RSS

Monthly Archives: فيفري 2015

الميراث السعودى.. وتحديات الإقليم

hqdefault

منذ سنوات والنظام السعودى يحاول حل معادلة التوازنات الداخلية، مرر إصلاحات سياسية (منح كوتة للمرأة “30 مقعد” بالشورى، السماح بترشحها للانتخابات البلديّة، وتعيين نائبة وزير…) لكنها ظلت قاصرة عن تلبية تطلعات الجيل الجديد، الأمير خالد بن فرحان بن عبدالعزيز إنشق عن العائلة، ودعى الأمراء للإنحياذ للتغيير لا للولاء.. تشدد بعض رجال الدعوة دفع الداخلية لإجراء تحريات أدت للتحقيق مع 17 منهم لعدم تضمن خطبهم استنكاراً لهجمات القاعدة، الملك الراحل أرسل خطاب تأنيب لـ”هيئة كبار العلماء” لقصور دورها فى مكافحة التطرف، وفُرِضَت غرامات على وسائل الإعلام لأنها لم تقصر فقط فى التعبئة ضد الإرهاب، بل ساهمت فى تأجيج الرأي العام وتشويه سمعة البلاد، والنتيجة ان 20% ممن أجرى عليهم استطلاع للرأى 2009 عكسوا آراء إيجابية تجاه «القاعدة»، واستطلاع آخر نشر مؤخراً أكد ان قطاع من السعوديين يعتقدون أن «داعش» “تتوافق مع القيم والشريعة الإسلامية”، جميعها إستطلاعات غير رسمية بالطبع.. المعالجات الأمنية فرضت نفسها، “هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” أضيف لمهامها محاربة الفكر المتطرف ومواجهة مبادئ الإرهاب، وصدرت أحكام ضد عدد من ناشطى “حسم” الذين يطالبون بالنظام الملكى الدستورى، ومنع الاعتقال التعسفي، بخلاف السجن لـ70 متهما بايعوا زعيم القاعدة في اليمن.

على حدود المملكة الموقف بالغ الحساسية، الحوثيون يحكمون اليمن، ويتطلعون لباب المندب، و800 كيلو من الحدود مع العراق تحتلها «داعش»، التى تستهدف مكة والمدينة لإستكمال الخلافة.. ركزت منذ مطلع 2015 على قطاع 70 كيلو، حفرت فيه ثلاثة آبار، هاجمت مخفر “العناز” العراقى عدة مرات، وقتلت 30 جندى، مادعا الباقين للفرار، الشيخ لورنس متعب الهذال، زعيم قبيلة عنزة بالأنبار، وأحد مؤسسى الصحوات، تعهد بنشر أبناء القبيله على الحدود لتأمينها، أغتيل بعدها بعدة أيام.. مركز “سويف” السعودى بعرعر تعرض لهجوم ذهب ضحيته قائد حرس الحدود بالمنطقة، واثنان من رجاله، وترددت أنباء حول تسلل مجموعتين للمدينة، السعودية مدت المنطقة العازلة لـ20 كيلو، وعززتها بسياج أمنى بتقنيات متطورة تنفذه شركة ((EADS الأوروبية، لكن تحصينات الحدود لم تحم دولة عبر التاريخ.

خارجياً تكاد المملكة ان تغيب عن الإقليم منذ قرابة عشر سنوات، اختلفت مع المالكى حول تشكيل حكومة ائتلافية تصون حقوق السُنَّة، فابتعدت، وتبنت الثورة السورية فقطعت علاقاتها بالدولة، واختطفت القاعدة نائب قنصلها فى عدن فغادر السفير صنعاء ولم يعُد، وأيدت ثورة 30 يونية فى مصر، فتدهورت علاقاتها بتركيا وقطر.. غياب الدور السعودى ترك الساحات واسعة امام تمدد النفوذ الإيرانى فى العراق وسوريا ولبنان واليمن، وسمح بتمرير مخطط الفوضى الخلاقة ببعض دول المنطقة، وشجع الغرب للسعى للتوصل لإتفاق تقسيم مصالح مع ايران.. الملك عبدالله بدأ منتصف 2014 الترتيب للعودة للإقليم.. إتصالات مباشرة مع ايران، استئناف للعلاقات مع العراق، تهدئة الموقف مع قطر، والوساطة مع مصر، السيطرة على تدفق الدعم السعودى والمتطوعين للمتطرفين بسوريا، استعادة الدور المصرى بالمنطقة لموازنة الدورين الايرانى والتركى.

إستكمال المهمة بعد وفاة الملك عبدالله، فرض على سلمان إعادة ترتيب مؤسسات الحكم، وتوفير حالة من الرضا العام، وإعادة التوازن بين نفوذ كل من الأسرة الحاكمة والمؤسسة الدينية والقبائل، ورأب صدع السياسات السعودية تجاه الاقليم.. بدأ الملك بحل كل المجالس الاستشارية، وشكل مجلسين فقط ليكونا ركيزتين للسلطة؛ الأول للشؤون السياسية والأمنية برئاسة الأمير محمد بن نايف وليُّ وليِّ العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، ووزير الداخلية، والثانى للشئون الاقتصادية والتنمية برئاسة محمد بن سلمان وزير الدفاع ورئيس الديوان الملكي والمستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين، وأخرج خالد التويجرى رئيس الديوان، أحد الداعين لليبرالية والحداثة، الداعم لموقع “الشبكة الليبرالية”، الذى يديره رائف البدوي، المتهم بالكفر والزندقة.. التغييرات الوزارية محدودة، لكنها استهدفت تهدئة التيارات الدينية المحافظة؛ إعادة صالح آل الشيخ وزيرا للشئون الإسلاميّة والأوقاف، وهو سليل مؤسس الوهابية محمد بن عبد الوهاب، الذى أعفاه الملك فهد من المنصب، بدلاً من أبا الخيل.. تعيين وليد الصمعانى وزيراً للعدل بدلاً من محمد العيسى، الذى شارك التويجرى فى الإصلاحات المتعلقة بالمرأة، وتعرض لإنتقادات المحافظين.. إعادة تعيين د.سعد الشثري مستشاراً بالديوان الملكي، وهو عضو سابق بهيئة كبار العلماء، أقيل 2009 لمعارضته إنشاء جامعة مختلطة.. تعيين د.عبد الرحمن السند رئيسا لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بدلاً من عبداللطيف آل الشيخ الذى أقال أقطابها المتشددين، وقيد نشاطها بالأسواق والمهرجانات الترفيهيّة.. تعيين د.عزام الدخيل وزيراً للتعليم والتعليم العالى، بعد دمجهما، وهو تكنوقراطي خريج الجامعات الأمريكية والبريطانية.

التغيرات الرئيسية فى السلطة تشير الى ثبات المحاور الرئيسية للسياسة الخارجية السعودية، وإعادة الثقة للعلاقات مع أمريكا.. العاهل السعودى تولى وزارة الدفاع، ورئاسة المخابرات، ومستشاراً لملوك السعودية منذ 1999، وأدار -مع الأمير مقرن- سياسات المملكة إبان تراجع قدرات الملك عبدالله الصحية خلال السنوات الأخيرة، خلافاً لما أوحت به التسريبات، التى استهدفت استبعاده والتلاعب فى ترتيبات الخلافة.. الأمير نايف المسئول عن تبادل معلومات الأنشطة الإرهابية مع امريكا، والذى اجتمع بأوباما لمدة 3 ساعات فبراير 2014، قبيل لقاءه بالملك في الرياض، وعاد ليُكَلَّف بالإشراف على المخابرات السعودية.. محمد بن سلمان صاحب التوجهات الغربية.. خالد الحميدان رئيس المخابرات، نائب مدير المباحث السابق، ومسئول التعاون مع FBI.. اوباما قطع زيارته للهند، وتوجه للرياض بوفد يضم 30 من صناع القرار فى الإدارات الأمريكية، الحالية والسابقة، جمهوريين وديمقراطيين، وأردوغان قطع جولته الأفريقية وتوجه للعزاء، وتميم قطر كان على رأس المشاركين فى الجنازة.. محاولات لإستغلال الموقف فى إستعادة الثقة لعلاقات تحكمها مصالح، ومواجهات للإرهاب، تتزامن مع سعى سعودى للعودة للإقليم، مافرض التجاوب والمراجعة.

أين ملف العلاقات المصرية السعودية من هذا؟!

التعاون السعودى المصرى يعتبر حقيقة إستراتيجية ثابتة لدى القيادة السعودية، سلمان يرتب لزيارة مصر منذ إعتلائه للمنصب، وليس كرد فعل لتسريبات، لاتؤثر فى استراتيجيات دول، ولا مصالح حكومات، القيادة المصرية تتفهم الكياسة السعودية فى التعاطى مع محاولات أوباما واردوغان وتميم لترويج رؤيتهم لدور الإخوان فى الأنظمة السياسية العربية، سلمان تقبل عزاء راشد الغنوشى باعتباره زعيما للحزب الذى يتمتع بثانى كتلة سياسية فى البرلمان، لا كرئيس لإخوان تونس، سعود الفيصل يعنى ماقاله “ليس لنا مشكلة مع الإخوان، مشكلتنا فقط مع من ينتمون للجماعة، وفي رقبتهم بيعة للمرشد”، لأنه أول من يدرك ان بيعة المرشد على السمع والطاعة هى أول شروط العضوية.. وبالتالى فمشكلتهم مع الجماعة مستمرة، ورفعهم من قوائم الجماعات الإرهابية غير وارد، لأن إدراجهم لم يكن مجاملة لمصر، انما انطلق من رؤية وزير الداخلية الراحل الأمير نايف باعتبارهم “أصل البلاء”، ونجله وزير الداخلية الحالى لكونهم “خطراً على المنطقة كلها”.

تحديات الإقليم لاتقتصر على إرهاب داعش، وفوضى الحوثيين، انما تتعداها لمخططات ايرانية أشار علي رضا زاكاني نائب طهران فى البرلمان الإيراني الى انها نجحت فى فرض سيطرة طهران على أربع عواصم عربية؛ بغداد، دمشق، بيروت، صنعاء، فى الوقت الذى يفاوضها الغرب على صفقة “تقسيم المصالح”، وهى تحديات يستحيل على السعودية مواجهتها دون تحالف استراتيجى فعال مع مصر والإمارات والأردن.

gtaha2007@gmail.com

 
تعليق واحد

Posted by في 2015/02/27 بوصة غير مصنف

 

تنويع مصادر التسليح، واستعادة التوازن بالمنطقة، فى ضوء زيارة بوتين لمصر

زيارة بوتين

برج القاهرة الذى شيدته المخابرات المصرية تعبيراً رمزياً عن الشفافية والنزاهة الوطنية، وتأكيداً على أن إرادتنا لاتشترى بالمال، هو المكان الذى أختير لإقامة أول حفل عشاء للرئيس بوتين على ارض المحروسة فى 9 فبراير 2015.. إختيار يحمل رسالة موجهة للجميع «إرادة مصر حرة.. لاترتهن بمصالح القوى العظمى.. وعلاقات الشراكة معها أساسها التكافوء».. بعد العشاء قدم بوتين الكلاشنكوف الروسى، الذى تفوق حتى أصبح السلاح الفردى الرئيسى لكل جيوش العالم، هدية للرئيس السيسى.. رد ذا مغزى «سنوفى بإحتياجاتكم من أسلحة متطورة، نعتلى بها قائمة الدول المصدرة فى العالم».

***

مصر بحكم دورها الأقليمى وأهميتها الإستراتيجية تسعى للحفاظ على وحدة أراضى دول الإقليم، وضمان أمن شعوبه، والقضاء على التنظيمات الإرهابية، ومخططات الفتنة، وإثارة الحروب.. روسيا قامت بدور رئيسى فى الحيلولة دون انتصار التنظيمات الإرهابية فى سوريا، لذلك فإن التنسيق الإستراتيجى معها قد يساعد على إحتواء الأوضاع المتدهورة بالعراق وسوريا واليمن وليبيا، وتخفيف حدة الإستقطاب الطائفى مع ايران، وإستعادة التوازن الإستراتيجى بين القوى العظمى بالمنطقة.

مصر وروسيا تربطهما علاقة شراكة إستراتيجية منذ 2009، فَتُرَت إبان حكم الإخوان، لأنهم يمثلون للروس “خطَّاب والغامدى ومهند وابوعمر وابوحنفى وابوقتيبة وابوجعفر”.. أمراء الحرب فى طاجيكستان 1993 والشيشان 1995، وصانعى الإرهاب فى آسيا الوسطى وشمال القوقاز وموسكو نفسها.. المحكمة العليا الروسية حظرتهم 2003، وأدرجوا على قوائم الإرهاب 2008.. بعد سقوط الإخوان تحركت الدولتان فى اتجاه بناء تعاون استراتيجى جاد بزيارات تحضيرية متبادلة لوزراء الدفاع والخارجية.. الروسيين للقاهرة نوفمبر 2013، والمصريين لموسكو فبراير 2014، الرئيس السيسى زار موسكو أغسطس 2014، ووقع عقوداً واتفاقات لشراء مقاتلات “ميغ 29″، ومروحيات هجومية “مي 35″، وأنظمة متطورة للدفاع الجوي، تقدر بقرابة 3.5 مليار دولار.. التجارة بين الدولتين وصلت لقرابة 4.5 مليار، وأكثر من 3 مليون سائح روسى لمصر.. نتائج زيارة بوتين للقاهرة بالغة الأهمية.. تعزيز التعاون العسكري ومكافحة الإرهاب، إعطاء دفعة للتبادل التجارى والسياحى ومشاركة روسيا فى المؤتمر الإقتصادى، إعادة تحديث المصانع الحربية التي تعمل بتكنولوجيا روسية، تعزيز التعاون في مجال الطاقة، وتشييد محطة كهرونووية بالضبعة، إنشاء منطقة للتجارة الحرة بمحور قناة السويس تربط مصر بالاتحاد الجمركى الأوراسي، الذي يضم كلاً من روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان، وارمينيا، وقرغيزستان تلتحق مايو المقبل، الإتفاق يعفى صادراتنا من الجمارك، ويتيح لهم دخول السوق المصرى.. الإنتهاء من إقامة المنطقة الصناعية الروسية شمال “عتاقة” بمحور قناة السويس.. بحث التعاون فى مجال تخزين الحبوب في الصوامع التي ستقام بمشروع المركز اللوجيستي العالمي لتداول الحبوب بدمياط “روسيا رابع منتج للقمح، ومصر ثاني مشترٍ”.. وتوسيع نطاق التعاون فى مجال الاتصالات، باعتبار روسيا ثانى دولة تمتلك أقمار صناعية عسكرية فى العالم.

ما حققته زيارة بوتين من نتائج، وماتم توقيعه من إتفاقات، تمثل دعما لروسيا فى مواجهة أشد أزمة تواجهها منذ سقوط الإتحاد السوفيتى، بسبب العقوبات الغربية بعد أزمة القرم مارس 2014، ماأدى لحالة ركود، وإنخفاضٍ الروبل لنصف قيمته.. استقبال مصر لبوتين بكل هذا القدر من الترحاب والتركيز الإعلامى والسياسى، لم يستهدف مساعدته على ان يؤكد للغرب أن محاولات عزل بلاده لم تنجح، بقدر مااستهدف مساهمة مصر فى إستعادة التوازن الدولى متعدد القطبية، بعد الإختلال الذى تعرض له نتيجة إنحسار الدور الروسى بعد تفكك الإتحاد السوفيتى 1991.

والحقيقة ان هذه الزيارة لاتنفصل فى أهدافها ونتائجها عن زيارة السيسى للصين ديسمبر 2014، والزيارة المرتقبة للرئيس الصيني “شى جين بينج” لمصر، فكلا الدولتين؛ روسيا والصين، أعضاء فى مجموعة البريكس، التى تضم معهم البرازيل والهند وجنوب أفريقيا، وتشكل ربع مساحة اليابسة، و40 % من سكان الأرض، وخُمس الناتج القومي العالمي، وتتيح إمكانية تسوية المدفوعات الناتجة عن التجارة البينية بين دولها باستخدام عملاتها المحلية.. ماتم الإتفاق عليه خلال زيارة بوتين من إتفاق على التعامل بالجنيه والروبل قابل للتكرار مع الصين، كمقدمة لإلتحاق مصر بدول المجموعة.

***

بعد أقل من أسبوع من زيارة بوتين للقاهرة، وصل جان ايف لودريان وزير الدفاع الفرنسي يوم 16 فبراير، لتوقيع أول عقد لبيع 24 طائرة مقاتلة من طراز «رافال» الفرنسية المتطورة لمصر، والتى اتفق عليها السيسى خلال زيارته لباريس نوفمبر 2014، وهى الزيارة التى اتفق خلالها ايضا على دعم القوات الجوية المصرية بـ 7 طائرات نقل من طراز «إيرباص»، و 4 طرادات حربية من طراز «جوييد 2400» مزودة بمنظومتين للصواريخ؛ الأولى منظومة «ميكا» الاعتراضية متعددة المهام، القادرة على المناورة لتفادى العوائق فى طريقها للهدف، والثانية منظومة «إيجزوسيه» المضادة للسفن ذات مدى يصل الى 140 كيلومتراً، ويمكن تزويدها بطائرات دون طيار وغواصات روبوت “دون طاقم”، وقد تم الإتفاق على ان يتم تجميع ثلاثة من هذه الطرادات بترسانة القوات البحرية المصرية بالاسكندرية، كما تم الإتفاق على صيانة وتحديث طائرات الجيش المصرى من طراز «ميراج 2000«، وتطوير وتوسيع نطاق المناورات البحرية السنوية المشتركة «كليوباترا» التى تتم بالتبادل فى المياه الإقليمية للدولتين، بخلاف تبادل البعثات للعسكريين من الدولتين.

وتزامن مع زيارتى بوتين ولودريان إعلان وزير الإقتصاد الألمانى زيجمار جابرييل خلال زيارته لشركة تيسن كروب لنظم الملاحة البحرية بمدينة كييل يوم 17 فبراير عن موافقة المانيا على بيع غواصتين إضافيتين من طراز “214” القريب من الغواصات “دولفين” لمصر، سيتم تسليمهما نهاية عام 2018، بالإضافة للصفقة الأصلية الموقعة عام 2012 والخاصة بشراء غواصتين من طراز “209”، سيتم تسليمهما لمصر فى العام المقبل 2016، ويأتى ذلك التطور نتيجة للقاء الرئيس السيسى مع المستشارة الألمانية ميركل فى دافوس يناير الماضى، والتى أفشلت الضغوط السياسية التى استهدفت عرقلة الصفقة.

***

 ليست تلك إطلالة لرصد صفقات تسليح عقدتها القوات المسلحة المصرية، ولكنها محاولة تجميع لأجزاء من مكونات المشهد المصرى والإقليمى خلال فترة قصيرة، من 9 فبراير حتى 17 فبراير 2015.. تكتمل بالتسجيل المصور الذى عرضه تنظيم داعش الإرهابى يوم 16 فبراير لذبح 21 مواطن مصرى على شاطىء مدينة سرت الليبية، حرص على إختيارهم من الأخوة المسيحيين، فى عملية إستهداف مباشرة لمصر من عمق الأراضى الليبية على الحدود الغربية.. فى محاولة لتخفيف الضغط عن جماعة “أنصار بيت المقدس” الإرهابية التى تحاصرها قوات مشتركة من الجيش والشرطة المصرية، قرب الحدود الشرقية، وتوقع بها خسائر فادحة.. مشهد مذبحة سرت يعكس بوضوح سعى الإرهابيون لإحراج الرئاسة، وإظهار عجزها عن حماية رعاياها، وإثارة سخط المسيحيين، وتخويف العمالة المصرية للعودة تاركة مصدر رزقها، فتصب غضبها على الدولة.. وهكذا يبرر الجزء الأخير من المشهد، ويفسر ماجاء باللقطات الثلاثة الأولى، كما يعبر المشهد بتكامله عن عدة حقائق ودروس مستفادة أهمها :

*  وعى القيادة المصرية لحجم ماتواجهه من مخاطر وتحديات فى الداخل والخارج.

*  تكثيف الجهود وتسارعها لتزويد قواتنا المسلحة بأحدث المنظومات الدفاعية، لحماية الأراضى المصرية، وتأمين سواحلها الممتدة لقرابة 2500 كيلومتر فى البحرين الأبيض والأحمر، فضلاً عن قناة السويس الممر المائى العالمى.

*  الحرص على توفير قوة جوية وبحرية ضاربة تسمح بالرد على اية تجاوزات ترتكب فى حق الرعايا المصريين من جانب جماعات الإرهاب المنظمة، وتأمين حرية الملاحة فى الممرات الدولية المؤدية للقناة، بالتنسيق مع الأمم المتحدة والقوى المعنية بالمنطقة.

*  تنويع مصادر السلاح تجنباً للتعرض لأية ضغوط أو مساومات سياسية، قد تمس حرية القرار، وأمن مصر القومى.

*  تأمين عمليات الصيانة والتحديث حفاظاً على استمرار كفاءة وفعالية الأسلحة، وتخصيص نسبة من الصفقات للتجميع المحلى، او المشاركة بنسبة من التصنيع، تطويراً لصناعاتنا العسكرية.

*  الإهتمام بتكثيف المناورات المشتركة مع دول وتجمعات تنتمى لمدارس عسكرية مختلفة، وتبادل البعثات العسكرية لإكساب التشكيلات والقادة العسكريين خبرة القتال وإدارة العمليات فى مختلف الظروف.

***

الضربة الجوية الدقيقة التى وجهتها قواتنا الجوية والبحرية، لمقرات الجماعات الإرهابية فى ليبيا، ومعسكرات تدريبها، ومخازن أسلحتها، بناء على جهد مخابراتى، ورصد ناجح للأهداف، وتنسيق مباشر مع الجيش الوطنى الليبى، تؤكد.. انه فى ظروف إقليمية تسودها الإضطرابات، وأوضاع دولية تبعث على القلق، تبقى قدرة القوات المسلحة وكفاءتها هى الضمانة الوحيدة لتأمين حدود الوطن، وضمان أمن المواطن، وتحقيق الإستقرار، وهى بالتالى الضمانة الأولى لجذب الإستثمارات الخارجية، القادرة على توليد فرص عمل جديدة، وتحقيق التنمية الإقتصادية والإجتماعية، وهو ماتسعى القيادة السياسية المصرية لتحقيقه من خلال جهود دولية وإقليمية دءوبة، سواء على المستوى الثنائى من خلال اتفاقات التعاون المتبادل والصفقات، او على المستوى الجماعى، على نحو ماسيتم فى المؤتمر الإقتصادى المزمع عقده بشرم الشيخ مارس المقبل.. جهود تصب جميعها لصالح رخاء الوطن، وسعادة المواطن.

gtaha2007@gmail.com

 
تعليق واحد

Posted by في 2015/02/18 بوصة غير مصنف

 

زيارة بوتين لمصر.. وتوازنات القوى بالمنطقة

2015_2_9_23_46_30_382

برج القاهرة الذى شيدته المخابرات المصرية بـ”رشوة” أمريكية، تأكيداً على أن إرادتنا لاتشترى بالمال، هو المكان الذى أختير لأول حفل عشاء للرئيس بوتين على ارض المحروسة فى 9 فبراير 2015.. رسالة موجهة لأمريكا، وبنفس القدر الى روسيا «مصر، حرة الإرادة.. لاترتهن بمصالح القوى العظمى.. وعلاقات الشراكة أساسها التكافوء».. بعد العشاء قدم بوتين الكلاشنكوف الروسى، الذى تفوق حتى أصبح السلاح الفردى الرئيسى لكل جيوش العالم، هدية للرئيس السيسى.. رد ذا مغزى «سنوفى بإحتياجاتكم من أسلحة متطورة، نعتلى بها قائمة الدول المصدرة فى العالم».

***

واشنطن أساءت التعامل مع مصر عقب الإطاحة بحكم الإخوان 30 يونية 2013.. جمدت تسليم طائرات “إف-16″، وإلغت مناورات “النجم” الساطع المشتركة، وعلقت الدعم العسكرى، وأوقفت الحوار الاستراتيجي.. تخلت عن موقفها كحليف للدولة المصرية، وانحازت لجماعة الإخوان.. سوء تقدير بالغ، لا لأهمية مصر ووضعها الإستراتيجى فحسب، وانما لآليات الحفاظ على المصالح الأمريكية ذاتها.

مصر بحكم دورها الأقليمى وأهميتها الإستراتيجية تسعى للحفاظ على وحدة أراضى دول الإقليم، وضمان أمن شعوبه، والقضاء على التنظيمات الإرهابية، ومخططات الفتنة، وإثارة الحروب.. روسيا قامت بدور رئيسى فى الحيلولة دون انتصار التنظيمات الإرهابية فى سوريا، لذلك فإن التنسيق الإستراتيجى معها قد يساعد على إحتواء الأوضاع المتدهورة بالعراق وسوريا واليمن وليبيا، وتخفيف حدة الإستقطاب الطائفى مع ايران، وإستعادة التوازن الإستراتيجى مع الولايات المتحدة.

وفى الوقت الذى كانت فيه مصر وروسيا تتحركان فى اتجاه بناء علاقات تعاون استراتيجى بزيارات تحضيرية متبادلة لوزراء الدفاع والخارجية.. الروسيين للقاهرة نوفمبر 2013، والمصريين لموسكو فبراير 2014، كانت سوزان رايس مستشارة أوباما للأمن القومي تؤكد تجاهل مصر، لأن “أولويات الإدارة الأمريكية في المنطقة هي إيران وسوريا والمحادثات الفلسطينية الإسرائيلية”.

ولكن.. قبل أسبوعين من زيارة بوتين، بدأت أمريكا توجه لمصر رسائل متنوعة.. ديفيد شينكر، المحلل الأمريكي ومدير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى يعد بأن الأموال المخصصة للمعونة العسكرية المتبقة لمصر عن 2014 وقدرها 640 مليون دولار قد تم الإفراج عنها في بنك الاحتياطي الفيدرالي بنيويورك، وسيتم الإفراج عن جزء منها فى الأسابيع التالية..  إستقبال رسمى لوفد الإخوان بالخارجية والبيت الأبيض للتلويح بأن أمريكا لاتزال تمتلك أوراق للضغط.. وفد أمريكى كبير ضم ستيفان هادلي مستشار الأمن القومي الأسبق، وأنطوني زيني القائد الأسبق للقيادة المركزية، ودانيال كيرتزر السفير الأسبق بالقاهرة، وويندي تشامبرلين رئيسة معهد الشرق الأوسط، ونائبها بول سالم، قابل الرئيس السيسى 5 فبراير، ليؤكد الطابع الإستراتيجى للعلاقات مع مصر، بغض النظر عن بعض الإختلاف فى وجهات النظر!! وبن رودس نائب مستشارة أوباما للأمن القومى وصف العلاقات الأمنية مع مصر بـ”الفريدة”!! وأكد استمرار الدعم العسكرى.. رسائل متناقضة تفتقد الجدية والتحديد والإلتزام، وتستهدف التأثير سلباً على زيارة بوتين.

***

 مصر وروسيا تربطهما علاقة شراكة إستراتيجية منذ 2009، فَتُرَت إبان حكم الإخوان، لأنهم يمثلون للروس “خطَّاب والغامدى ومهند وابوعمر وابوحنفى وابوقتيبة وابوجعفر”.. أمراء الحرب فى طاجيكستان 1993 والشيشان 1995، وصانعى الإرهاب فى آسيا الوسطى وشمال القوقاز وموسكو نفسها، المحكمة العليا الروسية حظرتهم 2003، وأدرجوا على قوائم الإرهاب 2008، السيسى زار موسكو أغسطس 2014، ووقع عقوداً واتفاقات لشراء مقاتلات “ميغ 29″، ومروحيات هجومية “مي 35″، وأنظمة متطورة للدفاع الجوي، تقدر بقرابة 3.5 مليار دولار.. التجارة بين الدولتين وصلت لقرابة 4.5 مليار، وأكثر من 3 مليون سائح روسى لمصر.. نتائج زيارة بوتين للقاهرة بالغة الأهمية.. تعزيز التعاون العسكري ومكافحة الإرهاب، إعطاء دفعة للتبادل التجارى والسياحى ومشاركة روسيا فى المؤتمر الإقتصادى، إعادة تحديث المصانع الحربية التي تعمل بتكنولوجيا روسية، تعزيز التعاون في مجال الطاقة، وتشييد محطة كهرونووية بالضبعة، إنشاء منطقة للتجارة الحرة بمحور قناة السويس تربط مصر بالاتحاد الجمركى الأوراسي، الذي يضم كلاً من روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان، وارمينيا، وقرغيزستان تلتحق مايو المقبل، الإتفاق يعفى صادراتنا من الجمارك، ويتيح لهم دخول السوق المصرى.. الإنتهاء من إقامة المنطقة الصناعية الروسية شمال “عتاقة” بمحور قناة السويس.. بحث التعاون فى مجال تخزين الحبوب في الصوامع التي ستقام بمشروع المركز اللوجيستي العالمي لتداول الحبوب بدمياط “روسيا رابع منتج للقمح، ومصر ثاني مشترٍ”.. وتوسيع نطاق التعاون فى مجال الاتصالات، باعتبار روسيا ثانى دولة تمتلك أقمار صناعية عسكرية فى العالم.

ما حققته زيارة بوتين من نتائج، وماتم توقيعه من إتفاقات، تمثل دعما لروسيا فى مواجهة أشد أزمة تواجهها منذ سقوط الإتحاد السوفيتى، بسبب العقوبات الغربية بعد أزمة القرم مارس 2014، ماأدى لحالة ركود، وإنخفاضٍ الروبل لنصف قيمته.. استقبال مصر لبوتين بكل هذا القدر من الترحاب والتركيز الإعلامى والسياسى، لم يستهدف مساعدته على ان يؤكد للغرب أن محاولات عزل بلاده لم تنجح، بقدر مااستهدف المساهمة فى إستعادة التوازن الدولى متعدد القطبية، لأن إنحسار الدور الروسى بعد تفكك الإتحاد السوفيتى 1991، حول أمريكا لقطب أوحد، ومرر سياسة الفوضى الخلاقة التى تعانى منطقة الشرق الأوسط من نتائجها.

والحقيقة ان هذه الزيارة لاتنفصل فى أهدافها ونتائجها عن زيارة السيسى للصين ديسمبر 2014، والزيارة المرتقبة للرئيس الصيني “شى جين بينج” لمصر، فكلا الدولتين؛ روسيا والصين، أعضاء فى مجموعة البريكس، التى تضم معهم البرازيل والهند وجنوب أفريقيا، وتشكل ربع مساحة اليابسة، و40 % من سكان الأرض، وخُمس الناتج القومي العالمي، وتتيح إمكانية تسوية المدفوعات الناتجة عن التجارة البينية بين دولها باستخدام عملاتها المحلية.. ماتم الإتفاق عليه خلال زيارة بوتين من إتفاق على التعامل بالجنيه والروبل قابل للتكرار مع الصين، كمقدمة لإلتحاق مصر بدول المجموعة.

كل ذلك لايعنى إتخاذ موقف ضد أمريكا، بقدر مايستهدف تعديل مواقفها.. صحيفة “نيويورك بوست”، فى تقريرها بعنوان “فقدان مصر”، عايرت أوباما بما ارتكبه من أخطاء أفقدت أمريكا مصر، كحليف هام بالمنطقة، مشيرة الى إحتجازه الأباتشى التى أرسلتها مصر للصيانة، وتعليقه الدعم الذى رتبته إلتزامات إتفاقية السلام، وإعتزامه الإعتراف بإيران كقوة نووية ضمن صفقة تبادل مصالح، وذلك فى وقت يضرب فيه الإرهاب سيناء، ويتوجه فيه بوتين للقاهرة برسالة ثقة فيفوز بمافقدته واشنطن.

***

أوباما فى حواره الشهير مع توماس فريدمان فسر إضطرابات الشرق الأوسط بأنها تعكس الحاجة لإعادة تقسيم دول المنطقة، وإقامة نظام بديل لنظام سايكس بيكو الذى قسمها 1916.. هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية السابقة ألمحت فى كتابها “خيارات صعبة” الى الدور الأمريكى فى تأسيس داعش.. مايكل فيكرز وكيل وزارة الدفاع الحالى للمخابرات، هو الذى تولى تأسيس جميع المنظمات الإرهابية بدءاً بـ«القاعدة»، عندما كان مسئولاً عن العمليات الخاصة بأفغانستان، وهو الذى أشرف على معسكرات التدريب التى افتتحت بالأردن 2006 ضمن سياسة الفوضى الخلاقة، وخرَّجَت 2000 من قيادات الإرهاب بالمنطقة، على رأسهم أبوبكر البغدادى زعيم داعش، وهو الذى أوُفِد للقاهرة يناير 2013 لبحث الدعم الذى يمكن تقديمه لمصر لمواجهة الإرهاب فى سيناء!! إزدواجية فجة فى الأدوار، لاتصلح للتعامل مع دولة فى قامة مصر، وقيمتها.. عندما تغير الولايات المتحدة نظرتها تلك للمنطقة، وآليات تعاملها.. فإن استئناف علاقات التعاون الإستراتيجى، يحقق مصلحة الأمن القومى العربى فى الحفاظ على التوازن الدولى، وعدم انفراد قوة واحدة بالمنطقة، أيا كانت تلك القوة.

gtaha2007@gmail.com

 
أضف تعليق

Posted by في 2015/02/17 بوصة غير مصنف

 

الأوسمة:

اليمن الحزين .. والإنقلاب الحوثى

medium-الإعلان الدستوري باليمن

الحوثيون إجتاحوا دماج قبل عام، ثم عمران، قبل إسقاط صنعاء 21 سبتمبر 2014، الرئيس السابق على صالح حالفهم، رغم العداء التاريخى، لينتقم من آل الأحمر، حلفاء الأمس الذين إمتطوا الثورة، حفاظاً على ثروات إقتنصوها بفساد حكمه.. رجاله بالجيش مكنوهم من 70% من قوة الجيش، حتى سيطروا على 10 محافظات من إجمالى 22 (الجوف، عمران، صعدة، ذمار، الحديدة، إب، صنعاء، المحويت، ريمة، وأجزاء من مأرب)، يقطنها نصف عدد السكان.. فاوضوا القوى السياسية لتقنين وضعهم الجديد على الأرض.. انسحب الناصريون، وطالبهم الإخوان بسحب ميليشياتهم من العاصمة، واستبدالها بتشكيلات مشتركة من المحافظات.. انقلبوا على السلطة، وأصدروا إعلاناً دستورياً فى 6 فبراير.. “يستمر العمل بأحكام الدستور والتشريعات إلا مايتعارض مع الأحكام الواردة فى الإعلان، اللجنة الثورية للحوثيين هى المعبر عن الثورة، وتتفرع عنها اللجان الثورية بالمحافظات والمديريات بأنحاء الجمهورية، حل مجلس النواب وتشكيل مجلس وطني انتقالي من 551 عضو، يجوز ان يضم أعضاء مجلس النواب إضافة للقوى غير الممثلة فيه، تشكيل مجلس رئاسى من 5 أعضاء ينتخبهم المجلس الوطني وتصدق عليهم اللجنة الثورية، مجلس الرئاسة مسئول عن اختيار رئيس الحكومة، تتحدد اختصاصات المجلس الوطني ومجلس الرئاسة والحكومة بقرار مكمل للاعلان الدستورى تصدره اللجنة الثورية، تستمر المرحلة الإنتقالية لمدة عامين”.. إنقلاب كامل امسكوا فيه بزمام الحكم، فى بلد فقير، ذو موقع إستراتيجى، ماجعل السياسة فيه محصلة توازنات اقليمية ودولية.. التعرف على عناصرها مقدمة لازمة لإستشراف مستقبل اليمن الحزين.

الموقف السعودى من الأزمة مثير للدهشة، الحوثيين مدرجين على قوائم الإرهاب، وبينها وبينهم دماء عشرات الجنود الذين استشهدوا فى الهجوم الحوثى على جبل دخان 2009، رغم ذلك غضت البصر عن تهريب الأسلحة لهم، تعزيزاً لموقفهم فى مواجهة الإخوان، أعدائها الجدد.. مع تصاعد المد الحوثى، كثفت السعودية اتصالاتها بالأمير عقيل بن محمد البدر وآل الوزير المقربين لها، باعتبارهم الورثة الشرعيين للملكية والإمامة، ولما يدعونه من انتساب لآل البيت، وانتماء للهاشمية، بما قد يتيحه ذلك من تأثير على الحوثيين “الشيعة”، الا ان التطورات أكدت أنهم لايمتلكون تأثيراً على الحركة، وسقف طموحاتهم المطالبة بحقوقهم السياسية والاجتماعية والفكرية، والتعويض عن ممتلكاتهم، والإحتفاظ بالجنسية السعودية.

النفوذ السعودى باليمن تراجع بعد وفاة الأمير سلطان مسئول الملف، والشيخ عبد الله الأحمر رجل المملكة باليمن، التزمت السلبية تجاه إنشقاق على محسن الأحمر عن النظام، ولم تتصدى لتحالف صالح مع الحوثيين.. وتركت مقعد سفيرها بصنعاء خالياً بعد اختطاف القاعدة لنائب القنصل فى عدن 2012، وتركت للأمم المتحدة والمبعوث الدولى بن عمر الإشراف على تنفيذ المبادرة الخليجية الموقعة بالرياض.. منذ سقوط صنعاء جمدت السعودية مساعداتها، “عشرة مليار دولار مشتقات نفطية منذ 2011، مليارى دولار وديعة بالمركزى، تمويل للمشروعات.. استيعاب مليون عامل يحولون 5 مليار دولار سنوياً.. ومعظم صادرات القطاعين السمكى والزراعى”.. تأثير النفوذ السعودى يمتد للتيارات السياسية والقبلية والدينية المعادية للحوثيين، والقدرة على تأليب الخليج والمجتمع الدولى المعارضين أصلاً للإنقلاب الحوثى.. إدارة الدولة دون بديل للدعم السعودى تعتبر مستحيلة، وبالتالى يتحتم توافق الحوثيين معها، مالم تحل ايران محلها، وهو احتمال تستبعده ظروفها الإقتصادية الصعبة، ايران تطمح فى تحويل الحوثيين لنموذج “حزب الله” بتأثيره السياسى والعسكرى على معادلة القوى، دون الغرق فى المستنقع اليمنى، لكنها لن تتأخر عن دعمهم اذا ماتكتلت القوى السياسية لإسقاطهم، الحوثيون يسعون لإستكمال السيطرة على مأرب، حيث يتمركز التكفيريون.. الإجتياح البرى صعب ومكلف، نتيجة للتضاريس، والتحصينات القبلية، لذلك يتجهون للإستعانة بطيارين ايرانيين لقيادة الطائرات الحربية اليمنية، بعد رفض الطيارين اليمنيين قصف المنطقة.. وتشجع إتصالاتهم مع قائد قوات الأمن الخاصة بعدن وقائد لواء صلاح الدين لإقناعهم بتسليم المدينة للسيطرة على باب المندب، تحسباً للإتفاق على صيغة فيدرالية بات يفرضها واقع الدولة على الأرض.

الخارجية الروسية أصدرت بياناً اوائل سبتمبر 2014 عبرت فيه عن قلقها لاستمرار التوتر المتصاعد، ودعت كافة القوى السياسية للإتفاق على إجراءات لتجاوز الأزمة، الحوثيون أثنوا على البيان، لأنه لم ينتقدهم، بل إعتبرهم إحدى القوى المعنية بتقرير مصير اليمن، وزير الدفاع الأسبق محمد ناصر أحمد قام بزيارة غير معلنة لموسكو 27 اكتوبر 2014، بحجة التعاون فى مكافحة الإرهاب وإحلال الأمن، ولكنه فى الحقيقة أراد الإطمئنان لقبول روسيا للوضع بعد إجتياح صنعاء، هادى أقاله بعد العودة، وعين اللواء محمود الصبيحي، لكن الحوثيون حاصروا منزله، وأجبروه على حضور حفل الإعلان الدستورى باللباس المدنى، للإيحاء بموافقته.

أمريكا أعلنت وقف الضربات الجوية للقاعدة بعد استقالة هادى، الذى كان مؤيداً لها.. ماسمح للقاعدة بسرعة إستعادة نشاطها، التمدد الحوثى وسع من البيئة الحاضنة لها بين القبائل السنية، وساعدها على استقطاب شباب الإخوان الغاضبين لعدم تصدى التجمع اليمنى للإصلاح لهم.. أمريكا تعتبر برنامجها لمكافحة الإرهاب فى اليمن نموذجاً ناجحاً للشراكة، اعتمدت 5 ملايين دولار لتدريب الأمن اليمنى وبعض دول جنوب آسيا والساحل، ولذلك مع إبداء الحوثيين استعداداً للتعاون، وتسويقهم لفكرة انهم الأقدر على حرب القاعدة باعتبارهم “أنصار الله” (الشيعة) فى مواجهة “أنصار الشريعة” (السنة( استأنفت أمريكا الغارات وقتلت أربعة من قادة القاعدة بينهم الشيخ النضارى الذى أشاد بهجوم “شارلى” منتصف 2015.

السفارة الأميركية أغلقت أبوابها بسبب “مخاوف أمنية”، ووصلت بارجتين قرب السواحل اليمنية لإخلاء رعاياها، حال تعذر ذلك جواً، ووصلت قوات أميركية وفرنسية حضرموت وشبوة، وتمركزت بارجة فرنسية بميناء بلحاف النفطي لتأمين صادرات الغاز المسال الذى تنتجه “توتال” الفرنسية لأسواق كوريا الجنوبية والولايات المتحدة واوربا.. تأمين المصالح يحظى بالأولوية.

الأمم المتحدة أكدت اعتراضها على فرض أمر واقع بالقوة، مجلس الأمن حذر 22 يناير الماضى من تجاوز الميليشيات المسلحة حدود الشرعية، ودعا القوى السياسية للتعاون مع بن عمر، لتنفيذ بنود وثيقة الوفاق الوطني التي وقعها أطراف مؤتمر الحوار في 25يناير 2014.. قبل الإنقلاب مباشرة غادر المبعوث الدولى للسعودية.

قيادات الجنوب شكلوا هيئة تنسيقية لإدارته، ووضعوا وثيقة لأسس تكوين الإطار الموحد، يجمعون الموافقات عليها، وشكلوا جبهات مناهضة للحوثيين، مسلحو الحراك الجنوبي فرضوا سيطرتهم على “عتق” عاصمة شبوة، وهاجموا الثكنات العسكرية والأمنية بردفان محافظة لحج، ومدينة عدن، محاولين إسقاط مدن الجنوب وفرض الأمر الواقع، واللجان الشعبية تنتشر بمعظم مدن الجنوب، لتأمين المرافق والمؤسسات الرسمية، حال الإستيلاء عليها، كما فعل الحوثيون فى الشمال.. ستة محافظات بدأت حملة العصيان ورفض تلقي أوامر صنعاء؛ عدن، أبين، الضالع، لحج الجنوبية، شبوة، مأرب.. مسيرات التنديد تجتاح المدن اليمنية.. عمليات القاعدة ضد تجمعات الحوثيين تحولت لحرب استنزاف عبر التفجيرات الانتحارية، والسيارات المفخخة، والاغتيالات، والعبوات الناسفة، فى رداع ومأرب وإب وأبين والبيضاء، إضافة لإستهداف مقر السفير الإيرانى بصنعاء.

اندفاع الحوثيون يستهدف إستدراج ايران وروسيا لدعم تطلعاتهم، مايدخل اليمن فى مركز صراع المصالح الإقليمى والدولى بالمنطقة.. ويجعل سيناريو التقسيم هو الأقرب، ليمنٍ.. كان ذات يومٍ “سعيد”.

gtaha2007@gmail.com

 
تعليق واحد

Posted by في 2015/02/10 بوصة غير مصنف

 

اليمن الحزين.. وحكايات “الربيع” المكرورة

images

اليمن، تستكمل سيناريو الثورة.. نفس النموذج المستنسخ لكل ثورات “الربيع العربى”.. إحتكار للسلطة يخلق طبقة فاسدة، مستفيدة؛ على محسن الأحمر قائد الفرقة الأولى إستحوذ مساحات شاسعة من أراضى الدولة فى حضرموت.. شركة “نكسن الكندية” المملوكة لنجله “محسن” إحتكرت إنتاج نفط المسيلة 15 عاماً، بعائدات تجاوزت 40 مليار دولار.. حميد عبد الله الأحمر إحتكر تصدير النفط عشرون عاما، تجاوزت عائداته 84 مليار.. آل الأحمر ظلوا لسنوات يحصلون على إعتمادات ومخصصات معسكرى غمدان بمأرب، والزبيرى بعمران، بقوة 17800 جندى، بعد الثورة نُقِلَتْ تبعيتهما للحرس الجمهورى، فانتقلت لجنة للمعاينة وجرد المحتويات، لتكتشف انها معسكرات وهمية، على الورق فقط!! فساد المليارات فى دولة لاتتجاوز ميزانيتها السنوية 6 مليار دولار حرك الغضب.. آل الأحمر، قفزوا من السفينة، انقلبوا على النظام، مولوا الثورة، ليمتطوها.. لكن صالح قرر العودة، لينتقم، تحالف مع “الحوثيين” أعداء الأمس، ورجاله سلموهم المعسكرات ومخازن السلاح حتى استحوذوا على 70% من قوة الجيش، والـ30% الباقية مشتتة بين المحافظات، منهكة بمواجهات القاعدة، محبطة بالمؤامرات السياسية.. سيطرة الحوثيين على مفاصل الدولة يكتب مستقبل مأساوى، ليمنٍ.. كان ذات يومٍ “سعيد”.

انتصار الحوثيين وجه ضربة قاصمة لإخوان اليمن “آل الأحمر والزندانى”، سيطروا على المقار الحكومية والوزارات، بعد انسحاب قوات الحماية “بتوجيهات صريحة”، ووزير الدفاع اليمنى الأسبق محمد ناصر أحمد قام بزيارة غير معلنة لموسكو 27 اكتوبر 2014، بحجة التعاون فى مكافحة الإرهاب وإحلال الأمن، ولكن الحقيقة انه أراد الإطمئنان على قبول روسيا للوضع، هادى أقاله بعد العودة، ثم أقال رئيس الأركان، وعين اللواء محمود الصبيحي للدفاع والعميد حسين خيران للأركان.. لكنه فى النهاية خضع للأمر الواقع؛ وقع اتفاق السلم والشراكة، أطاح بحكومة الوفاق، بدأ فى تعيينهم بالمراكز السيادية والعسكرية، ووافق على تعديل مسودة الدستور.. لم يبد الحوثيون مرونة مقابلة، فقدم استقالته للبرلمان معترفاً بسوء تقديره لقوتهم، بعد توحيدهم للجماعات والقبائل الشيعية، وضمانهم للدعم الإيرانى، إبان إنشغال السعودية ودول الخليج فى حرب داعش، إدارتة للدولة اتسمت بالضعف، الى حد مضاعفة أسعار الوقود خلال الأزمة، وعجز عن الإستفادة من سلاح الطيران لوقف تمددهم، وصعوبة التضاريس أعاقت أسلحة الجيش الثقيلة، وجعلتها هدفاً لأسلحة الحوثيين المتوسطة والخفيفة،

صالح رحب باستقالة هادى، لأنها دستورياً تدفع يحيى الراعي رئيس مجلس النواب الذى ينتمى لحزبه لتولى الرئاسة المؤقتة، وتنظيم انتخابات رئاسية قد تمكنه من دفع نجله أحمد قائد الحرس السابق للسلطة، او بتشكيل مجلس عسكرى لإدارة البلاد من قادة الجيش الموالين له.. اما بالنسبة للحوثيين فالإستقالة مربكة، لأنها أجهضت سعيهم لفرض نائباً منهم، يتسلم الرئاسة بطريقة شرعية، حال التخلص من الرئيس.. هادى حاول العودة لمسقط رأسه فى الجنوب، الا ان الحوثيين منعوه، خشية ان يعزز وجوده هناك التوجه نحو إعلان الإنفصال.

الموقف السعودى من الأزمة مثير للدهشة، الحوثيين مدرجين على قوائم الإرهاب، وبينها وبينهم دماء عشرات الجنود الذين استشهدوا فى هجومهم على جبل دخان بقرية الخوبة 2009، رغم ذلك غضت البصر عن تهريب الأسلحة لهم، تعزيزاً لموقفهم فى مواجهة الإخوان.. مع تصاعد المد الحوثى، كثفت السعودية اتصالاتها بالأمير عقيل بن محمد البدر وآل الوزير المقربين لها، باعتبارهم الورثة الشرعيين للملكية والإمامة، ولما يدعونه من انتساب لآل البيت، وانتماء للهاشمية، بما قد يتيحه ذلك من تأثير على الحوثيين “الشيعة”، الا ان التطورات أكدت أنهم لايمتلكون اى تأثير على الحركة، لأن الحوثيون يبعدونهم عن أى دور سياسى، وان سقف طموحهم المطالبة بحقوقهم السياسية والاجتماعية والفكرية، وتعويضهم عن ممتلكاتهم، والإحتفاظ بالجنسية السعودية.

النفوذ السعودى باليمن تراجع بعد وفاة الأمير سلطان بن عبدالعزيز مسئول الملف، والشيخ عبد الله حسن الأحمر رجل المملكة باليمن، التزمت السلبية تجاه إنشقاق على محسن عن النظام، ولم تتصدى لتحالف صالح مع الحوثيين.. وسمحت بخلو مقعد سفيرها بصنعاء بعد اختطاف القاعدة لنائب القنصل فى عدن 2012، وتركت للأمم المتحدة والمبعوث الدولى بن عمر الإشراف على تنفيذ المبادرة الخليجية الموقعة بالرياض.. رغم ذلك لم يسيطر الحوثيون على الحكم، ليس فقط لإفتقارهم للكوادر اللازمة لإدارة الدولة، وانما لخشيتهم من رد فعل السعودية، خاصة بعد تجميدها للمساعدات منذ سقوط صنعاء، واستحالة إدارة الدولة بدون الدعم السعودى “عشرة مليار دولار مشتقات نفطية منذ 2011، مليارى دولار وديعة بالمركزى، تمويل للمشروعات”.. استيعاب مليون عامل يحولون 5 مليار دولار سنوياً.. ومعظم صادرات القطاعين السمكى والزراعى.. تأثير النفوذ السعودى يمتد للتيارات السياسية والقبلية والدينية المعادية للحوثيين بالداخل، وتأليب الخليج والمجتمع الدولى المعارضين أصلاً للإنقلاب الحوثى بالخارج.. خاصة ان ايران لاتطمح فى أكثر من تحويلهم  لنموذج “حزب الله” بتأثيره السياسى والعسكرى على معادلة القوى، دون الغرق فى المستنقع اليمنى، لذلك يسعون للسيطرة على مأرب، حيث يتمركز التكفيريون ببعض مناطقها.. الإجتياح البرى صعب ومكلف، نتيجة للتضاريس، والتحصينات القبلية، لذلك يتجهون للإستعانة بطيارين ايرانيين لقيادة الطائرات الحربية اليمنية، بعد رفض الطيارين اليمنيين قصف المنطقة.. ويكثفون الإتصالات مع قائد قوات الأمن الخاصة بعدن وقائد لواء صلاح الدين لإقناعهم بتسليم المدينة للسيطرة على باب المندب، تحسباً للإتفاق على صيغة فيدرالية بات يفرضها واقع الدولة على الأرض.

قيادات الجنوب شكلت هيئة تنسيقية لإدارته، ووضعت وثيقة لأسس تكوين الإطار التنسيقي الموحد، وزعتها على الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني لتقديم ملاحظاتها، وشكلوا جبهات مناهضة للحوثيين.. ستة محافظات بدأت حملة العصيان ورفض تلقي أوامر صنعاء؛ عدن، أبين، الضالع، لحج الجنوبية، شبوة، مأرب.. مسيرات التنديد تجتاح صنعاء، البيضاء، تعز، الحديدة.. ممثلى القبائل السنية بمحافظتي مأرب والجوف حاصروا العناصر المسلحة المحاصرة لمنزل وزير الدفاع.. إنتصار الحوثيين وسع الحاضنة الشعبية والقبلية لـ”القاعدة” السنية، واستقالة هادى، الذى أيد الضربات الأمريكية، تزامنت مع قرار أمريكا بوقفها، ماسمح للقاعدة بسرعة إستعادة نشاطها، واستقطاب شباب الإخوان المحتجين على سلبية التجمع اليمنى للإصلاح تجاه التطورات الراهنة.. العمليات ضد تجمعات الحوثيين تحولت لحرب استنزاف عبر التفجيرات الانتحارية، والسيارات المفخخة، والاغتيالات، والعبوات الناسفة، فى رداع ومأرب وإب وأبين والبيضاء، إضافة لإستهداف مقر السفير الإيرانى بصنعاء.

المشهد اليمنى مفتوح لكافة الإحتمالات.. البرلمان جزء من المشكلة، وقد لايكون جزءاً من الحل، خاصة وان الحوثيين يرفضون الإعتراف به، القوى السياسية المشاركة فى الحوار الوطنى لاتستشعر جدية الحوثيين، مايفسر انسحاب أربعة أحزاب (التجمع اليمني للإصلاح “الإخوان”، الرشاد “سلفي”، الاشتراكي اليمني، الوحدوي الشعبي الناصري)، محاولات تبذل للتوافق على مجلس رئاسى يضم مختلف القوى السياسية الموقعة على اتفاق السلم والشراكة، ويراعى التوازن بين الشمال والجنوب، البعض يميل لتكليف هادى برئاسته، والبعض الآخر يفضل الرئيس الأسبق على ناصر محمد، ومجموعة ثالثة ترى تكليف اللواء الصبيحي باعتباره أعلى منصب عسكري حالياً، ومن أبناء الجنوب، مايقطع الطريق على محاولات الانفصال.. المبعوث الأممي جمال بن عُمَر، يسعى لإقناع الرئيس بالعدول عن استقالته، والشروع في تنفيذ اتفاق السلم والشراكة الموقّع عشية سيطرة الحوثيين على صنعاء.

استمرار المواجهات بين أطراف الصراع (الحوثيين، الجيش، القاعدة، الحراك الجنوبى…)، هو السيناريو الأخير الذى نأمل الا يتحقق، لأن التصعيد الميداني، وانتشار الفوضى المسلحة، سيؤديان لتفكك الدولة وتقسيمها.. فى نهاية حزينة لواحدة من حكايات “الربيع العربى”، المكرورة.

gtaha2007@gmail.com

 
أضف تعليق

Posted by في 2015/02/01 بوصة غير مصنف