RSS

إسرائيل ومحاولات الاندماج القسرى بالمنطقة

12 سبتمبر

DngZvXGUcAAHc6s

أزمة المرور الآمن بمضيق هرمز، فجرتها أمريكا بالعقوبات التى فرضتها على إيران، وتطبيق بريطانيا الأرعن لها، بإحتجاز ناقلة النفط الإيرانية، وتصعيد طهران لردود الفعل على نحو أجبر لندن وواشنطن على التراجع المشين.. ترامب حذر «لن نقاتل في مضيق لا نستفيد منه»، لكنه سعى لتشكيل تحالف عسكرى دولى لضمان أمن الملاحة البحرية فى الخليج.. يسرائيل كاتس وزير الخارجية الإسرائيلى أكد مشاركة بلاده فى المباحثات الخاصة بتشكيله.. أمريكا ألقت الكرة فى ملعب دول المنطقة بإثارة الأزمة، ثم التنصل من تبعاتها، والدعوة الى تحالف تشارك فيه إسرائيل، تحقيقاً لرغبتها الملحة فى الإندماج بدول المنطقة.

إسرائيل لم تشارك فى التحالف الدولى ضد داعش، التى كانت قريبة جداً من حدودها، لكنها تهرول نحو التحالف الدولى لتأمين المرور بالمضايق، رغم بعدهما، وعجزها عن إرسال أي قطع بحرية، نتيجة للتهديدات الإيرانية بإستهدافها، فى ظل إستمرار حالة الحرب بينهما، ما يعنى إقتصار دعمها على الرصد والتعاون المعلوماتى والمخابراتى، وهو محدود نتيجة للبعد الجغرافى، والقيود السياسية المتعلقة بعلاقاتها بدول المنطقة.. المنامة إستضافت اجتماعا عسكريا دوليا حول أمن الملاحة البحرية بالخليج 24 يوليو، لم يتم الكشف عن الدول المشاركة، وتستضيف الإجتماع التالى فى أكتوبر، لبحث آليات تأمين مسارات الملاحة بالمضايق والتصدى لإستهداف السفن وناقلات النفط.. كل التقديرات تؤكد مشاركة إسرائيل.

إستهداف الإليوشن الروسية

مع بدء التدخل الروسى فى سوريا 2015، توصلت إسرائيل مع موسكو الى «آلية عدم إشتباك»، للإحتفاظ بحرية العمل فى المجال الجوى السورى.. لكنها تلاعبت بها، وقصرت فترة الإنذار الى أقل من دقيقة!!.. 4 طائرات «إف-16» إسرائيلية، قصفت أهدافاً قرب اللاذقية 17 سبتمبر 2018،.. إسرائيل راهنت على عدم تفعيل موسكو لنظام تمييز الدفاع الجوى السورى للطائرات الروسية بإعتبارها أهدافاً صديقة، ولذلك تسترت طائراتها خلف طائرة إستطلاع وتشويش إلكترونى روسية «اليوشن 20»، على بعد 35 كم من الساحل السورى، بإرتفاع 5 كم، كانت فى طريق عودتها لقاعدة حميميم، بعد إنتهاء مهمتها فى تحديد مواقع تمركز الطائرات المسيرة بمنطقة خفض التصعيد فى إدلب.. عندما إستهدفتها صواريخ الدفاع الجوى سارعت بالفرار، لتسقط الإليوشن بـ«نيران صديقة».. كل الشواهد تؤكد سبق الإصرار والترصد، فطائرة الإستطلاع الروسية تتواجد بالمنطقة يومياً وفى نفس التوقيت، وبنفس مسارات الحركة فى الإقلاع والهبوط من البحر، لتتجنب نيران المسلحين.

عندما نصبت إسرائيل الفخ للطائرة الروسية سعت لتوجيه عدة رسائل: أن طياريها يمتلكون المهارات الكفيلة بمواجهة تهديد صواريخ «اس 200» و«اس 300»، وتوريط الدفاعات الجوية السورية مع الحليف الروسى، وتلك دعاية سيئة للأسلحة الروسية قد تضيع ماكسبته فى معركة الـ«اس 400» ضد الباتريوت فى تركيا.. وهى تتمسك بحرية العمل فى المجال الجوى السورى.. ثم انها برهنت لروسيا على ان مصلحتها تفرض التنسيق الدائم مع إسرائيل، بإعتبارها شريكاً فاعلاً بسوريا، فى ظروف الحرب، وعند صياغة شروط التسوية السياسية.

إسقاط السوخوى السورية

اسرائيل أسقطت مقاتلة «سوخوى» سورية داخل الأجواء السورية على أطراف وادى اليرموك يوليو 2018، وحرصت فى بيانها على التأكيد بإنها قامت ببمتابعة الطائرة والتنسيق مع روسيا منذ تحليق الطائرة وحتى إسقاطها، لتؤكد ان التواجد الروسى، وآليات التنسيق لا تغل يدها عن العمل، وان التزام موسكو الصمت حيال الغارات الإسرائيلية، نتيجة لعدم قدرتها على منعها.. العملية إستهدفت فرض أمر واقع، يعزز سعيها لإقامة منطقة عازلة على مرتفعات الجولان، لا يدخلها الجيش السورى، ولكن يسمح بالتواجد فيها لعملاء منظمة «لواء فرسان الجولان» التى تتلقى دعما إسرائيليا بالمال والغذاء والرعاية الصحية والسلاح.. الكرملين لايرى غضاضة فى التسامح مع التدخلات الإسرائيلية، طالما لاتمس مصالحه، وطالما ظلت سوريا غير راغبة فى فتح جبهة جديدة مع إسرائيل.. روسيا تعهدت بضمان أمن إسرائيل لتفوز بالموافقة الأمريكية على تدخلها العسكرى فى سوريا 2015، ولقاءات بوتين مع نتنياهو أكثر من لقاءاته مع حليفه بشار الأسد، فهل نتوقع غير ذلك؟!.

عمليات الحشد الشعبى العراقى

قصف الطائرات المسيرة الإسرائيلية لمعسكرات الحشد الشعبى الشيعية بالعراق بدأت يناير 2019، على مدار أربعة أيام، بمنطقتى النخيب قرب حدود السعودية، والثرثار بمحافظة صلاح الدين.. بعدها وقعت إنفجارات متعاقبة بمعسكرات قرب بغداد، جنوب كركوك، قضاء «طوزخرماتو» بمحافظة صلاح الدين، معسكر «أشرف» بديالى ٥٠ كم شمال العاصمة، منطقة جرف الصخر قرب كربلاء، والزعفرانية، ثم قرب منفذ القائم على الحدود السورية العراقية.. أمريكا تبرأت، ونتنياهو أورى بمسئولية إسرائيل.

قصف مقر حزب الله ببيروت

طائرة تجسس إسرائيلية مسيرة سقطت بالضاحية الجنوبية من بيروت 25 أغسطس، أعقبها إنفجار طائرة أخرى مفخخة، سببت أضراراً جسيمة بمبنى المركز الإعلامي لحزب الله، وذلك لأول مرة منذ 2006؛ تزامن ذلك مع عمليات قصف لمواقع لقوات الإيرانية والميليشيات الشيعية قرب العاصمة السورية دمشق، لتأكيد إندراجها ضمن هذا الإطار، الهجوم الإسرائيلى المحدود عكس حرصاً على تجنب إشعال حرب، والإكتفاء بتأكيد إستعدادها لتوسيع نطاق عملياتها ضد تواجد إيران العسكرى بالمنطقة، بعد ان بدأت تستخدم مواقع ميليشياتها فى العراق ولبنان كنقاط تخزين لأسلحتها وتدريب لعناصرها بديلاً لسوريا، عقب ماتلقته من ضربات موجعة فيها.. رد فعل الحزب أيضاً جاء محدوداً، فلا أحد يرغب فى توسيع دائرة الإشتباك.. إسرائيل حققت الهدف بتأكيد إمتلاكها حرية العمل فى لبنان، وحزب الله أكد قدرته على الرد، دون إستفزاز يضاعف من خسائره الفادحة فى الحرب السورية.. أما ماوقع من إختراقات جوية وبحرية فتدخل جميعها ضمن حملة نتنياهو الإنتخابية.

***

أمريكا ألغت الإتفاق النووى، وأشعلت الأزمة فى الخليج، ثم حرضت العرب ضد إيران، فى الوقت الذى بدأت فيه إتصالاتها السرية معها!!، تاركة زمام المبادرة لإسرائيل فى كبح جماح النفوذ الإيرانى بدول المنطقة، بشن عمليات عسكرية ضده، وبذريعته تستهدف الإنتقال من مرحلة الإتصالات السرية مع الدول العربية، الى تسويق فكرة التحالف الإقليمى المضاد لطهران، مما يحقق هدفها فى الإندماج بالمنطقة، وتبووء دور قيادى.. إيران حاولت إجهاض ذلك، ومنع وصول الوجود العسكرى الإسرائيلى الى حدودها البحرية، بعرض توقيع اتفاقات عدم اعتداء مع دول الخليج، الإمارات تجاوبت بالتواصل المباشر، والسعودية قد لاتتأخر كثيراً، وتعقيدات الموقف تفرض على الجميع قدر من المرونة يسمح بتهدئة التوتر داخل المنطقة، مما يفسر ان التحالف الغربى المزعوم يقتصر حتى الآن على أمريكا وبريطانيا وإسرائيل، رغم تأكيدات ترامب بتوجيه الدعوة للمشاركة لـ60 دولة.

 
تعليق واحد

Posted by في 2019/09/12 بوصة غير مصنف

 

1 responses to “إسرائيل ومحاولات الاندماج القسرى بالمنطقة

  1. Gamal Taha

    2019/09/12 at 22:33

    تم نشر المقال بجريدة الدستور الجمعة 13 سبتمبر 2019

    https://www.dostor.org/2824295

    إعجاب

     

أضف تعليق