RSS

Monthly Archives: أكتوبر 2017

«داعش» وحسابات المغادرة

435

«دولة الدواعش» تتآكل، العاصفة تجتاح التنظيم، القوى المتصارعة من داخل الإقليم ومن خارجه بدأت سحب عناصرها منه، فقد تعرض لاختراقات واسعة، نجحت فى توظيفه لصالح أجندات مختلفة، «داعش» تعتمد على المرتزقة، لذلك كان فيها متسعاً لكل المتنافسين.. قبل تحرير الموصل يوليو 2017، نقلت طائرات الهليوكوبتر الأمريكية قادة التنظيم إلى الرقة، وخرج الصف الثانى من القيادات فى سيارات على الطريق البرى، مخترقين الصحراء المكشوفة، لم تستهدفهم طائرات «التحالف الدولى»!!.. معركة تحرير الرقة، عاصمة التنظيم بسوريا بدأت فى يونيو، «التحالف» فتح لـ«الدواعش» ممراً للهروب إلى دير الزور، وظهرت المروحيات الأمريكية من جديد لنقل القادة، لقد قاربت مهمتهم على الانتهاء، وبدأ التوافق على ترتيبات الوضع الإقليمى، ومراجعة «حسابات المغادرة».

الطرفان الفاعلان الرئيسيان فى الأزمة أمريكا وإيران، عندما كانت الأولى تعيد تأسيس داعش 2006، أفرج نورى المالكى عن العناصر المرتبطة بالتنظيم، وسمح لهم بالسفر لسوريا، وعندما اجتاح التنظيم العراق 2014، أصدر أوامره بانسحاب الثلاث فرق التابعة للجيش والمجهزة بكامل أسلحتها، من الموصل وتكريت والفالوجة، دون اصطحاب أسلحتهم!! ووجه أسامة النجيفى، محافظ نينوى، وشقيق رئيس البرلمان، بحرق كافة الوثائق الرسمية، وعدم مقاومة «المجاهدين»!! انكسار الجيش العراقى كان هدفاً لإيجاد مبرر تستند إليه إيران فى تغلغلها بالعراق، وتشكيل ميليشيات الحشد الشعبى الموالية لها، بحجة أن الجيش العراقى غير قادر وحده على المواجهة.. أمريكا استخدمت داعش كأداة ترهيب تسمح بعودة قواتها للعراق، ومحاولة خلق كيانات طائفية متصارعة، من خلال التطهير العرقى، والمذابح الجماعية اللذين مارسهما التنظيم ضد المسيحيين والأيزيديين والشيعة فى العراق وسوريا، وسعت لتحقيق حالة من التشتت تسمح بمحاولة تشكيل كيان سياسى كردى مبتثر شمال العراق وسوريا، لأنها تدرك عدم امتلاك الإقليم لمقومات الدولة، واتفاق كل الدول المحيطة به على عدم السماح بدولة كردية، مما يسمح لواشنطن بإقامة قاعدة عسكرية دائمة لحماية توازن الوجود العسكرى الروسى فى اللاذقية، وتحول دون عودة سوريا الموحدة.

الدعم الأمريكى لداعش أضحى أقرب ما يكون إلى اللعب على المكشوف، الطائرات الأمريكية تدخلت مراراً بإسقاط أسلحة وعتاد ومواد غذائية ومياه لمواقع داعش المحاصرة، المدنيون ورجال الشرطة رصدوا ذلك بقضاءى الحويجة جنوب كركوك، وتلعفر غرب الموصل، المقدادية بمحافظة ديالى، وبادية الجزيرة غربى الأنبار بالعراق، وتداولوا تسجيلاتها على مواقع التواصل الاجتماعى، والأكثر فجاجة قصف الطيران الأمريكى لوحدات الجيش العراقى التى طلبت دعماً جوياً للتخلص من حصار داعش قرب بلدة عامرية الفالوجة، فاستهدفتها الطائرات الأمريكية ليسقط 20 شهيداً و30 مصاباً ديسمبر 2015، وتكرر نفس السيناريو فى موقع جبلى محاصر للجيش السورى قرب مطار دير الزور سبتمبر 2016، مما سهل على التنظيم اقتحامه، أمريكا بررت الغارتين بالخطأ، لكن روسيا اتهمتها بالتواطؤ.

تولسى جيبارد، النائبة بمجلس النواب الأمريكى عن الحزب الديمقراطى، اتهمت الإدارة الأمريكية «أبريل 2017» بدعم الجماعات الإرهابية، واستخدام أموال دافعى الضرائب لتمويل داعش، وتقدمت بمشروع قرار يُجرِّم مثل هذا التعاون، شركتا Chemring وOrbital ATK الأمريكيتان، اللتان تساهمان فى برنامج البنتاجون الخاص بتسليح حلفاء الولايات المتحدة، سلمتا إلى داعش والنصرة 1420 شاحنة محملة بالأسلحة، من 5 يونيو حتى 15 سبتمبر 2017، كانت مخصصة لقوات سوريا الديمقراطية، الخارجية الروسية فسرت ذلك بمحاولات تأخير هزيمة داعش، وحذرت واشنطن من «رد قاس».. حميد رضا، مستشار قائد الحرس الثورى الإيرانى، أكد فى يونيو 2017 أن إيران تمتلك أدلة موثقة على دعم أمريكا المباشر لـ«داعش»، بالسلاح والدعم الطبى واللوجيستى، وستقوم بنشرها فى الوقت المناسب.. ما تقدم معلومات محققة، لا يمكن التشكيك فيها باعتبارها تستند لأطراف فى حالة عداء لأمريكا، لأن الرئيس التركى أردوغان حليف أمريكا، اتهمها بدعم داعش فى سوريا، ملوحاً بامتلاك أدلة من «صور وتسجيلات فيديو» تؤكد ذلك.

سحب أمريكا لداعش من المنطقة أصبح من المسلمات، فإلى أين اتجاهها الرئيسى؟!.. الحرب فى سوريا والعراق كانت بالنسبة لأمريكا ميداناً لتشكيل «جيش سيار»، يضم طابوراً خامساً مدرباً، قادراً على إثارة الاضطرابات فى الصين وروسيا، منافسيها الحقيقيين على النطاق الدولى.. استحضار قرابة 5.000 من متطرفى «الويجور» الذين يتحدثون التركية بإقليم شینجیانج الصينى، إلى الرقة، ونحو 10.000 عنصر قوقازى ينتمون إلى الشيشان، جورجيا، داغستان، وأذربيجان يعكس استهداف أمريكا لدول البريكس.. انفجار الفتنة الطائفية فى ميانمار، وعمليات التفجير التى طالت موسكو، وبدء عودة بعض هذه العناصر إلى بلادها عبر أوكرانيا مؤشرات على نضوج الخطة الأمريكية.

الرئيس الأفغانى السابق، الموالى للغرب، حامد كرزاى اتهم القوات الأمريكية بتقديم الدعم لداعش، مشيراً إلى قيام طائرات مروحية مجهولة الهوية بدعم تشكيلات داعش على امتداد البلاد، تحت إشراف المخابرات الأمريكية.. داعش تنقل حالياً قطاعاً واسعاً من تشكيلاتها إلى أفغانستان، تنشط فى ضم مقاتلين من «طالبان» لصفوفها، وبعض جنود الجيش الأفغانى يعلنون انشقاقهم والانضمام لها، وهناك سعى لإحياء مشروع «خراسان كبرى»، الذى يشمل أجزاء من أفغانستان وأوزبكستان وتركمانستان وإيران، كبديل لدولة الخلافة الإسلامية، داعش تركز وجودها بالمناطق الشمالية الأقرب لروسيا، يتلقى بعض عناصرها تدريبات سريعة بمعسكرات يشرف عليها الخبراء الغربيون، لتأهيلهم للتوجه إلى طاجيكستان وأوزبكستان، والاستفادة مما يتمتعون به من سهولة دخول روسيا لتجنيد أعضاء جدد.. التعاون بين أمريكا وداعش فى إعداد المقاتلين، وتجهيز الساحة الروسية لمعارك جديدة، يثير قلق موسكو، خاصة بعد أن تجاوز عدد مقاتلى داعش بأفغانستان الـ7.000، واتجاه أمريكا لزيادة عدد قواتها من 8.000 جندى لـ11.000 تحسباً للتصعيد، مما اضطر روسيا إلى دعم طالبان، عدوها القديم!!

فى إطار حسابات المغادرة لداعش ينبغى التساؤل عن وضع مصر ضمن خطة إعادة انتشار داعش.. مصر كانت حتى وقت قريب ثانى الأهداف بعد أفغانستان، ولكن طرأت متغيرات قلبت الحسابات، أولها: غل أيدى قطر عن توفير التمويل المادى للإرهابيين شمال سيناء نتيجة لفاعلية الحصار العربى، ثانيها: إحكام السيطرة على أموال الإخوان وحركتها التمويلية داخل مصر، ثالثها: تحقيق المصالحة بين القاهرة وحماس، وبين الأخيرة والمنظمة، رابعها: دور الطيران المصرى فى قطع خطوط الدعم البرى والجوى القطرى للإرهابيين فى ليبيا عبر السودان، ونجاح البحرية فى وقف الدعم التركى عبر المتوسط.. وتبقى أهمية المسارعة بالتمشيط الدقيق لبقايا الإرهابيين بالعريش، لأن تقييد مصادر الدعم يدفعهم إلى تطوير أساليب البحث عن مصادر بديلة كـ«اقتحام البنك الأهلى»، وتكثيف عمليات التجنيد بين البدو، وزيادة العنف بين المدنيين لإشاعة حالة من الاضطراب تضعف الجبهة الداخلية.

 
تعليق واحد

Posted by في 2017/10/23 بوصة غير مصنف

 

انقلابات «سلمان».. وغزوة «البولشوى»

x17699.jpg.pagespeed.ic.M4kW-Ohq12

السعودية راهنت على أمريكا لعقود طويلة، حتى إن ملوكها لم يخطوا عتبات «الكرملين» قبل زيارة «سلمان» الأخيرة، رهان كلفها الكثير؛ صفاقة وتطاول، تمشدق بهما «ترامب» علانية، إلى حد وصف المملكة بـ«البقرة الحلوب»، وابتزاز مادى كان آخره قرابة 350 مليار دولار، ولم يؤد ذلك لوقف تمدد إيران، أو حصار نفوذها بالمنطقة.. السعودية كانت «مخلب القط» فى إسقاط الاتحاد السوفيتى؛ بحشد الجهاديين، وتخفيض أسعار النفط، ولعل ذلك يفسر حساسية موسكو تجاهها، إلى حد تدخلها العسكرى المباشر فى سوريا سبتمبر 2015، بمجرد بدء المملكة فى تجنيد وتدريب مجموعات جديدة من المعارضة.. السياسة السعودية فى عهد «سلمان» تتسم بالديناميكية، أدركت أن التدخل الروسى والتوارى الأمريكى قلبا موازين القوى بالمنطقة، بحيث أضحت موسكو رقماً رئيسياً فى كافة معادلات الصراع؛ نجحت فى تثبيت نظام الأسد.. دعمت موقف إيران المساند للحوثيين فى اليمن.. تسعى للتدخل كوسيط فى الأزمة القطرية، جولة وزير خارجيتها فى الكويت وقطر والإمارات إبان زيارة «سلمان» لموسكو تصب فى هذا الاتجاه، رغم أنها أكثر ميلاً لقطر بحكم استثمارات تجاوزت 15 مليار دولار فى روسيا، وانحياز تركيا وإيران، حلفاء موسكو، للدوحة.. السعودية لم يعد يشغلها استمرار «الأسد» من عدمه، وإنما تسعى لأن تقوم روسيا بتحجيم النفوذ الإيرانى بسوريا ودول المنطقة، بينما تتدارك هى أخطاء التناول الطائفى للأزمات السياسية، باستقبالها الزعيم الشيعى مقتدى الصدر، محاولة إحياء المرجعيّة الشيعيّة العربيّة، فى النجف وكربلاء، بعيداً عن قمّ، فمتى تتقبل المملكة استعادة الدولة السورية لمقعدها فى الجامعة العربية، ملجأها القديم بعيداً عن طهران؟!.. نعم يا طويل العمر، هكذا تورد الإبل.

المملكة تستخدم النفط كسلاح منذ حرب أكتوبر 1973، روسيا عانت منه الكثير، منذ أن أدى انهيار أسعاره لتفكك الكتلة الشيوعية، تكلفة استخراج النفط العربى تتراوح بين 2 و6 دولارات للبرميل فى الآبار غزيرة الإنتاج، ترتفع لـ12 فى الآبار ذات التكلفة العالية، بينما تصل لـ30 فى الآبار الروسية، ما يعزز تنافسية النفط العربى، ويوفر أداة ضغط.. هبوط الأسعار نهاية 2014 كان نتيجة اتفاق أمريكى سعودى ضمن إجراءات الحصار ضد موسكو وطهران، المملكة اقتحمت أسواق أوروبا، ووقعت خلال زيارة «سلمان» لبكين 14 اتفاقاً لصفقات قيمتها 65 مليار دولار، خصماً من حصة روسيا، ما سبب خسارتها لـ900 مليار دولار من ناتجها المحلى فى عامين، لكن سياسة الإغراق أضرت السعودية أيضاً، خاصة بعد نجاح منتجى النفط الصخرى فى خفض تكلفته، إلى الحد الذى أصبح منافساً للنفط الخام، موازنة المملكة 2017 تضمنت 890 مليار ريال نفقات، مقابل 692 ملياراً إيرادات، بعجز مُقدر 198 مليار ريال «يعادل 52.8 مليار دولار»، ما يفسر تجاوبها مع سعى روسيا لضبط الأسعار، والاتفاق مع 24 دولة منتجة على خفض الإنتاج لـ1.8 مليون برميل/يوم ديسمبر 2016، لمدة ستة أشهر، تم تمديدها حتى مارس المقبل، والتوافق على تجديده لنهاية 2018، مما رفع سعر البرميل من أقل من 30 دولاراً إلى قرابة 55 دولاراً.

روسيا تدرك أن اتفاقاتها مع المملكة عرضة للإجهاض بفعل ضغوط واشنطن، على نحو ما تم من تسريب ويكيليكس لنصف مليون وثيقة للمخابرات والخارجية والداخلية السعودية عقب زيارة «بن سلمان» لموسكو 2015، لذلك حرصت على ألا تتخذ الصفقات الطابع التجارى، وانما تتحول إلى توطين للصناعات العسكرية والاستراتيجية بالمملكة.. فى الوقت الذى رفضت فيه أمريكا بيع طائرات F-35 للسعودية، حفاظاً على التفوق الجوى لإسرائيل، وافقت موسكو على تولى الشركة السعودية للصناعات العسكرية، وليست وزارة الدفاع، التعاقد على منظومات تسليح متطورة؛ تريومف «S-400» الخاصة بالدفاع الجوى ضد الطائرات والصواريخ الباليستية، «Kornet-EM» المضاد للدبابات الموجه بالليزر، راجمات الصواريخ «TOS-1A»، راجمات القنابل «AGS-30»، والـ«كلاشنكوف AK- 103» وذخائره، مذكرة التفاهم تضمنت إنتاج كافة المنظومات فى المملكة بمشاركة محلية تتراوح بين 30 و50%، بما يفرضه ذلك من التزام الجانب الروسى بنقل المعرفة الفنية والملكية الفكرية والتقنية اللازمة للتصميم وهندسة الإنتاج والتطوير، وإعداد الكوادر المحلية الكفؤة، وينطبق ذلك أيضاً على الصفقات المدنية كمشروعات تحلية المياه، ترشيد الطاقة، إنتاجها من مصادر متجددة، الصناعات البتروكيماوية، وبناء 16 مفاعلاً نووياً.. مشروعات استراتيجية، طويلة المدى، تفرض زواجاً كاثوليكياً بين الرياض وموسكو.. «البنتاجون» أعرب عن قلقه، وخلال ساعات أُعلن موافقته على بيع نظام الدفاع الصاروخى المتطور «THAAD» للمملكة.. ولم يتبين حتى الآن ما إذا كانت الرياض قد حصلت بذلك على أحدث نظامين للدفاع الجوى فى العالم، أم أن موافقة «البنتاجون» كفيلة بإجهاض قرينتها الروسية؟!.

الدولة السعودية أدركت أن محور التحالف السياسى والعسكرى بين إيران وروسيا يمثل خطراً جدياً عليها، الميليشيات التابعة لطهران تطوقها من كافة الاتجاهات؛ حزب الله، الحرس الثورى، فيلق القدس، الحشد الشعبى، الحوثيون، المعارضة الشيعية بالخليج، وداخل السعودية نفسها، جميعها مزودة بأسلحة روسية، وتحظى بدعم موسكو السياسى.. مختلف الضغوط على لبنان لم تقوض نفوذ «حزب الله»، الدعم المباشر للتنظيمات السنية المسلحة والمعارضة بسوريا ضاع هباءً، وتغلب النظام.. حرب اليمن لم تزعزع سيطرة الحوثيين على العاصمة.. انتصارات الجيش العراقى المدعوم بالحشد الشعبى محسوبة لإيران، وتوسع من نفوذها.. وتطور البرنامج النووى الإيرانى أضحى واقعاً فى انتظار المدى الزمنى المحدد لإيران فى الاتفاق الدولى ليعلن عن نفسه، ويفرض توازناته على دول المنطقة.

كل هذا فرض تحرك المملكة على ثلاثة محاور مهمة؛ الأول: دق أبواب موسكو، واستخدام أدوات التعاون الاقتصادى معها لكبح جماح حلفائها بالمنطقة خاصة إيران.. الثانى: دعم الترسانة العسكرية للمملكة؛ معهد ستوكهولم الدولى لأبحاث السلام «SIPRI» رصد احتلالها المرتبة الثانية من حيث الإنفاق العسكرى بين دول العالم خلال الخمس سنوات الماضية «2012/2016»، وميزانيتها العسكرية بلغت 88 مليار دولار 2016، الثالث: وهو الأهم، التخلص من عوامل التخلف، وتحطيم القيود التى كبل بها المجتمع رجال فرضوا أنفسهم باعتبارهم قيّمين على شئون الدنيا والآخرة، ووكلاء الله على الأرض، الأمر لا يتعلق بإجراءات كالسماح للسيدات بقيادة السيارات، وإنما بمبعوثين سعوديين لأعرق الجامعات الروسية، وتعاون علمى بين الهيئات العلمية فى البلدين نجح فى إطلاق 13 قمراً صناعياً، آخرها «سعودى سات 4» الذى ينتمى إلى تكنولوجيا الجيل الجديد من الأقمار.. ومسك الختام ما أُدرج بأجندة فرقة باليه البولشوى وأوركسترا المارينسكى لعام 2018 من جولات فنية بالمملكة.. ترى هل هو انقلاب جديد يخوضه «سلمان» ليقفز بالدولة نحو التطور والحداثة.. أم أن مشايخ الغرب بالمملكة قادرون على إجهاضه؟!.

 
تعليق واحد

Posted by في 2017/10/23 بوصة غير مصنف

 

كردستان وطبول الحرب

 

barzani-natenyaho-620x400

 البارزانى الأب وقع اتفاق الحكم الذاتى مع الرئيس عبدالسلام عارف 1964، متعهداً بإنهاء ثورة الكرد، بعد عشر سنوات طمع فى آبار نفط كركوك، وهدد بثورة جديدة، انشقاق طالبانى، الأكثر تعقلاً وحكمة 1987، أعطى أملاً فى مراعاة صالح الوطن، ولكن بمجرد هزيمة العراق فى حرب تحرير الكويت 1991 بدأت انتفاضة جديدة، أخمدها صدام رغم جراحه، الحرب الأهلية نشبت بين طالبانى وبارزانى الابن 1994، انتصر الأخير بدعم تركى مباشر 1996.. انتهز فرصة الغزو الأمريكى، لبناء مقومات الدولة، قوات مسلحة، شرطة، علم، نشيد قومى، حكومة محلية، برلمان، ودستور خاص.. بدأ تصدير النفط لحسابه 2009، بمعدلات بلغت 900.000 برميل/يوم، تمثل ربع إنتاج العراق، استغل اجتياح داعش 2014 لإعلان نيته إجراء استفتاء الاستقلال، لكنه تأجل لتمدد التنظيم ببعض قراهم، داعش شغلت الحكومة المركزية عن الخنجر المزروع بخاصرة الوطن، استغلها البارزانى لاحتلال كركوك، وتبرير التسلح والتدريب.. وقبل استكمال العراق تحرير أراضيه، فوجئ باستفتاء الاستقلال 25 سبتمبر.. عقود من الاستنزاف والتآمر، يتوارى صلاح الدين الأيوبى خجلاً من مرتكبيها، يبكى حزناً على ما لحق بالوطن، لو بُعث من مرقده لضرب على أيدى البارزانى والذين معه، ولكن أين المفر؟!.

خطب جلل، لكن العراق مطالب بالتعامل الرصين معه، تجنباً لفتح جبهات جديدة، فقد تدفع الأوضاع «الإقليم» للتراجع، خاصة أن علاقة بغداد بأربيل لم تعد قضية داخلية، بل تخضع لإرادة القوى الدولية والإقليمية الرافضة للانفصال، فلماذا يدفع العراق وحدة ضريية الأزمة؟!.. «الإقليم» يواجه مشاكل مزمنة؛ انتهت ولاية البارزانى الرئاسية أغسطس 2015، القانون لا يسمح بالتمديد، ناور للتجديد، أو توريث نجله، وفشل، الكتل البرلمانية طرحت مشاريع قوانين لانتخاب رئيس جديد، غضب وعطل البرلمان ليستمر فى منصبه حتى الآن!! اختلال النصاب امتد للحكومة نتيجة إقصاء الكتل المعارضة.. الاتحاد الوطنى بزعامة طالبانى، كتلة التغيير، الجماعة الإسلامية، الحركة الإسلامية، والجبهة التركمانية يعارضون الانفصال، الحزب الديمقراطى بزعامة البارزانى يسيطر فقط على أربيل ودهوك، بينما تخضع السليمانية لطالبانى، ولكل منهما قوات عسكرية وأمنية ومخابرات مستقلة!! موقف مهيأ للصدام.. الوضع الاقتصادى والمالى بالغ الصعوبة، إيرادات النفط لا تدخل فى حسابات معلنة، ولا رقابة على الأموال العامة، الفساد وسوء الإدارة سيد الموقف، توقف صرف المعاشات، وجُمِدَت المرتبات، ما أدى لحالة سخط، شركات النفط هددت بالانسحاب لتأخر مستحقاتها.. عمق المشاكل وتعددها يجعل التلويح بالاستقلال هروباً للأمام، ومناورة للضغط، لأن تنفيذه يفجر المواجهات، ويسقط «الإقليم».

نسبة المشاركة العامة فى الاستفتاء 72%، مدينة حلبجة ضحية أبشع مجازر القصف الكيماوى 1988 «56%»، جمجمال «63%»، كركوك «78%».. معدلات تعكس عمق الأزمة، ولا تتناسب وما يدعيه البارزانى من إجماع، لأنه تجاهل التعددية الطائفية للإقليم «أكراد، تركمان، عرب آشوريين، كلدان، أرمن»، والمذهبية «الشيعة، السنة، الأيزيديين»، بما يترتب عليها من نتائج.. والأخطر حالة الاستقطاب الطائفى التى دفعت التكتلات الشيعية فى برلمان بغداد لرفض استقلال «الإقليم»، وانضمام التركمان والأيزيديين إلى الحشد الشعبى لشعورهم بالإهمال والتهميش وفقدان الأمن، البشمرجة والحشد، أصبحا على وشك المواجهة، بعد أن حاربا داعش من خندق واحد، بشمرجة البارزانى رصدوا أكثر من 250 عائلة رفضت المشاركة فى الاستفتاء، ورحلتهم قسرياً، فى انتهاك لحقوق الإنسان، المحتجون العرب أنزلوا عَلم «الإقليم» من مقر مجلس مندلى بمحافظة ديالى، وأقالوا العمدة الكردى، ورفضوا المشاركة فى الاستفتاء.

موقف تركيا من الأزمة يعتبر الأهم، علاقتها بالبارزانى بالغة الخصوصية، رغم ذلك أوصت رعاياها بمغادرة كردستان، وسعت نطاق مناوراتها العسكرية على الحدود، هددت باستهداف عناصر حزب العمال «الإرهابى» فى جبال قنديل وسنجار، أدوات الضغط التركية عديدة؛ إغلاق المعابر التجارية، إلغاء تسهيلات الاستثمار وخطوط الائتمان، تقييد عبور النفط نحو ميناء جيحان للتصدير، تجميد اتفاقية إنشاء خط نقل الغاز إلى ولاية شرناق، الحظر الجوى للطائرات المتجهة لكردستان، إخراج القنوات الكردية من خدمة القمر الصناعى توركسات.. إيران تراهن على طالبانى، وتعتبر الأزمة الراهنة تحدياً لأمنها القومى، لأن تأسيس دولة كردية صديقة لإسرائيل يعزلها عن سوريا ولبنان، ويفتت العراق، أغلقت المعابر، فرضت حظراً جوياً، وقيوداً على التبادل التجارى، بدأت مناورات للحرس الثورى على الحدود، قصفت بعض المناطق الكردية المتاخمة بحجة وجود مقرات لأحزاب كردية معارضة، وقطعت مياه نهر الزاب الصغير.. رئيس الأركان بحث فى تركيا شن عملية عسكرية مشتركة حال إعلان استقلال كردستان، ونظيره التركى بصحبة أردوغان قريباً فى طهران لمزيد من التفاصيل.

أمريكا ثالث القوى المؤثرة، اعتمدت على الأغلبية الشيعية المغبونة للإطاحة بنظام صدام، استغلت داعش كفزاعة للعودة للعراق، وتستخدم الأكراد كأداة تقسيم، وفرض «حدود الدم»، رغم التزامها بالمحافظة على وحدة العراق واستقلاله بمقتضى الاتفاقية الإطارية 2008.. لم يستوعب الأكراد دلالات حث أمريكا لأشقائهم فى سوريا على التقدم غرب الفرات لتحرير الشريط الحدودى التابع لداعش، لعزلها عن منافذ التحرك والدعم، ثم التخلى عنهم أمام اجتياح قوات درع الفرات التركية، الأكراد أدوات سياسية لأمريكا، مهمتهم الراهنة الحد من نفوذ إيران، ومنعها من استكمال السيطرة على العراق، قوة الرفض التركى تجاوزت المتوقع، ما قد يفرض عرض صفقات ضمن تسويات المنطقة، على نحو موافقة تركيا على دولة كردستان مقابل منحها محافظة إدلب السورية وبعض مناطق شمال حلب، لكن موافقة تركيا مستبعدة، لأن المخاطر تفوق المنافع، ما يفسر مؤشرات تراجع الأكراد عن تشددهم؛ البارزانى اعتبر الاستفتاء «مجرّد وسيلة لمعرفة رأى الشعب الكردى»، هوشيار زيبارى، وزير الخارجية الأسبق، نفى أن يكون ملزماً، و«الدباغ» ممثل «الإقليم» فى إيران أكد أن الأكراد ليس لديهم نية للانفصال، وأن ما يجرى تكتيك تفاوضى للضغط على بغداد للوفاء بالتزاماتها فى ملفات الطاقة وتقاسم السلطة، وحصتها من الميزانية الاتحادية.

تفجير أزمة استقلال كردستان يمثل عملية تحريك لكرة نار قبل انتهاء معركة التحرير ضد داعش، حتى يتحقق الهدف من اجتياحها للعراق، وتخلق نواة لأزمة جديدة، بتفاعلاتها وتداعياتها المستقبلية.. «الإقليم» يفتقد مقومات الانفصال، ما لم يُسمح له بابتلاع «كركوك»، المحافظة التى ينبغى أن تُعامل باعتبارها الخط الأحمر للأزمة، إسرائيل الدولة الوحيدة التى تجهر بدعم انفصال كردستان، لكن التنسيق العراقى مع إيران وتركيا يمكن أن يئد تلك الدعوة، وتأكيد الالتزام بالوفاء بحقوق المواطن الكردى فى الثروات الوطنية يخرس ألسنة التشدد، وقد يجنبنا الحرب، القضية سياسية فى الأساس، ومعالجتها من منطلق طائفى أو عرقى يفرض حتمية المواجهة.. نجتاز حقلاً من الألغام، فهل ننجح فى عبوره؟!

 
تعليق واحد

Posted by في 2017/10/09 بوصة غير مصنف

 

هل تنجح مصر فى توحيد الجيش الليبى؟!

6cc461ed-8472-4968-95dd-4c02685a0842_16x9_600x338

الفارق بين «الجيش الوطنى» بقيادة «حفتر»، و«فنكوش» «السراج»، هو أن الأول حافظ على بقايا هيكل المؤسسة العسكرية، انطلق منه، ويحاول البناء عليه.. وسط ظروف الحرب خرَّج دفعات من الضباط، درَّب آلاف الجنود، هاجسه الرئيسى رفع الحظر عن التسلح، لأنه يسدد ضريبة دم، ترتفع كلما نقص السلاح.. «السراج» لا تشغله قضية بناء الجيش، بقدر اهتمامه بالتوافق مع الميليشيات، وضرب «الجيش» من داخله.. دخل طرابلس فى حماية الميليشيات، حاول احتلال الهلال النفطى بعصابات إبراهيم الجضران، واستخدم بقايا «القاعدة» كرأس حربة فى الهجوم على براك الشاطئ، وحرر سرت على حساب ما قدمته مصراتة من شهداء ومصابين.. حرَّض على انشقاق محمد حجازى، المتحدث السابق لـ«الجيش»، عيّن «البرغثى» وزيراً للدفاع لمناوأة «حفتر»، لكنه فشل فى إيجاد موطئ قدم لنفسه داخله، وارتكب حماقات كان آخرها مذبحة الجنوب مايو الماضى، ما أدى إلى إحالته للتحقيق، ثم إقالته، وتبرؤ عبدالسلام عبدالعاطى، عميد قبيلة البراغثة، منه.. أصدر قراراً بتقسيم البلاد إلى سبع مناطق عسكرية: «بنغازى، الوسطى، سبها، طبرق، الكفرة، الغربية، طرابلس»، الخمس الأولى غير خاضعة له، بل تحت سيادة «الجيش»!!، اختار لقيادة المنطقة الغربية أسامة الجويلى، من الزنتان، حليفة «حفتر»، إفساداً لتحالفهما، وعين اللواء عبدالرحمن الطويل رئيساً للأركان ليوحى بوجود هيكل تنظيمى لقواته، يتجاوز طبيعتها وحجمها كحرس رئاسى، كما عين النقيب فرج منصور أقعيم رئيس قوة المهام الخاصة ومكافحة الإرهاب السابق، المنشق على «حفتر»، وكيلاً لوزارة الداخلية، اختاره بسبب انتمائه لقبيلة «العواقير»، إحدى أكبر قبائل المنطقة الشرقية، مما يفتح أبواب الفتنة داخل القبيلة، ويزعزع ولاءها لـ«حفتر»، وكلفه بتشكيل غرفة عمليات لمديريات الأمن بالمنطقة الشرقية، الخاضعة كلها لسلطة حكومة «الثنى»، التابعة للبرلمان، ليصب فى نفس الاتجاه.. «السراج» لا تشغله هموم ليبيا الوطن، بل منغمس فى التآمر على ما تبقى من مؤسساتها.

هيكل القيادة يمثل العمود الفقرى للمؤسسة العسكرية، وتماسكها صمام أمن لوحدة الدولة، لذلك انتصرت مصر على مؤامرة الخريف العربى، وسقط غيرها.. القيادات العسكرية فى ليبيا تنقسم إلى عدة فئات: الأولى ضباط «الجيش» بقيادة «حفتر»، الثانية المنخرطون فى المجالس العسكرية للمدن بالمنطقة الغربية، وتتبعهم تشكيلات من الميليشيا المسلحة، والثالثة الضباط أنصار النظام السابق، ومعظمهم يحجمون عن المشاركة، سواء فى «الجيش» بحكم تحفظهم على قيادة «حفتر»، لخروجه على «القذافى»، أو فى تشكيلات الثورة المسلحة، التى أطاحت بالنظام.. وهناك انقسام تنظيمى بين القيادة العامة للجيش التابعة لبرلمان بنغازى، ورئاسة الأركان العامة بطرابلس، التابعة لـ«السراج».. ناهيك عن الانقسام الجهوى الذى وضع مصراتة وطرابلس فى مواجهة عسكرية ضد بنغازى والزنتان.

ليبيا بذلت محاولات عديدة للحصول على الدعم العسكرى من الدول الغربية، لكنها أدركت أنهم يسعون لتحقيق مصالحهم، ويربطون بدء التنفيذ برفع الحظر عن تصدير الأسلحة، الذى تم تجديده لمدة عام، ويتلاعبون بالخلافات القبلية، والانقسام السياسى والعسكرى، لذلك لجأت إلى مصر، اللجنة الوطنية برئاسة الفريق حجازى تتعامل مع الموقف برؤية شاملة، تحرص من خلالها على ألا يقتصر الحوار بين الشرق والغرب على فئة واحدة، وإنما يمتد لحوارات متنوعة، تبدأ بالقبائل، باعتبارهم البيئة القادرة على دفع الحوار، مروراً بالإعلاميين والحقوقيين والنشطاء وقادة الرأى، وانتهاء بالعسكريين.

حوارات الضباط الليبيين بدأت فى القاهرة أبريل الماضى، لاستعادة وحدة «الجيش»، وانتشال الدولة من الفوضى، الحوار ضم قيادات من «الجيش»، مصراتة، طرابلس، الزاوية، جبل نفوسة، ورشفانة، الزنتان، والمنطقتين الوسطى والجنوبية، والمشاركين من ذوى الاتجاهات المعتدلة، لأن المتشددين والإخوان يتفقون على رفض الحوار، لأنهم أصحاب مصلحة فى استمرار الميليشيات، على حساب إيجاد مؤسسة عسكرية قوية وموحدة، متعللين بأن فكرة توحيد القيادة العليا للجيش تتعارض مع اتفاق الصخيرات، الذى أسند صلاحيات القائد الأعلى للمجلس الرئاسى لحكومة الوفاق، وهو ما يرفضه أنصار البرلمان، لعدم حصولها على ثقة البرلمان، اللجان الفنية فى حالة انعقاد مستمر، والوفود تلتقى دورياً، آخرها 17 الحالى، لبحث ما تم التوصل إليه من آليات توحيد المؤسسة العسكرية، وإبعادها عن الصراعات العقائدية والجهوية والتجاذبات السياسية، اجتماعاتهم تعكس حالة السأم من استمرار المواجهات والقتل والتدمير المنظم المتبادل للبنية الأساسية لدولة عرفت الرخاء لعقود طويلة، قبل أن تعصف بها فتنة فبراير 2011، ما يفسر اتفاقهم على الثوابت؛ وحدة ليبيا، حرمة الدماء، المصالحة الوطنية الشاملة، إقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة، التداول السلمى للسلطة، مكافحة التطرف والإرهاب، رفض التدخل الأجنبى.

مواقف الدول الغربية من قضية توحيد الجيش الليبى تعتبر بالغة الأهمية، المبعوث الدولى يعكس عادة ما يتم التوافق عليه بين الدول المؤثرة، «كوبلر»، المبعوث السابق، بدأ بأجندة تتضمن تشكيل ثلاثة جيوش، ولكن مع معاناة أوروبا من تسلل المهاجرين، نتيجة لتفكك السلطة، عدَّل أجندته، بإمكانية تشكيل جيش ليبى موحد، رغم ذلك فإن علاقات كل دولة بأطراف الأزمة، ومصالحها فى ليبيا، تحكم مواقفها؛ فرنسا تهتم بالجنوب الغنى بالثروات، الذى يربطها بمستعمراتها السابقة جنوب الصحراء، لذلك اتفقت مع مصر والإمارات على دعم «الجيش».. إيطاليا يعنيها الساحل الغربى، معبر المهاجرين لأراضيها، لذلك ارتبطت بعلاقات مع الكتائب المسلحة فى طرابلس ومصراتة، وساهمت بفاعلية فى تأسيس الحرس الرئاسى لتأمين حكومة «السراج»، ودفعت بوحداتها البحرية لحصار الساحل الليبى، بالاتفاق مع «السراج»، ضمن جهودها لوقف الهجرة، أوامر «حفتر» بالتصدى لها أربك حساباتها، أوفدت وزير داخليتها لمقابلته فى بنغازى، للاعتذار، والتأكيد علانية أن «الجيش» هو الوحيد القادر على أن يكون شريكاً حقيقياً لإيطاليا فى مكافحة الهجرة، وليدعوه رسمياً لزيارة روما فى اعتراف صريح به.. أمريكا أضحت على قناعة بدور «حفتر» المحورى فى مكافحة الإرهاب، أبدت استعداداً لدعمه عسكرياً وسياسياً، لكنها اشترطت تقليص تعاونه مع روسيا والصين، ليسهل مستقبلاً ترويضه.

مصراتة حررت سرت، لكن الفراغ الأمنى، والتفكك السياسى، وتدفق المهاجرين سمح بعودة عناصر «داعش» مجدداً للمناطق الجبلية والوديان المحيطة بها، تمهيداً للتسلل للمدينة وإعادة تهديد الهلال النفطى والعاصمة طرابلس، والقفز على جنوب أوروبا.. مصراتة تمثل أكبر كتلة عسكرية، وتتمتع بأكبر انتشار جغرافى، بعد «الجيش».. هناك توافق دولى على وحدة الجيش الليبى تحت قيادة «حفتر»، ما يكسبه الشرعية لخوض معركة توحيد «ضارية»، مصر تدعم وحدة الجيش، ووحدة الدولة الليبية، لكنها ترفض إتمامهما على حساب أرواح الأشقاء، بل تسعى لتوفير الدماء، لمواجهة نهائية وحاسمة مع الإرهاب، من أجل التنمية، ومستقبل الوطن.. فلماذا لا يُغَلِّبُ الجميع صوت العقل والحكمة؟!.

 
تعليق واحد

Posted by في 2017/10/02 بوصة غير مصنف

 

الإخوان وبلاد العمَّة «تيريزا»

201706110245274527

عندما تناقلت وكالات الأنباء صور فرحة بوريس جونسون، وزير الخارجية البريطانى، بزيارة أهرامات الجيزة، فبراير الماضى، عكست حجم التناقض فى العلاقات بين مصر وبريطانيا؛ ارتياح أرفع مسئول سياسى بريطانى لمستويات الأمان بالمناطق السياحية، مقابل رفض حكومة «تيريزا ماى» استئناف الرحلات الجوية لمصر، استمراراً لضغوطها على النظام السياسى المصرى منذ سقوط حكم الإخوان 30 يونيو 2013.. الغارات المصرية على معاقل المتطرفين فى ليبيا، مايو الماضى، أحدثت تغييراً جوهرياً فى توازنات القوى بين الجيش الوطنى بقيادة «حفتر»، وحكومة الوفاق برئاسة «السراج»، المدعومة من الميليشيات التابعة للإخوان، ما سمح للجيش بتحرير المنطقتين الوسطى والجنوبية، وإحباط محاولات الميليشيات للعودة إليها، نتيجة للنجاح فى وقف الإمدادات القطرية والتركية عن طريق الجو والبحر، واستهداف خطوط الإمدادات البرية عبر السودان.. موافقة أمريكا، وقبول روسيا، وعدم ممانعة أوروبا على استهداف مصر المباشر للبؤر الإرهابية فى ليبيا أربك حسابات بريطانيا بالمنطقة، خاصة بعد الحصار العربى لقطر، الداعم الأول للإرهاب، وللإخوان، ما أجبر «السراج» على التجاوب مع وساطة مصر والإمارات، وتوقيع اتفاق باريس، ما يفسر مسارعة لندن بإيفاد إليستر بيرت، وزير الدولة لشئون الشرق الأوسط، إلى القاهرة أواخر أغسطس، واتهامه للإخوان لأول مرة بـ«إخفاء أجندتها المتطرفة»، ووعده بفرض رقابة مشددة على أنشطتها، واتصالاتها الدولية، ومصادر تمويل جمعياتها، وفى نفس الوقت دفع جونسون، وزير الخارجية، لطرابلس ولقائه بـ«السراج»، ثم انتقاله لبنغازى لأول مرة لمقابلة «حفتر» وبعض أعضاء البرلمان، فى تحول مهم فى السياسة البريطانية، اعترفت فيه بقائد الجيش الليبى وبدوره السياسى.. مصر لا تغير الأوضاع الجيوستراتيجية بالمنطقة فحسب، بل تجبر بريطانيا على مراجعة أسس سياستها التقليدية.

المخابرات البريطانية تعتمد على تنظيمات الإسلام السياسى كإحدى أهم أدوات تنفيذ سياستها الخارجية، وذلك منذ الثورة العربية الكبرى 1916/1918، وتأسيس الإخوان فى مصر 1928.. من خلالهم تُشعل نيران الفوضى، تثير الثورات ضد الأنظمة، تقود الحركات الانفصالية، وتوظفهم كمصادر معلومات عن دولهم، لذلك توفر لهم مقرات للإقامة، تمنحهم حق اللجوء السياسى، وتسمح لهم بحرية الحركة والاتصال، الـ«فورين بوليسى» كشفت «يناير 2017» عن اعتماد بريطانيا ميزانيات لقسم مكافحة الإرهاب لتعزيز ما وصفوه بـ«الإسلام المعتدل» من خلال مشروع «الإسلام البريطانى».. جرائم الإخوان ضد أقباط مصر بعد فض اعتصامى رابعة والنهضة «حرق الكنائس، السلب والنهب والاعتداء على الممتلكات، استهداف المرافق العامة..»، والضغوط الهائلة من مصر والسعودية والإمارات لاعتبار الإخوان «جماعة إرهابية»، ومنعهم من استخدام لندن كمركز عمليات للتنظيم الدولى، وضعت بريطانيا أمام موقف محرج، شكل على أثره ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء السابق، لجنة برئاسة السير جون جينكينز، سفير بريطانيا السابق لدى السعودية، لمراجعة نشاطهم وعلاقتهم بالتطرف، خلصت إلى أن «الانتماء للجماعة أو الارتباط بها ينبغى اعتباره مؤشراً محتملاً على التطرف، وتبنى العنف»، وعقب «كاميرون» بأن «الجماعة أصبحت كفكر وكشبكة نقطة عبور لبعض الأفراد والجماعات ممن انخرطوا فى الإرهاب».

بمجرد نشر التقرير «ديسمبر 2014» عبأ الإخوان أجهزتهم لاحتواء تأثيراته.. فى علاقة بريطانيا والإخوان يصعب الجزم «أى الأطراف يوظف الآخر»!!، تقرير «جينكينز» أكد وجود ثلاثة مبانٍ إدارية بمنطقة أيلينج غرب لندن «ويستجيت، كراون، بيناكل هاوس» تضم المقرات الرئيسية للمنظمات الساترة لأنشطة الإخوان فى بريطانيا والعالم؛ منظمات دعم حقوقى وسياسى «قرطبة للحوار العربى الأوروبى، المبادرة البريطانية، الرابطة الإسلامية، المجلس الإسلامى، مركز العودة، مركز الإمارات لحقوق الإنسان»، مؤسسات إعلامية «ميدل إيست مونيتور، شبكة المكين، ميدل إيست آى، شركة الخدمات الإعلامية الدولية، قناة الحوار»، مؤسسات بحثية «مركز أكسفورد للدراسات الإسلامية، الأكاديمية البحثية للتعليم الإسلامى، معهد الفكر الإسلامى السياسى»، منظمات ساترة لعمليات الفرز والتجنيد «اتحاد المنظمات الطلابية الإسلامية»، جمعيات تمويل خيرية «صندوق الإغاثة والتنمية الفلسطينى، ائتلاف الخير، منتدى الجمعيات الخيرية، منظمة الإغاثة الإسلامية، منظمة المجتمع الإسلامى، أمانة أوروبا..»، ضغوط الإخوان واللوبى التابع لهم، وتأثيرهم على مراكز صنع القرار، سمح لطارق سعيد رمضان، حفيد حسن البنا من والدته، بالشهادة على سلمية الجماعة!!، ولإبراهيم منير، أمين التنظيم، بالتأكيد أنهم ليبراليون لا ينبذون المثليين جنسياً!!، وخصص جلسات استماع بلجنة العلاقات الخارجية لما يدعى بـ«المجلس الثورى للإخوان بتركيا»، مسئولو أجهزة الأمن البريطانية كشفوا تعاون قيادات الجماعة فى تحديد الجماعات المتطرفة الأخرى التى تخطط لتنفيذ أعمال العنف والإرهاب، وآخرها مجموعة أبوحمزة المصرى الإرهابية، قطر استخدمت نفوذها الاقتصادى والسياسى لحماية وجود الجماعة فى لندن، كما كلفت مكتباً متخصصاً للمحاماة لتسوية أوضاع العشرات من قيادات التطرف، وعلى رأسهم عاصم عبدالماجد، طارق الزمر، محمد محسوب، أشرف بدر الدين، محمود حسين، حمزة زوبع.. إلخ، حتى يسمح لهم بدخول بريطانيا، أسوة بمن سبقوهم من المطلوبين للقضاء المصرى من إسلاميين وإرهابيين ورجال أعمال، ما يفسر أن بريطانيا هى الدولة الأوروبية الوحيدة التى لم توقع على الاتفاقية الدولية لتبادل المطلوبين للعدالة، بل على العكس تفتح أبوابها للمطاردين بحجة «اللجوء السياسى»، باعتبارهم «مضطهدين فى أوطانهم».. نتيجة لتلك التعبئة، وذلك الحشد برأت اللجنة البرلمانية الإخوان، وفندت ما جاء بتقرير اللجنة الحكومية.. تعددت المطالب داخل البرلمان بإعادة النظر فى التقرير، لكن الإخوان نجحوا فى إحباطها.. بعد هجوم ويستمنستر الإرهابى قرب البرلمان، مارس الماضى، ترددت دعوات لإعادة فتح الملف، لكن قطر أحبطتها بزيارة رئيس الوزراء ووزير الداخلية، والإعلان عن ضخ استثمارات صناعية جديدة بـ6.3 مليار دولار.

إبراهيم منير اعترف بتعاون الإخوان مع أجهزة الأمن البريطانية، و«زوبع» اتهم المخابرات البريطانية بالتحكم فى التنظيم، وعلاقتهم مع المخابرات الأمريكية والتركية والقطرية تجاوزت السرى إلى المعلن.. فلاديمير سافرونكوف، مندوب روسيا بالأمم المتحدة، اتهم بريطانيا «أبريل 2017» بإيواء ودعم الميليشيات والجماعات الإرهابية التى نفذت تفجيرات كنيستى طنطا والإسكندرية خلال أحد الشعانين.. تراجع الإخوان أمام المد الوطنى بدول المنطقة، خاصة فى ليبيا، أضحى يهدد مصالح الغرب، فرنسا تبنت سياسة متوازنة، وأمريكا وروسيا وافقتا على الدور المصرى، تدخلات قطر لدعم التنظيم لدى بريطانيا تستند أساساً إلى أدوات اقتصادية، لكن الإمبراطورية القديمة لن تقبل بتراجع دورها السياسى، الذى طالما كان ملهماً لسياسات واشنطن، ما يجزم بتغيرات سياسية يقتصر فيها دور الإخوان -لأول مرة- على مجرد التعاون مع أجهزتها الأمنية فى الداخل والخارج، وهذا ليس بغريب على تنظيم تورط ممثله فى قضيتى تخابر خلال عام واحد شغل فيه مقعد الرئاسة بمصر.. سابقة فريدة، سيقتحم بها الإخوان موسوعة جينيز من أسوأ أبوابها.

 
تعليق واحد

Posted by في 2017/10/02 بوصة غير مصنف