RSS

تركيا تستعد لإجتياح الشمال السورى بـ«المنطقة الآمنة»

صباح الخير 13 أغسطس 2019

تركيا طرحت فكرة المنطقة العازلة أو الآمنة منذ 2012، بحجة منع تسلل عناصر منظمة «PKK» الكردية، التى تعتبرها إرهابية.. امريكا أثارت الفكرة منتصف 2013، بهدف تطبيقها قرب الحدود الأردنية، مادفع تركيا لإعادة طرحها 2014، وتحديد إمتدادها بخط مواز لحدودها الجنوبية من البحر المتوسط حتى العراق، وتضم مناطق من إدلب، عفرين، جرابلس، عين العرب «كوبانى»، تل أبيض، وشمال الحسكة.

الموقف الروسى
عندما أشار ترامب يناير 2018، الى أن «القوات الأمريكية ستنسحب من المنطقة، وسيتم إنشاء منطقة آمنة»، اتخذت روسيا موقفاً حازما «الجيش السورى هو الأحق بالسيطرة على شمال البلاد».. وطرحت مقترح الإدارة الذاتية للأكراد، لإستعادة السيطرة الرمزية للحكومة السورية.. موقف روسيا المبدئى إذن ضد المنطقة العازلة.. ولكن، نتيجة للإلحاح التركى، وافقت موسكو فبراير 2019 شريطة أن تتم بالاتفاق بين تركيا وحكومة دمشق.. لقاء أردوغان بوتين الأخير إنتهى بتأكيد حق تركيا فى الحفاظ على أمنها فوق الأراضى السورية، فى إطار إتفاقية أضنة الموقعة بين حكومة دمشق وتركيا 1998، والتى تعطى لتركيا حق الملاحقة لعمق 5 كم داخل الأراضى السورية، الا ان روسيا ترى أن إعادة إحيائها يمثل إعتراف تركى بمشروعية النظام السورى.

المرونة الروسية تجاه تركيا تستهدف تفويت الفرصة على أمريكا فى رأب صدع العلاقات مع أنقرة، على حساب علاقات الأخيرة مع موسكو، وإعتبار المنطقة الآمنة ورقة مساومة لتنازلات تركية فى إدلب لصالح دمشق، مقابل الوجود التركى بالشمال، الذى يحد من طموحات التمدد الإيرانى، وذلك لحين إيجاد صيغة للتخلص منهما، وإنفراد روسيا بسوريا.. تركيا تلعب على أحبال التنافس بين موسكو وواشنطن، وروسيا تعطى أولوية للمصالح والمواءمات.

الموقف الأمريكى
أمريكا رفضت التجاوب مع طلبات أردوغان بإنشاء المنطقة الآمنة، الى ان قرر ترامب الإنسحاب من سوريا، وتكثيف وجوده فى العراق، للتصدى للنفوذ الإيرانى، ما فرض إعادة ترتيب أوضاع المنطقة، لقطع الطريق أمام توسع النفوذ الروسى، وهنا فرضت المنطقة الآمنة نفسها.. قرار الإنسحاب الأمريكى إرتبط بمراجعة بعض الحسابات.. أكراد شمال شرق سوريا رغم الجهود الأمريكية والغربية لتدريبهم وتسليحهم، يرفضون المهادنة مع تركيا، مهما كانت شروطها، وهم مستعدون للتحالف مع النظام السورى أو إيران، مكايدة لتركيا، مايعنى أيلولة الشمال السورى لدمشق وطهران، وهما أسوأ الإختيارات من وجهة النظر الأمريكية.

أمريكا توصلت الى اتفاق مع تركيا ديسمبر 2018، لإقامة المنطقة العازلة لتخفيض التوتر شمال سوريا، ومنع تركيا من شن عملية عسكرية ضد «وحدات حماية الشعب الكردية» التي تعتبرها أنقرة إرهابية، رغم دورها الحاسم فى الحرب ضد «داعش».. البنتاغون إقترح تشكيل قوة دولية لمراقبة المنطقة الآمنة، لكن تركيا تمسكت بأن تكون هى القوة الوحيدة الموجودة بها.

جيمس جيفرى المبعوث الأمريكي المسئول عن الملف السورى يقود المفاوضات مع تركيا، لوضع الترتيبات المتعلقة بالمنطقة الآمنة، حدد الموقف الأمريكى الذى يتمثل فى عدم إمتداد المنطقة الآمنة إلى كامل الحدود السورية التركية، وأن يتراوح عمقها بين 5 و15 كم، وأن يحتفظ الأكراد ومنهم قوات سوريا الديمقراطية ببعض أسلحتهم لضمان أمن مناطقهم، على ان تتولى إدارة المنطقة قوات أمريكية وتركية مشتركة.

جيفرى أكد للمونيتور، أن واشنطن وأنقرة توصلتا إلى اتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية بشأن إقامة المنطقة الآمنة، وان الدول الأوروبية ليس لها اى دور فيها، بعدها أكدت المصادر الكردية أن أميركا وتركيا توصلتا إلى تفاهمات أعطت بموجبها واشنطن الضوء الأخضر لأنقرة، لاجتياح شرق الفرات تدريجياً، وقد تبدأ بمنبج ثم عين العرب ورأس العين والمناطق المحيطة، وأضافت ان الأمريكيين بعثوا برسائل للأكراد لإخلاء المنطقة وسحب قواتهم من المناطق الحدودية إلى العمق.. «هآرتس» نشرت مقال للكاتب الإسرائيلى تسفي برئيل أكد التوافق بين روسيا وأمريكا على إقامة المنطقة، شريطة عدم إستئثار تركيا بالسيطرة عليها.. يبدو ان أزمة صواريخ الـS-400 وطائرات الـF-35 فرضتا تنازلات أمريكية تستهدف عدم خروج تركيا من الناتو تجنباً لتفككه.. من المؤكد أنها جاءت على حساب الأكراد.

الأطراف الإقليمية
* دول الإتحاد الأوروبى: تتحفظ بشأن المنطقة الآمنة، بسبب تخوفاتها من قيام تركيا بمذابح ضد الأكراد، لذلك تشترط فى حالة تطبيقها ان تخضع لإشراف أمريكى مباشر.
* ايران: نظرياً ضد المنطقة الآمنة، لأنها ضد مصالحها فى سوريا، التى دفعت طهران الكثير من الأموال والدماء لترسيخ نفوذها فيها.. لكنها حالياً ليست فى وضع يسمح لها بمعاداة تركيا، لأنها تتعرض لحصار أمريكى، وإستهداف إسرائيلى، وتربص سعودى.. لذلك بدأت التحرك نحو دمشق لتنشيط قنوات الاتصال مع والأكراد، والالتفاف على الفخ الأمريكى، ومحاولة إنقاذ مشروعها الخاص بطريق «طهران، بغداد، دمشق، بيروت».
* إسرائيل: غير معنية بالمنطقة الآمنة، وهى ليست على وفاق مع تركيا، الا ان أى نفوذ أجنبى يؤدى الى تفتيت سوريا، ويضعف النفوذ الإيرانى، لابد ان يحظى بقبولها.
* قوات سوريا الديمقراطية «قسد»: عمادها «وحدات حماية الشعب الكردية».. ترى عدم زيادة عمق المنطقة الآمنة عن 5 كم، والا تخضع لقيادة تركية، يتولى الأمن فيها أهالي المنطقة المحليين، وعدم التدخل في الحياة اليومية لأبناء المنطقة ولا في الإدارات السياسية بالمدن، وهم يرفضون تواجد القوات التركية، إلا فى دوريات مشتركة مع القوات الأمريكية، شريطة ألا تكون مقيمة على الأراضي السورية، بل تدخل لأداء مهمتها وتبادر بالخروج.

* الحكومة السورية: تراجعت إرادتها السياسية نتيجة تعدد القوى الأجنبية التى تتشارك النفوذ على أراضيها، بادرت بالتواصل مع القوات الكردية، بالتنسيق مع إيران، وتحت إشراف روسيا، لدعمها ضد إحتمالات التدخل التركى، ومحاولة رأب الصدع فى العلاقة معها، لمواجهة مخططات التقسيم.. الحكومة تدرك أن تركيا إذا دخلت الشمال لن تنسحب أبدا.

تركيا فى إطار ترويجها للمنطقة الآمنة، تدعى أنها أنفقت من مواردها الخاصة 37 مليار دولار لإستيعاب أكثر من 3 ملايين لاجئ سورى!!، وأنها تخطط لإقامة مساكن تكفى اللاجئين العائدين للمنطقة، وستزودها بكافة الخدمات من صحة وتعليم، وستعيد تأهيلها لإستيعاب كافة اللاجئين للخارج.. لكنها ستجرى تغيرات ديموجرافية خطيرة، بتهجير مكونات المنطقة، وتوطين آخرين من الجماعات المسلحة الموالية لها، للسيطرة عليها.. تركيا تضع ترتيبات دائمة لهضم المنطقة، وإلحاقها بلواء الإسكندرونة السليب، مساحتها تمتد بطول الحدود التركية السورية 460 كم، بعمق 32 كم، تضم مدنا وبلدات من 3 محافظات «حلب، الرقة، والحسكة»، وتقترب مساحتها من دولة الكويت.

التصعيد التركى
بعد فشل جولة المباحثات الأمريكية التركية، إتصل خلوصي أكار وزير الدفاع التركى بنظيره الأميركى مارك إسبر 29 يوليو، وحذره من إن بلاده ستضطر لإنشاء المنطقة الآمنة بمفردها، حال عدم التوصل لتفاهم مشترك، وشدد على ضرورة مصادرة كل ما بحوزة قوات حماية الشعب الكردية من أسلحة، قبل طردها من المنطقة!!، وأصدر تعليماته بحشد القوات على الحدود مع سوريا، ليعكس جدية التهديد.

تركيا لايمكن فى ظل التدهور الراهن فى علاقاتها بواشنطن نتيجة لأزمة صواريخ S-400 وطائرات F-35 ان تتحدى أمريكا على هذا النحو، وهى التى لم تجروء من قبل على خوض عمليتى «غصن الزيتون» و«درع الفرات» الا بعد حصولها على موافقات أمريكية وروسية صريحة.. كما انها سبق ان ابتلعت لسانها عندما توعدها ترامب بتدمير إقتصادها، حال دخولها للمناطق الكردية.. وهى لاتستطيع توفير غطاء ودعم جوى لقواتها بالمنطقة الا بترتيبات مع موسكو.. كل ذلك يعنى اننا بصدد عملية توزيع أدوار، تستهدف التمهيد لتنازلات أمريكية كبيرة، وشبهة مجاملات روسية إرضاءً لتركيا!!.

إبراهيم كالين المتحدث بإسم الرئاسة التركية أكد «المنطقة الآمنة تشكلت فعليا على حدود سوريا الشمالية المتاخمة لتركيا، من إدلب إلى منبج مرورا بعفرين وجرابلس».. عبارة تستهدف فرض الوجود التركى كأمر واقع.. أردوغان يمهد لدخول تل أبيض وتل رفعت، حيث أورى انه ابلغ روسيا وأمريكا والمانيا بذلك.. مجلس الأمن القومى التركى أعلن 31 يوليو عن إقامة منطقة آمنة بإسم «ممر سلام» شمال سوريا.. ووزير الدفاع إجتمع بالقادة العسكريين، لبحث تفاصيل عملية عسكرية محتملة بالمنطقة.. ولاية هكارى جنوب شرق تركيا، أُعلنت كمنطقة أمنية خاصة، منع دخولها إلا بإذن خاص.. إجراءات عديدة تجسد جنون التصعيد التركى.

***

عزم تركيا على اجتياح شمال سوريا يعكس أطماعها بالمنطقة، لكنها إختارت التوقيت الراهن للتصعيد، بسبب حاجة أردوغان، وحزب «العدالة والتنمية» الى تحقيق إنجاز خارجى يدعم موقفه الداخلى بعد خسائره فى الإنتخابات البلدية، والتصدعات والإنشقاقات الداخلية بالحزب، ناهيك عن الأزمات التى تواجهها الدولة فى علاقاتها بحلفائها الرئيسيين؛ الناتو، والولايات المتحدة.

هل تتم العملية بكل تداعياتها الخطيرة، والعرب صامتون؟!، وكيف تفلت تركيا بجريمة تجروئها على الأرض، والسيادة العربية؟!.

 
تعليق واحد

Posted by في 2019/08/12 بوصة غير مصنف

 

قصف معسكرات «الحشد الشعبى » بالعراق

العراق-الحشد-الشعبي

خلية الإعلام الأمنى بالعراق، المسئولة عن تقديم البيانات الرسمية بشأن الفعاليات العسكرية والأمنية وأنشطة مكافحة الإرهاب، أكدت قصف طائرة مجهولة معسكر «الشهداء»، التابع لميليشيات «حزب الله العراقى» ١٩ يوليو ٢٠١٩.. المعسكر يقع بقضاء «طوزخرماتو» بمحافظة صلاح الدين، يتبع لواء الحشد الـ١٦، الذى يضم عناصر تركمانية، تعتبر امتدادًا للحرس الثورى الإيرانى، ما يفسر وجود خبراء من إيران وحزب الله اللبنانى.. الشيخ ثائر البياتى، أمين عام مجلس العشائر العربية بالعراق، أكد أن المعسكر يضم صواريخ باليستية إيرانية الصنع نقلت للمعسكر داخل شاحنات نقل المواد الغذائية المبردة، وأن عملية القصف أسفرت عن مقتل وإصابة عدد من عناصر الحرس الثورى، وأخرى تابعة لحزب الله اللبنانى.

اتفقت المصادر على أن استهداف المعسكر تم بناء على معلومات دقيقة، تعتمد على صور الأقمار الصناعية، وطائرات الاستطلاع المسيرة، وكذا مصادر من داخل المنطقة السنية التى تحيط بالمعسكر، والتى أكدت تدمير مصنع إنتاج صواريخ الكاتيوشا، وإعادة تأهيل وتجميع صواريخ سكود، الذى تم تشييده مؤخرًا.. وأشارت إلى أن «إقبال بور» مساعد قاسم سليمانى يتخذ المعسكر مقرًا لعمله، كمسئول عن تقديم الاستشارات لتشكيلات الحشد بالمنطقة، وقد اعتاد دخول العراق عبر السليمانية بإقليم كردستان، حيث يقيم، لكنه كان قد غادر عائدًا لإيران، لحضور مجلس عزاء والدته، التى توفيت بصورة مفاجئة، ما نجاه من القصف.

الحادث أحدث ارتباكًا وقلقًا، ما دفع عادل عبدالمهدى، رئيس الحكومة، لتشكيل لجنة عسكرية وأمنية موسعة لتقصى الحقائق بشأن ما حدث بالمعسكر.. تقرير اللجنة حاول تهدئة الرأى العام، فنفى ما تردد حول مسئولية جهات خارجية عن الهجوم، مؤكدًا أن الانفجار لم يكن قصفًا جويًا ولا صاروخيًا، إنما كان «حريقًا لوقود صلب نتيجة خلل داخلى»، وأنكر وقوع قتلى فى صفوف «الحشد».. وبناء عليه نفى رئيس الحكومة صحة التقارير التى حمّلت إسرائيل مسئولية الهجوم، ووصف الحادث بالـ«بسيط، ولم يوقع ضحايا».. فى اليوم التالى نشرت المواقع الإيرانية تقريرًا مدعومًا بالصور، لتشييع جنازة «أبوالفضل سرابيان» أحد قادة الحرس الثورى، وأشارت إلى أنه قتل فى الغارة الجوية على معسكر الشهداء. البنتاجون أكدت الهجوم: «نحن على علم بالتقارير الخاصة بأعمال عدائية محتملة ضد وحدة الحشد بصلاح الدين»، لكنها نفت مسئوليتها عنه.. «هآرتس» أكدت أن إيران تنقل صواريخ دقيقة ومتطورة- تشكل تهديدًا للأمن الإسرائيلى- إلى العراق.. إذاعة الجيش الإسرائيلى ألمحت إلى أن إسرائيل قد تكون المسئولة عن الهجوم الجوى على مخازن السلاح وموقع الميليشيات العراقية التابعة لإيران يوم ١٩ يوليو، وقاربت بين الهجوم والهجمات المماثلة ضد أهداف إيران وحزب الله بسوريا.. البروفيسور عماتسيا برعام، مدير وحدة أبحاث العراق بجامعة حيفا اتفق مع ذلك، موضحًا أن المعسكر تابع لـ«الحرس الثورى الإيرانى».. و«الإندبندنت» نقلت عن مسئول عسكرى إسرائيلى قوله: «إن إسرائيل تحركت فى العراق كما تتحرك فى سوريا»، مشيرة إلى أن المعسكر نقلت إليه مؤخرًا أسلحة نوعية من إيران، منها صواريخ باليستية، وأن عملية القصف تمت بصواريخ موجهة متطورة تبلغ زنة الواحد قرابة الطن، ما أدى لدمار شامل بالمعسكر. والحقيقة أن هذه ليست أول مرة تتعرض فيها ميليشيات الحشد للقصف، ففى يناير الماضى كشف مشعان الجبورى، النائب السابق بالبرلمان، عن تفاصيل قصف جوى استمر على مدار أربعة أيام، واستهدف تشكيلات «الحشد» بمنطقتى النخيب قرب حدود السعودية، والثرثار بمحافظة صلاح الدين، استخدمت فيه الطائرات المسيرة، التى أوقعت خسائر فى صفوف الحشد الشعبى، مختلف المصادر اتفقت على أن الطائرات أمريكية، لأن الطيران الحربى والمسير الأمريكى يجوب العراق، للاستطلاع والمراقبة على مدار الساعة، وقد اعتاد استهداف أى تحرك يعتقد أنه تابع لتنظيم داعش.. الجهات العراقية الرسمية تكتمت الموضوع.

دانى دانون المندوب الإسرائيلى بمجلس الأمن وجه اتهامات لإيران و«حزب الله» ٢٤ يوليو، تتعلق بتهريب الأسلحة برًا عبر العراق ومعبر المصنع إلى سوريا ولبنان.. يوم ٣٠ يوليو نقلت «يديعوت أحرونوت» عن «رون بن يشاى»، الخبير العسكرى، أن إسرائيل قصفت يوم «٢٧ يوليو» بطائرات «F-35» قاعدة تابعة للحشد الشعبى، تستخدمها إيران فى إدخال الأسلحة لسوريا ولبنان، وبالفعل كان انفجار ضخم قد وقع فى ذلك التاريخ بمعسكر «أشرف» بديالى ٥٠ كم شمال شرق بغداد، الذى تتمركز به ميليشيات بدر الموالية لإيران، هذا المعسكر يعتبر أكبر المجمعات العسكرية التابعة للحشد، يتسع لقرابة ٤٠٠٠ جندى، ويضم أنظمة تسليحية، ومجمعًا ضخمًا من المنشآت تحت الأرض، لتخزين الدبابات والمدفعية الثقيلة والصواريخ الباليستية.. المعسكر كان تابعًا لمجاهدى خلق الإيرانية المعارضة سابقًا، وأضحى مقرًا لنفوذ الحرس الثورى.. المصادر العراقية أشارت إلى أن ما حدث ناتج عن انفجار بعض الأسلحة المخزنة نتيجة عوامل سوء التخزين، لكن المصادر الدبلوماسية الغربية رجحت أنها غارة جوية تمت بمقاتلة «F-35» بعد أن وسعت إسرائيل دائرة استهداف إيران لتغطى العراق.

القواعد العسكرية الأمريكية ومقرات خبرائها بالعراق كانت هدفًا لقصف فصائل الحشد على مدى الشهور الأخيرة، ما دفع أمريكا لتهديدها بمهاجمة مقراتها حال تعرض السفارة الأمريكية للقصف.. بومبيو أبلغ عبدالمهدى بأن واشنطن لن تتدخل إذا قصفت إسرائيل مواقع الحشد بالعراق.. وعادل عبدالمهدى، رئيس الحكومة، أكد أن أمريكا أحاطته علمًا بأن الطائرات المسيرة التى استهدفت محطتى الضخ البتروليتين التابعتين لشركة أرامكو بمحيط منطقة الرياض «١٤ مايو» قد انطلقت من الأراضى العراقية، وحددت المكان الذى انطلقت منه الطائرات.. اختيار العراق مركزًا للإطلاق يرجع إلى أن المسافة بين محافظة المثنى جنوب العراق حتى الأهداف السعودية أقل من نصف نظيرتها من مواقع الحوثيين، وأدنى تعرضًا لشبكات الدفاع الجوى.. كل تلك العوامل تؤكد اتفاق المصالح بين أمريكا وإسرائيل على استهداف «الحشد».

عمليات القصف التى تعرضت لها معسكرات الحشد، جاءت فى أعقاب تهديدات أمريكية وإسرائيلية صريحة، تستهدف منع إيران من توظيف الحشد فى تنفيذ عملياتها العدائية بالمنطقة، معظم فصائل الحشد بدأت بالفعل تغيير مواقع معسكراتها، ونقل الصواريخ والأسلحة الثقيلة، تجنبًا للاستهداف الجوى.. هذه التطورات لها وجه إيجابى يمكن أن يدعم الحكومة العراقية فى تنفيذ قرارها الخاص بإغلاق مقرات الميليشيات المسلحة، والاختيار بين الاندماج داخل الجيش، أو التحول لتنظيمات سياسية، يحظر عليها حمل السلاح.. هذا التنفيذ يمكن أن يجنب العراق الدخول فى نطاق الضربات الجوية الإسرائيلية التى تستهدف قطع الأذرع الإيرانية المتمددة بالمنطقة.

 
تعليق واحد

Posted by في 2019/08/08 بوصة غير مصنف

 

عاصفة الخليج.. ولعبة عض الأصابع

صباح الخير 7 أغسطس 2019

سلطات جبل طارق البريطانية إحتجزت ناقلة النفط الإيرانية «جريس 1» يوم 4 يوليو، خلال عبورها المضيق، وذلك إستجابة لقرار أمريكى بفرض الحصار على إيران!!.. بريطانيا إنساقت للمواجهة دون ان تضع فى حساباتها ان هناك أكثر من 15 سفينة تحمل علمها، وتمر بمضيق هرمز يومياً.. طهران ردت بإحتجاز ناقلة النفط البريطانية »إستينا إيمبيرو« أثناء مرورها بمضيق هرمز 14 يوليو.. بريطانيا أوفدت وسيطاً إلى طهران؛ لبحث الإفراج عن الناقلة المحتجزة، فى الوقت الذى دفعت فيه غواصة نووية من فئة «آستيوت» وعدة قطع حربية لتعزيز تواجدها البحرى فى الخليج، وحماية سفنها.. لكن ايران بعد واقعة الاحتجاز، لم تعترض اى سفينة بريطانية خلال عبورها مضيق هرمز، حتى قبل وصول وحدات الحماية، وذلك حتى تؤكد انها لاتستهدف وقف الملاحة، بقدر ما تسعى للضغط، بهدف الإفراج عن سفينتها المحتجزة بجبل طارق.. بريطانيا تحملت تبعات القرار الأمريكى، لكن مايك بومبيو وزير خارجية امريكا أكد بصلف: «علي بريطانيا حماية ناقلاتها بالخليج.. أمريكا لاتريد خوض حرب ضد إيران»!!.

الحقيقة انه منذ إنسحاب أمريكا من الإتفاق النووى مايو 2018، والتوتر مع إيران يتصاعد.. فى مايو نفذت إيران عمليات تخريبية إستهدفت ناقلتى نفط سعوديتين، وناقلة نرويجية، وسفينة شحن إماراتية، بميناء الفجيرة الإماراتى، خارج مضيق هرمز، لتؤكد ان الحظر الذى يستهدفها سيطال الجميع لو تم تطبيقة فعلاً.. وفى يونيو استهدف هجوم جديد ناقلتى نفط قادمتين من السعودية والإمارات فى مياه بحر عُمان، ما أدى إلى حدوث انفجارين كبيرين بهما.. الحرس الثورى أسقط طائرة مسيرة أمريكية منتصف يونيو، لكن واشنطن إستبعدت العمل الإنتقامى، لأن ردود فعله المتوقعة، قياساً على طريقة إدارة إيران للأزمة، تهدد بحرب، عواقبها وخيمة؛ إمتلاك إيران لمنظومة صواريخ (S-300) الروسية تسمح بإصطياد الطائرات والصواريخ المهاجمة، إضافة لقدرة الصواريخ أرض/أرض الإيرانية على إستهداف كل المنشآت والقواعد العسكرية الأمريكية بالخليج.. وترامب يدرك ان الإنزلاق للحرب يحد من فرصه فى الفوز بالإنتخابات، لذلك إعتمد على وساطة شينزو آبى رئيس وزراء اليابان.. إختيار غير موفق، لأن طوكيو ليست مؤهلة للوساطة، حيث لم توفد أى مسئول رفيع لطهران منذ ثورة الخمينى 1979!!، والمهين، ان تتزامن زيارة المبعوث اليابانى مع عملية تفجير الناقلة اليابانية!!، خامنئى كشف للإعلام ان آبى يحمل رسالة من ترامب، وبدا أمام الكاميرات وكأنه يوبخه.. ترامب كعادته تراجع، وأنكر علمه بالوساطة!!.

مبررات إثارة الأزمة

أزمة الخليج لن تتجه للهدوء، أمريكا فجرت الموقف، وتسعى لتصاعده، حتى تتوقف إمدادات البترول من الخليج الى دول العالم، التى تمثل 20% من حجم تجارة النفط الدولية، مما يفتح أسواقاً جديدة أمام البترول والغاز الصخرى الأمريكى، كما أنها تأمل فى أن توسع حرب الناقلات دائرة التأييد للموقف الأمريكى، ما يجبر إيران على المرونة والتفاوض.. اللجوء للعمل العسكرى أمر مستبعد، على الأقل فى الظروف الراهنة، ولكن إثارة الأزمة يستهدف من وجهة النظر الأمريكية تحقيق ثلاث اهداف:

الأول: التوصل إلى اتفاق جديد مع إيران، يضع قيوداً على الصواريخ الباليستية، إضافة لتقييد الأنشطة النووية.

الثانى: فتح الباب أمام الشركات الأمريكية لعقد صفقات مع إيران بعد رفع إسمها من لائحة الدول الراعية للإرهاب.

الثالث: تحصيل مقابل الحماية من «الفزاعة الإيرانية»، وعقد صفقات تسليح جديدة مع دول الخليج.

روسيا من جانبها تحاول تفعيل دورها فى الأزمة، دعماً لحليفها الإيرانى؛ وقعت إتفاق عسكرى مع طهران، لأول مرة فى تاريخ العلاقات بين الدولتين، كما تنظم مناورات بحرية مشتركة مع إيران فى الخليج ومضيق هرمز.. عمان تقوم بدور الوساطة بين طهران وكلا من لندن وواشنطن، وهى تركز على تبادل الإفراج عن الناقلات المحتجزة، وتهدئة التوتر فى المنطقة، كبداية لتهيئة المناخ لتناول المشاكل الرئيسية.

ردود الفعل الإيرانية

إتسام ردود الفعل الإيرانية بالحدة، يرجع الى شدة تأثير العقوبات الأمريكية عليها؛ صادرات الخام الإيرانى بلغت أقل من 300 ألف برميل/يوم أواخر يونيو، مقارنة بأكثر من 2.5 مليون برميل في أبريل 2018، أى بنسبة 12% فقط من معدلاتها قبل شهر واحد من انسحاب ترامب من الاتفاق النووى.. والأنكى، أن الأسواق قد استغنت عن النفط الإيرانى، ولم تعد تتأثر بنقصه، لأنها وجدت البدائل.. الا ان عدوانية السياسة الإيرانية أتت ببعض الثمار، الإمارات انسحبت من حرب اليمن، تجنباً لهجمات الطائرات المسيرة على المطارات والمواقع الإستراتيجية، وأوروبا تحاول ان تنأى بنفسها عن النزاع.. وأمريكا التزمت بإحترام الطلب الإيرانى بأن يكون عبور المضيق بإخطار مسبق، وسلمت بتقاسمها للسيادة مع عُمان.

إيران لاتزال تتمسك بتشددها، حتى أنها رفضت إستقبال بومبيو فى طهران، ومحسن رضائى أمين مجلس تشخيص مصلحة النظام تعهد بألا تسمح بلاده لأى من الولايات المتحدة أو بريطانيا بالسيطرة على مضيق هرمز.. ذلك أنها أكثر الأطراف المستفيدة من التصعيد، لأنه سمح لها بجس نبض أمريكا وبريطانيا، وتحديد الإطار الذى تستطيع ان تتحرك فيه دون ان تتعرض للعقاب، وأقصى مدى للتصعيد دون إثارة للحرب، وقد تأكدت ان كلا من أمريكا وبريطانيا، يعمل فى اتجاه منفصل عن الآخر، لإختلاف أهدافهما، وأن كلاهما ليس على إستعداد للمخاطرة بالحرب.. أمريكا تعتزم تشكيل تحالف دولي متعدد الجنسيات لحماية المرور بمضيقى هرمز وباب المندب!!، ومدخل المحيط الهندي عند خليج عمان.. بريطانيا من جانبها مستمرة فى تعزيز قواتها البحرية بالخليج، وفى قاعدتها بالبحرين، لتأمين حركة السفن التجارية بالمنطقة، وتسعى لإنشاء قوة حماية بحرية بقيادة اوروبية لضمان حرية الملاحة فى الخليج.

الخلاف السابق كانت له إنعكاسات سياسية؛ ايران سعت لإستكمال إجتماعات فيينا وفق معادلة «4+1» بعد إستبعاد الولايات المتحدة، وبريطانيا وافقت بهدف إنقاذ الإتفاق النووى.. الدول الأطراف في الإتفاق مع طهران «روسيا، الصين، بريطانيا، فرنسا، وألمانيا»، اتفقت فى فينا 28 يوليو، على عقد اجتماع على مستوى الوزراء، لبحث كيفية إنقاذ الاتفاق النووى، وتوافقت على أن رفع العقوبات عن إيران جزء أساسى فى الاتفاق، وهو مكسب كبير يعزز الموقف الإيرانى.

إنعكاسات التوتر

لجنة الحرب لسوق لندن للتأمين إعتبرت منطقة الخليج من المناطق عالية المخاطر، نتيجة لتكرار الحوادث والتهديدات مما يفسر إرتفاع أسعار الشحن ورسوم التأمين بمعدلات كبيرة،  إستمرار تصاعد التوتر فى الخليج يهدد بعودة شبح حرب الناقلات التى نشبت بين ايران والعراق 80/1988، واستهدفت فيها 546 سفينة تجارية، منها 259 ناقلة نفط عملاقة، وقتل قرابة 430 بحارًا مدنيًا، خلال هذه الفترة.. وإبان هجمات القراصنة الصوماليين، تم إتباع نظام المرافقة الأمنية للسفن التجارية والناقلات، لكن هذا النظام لم يعد مناسباً حالياً، فكثافة مرور الناقلات بالخليج تضاعف عدة مرات، وصار الأمر فى حاجة لإعادة تنظيم وتنسيق بين الدول المستفيدة، لتبادل المعلومات والإخطار المسبق عن السفن، وتنظيم قوافل العبور، أما التهديد بعودة حرب الناقلات فإن الأوضاع الدولية والإقليمية لم تعد تحتمل حرباً مماثلة فى المدة، والتطور فى الأسلحة بات لايضمن عدم وصول التصعيد الى مرحلة الحرب الشاملة.. مما يعنى ان الجميع يضغط، لكنهم حريصون على تجنب الحرب.

***

إحتواء الموقف بالدبلوماسية الهادئة، هو السبيل الوحيد للحد من الخسائر الفادحة للتصعيد.. والى ان يتم ذلك، فإن على دول الخليج الإعتماد على مسارات بديلة لنقل النفط، وهى متاحة بالفعل.. خط أنابيب بقيق/ينبع السعودى «بترولاين» يمكنه نقل نحو 5 ملايين برميل/يوم.. خط أنابيب حبشان/الفجيرة بالإمارات سعتة 1.8 مليون برميل/يوم.. خط أنابيب العراق/تركيا ويربط شمال العراق بميناء جيهان التركى على البحر المتوسط.. خط سوميد ويمتد من العين السخنة على خليج السويس إلى سيدي كرير على ساحل المتوسط غرب الإسكندرية.. هذه المسارات تؤمن عمليات نقل النفط حتى تتم تسوية أزمة، إعتاد أطرافها «إيران من ناحية، وأمريكا وبريطانيا من ناحية أخرى» تقسيم الأدوار والمصالح لعقود طويلة، وهى حقيقة تقلل من توقعات الحرب فيما بينهم.. هى لعبة عض الأصابع، لتحسين شروط التفاوض، وإعادة تقسيم الأدوار والمكاسب، وفقاً لتوازنات جديدة للقوى، وبالطبع على حساب دول المنطقة.

 
تعليق واحد

Posted by في 2019/08/05 بوصة غير مصنف

 

لغز إنسحاب ميليشيات مصراتة من معركة طرابلس

b95bcaa1c54628b3633741c9a7e7215e_XL (1)

المرحلة الجديدة من عملية طرابلس بدأها الجيش 22 يوليو الجارى، تركزت على محورين: عين زارة ووادى الربيع.. تستهدف إقتحام العاصمة.. حفتر إستبقها بتعيين قائد جديد لعمليات المنطقة الغربية.. تغيير دماء مطلوب، لمعالجة بعض أخطاء المرحلة السابقة.. ميليشيات السراج شنت هجوماً مضاداً مباغتاً، لإسترداد مطار طرابلس، الا انه لم ينجح، والزخم الأول لهجوم الجيش إستهدف السيطرة على معسكر اليرموك، لكنه لم يوفق.. لازالت الحرب سجال، والمعارك لم تدخل مرحلة العد التنازلى.
السراج أعلن عن مبادرة سياسية، تتضمن عقد ملتقى سياسى، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية قبيل نهاية العام، بعثة الأمم المتحدة بادرت بالترحيب، وخالد المشرى رئيس المجلس الأعلى للدولة ابلغ البعثة إدعاءات تتعلق بإعداد فرنسا ومصر والإمارات خطة سرية للهجوم على طرابلس!!، لحسم المعركة، بإستخدام الطائرات والأسلحة النوعية!!.. محاولة إستباق من جانب حكومة الوفاق، بطرح تبريرات مسبقة حال خسارة المعركة، يتم التمهيد لها سلفاً، كأساس لحملة دولية سياسية مضادة، مايعكس إدراكها لإقتراب الهزيمة أمام الجيش الوطنى.. فما هو سبب ذلك الشعور؟
بمجرد بدء عملية طرابلس 4 ابريل 2019، دفعت مصراتة بتعزيزات عسكرية ضخمة لدعم ميليشيات العاصمة، فى مواجهة سعى الجيش لتحريرها من التنظيمات المسلحة والجماعات الإرهابية، الحرب بالنسبة للميليشيات ليست مقدسة، بل مقابل المنحة التى وزعها السراج بقرابة 2 مليار و484 مليون دينار، فازت منها مصراتة بنصيب الأسد، ثم فاجأت الجميع، بسحب تشوينات أسلحتها، ومغادرة معظم مقاتليها محاور القتال.. تطور إستراتيجى بالغ الأهمية، ينعكس على مسار العمليات، ومستقبل الحرب، ما يفرض التناول.
مصراتة معروفة بخصومتها مع الجيش، منذ تواطؤها مع الناتو لقتل القذافى، والسيطرة على مخازن الجيش، دعمت الفصائل الإرهابية التى حاولت التصدى لعملية تطهير بنغازى والمنطقة الشرقية منتصف 2014، وإستغلت إنشغال الجيش لتكسب معركة «فجر ليبيا» نهاية 2014، وتحتل العاصمة، وتعيد المؤتمر الوطني العام «الإخوانى» للواجهة، وتشكل حكومة موالية.. شكلت «قوة البنيان المرصوص» وحررت سرت من «داعش» 2016 بدعم الطيران الأمريكى.. إشكالية الأزمة الراهنة إذن لاتكمن فى ميليشيات طرابلس، فهى مجرد عصابات مسلحة إجرامية تتولى حماية السراج، ومنشآت العاصمة بالمقابل المادى، وتمارس البلطجة والإرهاب، بمجرد توقف التمويل ينفرط عقدها، ويسهل القضاء عليها.. المشكلة الحقيقية تتمثل فى أن ميليشيات مصراتة تثير الحزازات الجهوية والقبائلية، وتهدد بتفجير حرب أهلية، تنتهى بتكريس التقسيم، وإستحالة عودة الوطن الموحد.. مما يفسر عقد عدة لقاءات بينهم وبين الجيش بوساطة مصرية فى القاهرة، لتجنب ذلك.
ميليشيات مصراتة بدأت تخفف من تواجدها بطرابلس منذ منتصف يونيو، بعد توجه عدد من كتائب الجيش للتمركز فى راس لانوف.. ما خشيت معه ان يكون ذلك مقدمة للقفز على سرت، المحطة الأخيرة التى تفصلها عن مصراتة أقل من 250 كم، يمكن قطعها سريعاً بإستخدام الطريق الساحلى.. إنسحاب مليشيات مصراتة من طرابلس بدأ فعلياً عقب ثلاثة أيام من القتال المتواصل مع الجيش، تعرضت خلاله لقصف جوى كثيف، بصورة أكدت إستحالة صمودها طويلاً.. خاصة بعد أن فقدت الأمل فى أن يؤدى الدعم التركى، الى ترجيح كفتها، فالجيش نجح فى إمتصاص زخم الدعم، رغم خسارة بعض الأراضى المحررة، لكنه تمكن من الإحتفاظ بـ«طوق طرابلس»، وإستنزف الميليشيات، وقام بتصقية العديد من قياداتها.. تدمير غرفة العمليات العسكرية للمستشارين الأتراك بقاعدة معيتيقة الجوية، أدى الى إنهيار معنويات ميليشيات مصراتة.. عرضت على قيادة الجيش فى 9 يوليو الإنسحاب من العاصمة وتسليم أسلحتها، والعودة إلى مصراتة، شريطة بقاء قوة مسلحة بقوام لواء لحماية المدينة!!، وعدم ملاحقة أى فرد، والتعهد بعدم اقتحام الجيش لبلدتهم.. شيوخ القبائل والأعيان والحكماء توسطوا، لكن الجيش إشترط الإنسحاب الكامل، وتسليم كل الأسلحة المتوسطة والثقيلة، وكل من ارتكب جرائم ومطلوب من المدعى العام والنيابة، وأكد ان تأمين طرابلس مسئولية الشرطة والأمن العام.. موقف حاسم، إنسحبت ميليشيات مصراتة على أثره، دون قيد أو شرط.. فما هى الأسباب والمبررات؟!.
السبب الأول: إعتماد الميليشيات خلال حرب طرابلس على كثافة النيران، لتعويض نقص الخبرة مقارنة بالجيش، ماأوقع بها خسائر فادحة، وصلت لأكثر من 1500 قتيل، بخلاف المصابين والمفقودين والأسرى، وخسائر الأسلحة والذخائر والآليات، و7 طائرات حربية واستطلاع، مما أدى لتذمر عائلات الضحايا، واحتجاجهم على الإستمرار فى الحرب.. الثانى: إنشقاقها الكتيبة 185 التابعة للسراج بطرابلس، وانضمامها للجيش بكامل أسلحتها، ومع بوادر التراجع فى الموقف العسكرى للميليشيات، صار كل قادتهم يخشون تكرار الإنشقاقات، وإنفراط عقد تماسك مقاتليهم القائم على المصلحة.. الثالث: تفاقم التنافسات والخلافات بين ميليشيات مصراتة بقيادة صلاح بادى، وميليشيات طرابلس، بزعامة هيثم التاجورى، حتى أن مقاتليه صاروا ينسحبون من محاور القتال التي يتواجد فيها مقاتلى مصراتة!!، وكذا إنتشار الشعارات المناهضة لتواجدهم فى كل أحياء العاصمة، هذه الخلافات أكدت ان التنافسات بينهم على السلطة والنفوذ والمصالح المادية أقوى من التحالف ضد الجيش.. الرابع: ان ميليشيات مصراتة تعبر عن إخوان ليبيا، وهى تخشى من أنها وهى تحارب معركة السراج فى طرابلس، ان يقدم هو على عقد تسوية مع الجيش، تطيح بها من المشهد، على غرار ماسبق الإتفاق عليه فى لقاءه مع حفتر بأبوظبى فبراير الماضى، بشأن دخول الجيش الى العاصمة، لكن الإخوان نجحوا فى إسقاطه، ما أشعل معركة طرابلس.
إنسحاب ميليشيات مصراتة من معركة طرابلس تزامن مع مؤشرات خلاف بين السراج وتيار الاسلام السياسى الذى يهيمن على الحكومة ومجلس الدولة، عبرت عنه إنتقادات عبدالرحمن الشاطر عضو المجلس لسوء معالجة السراج لتطورات الموقف سياسياً ودبلوماسياً، خاصة مايتعلق بقصور التعامل مع أزمة صواريخ جافلين الفرنسية بغريان.. كما تزامن مع دعوة حسين بن عطية عميد بلدية تاجوراء فى 16 بوليو، لأعيان وحكماء ونشطاء المجتمع المدني بالمنطقة الغربية الى إجتماع لبحث فصل الحكومة عن المجلس الرئاسى، والإطاحة ببعض المناصب الحساسة، وذلك فى مؤشر لقرب تهميش السراج، وتشكيل ما يطلق عليه «حكومة حرب» أو «حكومة ميليشيات».
فى الوقت الذى تجرى فيه هذه التطورات، أبدى قرابة 70 نائب من مجلس النواب الليبى الذين إجتمعوا بالقاهرة إستعداداً لتشكيل حكومة وحدة وطنية.. فارق كبير بين من يعدون لبدء مرحلة جديدة من تصعيد المواجهات، ومن ينشدون الوحدة الوطنية، والإستعداد لما بعد إنتهاء الحرب، وإستعادة الأمن.

 
تعليق واحد

Posted by في 2019/07/29 بوصة غير مصنف

 

حول حل «الحشد الشعبي» في العراق

IMG14120984

رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدى قرر إغلاق مقار الميليشيات المسلحة، داخل المدن وخارجها. وخيَّرهم بين الاندماج داخل الجيش، والخضوع للقيادة العامة، وقطع صلتهم بأي تنظيم سياسي، أو التحول لتنظيمات سياسية، تخضع لقانون الأحزاب، يحظر عليها حمل السلاح.
الميليشيات ردت بقصف مكثف بصواريخ الكاتيوشا للقصور الرئاسية بالموصل!

«الحشد» شكَّلَه المالكي منتصف 2014، بحجة تعبئة الجماهير للتصدي للغزو الداعشي، لكنه استهدف تشكيل قوة شيعية مسلحة، مثل الحرس الثوري.. توسعت بعد فتوى السيستانى، المرجع الشيعي الأعلى بالنجف، بوجوب «الجهاد الكفائي»، إلى 30 فصيلا، تضم 125.000 متطوع، بعضها مخلص؛ يؤدى خدمات الشرطة بالمناطق النائية. والآخر فاسد، يبتز المواطنين، وينتهك حقوق الإنسان، ما أشاع القلق لدى الطوائف الأخرى.

البعض رجح حصول المهدى على موافقة طهران المسبقة، لكن ردود الفعل الشيعية نفت ذلك. بعض زعماء الفصائل التزاموا بالقرار، مثل مقتدى الصدر، قائد «سرايا السلام»، وقيس الخزعلي، قائد «عصائب أهل الحق». والموالون لإيران «60.000 مقاتل» أعلنوا التحدي، بلوحات إعلانية بالعاصمة «الحشد عراقي.. الحشد باقي».

الصراع حاد في العراق بين أمريكا وإيران.. عقب إدراج واشنطن الحرس الثوري بلوائح الإرهاب، تقدمت الفصائل الموالية لطهران بمشروع قرار، صوت عليه البرلمان في مارس 2018، طالب الحكومة بوضع جدول زمنى لانسحاب القوات الأجنبية.. وخامنئي، المرشد الأعلى، حث المهدى على المسارعة بسحبها.. في المقابل بومبيو، وزير خارجية أمريكا قابل المهدى ببغداد في مايو، طلب وقف التبادل التجاري والمالي مع إيران، وحل «الحشد»، وحذر من نية الأخير استهداف المصالح الأمريكية.. تم تشديد الإجراءات الأمنية، وبدأت أعمال توسعة وتأمين قواعد «الحبانية»، و«عين الأسد»، و«سبايكر».. والخارجية الأمريكية سحبت موظفيها غير الأساسيين من السفارة ببغداد والقنصلية بأربيل.

العراق بين شقى رحى؛ في حاجة للبضائع والسلع وإمدادات الكهرباء والغاز من إيران، والأسلحة الحديثة وقطع الغيار من أمريكا، ولا يستغنى عن وجودها العسكري «7000 جندى»، الذى لعب دورا محوريا في حرب التحرير، ودورا أهم في إحداث توازن سياسي، يحول دون ابتلاع طهران لبغداد.

قرار الحشد صدر في تلك الظروف، المهدى يدرك أن الأوضاع لا تسمح برفض الطلب، كما لا تسمح بتنفيذه!، مجرد صدور القرار يحقق التوازن بين إرضاء أمريكا، وعدم إغضاب إيران.
***
قرار الحشد صدر لرفع الحرج عن الحكومة جراء تجاوزاته التي وصلت إلى حد دفع تشكيلات للحدود السورية تمركزت بالمواقع الاستراتيجية، المطلة على القوات الأمريكية، وعلى طرق تسمح بالتواصل البرى بين إيران وميليشياتها بسوريا.. دون التنسيق مع الدولة!

الجيش تدخل، وأجبره على الانسحاب، تولى تأمين المنطقة، وقام بتسليح أبناء 50 قرية عربية نائية غرب الموصل، للتصدي لهجمات بقايا «داعش» المفاجئة.

الأحداث تداعت مؤخرًا بشكل درامي.. قصف السفارة الأمريكية.. اقتحام السفارة البحرينية.. استهداف مواقع عمل شركات النفط الأمريكية بالجنوب، قصف قاعدة «بلد الجوية»، ومعسكر التاجي، التابع للجيش شمال العاصمة، حيث يتواجد مستشارون عسكريون أمريكيون.. وتم إحباط محاولة «الحشد» استهداف القوات الأمريكية باستخدام طائرات مسيرة.. وبدا بوضوح توظيف إيران له في مهام ضد واشنطن، على نحو اعتداءات الحوثيين ضد السعودية، ما أصاب الحكومة بالحرج، وطرح التساؤلات حول قدرتها على السيطرة على الأوضاع بالبلاد، لأن «الحشد» يخضع لقرار البرلمان في نوفمبر 2016، باعتباره ضمن المنظومة العسكرية للدولة، ويتلقى تمويلاً من ميزانيتها.
***
القرار واحد من أهم وأخطر ما تم اتخاذه في العراق خلال السنوات الأخيرة، لكن ذلك لا يعني قابليته للتنفيذ.
حيدر العبادي، رئيس الوزراء السابق، أصدر قرارا مماثلا مارس 2018، قضى بإدماج «الحشد» ضمن هيكلية مؤسسات الدولة. الفصائل اعتبرته اعترافا من الدولة، واستفادت مما كفله من تمويل، وتأمين صحي وتعويضات لعناصرها وضحايا عملياتها، لكنها رفضت الخضوع لسلطة وزارتي الدفاع والداخلية، وظلت دولة داخل الدولة، وامتد نفوذها السياسي إلى السيطرة على سُدس مقاعد البرلمان، وأصبحت قادرة على دفع وزراء للحكومة، والتدخل في عقود الأعمال العامة، وممارسة دورها كقوة ضغط لصالح إيران.

إشكالية «الحشد» من أخطر التحديات التي يواجهها العراق في تاريخه المعاصر.. ولد مع الغزو الداعشي، وتضخم وتمدد ليحل محله، ضمن مخطط إيراني لابتلاع المنطقة.. قرار المهدى بداية جيدة، يدعمها رفض شعبي لتجاوزات «الحشد» ضد المدنيين، وفساده، ويعززها توصية لجنة تقصي الحقائق التي شكلها البرلمان فبراير الماضي، بسحب تشكيلاته من الموصل وباقي مدن محافظة نينوي، وتسليم الجيش ملفها الأمني.. الفصائل الشيعية التي دعمت القرار توفر مبررا وطنيا يسمح للدولة بفرضه، لكن إيران لن تفرط بسهولة في مرتكز نفوذها الرئيسي بالعراق.

معيار نجاح الحكومة في تنفيذ القرار من عدمه سيتضح من خلال طبيعة الإجراءات التنفيذية.. الحل الأمثل لسرعة إذابة «الحشد» داخل الجيش هو إعادة تجنيد متطوعيه كأفراد.. أما إذا تم ضمهم ككيانات موحدة داخل تشكيلات الجيش، فإن ذلك يحمل مخاطر جمة، تتعلق بازدواجية ولاء الفصائل للدولة العراقية، ولولاية الفقيه.. والأخطر إذا ما تم منح منصب رئيس هيئة «الحشد» وضعا سياديا، أسوة بوزيري الدفاع والداخلية، في هذه الحالة سيصبح «الحشد» حصان طروادة الذي سيمكن طهران من تفكيك الجيش العراقي.

تتبع عمليات الأيام الماضية يؤكد أن الكيان الخاص للحشد لا يزال قائماً؛ تشكيلاته قامت بتطهير 12 قرية شمال بغداد، مسنودة بغطاء جوى من طيران الجيش والقوة الجوية ضمن عملية «إرادة النصر».. فرقة العباس التابعة للواء الحشد 26 تولت حماية طريق عرعر الحدودي، لتأمين سفر الحجاج إلى مكة.

طائرة مسيرة مجهولة المصدر قصفت معسكرًا تابعًا لكتائب حزب الله، ضمن قوات الحشد جنوب كركوك.. مديرية الإعلام التابعة له هاجمت العبادي، بسبب حديثه عن مخالفات الحشد خلال رئاسته الوزراء.. يبدو أن الأمر حتى الآن لم يتجاوز عملية التنسيق، ومن المبكر الحكم على مدى فعالية القرار في دمج الحشد بالجيش.
***

إشكالية الحشد الشعبي تمتد لتشمل الحشد العشائري، الذي شمله القرار، وكذا البشمركة الكردية التي لم ينص عليها! رغم أنها تمارس صلاحيات الجيش بالمناطق الكردية، وترفض الخضوع لسلطة بغداد، وتقوم بعقد اتفاقات تدريب وتسليح مع دول أجنبية.

معركة تحرير الأرض من داعش كانت تحديًا كبيرًا.. لكن مرحلة استرجاع سلطة الدولة على كل أراضيها هو التحدي الأكبر الذي نأمل نجاح السلطات العراقية في مواجهته.

 
تعليق واحد

Posted by في 2019/07/29 بوصة غير مصنف

 

هل وصل «أبوبكر البغدادى» الى ليبيا؟!

ابوبكر البغدادى

أجهزة المخابرات الدولية فقدت أثر البغدادى في سوريا منذ فبراير 2019، عندما فر من آخر جيوب التنظيم ببلدة الباغوز، بعد تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل بعض معاونيه.. الفيديو الذى تم تسريبه بعنوان «فى ضيافة أمير المؤمنين» 29 ابريل، يؤكد أنه كان لا يزال موجودًا بالمناطق الصحراوية على الحدود السورية/العراقية، مرافقوه الثلاثة كانوا يرتدون نوعاً من الشماغ «غترة الرأس» التى تستخدم بتلك المناطق، والتسجيل تم داخل «مجلس عربى» مصنوع من القماش، على النمط المعروف بنفس المنطقة.

«ديلي إكسبريس» البريطانية ذكرت «12 مايو» ان الطائرات البريطانية والإيطالية والأمريكية، تنفذ طلعات جوية فوق ليبيا على مدار الساعة، بحثًا عن البغدادى، مشيرة الى رصد مكافاة «25 مليون دولار» لمن يقتله أو يحتجزه.. الربط بين الفيديو ومانشرته الصحيفة يرجح أن البغدادى قد إنتقل الى ليبيا خلال الفترة الواقعة بين تسجيل الحديث فى ابريل ونشر الخبر، وهى فترة قصيرة لاتتجاوز أسبوعين، لذا لاتسمح بالإنتقال عبر محطات وسيطة، خاصة فى ضوء حساسية وضع البغدادى، مما يؤكد نقله مباشرة الى ليبيا.. ومما يعزز ذلك، انه وجه رسالة إلى من وصفهم بأنصاره فى غرب أفريقيا، متوعدا بنقل المعركة إلى منطقة الساحل، التي تعتبر ليبيا قاعدة إمداد رئيسية لها، وإشادته بجماعة «أبو الوليد الصحراوى» فى ليبيا، الذى إختاره مسئولا عن التنظيم بأفريقيا، وتأسيسه لولاية جديدة بأفريقيا الوسطى، وقبوله مبايعة مجموعات فى بوركينافاسو ومالى.. كل الشواهد تؤكد إنتقال البغدادى الى ليبيا، لإتخاذها قاعدة انطلاق لأنشطة مشروع التنظيم بالمنطقة، ومن المرجح أنه يتنقل بمنطقة الهروج أقصى الجنوب، حيث تهيمن الجماعات المتطرفة، ويسود الإختلال الأمنى.

مصادر الجيش الليبى، رجحت وصول البغدادى الى ليبيا، طمعاً فى الإستفادة من البيئة الحاضنة للميليشيات وخلايا الإخوان.. تونس أعلنت الاستنفار الأمنى، ونسقت مع الجزائر لإرسال تعزيزات عسكرية لتأمين حدودهما مع ليبيا، ومنع تسلل الإرهابيين.. الغريب ان السراج، المحاصر بين مقر الحكومة فى العاصمة والسفينة التى يقيم فيها بميناء طرابلس، والذى لايمتلك اجهزة معلومات، هو الوحيد الذى نفى بحماس وصول البغدادى لليبيا، وتم الترويج بأن تلك شائعات روجتها فرنسا، لإثارة قلق تونس، حتى تغلق حدودها، لمنع تسرب العناصر الإرهابية، مما يضاعف من تذمر الليبيين، وبالتالى إسقاط نظام السراج.. والحقيقة ان نفى السراج يرجع الى إستفادته من هجمات التنظيم ضد الجيش الوطنى، التى تضاعفت منذ بدء عملية طرابلس 4 ابريل الماضى، تخفيفاً للضغط عن الميليشيات، ودعما لها.

غسان سلامة المبعوث الأممى، قدم إحاطة إلى مجلس الأمن «21 مايو» فى الجلسة المغلقة التى أعقبت الجلسة المفتوحة، بأن هناك معلومات استخباراتية تفيد باستعانة أحد طرفى القتال بمجموعات إرهابية من مدينة إدلب السورية، قاصداً بذلك حكومة السراج.. الرئيس بوتين ألمح إلى تركيا خلال زيارته الى روما «5 يوليو» عندما حذر من عمليات نقل تجرى لمجموعات إرهابية من إدلب في سوريا إلى ليبيا، وذلك قبل لقاء أردوغان والسراج بيوم واحد، ثم كرر تحذيره من خطورة تدفق هؤلاء المسلحين على الأوضاع فى ليبيا ودول المنطقة.. تقارير المخابرات الغربية تشير صراحة إلى ضلوع تركيا في تهريب البغدادى لليبيا.. لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب بطبرق قدمت معلومات موثقة للجنة الرباعية الدولية الخاصة بليبيا تؤكد قيام تركيا بنقل إرهابيين ينتمون لـ«جبهة النصرة» الإرهابية من مدينة إدلب السورية الى ليبيا لدعم ميليشيات السراج.

تسجيل الفيديو الذى نشره داعش لعشرات الإرهابيين يستقلون سيارات مدججة بالسلاح، وهم يبايعون البغدادى بمنطقة صحراوية يعتقد أنها جنوب ليبيا، ويتوعدون قوات الجيش الوطنى بقيادة خليفة حفتر، هذا التسجيل يؤكد كل ماتقدم من حقائق، فالمبايعون قادمون جدد، وهم لاينتمون الى داعش والا لكانت بيعتهم السابقة قائمة، وحضورهم الى ليبيا يتم ضمن مهام عديدة، على رأسها مواجهة الجيش الليبى، دعماً للميليشيات، وإشاعة للفوضى، وإفساحاً للميدان لتمديد نفوذ التنظيم، بحيث يسيطر على منطقة الصحراء الكبرى، بتضاريسها الوعرة، واتساع رقعتها «تسع ملايين كم2»، وحدودها الطويلة التى تعتبر مدخلاً لعدد من بلدان شمال وغرب القارة الأفريقية.

والحقيقة ان تركيا لم تكتف بتقديم الدعم العسكرى والفنى والمخابراتى لميليشيات طرابلس ومصراتة، بل قامت بالدور الرئيسى فى نقل مجموعات الإرهابيين من «إدلب» إلى ليبيا، لنشر الفوضى، لعرقلة محاولات فرض الإستقرار التى يقوم بها الجيش الوطنى، وفى نفس الوقت التخلص منهم وفاءً بإلتزاماتها المتعلقة بتخفيف التوتر بمحافظة ادلب السورية.. عمليات نقل البغدادى والإرهابيين الى ليبيا تمت من خلال أحد بديلين:

الأول: بمعرفة شركة طيران «الأجنحة الليبية» التى تقوم برحلات منتظمة من إسطنبول الى كل من طرابلس والدوحة، والتى يملكها عبدالحكيم بلحاج الإرهابى الليبى المطلوب دولياً، بإعتباره كان أميراً للجماعة الليبية المقاتلة المرتبطة بتنظيم القاعدة، والذى قام بنهب أموال الدولة خلال فوضى 2011، وتهريبها الى تركيا، وغسيلها بإنشاء شركة طيران وقناة فضائية، لدعم أنشطة المتطرفين فى ليبيا وشمال أفريقيا، ولعل ذلك يفسر اسباب حرص سلطات طرابلس على إستمرار تشغيل مطار معيتيقة حتى الآن، رغم كل مايتعرض له من غارات، حيث ان جزءاً كبيراً من الدعم الذى تقدمه تركيا للسراج، سواء بالعناصر الإرهابية المقاتلة، أو بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، يأتى عن طريقه.

الثانى: ماكشفه العقيد أبوبكر البدرى أحد ضباط العمليات في البحرية الليبية بتاريخ 20 مايو 2019، من أن الباخرة التركية «أمازون» التي نقلت شحنة الأسلحة التركية الى ميناء طرابلس وتسلمتها الميليشيات قبل ذلك التاريخ بأيام قليلة، كانت تحمل أعداداً كبيرة من الإرهابيين، بعضهم ينتمى لتنظيم «داعش»، وأغلب الظن أن البغدادى كان على متنها، للإبتعاد عن الرقابة الأمنية المتعددة للنقل الجوى.

معركة طرابلس ذات تأثير محورى على مستقبل الأوضاع بشمال أفريقيا ودول الساحل والصحراء، الجيش الليبى تمكن من تطهير الجنوب، لكن الدعم التركى، بالأسلحة والإرهابيين، أثَّر على معدلات تقدم القوات، فخفت قبضته على الجنوب.. أمريكا وروسيا ومعظم الدول الأوروبية باتوا على قناعة بأهمية إنتصار الجيش، لإعادة تطهير الجنوب، وإغلاق أبواب الهجرة والإرهاب المفتوحين على أوروبا.. إيطاليا وبريطانيا يدعمان السراج، الأولى لأن انتصاره سيعيد أمجادها كدولة مُستعمِرة، والثانية لأن السراج هو الأمل فى بقاء مشروع الإخوان قائماً بالمنطقة.. مُغفلين مخاطر مشروع البغدادى.. مايفرض الدعاء بالنصر للجيش الوطنى الليبى.

 
تعليق واحد

Posted by في 2019/07/19 بوصة غير مصنف

 

إخوان تونس، والمؤامرة على الرئيس السبسى

اخوان تونس

الرئيس التونسى الباجى قايد السبسى «92 عاما»، تعرض لـ«وعكة صحية حادة» استوجبت نقله إلى المستشفى العسكرى 27 يونيو، وسط شكوك متعلقة بظروف حدوثها.. الدكتور سليم الرياحى الطبيب بالمستشفى، ورئيس حزب «الاتحاد الوطني الحر»، أعلن أنه تعرض للتسمم، ورغم نفى الناطقة الرسمية للرئاسة، الا انه لم يخرج تقرير طبى يفسر أسبابها.. وماتزامن معها من أحداث دفع البرلمان الى فتح تحقيق فى «شبهة محاولة انقلاب»!!.

الترويج لوفاة السبسى
بمجرد إنتقال السبسى للمستشفى بادر قرابة 100 موقع على وسائل التواصل الاجتماعى بالترويج لوفاته، وسعى نواب حركة النهضة «إخوان تونس» فى البرلمان الى تأكيدها، محاولين تمرير بند «الشغور الرئاسى»، وعقدت كتلتهم البرلمانية إجتماعاً للبحث عن مخرج قانونى لسحب الثقة من «محمد الناصر» رئيس مجلس النواب الحالى، بحجة معاناته من بعض الأمراض التى تحد من نشاطه، ومحاولة تعيين نائبه الإخوانى عبد الفتاح مورو «نائب رئيس الحركة»، توطئة ليكون هو الرئيس المؤقت للبلاد حال غياب السبسى.

الدستور التونسى يقضى بتفويض سلطات رئيس الجمهورية الى رئيس الحكومة فى حالة العجز المؤقت للرئيس الذى يتراوح «بين 30 و60 يوماً»، أما إذا تجاوز شغور المنصب تلك المدة، بإستقالة الرئيس، أو وفاته، أو عجزه الدائم أو المؤقت، فقد خول الدستور للمحكمة الدستورية صلاحية تقدير مدى عجز الرئيس عن أداء مهامه، وطبيعة هذا العجز، مؤقت أو دائم، وتقوم بالتالى بإعلان شغور المنصب، ليتولى رئيس مجلس النواب «محمد الناصر» المنصب لمدة لاتقل عن 45 يوماً، ولا تزيد عن 90 يوما، يحظر عليه خلالها المبادرة باقتراح تعديل الدستور، كما يمتنع عن اللجوء إلى الاستفتاء أو حل مجلس نواب الشعب.

إشكالية المحكمة الدستورية
المشكلة ان تونس حالياً بلا محكمة دستورية، ولم يحدد الدستور جهة بديلة تتولى صلاحياتها.. خلافات السياسيين حالت دون تشكيل المحكمة، الدستور التونسى يقضى بتشكيلها من 12 عضواً، أربعة ينتخبهم البرلمان، أربعة يعينهم المجلس الأعلى للقضاء، أربعة يعينهم رئيس الجمهورية، هذا الملف تم تجميده منذ ثلاث سنوات، بسبب نجاح حركة النهضة فى عرقلة مهمة البرلمان فى انتخاب الحصة الممنوحة له، بالغياب عن الجلسات، على غير عادتهم.. بمجرد دخول السبسى المستشفى، دعت النهضة الى تعديل القانون، بما يسمح لـ«هيئة مراقبة دستورية مشاريع القوانين»، بتولى مهام المحكمة الدستورية، فى مناورة سياسية جديدة لتعطيل تشكيل المحكمة، وتجريد الرئيس من صلاحياته بشأنها.

العمليات الأرهابية
تأكدت المؤامرة عندما تزامنت وعكة الرئيس مع وقوع عمليتين إرهابيتين نفذتهما داعش يوم 27 يونيو، بتفجيرين انتحاريين بالعاصمة، الأول إستهدف سيارة شرطة بشارع شارل ديجول، والثانى بالقرب من مدخل مقر الوحدة المختصة بمكافحة الإرهاب فى القرجانى، وأسفر التفجيرين عن مقتل شرطى وإصابة اثنى عشر، أعقبتهما عملية إرهابية ثالثة وقعت فى حى الإنطلاقة بالعاصمة أيضاً يوم 2 يوليو، عندما فجّر الإرهابى المطلوب أيمن السميرى نفسه، بحزام ناسف، بعدما حاصرته الشرطة للقبض عليه، بعد أن أكدت التحريات أنه «العقل المدبر» للهجومين الانتحاريين اللذين استهدفا قوات الأمن.. بعدها عثرت الشرطة على عشرة كيلوجرامات من المتفجرات مخبأة داخل ساحة مسجد الغفران بحي الانطلاقة غربn العاصمة، كانت معدة لتنفيذ عمليات أخرى.

دوافع المؤامرة
دوافع المؤامرة تتضح عند رصد ردود فعل الإخوان لتعديلات البرلمان على قانون الانتخابات التى تم إقرارها يوم 16 يونيو الماضى، أى قبل عشرة أيام من وعكة الرئيس والعمليات الإرهابية.. التعديل يقضى بإستبعاد المرشح فى الإنتخابات، حال عدم حصول حزبه او القائمة الإنتخابية التى يمثلها على 3% من إجمالى الأصوات، كما يتم إستبعاد كل من ثبت إستفادته من أى جمعية أو قناة تلفزيونية فى الدعاية السياسية، أو كل من مجّد الدكتاتورية، أو صدر عنه خطاب يدعو الى الكراهية أو العنف.. ورغم مساندة نواب حركة النهضة للقانون، الا انه اثار رفض قواعد الإخوان، لأنه سيؤدى الى إستبعاد العديد من المرشحين الأقوياء، سواء فى الإنتخابات الرئاسية او فى البرلمانية، كما أنه يعطى للأجهزة السيادية صلاحيات التدخل، بناء على ملفات المرشحين، وماهو مسجل لديها بشأنهم، لإستبعادهم بمبررات قانونية، كما اثار القانون رفض ممثلى الأحزاب الصغيرة، التى استشعرت انه يعوق وصولها للبرلمان، ويسمح بزيادة تغول الأحزاب الكبيرة عليها.

التعامل مع الأزمة
مجلس نواب الشعب عقد اجتماع طارئ لرؤساء الكتل النيابية، للتداول بشأن الوضع الصحى للرئيس السبسى، والتدهور الأمنى بالعاصمة، وسط مخاوف من حدوث فراغ دستورى، قبل موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة أواخر العام الجارى، وتم تنفيذ عدة إجراءات أهمها رفع درجة التأهب الأمنى للدرجة القصوى بين قوات الأمن التونسية.. إتخاذ إجراءات وقائية مشددة بمطار قرطاج الدولى.. التنسيق بين الوحدات الأمنية والسلطات الجهوية بولايتي أريانة وتونس، لتفعيل العمليات الأمنية الاستباقية، بالاعتماد على المعطيات الاستخباراتية المتوفرة بشأن التحركات المشبوهة للعناصر الإرهابية.. والإسراع بتدشين غرفة عمليات منظومة المراقبة الإلكترونية للحدود التونسية مع ليبيا، بمحافظة قابس جنوب البلاد، التى تتجاوز 500 كم، ووضع خطة لدعم الترتيبات العسكرية والأمنية بالمنطقة.

وتضم منظومة المراقبة الإلكترونية تقنيات ذات مستوى عال من الجودة، مثل آلات التصوير الحرارى، القادرة على مراقبة تحركات الأشخاص والمركبات، ونقاط المراقبة الثابتة، التى تمتد من المعبر الحدودي فى رأس جدير شمالاً إلى المعبر الحدودي الذهيبة-وازن بالجنوب، وأخرى متحركة ومتنقلة بين الذهيبة وبرج الخضراء.. المرحلتين الأولى والثانية من منظومة المراقبة الإلكترونية للحدود، الممتدة من رأس جدير إلى بئر الزار، قامت الولايات المتحدة وألمانيا بتمويلها، وتبحث السلطات التونسية حالياً عن مصادر لتمويل إمتداد المشروع، من المنطقة الممتدة من بئر الزار إلى برج الخضراء أقصى جنوب البلاد.

السفارات الكبرى من جانبها إتخذت عدة إجراءات إحترازية؛ السفارة الأمريكية أغلقت أبوابها، وألغت احتفالات 4 يوليو، السفارتين البريطانية والكندية وكذا الدول الأوروبية، حذروا رعاياهم من زيارة المناطق المزدحمة والمرافق الحكومية وشبكات النقل والشركات التابعة للمصالح الغربية والمناطق التي يرتادها المواطنون الأجانب والسائحون، بما فى ذلك المواقع السياحية جنوب تونس، وقرب الحدود الليبية.
إندلاع أحداث طرابلس منذ 4 ابريل الماضى كان ولايزال مصدراً للقلق والمخاوف الشديدة فى تونس، مما يفسر سرعة إجتماع مجلس الأمن القومى التونسى يوم 6 ابريل، وقراره بتمديد حالة الطوارئ، ودعم التشكيلات العسكرية بالمعبرين الحدوديين مع ليبيا «راس جدير والذهيبة»، وتشديد المراقبة على الحدود الجنوبية الشرقية، باستخدام الوسائل الجوية ومنظومات المراقبة الإلكترونية، ووضع خطة طوارىء تتعلق بإحتمال نزوح أعداد كبيرة من اللاجئين الليبيين، فى حالة إتساع نطاق الحرب فى طرابلس، وذلك على غرار ماحدث عام 2011، دون إستبعاد إحتمال إندساس اعداد من الإرهابيين بينهم.

الخلافات داخل الحركة
أحاديث المؤامرة إستندت على حقيقة ان الإخوان يخوضون إنتخابات 2019 وهم فى حالة إنقسام كبير؛ القيادة الرسمية للحركة من الحمائم «الغنوشى، مورو..»، قيادة تبدو عصرية ومرنة، تبنت مبدأ «الفصل بين الدعوة والسياسة»، حولت الحركة الى حزب سياسى، لتنخرط فى إطار منظومة الدولة، تحالفت مع القوى العلمانية، لتؤكد تمسكها بالمدنية، وأعطت ظهرها للسلفيين، لتدفع عن نفسها فكرة التشدد، وإنحازت للوطنية التونسية لتبرر انفصالها عن التنظيم الدولى، ونبذ فكرة الأممية، وفى الجانب القيمى، رفضت تجريم المثلية الجنسية، حتى لاتتأخر عن مواكبة حقوق الإنسان بمضامينها الأوروبية!!.. قواعد الحركة فى المقابل بالغة التشدد، تتمسك بالربط بين الدين والسياسة، تحافظ على ثوابت الحركة، وتؤمن بإستعادة دولة الخلافة، حافظت على سرية ودور الجناح العسكرى، وسمحت له بالتنسيق مع التنظيمات الإرهابية، وطورت دور اللجان الإلكترونية، ليمثل إعلام الحركة، وسلاحها ضد منافسيها.. الإنشقاق داخل الحركة، يضعف من دورها، ويؤدى الى خوضها للتنافسات الإنتخابية وهى ليست فى أفضل حالاتها، مايفسر تآمرها على الرئيس، وضد الدولة التونسية.

الإنتخابات المقبلة
من المبكر الحديث عن الإنتخابات المقبلة، التشريعية والرئاسية، لكن المؤكد انها لن تتم على أساس برامج اجتماعية واقتصادية متنافسة، بل على قاعدة أيديولوجية، تدعمها قوى دولية وإقليمية، بعضها يدعم «النهضة»، والآخر يستهدف تهميشها، وسيتركز الجهد الرئيسى لأعداء الإخوان فى الحشد على قاعدة التخويف من التشدد والتطرف، وعلاقته بالإرهاب، وهى حقيقة ينبغى أن يعيها الجميع.

بمجرد تماثله للشفاء أصدر السبسى أمراً رئاسياً بدعوة الناخبين التونسيين للاقتراع في كل من الانتخابات البرلمانية يوم 6 أكتوبر والرئاسية فى 17 نوفمبر المقبلين، ليقضى على هاجس الفراغ الدستورى، الذى كان يقض مضجع الجميع، نتيجة التخوف من إحتمال غيابه المفاجىء، قبل تنظيم الإنتخابات، مايؤدى الى إشكاليات دستورية بالغة التعقيد.. رغم ذلك، فإن رفض السبسى خوض غمار الإنتخابات، نتيجة لضغط عامل السن، وإستيعاباً لدرس بوتفليقة، فإن ذلك فى النهاية، وبكل إيجابياته، يترك الساحة التونسية مفتوحة لكل الإحتمالات!!.

 
تعليق واحد

Posted by في 2019/07/19 بوصة غير مصنف

 

أردوغان وتركيا تحت حصار الأزمات

 

غلاف صباح الخير 7-8-2019

أردوغان يتعامل بعدوانية شديدة فى قضية إستكشافات الغاز شرق المتوسط، ومحاولات التمدد على حساب التراب الوطنى السورى، والعراقى، والتدخلات المباشرة لدعم الميليشيات ومحاولة دفع الإخوان للسلطة فى ليبيا.. حتى تعاملاته مع اوروبا وامريكا تتسم بالعصبية.. عدوانية اردوغان رد فعل للضغوط والهزائم التى يتعرض لها، نتيجة لسوء تقديره، مما وضع تركيا تحت حصار محكم.

أولاً: أزمة الـ«إس 400» والـ«إف 35»

تركيا تمسكت بصفقة نظام الدفاع الصاروخى «إس-400»، وإعتبرتها «مسألة منتهية»، لا تقبل المراجعة.. الولايات المتحدة أوقفت تدريب الطيارين الأتراك بقاعدة لوك الجوية بولاية أريزونا.. ومشروع الميزانية العسكرية تضمن فرض حظر كامل على توريد مقاتلات«F-35»  وملحقاتها لتركيا، حال تسلمها نظام الدفاع الجوى الروسى، رغم إستثمارها مليار و400 مليون دولار كشريكة فى المشروع، وكان مقدراً حصولها بمقتضاه على 116 طائرة.. تركيا حاولت إقناع واشنطن بأن المنظومة الروسية لن تؤثر على الطائرة، واقترحت تشكيل لجنة عمل لتقييم ذلك، لكن واشنطن رفضت، لتخوفها من كشف أسرار الأنظمة الخاصة بمقاتلة الجيل الخامس الأمريكية، ما سيجعلها ضعيفة أمام الدفاعات الروسية.. أمريكا قررت إستمرار العلاقة الاستراتيجية مع تركيا، ومواصلة التدريبات المشتركة لقوات الدولتين، وأبرزها مناورات «نسر الأناضول»، ولقاء ترامب أردوغان فى قمة العشرين بأوزاكا، فتح الباب لتفاهمات تتعلق بوقف تشغيل المنظومة، مقابل زيادة الصادرات التركية للسوق الأمريكى، ليرتفع التبادل التجارى من 75 مليار دولار الى 100 مليار.

ثانياً: التورط فى أدلب

محافظة أدلب السورية يجتمع فيها الإرهابيون من مختلف التنظيمات، تشترك فى الحدود مع لواء الأسكندرونة الذى تحتله تركيا، وتطل على اللاذقية حيث القواعد العسكرية الروسية، ومركز النشاط الإقتصادى، أختيرت كمنطقة خفض تصعيد، وأسندت مسئوليتها لتركيا، لإنشاء منطقة منزوعة السلاح على خط التماس بين المسلحين والجيش السورى، وفصل المعارضة السورية المسلحة القادرة على الاتفاق والمستعدة للانخراط في العملية السياسية، عن عناصر التنظيمات الإرهابية الذين يرفضون الإتفاق، لكن أنقرة لم تتمكن من ذلك، بل أتاحت لجبهة النصرة السيطرة على المحافظة، الـ12 نقطة مراقبة التى أنشاتها تركيا بالمحافظة أضحت أماكن آمنة، يتسلل الإرهابيون الى حرمها لقصف القوات السورية والقواعد الروسية، وعند الرد على مصدر النيران، تبدأ تركيا الشكوى والضجيج.

أدلب أصبحت مكانا لتضارب المصالح، بين الحكومة والمعارضة، بين المقاومة الكردية والجيش التركى، بين روسيا فى حربها ضد الإرهاب، وتركيا التى تدعمه.. تركيا فى حالة عداء مع فرنسا بسبب دعم باريس لـ«قوات سوريا الديمقراطية» ذات الغالبية الكردية.. المحافظة تشهد منذ 25 أبريل معارك بين الجيش السوري والفصائل المسلحة، أدت الى مقتل المئات، وفرار قرابة 300 ألف باتجاه الحدود التركية، الأمم المتحدة ترجح نزوح قرابة مليونى لاجئ حال إتساع نطاقها.. سوريا متمسكة بخروج كل القوات الأجنبية المتواجدة على أراضيها بصورة غير شرعية، والقضاء على التنظيمات الإرهابية فى ادلب، روسيا تدعم سوريا، وتدعوا لإلتزام الجميع بسيادتها ووحدة أراضيها.. والصدام أقرب من التفاهم.

ثالثاً: الأزمة مع العراق

تركيا كعادتها لاتحسن علاقة الجوار.. إطلقت عملية «المخلب» العسكرية شمال العراق، ضد مواقع منظمة «بي كا كا» التابعة لحزب العمال الكردستانى 27 مايو، لتبنيه دعاوى الإنفصال عن تركيا، وذلك أثناء وجود الرئيس العراقي برهم صالح فى أنقره، ما أوقعه فى حرج بالغ، ودعاه لتأكيد رفض العراق لأي عمل عسكري أحادي الجانب يتجاوز حدود بلاده.. تركيا مستمرة، وتعول على نتائج العملية، ما يفسر إشراف خلوصى أكار وزير الدفاع شخصيا على تنفيذها، القوات الخاصة التركية تقوم بعملية تمشيط دقيق لمنطقة «هاكورك» بجبال شمال العراق محافظة دهوك، لتصفية خلايا الحزب بشكل كامل.. العراق وسط أزماته الحادة، آثر الصمت، والرد بالتجاهل، فمشاكله أعقد من ان تحتمل إضافة المزيد.. لكن المستقبل لايحمل الكثير من الود لعلاقات حسن الجوار بين البلدين.

رابعاً: أزمة شرق المتوسط

أنقرة منذ مايو الماضى دفعت بالسفينة «الفاتح» و3 سفن مساندة لوجستية للبحث والتنقيب عن الغاز والنفط على بعد 80 كم غرب بافوس على السواحل الجنوبية الغربية لقبرص، وداخل منطقتها الإقتصادية الحرة.. بدأت الحفر العميق، دون أن تأبة بالمعارضة الأمريكية والأوروبية، ثم دفعت سفينة الحفر الثانية «ياووز» 20 يونيو، لتوسع الحفر فى نفس الحقل.. تركيا تبحث عن إنجاز سريع يسمح بفرض وجودها كأمر واقع على دول المنطقة.. قبرص هددت بإعتقال طواقم سفن التنقيب التركية، بإعتبارها تمارس أنشطة غير قانونية وتنتهك سيادتها، أردوغان توعد بالرد، وهدد بأن القوات البحرية والجوية سترد على أي تحرك ضد السفن التركية في المتوسط.. الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون دعا تركيا، للتوقف عن أنشطة التنقيب غير القانونية قبالة السواحل القبرصية، لكن أردوغان تطاول خروجاً على أدبيات التخاطب بين رؤساء الدول وتساءل مستنكراً «نحن لدينا سواحل مطلة على المنطقة، ولكن ماذا تفعل انت؟ ما هي صفتك؟ ليس لديك أي مبرر للوجود هناك».

قبرص واليونان أعضاء فى الإتحاد الأوروبى، لكن رد الفعل السياسى للإتحاد إتسم بالضعف منذ بداية الأزمة، حيث إكتفى ببيانات المناشدة والشجب، لكن الدولتان تسعيان لتطوير ذلك الموقف على نحو يعكس مساندة جدية لموقف قبرص فى مواجهة ماتتعرض له من إنتهاكات تركية لحقوقها.. المجلس الوزارى للاتحاد الأوروبى الذى عقد 18 يونيو كلف المفوضية الأوروبية ومفوضة السياسة الخارجية والأمن للاتحاد بصياغة إجراءات للرد على الأنشطة التركية بالمنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص.. وتركيا رفضت البيان الصادر عن القمة السادسة لدول جنوب أوروبا في مالطا، بشأن بحر إيجه وشرق المتوسط وقبرص.

خامساً: الأزمة الإقتصادية

التدخلات الخارجية التركية خاصة فى سوريا والعراق وليبيا، والحرب ضد حزب العمال الكردستانى أضرت بإقتصادها، وكالة فتش منحت تركيا تصنيف BB بنظرة مستقبلية سلبية.. النمو الاقتصادى فى حدود 1.5%، وهو معدل غير جاذب للاستثمار.. الاحتياطات النقدية الأجنبية إنخفضت إلى 27 مليار دولار.. ونسبة التضخم تجاوزت الـ20%.. أداء الليرة التركية خلال 2019 كانت الأسوأ بين عملات الأسواق الناشئة، بعد البيزو الأرجنتيني، إذ تراجعت بنحو 9% أمام الدولار خلال الشهور الأولى من 2019، فيما فقدت نحو 28% من قيمتها عام 2018.. تدهور الوضع الإقتصادى بدأ ينعكس على الإستثمارات، حتى ان المستثمرين القطريين الذبن هبوا لدعم تركيا فى مواجهة الأزمة بتوجيه من تميم أغسطس الماضى، قاموا بسحب استثمارات تقدر بنحو 800 مليون دولار من بورصة إسطنبول خلال الأشهر الخمس الأولى من العام الجارى.

سادساً: أزمة انتخابات استانبول

إستانبول كبرى المدن التركية، إنتخاباتها البلدية يشارك فيها 10.5 مليون ناخب، حزب العدالة والتنمية يعول عليها كثيراً، لأنها كانت المحطة التى أوصلت أردوغان للرئاسة، وهى العاصمة الإقتصادية للدولة، ومركز التمويل الرئيسى لأنشطة الحزب، مايفسر ترشيح «بن على يلدريم»، رئيس الوزراء السابق، لإنتخابات رئاسة بلديتها 31 مايو الماضى، لكنه خسر بأغلبية ضئيلة «13 ألف صوت» أمام أكرم أوغلو مرشح حزب الشعب الجمهورى المعارض، بسبب تراجع شعبية الحزب نتيجة للوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به تركيا.. أردوغان إعترض، وفرض بالتحايل إلغاء الإنتخابات.. يلدريم من أصل كردى، لكن الكتلة التصويتية الكردية الضخمة باسطنبول «15% من الأصوات» صوتت عقابياً ضده، لإنتماؤه الى العدالة والتنمية، مما دعا الزعيم الكردى عبد الله أوجلان مؤسس «حزب العمال الكردستانى» الى مناشدة أنصاره بالتزام الحياد فى التصويت!!، لكن حزب «الشعوب الديمقراطى» المؤيد للأكراد رفض التخلى عن دعمه للمرشح المعارض، مبرراً بأن وجود أوجلان بسجن إمرالى يسمح بتعرضه لضغوط توجه مواقفه بما يخدم أجندات سياسية معينة!!.. أردوغان نجح فى الوقيعة بين أوجلان وشعبه.

إنتخابات الإعادة تمت 23 يونيو، خسرها مرشح أردوغان بقرابة 775 الف صوت.. خسارة حزب العدالة والتنمية بمدينتى اسطنبول وأنقرة، أكبر مدينتين في البلاد، اللتين سيطر عليهما طوال ربع قرن، يؤشر لـ«بداية النهاية» للأغلبية الراهنة للحزب.. ويبشر بصحة مقولة أردوغان «من يحكم اسطنبول يحكم تركيا».. وصف أردوغان لمحمد مرسى «بالشهيد»!!، وأقامته صلاة الغائب على روحه بمسجد الفاتح مرتين!!، كان مزايدة داخلية، ودعماً للحملة الإنتخابية لـ«يلدريم».. تشبيه أكرم أوغلو بالرئيس السيسى كان يهدف للترهيب من إنتخابه، وهو تصرف أرعن، غير محسوب، تجاهل كل المؤشرات التى تؤكد تراجع شعبية العدالة والتنمية، وضعف فرص يلدريم، وبالتالى لم يتحسب سوى لفوزه، فجاءت الهزيمة مزدوجة، لمرشح الحزب أمام مرشح المعارضة، ولأردوغان فى معركته التى يفتعلها مع الرئيس المصرى.

وسط تعدد الأزمات، كل المؤشرات تؤكد أن إخوان تركيا قد يغادرون السلطة خلال الإنتخابات القادمة.

 
تعليق واحد

Posted by في 2019/07/08 بوصة غير مصنف

 

معركة طرابلس.. والتدخل التركي

1280px-Tripolitanian_Front-final-ar.svg

العاصمة الليبية (طرابلس) تقع على البحر مباشر. عملية الجيش الوطني لتحريرها انطلقت من 3 محاور:

الأول من الجنوب الشرقي، عبر مدينتي سرت وبني وليد.

والثاني من صبراتة على الطريق الساحلي الغربى إلى صرمان، ومنها في اتجاه الزاوية إلى العاصمة.

والثالث والأخير من الجنوب، عبر مدينتى الأصابعة وغريان.

المحور الأول مستقر. قواته تعرف طبيعة المنطقة. وإمداداته منتظمة اعتمادًا على ترهونة «90 كم» جنوب شرق طرابلس، مرورًا بسوقي الأحد والخميس، لكنه حتى الآن لم ينجح في اختراق الطوق الدفاعي للعاصمة.

المحور الثاني اعتمد على قوات معظمها من الشرق، لا تعرف جيدا طبيعة المنطقة، توقفت عند الزاوية «45 كم» غرب طرابلس، وعجزت عن دخولها.

قوات المحور الجنوبي دخلت غريان دون قتال، رغم أهميتها باعتبارها المدخل الجنوبي للعاصمة، وموقعها على جبل نفوسة بارتفاع 1000 متر فوق سطح البحر. تم اتخاذها مقرًا لغرفة العمليات الرئيسية، ومركزًا لتوزيع الرجال والأسلحة والمؤن والوقود على محاور القتال.

الجيش تسامح مع المسلحين في غريان؛ بمجرد إعلانهم الولاء، شجعه ترحيب الأهالي بدخوله، فقام بدفع كل القوات إلى محاور القتال، مكتفيا بالقوة التي تؤمن الحماية لغرفة العمليات.

معظم المسلحين بالمدينة ينتمون لميليشيات «فجر ليبيا»، انتظموا في مجموعات للعمل ضد الجيش، واشتبكوا معه، في الوقت الذى تسللت فيه إلى المدينة تشكيلات إرهابية مسلحة، تحركت بالتنسيق مع الجناح العسكري لحركة النهضة، قادمة من تونس، ونجحت في إسقاط غريان.

تزامن العملية مع التفجيرين الإرهابيين اللذين وقعا بالعاصمة التونسية استهدف تشتيت اهتمام الأمن التونسي عن عملية التسلل، وتغطية العناصر التي سهلته.

سقوط غريان قطع محور الإمداد البري من بنغازي مرورا بالجفرة، ومنها لمناطق تمركز القوات حول طرابلس، وهذا صعَّب الأمور، خاصة بعد إغلاق ميليشيا الوفاق لطرق الإمداد عبر محور وادي الربيع وعين زارة.

الجيش الوطنى حاليا يسيطر على الأصابعة وترهونة وعين زارة ووادي الربيع، والشقيقة ومزدة، وصبراتة وصرمان.

ميليشيات السراج تسيطر على مطار طرابلس ومعظم مناطق طوق العاصمة الغربي، من الزاوية إلى غريان، مرورا بالسواني والزهراء والعزيزية والقواسم، وتشن هجمات مكثفة باتجاه معسكري اليرموك والتكبالي، الخاضعين للجيش في الوقت الذى بدأ فيه الجيش هجوما لاسترداد غريان.

استهداف قاعدة تمنهنت الجوية 700 كم جنوب طرابلس بهجوم بري يعكس تخطيطًا عالي المستوى، يبرر اتهام الجيش لتركيا بالتورط في العمليات؛ لأن هذه القاعدة رغم بعدها عن مسرح العمليات، فهي تلعب دورًا رئيسًا في الدعم اللوجيستي للقوات المقاتلة بالميدان.

***

فور بدء عملية تحرير طرابلس التقى وزير الخارجية التركي بنظيره القطري، واتفقا على دعم السراج، لمنع الجيش من استكمال السيطرة على ليبيا وهزيمة الإخوان، وبالتالى فقدان مصالحهما.

أردوغان تعهد بتسخير كل إمكانات بلاده لدعم السراج، ودفع مجموعات إرهابية قادمة من سوريا عبر أراضيه إلى ليبيا.

خوض الجيش معركة تحرير طرابلس أدى إلى استنفار كل الميليشيات، وتوحدهم خلف السراج، وتحركت تركيا لدعمهم، ومنع سقوط العاصمة.

حاولت إشراك الوحدات البحرية القليلة التابعة للسراج في مناورات «ذئب البحر 2019» مايو الماضي، لكن رئيس أركان البحرية لم يتحمس؛ خشية إغراق طيران الجيش لها عند خروجها لعرض البحر.

شحنات الأسلحة التركية للميليشيات ضمت مدرعات كيربي من إنتاج شركة BMC التي يمتلك صندوق الاستثمار القطري 50% من أسهمها، وسيارات هجومية مصفحة «تيوتا سيراليون»، وسيارات رباعية الدفع، وآلاف من المسدسات «بيريتا»، وملايين الطلقات، ومواد متفجرة، وطائرات مسيرة متقدمة بيرقدارTB2 .

إيران حليف تركيا والإخوان قامت بتهريب شحنة صواريخ ضخمة عبر إحدى السفن المملوكة للحرس الثوري.

تركيا أنشأت غرفة عمليات بمصراتة، وأخرى في طرابلس، تضم عددا من ضباط الجيش الأتراك، لتدريب عناصر الميليشيات والمجموعات الإرهابية على استخدام الأسلحة والمدرعات الجديدة، وأطقم فنية لتشغيل الطائرات، ما انعكس على التوازن العسكري.

كما امتد الدعم إلى استقبال مستشفيات ترکيا لجرحى الميليشيات للعلاج.

دعم ميليشيات السراج من تركيا يستهدف الحفاظ على مصالحها بشمال أفريقيا؛ فهي تدرك أن نجاحها في تثبيت حكمهم، ومعظمهم إما ينتمي للإخوان أو متعاون معهم، يعنى قدرتها على تصدير عدم الاستقرار لدول الجوار (مصر وتونس والجزائر ودول الساحل والصحراء) وإمكانية ترحيل كل العناصر الإرهابية التي أنهت مهمتها في سوريا والعراق إليها.

أما سيطرة الجيش على طرابلس، فتعني انهيار مشروعها بالمنطقة، لذلك تزامن التصعيد التركي في ليبيا مع تنشيط لعمليات تسلل الإرهابيين لشمال سيناء، خاصة عن طريق البحر، وحثهم على مهاجمة الأهداف المدنية السهلة، لإحداث أكبر قدر من التأثير، وفى نفس الوقت استئناف العمليات الإرهابية في تونس؛ وذلك ضماناً لتقييد ردود فعل دور الجوار الليبى.

تركيا تستخدم كل الأدوات لتقنين دورها في ليبيا، وقّعت بروتوكول تعاون مع السراج لتدريب أفرد الشرطة الليبية، وتسعى لتفعيل اتفاقية الدفاع المشترك وإدخالها حيز التنفيذ، بما يسمح بدفع تشكيلات تركية لدعم السراج وحكم الميليشيات وإعادة إحياء دور الإخوان.

عقب سقوط غريان، أعلن الجيش الوطني التعبئة العامة ضد التورط التركي في المعارك، وقرر استهداف السفن والطائرات التركية في المياه الإقليمية والمجال الجوي، وكذا مصالحها على الأرض.

أردوغان رد بأن بلاده ستتخذ التدابير اللازمة لمواجهة ذلك. تصعيد بلغ حد إعلان الحرب. أعقبته تهديدات تركية بتدخل عسكري، بعد احتجاز 6 من مواطنيها. سرعة الإفراج عنهم كانت إجراءً رصينا، فكل دولة مخولة بالدفاع عن أمن وسلامة مواطنيها.

مصر نفسها مارست ذلك الحق من قبل، بالتنسيق مع السلطات الليبية، في درنة وبعض المدن الأخرى، لذلك ينبغي تجنب ما من شأنه توفير مبررات للتدخل التركي المباشر؛ لأنه يربك كل الحسابات والتوازنات بالمنطقة.

أما الحظر الذي تم فرضه على النقل البحري والجوي فهو إجراء ضروري، لأن هناك قرابة 50 شحنة أسلحة ومعدات عسكرية تركية وصلت للميليشيات، خلال الأسابيع الأخيرة، ناهيك من عمليات نقل الإرهابيين من مطارات تركيا إلى مطار مصراتة، على متن خطوط جوية مدنية مملوكة للإرهابي الليبي (عبد الحكيم بلحاج)، ثم إن تركيا تستخدم ليبيا كقاعدة استهداف لدول المنطقة، ما يعنى أن هذا الحظر بمثابة إغلاق للأبواب أمام أنشطة تركيا الهدامة بالمنطقة.

والحقيقة أنه لم يعد هناك من بديل سوى تحرير طرابلس، لأن المواجهة أوغرت الصدور وأضحت التفاهمات السياسية بين حفتر والسراج شبه مستحيلة، وهذا قد يعنى تكريس تقسيم الدولة الليبية.

السراج يمهد لذلك، مستندا إلى تمثيله للعاصمة، واحتفاظه بالاعتراف الدولي، ما يفسر عقد اجتماعات ما يدعى أنه البرلمان الليبي بطرابلس، مستخدما نوابا منشقين على البرلمان الشرعي، كمحاولة لاستكمال مؤسسات السلطة، بعيدا عن شرعية برلمان طبرق، الذى لم يمنحه الشرعية حتى الآن.

تفاهمات السراج مع تركيا صارت مصيرية، بعد تأكيده تفعيل اتفاقات التعاون العسكري القديمة مع تركيا، وتفاهماته مع مصر أضحت مستبعدة، بعد أن اتهم الناطق باسم المجلس الرئاسي مصر بتلميحات صريحة دون ذكرها بالاسم، بإمداد الجيش بالأسلحة والمعدات، ما يعنى المواجهة المباشرة بين مصالح تركيا في ليبيا وأمن مصر القومي في خاصرته الغربية،

هذا الموقف يفرض التعامل بقوة، خاصة أن الجميع يترقب نتيجة تلك المواجهة تحديدا، ليحدد مواقفه في ضوء نتائجها، ولعل ذلك يفسر تأخر زيارة حفتر للبيت الأبيض، وترقب أمريكا لما سيسفر عنه ذلك التصعيد؛ لأنها تتصور أنه قد يصب في مصلحة تمرير صفقة القرن.

روسيا لا تزال حريصة على أن تظل على مسافة متساوية من حكومتي بنغازي والسراج.

والتنافس الفرنسي الإيطالي احتفظ بنفس حدوده السابقة، تجنبا لمزيد من التورط غير المرغوب فيه، ما يدعونا للتأكيد على أن نتيجة معركة طرابلس والمواجهة مع تركيا على الساحة الليبية ستغير الكثير من التوازنات الاستراتيجية على مستوى المنطقة.

 
تعليق واحد

Posted by في 2019/07/05 بوصة غير مصنف

 

القمة الأمنية بالقدس، وإشكاليات الخروج الإيرانى

قمة أمنية

أمريكا وروسيا وإسرائيل عقدوا أول قمة أمنية فى القدس الغربية 25 يونيو 2019، شارك فيها مستشارو الأمن القومى؛ الأمريكى جون بولتون، الإسرائيلى مائير بن شبات، وسكرتير مجلس الأمن الروسى نيكولاى باتروشيف، وترأسها نتنياهو!!.. القمة إستهدفت بحث قضايا الأمن الإقليمى على نطاق شامل، خاصة فيما يتعلق بإيران وسوريا والقضية الفلسطينية.. اللقاءات الأمنية على هذا المستوى الرفيع لايتم عادة الإعلان عنها، ولا عن مضمونها، إلا إذا كان ذلك الإعلان يحمل رسائل أو يعكس دلالات.. أهمها هنا: أن اللقاء مبادرة أمريكية، ضمن إجراءات ترامب لتشديد العقوبات وإحكام إجراءات المقاطعة والحصار ضد إيران.. تمثيل ريتشارد بولتون لأمريكا، يكتسب أهمية خاصة، لقيادته تيار الصقور المعادي لطهران بالإدارة الأمريكية.. الترويج الإعلامى الواسع للقاء، يوجه رسالة صريحة لطهران مؤداها؛ إتفاق عدوها الأمريكى مع حليفها الروسى على ضرورة وضع الترتيبات الكفيلة بتقويض دورها فى سوريا، ووضع نهاية للحرب السورية، وللمواجهات بالمنطقة.

نتنياهو أكد عزم إسرائيل على الإستمرار فى إستهداف المواقع الإيرانية في سوريا، ضمن جهودها لمنع طهران من التموضع عسكرياً، وتعهد بمنع القوات الإيرانية من التواجد قرب مناطق الحدود.. باتروشيف رد بأن الضربات الجوية الإسرائيلية على سوريا غير مرغوب فيها، لأن روسيا لإعتبارات سياسية ومراعاة للتوازن، تضع مصالح ايران في الاعتبار، وربط بين أمن إسرائيل والأمن فى سوريا، ليؤكد حتمية إحلال السلام.. بولتون بدوره أكد ان إيران سيتم إجبارها على القبول بالتفاوض تحت ضغط العقوبات والحصار، وذلك بهدف القضاء على برنامج الأسلحة النووية الإيرانى بشكل كامل و«أبد الدهر»، وعلى نحو يمكن التحقق منه، وكذا على أنظمة إطلاق الصواريخ الباليستية، وإيقاف دعمها للإرهاب الدولى، وبالتالى يتم وقف تهديداتها لإسرائيل ودول الخليج.

التفاهمات الإستراتيجية

قمة القدس تأتى تنفيذا للتفاهمات التى تمت بين بوتين وترامب فى هلسنكى يوليو 2018، والتى وعد خلالها الرئيس الأمريكى بالتسامح مع الوجود العسكرى الروسى فى سوريا، شريطة إلتزام موسكو بمراعاة أمن إسرائيل.. بوتين تعهد بذلك، ونفذه، لا فيما يتعلق بمنع التهديدات الموجهة لإسرائيل من سوريا، بل أيضا بتقييد رد الفعل السورى والإيرانى تجاه الغارات الجوية والقصف الصاروخى اللذان شنتهما إسرائيل ضد سوريا، على إمتداد الشهور الماضية.. القمة أيضاً إنطلقت من حتمية التنسيق والمقايضة لوضع أسس ومراحل التسوية، وإنعقادها عكس قدراً من توافق المصالح بين الدول الثلاث.. وكانت بداية لوضع آلية جديدة للتنسيق الأمنى، لمواجهة العقبات الطارئة التى تواجه عملية التسوية.. والحيلولة دون وقوع صدامات بين جيوشهم، خاصة في المجال الجوى السورى.. وضمن هذا الإطار يمكن تحجيم الدور الإيرانى، بإلزامه بالقيود التى يتم التوافق عليها، وقد يمكن الزام إسرائيل بها.. وأخيراً تمت القمة فى سياق التحضير للمحادثات المزمع عقدها بين بوتين وترامب على هامش «قمة العشرين» المقبلة بمدينة أوزاكا اليابانية.

التسريبات المتعلقة بصفقات

إتساع التركيز الإعلامى على التسريبات المتعلقة بعقد صفقات ضمن عملية التسوية السياسية للمشكلة السورية، فرض على أطراف اللقاء التعليق؛ جيمس جيفري المبعوث الأمريكي الخاص بالشئون السورية، نفى مايتم تداوله بشأن وجود صفقة تعترف الولايات المتحدة بمقتضاها بشرعية الرئيس الأسد، مقابل تقويض روسيا للوجود الإيرانى بسوريا، أو أن بلاده تسعى لتغيير النظام السورى، مؤكداً ان «دور الأسد فى مستقبل بلاده يقرره الشعب السورى».. مايك بومبيو وزير الخارجية حاول نفى التسريبات، فأكدها، عندما أبدى إستعداد بلاده للتفاوض مع طهران «دون شروط مسبقة»، إذا ما قبلت أن تكون «دولة عادية»، والمقصود هنا تخليها عن سياسة تصدير الثورة لدول المنطقة، والإنكماش داخل حدودها، وفقط.

المتحدث باسم الرئاسة الروسية نفى صحة مايتردد من تسريبات، سيرجى فيرشينين نائب وزير الخارجية نفى وجود صفقات مع واشنطن أو تل أبيب بشأن سوريا، كما نفى المتاجرة بأوضاع دول المنطقة وسيادتها ووحدة أراضيها.. والحقيقة ان موقف روسيا كان بالغ الوضوح منذ البداية، فعلى الرغم من ان ايران هى التى بادرت بطلب التدخل العسكرى الروسى فى سوريا سبتمبر 2015، الا ان موسكو لم تتدخل إلا بعد التفاهمات التى تمت بين بوتين وكلا من نتنياهو وباراك اوباما، وتضمنت تعهد روسيا بالمشاركة فى ضمان أمن إسرائيل.. والملفت، إستمرار ذلك الإلتزام حتى بعد إسقاط إسرائيل لطائرة عسكرية روسية فى سبتمبر 2018، بسبب ما إدعت انه مناورة خاطئة قامت بها المقاتلات الإسرائيلية.. بوتين يدرك انه بغض النظر عن التفاهمات السابقة مع أوباما وترامب، فإن أمريكا لديها أوراق هامة للضغط، أهمها وجود قواتها شرق الفرات، ومشاركة فرنسا وبريطانيا وألمانيا في التحالف الدولى الداعم لذلك الوجود، إضافة إلى قدرة واشنطن على «عرقلة» أى جهود لتطبيع دول المنطقة للعلاقات مع دمشق، أو لإعادة إعمار سوريا، مما يفرض على موسكو مراعاة جدية طلب واشنطن الخاص بتقويض الدور الإيراني فى سوريا.

التوافق على الخروج الإيرانى

علي أصغر خاجي نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، أكد أن «طهران لن تستسلم للتجاوزات الأمريكية – الإسرائيلية، لأنها تثق فى موقف موسكو الذي يميل لصالحها فيما يتعلق بوجودها العسكرى في سوريا»، لكن ذلك تبرير أخلاقى، لاموضع له فى السياسة ولا علاقة له بالمصالح، التى تحكم الموقف الروسى، لذلك فإن تصريح خاجي يعكس القلق، أكثر مما يستهدفه من بث للثقة، وهو محاولة لإستثارة الحليف الروسى للتعرف على ردود فعله الحقيقية، أو نواياه فى ضوء هذه التسريبات.

والحقيقة، أن إجبار إيران على مغادرة سوريا مطلب تتفق عليه كل القوى التى يمكن التعويل على دورها فى إعادة إعمار سوريا، خاصة الإتحاد الأوروبى، ودول الخليج والسعودية، كما أنه مطلب روسيا نفسها؛ عبر عنه بوتين صراحة خلال إجتماعه بالأسد فى سوتشى مايو 2018 مؤكداً «عند إنطلاق المرحلة النشطة من العملية السياسية، يبدأ إنسحاب القوات الأجنبية من الأراضي السورية».. ألكسندر لافرنتيف المبعوث الروسى لسوريا أوضح ان «المقصود بذلك القوات الإيرانية وميليشيا حزب الله والقوات التركية والأميركية».. روسيا قادرة عملياً على تقويض النفوذ الإيرانى فى سوريا، حتى لو إضطرت للإحتكام لقوة الردع التى تملكها، سواء من خلال تشكيلات القوات المسلحة السورية التى أسستها ودربتها وسلحتها وترتبط بها، وأبرزها «اللواء 130 مشاة محمول، والفيلق الخامس إقتحام»، أو تشكيلات الشرطة العسكرية الروسية، ولكن العائق لتنفيذ ذلك سياسى فى الأساس، يتعلق بحرصها على علاقات التحالف مع طهران، وتجنب إغضاب دمشق.

النظام السورى لأسباب سياسية وطائفية متمسك بإستمرار الوجود الإيرانى، لأن هناك إتفاق رسمى يكسبه الشرعية، وهو أكثر مصداقية فى دعم حكم الأسد، من الوجود الروسى، الذى قد تثور حوله الشكوك، بشأن ماقد تفرضه المصالح عليه من مواءمات، ربما تضحى بالرئيس السورى نفسه.. روسيا تستشعر الحرج من مطالبة إيران بالمغادرة، تجنباً لتأزم علاقاتها بالنظام السورى، مما يفسر تراجع بوتين بتأكيده فى أكتوبر 2018 «روسيا ليست مسئولة عن إخراج القوات الإيرانية من سوريا».. توالى الغارات الإسرائيلية الكثيفة ضد القوات الإيرانية يستهدف مضاعفة تكلفة وجودها، وإجبارها على الرحيل، ورفع الحرج عن روسيا، وإقناع النظام السورى بأنه صار يدفع ثمناً فادحاً لذلك التواجد، مايجعله أكثر إستعداداً لتقبل مبدأ التخفف من تبعاته.

التسوية السورية

تصعيد التوتر فى الخليج.. وتوسيع العقوبات ضد إيران، يدخل أيضاً ضمن محاولة إحكام حلقات الحصار عليها، لإنهاء تواجدها فى سوريا، بحكم تأثيره المباشر على أمن إسرائيل، تمهيداً لإستهداف تواجدها بالعراق واليمن، ودور حزب الله والحوثيين كأذرع رئيسية لها.. مهمة صعبة، ولكنها ليست مستحيلة.. الحرب السورية قاربت على الإنتهاء.. القمة الأمنية إستهدفت الإتفاق على اسس التسوية، موسكو تسعى لإعتراف أمريكا بنظام الأسد، والإنسحاب من شمال شرق سوريا، والمشاركة فى إعادة الإعمار، وهى تعتمد فى توازن القوى بالمنطقة على المحور الثلاثى الذى تلعب فيه دولتا الأطراف إيران وتركيا دوراً رئيسياً.. أمريكا بعد فشلها فى إنشاء كيان للدولة الكردية تسعى الى فرض إسرائيل كعنصر توازن قوى من قلب المنطقة، ديميترى بيسكوف المتحدث باسم الرئاسة الروسية، كشف التوصل لعدد من الاتفاقيات الهامة بشأن سوريا، لكنه لم يفصح عن اى تفاصيل.. لاخلاف على ان الحرب السورية تقترب من محطتها الأخيرة، لكن ذلك لايعنى التسوية، لأن إيران بما تمتلكه من عناصر قوة، رفضت فكرة التفاوض تحت تهديد العقوبات.. مما يعنى أنه لازال فى الساحة متسعاً لضغوط، وتوترات، وتصعيد متبادل.. وهى أدوات التفاوض.. ووسائل صياغة شروط التسوية.

 
تعليق واحد

Posted by في 2019/07/02 بوصة غير مصنف

 

محاولة الإنقلاب فى أثيوبيا «إنطباعات أولية»

آبى أحمد.jpg

أجهزة الإعلام تناولت الموضوع باعتباره محاولة إنقلاب، لكن ذلك ينطوى على بعض المبالغة، فلم يتم رصد اى تحركات لتشكيلات من داخل الجيش ضد النظام الحاكم.. ولكن ماتم رصده مجرد عملية إرهابية تضمنت إغتيال رئيس الأركان وحاكم ولاية أمهرة وعدد من مسئولى الولاية، الذين كانوا يبحثون التعامل مع حركة تمرد عرقية يتزعمها جنرال متقاعد يدعى «أسامنيو تسيجى»، كان يتولى منصب رئيس جهاز الأمن في ولاية أمهرة، سبق إعتقالة، ينتمى الى القومية الأمهرية، يهدف الى التخلص من حكم الأمورو التى ينتمى اليها آبى أحمد وتشكل 40% من عدد السكان.

الأمهرية حكمت اثيوبيا طيلة العقود السابقة، رغم ان عددها لايتجاوز 25% من عدد السكان.. وعاست فيها فساداً.. وعندما سيطر احمد أطاح بالرؤوس الأمهرية داخل السلطة ومن قيادة الأجهزة السيادية.. وبالتالى فهو حدث ذو واجهة داخلية بإمتياز.

توقيت الحدث له بعد إقليمى.. بدليل إستعجال تنفيذ الإنقلاب بسيناريو يستحيل أن يحقق سوى الرهان على الفوضى، دون اى فرصة للنجاح فى تغيير النظام او القفز على السلطة.. هذا البعد الإقليمى يتعلق بالسودان، أثيوبيا كانت وسيط مقبول من القوى السودانية لفرض الإستقرار وعودة الهدوء للبلاد.. وبالتالى ماحدث فى أثيوبيا يؤجل دورها، ويدفعها للإنكباب على شئونها الخاصة.

من صاحب المصلحة فى محاولة نشر الفوضى فى اثيوبيا والحيلولة دون إستقرار الموقف فى السودان؟!

لاشك أنها القوى التى تعادى عودة النفوذ الإقليمى المصرى والسعودى الى المنطقة.. تغيير نظام الحكم الأثيوبى وتولى آبى أحمد أطاح بنظام معادى لمصر، وأتى بنظام صديق.. والتغيير الذى أطاح بالبشير إستقر على مجموعة أقرب لمصر والسعودية.. وألغى الإتفاق مع تركيا بخصوص سواكن.. وبالتالى هناك جهات مستفيدة مما حدث فى أثيوبيا، أولها الجهات التى تسعى لوقف تمدد النفوذ المصرى بالإقليم، ومعها وربما كانتا الأداة تركيا فى التنفيذ بحكم تواجد قواتها ومخابراتها فى الصومال وقطر فى التمويل.

 
أضف تعليق

Posted by في 2019/06/23 بوصة غير مصنف

 

إسقاط إيران طائرة الإستطلاع الأمريكية.. الأبعاد والتداعيات

5d0b2fb73c824
مايزعج أمريكا ودول المنطقة بشدة ان الدفاع الجوى الإيرانى قد نجح فى رصد طائرة الإستطلاع الأمريكية المزودة بأجهزة ستيلث لحمايتها من الكشف بالرادار، وذلك منذ انطلاقها من القاعدة الأمريكية فى الإمارات، وظلت تتابعها وهى تحلق على ارتفاع 60 ألف قدم لمدة تصل إلى اربع ساعات.. رصد الطائرة وإسقاطها اصاب القيادة العسكرية الأمريكية بالصدمة، فلم يكن هناك أى توقع بقدرة إيران التكنولوجية على إسقاط مثل هذه الطائرة المتقدمه، على ذلك الإرتفاع الشاهق، وهو تطور إستراتيجى لابد وأن يعكس تأثيراته على التوازنات الراهنة بالمنطقة.. خاصة بعد تهديدات أمير زاده قائد القوات الجوية للحرس الثورى بأن إيران إمتنعت عن إسقاط طائرة استطلاع أمريكية أخرى طراز P-8 على متنها 35 عسكريا كانت على مقربة من الطائرة المسيرة جلوبال هوك، وفى متناول الدفاعات الجوية الإيرانية، لكنهم قرروا إسقاط الثانية، على سبيل الإنذار لأمريكا، مما يعنى أن الأسوأ لم يأت بعد.
أمريكا وضعت خطة الضربة الإنتقامية ضد إيران، كانت تستهدف قصف رادارات وبطاريات دفاع جوى، من بينها منظومة صاروخية أرض/جو من طراز «إس-125 نيفا/بيتشورا» سوفيتية الصنع، يعتقد البنتاغون أنها التى أسقطت الطائرة الأمريكية «جلوبال هوك RQ-4C» التى تعد من أحدث طائرات التجسس في العالم.. خطة الضربة الإنتقامية تحمس لها الثلاثى المتشدد فى رؤيته للتعامل مع إيران؛ مايك بومبيو وزير الخارجية، جون بولتون مستشار الأمن القومي، جينا هاسبل مديرة وكالة الاستخبارات المركزية.. وقبل ساعات من شن الضربة الإنتقامية، التقى على نحو مفاجىء برايان كوك المبعوث الأمريكي الخاص للولايات المتحدة المسؤول عن متابعة إيران مع خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع ليبلغه نية امريكا شن هجمات محدودة ضد إيران، ونبه الى ضرورة وضع القوات السعودية في حالة الاستعداد القصوى، تحسبا لإحتمالات التعرض لضربة إنتقامية، قد تفرض الرد الموسع.. إذن نية امريكا فى الهجوم إقترنت بتحسب لنتائجه وتداعياته، وهو مايفسر معارضة الديمقراطيون بالكونجرس له.
قبل بدء التنفيذ دعا ترامب الى إجتماع طارىء مع قادة الكونجرس، لكنه وجد تياراً قوياً يعارضه، وان ذلك قد يكون بداية لتناقض خطير بين البيت الأبيض والكونجرس، يهدد وضع ترامب، ويهدم حملته الإنتخابية التى بدأها إستعداداً للإنتخابات.. الديمقراطيون فى الكونجرس حذروا من خطر التورط فى الحرب ضد إيران؛ نانسى بيلوسى زعيمة الأغلبية الديمقراطية رئيسة مجلس النواب أكدت أنه «لا نية لواشنطن لشن حرب على الجمهورية الإسلامية»، مايعنى تمسك الديمقراطيون بمنع الحرب.. شاك شومر زعيم الأقلية الديمقراطية بمجلس الشيوخ عبر لترامب عن تمسكه بضرورة الحصول على موافقة الكونغرس لتمويل أي صراع مع طهران، حتى لاتتكرر تجربة العراق، وطلب تعديل مشروع قانون الدفاع السنوى، ليحظر استخدام الأموال للعمليات العسكرية ضد إيران دون إذن صريح من الكونغرس.. جو بايدن المرشح الرئيسى للحزب الديمقراطي فى الرئاسية القادمة، وصف استراتيجية ترامب في إيران بأنها «كارثية».. أما الجمهوريون بمجلس النواب فقد دعوا على إستحياء الى الرد على إيران «ردا محسوبا»، بعد تلمس ترامب قوة المعارضة لقرار الحرب، حاول ان يوجد مخرجاً للتراجع، مايفسر ترجيحه أن يكون قد تم إسقاط الطائرة على سبيل الخطأ «أجد صعوبة في تصديق أنه كان عملا مقصودا».. خصوم ترامب الديمقراطيون نجحوا فى تقييد نزعاته للرد المحدود، بعد ان تيقنوا أنه غير قائم على حسابات دقيقة للنتائج، وأن تداعياتها كارثية.
ترامب وعد خلال حملته الإنتخابية بأنه لن يتورط فى حروب جديدة، لكنه يعوض ذلك باللجوء لسياسة حافة الهاوية، وإن كان ينفذها دون حساباتها المعقدة والدقيقة، بل بمجهود شخصى أقرب لعمليات الـBluff فى لعبة البوكر.. إيران أدركت ذلك، تجيد إستفزازه، وتحسن التعامل مع ردود فعله العصبية، هذه السياسة مسئولة مباشرة عن فشل سياسته فى التعامل مع كوريا الشمالية، والأخطر انها وضعت الولايات المتحدة فى موقع الخصم لكل القوى الدولية، حتى حليفتة أوروبا تعارض سياسته تجاه إيران، وتبحث عن مسارات للتحايل عليها، تركيا تتخارج حالياً من حلف الناتو بصورة تدريجية، وتنضم رسميا الى المحور الروسى، وحلفاء ترامب بالمنطقة فى حالة قلق، من نتائج وتداعيات اى حرب محدودة ضد إيران، قد يعقبها ردود فعل كاسحة ضد أهداف إستراتيجية مختارة تنال منهم، خاصة أن الجنرال أبو الفضل شكارجى قائد القوات المسلحة الإيرانية حذر من أن إطلاق رصاصة واحدة باتجاه إيران «سيشعل مصالح واشنطن وحلفائها بالمنطقة».. أمريكا قصفت سوريا مرتين عامى 2017 و2018، لم تتردد أو تتراجع، لكنها تراجعت عن ضرب إيران، لأنها أدركت أن الثمن فادح، وهو مايبرر وصف بيلوسى لإيران «نتعامل مع لاعب سيء جداً في المنطقة».
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا أطلقوا نهاية يناير 2019 آلية «إينستكس» لتسهيل الحركة المالية والتجارية مع إيران، خلافاً لقواعد الحظر التى فرضتها أمريكا عليها.. الضغط الأمريكى أعاق تنفيذها، وفرض قصرها على السلع الأساسية غير الخاضعة للعقوبات مثل المنتجات الإنسانية والطبية والزراعية، دون شمولها للنفط، المصدر الرئيس للعائدات الأجنبية فى إيران، لكنها لم تنفذ حتى الآن، روسيا أعربت عن استعدادها لضمان مصالح إيران في تصدير النفط والمجال المصرفى، في حال عدم تشغيل آلية التجارة التي أعلن إطلاقها الاتحاد الأوروبي للالتفاف على عقوبات واشنطن ضد طهران، لكن ذلك لايمثل مواجهة فعلية لأزمة إيران، لأن تعامل روسيا معها محدود للغاية فى مجال النفط، لكنه موقف سياسى داعم معنويا بإعتبارها حليفةً لإيران، ماقد يساعد على قبولها كوسيط، ربما يسعى لإقناعها بتخفيف وجودها فى سوريا، لوضع حد لتصاعد المواجهات الراهنة.
ايران لم تعد مجرد مستقبل للضغوط الإقتصادية من خلال العقوبات الأمريكية، ولكنها نجحت فى ان تضغط على أمريكا فى إتجاه مضاد، حسام الدين آشنا مستشار الرئيس روحانى رد على التراجع الأمريكى عن الضربة العسكرية بان أمريكا إذا لم تكن تسعى للحرب فعليها التراجع عن الإنسحاب من الإتفاق النووى، وتخفيف العقوبات المفروضة على طهران.. العقوبات بالنسبة لإيران تساوى الحرب، مايعنى إستمرارها فى إستهداف الناقلات والسفن التجارية، وأهداف إستراتيجية داخل المملكة، وربما الإمارات، حيث انطلقت الدرون الأمريكية.. كل الردود الإيرانية على إجراءات التصعيد الأمريكية تتولاها قوات الحرس الثورى، التى دفع خامنئى بأقطاب الصقور لرئاستها، رداً على الطموحات الأمريكية بأن يتمكن روحانى من فرض تيار الإعتدال عقب غيابه، ولذلك فالأمور مرشحة للمزيد من التصعيد.
تراجع ترامب عن تنفيذ العملية العسكرية الإنتقامية التى سبق أن أبدى تأييده لها، سلوك لايدهش أحد، لأنه جزء من شخصية ترامب الإنفعالية، أمريكا تراهن على تاثير العقوبات على الإقتصاد الإيرانى، بما يؤدى اليه من نشر لحالة السخط لدى الراى العام، مما ينعكس على موقفه من النظام.. أما إيران فتراهن على وضع القوات الأمريكية تحت ضغط مستمر، وإمتداد هذا الضغط الى حلفاء أمريكا بالمنطقة، وإقناعهم بصورة عملية أن كل اهدافهم الإستراتيجية والحيوية مهددة، سواء بصورة مباشرة وصريحة، أو عن طريق وكلائهم من التنظيمات الشيعة المسلحة بالمنطقة.
مقالى الأسبوعى حصرياً
 
أضف تعليق

Posted by في 2019/06/22 بوصة غير مصنف

 

السياحة الروسية للبحر الأحمر والهيمنة التركية

السياحة الروسية

روسيا تعتمد كمصدر رئيسى للدخل على البترول والغاز وتصدير الأسلحة.. تتعرض لعقوبات إقتصادية أمريكية وأوروبية، منذ تدخلها فى أوكرانيا، تتزامن مع سياسة إغراق، لحرمانها من الإستفادة من رفع أسعار النفط، نتيجة لنقص المعروض بسبب العقوبات المفروضة على حليفتها إيران، لذلك تسعى لتنمية السياحة الداخلية، ومنع إستنزاف العملات الأجنبية فى سياحة الخارج.. حادث سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء 2015 وفر مبرراً لموسكو لمنع سائحيها من السفر، والتوجه الى سوتشى وسان بطرسبورج، وشبه جزيرة القرم.

هذا التوجه تم تطبيقه بتشدد مع مصر، إستناداً لمبررات وحجج أمنية، رغم جهود الدولة والقيادة السياسية.. الجهود الأمنية جعلت مطاراتنا ضمن الأكثر أمناً فى العالم، لكن التعنت سببه ان حصة مصر المتوقعة من السياح الروس المولعين بشرم الشيخ والغردقة، لن تقل عن اربعة ملايين، لو أنفق السائح على رحلته 500 دولار، فإن ذلك يعنى 2 مليار دولار، لاتملك روسيا رفاهية ضخها فى الإقتصاد المصرى، الذى لايزيد حجم تبادلها التجارى معه عن 7.6 مليار دولار 2018.. هذا القياس لايمكن تطبيقه على العلاقات الروسية التركية، التى وصل حجم التبادل التجارى بينهما لـ25.56 مليار، مرشح للزيادة لـ100 مليار، مما يفسر تسامح موسكو مع إسقاط طائرة السوخوى العسكرية، وقتل طياريها فوق سوريا، وإغتيال سفيرها بأنقرة.

تحايل الشركة التركية
إستئناف الحركة السياحية الروسية لمصر تأجل مراراً، بحجة المراجعات الأمنية فى المطارات، وعندما سُدَت كل الزرائع، وافقت روسيا خلال قمة بوتين والسيسى أكتوبر 2018 على استئناف الطيران المنتظم بين القاهرة وموسكو، لكنها رفضت السماح بالطيران العارض منخفض التكاليف الى شرم الشيخ والغردقة، وهى صيغة وسط تضمن عدم تجاوز معدلات التدفق السياحى للحدود المؤثرة على الإقتصاد الروسى، وذلك لإرتفاع تكلفة الطيران المنتظم، بخلاف تكلفة الإنتقال من القاهرة الى منتجعات البحر الأحمر.. شركة «بيجاس توريستيك» التركية تحايلت على القرار، ونجحت فى الحصول على تصريح من السلطات الروسية، بتشغيل خط بواقع 3 رحلات أسبوعيًا، لنقل السائحين مباشرة من 10 مدن روسية إلى شرم الشيخ وطابا عبر مطار إيلات، على سبيل التجربة، الخط بدأ ديسمبر 2018 وسرعان ما أوقفته الشركة متعللة برفض السائحين الهبوط فى إسرائيل!!، بعد إحاطتهم بالتعقيدات اللوجستية والمشاكل المحتملة على الحدود، وعلى طريق المطار، وخلال تجاوز المعابر!!.. وبات واضحاً أن إختيار الشركة لإيلات كان وسيلة مؤقتة لضمان موافقة السلطات الروسية، التى وجدت ان تلك التعقيدات تقيد أعداد السائحين، كما وجدت فى الهبوط بمطار إيلات ضمانة لصرامة الإجراءات الأمنية.

شركة «بيجاس» نجحت فى تغيير مسار خط شرم الشيخ ليكون عبر منتجع «إنطاليا» السياحى جنوب تركيا بدلاً من إيلات يناير 2019!!.. أعقبته بتشغيل خط جوي إلى الغردقة فبراير 2019، الخطان لقيا زيادة كبيرة فى الطلب، من جانب السائحون المتعطشون لمزاراتهم السياحية المفضلة فى شرم والغردقة منذ 3 سنوات، معدلات التدفق وصلت لـ10 رحلات أسبوعياً لمطار الغردقة، و16 رحلة لمطار شرم.. وبإستمرار تزايد الإقبال ضاعفت شركة «بيجاس» العدد فى ابريل لـ22 رحلة أسبوعياً للغردقة، تحمل 4500 سائح، والى 32 رحلة أسبوعياً لشرم الشيخ، على متنها 5000 سائح.

عودة الحظر الروسى
الطفرة الهائلة فى أعداد السائحين الروس لمصر، وتطلع شركات السياحة الأخرى لمشاركة «بيجاس» فى إقتسام الكعكة، أزعج السلطات الروسية، من مؤشرات إقبال غير مسبوق، مما يفسر قرار وزارة النقل الروسية بإيقاف برنامج شركة «بيجاس» السياحى لمصر، وحظر الرحلات الجوية المنتظمة أو العارضة لمطاري شرم الشيخ والغردقة إعتباراً من 10 يونيو 2019، إلا بعد موافقة السلطات الروسية.. هذا الإجراء فتح الباب لتفسيرات وإجتهادات عديدة.. البعض فسر الحظر بأنه رد فعل لحادث جنوب العريش الإرهابى صبيحة أول أيام عيد الفطر المبارك، وهو إدعاء مغلوط؛ لأن الحادث وقع يوم 5 يونيو، بينما إعلان «بيجاس»، عن توقف رحلاتها لمصر صدر 4 يونيو، وبالتالى لايوجد أى إرتباط بينهما.. والحقيقة ان القرارات الروسية لاتتأثر بمثل هذه الحوادث، فبمجرد إتمام المصالحة بينها وبين تركيا بعد إسقاط طائرتها الـ«سوخوى24»، سمحت بإستئناف الشركات التركية العاملة على أراضيها لرحلاتها، وذلك فى اليوم التالى مباشرة لوقوع انفجار ضخم بمطار أتاتورك، مما يؤكد أن الموضوع لا علاقة له بأمن الطائرات والمطارات والسائحين، بقدر ما يتعلق بالمصالح الاقتصادية والسياسية.

البعض الأخر فسر الحظر بأنه نتيجة لضعف الطلب، مدعين ان آخر رحلة لمطار الغردقة كان على متنها 20 راكب، وهذا ايضاً إدعاء لايستقيم والتزايد المطرد فى الطلب على الخط، الذى كان يبشر بـ«بووووم» سياحى، كان السبب فى وقفه.. ووصل البعض فى تفسيره للقرار باعتباره إجراء يدخل فى إطار السياسة التى تنتهجها الدولة التركية وشركاتها العاملة بالسياحة لضرب القطاع السياحى المصرى لأنه منافس قوى لها، بسبب التميز وإنخفاض الأسعار، وهو إدعاء لايجوز هنا لأن القرار روسى وليس تركى.. وان كانت إثارة الموضوع تفتح المجال لتناول إشكالية بالغة الخطورة تتعلق بعلاقة الشركات التركية بالسياحة المصرية.

الشركات التركية والسياحة المصرية
مصر عقب سقوط الإخوان يوليو 2013، عانت من توقف تدفق السائحين من الأسواق الرئيسية، خاصة المانيا وروسيا، وقبل ان تتعافى تم اسقاط الطائرة المدنية الروسية، القادمة من تركيا!!، لتتوقف الحركة السياحية الوافدة من روسيا أولا، ثم من باقى الدول.. إذن بإختلاف المبررات فإن هناك حرصاً على وقف تدفق السياحة من الأسواق التى تمارس فيها وكالات السياحة والسفر التركية دوراً مؤثراً.. إستهداف الإخوان للسياحة، وعلاقتهم التنظيمية والعقائدية بتركيا، وسيطرة الوكالات التركية على الأسواق الرئيسية، هو «مثلث الشر» الساعى الى إنهيار السياحة المصرية، وبالتالى مع مواجهتنا الصارمة للنشاط الإرهابى للإخوان، لابد من التخلص من سيطرة الأتراك على الحركة الوافدة من هذه الأسواق خاصة السوق الروسى.

وبغض النظر عن الإرتباطات العقائدية والتنظيمية لتركيا مع الإخوان فإن مصلحتها كدولة سقوط السياحة المصرية.. تركيا فى غياب المقصد السياحى المصرى نجحت فى تبووء المركز الأول لقائمة الأماكن التي قصدها السياح الروس عام 2018، بزيادة 25% عن 2017، واقترب إجمالى عدد السائحين فيها من 46 مليون، وهو إنجاز يستحق ان تحارب من أجله بكافة الوسائل.. فى المقابل فإن عام الذروة للسياحة المصرية حقق 14 مليون سائح فقط، لأننا ندفع ثمن إدراك أعداؤنا لما نستحقه، وحرصهم على ألا ينتهى مسلسل الأزمات، خصماً من حسابهم.. لعل إدراك أرباب السياحة المصرية يرتقى لمستوى أعدائها؟!.

شركات السياحة التركية تشكل لوبى يتحكم فى السياحة الوافدة لمصر، من روسيا وألمانيا والبلقان ومعظم دول الشرق الأوسط .. تجاربنا معها سلبية؛ فأى تراجع لنشاطها على نحو ماحدث عندما منعها بوتين من العمل فى روسيا، بعد إسقاط الـ«سوخوى24»، ينعكس علينا لأنها تنقل أكثر من 80% من الحركة الوافدة من هناك.. وعلينا أيضاً ان نتحسب للظروف، على غرار ماوقع بداية يناير 2016، عندما عجزت «بيجاس لإدارة الفنادق»، عن سداد مديونياتها لـ11 فندق كانت تديرها بشرم الشيخ وطابا، والتي تقدر بـ40 مليون دولار، إضافة لـ40 مليون جنيه مديونيات للموردين، و42 مليون للضرائب!!، ليتبين ان العقود لاتشمل اللجوء للقضاء المدنى، وانها لاتمتلك أصولاً يمكن الحجز عليها، ولايوجد لها مقراً فى مصر، وعنوانها بالسجل التجارى خطأ، ومقرها الرئيسى فى روسيا تم إغلاقه بعد أزمتها مع انقرة، وتصريح عملها من وزارة السياحة إنتهى منذ ديسمبر 2015 ولم يجدد، ورغم ذلك كانت تحصل على حصتها من دعم الطيران العارض!!.. ما كل هذا العبث؟!

مستقبل التدفقات الروسية
قطاع السياحة الخاص والرسمى بمصر مستسلم لواقع هيمنة الشركات التركية على نشاطه، والمصالح تكبل قياداته، وتصرفهم عن البحث عن بدائل، انتظار عودة السوق الروسى تحت سيطرة الشركات التركية يعد خطأ فادحا، لذلك كان يجب التوجه الى الاستثمار السياحى فى مختلف بلاد العالم بأيدى مصرية، أو بشركات تساهم فيها الشركات المصرية، وهذه الشركات العالمية بفكرها وبالتكنولوجيا الحديثة والمعلومات التسويقية تستطيع النهوض بالمنتج المصرى، وفتح أسواق جديدة.
أما فيما يتعلق بالسياحة من السوق الروسى فيجدر التأكيد على عدم إنتظار إنفراجة قريبة، وذلك لأسباب تتعلق بموسكو وليس بالقاهرة أو أنقرة.. «دينيس مانتوروف» وزير الصناعة والتجارة الروسى، رفض على هامش منتدى سان بطرسبرج 7 يونيو 2019، تحديد موعد لإستئناف الطيران العارض، مكتفياً بالإشارة الى انه خلال هذا العام، وهى عبارة عامة، غير ملزمة.. ومن الأمور الجيدة هنا ان تظل مصر متمسكة بموقفها الرابط بين إستئناف حركة الطيران العارض وإستئناف مفاوضات توريد 12 طائرة «سوخوى سوبرجيت – 100» روسية لمصر، قابلة للزيادة الى 24 طائرة.. لعل ذلك الدافع يحرك بعض المياه الراكدة.

 
تعليق واحد

Posted by في 2019/06/20 بوصة غير مصنف

 

هؤلاء السوريون ضيوف المحروسه

Syrians work at a Syrian restaurant in an area called 6 October City in Giza

الحملة المضادة للأشقاء السوريين، إتخذت طابعاً منظماً بعد أن إستخدم محام حقه القانونى فى التقدم بمذكرة للنائب العام، مطالباً بخضوع أموالهم وإستثماراتهم للرقابة المالية، لكنها بدأت فى الحقيقة منذ منتصف 2018، عندما تم على نطاق واسع الإدعاء بتنظيمهم احتفال وتوزيعهم حلوى بمناسبة فوز أردوغان فى الإنتخابات، وتزامنت تلك الشائعات مع حملة ترهيب، بترديد شائعات عن إستهداف السوريين بحملة ملاحقات أمنية، وترحيل عدداً منهم، وحتى تكتسب تلك الأكاذيب مصداقيتها، تم الترويج لخبر دعوة النظام السورى لمواطنيه بالعودة لبلادهم.. الحملة حظيت بإهتمام، وتعليقات بكافة مواقع التواصل، بعضها مسىء للسوريين، تضمن إتهامات بمزاحمة المصريين في «أكل العيش»، وإنتمائهم للإخوان وسب الجيش المصرى، وتجارة المخدرات، فضلاً عن معاملة المصريين في مشاريعهم معاملة سيئة.. وهناك حملة تضامنية عشوائية خرجت على إستحياء محاولة إنصافهم بشعار «السوريين منورين مصر».. لكن الموضوع ليس بهذا القدر من البساطة، مما يفرض تناول حقائقه؟!.

بداية، مصر بها قرابة 550.000 سورى، مسجل منهم لدى المفوضية العامة لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة 242.000، بينهم 55.000 طالب، يحصلون على خدماتهم التعليمية والصحية بالمراحل المختلفة أسوة بالطلاب المصريين.. أما عن رجال الأعمال السوريين فإن 60% منهم غادروا بلادهم الى الخارج بعد الحرب، بروؤس أموال تقدر بـ22 مليار دولار، بسبب تعرضهم لضغوط التنظيمات الإرهابية، التى طلبت دعمهم لأنشطتها، وضغوط أخرى من النظام لدفعهم لنقل إستثماراتهم الى المنطقة الساحلية، والتبرع لترميم المؤسسات التى دمرتها الحرب.. معظمهم توجه الى تركيا والمانيا والعراق والأردن ولبنان.. 30% منهم، أى قرابة 30.000، إتجه الى مصر، حيث عدد كبير من تجارب أقرانهم الذين نجحت إستثماراتهم عبر الخمسين عاماً الماضية، حتى بلغت حتى الآن 5557 مشروع.. البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة قدر حجم إستثمارات السوريين بمصر بـ800 مليون دولار، لكن الرقم الحقيقى أكبر من ذلك بكثير.. المشروعات تركزت على الصناعات الصغيرة والمتوسطة خاصة الملابس والمطاعم والحلويات، وبعض المصانع الكبيرة.

بإنتهاء الحرب، ىدأ النظام السورى الإهتمام برجال الأعمال المقيمون بالخارج، عماد خميس رئيس الحكومة التقى فى دمشق بوفد يمثلهم منتصف 2018، وشجعهم على العودة للمشاركة فى إعادة الإعمار، وقرر تفعيل عمل المكتب الاقتصادى بالسفارة بالقاهرة، للتواصل معهم، وتشرف السفارة على محاولة عدد من السوريين والمصريين إعداد مهرجان «لا للإرهاب، راجعيلك ياشام»، بمشاركة إعلاميين وفنانين وشخصيات عامة سورية ومصرية، بهدف حث رجال الأعمال السوريين على العودة، وتشجيع رجال الأعمال المصريين على الإستثمار بسوريا، مما يفسر تمادى بعض من تناول الحملة ضد السوريين بالتحليل، فى تبريره لدوافعها، الى حد الجمع بين تركيا والنظام، بإعتبارهم اصحاب المصلحة المباشرة فى تسميم البيئة الحاضنة لرجال الأعمال السوريين بمصر، ودفعهم للمغادرة، وكل منهما يأمل فى إجتذابهم.

تجمع رجال الأعمال السوريين بالقاهرة يرفض فكرة تصفية أعمالهم بمصر، حتى لو عادوا لبلادهم، بسبب وقفة مصر معهم سنوات الأزمة، وشعورهم بالطمأنينة، فضلاً عن كونها سوق ضخم ومطل على السوق الأفريقى الواسع، مما يفسر سعيهم لتوطين إستثماراتهم، بالإتفاق مع وزارة الصناعة والتجارة على إنشاء وحدة مختصة بالتعامل معهم، وتوقيع مذكرة تفاهم مع غرفة القاهرة التجارية لدعم إستثماراتهم، والإتفاق على إنشاء منطقة صناعية سورية نموذجية متكاملة، بالمشاركة مع وزارة التجارة وهيئة التنمية الصناعية، على مساحة 1.2 مليون متر2، تضم 100 شركة، مختصة بصناعات الغزل والنسيج والصناعات التكاملية، مثل الإسفنج والورق والصناعات البلاستيكية، إضافة إلى الصناعات الدوائية البسيطة، والخدمات اللوجيستية، وفتح معرض لبيع منتجاتها، وسوف يخصص جزءاً كبيراً من إنتاجها للتصدير، وتستوعب المدينة قرابة 50.000 عامل مصرى وسورى.

إتهام رجال الأعمال السوريين بأنهم إخوان تعبير عن عدم الفهم.. عضو الإخوان ملتزم تنظيمياً، ومصلحة التنظيم لها أولوية على مصالحه الخاصة، الإخوان ظلوا متمسكين بالبقاء فى سوريا، ودعم فوضى 2011، التى أعطتهم الأمل فى الإطاحة بالنظام، والقفز على السلطة، وانخرطوا فى العمل العسكرى من خلال التنظيمات المسلحة، شاركوا في تأسيس المجلس الوطني بإستانبول، وكانوا المكون الرئيس فيه، بتمثيلهم بربع أعضاءه البالغين 310 عضوًا، لكنهم عندما أدركوا ان الحرب ممتدة، وبدأت نيرانها تطول أسرهم، هاجر معظمهم لتركيا، حيث يوجد قرابة 3.4 مليون سورى، أعداد محدودة للغاية توجهت لمصر، وعندما إشتعلت مواجهة 30 يونيو مع الإخوان منتصف 2013 قاموا بتصفية أعمالهم وغادروها، متجهين الى تركيا بصفة أساسية.. معظم رجال الأعمال السوريين الموجودين حالياً قدموا بأنشطتهم لمصر بعد سقوط الإخوان 2013، حيث لايمكن آنذاك ان يغامر رجل أعمال إخوانى بالقدوم مصطحباً أمواله فى بلد بدأت حرباً ضد التنظيم، ومصادر تمويله.. أما السوريون الذين شاركوا فى إعتصام رابعة، فمعظمهم من الفقراء المعدمين، الذين وجدوا فيه مجالاً لتوفير ثلاث وجبات مجانية، ومساعدات نقدية، وهى نفس دوافع معظم من شارك من فقراء المحروسة.

تعلق السوريين بمصر، يرجع الى احساسهم العميق بأنهم فى بلدهم، مصر لا تتعامل معهم كلاجئين، فهى لم تجمعهم بمخيمات، بل تركتهم يندمجوا في المجتمع كأشقاء، والسوريون ساهموا فى دعم الإقتصاد المصرى، بدءاً من الأسرة البسيطة التى تصنع بعض المأكولات بمنزلها لتبيعها، كى لاتكون عالة على أحد، الى المستثمر الذى أسس أضخم مدينة صناعية للغزل والنسيج في إفريقيا برأسمال 2 مليار دولار، ليخلق فرص عمل، ويساهم فى الإرتقاء بالإنتاج ودعم الصادرات.

مصر ياسادة دولة بيروقراطية منظمة، الأشقاء السوريون مرحب بهم، سواء من يسكن الرحاب والتجمع، أو يقطن بعشوائيات عثمان بأكتوبر.. دخولهم للسياحة مكفول لشهر، وإقامتهم المؤقتة معفية من الرسوم، ومسموح لهم بالإقامة الدراسية، أو الإستثمارية من خلال هيئة الاستثمار، والعقارية بين سنة وخمس سنوات، وفقاً لقيمة العقار المملوك، وبغرض العمل بموجب ترخيص الوزارة، وإقامة الزواج تمنح للزوجة بكفالة الزوج المصرى، ومسموح لهم بجمع شمل الأسرة.. الحملة المضادة تضمنت دعوة أجهزة الدولة لوضع أعينها على أنشطة السوريين، وترحيل المعارض منهم، وذلك نوع من السخف، لأن الدولة المصرية بأجهزتها السيادية تتابع كل الأنشطة التى تجرى على أراضيها، ومن لديه معلومة يرى أنها قد تفيد، فالجميع يعرف كيف يمكنه إبلاغها، دون اللجوء للتحريض على كراهية جالية شقيقة بصفحات الجرائد، أو مواقع التواصل.

 
أضف تعليق

Posted by في 2019/06/14 بوصة غير مصنف

 

قطر.. قوة الهدم والتخريب فى معركة الغاز

3 يونيو 2019

قطر اكتشفت أكبر حقل للغاز في العالم 1969، إحتياطاتها الإجمالية المؤكدة 880 تريليون قدم3، تمثل 13% من إجمالي الإحتياطات الدولية، حصتها 30% من إجمالي صادرات الغاز، تعتبر أكبر مصدّر للغاز المسال فى العالم، تنفذ منذ سبتمبر 2018، خطة تستكمل 2024 لزيادة القدرة الإنتاجية، إلى 110 ملايين طن سنوياً، بزيادة 43% عن الطاقة الإنتاجية الحالية.

ولكن كلما زادت قدرات قطر المالية والإقتصادية، كلما تعمقت التناقضات بينها وبين باقى دول الخليج، وكذا مع معظم الدول العربية، بسبب محاولتها ترجمة ذلك الى نفوذ وتدخلات فى شئون الدول الأخرى.. كل علاقاتها السياسية، بتوافقاتها وتقاطعاتها وصداماتها مع دول الخليج، ودول الإقليم العربية، ودول الأطراف «تركيا، وايران»، يحكمها النفط والغاز.. السبب الرئيسى للدعم الإيرانى لقطر، الذى وصل الى حد القيام بالدور الرئيسى فى مساندة النظام، عندما كان على وشك السقوط، يرجع الى حرص طهران على التوافق، نتيجة لإشتراكهما في حقل الغاز الممتد تحت المياه الإقليمية للدولتين بالخليج، والمعروف قطريا باسم «حقل القبة الشمالية»، وإيرانيا باسم «حقل فارس الجنوبى»، وهو يعد أكبر حقل غاز فى العالم، بإحتياطيات تقدر بـ50.97 تريليون متر3.

الدعم التركى للنظام القطرى يرجع أيضاً لنفس السبب؛ بعد أقل من 24 ساعة من قيام دول الرباعى العربى بقطع العلاقات مع قطر يونيو 2017، سنّ البرلمان التركي تشريع يجيز نشر القوات التركية على الأراضي القطرية، إستجابة لطلب عاجل من الحكومة، صادق عليه أردوغان بعد ساعات قليلة، لتنطلق الترتيبات على الأرض للتنفيذ، لأن العنصر الحاكم فى العلاقات هو ان إحتياجات تركيا من الغاز الطبيعى تتجاوز 50 مليار متر3 حاليا، تتزايد لتصل الى 72 مليار متر3 بحلول عام 2030، ولذلك فإن علاقاتها الإستراتيجية بالدوحة تتحدد من خلال رؤيتها لمصادر تلبية تلك الإحتياجات، وهو نفس المنظور الخاص بعلاقات التحالف التى تربطها بكلا من روسيا وإيران.

الإهتمام الأمريكى بقطر، ووضعها الرئيسى ضمن أولويات الإستراتيجية الأمريكية بالمنطقة، يرجع ايضا الى أهميتها كدولة منتجة للغاز، دان بروليت نائب وزير الطاقة الأمريكي كشف عن مباحثات مع الدوحة بشأن تزويد أوروبا بالغاز الطبيعي المسال، لأن واشنطن تضغط على ألمانيا أكبر مستهلك للطاقة في أوروبا، وعدد من الدول الأوروبية الأخرى لإستيراد الغاز الأمريكى والقطرى، بدلا من الروسى، وتهدد الشركات الألمانية بعقوبات تتعلق بالتعامل مع خط أنابيب «نورد ستريم 2» الجارى إنشاؤه، والذى سيضاعف الطاقة التصديرية الروسية لألمانيا عبر البلطيق.

أمريكا وبريطانيا حفاظاً على مصالحهما الإقتصادية والسياسية فى قطر، حرصتا على توجيه ثروتها الضخمة لتشكيل هوية جيوسياسية تبعدها عن جيران الإقليم العربى، وتقربها لدول الأطراف، وتأصيل توجهات قد تبدو فى ظاهرها نزوعاً نحو الحداثة والعصرنة، مثل أكاديمية التغيير، ودعاوى حقوق الإنسان، لكنها تخلو من المضمون، لأنها تقترن بسياسات عدوانية هدامة، تحولت معها الى جارٍ مارق، يستهدف زعزعة أسس الدولة الوطنية بالإقليم، وقلب أنظمة الحكم، وخلق حالة من الفوضى، تسمح بالتدخل الخارجى، هذا النموذج نجح تنفيذه بالعراق وسوريا واليمن وليبيا، وفشل بمصر.

خطوط الغاز غبر سوريا

الجغرافيا فرضت على قطر وإيران المشاركة فى أكبر حقل غاز بالعالم، ولكن جنون الغاز دفع كلا منهما لتصدير حصته للخارج بشكل مختلف.. سوريا هى المعبر الوحيد لمشروع خط أنابيب الغاز الذى يستهدف تصدير الغاز القطرى إلى أوروبا؛ والذى عرضت قطر تشييده بدعم أمريكى عام 2000، بتكلفة 10 مليارات دولار، يمتد 1500 كم عبر السعودية والأردن وسوريا وتركيا.. سوريا الأسد رفضت الموافقة على مد الخط منذ عام 2009، فقررت الدول الثلاث العمل على إسقاط النظام السورى.

سوريا أيضاً هى المعبر الوحيد لخط الغاز الإيرانى «خط الأنابيب الإسلامى»، الذي خططت إيران لتنفيذه منذ 2010، ليقوم بنقل الغاز من ميناء عسلوية المطل على الخليج، ويمتد بطول 2000 كم، عبر العراق وسوريا ولبنان، يشحن 20 مليار متر3 حتى ساحل البحر المتوسط، ومنه لأوروبا إما عن طريق خط أنابيب بحرى لتركيا، أو عبر ناقلات الغاز بعد إسالته.. هذا الخط كان كفيلاً بجعل إيران أكبر مصدر للغاز فى العالم.. مصلحة إيران فرضت عليها الحفاظ على إستمرار نظام حكم الأسد، والحيلولة دون سقوطه.

الغاز من حقل واحد، وملاكه شركاء، لكن مصالحهما تصادمت على الساحة السورية؛ قطر وحلفائها والتنظيمات الإرهابية التى تدعمها، وإيران والميليشيات الشيعية التابعة لها، لينتهى الصدام بتدمير الدولة السورية، وسقوط أكثر من 350 الف قتيل، منهم 20 الف طفل وامرأة، وقرابة 12 مليون نازح بالداخل والخارج، وبعد أن قامت الأطراف المتصارعة بهدم كل منهما للآخر سقط المشروعين القطرى والإيرانى، وتدخلت روسيا عسكريا فى سبتمبر 2015، لتحسم المعركة لصالحها، وتتخلص من إحتمالات منافسة أياً من الغاز القطرى أو الإيرانى، للغاز الروسى فى أوروبا، وتستولى على عقود التنقيب عن الغاز السورى، فى البر، وبالمنطقة الإقتصادية الحرة فى عمق البحر المتوسط، بعد ان اكدت البحوث السيزمية ان الاحتياطى الإستراتيجى من الغاز سيحول سوريا الى ثالث أكبر دولة منتجة بعد روسيا وإيران، مما يفسر بدء موسكو بناء معملين للإسالة.. قطر وإيران خسرتا معركة الغاز.. سوريا تهدمت وتشرد أبنائها.. وروسيا هى الطرف الوحيد المستفيد.. لأنها تدير معركة الغاز، برصانة تضمن لها الخروج مستفيدة من كل الحسابات الخاطئة للاعبين المنتشرين على الساحة.

تدخلات قطر فى ليبيا والجزائر

أطماع قطر فى غاز ليبيا والجزائر يرجع لحرصها على عدم وجود منافس قوى لها، كمصدِّر للغاز للسوق الأوروبى.. «القطرية للغاز» عقدت إتفاق شراكة فى كل مشاريع «توتال» عام 2006، الأخيرة إكتشفت حقل غاز «NC7» العملاق بحوض غدامس، وإشترت حق إمتيازه 2009، ليبيا عرقلت تنفيذ إتفاق الشراكة مع القطرية، باشتراطها عدم دخول شريك ثالث، مما دفع قطر لمشاركة فرنسا فى الإطاحة بنظام القذافى ونشر الفوضى بالبلاد.. بعد سقوط النظام 2011 نجحت فرنسا فى السيطرة على 35% من الغاز الليبى، بالاتفاق مع المجلس الانتقالى، الذى كانت تربطه بالنظام القطرى علاقات وثيقة.. قطر دفعت شركة «جلينكور» للتجارة والتعدين، التى تمتلك نسبة كبيرة من أسهمها، للاستحواذ على الغاز الليبى، لكنها فشلت، الى ان أصبح فايز السراج رئيساً لحكومة الوفاق أواخر 2015، فمنحها الحقوق الحصرية لتسويق إنتاج حقلى «السرير ومسلة» اللذين يشكلان 20% من الغاز الليبى، حتى استولت عليها شركتا «بى. بى ورويال داتش شل» نهاية 2018.

ومن المؤسف أن يتم إغتيال شكرى غانم، وزير النفط الليبى، الذى وقع اتفاق 2009 فى النمسا أبريل 2012، وإغتيال كريستوفر مارجيرى، مدير توتال، وشريكه فى توقيع الاتفاق، فى العاصمة الروسية موسكو أكتوبر 2014، فى عمليتى مخابرات ناجحتين، انتهتا بتصفيتهما جسديا، لتعكسا مدى شراسة «حرب الغاز» التى تتعرض لها المنطقة.. أما فى الجزائر، وخلال الموجة الثانية من الخريف العربى التى تمر بها الجزائر والسودان حاليا، تقوم قطر بتنفيذ مخطط الفوضى، بتقديم الدعم المباشر لـ«جبهة الإنقاذ» المتعاونة معها بالجزائر، التى نجحت فى ركوب موجة الاضطرابات، وتأجيج الشارع الجزائرى ضد بوتفليقة، حتى انتهت باستقالته، ولازالت تحرض على مزيد من الإضطرابات بدعوى إسقاط كامل القيادات المنتمية للنظام السابق، والتى تستهدف فى النهاية إسقاط الجيش، الذى تنتمى كافة قياداته بالطبع للنظام السابق، مما يفتح الباب لسقوط الدولة، والفوضى، كبداية لقفز عناصر الإخوان على السلطة.. هو نفس التكتيك التقليدى الذى تتبعه الجماعة الإرهابية فى كل دول المنطقة.

مشروع ربط شبكة الغاز الخليجية بمصر

من الملفت انه بعد تأزم علاقات قطر مع دول الرباعى العربى، أكدت أنها لن تغلق خط أنابيب «دولفين» الذى يمد دولة الإمارات العربية بالغاز القطرى، ولن تستخدمه كأداة للضغط، وبالفعل بمجرد حدوث عطل بخط «دولفين» منتصف ابريل 2019، سارعت شركة «قطر للبترول» بشحن المواد اللازمة لأعمال الإصلاح، وعوضت نقص إمدادات الغاز عن طريق شحن الغاز المسال إلى الإمارات.. مما يعكس حرص قطر على الإحتفاظ بحصتها من الصادرات للأسواق الخليجية، لأنها تدرك ان الإمارات يمكنها توفير إحتياجاتها من مصادر بديلة، كما ان إيقاف الشحن يعطى مبرراً قانونياً للإمارات لإنهاء العقد الموقع مع الدوحة، والذى يقضى بإلتزامها بتزويد الإمارات بالغاز حتى 2032، وتلك تعتبر خسارة كبرى لقطر، فى ضوء ماكشف عنه وزيرا الطاقة فى الإمارات والسعودية، من انه يجرى حالياً دراسة مد شبكة غاز خليجية مشتركة، تضم الإمارات والسعودية وسلطنة عمان، تليها في مرحلة لاحقة الكويت والبحرين، تمهيداً لربطها مع مصر والأردن، وربما العراق.. محاولة جادة للتخلص من إحتمالات الخضوع للضغط، وهو مايعزز ثقل مصر كمركز للغاز بالمنطقة.

 
تعليق واحد

Posted by في 2019/06/02 بوصة غير مصنف