيمه واجبة، لتكريسه لتمويل الحملات التنشيطية فقط، تخفيفاً عن كاهل الدولة، ومكاتب التنشيط الخارجى أصبحت هدفاً للمحظيين، التقييم الموضوعى لأدائها سيؤدى لإغلاق معظمها، فالنشاط السياحى لا يدار بمعرفة الدول، حتى نفتتح له مكاتب تمثيل، وحملات التنشيط تنفذها شركات دولية، وليس المكاتب، وعائدات الأسواق ترتفع وتنخفض دون علاقة بوجود مكتب من عدمه، فلماذا الإصرار على استمرار استنزاف الدولة دون عائد؟!

عناد زعزوع دفعه لرفض السفر للندن بعد الحظر البريطانى، للقاء منظمى السياحة ووكلاء السفر تهدئة للأزمة، لم يشارك فى بورصة ميلانو Bit، ولن يسافر بورصة موسكو Mitt، لكنه سافر إسبانيا، التى لا يأتى منها سوى أعداد لا تُذكر، لم يشارك ضمن الوفد الرسمى خلال زيارات الرئيس لبعض العواصم، حتى التى أدرج تنشيط السياحة على أجندتها، ما أشعره بقرب الرحيل، روج بتلقيه عرضاً من مجلس وزراء السياحة العرب، لتولى رئاسة لجنة الإشراف على تنفيذ استراتيجية السياحة العربية، لمدة 3 سنوات، وهو العرض الذى لم نسمع به إلا منه! على النقيض استغلت إسرائيل الفرصة لإطلاق حملة تنشيطية ضخمة بروسيا، لإنعاش إيلات على رُفات شرم الشيخ، ومنحت نجوم الأوسكار رحلات للترويج لمعالمها السياحية، والإمارات تصدرت السياحة العربية، وأصبحت من أهم المقاصد الدولية، بحسن الإدارة، دون اعتماد على تاريخ، ولا جغرافيا.. إلى أين نتجه؟! يا خوف فؤادى من غدٍ!

 
3 تعليقات

Posted by في 2016/03/14 بوصة غير مصنف

 

بن قردان التونسية، وداعش.. ملاحظات أولية

14294680571457338715

فيما يلى ملاحظات أولية على محاولة «داعش» إحتلال «بن قردان» التونسية واعلان دولة إسلامية فيها:

*  استهدف الهجوم عدة مواقع عسكرية وامنية بهدف السيطرة على كامل المدينة.

*  القوات المهاجمة بلغت حوالى 50 إرهابى، قياداته من العناصر التونسية التى تنتمى الى داعش، وهى قادمة من ليبيا بقيادة المدعو حسن بن حمادى “أبو معاذ” الذى عمل قاضياً شرعياً بسرت وانتقل منها الى صبراتة ثم بن قردان.

*  إستعان الهجوم بعناصر أخرى تابعة للتنظيم من داخل المدينة، أمدته بمعلومات سمحت للمهاجمين بإغتيال قائد قوات الأمن بمنزله، لإحداث أكبر قدر من الإرباك وهبوط المعنويات، كما تم استهداف عدد من العسكريين بمنازلهم ايضاً بهدف إثارة الرعب ودفع العسكريين للهروب من وحداتهم، ومنع باقى الجنود من التوجه اليها، وهو مافشلت فيه لإحتفاظ القوات التونسية بانضباطها.

*  تحديد بدء تحرك المهاجمين المتسللين للمدينة، وكذا الخلايا النائمة تم بتكبيرتين من إمام المسجد الملاصق للأمن الوطنى عقب انتهاؤه من آذان الفجر، ومع ذلك أصر على استكمال إمامته للصلاة رغم كثافة الإشتباكات وأصوات طلقات الرصاص التى استهدفت المسجد ذاته، حتى يبعد الشبهة عنه، ويلاحظ أنه معيناً من قبل الحكومة مايعكس حجم تغلغل العناصر المتطرفة بمؤسسات الدولة الدينية، وهى للأسف ظاهرة منتشرة بكافة الدول العربية ومن بينها مصر.

*  لم تتمكن القوة المهاجمة من إحكام السيطرة على أى من المراكز العسكرية التى استهدفتها، لتستفيد مما بها من مركبات وأسلحة وذخائر، ما يرجع الى يقظة القوات التونسية، واستعدادها منذ حصولها خلال الأيام الماضية على معلومات تشير الى استعداد داعش لشن هذا الهجوم، ورصدها عمليات تسلل لعناصرها.

*  لم تتمكن  داعش من تطبيق تكتيكاتها الخاصة بتفجير عدد من المركبات المفخخة فى عدة أهداف استراتيجية فى وقت واحد لإحداث حالة من الإرتباك لدى القيادات الميدانية ونشر الزعر ودفع الجنود للهرب، ويرجع ذلك الى عدم تمكن القوة المهاجمة من توفير المتفجرات اللازمة لذلك، الأمر الذى يمثل نجاحاً لقوات الأمن التونسية فى السيطرة على الحدود، ومنع تهريب تلك المواد، أو تصنيعها من خامات محلية.

*  وفى نفس الإتجاه يلاحظ ان المجموعة المهاجمة لم تستخدم سوى أسلحة آلية وعدد من صواريخ RBG الأمر الذى يحسب أيضاً للقوات التونسية التى لم تمكنها من السيطرة على الأسلحة الثقيلة من الداخل، أو تهريبها من الخارج.

*  يلاحظ أن الإنتشار الإعلامى الواسع للمعلومات المتعلقة بسوء تعامل سلطات داعش مع سكان المناطق التى خضعت لها بالعراق، والمبالغة فى إعمالها للسيف، وأعادة العمل بقوانين القرون الوسطى، أدى لخسارة تعاطف السكان، والحد من قدرتها على إكتسابهم، ما أفقدها أهم مقومات البيئة الحاضنة التى تساعد على انتشارها، كما ان ماتعرضت له من هزائم فى العراق وسوريا قد أسقط الهيبة عنها، والرهبة من قواتها.

*  وصول وزيرا الداخلية والدفاع الوطنى للمدينة فى الساعات الأولى للهجوم، ساعد على تماسك الموقف ومنع انهياره، وتولى خلية أزمة من مختلف الجهات المعنية إدارة الموقف إنعكس على التعامل الرصين واتخاذ القرارات السريعة، وأهمها فرض حظر التجول الذى مكن من المواجهة وسرعة السيطرة.

*  المخاطر التى يطرحها الهجوم لم تنتهى تماماً، لأن داعش تعتمد فى تكتيكاتها على الهجوم بمجموعات محدودة العدد، وعندما تستشعر يقظة ورد فعل من القوات المدافعة، توحى بالإنسحاب للإيحاء بخسارة المعركة، ثم تعاود الهجوم فى ضوء ماجمعته من معلومات عن توزيع القوات وتسليحها ومناطق تمركزها مايضمن لها النجاح.

*  الهدف من الهجوم سياسى بصفة رئيسية، إذ استشعرت داعش ان قواتها فى ليبيا على وشك التعرض لهجوم واسع فحرصت على الإمساك بزمام المبادرة والبدء بهذا الهجوم كنوع من التشتيت وتوسيع نطاق المواجهة وفتح جبهة جديدة فى تونس، واستغلت قلق العناصر التونسية فى صفوفها من اضطرارها للإنسحاب من سوريا والعراق فى الفترة الأخيرة تحت الضربات الموجهة لها الى ليبيا، وتخوفها من نتائج الضربة العسكرية التى يستعد الغرب لتوجيهها لها فى ليبيا، فأصبحت أكثر ميلاً لإيجاد موطىء قدم لها فى بلدها “تونس”.

*  والحقيقة المُرة هى أننا وقد سلمنا بأن داعش هى إحدى أدوات أجهزة المخابرات الأمريكية والغربية، فإن الهجوم يستهدف ضمان سرعة استجابة دول الجوار الليبى لطلب امريكا والغرب الحصول على تسهيلات عسكرية، سواء فى صورة قواعد للطائرات بدون طيار، أو مراكز تنصت وإدارة عمليات، فضلاً عن التسهيلات البحرية، والفرصة أمامها لتحقيق ذلك أصبحت مهيأة بالفعل.

*  ينبغى التحسب لهجمات أخرى مماثلة فى اتجاه الجزائر ومصر.

 
أضف تعليق

Posted by في 2016/03/09 بوصة غير مصنف

 

تساؤلات على هامش «قضية أمن دولة»

Farouk Sultan, head of the presidential election commission speaks with Hatem Bagato Egypt's Supreme Presidential Electoral Commission (SPEC) General Secretary during a news conference in Cairo

التحقيقات التى نشرتها جريدتنا الغراء «الوطن»، والتصريحات الصادرة عن أعضاء اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية 2012، وعن أطراف القضية 654 لسنة 2014 أمن الدولة العليا، وكل الوقائع الثابتة، تؤكد أن أخطر ما فى القضية هو التناقضات الداخلية بين أعضاء اللجنة، وصراعاتهم القضائية خارجها.. وقائع تثير الاندهاش، وتطرح التساؤلات.

اللجنة أبلغت الداخلية والمخابرات والرقابة الإدارية بما تلقته من وقائع تزوير للتحرى عنها، وأجلت إعلان النتيجة لـ24 يونيو 2012، النيابة سلمت «بجاتو» الأمين العام تحريات المباحث الجنائية، و600 شكوى انتخابية، عبدالمعز إبراهيم وأحمد خفاجى نفيا الاطلاع عليهما، وحملاه مسئولية عدم العرض، ورفعت قمصان أنكر إحاطته بقرار تكليفه بالإشراف على طباعة بطاقات التصويت وضمان سلامتها خلال النقل والتخزين، عبدالمعز وخفاجى رفضا اعتماد النتيجة بفوز «مرسى»، وطلبا الإعادة بدوائر المخالفات، «بجاتو» اعترض لأن فارق الأصوات بين المرشحين أكبر من أن تغطيه إعادة التصويت بتلك الدوائر، رئيس اللجنة فاروق سلطان، وماهر البحيرى وممتاز متولى وافقوا، فأعلنت النتيجة!!.

رفضت اللجنة قبول طعون شفيق، لأن المادة «28» من الإعلان الدستورى تحصن قراراتها، لكن النيابة انتدبت قاضى تحقيق فى الوقائع الجنائية «التزوير والمخالفات»، اعتذر بعد شهرين، والثانى «أسامة قنديل» تنحى بعد 3 أشهر، واعتذر «منصور موسى» متعللاً بظروفه الصحية، رغم ممارسته لعمله فى قضايا أخرى، «محمد عبدالرحمن» تنحى بعد خمسة شهور لاستشعاره الحرج بعدما أثير عن انتمائه للإخوان.. بعد سقوطهم، انتدب «عادل إدريس» سبتمبر 2013، ليبدأ تحقيقاً جدياً.

«إدريس» استمع لأقوال المسئولين المعنيين، وانتقل لمقر اللجنة «ديسمبر 2013»، وتحفظ عليه، وعلى بعض الأوراق والمستندات، لم يأبه باعتراض أعضائها، ولا بشكواهم لوزير العدل، واستدعاهم لسماع أقوالهم، استجاب عبدالمعز وخفاجى، وامتنع سلطان والبحيرى، وتعلل «متولى» بإجراء عملية جراحية، ورفض استقبال اللجنة الطبية التى انتدبها «إدريس» للكشف عليه!!.. استمع لأقوال «مرسى» وقرر حبسه، بتهمة اختلاس الرئاسة بالقوة، وترويع المصريين، ولأقوال عبدالمعز وخفاجى، ووجه لهما، ولرئيس المطبعة الأميرية ومساعده، وباقى أعضاء اللجنة، الاتهام بالتزوير، ولـ«بجاتو» تهمة إخفاء أوراق عن اللجنة، أدرجهم جميعاً بقوائم الترقب ومنع السفر، أصدر لهم قرارات ضبط وإحضار، وخاطب الداخلية للتنفيذ!!، أبلغ النائب العام ضد بجاتو لخرقه قرار حظر النشر، طالباً رفع الحصانة عنه، للتحقيق ورفع الدعوى الجنائية إذا لزم، الدستورية ردت «أبريل 2014» بعرض الأمر على جمعيتها العمومية!!.

بعد انتهاء التحقيقات «مايو 2014»، وتقدير الأدلة، وتحديد المراكز القانونية والمسئوليات، أرسل «إدريس» القضية للنائب العام، ليبدى ملاحظاته، أو يحيلها للجنايات، أو ليقرر ألا وجه لإقامة الدعوى، لكنه أصدر قراراً بحظر النشر!!، وأحالها لرئيس محكمة الاستئناف!!، الذى أنهى ندب «إدريس»، وانتدب قاضياً للتحقيق معه، بتهمة اختلاس أوراق القضية!!، إدريس رفض المثول أو كتابة مذكرة، مستنكراً «تدخل رئيس الاستئناف عدة مرات فى التحقيق، بما يشكل جريمة جنائية تستلزم المساءلة»، مذكراً بأنها «المرة الأولى فى تاريخ القضاء التى يتم فيها سحب قضية من أمام قاضٍ، خلافاً للضمانات التى تكفلها المادة 65 من قانون الإجراءات الجنائية».. طعن على قرار إنهاء ندبه، فقضت دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة الاستئناف ببطلان القرار وعودة القضية إليه، رئيس الاستئناف طعن على الحكم، دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض أجلت النطق بالحكم ثلاث مرات، آخرها لـ23 مارس المقبل.. القضاء الإدارى أصدر حكماً «19 يناير» ببطلان قرار النيابة بحظر النشر فى القضية، مستنداً إلى أن قاضى التحقيق يختص وحده بإجراء التحقيق والتصرف فيه، وفرض الحظر من عدمه، مراعاة لحق المواطنين والإعلام فى مصادر المعلومات الصحيحة، دون تدخل النائب العام أو رئيس الاستئناف.

***

بداية.. لا موضع لشخصنة القضية، فأعضاء اللجنة ليس لهم مواقف مسبقة من شفيق؛ فالدستورية التى ترأس رئيسها اللجنة، مكنته من الترشح، بحكمها «عدم دستورية قانون العزل يونيو 2012».. لكن أداء اللجنة مُحبِط، ومريب، ويطرح التساؤلات..

  • ما السبب فى تنحى القضاة الأربعة عن القضية، هل تحسباً لرد فعل الإخوان، أم تجنباً للضغوط ومحاولات التدخل فى التحقيق، التى كشفها الخامس بعد عزله؟!.
  • «عبدالمعز» قرر أنهم لو اطلعوا على تحريات المباحث وشكاوى التزوير لما أعلنوا النتيجة، و«قمصان» برر التقصير فى تأمين بطاقات التصويت، بحجب قرار تكليفه.. هل الحجب ناتج عن سوء إدارة، أم غفلة واستهتار، أم نية مبيتة؟!
  • قانون الانتخابات يحظر تولى أعضاء اللجنة مواقع تنفيذية أو نيابية، «مرسى» عيَّن «بجاتو» وزيراً، ونظام 30 يونيو عينه بهيئة مفوضى الدولة بالدستورية العليا بعد استقالته.. لا يمكن أن يتفق نظامان متعارضان على مجاملة مسئول؟ إذاً ما قانونية تعيينه فى كل حالة، وما مبرراته؟.
  • «بجاتو» أكد فى يونيو 2012 «إن اللجنة لديها اتهامات موثقة لسبعة مرشحين رئاسيين بتلقى تمويل من الخارج»، لم يخطر النيابة للتحقيق، ولم تعلن نتيجة التحقيق فى بلاغ إبراهيم الحمامى المحامى بهذا الشأن.. لماذا الصمت على محاولات الخارج للعبث بمقعد الرئاسة فى مصر؟!.
  • اللواء أحمد جمال الدين أكد أنهم كانوا يقدرون أن البلاد ستواجه موجة إرهاب وعنف إذا فاز «شفيق»، فهل سعت اللجنة لتجنيب الوطن المخاطر بدفع «مرسى» للسلطة؟! وكيف يصبح شكل المجتمع إذا ما انحاز سدنة العدالة للبلطجية اتقاء لشرورهم؟!
  • عقب فوز «مرسى» توقف ضباط البحث الجنائى عن استكمال تحرياتهم بشأن مسئولى تسويد البطاقات بالمطبعة الأميرية، وتسليم بطاقات المتوفين لأنصار «مرسى»، فهل استأنفوها بعد سقوطه؟! وما النتيجة؟!.
  • هل للخلاف داخل اللجنة، الذى انتهى بإعلان فوز مرسى بثلاثة أصوات ضد اثنين، علاقة بما دار خارجها من ضغوط متبادلة، وأحاديث عن صفقات بين المجلس العسكرى والإخوان؟! أم أنه مجرد تزامن لا أكثر؟.
  • رئيس اللجنة علق على مصادرة حق الأقباط فى التصويت ببعض قرى الصعيد بأن «معدلات تصويتها منخفضة بطبيعتها»، فهل يجوز تسطيح القضية وتبرير الجريمة على هذا النحو؟!.
  • بعض أعضاء اللجنة يرون أن «إدريس» خرج عن مسار القضية، وتجاوز اختصاصه الأصيل، بالتحقيق معهم.. أليس ذلك هو نفس ما فعله المستشار خالد محجوب فى قضية اقتحام السجون، فلماذا الاعتراض؟.

التصدى الجسور من مؤسسة القضاء للإخوان كان أحد معاول إسقاطهم.. الحفاظ على مكانتها يفرض المحاسبة، والعقاب، وربما تطهير الصفوف، اقتحام القضية لا يرتب أى تبعات سياسية قد تثير المخاوف، فقد انصرفت إرادة الرأى العام عن شخوصها «شفيق ومرسى»، بمشروعية ثورة 30 يونيو، ودستور 2014، ونتيجة انتخابات الرئاسة.. مصر تحاكم رئيسين، لم تحصنهم مناصبهم، فهل حصانة أعضاء اللجنة تضعهم فوق المساءلة؟!.

 
تعليق واحد

Posted by في 2016/03/06 بوصة غير مصنف